- البنك المركزي يفتح آفاقًا جديدة لدفع الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة
أعلن البنك المركزي التونسي عن تخفيض نسبة الفائدة المديرية إلى 7.5 %، في خطوة جديدة تعكس نجاح السياسة النقدية التونسية، المتبعة في الفترة الأخيرة، لافتا الى أهمية هذه الإجراءات في تعزيز قوة الدينار التونسي أمام بقية العملات الأجنبية، خصوصا وأنها تأتي في وقت تشهد فيه تونس تحسناً ملحوظاً في أداء اقتصادها الوطني، وصموداً أمام الأوضاع الاقتصادية العالمية والتي تتسم بالركود في العديد من الدول.
وبالنظر إلى الظرف الاقتصادي الوطني والدولي، تبرز أهمية هذه الإجراءات في تعزيز النشاط الاقتصادي ومواجهة تحديات التضخم، مع فتح آفاق جديدة لدفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد.
صمود الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية
وكشف مجلس إدارة البنك المركزي، خلال اجتماعه الأخير المنعقد يوم 26 مارس 2025، أن الدينار التونسي واصل الحفاظ على استقراره أمام العملات الأجنبية الرئيسية، رغم التحديات الاقتصادية العالمية. يأتي هذا الصمود كإحدى نتائج السياسات النقدية الحكيمة التي اعتمدتها السلطات المالية في تونس، والتي ساهمت في تقوية احتياطي البلاد من العملة الأجنبية، رغم بعض التحديات المرتبطة بالتجارة الخارجية، وأيضا بالديون الخارجية لتونس والتي بلغت نسبة سدادها في آجالها 46 %. وتُظهر البيانات التي أوردها البنك المركزي، أن صافي الأصول من العملة الأجنبية بلغ، بحلول 25 مارس 2025، حوالي 22.9 مليار دينار، مما يتيح تغطية 100 يوم من الواردات. ورغم أن هذه الأرقام أقل مقارنة بالعام الماضي (27.3 مليار دينار و121 يوم توريد)، إلا أن الدينار حافظ على قوته النسبية بفضل الأداء الجيد لقطاع السياحة ومداخيل التونسيين بالخارج، وأيضا بفضل تطور الصادرات التونسية في الأسواق العالمية رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، والتي تعصف بدول الاتحاد الأوروبي ومناطق النزاع في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية.
مؤشرات إيجابية محفوفة بالمخاطر
على صعيد التضخم، أشار مجلس إدارة البنك المركزي إلى تباطؤ نسق التضخم ليصل إلى 5.7 % في شهر فيفري 2025، مقارنة بـ6 % في جانفي من العام نفسه. ويعود هذا التراجع إلى تقلص تضخم المواد ذات الأسعار القارة (2.2 % في فيفري مقابل 3.8 % في جانفي)، بفضل الإجراءات الحكومية مثل تخفيض الأداء على القيمة المضافة لاستهلاك الكهرباء واستقرار أسعار الخدمات. ومع ذلك، يبقى التضخم الأساسي – الذي يستثني المنتجات الغذائية الطازجة والمنتجات ذات الأسعار المؤطرة – مرتفعاً نسبياً، حيث بلغ 5.1 % خلال فيفري 2025. كما استمرت أسعار المنتجات الغذائية الطازجة في الارتفاع بوتيرة ملحوظة، لتصل إلى 13.3 % مقارنة بـ13.2 % في الشهر السابق، مما يدفع الى ضرورة تعزيز الإنتاج المحلي لتخفيض الأسعار.
نجاح السياسة النقدية في دعم الاقتصاد
وساهم تخفيف الضغط على أسعار المنتجات الأساسية في السوق الدولية، جنباً إلى جنب مع استقرار أسعار الطاقة، في دعم الاقتصاد التونسي، ما أدى إلى تسجيل نمو اقتصادي بـ2.4 % خلال الربع الأخير من سنة 2024 مقارنة بـ1.8 % خلال الربع السابق. ويُعزى هذا التحسن أساساً إلى تطور قطاع الخدمات والأداء الجيد للقطاع الفلاحي.
وحسب ما كشفه مؤخرا، خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، فإن لجوء البنك المركزي الى تخفيض نسبة الفائدة المديرية إلى 7.5 % كان متوقعا، ويعكس إستراتيجية واضحة لتحفيز النشاط الاقتصادي عبر تقليل كلفة الاقتراض.
هذه الخطوة ستساعد المؤسسات الاقتصادية في الحصول على التمويل بأسعار فائدة أقل، ما يعزز الاستثمار ويخلق المزيد من فرص العمل خلال الفترة القليلة القادمة . على الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال هناك تحديات تواجه الاقتصاد التونسي، أبرزها تفاقم العجز التجاري الذي بلغ 3518 مليون دينار بحلول نهاية فيفري 2025، مقارنة بـ1780 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي. هذا التفاقم يعود إلى زيادة الواردات رغم الأداء الجيد لقطاعي السياحة ومداخيل العمل.
من جهة أخرى، أشار البنك المركزي إلى أن زيادات الأجور في القطاعين العام والخاص قد تخلق ضغوطاً تضخمية إضافية، نظراً لزيادة تكاليف الإنتاج وتحفيز الطلب في ظل قدرات إنتاجية محدودة. كما يظل الإجهاد المائي وتأخر تنفيذ الإصلاحات الإستراتيجية من العوامل التي قد تعيق تحقيق انخفاض أكبر لمعدل التضخم.
انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني
على المدى المتوسط، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض معدل التضخم السنوي من 7 % في سنة 2024 إلى 5.3 % خلال العام الجاري، بفضل الإجراءات المعتمدة. ومع ذلك، تبقى الآفاق محفوفة بمخاطر عديدة، أبرزها تطورات أسعار المنتجات في السوق العالمية، وأسعار النفط، ومستوى الطلب المحلي، بالإضافة إلى قدرة الدولة على تنفيذ إصلاحات هيكلية ضرورية.
إلى جانب تخفيض نسبة الفائدة المديرية، يرى خبراء الاقتصاد، انه يمكن لهذه الإجراءات أن تساهم في تعزيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتحفيز القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة والخدمات. كما يمكن أن تساعد في تحسين الميزان التجاري، خاصة إذا تم توجيه الجهود نحو تقليص الواردات غير الضرورية وزيادة الصادرات، علما وأن تخفيض نسبة الفائدة يجعل الاقتراض أقل تكلفة، مما يحفز الشركات على توسيع نشاطها والاستثمار في مشاريع جديدة، ويعزز قدرة الأفراد على الاقتراض لشراء السلع والخدمات، مما يدعم الطلب المحلي. ومن المتوقع أن يؤدي تخفيض الفائدة إلى زيادة النشاط الاقتصادي، خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، فضلا عن تعزيز استقرار الدينار التونسي أمام كافة العملات الأجنبية، وخاصة أمام الدولار الأمريكي وعملة الأورو. ومع استمرار صمود الدينار أمام العملات الأجنبية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى رفع الثقة في الاقتصاد التونسي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مما يعكس المستقبل الاقتصادي لتونس أفضل على المدى القصير .
ورغم التحديات المتعددة التي تواجه الاقتصاد التونسي، فإن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي، وعلى رأسها تخفيض نسبة الفائدة المديرية، تشكل خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح. هذه السياسات النقدية، المدعومة بتحسن أداء القطاعات الحيوية وصمود الدينار، تعزز من فرص التعافي الاقتصادي وتفتح آفاقاً واعدة للنمو. ومع ذلك، يتطلب النجاح المستدام وتعزيز الاستقرار الاقتصادي معالجة مكامن الخلل الهيكلية، وتنفيذ إصلاحات إستراتيجية شاملة لتحسين الإنتاجية وتعزيز تنافسية الاقتصاد التونسي على المدى الطويل.
سفيان المهداوي
- البنك المركزي يفتح آفاقًا جديدة لدفع الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة
أعلن البنك المركزي التونسي عن تخفيض نسبة الفائدة المديرية إلى 7.5 %، في خطوة جديدة تعكس نجاح السياسة النقدية التونسية، المتبعة في الفترة الأخيرة، لافتا الى أهمية هذه الإجراءات في تعزيز قوة الدينار التونسي أمام بقية العملات الأجنبية، خصوصا وأنها تأتي في وقت تشهد فيه تونس تحسناً ملحوظاً في أداء اقتصادها الوطني، وصموداً أمام الأوضاع الاقتصادية العالمية والتي تتسم بالركود في العديد من الدول.
وبالنظر إلى الظرف الاقتصادي الوطني والدولي، تبرز أهمية هذه الإجراءات في تعزيز النشاط الاقتصادي ومواجهة تحديات التضخم، مع فتح آفاق جديدة لدفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد.
صمود الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية
وكشف مجلس إدارة البنك المركزي، خلال اجتماعه الأخير المنعقد يوم 26 مارس 2025، أن الدينار التونسي واصل الحفاظ على استقراره أمام العملات الأجنبية الرئيسية، رغم التحديات الاقتصادية العالمية. يأتي هذا الصمود كإحدى نتائج السياسات النقدية الحكيمة التي اعتمدتها السلطات المالية في تونس، والتي ساهمت في تقوية احتياطي البلاد من العملة الأجنبية، رغم بعض التحديات المرتبطة بالتجارة الخارجية، وأيضا بالديون الخارجية لتونس والتي بلغت نسبة سدادها في آجالها 46 %. وتُظهر البيانات التي أوردها البنك المركزي، أن صافي الأصول من العملة الأجنبية بلغ، بحلول 25 مارس 2025، حوالي 22.9 مليار دينار، مما يتيح تغطية 100 يوم من الواردات. ورغم أن هذه الأرقام أقل مقارنة بالعام الماضي (27.3 مليار دينار و121 يوم توريد)، إلا أن الدينار حافظ على قوته النسبية بفضل الأداء الجيد لقطاع السياحة ومداخيل التونسيين بالخارج، وأيضا بفضل تطور الصادرات التونسية في الأسواق العالمية رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، والتي تعصف بدول الاتحاد الأوروبي ومناطق النزاع في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية.
مؤشرات إيجابية محفوفة بالمخاطر
على صعيد التضخم، أشار مجلس إدارة البنك المركزي إلى تباطؤ نسق التضخم ليصل إلى 5.7 % في شهر فيفري 2025، مقارنة بـ6 % في جانفي من العام نفسه. ويعود هذا التراجع إلى تقلص تضخم المواد ذات الأسعار القارة (2.2 % في فيفري مقابل 3.8 % في جانفي)، بفضل الإجراءات الحكومية مثل تخفيض الأداء على القيمة المضافة لاستهلاك الكهرباء واستقرار أسعار الخدمات. ومع ذلك، يبقى التضخم الأساسي – الذي يستثني المنتجات الغذائية الطازجة والمنتجات ذات الأسعار المؤطرة – مرتفعاً نسبياً، حيث بلغ 5.1 % خلال فيفري 2025. كما استمرت أسعار المنتجات الغذائية الطازجة في الارتفاع بوتيرة ملحوظة، لتصل إلى 13.3 % مقارنة بـ13.2 % في الشهر السابق، مما يدفع الى ضرورة تعزيز الإنتاج المحلي لتخفيض الأسعار.
نجاح السياسة النقدية في دعم الاقتصاد
وساهم تخفيف الضغط على أسعار المنتجات الأساسية في السوق الدولية، جنباً إلى جنب مع استقرار أسعار الطاقة، في دعم الاقتصاد التونسي، ما أدى إلى تسجيل نمو اقتصادي بـ2.4 % خلال الربع الأخير من سنة 2024 مقارنة بـ1.8 % خلال الربع السابق. ويُعزى هذا التحسن أساساً إلى تطور قطاع الخدمات والأداء الجيد للقطاع الفلاحي.
وحسب ما كشفه مؤخرا، خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، فإن لجوء البنك المركزي الى تخفيض نسبة الفائدة المديرية إلى 7.5 % كان متوقعا، ويعكس إستراتيجية واضحة لتحفيز النشاط الاقتصادي عبر تقليل كلفة الاقتراض.
هذه الخطوة ستساعد المؤسسات الاقتصادية في الحصول على التمويل بأسعار فائدة أقل، ما يعزز الاستثمار ويخلق المزيد من فرص العمل خلال الفترة القليلة القادمة . على الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال هناك تحديات تواجه الاقتصاد التونسي، أبرزها تفاقم العجز التجاري الذي بلغ 3518 مليون دينار بحلول نهاية فيفري 2025، مقارنة بـ1780 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي. هذا التفاقم يعود إلى زيادة الواردات رغم الأداء الجيد لقطاعي السياحة ومداخيل العمل.
من جهة أخرى، أشار البنك المركزي إلى أن زيادات الأجور في القطاعين العام والخاص قد تخلق ضغوطاً تضخمية إضافية، نظراً لزيادة تكاليف الإنتاج وتحفيز الطلب في ظل قدرات إنتاجية محدودة. كما يظل الإجهاد المائي وتأخر تنفيذ الإصلاحات الإستراتيجية من العوامل التي قد تعيق تحقيق انخفاض أكبر لمعدل التضخم.
انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني
على المدى المتوسط، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض معدل التضخم السنوي من 7 % في سنة 2024 إلى 5.3 % خلال العام الجاري، بفضل الإجراءات المعتمدة. ومع ذلك، تبقى الآفاق محفوفة بمخاطر عديدة، أبرزها تطورات أسعار المنتجات في السوق العالمية، وأسعار النفط، ومستوى الطلب المحلي، بالإضافة إلى قدرة الدولة على تنفيذ إصلاحات هيكلية ضرورية.
إلى جانب تخفيض نسبة الفائدة المديرية، يرى خبراء الاقتصاد، انه يمكن لهذه الإجراءات أن تساهم في تعزيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتحفيز القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة والخدمات. كما يمكن أن تساعد في تحسين الميزان التجاري، خاصة إذا تم توجيه الجهود نحو تقليص الواردات غير الضرورية وزيادة الصادرات، علما وأن تخفيض نسبة الفائدة يجعل الاقتراض أقل تكلفة، مما يحفز الشركات على توسيع نشاطها والاستثمار في مشاريع جديدة، ويعزز قدرة الأفراد على الاقتراض لشراء السلع والخدمات، مما يدعم الطلب المحلي. ومن المتوقع أن يؤدي تخفيض الفائدة إلى زيادة النشاط الاقتصادي، خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، فضلا عن تعزيز استقرار الدينار التونسي أمام كافة العملات الأجنبية، وخاصة أمام الدولار الأمريكي وعملة الأورو. ومع استمرار صمود الدينار أمام العملات الأجنبية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى رفع الثقة في الاقتصاد التونسي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مما يعكس المستقبل الاقتصادي لتونس أفضل على المدى القصير .
ورغم التحديات المتعددة التي تواجه الاقتصاد التونسي، فإن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي، وعلى رأسها تخفيض نسبة الفائدة المديرية، تشكل خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح. هذه السياسات النقدية، المدعومة بتحسن أداء القطاعات الحيوية وصمود الدينار، تعزز من فرص التعافي الاقتصادي وتفتح آفاقاً واعدة للنمو. ومع ذلك، يتطلب النجاح المستدام وتعزيز الاستقرار الاقتصادي معالجة مكامن الخلل الهيكلية، وتنفيذ إصلاحات إستراتيجية شاملة لتحسين الإنتاجية وتعزيز تنافسية الاقتصاد التونسي على المدى الطويل.