◄ كتابة سيناريو تقتطع من الواقع وترتقي بفن التخييل
كاستينغ «رافل» أسامة كشكار.. الصادق حلواس.. عبد المنعم شويات.. مهذب الرميلي واللعب على الشاشة يضاهي متعة اللعب على الخشبة
يتخطى مسلسل «رافل» الخط الدرامي الرئيسي لأحداثه بأسلوب شيق يوحي بحرفية صُنّاعه على مستوى الكتابة وبناء الأفكار والشخصيات. تتجاوز هذه الدراما الاجتماعية بعدها الواقعي المستوحى من أحداث حقيقية لقصة محمد الفلالي «رعد» ومعاناته لعقود بسبب وجوده في «المكان الخاطئ في الزمن الخاطئ»، في رحلة لعوالم الشخصيات الموازية لمسار البطل الرئيسي.
على عكس ما توحي الحكاية في ظاهرها، فقد وظف السيناريست الرئيسي للعمل طارق المؤدب ورفاقه في الكتابة: المخرج ربيع التكالي، عزمي سعيد، شهير التكالي وعزيز باي تقنيات «Brainstorming» أو «العصف الذهني»، وهي من الأساليب الإبداعية الجماعية لتطوير الأفكار ورسم الخيوط الدرامية لمسلسل الوطنية الأولى في النصف الأول من رمضان 2025 «رافل».
فصول الدراما العائلية
يعود «رعد» المقيم منذ طفولته في إيطاليا إلى تونس صحبة خطيبته الحامل «أندريا»، ويقرران الزواج. غير أن وجود بطل هذه الأحداث في مقهى بشارع الحبيب بورقيبة أثناء عملية تفتيش للشرطة تقوده إلى الخدمة العسكرية الإجبارية، تاركاً «أندريا» تواجه مصيراً مجهولاً. يُؤخذ «رعد» إلى الثكنة ثم السجن، وبعدها إلى مستشفى الرازي فدار العجز في رواية من فصول ثلاثة: الطفولة (قتل والدي «رعد» من قبل المافيا الإيطالية وحياته في دار الأيتام)، والشباب (قصة حبه لـ»أندريا»، الخدمة العسكرية، أحداث قفصة وسنوات الرازي)، وشيخوخة «رعد» (بداية الحكاية 2005 حسب مشاهد المسلسل والعودة لاكتشاف أسرار الماضي). وبين هذه الأحداث، يشهد «رعد» مقتل الطفل «ياسين» وتتقاطع حكايته مع الشرطي «بشير» وغيرها من شخصيات «رافل». لم يكن من الممكن رواية أحداث مسلسل المخرج ربيع التكالي بهذه السلاسة ونحن نخط قراءتنا للعمل دون مشاهدة العشر الحلقات الأولى من «رافل» المتكون من 15 حلقة. إذ تتبع تقنيات الكتابة الموظفة في العمل يكشف عن أسلوب تشويقي يعمق صلة التواصل بين هذه الدراما الاجتماعية النابعة من مأساة عائلية ومشاهديها.
تتفرع الخطوط الدرامية عن قصة البطل الرئيسي «رعد» لتمنح المسلسل بعده الأعمق المتماهي مع نبض المجتمع التونسي في فترة الثمانينات والسنوات الأولى للألفية. يكثف صناع «رافل» حضور الشخصيات في بناء دقيق يلامس بشدة هذه الحياة الواقعية عبر الديكور والأزياء والألوان والعبارات المستخدمة (الحوار في مسلسل «رافل» كان لطارق المؤدب واسمهان الفرجاني).
الكاستينغ والأداء
تعتبر عملية الكاستينغ لمسلسل «رافل» من أسباب تميزه في خارطة الدراما لرمضان 2025. بناء متين لشخصيات تنبض بالواقعية بداية من ثنائية «رعد» (أسامة كشكار) والشرطي «بشير» (الصادق حلواس)، كذلك المحامي «حلمي سعيد» (عبد المنعم شويات) وزوجته «ليلى» (سهير بن عمارة) وغيرها من الأدوار الرئيسية والثانوية الموازية لحكاية «رعد» في مسار لا يلغي أهمية القصة الرئيسية وفي الوقت نفسه يفتح فصولاً جديدة في الحكاية. ينسج أسامة كشكار حكاية «رعد» بهدوء مرعب، ونظرات وجع وملامح خط الزمن على تفاصيلها معاناة لا تنتهي. يمسك بطل «رافل» جيداً بمفاتيح الشخصية، عاكسا توازناً ذهنياً في تقمصه للدور يثير الإعجاب والتقدير.
ويقدم الصادق حلواس أهم أدواره في الدراما التونسية إن لم يكن أفضلها على الإطلاق. وقد سبق لهذا المسرحي تجسيد دور الشرطي ولكن دون أن يحظى بهذه المساحة على مستوى الأداء أو التكثيف والبناء. وينصفه سيناريو «رافل» ويمنحه مساحة لتقديم كل التناقضات لشخصية شرطي تونسي في فترة مفصلية من تاريخ البلاد (من الثمانينات إلى 2005). «بشير» في أوجهه المتعددة هو شرطي يؤمن بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية تحت راية «القانون»، أب حنون رغم الضغوط، زوج يشك في خيانة زوجته، وابن يفقد سلطته أمام قبر والدته. شخصية محملة بالمشاعر المختلطة، وبين الواقع والوهم يدفع «بشير» أحداث العمل. فمعه انتقل مشاهدو المسلسل إلى «دار المسنين» والتعرف على مختلف شخصياتها، بداية من «رعد»، «طارق»، الصحفية «تمار» والمقيمين في هذا الفضاء المميز من منظورنا في «رافل»، والوجه الآخر لبشاعة بعض النفوس في مجتمعنا، إذ تتجسد تيمة عقوق الأبناء في خط موازي للحكاية.
ومع «بشير»، اكتشف متابعو «رافل» عبر حلقاته حكاية «ليلى» و»حلمي»، كذلك قصة «طارق» ومعاناة «تمار» وعالم الشرطة بكل خفاياه. دور آخر يلون الحكاية دون صخب، روضة المنصوري في شخصية زوجة الشرطي ومقدمة النشرة الجوية، تتخبط في ظلام رجل يسجنها في زنزانة الشكوك والخيانة.
كما الحضور الشرفي لمهذب الرميلي هو كذلك وجه آخر لـ«رعد» أو الضحية الحاضرة في المكان غير المناسب في الزمن غير المناسب.
يرتقي الأداء في لقاء عبد المنعم شويات ومهذب الرميلي، وفي مشاهد سهير بن عمارة وعبد المنعم شويات. اللعب على الشاشة يضاهي متعة اللعب على خشبة المسرح، ولئن اختلفت تقنيات التقمص... يرسم ربيع التكالي فصول الحكاية على ملامح أبطاله. وتنقل جماليات العمل البصرية هذه الأحداث بواقعية شديدة تلامس الحقيقة وكأنها تمسك بمشاهد ضبابية من ذاكرتنا ونحن نشاهد العمل القادم من دفاتر الثمانينيات وبداية الألفية. هنا نتحدث عن سوار حسين، مديرة تصوير مسلسل «رافل»، وبصمتها الاستثنائية في دراما اجتماعية تنتجها التلفزة الوطنية. ديكورات حقيقية، حركة الكاميرا والإضاءة المتماهية مع تصاعد التوتر ومعاناة الشخصيات، اللقطات العامة في وصفها للأماكن، واللقطات المقربة في نقلها لمشاعر وهواجس أبطال «رافل»، منها مشاهد «بشير» (الصادق حلواس) خلال زيارته لقبر والدته أو مشاهد «ليلى» (سهير بن عمارة) و«حلمي» (عبد المنعم شويات) في عالمهما الخاص أو مشاهد الطفل «آدم»، كما مشاهد «الأسعد» (مهذب الرميلي) و»حلمي» (عبد المنعم شويات). تغوص الكاميرا في عمق شخوص العمل وتعكس التناغم الكبير بين صناع «رافل»، وخاصة المخرج ومديرة تصوير المسلسل على مستوى اللغة البصرية الموظفة في تصوير ورقات هذا المسلسل.
«رافل» دراما اجتماعية واقعية ولكن لا تحاكي الواقع أو تعيد بنائه وإنما تقتطع من حقائقه قصصاً تروى عبر جماليات بصرية وخطوط درامية وتقنيات «الفلاش باك» قد لا يراها الإنسان العادي من منظوره، لكن فن التخييل يمنحها أبعاداً جديدة قد تغير - في مغزى رسائلها - مجتمعاً مفككاً يعاني الجريمة، فساد الشرطة، عقوق الأبناء وغيرها من مظاهر ظلام النفس البشرية...
يحتمل مسلسل «رافل» جزءاً ثانياً بعيداً عن حكاية «رعد»... حكاية «آدم» ربما. فمشاهد ابن «بشير» الصغير وهو يشاهد لقاءات والده مع ضحيته ويستمع لقصة «رعد» قد تقودنا إلى الراهن التونسي. هل يكبر «آدم» في جزء ثانٍ ويفتح في عمل لرمضان 2026 على التلفزة الوطنية دفاتر لا تزال مخفية في «رافل»؟ نعلم أن «رعد» أو محمد الفلالي، مواطن تونسي يعيش بيننا اليوم ومثله الكثيرون يمرون أمامنا، على مقربة من مقاهي شارع الحبيب بورقيبة أو ربما هم في دهاليز السجون وبين غرف الرازي والحدائق الباردة لدور العجز...
نجلاء قموع
◄ كتابة سيناريو تقتطع من الواقع وترتقي بفن التخييل
كاستينغ «رافل» أسامة كشكار.. الصادق حلواس.. عبد المنعم شويات.. مهذب الرميلي واللعب على الشاشة يضاهي متعة اللعب على الخشبة
يتخطى مسلسل «رافل» الخط الدرامي الرئيسي لأحداثه بأسلوب شيق يوحي بحرفية صُنّاعه على مستوى الكتابة وبناء الأفكار والشخصيات. تتجاوز هذه الدراما الاجتماعية بعدها الواقعي المستوحى من أحداث حقيقية لقصة محمد الفلالي «رعد» ومعاناته لعقود بسبب وجوده في «المكان الخاطئ في الزمن الخاطئ»، في رحلة لعوالم الشخصيات الموازية لمسار البطل الرئيسي.
على عكس ما توحي الحكاية في ظاهرها، فقد وظف السيناريست الرئيسي للعمل طارق المؤدب ورفاقه في الكتابة: المخرج ربيع التكالي، عزمي سعيد، شهير التكالي وعزيز باي تقنيات «Brainstorming» أو «العصف الذهني»، وهي من الأساليب الإبداعية الجماعية لتطوير الأفكار ورسم الخيوط الدرامية لمسلسل الوطنية الأولى في النصف الأول من رمضان 2025 «رافل».
فصول الدراما العائلية
يعود «رعد» المقيم منذ طفولته في إيطاليا إلى تونس صحبة خطيبته الحامل «أندريا»، ويقرران الزواج. غير أن وجود بطل هذه الأحداث في مقهى بشارع الحبيب بورقيبة أثناء عملية تفتيش للشرطة تقوده إلى الخدمة العسكرية الإجبارية، تاركاً «أندريا» تواجه مصيراً مجهولاً. يُؤخذ «رعد» إلى الثكنة ثم السجن، وبعدها إلى مستشفى الرازي فدار العجز في رواية من فصول ثلاثة: الطفولة (قتل والدي «رعد» من قبل المافيا الإيطالية وحياته في دار الأيتام)، والشباب (قصة حبه لـ»أندريا»، الخدمة العسكرية، أحداث قفصة وسنوات الرازي)، وشيخوخة «رعد» (بداية الحكاية 2005 حسب مشاهد المسلسل والعودة لاكتشاف أسرار الماضي). وبين هذه الأحداث، يشهد «رعد» مقتل الطفل «ياسين» وتتقاطع حكايته مع الشرطي «بشير» وغيرها من شخصيات «رافل». لم يكن من الممكن رواية أحداث مسلسل المخرج ربيع التكالي بهذه السلاسة ونحن نخط قراءتنا للعمل دون مشاهدة العشر الحلقات الأولى من «رافل» المتكون من 15 حلقة. إذ تتبع تقنيات الكتابة الموظفة في العمل يكشف عن أسلوب تشويقي يعمق صلة التواصل بين هذه الدراما الاجتماعية النابعة من مأساة عائلية ومشاهديها.
تتفرع الخطوط الدرامية عن قصة البطل الرئيسي «رعد» لتمنح المسلسل بعده الأعمق المتماهي مع نبض المجتمع التونسي في فترة الثمانينات والسنوات الأولى للألفية. يكثف صناع «رافل» حضور الشخصيات في بناء دقيق يلامس بشدة هذه الحياة الواقعية عبر الديكور والأزياء والألوان والعبارات المستخدمة (الحوار في مسلسل «رافل» كان لطارق المؤدب واسمهان الفرجاني).
الكاستينغ والأداء
تعتبر عملية الكاستينغ لمسلسل «رافل» من أسباب تميزه في خارطة الدراما لرمضان 2025. بناء متين لشخصيات تنبض بالواقعية بداية من ثنائية «رعد» (أسامة كشكار) والشرطي «بشير» (الصادق حلواس)، كذلك المحامي «حلمي سعيد» (عبد المنعم شويات) وزوجته «ليلى» (سهير بن عمارة) وغيرها من الأدوار الرئيسية والثانوية الموازية لحكاية «رعد» في مسار لا يلغي أهمية القصة الرئيسية وفي الوقت نفسه يفتح فصولاً جديدة في الحكاية. ينسج أسامة كشكار حكاية «رعد» بهدوء مرعب، ونظرات وجع وملامح خط الزمن على تفاصيلها معاناة لا تنتهي. يمسك بطل «رافل» جيداً بمفاتيح الشخصية، عاكسا توازناً ذهنياً في تقمصه للدور يثير الإعجاب والتقدير.
ويقدم الصادق حلواس أهم أدواره في الدراما التونسية إن لم يكن أفضلها على الإطلاق. وقد سبق لهذا المسرحي تجسيد دور الشرطي ولكن دون أن يحظى بهذه المساحة على مستوى الأداء أو التكثيف والبناء. وينصفه سيناريو «رافل» ويمنحه مساحة لتقديم كل التناقضات لشخصية شرطي تونسي في فترة مفصلية من تاريخ البلاد (من الثمانينات إلى 2005). «بشير» في أوجهه المتعددة هو شرطي يؤمن بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية تحت راية «القانون»، أب حنون رغم الضغوط، زوج يشك في خيانة زوجته، وابن يفقد سلطته أمام قبر والدته. شخصية محملة بالمشاعر المختلطة، وبين الواقع والوهم يدفع «بشير» أحداث العمل. فمعه انتقل مشاهدو المسلسل إلى «دار المسنين» والتعرف على مختلف شخصياتها، بداية من «رعد»، «طارق»، الصحفية «تمار» والمقيمين في هذا الفضاء المميز من منظورنا في «رافل»، والوجه الآخر لبشاعة بعض النفوس في مجتمعنا، إذ تتجسد تيمة عقوق الأبناء في خط موازي للحكاية.
ومع «بشير»، اكتشف متابعو «رافل» عبر حلقاته حكاية «ليلى» و»حلمي»، كذلك قصة «طارق» ومعاناة «تمار» وعالم الشرطة بكل خفاياه. دور آخر يلون الحكاية دون صخب، روضة المنصوري في شخصية زوجة الشرطي ومقدمة النشرة الجوية، تتخبط في ظلام رجل يسجنها في زنزانة الشكوك والخيانة.
كما الحضور الشرفي لمهذب الرميلي هو كذلك وجه آخر لـ«رعد» أو الضحية الحاضرة في المكان غير المناسب في الزمن غير المناسب.
يرتقي الأداء في لقاء عبد المنعم شويات ومهذب الرميلي، وفي مشاهد سهير بن عمارة وعبد المنعم شويات. اللعب على الشاشة يضاهي متعة اللعب على خشبة المسرح، ولئن اختلفت تقنيات التقمص... يرسم ربيع التكالي فصول الحكاية على ملامح أبطاله. وتنقل جماليات العمل البصرية هذه الأحداث بواقعية شديدة تلامس الحقيقة وكأنها تمسك بمشاهد ضبابية من ذاكرتنا ونحن نشاهد العمل القادم من دفاتر الثمانينيات وبداية الألفية. هنا نتحدث عن سوار حسين، مديرة تصوير مسلسل «رافل»، وبصمتها الاستثنائية في دراما اجتماعية تنتجها التلفزة الوطنية. ديكورات حقيقية، حركة الكاميرا والإضاءة المتماهية مع تصاعد التوتر ومعاناة الشخصيات، اللقطات العامة في وصفها للأماكن، واللقطات المقربة في نقلها لمشاعر وهواجس أبطال «رافل»، منها مشاهد «بشير» (الصادق حلواس) خلال زيارته لقبر والدته أو مشاهد «ليلى» (سهير بن عمارة) و«حلمي» (عبد المنعم شويات) في عالمهما الخاص أو مشاهد الطفل «آدم»، كما مشاهد «الأسعد» (مهذب الرميلي) و»حلمي» (عبد المنعم شويات). تغوص الكاميرا في عمق شخوص العمل وتعكس التناغم الكبير بين صناع «رافل»، وخاصة المخرج ومديرة تصوير المسلسل على مستوى اللغة البصرية الموظفة في تصوير ورقات هذا المسلسل.
«رافل» دراما اجتماعية واقعية ولكن لا تحاكي الواقع أو تعيد بنائه وإنما تقتطع من حقائقه قصصاً تروى عبر جماليات بصرية وخطوط درامية وتقنيات «الفلاش باك» قد لا يراها الإنسان العادي من منظوره، لكن فن التخييل يمنحها أبعاداً جديدة قد تغير - في مغزى رسائلها - مجتمعاً مفككاً يعاني الجريمة، فساد الشرطة، عقوق الأبناء وغيرها من مظاهر ظلام النفس البشرية...
يحتمل مسلسل «رافل» جزءاً ثانياً بعيداً عن حكاية «رعد»... حكاية «آدم» ربما. فمشاهد ابن «بشير» الصغير وهو يشاهد لقاءات والده مع ضحيته ويستمع لقصة «رعد» قد تقودنا إلى الراهن التونسي. هل يكبر «آدم» في جزء ثانٍ ويفتح في عمل لرمضان 2026 على التلفزة الوطنية دفاتر لا تزال مخفية في «رافل»؟ نعلم أن «رعد» أو محمد الفلالي، مواطن تونسي يعيش بيننا اليوم ومثله الكثيرون يمرون أمامنا، على مقربة من مقاهي شارع الحبيب بورقيبة أو ربما هم في دهاليز السجون وبين غرف الرازي والحدائق الباردة لدور العجز...