يتطلّع قادة البلدين في تونس والسعودية الى تعزيز التعاون الثنائي بينهما وهو ما يترجمه الزخم الكبير الذي تشهده العلاقات التونسية السعودية اليوم من حيث تطور حجم اتفاقيات التعاون والسعي الى تدعيم فرص الاستثمار عبر مشاريع ضخمة ورائدة لعل أبرزها مستشفى الملك سلمان بن عبد العزيز الجامعي في ولاية القيروان. فقد شهدت الأشهر الأخيرة سلسلة من اللقاءات الثنائية أفرزت جملة من الاتفاقيات والمشاريع الهامة بما يعكس إرادة البلدين لتفعيل تعاون استراتيجي.
في هذا الخصوص استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، صباح الأحد الماضي بقصر قرطاج، الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود وزير الداخلية للمملكة العربية السعودية والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، وذلك بمناسبة مشاركته في الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب المنعقدة بتونس.
ومثل هذا اللقاء مناسبة أكّد خلالها رئيس الدولة على عراقة ومتانة العلاقات الأخوية المتميزة بين تونس والمملكة العربية السعودية وعلى عمق التعاون القائم بين البلدين في كافة الميادين. وتسلّم رئيس الجمهورية بالمناسبة، من صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود والدكتور محمد بن علي كومان، الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدرع التذكاري للمجلس..
مشاريع رائدة
ولئن مثل لقاء رئيس الجمهورية بوزير الداخلية السعودي مناسبة للتأكيد مجددا على عراقة ومتانة العلاقات بين تونس والسعودية لا سيما عمق التعاون القائم بين البلدين في كافة الميادين فإن الأشهر الأخيرة شهدت تفعيل بعض المشاريع الضخمة والرائدة على غرار الانطلاق في شهر سبتمبر الماضي في أشغال بناء مستشفى الملك سلمان بن عبد العزيز الجامعي في ولاية القيروان بقيمة 85 مليون دولار..
هذا المشروع الضخم تلته لاحقا جملة من الاتفاقيات ومشاريع للتعاون بين البلدين فخلال شهر نوفمبر 2024 وقّع وزير الاقتصاد والتّخطيط سمير عبد الحفيظ ووزير الاستثمار السّعودي خالد بن عبد العزيز الفالح على هامش زيارة العمل التي أداها الوزير السعودي إلى تونس، مذكرة تفاهم بين الحكومة التونسية والحكومة السعودية «للتّعاون في مجال تشجيع الاستثمار المباشر».
وجاء في بلاغ لوزارة الاقتصاد والتخطيط، أن الوزير سمير عبد الحفيظ، بيّن خلال موكب التّوقيع الذي حضره السفير السعودي بتونس عبد العزيز بن علي الصقر والوفد المرافق لوزير الاستثمار وعدد من إطارات الوزارة ومديري هياكل الدّعم والنّهوض بالاستثمار، أن مذكّرة التفاهم تهدف إلى تدعيم الرّوابط والعلاقات بين البلدين الشقيقين في مجال الاستثمار المباشر وذلك من خلال استكشاف الفرص والعمل على تجسيمها وتعزيز التنسيق وتبادل المعطيات ذات العلاقة بتطور مناخ الأعمال والاستثمار ومنظومته إلى جانب تكثيف تنظيم التّظاهرات والزّيارات بين القطاع الخاص في البلدين..
وأكد الوزير في هذا السياق، تميّز علاقات التّعاون الثّنائي والحرص الثّابت من الجانبين لمزيد توطيدها في مختلف المجالات لاسيما المجالات الاقتصاديّة تجسيما لتوجيهات قيادة البلدين الشقيقين وخدمة للمصلحة المشتركة.
وخلال شهر أكتوبر الماضي تم تسليم 1568 وحدة سكنية ممولة من الصندوق السعودي للتنمية بحي البكري من معتمدية سيدي ثابت بولاية أريانة وتتضمن المرحلة الأولى من المشروع الذي يتوزع على عدد من أحياء تونس، تقديم 4715 مسكنًا اجتماعيا بتمويل ميسر من الصندوق السعودي للتنمية تبلغ قيمته 150 مليون دولار..
وبتاريخ ديسمبر 2023 وقعت السعودية وتونس 7 اتفاقيات في مجالات الصناعة، والسياحة، والبيئة والبحث العلمي الزراعي، والأرصاد الجوية والمناخ، والمياه، والعمل، في خطوة تتطلع فيها حكومتا البلدين لفتح آفاق أوسع للتعاون في المجالات كافة، وذلك على هامش أعمال الدورة الـ11 للجنة السعودية - التونسية المشتركة، المنعقدة في العاصمة تونس. فيما تم أيضا خلال شهر فيفري الماضي التوقيع على اتفاقية مالية بين تونس والصندوق السعودي للتنمية لفائدة مشروع تجديد وتقوية الشبكة الحديدية لنقل الفسفاط.
حول تطوّر مجالات التعاون بين تونس والسعودية أورد أستاذ القانون الدولي عدنان الإمام في تصريح لـ«الصباح» أن تونس تحتاج الى مستثمرين لدفع عجلة الاقتصاد لخلق الثروة موضحا أن التشغيل أو خلق فرص عمل لا يكون إلا عبر تحقيق نسب نمو هامة وخلق الثروة التي لن تأتي إلا عبر الاستثمار ولا سيما الاستثمار الخارجي الذي يحظى بقيمة كبيرة في ظل الموقع الجغرافي الاستراتيجي لتونس.
وأضاف محدثنا أن السعودية تظل من الدول القليلة في العالم التي لديها فوائض مالية كبيرة كما أنها تمتلك سياسة للاستثمارات الخارجية وبالتالي فمن الطبيعي أن تسعى تونس الى استقطاب الاستثمارات.
وأشار الإمام من جانب آخر الى أن إستراتيجية الاستثمارات في السعودية تعكس في جوهرها قرارا سياسيا أي أنها لا تتجسم في شكل مبادرات فردية. وبالتالي فإن مستوى العلاقات بين الدولتين لعب دوره في جلب استثمارات سعودية لتونس. ودعا أستاذ العلاقات الدولية في هذا الإطار الى أهمية تذليل العراقيل الإدارية التي تعوق فرصا هامة من الاستثمار من خلال رفع جميع الإشكاليات الإدارية التي تقلق المستثمر.
مناخ جاذب للاستثمار
تجدر الإشارة الى أن سفير المملكة العربية السعودية بتونس عبد العزيز بن علي الصقر كان قد أورد خلال شهر أكتوبر الماضي أن لتونس مناخ جاذب للاستثمار، إذ تمثل إحدى أبرز الدول التي يريد المستثمر الأجنبي، لاسيما السعودي، أن ينجز فيها مشاريعه وذلك بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي الهام (بين إفريقيا وأوروبا).
وأضاف عبد العزيز بن علي على هامش الحوار الذي أدلى به لـ»وات» أن تونس تتميز أيضا بثروات طبيعية مميزة وموارد بشرية هامة فضلا عن شعبها المثقف، مشددا في السياق ذاته على أن الحوكمة الرشيدة لقادتها ساهمت في بعث رسائل إيجابية ومطمئنة من أجل الاستثمار على أرضها.
وأوضح أن «تطوير التبادل التجاري بين البلدين يقتضي تذليل الصعوبات أمام المستثمرين» موضحا أن مخرجات اجتماعات اللجنة السعودية المشتركة ومجلس الأعمال المشترك مع المسؤولين بتونس مرات عديدة تعتبر مهمة وهي تمثل الإطار التنظيمي للعلاقات بين البلدين في مختلف الجوانب.’’
ولاحظ أن ما توصلت إليه هذه الاجتماعات كان إيجابيا لاسيما في قطاعات البحث العلمي والصناعة وحماية البيئة والسياحة والمجال الاستثماري والثقافي وهو ما يجسد على ارض الواقع تنامي ‹›العلاقات السعودية وتواصلها مع تونس».
وأفاد السفير السعودي أن الاجتماعات المقبلة بين الجانبين ستشهد استعراضا لما أنجز في السابق من مشاريع، مذكرا بوصول أكثر من 300 رجل أعمال سعودي سنة 2023 الى تونس من أجل تباحث انجاز عدد من الاستثمارات بها ولتدارس المعوقات في مجال الاستثمار والخروج بحلول عملية لتسهيل إجراءات الاستثمار من خلال استخدام نظام بنكي حديث والتركيز على الرقمنة.
منال حرزي
يتطلّع قادة البلدين في تونس والسعودية الى تعزيز التعاون الثنائي بينهما وهو ما يترجمه الزخم الكبير الذي تشهده العلاقات التونسية السعودية اليوم من حيث تطور حجم اتفاقيات التعاون والسعي الى تدعيم فرص الاستثمار عبر مشاريع ضخمة ورائدة لعل أبرزها مستشفى الملك سلمان بن عبد العزيز الجامعي في ولاية القيروان. فقد شهدت الأشهر الأخيرة سلسلة من اللقاءات الثنائية أفرزت جملة من الاتفاقيات والمشاريع الهامة بما يعكس إرادة البلدين لتفعيل تعاون استراتيجي.
في هذا الخصوص استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، صباح الأحد الماضي بقصر قرطاج، الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود وزير الداخلية للمملكة العربية السعودية والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، وذلك بمناسبة مشاركته في الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب المنعقدة بتونس.
ومثل هذا اللقاء مناسبة أكّد خلالها رئيس الدولة على عراقة ومتانة العلاقات الأخوية المتميزة بين تونس والمملكة العربية السعودية وعلى عمق التعاون القائم بين البلدين في كافة الميادين. وتسلّم رئيس الجمهورية بالمناسبة، من صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود والدكتور محمد بن علي كومان، الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدرع التذكاري للمجلس..
مشاريع رائدة
ولئن مثل لقاء رئيس الجمهورية بوزير الداخلية السعودي مناسبة للتأكيد مجددا على عراقة ومتانة العلاقات بين تونس والسعودية لا سيما عمق التعاون القائم بين البلدين في كافة الميادين فإن الأشهر الأخيرة شهدت تفعيل بعض المشاريع الضخمة والرائدة على غرار الانطلاق في شهر سبتمبر الماضي في أشغال بناء مستشفى الملك سلمان بن عبد العزيز الجامعي في ولاية القيروان بقيمة 85 مليون دولار..
هذا المشروع الضخم تلته لاحقا جملة من الاتفاقيات ومشاريع للتعاون بين البلدين فخلال شهر نوفمبر 2024 وقّع وزير الاقتصاد والتّخطيط سمير عبد الحفيظ ووزير الاستثمار السّعودي خالد بن عبد العزيز الفالح على هامش زيارة العمل التي أداها الوزير السعودي إلى تونس، مذكرة تفاهم بين الحكومة التونسية والحكومة السعودية «للتّعاون في مجال تشجيع الاستثمار المباشر».
وجاء في بلاغ لوزارة الاقتصاد والتخطيط، أن الوزير سمير عبد الحفيظ، بيّن خلال موكب التّوقيع الذي حضره السفير السعودي بتونس عبد العزيز بن علي الصقر والوفد المرافق لوزير الاستثمار وعدد من إطارات الوزارة ومديري هياكل الدّعم والنّهوض بالاستثمار، أن مذكّرة التفاهم تهدف إلى تدعيم الرّوابط والعلاقات بين البلدين الشقيقين في مجال الاستثمار المباشر وذلك من خلال استكشاف الفرص والعمل على تجسيمها وتعزيز التنسيق وتبادل المعطيات ذات العلاقة بتطور مناخ الأعمال والاستثمار ومنظومته إلى جانب تكثيف تنظيم التّظاهرات والزّيارات بين القطاع الخاص في البلدين..
وأكد الوزير في هذا السياق، تميّز علاقات التّعاون الثّنائي والحرص الثّابت من الجانبين لمزيد توطيدها في مختلف المجالات لاسيما المجالات الاقتصاديّة تجسيما لتوجيهات قيادة البلدين الشقيقين وخدمة للمصلحة المشتركة.
وخلال شهر أكتوبر الماضي تم تسليم 1568 وحدة سكنية ممولة من الصندوق السعودي للتنمية بحي البكري من معتمدية سيدي ثابت بولاية أريانة وتتضمن المرحلة الأولى من المشروع الذي يتوزع على عدد من أحياء تونس، تقديم 4715 مسكنًا اجتماعيا بتمويل ميسر من الصندوق السعودي للتنمية تبلغ قيمته 150 مليون دولار..
وبتاريخ ديسمبر 2023 وقعت السعودية وتونس 7 اتفاقيات في مجالات الصناعة، والسياحة، والبيئة والبحث العلمي الزراعي، والأرصاد الجوية والمناخ، والمياه، والعمل، في خطوة تتطلع فيها حكومتا البلدين لفتح آفاق أوسع للتعاون في المجالات كافة، وذلك على هامش أعمال الدورة الـ11 للجنة السعودية - التونسية المشتركة، المنعقدة في العاصمة تونس. فيما تم أيضا خلال شهر فيفري الماضي التوقيع على اتفاقية مالية بين تونس والصندوق السعودي للتنمية لفائدة مشروع تجديد وتقوية الشبكة الحديدية لنقل الفسفاط.
حول تطوّر مجالات التعاون بين تونس والسعودية أورد أستاذ القانون الدولي عدنان الإمام في تصريح لـ«الصباح» أن تونس تحتاج الى مستثمرين لدفع عجلة الاقتصاد لخلق الثروة موضحا أن التشغيل أو خلق فرص عمل لا يكون إلا عبر تحقيق نسب نمو هامة وخلق الثروة التي لن تأتي إلا عبر الاستثمار ولا سيما الاستثمار الخارجي الذي يحظى بقيمة كبيرة في ظل الموقع الجغرافي الاستراتيجي لتونس.
وأضاف محدثنا أن السعودية تظل من الدول القليلة في العالم التي لديها فوائض مالية كبيرة كما أنها تمتلك سياسة للاستثمارات الخارجية وبالتالي فمن الطبيعي أن تسعى تونس الى استقطاب الاستثمارات.
وأشار الإمام من جانب آخر الى أن إستراتيجية الاستثمارات في السعودية تعكس في جوهرها قرارا سياسيا أي أنها لا تتجسم في شكل مبادرات فردية. وبالتالي فإن مستوى العلاقات بين الدولتين لعب دوره في جلب استثمارات سعودية لتونس. ودعا أستاذ العلاقات الدولية في هذا الإطار الى أهمية تذليل العراقيل الإدارية التي تعوق فرصا هامة من الاستثمار من خلال رفع جميع الإشكاليات الإدارية التي تقلق المستثمر.
مناخ جاذب للاستثمار
تجدر الإشارة الى أن سفير المملكة العربية السعودية بتونس عبد العزيز بن علي الصقر كان قد أورد خلال شهر أكتوبر الماضي أن لتونس مناخ جاذب للاستثمار، إذ تمثل إحدى أبرز الدول التي يريد المستثمر الأجنبي، لاسيما السعودي، أن ينجز فيها مشاريعه وذلك بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي الهام (بين إفريقيا وأوروبا).
وأضاف عبد العزيز بن علي على هامش الحوار الذي أدلى به لـ»وات» أن تونس تتميز أيضا بثروات طبيعية مميزة وموارد بشرية هامة فضلا عن شعبها المثقف، مشددا في السياق ذاته على أن الحوكمة الرشيدة لقادتها ساهمت في بعث رسائل إيجابية ومطمئنة من أجل الاستثمار على أرضها.
وأوضح أن «تطوير التبادل التجاري بين البلدين يقتضي تذليل الصعوبات أمام المستثمرين» موضحا أن مخرجات اجتماعات اللجنة السعودية المشتركة ومجلس الأعمال المشترك مع المسؤولين بتونس مرات عديدة تعتبر مهمة وهي تمثل الإطار التنظيمي للعلاقات بين البلدين في مختلف الجوانب.’’
ولاحظ أن ما توصلت إليه هذه الاجتماعات كان إيجابيا لاسيما في قطاعات البحث العلمي والصناعة وحماية البيئة والسياحة والمجال الاستثماري والثقافي وهو ما يجسد على ارض الواقع تنامي ‹›العلاقات السعودية وتواصلها مع تونس».
وأفاد السفير السعودي أن الاجتماعات المقبلة بين الجانبين ستشهد استعراضا لما أنجز في السابق من مشاريع، مذكرا بوصول أكثر من 300 رجل أعمال سعودي سنة 2023 الى تونس من أجل تباحث انجاز عدد من الاستثمارات بها ولتدارس المعوقات في مجال الاستثمار والخروج بحلول عملية لتسهيل إجراءات الاستثمار من خلال استخدام نظام بنكي حديث والتركيز على الرقمنة.