إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

على هامش مشاركة تونس في القمة الإفريقية.. إفريقيا بوابة نحو التعاون والاندماج الإقليمي

يتّفق كثير من المتابعين للشأن العام على أن مشاركة تونس في القمة الإفريقية في دورتها 38 المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا تمثل محطة هامة نحو تعزيز فرص التعاون مع القارة السمراء في مجالات عديدة لعل أبرزها الجانبان الاقتصادي والاجتماعي. لكن، ولئن تظل السوق الإفريقية سوقا واعدة أمام تونس وبوابة نحو تعزيز فرص الاستثمار، إلا أن هنالك عديد التحديات التي تحول دون أن يرتقي التعاون بين تونس وبلدان إفريقيا إلى مرتبة الشريك الاستراتيجي مثلما يدعو لذلك البعض وتهدف لذلك سياسة الدولة الخارجية.

وحول أبرز الفرص المتاحة لتونس على المستوى الاقتصادي من اتفاقيات ومجالات تعاون على هامش مشاركة تونس في قمة أديس أبابا، يشير رئيس مجلس الأعمال التونسي الإفريقي أنيس الجزيري في تصريح لـ«الصباح» أن رؤية مجلس الأعمال التونسي الإفريقي لجعل تونس بوابة لإفريقيا يتمثل في توسيع شبكة السفارات والتمثيليات الدبلوماسية والتجارية وتكثيف زيارات المسؤولين البارزين في الدولة إلى الدول الإفريقية بمرافقة الفاعلين الاقتصاديين التونسيين، إضافة إلى تفعيل حضور نشط في المنظمات الإفريقية ودعم الجالية التونسية هناك وتفعيل بنية لوجستية متطورة عبر النقل البحري (خط بحري مباشر بين تونس داكار وأبيدجان من جهة، وتحسين إنتاجية ميناء رادس والموانئ الأخرى والاستثمار في ميناء المياه العميقة في النفيضة من جهة أخرى) والنقل الجوي عبر تطوير خطوط جوية مع الدول الإفريقية عبر الخطوط التونسية وشركات أخرى بالإضافة إلى خطوط الشحن الجوي، بالتوازي مع التركيز على النقل البري من خلال ربط تونس بالطريق الصحراوي العابر للجزائر وتطوير الطريق الصحراوي بين تونس وليبيا والنيجر علاوة على تطوير قانون الصرف لتشجيع المصدرين والمستثمرين على الانتصاب في الأسواق الإفريقية.

أما فيما يهم التحديات أو الخطوات التي يتعين إتباعها حتى ترتقي بلادنا بمستوى الشراكة الاقتصادية بين تونس والقارة الإفريقية إلى مرتبة الشريك الاستراتيجي، شدد محدثنا في هذا الخصوص على ضرورة اغتنام الفرص المتاحة للاندماج الإقليمي على غرار اتفاقية المنطقة القارية الإفريقية للتبادل الحر «زليكاف» والسوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا «كوميسا» ووضع إستراتيجية تواصل شاملة للترويج لتونس كمنصة استثمارية موجهة لإفريقيا.

 أما فيما يتعلق بآخر الأرقام بخصوص حجم المبادلات بين تونس وإفريقيا، أورد الجزيري أن حجم المبادلات مع إفريقيا جنوب الصحراء يعتبر في تطور من سنة إلى أخرى، حيث بلغت 1,6 مليار دينار. وكذلك الشأن بالنسبة للشركات التونسية المنتصبة في عدد من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء فهي أيضا في تطور ملحوظ، مشيرا إلى أنه في الكوت ديفوار فإن أكثر من 150 شركة تونسية منتصبة في هذه السوق الواعدة.

تمويل محلي للصحة

وبعيدا عن المجال الاقتصادي جدير بالذكر أن قمة أديس أبابا مثلت أيضا فرصة لتعزيز التعاون في المجال الاجتماعي على اعتبار أنها شهدت مشاركة وزير الصحة مصطفى الفرجاني في الاجتماع الإفريقي رفيع المستوى حول التمويل المحلي للصحة حيث بحث رؤساء الدول ووزراء الصحّة المشاركون في الاجتماع رفيع المستوى حول التمويل المحلي للصحة المنعقد على هامش القمة الإفريقية أول أمس تجارب الدول الإفريقية في تعزيز التمويل الذاتي للصحة، وأهمية الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأدوية والتجهيزات الطبية، حسب بلاغ نشرته وزارة الصحة على صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي أمس.

وتم خلال الاجتماع الذي حضره عدد من ممثلي منظمات دولية ومموّلين معنيّين بقطاع الصحة، تقديم مقترحات عملية قابلة للتنفيذ لتحقيق الأمن الصحي الإفريقي، على غرار تطوير شراكات إقليمية لإرساء صناعة دوائية إفريقية قادرة على تلبية الاحتياجات المحلية والاستثمار في الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات الصحية وتوسيع نطاق الرعاية وترشيد استغلال الموارد البشرية والمالية وتوجيهها وفق أولويات صحية واضحة.

كما شدد الحضور على ضرورة مزيد تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية بما يضمن تمويلا مستداماً وكذلك التعاون الإفريقي المشترك لتحقيق السيادة الصحّية بعيداً عن الارتهان للمساعدات الظرفية. وأكد وزير الصحة مصطفى الفرجاني خلال هذا الاجتماع على ضرورة التعويل على القدرات الذاتية لدول القارة، بعيداً عن الحلول الظرفية، كسبيل لتحقيق السيادة الصحية وتحقيق الأمن الصحي في القارة الإفريقية.

لقاءات ماراطونية

من جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أنه يمثل تونس في هذه القمة الإفريقية المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي، الذي كانت له صولات وجولات تتلخص في عديد اللقاءات مع كبار المسؤولين من البلدان المشاركة في القمة، فوقا لبلاغ صادر عن وزارة الخارجية -وفي إطار نشاط الوزير صلب اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي- فقد تمحور النقاش حول جملة من المواضيع المتصلة بتفعيل المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي والتنموي من ذلك منطقة التبادل الحرّ القارية الإفريقية.

وأكد النفطي بالخصوص على التزام تونس بالانخراط التام في منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية، إلى جانب العمل على تعزيز استكمال هياكل هذه المؤسسة الحديثة باعتبارها تشكل دعامة أساسية لبناء إفريقيا الجديدة على أسس صلبة تعتمد على الاندماج الاقتصادي والاستثمار والتجارة البينية والتنمية المستدامة.

فضلا على ضرورة استمرار المشاورات بين الدول الأعضاء لضمان تنفيذ ناجح لاتفاقية إنشاء هذه المنطقة، خاصة من خلال توفير آليات الدعم عل غرار صندوق التكيف وتوسيع نطاق التجارة الرقمية، وتعزيز آليات التحكيم لضمان بيئة استثمارية مستقرة، مشددا في السياق ذاته على أهمية إنشاء آلية مالية مستقلة على المستوى القاري لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية وتقليل الاعتماد على المؤسسات المالية الدولية لحماية القارة من تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، إلى جانب التزام تونس بالمساهمة الفاعلة في بناء نظام مالي مستدام ومستقلّ لصالح القارة، بما يحقق أهداف أجندة 2063، مع التأكيد على التزام تونس الراسخ بدعم الجهود الإفريقية المشتركة لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار للقارة واستعداد بلادنا لتقاسم خبراتها والمساهمة في إنجاح المشاريع القارية الكبرى.

وعلى صعيد آخر فقد كان للنفطي عديد اللقاءات مع نظرائه على غرار اللقاء الذي جمع الوزير مع نظيره الليبي الطاهر الباعور والذي مثل مناسبة لاستكمال ما تم التداول في شأنه مؤخرا خلال اجتماعهما في تونس لاسيما ما يتعلق ببرنامج التعاون الثنائي الاقتصادي والمالي والفني، بالإضافة إلى الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية، فضلا عن تعزيز حضور البلدين في الفضاء الإفريقي وإسهامهما في إيجاد الحلول المناسبة للنهوض بواقع المنطقة أمنيا وتنمويا وفي المجالات الحيوية.

وفي لقائه مع نظيره الأنغولي طتيتو أنتونيو، وزير الخارجية والعلاقات الدولية، نوه النفطي بالعلاقات التاريخية التونسية الأنغولية التي تميزت بالتضامن وتحتاج الآن إلى نقلة نوعية ترتقي بها إلى مستوى الشراكة في مجالات واعدة كتكنولوجيا الاتصال والصناعات الغذائية والابتكار. واتفق الوزيران على عقد اللجنة المشتركة التونسية الأنغولية في غضون السنة الجارية بالعاصمة الأنغولية.

كما التقى الوزير مع نظيره التنزاني محمود ثابت كومبو، ونوّه الوزيران بعراقة العلاقات بين البلدين التي تمتد إلى ستة عقود، تاريخ إبرام إقامة علاقات دبلوماسية بينهما.

وحرصا على تطوير التعاون القائم بينهما، تم الاتفاق على عقد الاجتماع المقبل للجنة المشتركة التونسية التنزانية وتنظيم منتدى لرجال الأعمال في كلا البلدين وتوسيع الإطار القانوني المنظم لهذا التعاون ليشمل شتى المجالات المتصلة بالاقتصاد والتجارة والبحث العلمي والثقافة والطاقة والسياحة والرياضة والصحة والشؤون الطلابية.

وبالتوازي مع اللقاءات السالفة الذكر فقد كان للنفطي لقاء جمعه أيضا مع نظيره الإثيوبي غيديون تيموثيوس، وزير الشؤون الخارجية لجمهورية إثيوبيا الديمقراطية الفيدرالية، تدارس فيها الجانبان آفاق التعاون بين البلدين، لاسيما في المجال الاقتصادي والتجاري، وتبادل الخبرات في قطاعات السياحة، والطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية. كما اتفقا على تنظيم اللجنة المشتركة التونسية- الإثيوبية خلال السنة الحالية بأديس أبابا، والتحضير الجيّد لها تأمينًا لنجاحها.

أما جلسة العمل التي جمعته بنظيره الجزائري فقد مثلت تجسيدًا لحرص قيادتي البلدين على تكثيف التشاور والتنسيق بين الجانبين على الصعيد الثنائي من أجل استكمال اجتماعات اللجان القطاعية في شتى المجالات، وعلى الصعيد متعدد الأطراف بخصوص المواضيع المطروحة على جدول أعمال المجلس التنفيذي والقمة الإفريقية.

‏‎وشدد الوزيران على الأهمية القصوى التي تُشكّلها هذه المواضيع على الإصلاح الهيكلي للاتحاد الإفريقي، وأمن واستقرار المنطقة، والفرص المتاحة لتطوير التجارة البينية والاستثمارات المشتركة لفائدة شعوب المنطقة وأجيالها المقبلة. فيما كان للنفطي أيضا عديد اللقاءات الأخرى مع نظرائه من باقي الدول الإفريقية والتي تترجم في جوهرها سعي تونس إلى تعزيز فرص تعاونها مع مختلف الدول الإفريقية بما يعود بالنفع على كل دول القارة السمراء.

في هذا الخضم وبالعودة إلى جدول أعمال وزير الشؤون الخارجية خلال قمة أديس أبابا والمحاور التي تم تناولها من لقاءات وفرص استثمار وتعاون، فإن مشاركة تونس تبقى محطة هامة وجب حسن استغلالها وخاصة عبر ترجمة كل فرص التعاون على أرض الواقع لاسيما وأن الارتقاء بمستوى التعاون بين تونس وإفريقيا يقتضي المضي قدما في تفعيل جملة من الإجراءات اللوجستية والتقنية التي من شأنها أن تحول دون الإشكاليات والتحديات التي تعيق بلوغ مرحلة الشراكة الإستراتيجية مع إفريقيا.

تجدر الإشارة إلى أن أشغال القمة الـ38 للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا عاصمة أثيوبيا بحضور قادة بعض الدول انطلقت أمس، وتسلط القمة التي تلتئم على مدار يومين، الضوء على مسألة تعزيز قضية العدالة ودفع التعويضات للأفارقة.

وقد كان رؤساء الدول والحكومات في الدورة العادية السابعة والثلاثين لجمعية الاتحاد، التي عقدت في فيفري 2023 في أديس أبابا، موضوع هذه السنة العدالة للأفارقة والمنحدرين من أصل إفريقي من خلال التعويضات.

منال الحرزي

على هامش مشاركة تونس في القمة الإفريقية.. إفريقيا بوابة نحو التعاون والاندماج الإقليمي

يتّفق كثير من المتابعين للشأن العام على أن مشاركة تونس في القمة الإفريقية في دورتها 38 المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا تمثل محطة هامة نحو تعزيز فرص التعاون مع القارة السمراء في مجالات عديدة لعل أبرزها الجانبان الاقتصادي والاجتماعي. لكن، ولئن تظل السوق الإفريقية سوقا واعدة أمام تونس وبوابة نحو تعزيز فرص الاستثمار، إلا أن هنالك عديد التحديات التي تحول دون أن يرتقي التعاون بين تونس وبلدان إفريقيا إلى مرتبة الشريك الاستراتيجي مثلما يدعو لذلك البعض وتهدف لذلك سياسة الدولة الخارجية.

وحول أبرز الفرص المتاحة لتونس على المستوى الاقتصادي من اتفاقيات ومجالات تعاون على هامش مشاركة تونس في قمة أديس أبابا، يشير رئيس مجلس الأعمال التونسي الإفريقي أنيس الجزيري في تصريح لـ«الصباح» أن رؤية مجلس الأعمال التونسي الإفريقي لجعل تونس بوابة لإفريقيا يتمثل في توسيع شبكة السفارات والتمثيليات الدبلوماسية والتجارية وتكثيف زيارات المسؤولين البارزين في الدولة إلى الدول الإفريقية بمرافقة الفاعلين الاقتصاديين التونسيين، إضافة إلى تفعيل حضور نشط في المنظمات الإفريقية ودعم الجالية التونسية هناك وتفعيل بنية لوجستية متطورة عبر النقل البحري (خط بحري مباشر بين تونس داكار وأبيدجان من جهة، وتحسين إنتاجية ميناء رادس والموانئ الأخرى والاستثمار في ميناء المياه العميقة في النفيضة من جهة أخرى) والنقل الجوي عبر تطوير خطوط جوية مع الدول الإفريقية عبر الخطوط التونسية وشركات أخرى بالإضافة إلى خطوط الشحن الجوي، بالتوازي مع التركيز على النقل البري من خلال ربط تونس بالطريق الصحراوي العابر للجزائر وتطوير الطريق الصحراوي بين تونس وليبيا والنيجر علاوة على تطوير قانون الصرف لتشجيع المصدرين والمستثمرين على الانتصاب في الأسواق الإفريقية.

أما فيما يهم التحديات أو الخطوات التي يتعين إتباعها حتى ترتقي بلادنا بمستوى الشراكة الاقتصادية بين تونس والقارة الإفريقية إلى مرتبة الشريك الاستراتيجي، شدد محدثنا في هذا الخصوص على ضرورة اغتنام الفرص المتاحة للاندماج الإقليمي على غرار اتفاقية المنطقة القارية الإفريقية للتبادل الحر «زليكاف» والسوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا «كوميسا» ووضع إستراتيجية تواصل شاملة للترويج لتونس كمنصة استثمارية موجهة لإفريقيا.

 أما فيما يتعلق بآخر الأرقام بخصوص حجم المبادلات بين تونس وإفريقيا، أورد الجزيري أن حجم المبادلات مع إفريقيا جنوب الصحراء يعتبر في تطور من سنة إلى أخرى، حيث بلغت 1,6 مليار دينار. وكذلك الشأن بالنسبة للشركات التونسية المنتصبة في عدد من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء فهي أيضا في تطور ملحوظ، مشيرا إلى أنه في الكوت ديفوار فإن أكثر من 150 شركة تونسية منتصبة في هذه السوق الواعدة.

تمويل محلي للصحة

وبعيدا عن المجال الاقتصادي جدير بالذكر أن قمة أديس أبابا مثلت أيضا فرصة لتعزيز التعاون في المجال الاجتماعي على اعتبار أنها شهدت مشاركة وزير الصحة مصطفى الفرجاني في الاجتماع الإفريقي رفيع المستوى حول التمويل المحلي للصحة حيث بحث رؤساء الدول ووزراء الصحّة المشاركون في الاجتماع رفيع المستوى حول التمويل المحلي للصحة المنعقد على هامش القمة الإفريقية أول أمس تجارب الدول الإفريقية في تعزيز التمويل الذاتي للصحة، وأهمية الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأدوية والتجهيزات الطبية، حسب بلاغ نشرته وزارة الصحة على صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي أمس.

وتم خلال الاجتماع الذي حضره عدد من ممثلي منظمات دولية ومموّلين معنيّين بقطاع الصحة، تقديم مقترحات عملية قابلة للتنفيذ لتحقيق الأمن الصحي الإفريقي، على غرار تطوير شراكات إقليمية لإرساء صناعة دوائية إفريقية قادرة على تلبية الاحتياجات المحلية والاستثمار في الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات الصحية وتوسيع نطاق الرعاية وترشيد استغلال الموارد البشرية والمالية وتوجيهها وفق أولويات صحية واضحة.

كما شدد الحضور على ضرورة مزيد تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية بما يضمن تمويلا مستداماً وكذلك التعاون الإفريقي المشترك لتحقيق السيادة الصحّية بعيداً عن الارتهان للمساعدات الظرفية. وأكد وزير الصحة مصطفى الفرجاني خلال هذا الاجتماع على ضرورة التعويل على القدرات الذاتية لدول القارة، بعيداً عن الحلول الظرفية، كسبيل لتحقيق السيادة الصحية وتحقيق الأمن الصحي في القارة الإفريقية.

لقاءات ماراطونية

من جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أنه يمثل تونس في هذه القمة الإفريقية المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي، الذي كانت له صولات وجولات تتلخص في عديد اللقاءات مع كبار المسؤولين من البلدان المشاركة في القمة، فوقا لبلاغ صادر عن وزارة الخارجية -وفي إطار نشاط الوزير صلب اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي- فقد تمحور النقاش حول جملة من المواضيع المتصلة بتفعيل المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي والتنموي من ذلك منطقة التبادل الحرّ القارية الإفريقية.

وأكد النفطي بالخصوص على التزام تونس بالانخراط التام في منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية، إلى جانب العمل على تعزيز استكمال هياكل هذه المؤسسة الحديثة باعتبارها تشكل دعامة أساسية لبناء إفريقيا الجديدة على أسس صلبة تعتمد على الاندماج الاقتصادي والاستثمار والتجارة البينية والتنمية المستدامة.

فضلا على ضرورة استمرار المشاورات بين الدول الأعضاء لضمان تنفيذ ناجح لاتفاقية إنشاء هذه المنطقة، خاصة من خلال توفير آليات الدعم عل غرار صندوق التكيف وتوسيع نطاق التجارة الرقمية، وتعزيز آليات التحكيم لضمان بيئة استثمارية مستقرة، مشددا في السياق ذاته على أهمية إنشاء آلية مالية مستقلة على المستوى القاري لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية وتقليل الاعتماد على المؤسسات المالية الدولية لحماية القارة من تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، إلى جانب التزام تونس بالمساهمة الفاعلة في بناء نظام مالي مستدام ومستقلّ لصالح القارة، بما يحقق أهداف أجندة 2063، مع التأكيد على التزام تونس الراسخ بدعم الجهود الإفريقية المشتركة لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار للقارة واستعداد بلادنا لتقاسم خبراتها والمساهمة في إنجاح المشاريع القارية الكبرى.

وعلى صعيد آخر فقد كان للنفطي عديد اللقاءات مع نظرائه على غرار اللقاء الذي جمع الوزير مع نظيره الليبي الطاهر الباعور والذي مثل مناسبة لاستكمال ما تم التداول في شأنه مؤخرا خلال اجتماعهما في تونس لاسيما ما يتعلق ببرنامج التعاون الثنائي الاقتصادي والمالي والفني، بالإضافة إلى الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية، فضلا عن تعزيز حضور البلدين في الفضاء الإفريقي وإسهامهما في إيجاد الحلول المناسبة للنهوض بواقع المنطقة أمنيا وتنمويا وفي المجالات الحيوية.

وفي لقائه مع نظيره الأنغولي طتيتو أنتونيو، وزير الخارجية والعلاقات الدولية، نوه النفطي بالعلاقات التاريخية التونسية الأنغولية التي تميزت بالتضامن وتحتاج الآن إلى نقلة نوعية ترتقي بها إلى مستوى الشراكة في مجالات واعدة كتكنولوجيا الاتصال والصناعات الغذائية والابتكار. واتفق الوزيران على عقد اللجنة المشتركة التونسية الأنغولية في غضون السنة الجارية بالعاصمة الأنغولية.

كما التقى الوزير مع نظيره التنزاني محمود ثابت كومبو، ونوّه الوزيران بعراقة العلاقات بين البلدين التي تمتد إلى ستة عقود، تاريخ إبرام إقامة علاقات دبلوماسية بينهما.

وحرصا على تطوير التعاون القائم بينهما، تم الاتفاق على عقد الاجتماع المقبل للجنة المشتركة التونسية التنزانية وتنظيم منتدى لرجال الأعمال في كلا البلدين وتوسيع الإطار القانوني المنظم لهذا التعاون ليشمل شتى المجالات المتصلة بالاقتصاد والتجارة والبحث العلمي والثقافة والطاقة والسياحة والرياضة والصحة والشؤون الطلابية.

وبالتوازي مع اللقاءات السالفة الذكر فقد كان للنفطي لقاء جمعه أيضا مع نظيره الإثيوبي غيديون تيموثيوس، وزير الشؤون الخارجية لجمهورية إثيوبيا الديمقراطية الفيدرالية، تدارس فيها الجانبان آفاق التعاون بين البلدين، لاسيما في المجال الاقتصادي والتجاري، وتبادل الخبرات في قطاعات السياحة، والطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية. كما اتفقا على تنظيم اللجنة المشتركة التونسية- الإثيوبية خلال السنة الحالية بأديس أبابا، والتحضير الجيّد لها تأمينًا لنجاحها.

أما جلسة العمل التي جمعته بنظيره الجزائري فقد مثلت تجسيدًا لحرص قيادتي البلدين على تكثيف التشاور والتنسيق بين الجانبين على الصعيد الثنائي من أجل استكمال اجتماعات اللجان القطاعية في شتى المجالات، وعلى الصعيد متعدد الأطراف بخصوص المواضيع المطروحة على جدول أعمال المجلس التنفيذي والقمة الإفريقية.

‏‎وشدد الوزيران على الأهمية القصوى التي تُشكّلها هذه المواضيع على الإصلاح الهيكلي للاتحاد الإفريقي، وأمن واستقرار المنطقة، والفرص المتاحة لتطوير التجارة البينية والاستثمارات المشتركة لفائدة شعوب المنطقة وأجيالها المقبلة. فيما كان للنفطي أيضا عديد اللقاءات الأخرى مع نظرائه من باقي الدول الإفريقية والتي تترجم في جوهرها سعي تونس إلى تعزيز فرص تعاونها مع مختلف الدول الإفريقية بما يعود بالنفع على كل دول القارة السمراء.

في هذا الخضم وبالعودة إلى جدول أعمال وزير الشؤون الخارجية خلال قمة أديس أبابا والمحاور التي تم تناولها من لقاءات وفرص استثمار وتعاون، فإن مشاركة تونس تبقى محطة هامة وجب حسن استغلالها وخاصة عبر ترجمة كل فرص التعاون على أرض الواقع لاسيما وأن الارتقاء بمستوى التعاون بين تونس وإفريقيا يقتضي المضي قدما في تفعيل جملة من الإجراءات اللوجستية والتقنية التي من شأنها أن تحول دون الإشكاليات والتحديات التي تعيق بلوغ مرحلة الشراكة الإستراتيجية مع إفريقيا.

تجدر الإشارة إلى أن أشغال القمة الـ38 للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا عاصمة أثيوبيا بحضور قادة بعض الدول انطلقت أمس، وتسلط القمة التي تلتئم على مدار يومين، الضوء على مسألة تعزيز قضية العدالة ودفع التعويضات للأفارقة.

وقد كان رؤساء الدول والحكومات في الدورة العادية السابعة والثلاثين لجمعية الاتحاد، التي عقدت في فيفري 2023 في أديس أبابا، موضوع هذه السنة العدالة للأفارقة والمنحدرين من أصل إفريقي من خلال التعويضات.

منال الحرزي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews