بعد سنوات من الاحتجاج والاعتصامات وإضرابات الجوع للمطالبة بحقّهم في الانتداب والشغل، يبدو أن ملف الدكاترة المعطّلين عن العمل في اتجاه التسوية النهائية حيث أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد في اجتماعه أول أمس مع رئيس الحكومة كمال المدّوري أن المعطيات الأخيرة بيّنت عقب الاجتماع مع كل من وزيري التربية والتعليم العالي والبحث العلمي أنه يمكن في مرحلة أولى توفير ما يناهز خمسة آلاف موطن شغل على الأقل لهم في عدد من المؤسسات والمخابر وغيرها حتى يتم إغلاق هذا الملف نهائيا ..
ويأتي هذا القرار الرئاسي على إثر التحرّكات الأخيرة التي خاضها الدكاترة المعطلون وإعلانهم أول أمس عن اعتزامهم القيام بتحرّك احتجاجي يوم الثلاثاء القادم.
ملف الدكاترة المعطلين عن العمل هو من أكثر الملفات الاجتماعية التي ظلّت عالقة لسنوات رغم نضالات الدكاترة وإضراباتهم المتكرّرة واحتجاجاتهم المستمرّة، وفي جانفي 2021 زراهم رئيس الجمهورية في اعتصامهم المفتوح وقتها بمقرّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعد تعكّر صحة بعضهم بعد دخولهم في إضراب جوع وحشي. وقد تعهد وقتها رئيس الجمهورية خلال تحادثه مع الدكاترة المضربين بأنه سينظر في كيفية حلحلة ملفهم، كما دعا وقتها، سعيد الدكاترة المعتصمين بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى تقديم مقترحاتهم وتصوراتهم لإيجاد حل لملفهم..، ومنذ ذلك التاريخ اجتهد الدكاترة المعطلون في تقديم بعض الاقتراحات التي ظلّت معلّقة على التفاعل الجدّي من الإرادة السياسية كما حصل اليوم حيث بعد أكثر من ثلاث سنوات تتجه الأزمة إلى الحلّ بشكل نهائي.
نضال من أجل الكرامة
ككل التحرّكات والملفات الاجتماعية دائما ما تتسمّ تلك التحرّكات بالنضال من أجل الكرامة والتي لا يمكن أن تتوفّر إلا بتوفير شغل يحفظ الكرامة ويقي صاحبه الحاجة من السؤال، وينصّ دستور 2022 على أن الحق في الشغل هو من حقوق الإنسان وفي إطار التوجّه الرسمي اليوم إلى تركيز أسس الدولة الاجتماعية تحاول رئاسة الحكومة تسوية الملفات الاجتماعية العالقة والحارقة مثل ملف المعطلين عن العمل وملف الحضائر والعاملات الفلاحيات ..
ويتمثّل المطلب الأساسي للدكاترة المعطلين عن العمل في تسوية شاملة للملف من خلال إدماجهم في سوق الشغل على اعتبار أنّهم متحصّلين على أعلى الشهائد الوطنية خاصة وأن هؤلاء المعطلين كلما طالت بطالتهم طالت أيضا تحرّكاتهم الاحتجاجية دون أن تحقّق مطلبهم الأساسي، حيث انطلقت تحرّكاتهم الاحتجاجية منذ سنة 2012 من خلال الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات وإضرابات الجوع وذلك من أجل تسوية وضعياتهم والحصول على خطط وظيفية ذات صبغة بحثية أو جامعية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي وفي الهياكل الوزارية للبحث والتكوين، إلا أن الحكومات المتعاقبة ورغم الوعود الكثيرة فشلت في إيجاد حل للدكاترة الذين تواصلت معاناتهم على مدى كل السنوات الماضية .
ومؤخّرا أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي منذر بلعيد أنّ عدد الدكاترة الباحثين العاطلين عن العمل يبلغ حوالي7 آلاف وفق إحصائيات منصة التسجيل الخاصة بهم، وكان من بين المقترحات التي تم اقترحها من طرف البعض لحلّ أزمة الدكاترة المعطلين هو تخليص الجامعة من الاختصاصات الدخيلة كما يسميها البعض، حيث أكد المختصّ في علم الاجتماع حمدة كوكة في تصريحات صحافية أن هناك حوالي 5 آلاف موقع شاغر في التعليم العالي وذلك إذا ما تمت إعادة الاختصاصات «الدخيلة» إلى مواقعها على غرار أساتذة التعليم الثانوي الذين يبلغ عددهم 2637 و959 من الحرفيين والمهندسين وأكثر من 2000 أستاذ يعمل بعقود هشة وقد طالب رئيس الجمهورية بضرورة أن يتم إنهاء العمل بالعقود الهشة في الجامعة. كما تسلّمت رئاسة الجمهورية ملف الدكاترة الباحثين المعطلين عن العمل مؤخرا، وهو ما أكّده الدكتور الباحث حاتم بن جميع والذي يتكلّم باسم الدكاترة الباحثين خلال كل تحرّكاتهم الاحتجاجية، حيث أكّد أن رئاسة الجمهورية تدرس الحلول الممكنة في إطار تسوية شاملة لهذا الملف.
ويؤكد حاتم بن جميع أن ثلثي اختصاصات الدكاترة المعطلين عن العمل هي علمية وتحديدا اختصاص العلوم التجريبية والتقنية، ويفسّر ذلك حسب بن جميع بوجود إشكالية في منظومة البحث العلمي في تونس وغياب تثمين الكفاءات العلمية خارج إطار وزارة التعليم العالي، وفق تعبيره.
مضيفا في ذات السياق أنه تم حصر الدكاترة الباحثين في التدريس داخل الجامعات، لافتا إلى إمكانية إدماج الدكاترة الباحثين المعطلين صلب هياكل البحث والتكوين بالوزارات والمنشآت العمومية. وهناك مشكلة أخرى تواجه الدكاترة الباحثين وهي أن التشريعات والقوانين في تونس تحول دون انتداب الدكاترة لأن شهادة الدكتوراه غير مدرجة في السلم الوظيفي، الأمر الذي من شأنه أن يعود بالضرر على منظومة البحث العلمي في تونس ويحرمها من الكفاءات، كما أشار إلى ذلك حاتم بن جميع في تصريحات سابقة، وذلك على الرغم من أن وزارة التعليم العالي ومنذ سنتين، وعدت بإحداث خطة دكتور باحث بهدف تسهيل إدماجهم في هياكل البحث والتطوير لكن الملف بقي يراوح مكانه بسبب صعوبات تشريعية في الإدماج .
الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل طالبوا أيضا بإرساء آلية قانونية لتمويل مشاريع تنموية ذات صبغة بحثية أو تكوينية تكون خاصة بالدكاترة الباحثين في إطار تشجيع المبادرة الخاصة والمشاريع ذات الصبغة التنموية.
ورغم التعهّد بوجود خمسة آلاف موطن شغل شاغرة سيستفيد منها الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل وهو ما يعتبر خطوة مهمة لتسوية الملف، إلا إنه ووفق الإحصائيات التي أعلنتها وزارة التعليم العالي سيبقى حوالي 2000 دكتور باحث من جملة السبعة آلاف دكتور التي أعلنتها الوزارة كإحصائية رسمية يحتاجون بدورهم إلى حلول والى تسوية وضعياتهم. اقتراح إرساء آلية قانونية لتمويل مشاريعهم ذات الصبغة البحثية أو التكوينية قد تكون من بين الحلول الصائبة اليوم والتي يمكن أن تستفيد من نتائجها الدولة على المدى المتوسّط والبعيد.
منية العرفاوي
بعد سنوات من الاحتجاج والاعتصامات وإضرابات الجوع للمطالبة بحقّهم في الانتداب والشغل، يبدو أن ملف الدكاترة المعطّلين عن العمل في اتجاه التسوية النهائية حيث أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد في اجتماعه أول أمس مع رئيس الحكومة كمال المدّوري أن المعطيات الأخيرة بيّنت عقب الاجتماع مع كل من وزيري التربية والتعليم العالي والبحث العلمي أنه يمكن في مرحلة أولى توفير ما يناهز خمسة آلاف موطن شغل على الأقل لهم في عدد من المؤسسات والمخابر وغيرها حتى يتم إغلاق هذا الملف نهائيا ..
ويأتي هذا القرار الرئاسي على إثر التحرّكات الأخيرة التي خاضها الدكاترة المعطلون وإعلانهم أول أمس عن اعتزامهم القيام بتحرّك احتجاجي يوم الثلاثاء القادم.
ملف الدكاترة المعطلين عن العمل هو من أكثر الملفات الاجتماعية التي ظلّت عالقة لسنوات رغم نضالات الدكاترة وإضراباتهم المتكرّرة واحتجاجاتهم المستمرّة، وفي جانفي 2021 زراهم رئيس الجمهورية في اعتصامهم المفتوح وقتها بمقرّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعد تعكّر صحة بعضهم بعد دخولهم في إضراب جوع وحشي. وقد تعهد وقتها رئيس الجمهورية خلال تحادثه مع الدكاترة المضربين بأنه سينظر في كيفية حلحلة ملفهم، كما دعا وقتها، سعيد الدكاترة المعتصمين بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى تقديم مقترحاتهم وتصوراتهم لإيجاد حل لملفهم..، ومنذ ذلك التاريخ اجتهد الدكاترة المعطلون في تقديم بعض الاقتراحات التي ظلّت معلّقة على التفاعل الجدّي من الإرادة السياسية كما حصل اليوم حيث بعد أكثر من ثلاث سنوات تتجه الأزمة إلى الحلّ بشكل نهائي.
نضال من أجل الكرامة
ككل التحرّكات والملفات الاجتماعية دائما ما تتسمّ تلك التحرّكات بالنضال من أجل الكرامة والتي لا يمكن أن تتوفّر إلا بتوفير شغل يحفظ الكرامة ويقي صاحبه الحاجة من السؤال، وينصّ دستور 2022 على أن الحق في الشغل هو من حقوق الإنسان وفي إطار التوجّه الرسمي اليوم إلى تركيز أسس الدولة الاجتماعية تحاول رئاسة الحكومة تسوية الملفات الاجتماعية العالقة والحارقة مثل ملف المعطلين عن العمل وملف الحضائر والعاملات الفلاحيات ..
ويتمثّل المطلب الأساسي للدكاترة المعطلين عن العمل في تسوية شاملة للملف من خلال إدماجهم في سوق الشغل على اعتبار أنّهم متحصّلين على أعلى الشهائد الوطنية خاصة وأن هؤلاء المعطلين كلما طالت بطالتهم طالت أيضا تحرّكاتهم الاحتجاجية دون أن تحقّق مطلبهم الأساسي، حيث انطلقت تحرّكاتهم الاحتجاجية منذ سنة 2012 من خلال الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات وإضرابات الجوع وذلك من أجل تسوية وضعياتهم والحصول على خطط وظيفية ذات صبغة بحثية أو جامعية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي وفي الهياكل الوزارية للبحث والتكوين، إلا أن الحكومات المتعاقبة ورغم الوعود الكثيرة فشلت في إيجاد حل للدكاترة الذين تواصلت معاناتهم على مدى كل السنوات الماضية .
ومؤخّرا أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي منذر بلعيد أنّ عدد الدكاترة الباحثين العاطلين عن العمل يبلغ حوالي7 آلاف وفق إحصائيات منصة التسجيل الخاصة بهم، وكان من بين المقترحات التي تم اقترحها من طرف البعض لحلّ أزمة الدكاترة المعطلين هو تخليص الجامعة من الاختصاصات الدخيلة كما يسميها البعض، حيث أكد المختصّ في علم الاجتماع حمدة كوكة في تصريحات صحافية أن هناك حوالي 5 آلاف موقع شاغر في التعليم العالي وذلك إذا ما تمت إعادة الاختصاصات «الدخيلة» إلى مواقعها على غرار أساتذة التعليم الثانوي الذين يبلغ عددهم 2637 و959 من الحرفيين والمهندسين وأكثر من 2000 أستاذ يعمل بعقود هشة وقد طالب رئيس الجمهورية بضرورة أن يتم إنهاء العمل بالعقود الهشة في الجامعة. كما تسلّمت رئاسة الجمهورية ملف الدكاترة الباحثين المعطلين عن العمل مؤخرا، وهو ما أكّده الدكتور الباحث حاتم بن جميع والذي يتكلّم باسم الدكاترة الباحثين خلال كل تحرّكاتهم الاحتجاجية، حيث أكّد أن رئاسة الجمهورية تدرس الحلول الممكنة في إطار تسوية شاملة لهذا الملف.
ويؤكد حاتم بن جميع أن ثلثي اختصاصات الدكاترة المعطلين عن العمل هي علمية وتحديدا اختصاص العلوم التجريبية والتقنية، ويفسّر ذلك حسب بن جميع بوجود إشكالية في منظومة البحث العلمي في تونس وغياب تثمين الكفاءات العلمية خارج إطار وزارة التعليم العالي، وفق تعبيره.
مضيفا في ذات السياق أنه تم حصر الدكاترة الباحثين في التدريس داخل الجامعات، لافتا إلى إمكانية إدماج الدكاترة الباحثين المعطلين صلب هياكل البحث والتكوين بالوزارات والمنشآت العمومية. وهناك مشكلة أخرى تواجه الدكاترة الباحثين وهي أن التشريعات والقوانين في تونس تحول دون انتداب الدكاترة لأن شهادة الدكتوراه غير مدرجة في السلم الوظيفي، الأمر الذي من شأنه أن يعود بالضرر على منظومة البحث العلمي في تونس ويحرمها من الكفاءات، كما أشار إلى ذلك حاتم بن جميع في تصريحات سابقة، وذلك على الرغم من أن وزارة التعليم العالي ومنذ سنتين، وعدت بإحداث خطة دكتور باحث بهدف تسهيل إدماجهم في هياكل البحث والتطوير لكن الملف بقي يراوح مكانه بسبب صعوبات تشريعية في الإدماج .
الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل طالبوا أيضا بإرساء آلية قانونية لتمويل مشاريع تنموية ذات صبغة بحثية أو تكوينية تكون خاصة بالدكاترة الباحثين في إطار تشجيع المبادرة الخاصة والمشاريع ذات الصبغة التنموية.
ورغم التعهّد بوجود خمسة آلاف موطن شغل شاغرة سيستفيد منها الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل وهو ما يعتبر خطوة مهمة لتسوية الملف، إلا إنه ووفق الإحصائيات التي أعلنتها وزارة التعليم العالي سيبقى حوالي 2000 دكتور باحث من جملة السبعة آلاف دكتور التي أعلنتها الوزارة كإحصائية رسمية يحتاجون بدورهم إلى حلول والى تسوية وضعياتهم. اقتراح إرساء آلية قانونية لتمويل مشاريعهم ذات الصبغة البحثية أو التكوينية قد تكون من بين الحلول الصائبة اليوم والتي يمكن أن تستفيد من نتائجها الدولة على المدى المتوسّط والبعيد.