نظمت الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب أمس بقصر باردو يوما دراسيا حول مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالمجالس المحلّية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وهو مشروع اقترحته رئاسة الجمهورية وأحاله مكتب المجلس إلى لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية، مع طلب استعجال النظر فيه..
وخلال النقاش استفسر بعض النواب عن سبب تأخر الوظيفة التنفيذية في إحالة هذا المشروع إلى المجلس النيابي، وبينوا أنه تم تنظيم الانتخابات المحلية منذ أكثر من سنة ولكن مازال أعضاء المجالس المحلية إلى اليوم لا يعرفون مهامهم، وليست لديهم دراية بصلاحيات مجالسهم وبعلاقاتها ببقية المجالس، ونفس الشيء بالنسبة إلى أعضاء المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم. ووصف أحدهم مشروع القانون بالمبهم لأنه لم يوضح الرؤية أمام أعضاء هذه المجالس ولم يجب عن أسئلتهم الحارقة.
وطالب العديد من النواب بالتريث في دراسة مشروع القانون رافضين طلب استعجال النظر فيه، وأشاروا إلى ضرورة الحرص كل الحرص على سن قانون من شأنه أن يساهم بصفة فعلية في إنجاح المسار القائم على البناء القاعدي، ودعوا إلى منح صلاحيات أوسع لأعضاء المجالس المحلية والجهوية والإقليمية مع تمكين هذه المجالس من الوسائل الضرورية لكي تقوم بمهامها باستقلالية، وهناك من اقترح توفير مقرات خاصة بها تكون مستقلة عن المعتمديات والولايات، في حين اعترض بعضهم على منح المجالس المحلية صفة الجماعة المحلية على اعتبار أن الدستور لم يمنحها هذه الصفة خلافا للمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم.
وأشار عدد من النواب إلى أهمية تحقيق التناغم المطلوب بين مختلف الجماعات المحلية من جهة ومن جهة أخرى بينها وبين السلطات المحلية والجهوية والمركزية، وهناك من طالب بوضع حد للصراعات القائمة حاليا بين بعض المجالس المحلية والمعتمدين وإنهاء حالة العبث بمؤسسات الدولة، وهناك من النواب من استغرب من مقاطعة أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أشغال اليوم الدراسي رغم أن مجلس نواب الشعب وجه دعوة رسمية لمجلسهم لحضوره وتساءلوا عن مصير مجلة الجماعات المحلية وإن كان سيتم سن مجلة جديدة.
مقترحات تعديل
وقدم ممثلو مجالس الأقاليم خلال هذا الملتقى، ثلاثة مقترحات تعديل لمشروع القانون تعلقت بمنح حصانة جزئية لأعضاء المجالس في إطار ممارستهم لمهامهم، وإسناد المنح بمفعول رجعي، وإقرار مبدأ التفرغ خاصة بالنسبة لأعضاء مجالس الأقاليم. ويهدف مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلّية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم الذي تم نقاشه خلال اليوم الدراسي حسب ما جاء في وثيقة شرح الأسباب إلى ضبط صلاحيات جميع هذه المجالس وذلك في إطار تطبيق مقتضيات الدستور المتعلقة بالجماعات المحلية، حيث نص دستور 2022 في الفصل 133 على أن تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح المحلية والجهوية حسب ما يضبطه القانون. ونص الفصل 75 من الدستور على أن تتخذ شكل قانون أساسي المسائل المتعلقة بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمكن أن تتمتع بصفة الجماعة المحلية. وتم في إطار مشروع القانون الإطار منح المجالس المحلية صفة الجماعة المحلية مع التذكير بتمتيع المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم بصفة الجماعة المحلية بمقتضى نص الدستور. ويتمثل الهدف الأساسي من عمل المجالس المنصوص عليها بمشروع القانون في تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي وذلك بدمج مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع وتمكينها من إعداد التصورات والمقترحات والتداول بشأنها على أن ينطلق ذلك من المجلس المحلي ويمر إلى المجلس الجهوي ثم إلى مجلس الإقليم وبعدها يقع التأليف بين مختلف التصورات والمقترحات لينتهي المسار بعرضها على المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي يقرر ما يراه مناسبا بشأنها من خلال المصادقة على مشروع المخطط التنموي بمعية مجلس نواب الشعب وبالتالي يقتصر دور المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم على التداول أما سلطة القرار فهي بيد المجلس الوطني للجهات والأقاليم المنبثق عن تلك المجالس عن طريق التصعيد التدريجي من مجلس إلى آخر.
ولتحقيق المعادلة بين تمكين الجهات المهمشة في مستوى المحليات من المشاركة في اتخاذ القرار وبين المحافظة على وحدة الدولة، ولتمكين المجالس المذكورة من حسن أداء مهامها، نص مشروع القانون على واجب محمول على السلطات العمومية في مرافقة المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في أداء مهامها وتوفير الوسائل الضرورية للقيام بتلك المهام، وفي هذا الإطار تم التنصيص على أن يكون مقر المعتمدية مقرا للمجلس المحلي ومقر الولاية مقرا للمجلس الجهوي ولمجلس الإقليم، وعلى ضرورة أن تعقد المجالس وجوبا دورة كل شهر على الأقل مع تمكين الأعضاء المنتخبين من منحة شهرية سيتم ضبط مقدارها وشروط إسنادها بمقتضى أمر. كما نص المشروع على أحكام لفائدة أعضاء هذه المجالس قصد تسهيل حضورهم في اجتماعات مجالسهم والمشاركة في دورات تكوينية، إذ تم التنصيص فيه على أنه من واجب المؤجرين تمكينهم من تسهيلات في الغرض وأنه لا يمكن أن يكون تغيب الأعوان والأجراء لحضور جلسات أو دورات تكوينية سببا في الطرد أو في فسخ عقد الشغل، ولا يمكن أن ينجر عن الغيابات لحضور جلسات أو دورات أي إجراء تأديبي أو تعطيل ترقية مهنية أو الحرمان من الانتفاع بأي امتياز جماعي.
الحد من الفوارق بين الجهات
وقبل نقاش مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة إلى أن الدستور نص على أن الوظيفة التشريعية تتكون من مجلسين وهما مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبين أنه تم تحديد صلاحيات مجلس نواب الشعب بالدستور وهي صلاحيات تشريعية ورقابية إلى جانب الدبلوماسية البرلمانية، أما بالنسبة للمجلس الوطني للجهات والأقاليم فهو غرفة محدثة وهناك فلسفة كاملة من وراء إحداثها وهي فلسفة ترمي إلى أن تذليل الفوارق بين الجهات وذلك بتشريك مختلف جهات البلاد في اتخاذ القرار.
وأضاف أن دور المجالس المحلية والجهوية والإقليمية يتمثل في إعداد التصورات حول مخططات التنمية التي تقدمها الحكومة، وتتم بلورة المقترحات التي تقدمها هذه المجالس في الصيغة النهائية للمخطط. وبين أن المخطط التنموي لفترة 2026ـ 2030 ستساهم في إعداده المجالس المحلية فالمجالس الجهوية فمجالس الأقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، كما أوضح بودربالة أنه لابد اليوم من وضع قانون إطاري للمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، وذكر أن دستور 2022 أكد على ضرورة تحقيق التوازن بين مختلف الجهات وفي هذا الإطار تبلورت فكرة بعث المجالس المحلية فالمجالس الجهوية فمجالس الأقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم وبين أنه سيكون للمجلس الوطني للجهات والأقاليم دور كبير في بلورة مخططات التنمية وتحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، وتفاعلا مع استفسارات النواب أكد رئيس المجلس أنه سيتم وضع مجلة جماعات محلية، ولاحظ وجود اختلاف كبير بين دور المجالس المحلية والبلديات. وأضاف أن مصلحة البلاد تقتضي العمل الصادق من قبل جميع مؤسسات الدولة، وخلص بودربالة إلى أن المتغيرات الإقليمية والدولية تحتم على الجميع الحذر والوعي بالهجمة التي تتعرض لها تونس من كل حدب وصوب لأنها متمسكة بسيادتها الوطنية وقال:»نحن مستعدون للتضحية بالغالي والنفيس من أجل الحفاظ على السيادة الوطنية».
وفسر ياسر القوراري رئيس لجنة التشريع العام أنه توجد فلسفة جديدة كاملة تقوم على البناء القاعدي والتصعيد من المجالس المحلية فالمجالس الجهوية فمجالس الأقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وذكر أن تونس بعد 2011 عاشت فترة الانتقال الديمقراطي الذي أدى إلى بروز أكثر من 200 حزب ولكن المحطات السياسية تحولت إلى مناسبة لشراء الذمم لذلك كان لابد من تعديل البوصلة وفي هذا السياق فإن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم أرسى تمثيلية القرب وهو يهدف إلى تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية من خلال تشريك هذه المجالس التي تكون في تواصل مباشر مع المواطنين. وذكر أنه إضافة إلى ذلك فإن الإطار القانوني لهذه المجالس تم وضعه بمقتضى الدستور إذ نص الدستور على منحها صفة الجماعات المحلية، ونص على تنظيم هذه المجالس بقانون أساسي كما أن المرسوم عدد 10 لسنة 2022 نظم انتخابات المجالس المحلية والجهوية والإقليمية. وأضاف رئيس اللجنة أنه بعد تنظيم جلسات استماع إلى وزير الداخلية ووزيرة المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط والشروع في نقاش مشرع القانون قررت اللجنتان تنظيم يوم دراسي لإثراء الحوار حوله قبل المرور إلى التصويت عليه في جلسة عامة. ولاحظ أن الدور الرئيسي لهذه المجالس هو تقديم مقترحات المشاريع انطلاقا من المحلي فالجهوي فالإقليمي ليقع بعدها المصادقة على مشاريع المخططات التنموية من قبل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وفسر أن تحديد الخيارات يتم بالشراكة مع المواطنين من أجل تنمية شاملة وعادلة. وأضاف أنه كانت هناك نقاشات معمقة لمقترحات أعضاء المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم الواردة على اللجنتين في سبع مراسلات.
وقال يوسف طرشون مقرر لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية، إن نقاش مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم يمثل لحظة فارقة في تاريخ تونس لأنه جاء لاستكمال مسار التغيير النوعي في البلاد ولاسترجاع الثورة المهدورة والمغدورة. وبين أن الشعب هو الذي يقرر من خلال انتخاب أعضاء المجالس المحلية وذكر أن هذه المجالس ليست صورية بل تعبر عن تمثيلية حقيقية للشعب التونسي، وعبر طرشون عن فخره بهذا التغيير الثوري حسب وصفه. وقال إنه في ما مضى كانت هناك ولايات غير ممثلة في مجلس نواب الشعب لكن اليوم تغير الوضع بفعل اشتراط إقامة المترشح في الدائرة التي يترشح عنها وهو ما أدى إلى انتخاب مجالس ممثلة لكل الجهات. ويرى مقرر اللجنة أن مشروع القانون، نص ثوري إطاري ستترتب عنه نصوص أخرى. وأكد أنه بمناسبة النظر فيه تم الاستماع إلى هواجس أعضاء المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم، ولاحظ وجود خلط في أذاهن البعض بين المجالس المحلية والمجالس البلدية وأوضح أن من يتم انتخابه في البلدية لا يشارك في وضع المخطط التنموي.
وحدة الدولة
وبين عصام الحمروني الكاتب العام لوزارة الداخلية أن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، يتنزل في إطار الخيارات الوطنية التي عبر عنها دستور 2022 الذي يؤمن بأن الديمقراطية السياسية لا يمكن أن تتحقق إلاّ إذا كانت مشفوعة بديمقراطية اقتصادية واجتماعية.
واستعرض الحمروني في مداخلته أبرز مضامين هذا المشروع الذي يهدف إلى تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي لمختلف الجهات وذلك في إطار وحدة الدولة، وأشار إلى أن المشروع نص على منح هذه المجالس صفة الجماعات المحلية وهي تتمتّع بالشخصية القانونية والاستقلالية المالية والإدارية وتٌحمل نفقات تسييرها على ميزانية الدولة. وأضاف ممثل وزارة الداخلية أن المشروع يضمن مرافقة السلطات العمومية للمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم حتى تقوم بالمهام الموكولة إليها كما يضمن تمتيعها بالوسائل الضرورية مع تمكين الأعضاء من منحة مجزية سيتم ضبط مقدارها وشروط إسنادها بمقتضى أمر.
وأشار الحمروني إلى أن مشروع القانون الأساسي تضمن جملة من الأحكام التي تهدف إلى تمكين أعضاء هذه المجالس من حضور اجتماعاتها والمشاركة في دورات تكوينية مع التنصيص على أن غيابهم من أجل حضور تلك الاجتماعات والدورات لا يمكن أن يمثل سببا للطرد أو لفسخ عقد الشغل كما لا تترتب عن الغيابات إجراءات تأديبية أو تعطيل لترقياتهم المهنية أو حرمانهم من امتيازاتهم الاجتماعية. وأكد أن الوظيفة التنفيذية ستبذل قصارى جهدها من أجل توفير الظروف الملائمة لتقوم هذه المجالس بمهامها.
وأضاف أنه بدخول القانون الجديد حيز النفاذ يتم إلغاء جميع الأحكام السابقة المخالفة له وخاصة منها القانون الأساسي عدد 11 لسنة 1989 المؤرخ في 4 فيفري 1989 المتعلق بالمجالس الجهوية. وذكر أن مشروع القانون نص على إحالة الممتلكات والمكاسب والمساهمات والاعتمادات المرصودة للمجلس الجهوي على معنى القانون الأساسي عدد 11 لسنة 1989 المؤرخ في 4 فيفري 1989 المتعلق بالمجالس الجهوية إلى الدولة وعلى أن توضع تحت تصرف الوالي.
التنمية العادلة
وبين فوزي غراب الكاتب العام لوزارة الاقتصاد والتخطيط أن مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم يندرج في إطار السياسة العامة للدولة ويهدف إلى تكريس المبادئ الدستورية المتعلقة بالتنمية العادلة والمنصفة بين الجهات والأفراد وتجسيم الدور الاجتماعي للدولة وضمان التوازن بين الجهات والأقاليم وتعزيز نجاعة السياسات العمومية وفاعليتها. وذكر أن الدور الموكول للمجالس في هذه المخططات يمكن من تحقيق استجابة أكبر للحاجيات الضرورية للمواطن والحد من الفوارق بين الجهات من خلال إعطاء صلاحيات لهذه المجالس في إطار التقسيم الترابي الجديد للبلاد ولاحظ أن أهم عنصر هو تحقيق التكامل والاندماج بين كل الوحدات الترابية للدولة التونسية. وبين أن تونس شرعت في اعتماد المخططات التنموية منذ ستينات القرن الماضي وأن أول مخطط تنموي كان بثلاث سنوات 1962-1964 ثم تم وضع مخطط رباعي 1965-1968 فمخططات خماسية إلى غاية 2011 وبين أنه في سنة 2011 كان هناك غياب إطار مرجعي للتخطيط على المدى المتوسط وتم الاتجاه إلى اعتماد مقاربة تشاركية في إعداد ميزانية التنمية على المدى القصير في إطار ميزانية الدولة، وبداية من 2015 تم الشروع في إعداد المخطط الخماسي 2016-2020 وتمت المصادقة عليه في أفريل 2017. وفسر غراب أن المخطط التنموي يضبط الأولويات الوطنية لفترة خمس سنوات على المستوى القطاعي والمستوى المحلي والجهوي والإقليمي بالإضافة إلى الإصلاحات المزمع القيام بها خلال نفس الفترة. وذكر أن الهياكل الوطنية والإقليمية والجهوية والمحلية تتولى المساهمة في مختلف مراحل إعداد مخططات التنمية وذلك عبر تقييم الإنجازات والتحليل الموضوعي للإشكاليات التنموية وتقديم التصورات والمقترحات والخيارات الكفيلة بتحقيق الأهداف التنموية. وتستند عملية إعداد المخطط حسب قوله على عدة وثائق من أهمها التوجهات الوطنية الكبرى، والدراسات، والمناشير والدليل القطاعي والجهوي. وبين أن التوجهات الوطنية الكبرى توضح الأهداف الوطنية المتعلقة بتنمية رأس المال البشري وبالعدالة الاجتماعية وبالتنمية الجهوية العادلة والتهيئة الترابية الدامجة والاقتصاد التنافسي المتنوع والداعم للمبادرة الخاصة. وفسر أن الوثائق المرجعية لإعداد المخطط تتمثل في الإطار العام الذي يتنزل فيه إعداد المخطط، ومنهجية إعداد المخطط ومراحل ورزنامة إعداد المخطط وضبط الأطراف المتدخلة في عملية الإعداد والعلاقة فيما بينها.
مسارات إعداد المخطط
وقدم ممثل وزارة الاقتصاد والتخطيط لنواب الشعب معطيات حول مسار إعداد المخطط على المستوى القطاعي وبين في هذا الصدد أنه يتم إعداد التقارير القطاعية حسب التبويب الوارد بالدليل القطاعي من حيث التقييم الكمي والنوعي: أي تقييم أداء القطاع وتطور المؤشرات وتقدم انجاز المشاريع والبرامج وتبويبها حسب الصنف سواء كانت وطنية أو جهوية وتحديد درجة نضجها وإبراز الإشكاليات الهيكلية والظرفية المطروحة، كما يتم ضبط الآفاق والإستراتيجيات من خلال استغلال الدراسات المنجزة وإعداد سيناريوهات وضبط المشاريع المقترحة وتحديد الإجراءات المصاحبة. وقدم غراب في مداخلته معطيات حول مسار إعداد المخطط على المستوى المحلي والجهوي والإقليمي وبين أنه يتم وضع مشاريع مخططات التنمية باعتماد آلية التصعيد التدريجي من مجلس إلى آخر. وتتداول المجالس المحلية في مقترحات المشاريع وبرامج التنمية المحلية وتعدّ تقارير في شأنها وتحيلها إلى المجلس الجهوي التابع لمجالها الترابي، وأضاف أنه يمكن تعديل الأولويات ومقترحات البرامج والمشاريع الخاصة بمخططات التنمية المحلية في إطار المجالس الجهوية وتلك الخاصة بمخططات التنمية الجهوية في إطار مجالس الأقاليم بهدف تحقيق متطلبات الاندماج والتكامل الاقتصادي والاجتماعي الشامل والعادل.
وفسر أنه على مستوى المجلس المحلي يتم التداول في المخطط المحلّي وذلك بدراسة الأولويات وضمان تناسق مضمونها مع التوجهات الإستراتيجية للدولة وتصويب مقترحات المشاريع وفق مبادئ النجاعة والفاعلية والأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي. ويتم الإعداد الفّني للمخطط المحلّي في إطار لجان المجلس ويتم صياغة التقرير التأليفي للمخطط صلب لجنة المخططات المنبثقة عن المجلس ثم تقع المصادقة على مشروع المخطط المحلّي من قبل أعضاء المجلس المحلّي وإحالته للمجلس الجهوي وأضاف أن دور وزارة الاقتصاد والتخطيط في هذا المستوى يتمثل في توفير الدليل الإجرائي للتخطيط التنموي، وتنشيط أشغال اللجان، والمرافقة الفنية لأعمال التخطيط من حيث التشخيص وضبط الاحتياجات وتبويب الأولويات، ووضع على ذمة الأعضاء الدراسات والإحصائيات المتاحة. أما بالنسبة إلى مسار إعداد المخطط على المستوى الجهوي فأوضح غراب أن المجلس الجهوي يتولى التداول في المخططات المحلية الراجعة بالنظر للجهة ويعمل على تأمين التناسق والتكامل بين المخططات المحلية وتناغمها مع رؤية الجهة وأولوياتها والأولويات الوطنية بما في ذلك تدقيق قائمة المشاريع المقترحة ومراجعتها إن اقتضى الأمر ذلك. ويقوم المجلس الجهوي بعقد جلسات مع المصالح الفنية المختصة لدراسة محتوى المخطط الجهوي ويعمل على إعداد المخطط الجهوي للتنمية عبر تشخيص واقع الجهة، وضبط الأولويات التنموية، وتقديم مقترحات الإصلاحات والبرامج والمشاريع ذات الطابع الجهوي، ويتم الإعداد الفّني للمخطط الجهوي في إطار لجان المجلس وتتم صياغة التقرير التأليفي للمخطط صلب لجنة المخططات المنبثقة عن المجلس وتقع المصادقة على مشروع المخطط الجهوي من قبل أعضاء المجلس الجهوي وإحالته إلى مجلس الإقليم. ويتمثل دور وزارة الاقتصاد والتخطيط في هذا المستوى في توفير الدليل الإجرائي للتخطيط التنموي، وتنشيط أشغال اللجان، والمرافقة الفنية لأعمال التخطيط من حيث التشخيص وضبط الاحتياجات وتبويب الأولويات، ووضع الإحصائيات والدراسات على ذمة أعضاء المجلس الجهوي. وفي علاقة بمسار إعداد المخطط على مستوى الإقليم بين غراب أن مجلس الإقليم يتولى التداول في المخططات الجهوية الراجعة بالنظر للإقليم مع تأمين التناسق والتكامل بين المخططات الجهوية وتناغمها مع رؤية الإقليم وأولوياته والأولويات الوطنية بما في ذلك تدقيق قائمة المشاريع المقترحة ومراجعتها إن اقتضى الأمر ذلك ويقم بعقد جلسات مع المصالح الفنية المختصة لدراسة محتوى المخطط الإقليمي وإعداد المخطط الإقليمي للتنمية بناء على تشخيص إقليمي، وضبط الأولويات التنموية، وبناء على مقترحات الإصلاحات والبرامج والمشاريع ذات الطابع الإقليمي ثم يتم الإعداد الفّني للمخطط الإقليمي في إطار لجان المجلس وتتم صياغة التقرير التأليفي للمخطط صلب لجنة المخططات المنبثقة عن المجلس وفي نهاية الأمر تتم المصادقة على مشروع المخطط الإقليمي من قبل أعضاء مجلس الإقليم وإحالته إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط وذكر أن دور الوزارة يتمثل في هذا المستوى في توفير الدليل الإجرائي للتخطيط التنموي، وتنشيط أشغال اللجان، والمرافقة الفنية لأعمال التخطيط التي يقوم بها مجلس الإقليم. وخلص ممثل وزارة الاقتصاد والتخطيط إلى أن المسؤول عن إعداد مشروع المخطط التنموي على المستوى الوطني هي وزارة الاقتصاد والتخطيط فهي التي تقوم بتقييم إنجازات الفترة 2021-2025 وضبط التوازنات العامة والإصلاحات الكبرى وضبط السياسات القطاعية والبرامج وقائمة المشاريع ومؤشرات قيس الأداء وتحديد المحاور الإستراتيجية والأولويات والأهداف الوطنية للفترة 2026- 2030، وأضاف أنه بعد الانتهاء من إعداد المشروع المتعلق بالمخطط التنموي يتم التداول فيه من قبل مجلس الوزراء وبعد المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء تتم إحالته إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم ومجلس نواب الشعب وتتم المصادقة عليه من قبل الغرفتين النيابيتين.
سعيدة بوهلال
نظمت الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب أمس بقصر باردو يوما دراسيا حول مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالمجالس المحلّية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وهو مشروع اقترحته رئاسة الجمهورية وأحاله مكتب المجلس إلى لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية، مع طلب استعجال النظر فيه..
وخلال النقاش استفسر بعض النواب عن سبب تأخر الوظيفة التنفيذية في إحالة هذا المشروع إلى المجلس النيابي، وبينوا أنه تم تنظيم الانتخابات المحلية منذ أكثر من سنة ولكن مازال أعضاء المجالس المحلية إلى اليوم لا يعرفون مهامهم، وليست لديهم دراية بصلاحيات مجالسهم وبعلاقاتها ببقية المجالس، ونفس الشيء بالنسبة إلى أعضاء المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم. ووصف أحدهم مشروع القانون بالمبهم لأنه لم يوضح الرؤية أمام أعضاء هذه المجالس ولم يجب عن أسئلتهم الحارقة.
وطالب العديد من النواب بالتريث في دراسة مشروع القانون رافضين طلب استعجال النظر فيه، وأشاروا إلى ضرورة الحرص كل الحرص على سن قانون من شأنه أن يساهم بصفة فعلية في إنجاح المسار القائم على البناء القاعدي، ودعوا إلى منح صلاحيات أوسع لأعضاء المجالس المحلية والجهوية والإقليمية مع تمكين هذه المجالس من الوسائل الضرورية لكي تقوم بمهامها باستقلالية، وهناك من اقترح توفير مقرات خاصة بها تكون مستقلة عن المعتمديات والولايات، في حين اعترض بعضهم على منح المجالس المحلية صفة الجماعة المحلية على اعتبار أن الدستور لم يمنحها هذه الصفة خلافا للمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم.
وأشار عدد من النواب إلى أهمية تحقيق التناغم المطلوب بين مختلف الجماعات المحلية من جهة ومن جهة أخرى بينها وبين السلطات المحلية والجهوية والمركزية، وهناك من طالب بوضع حد للصراعات القائمة حاليا بين بعض المجالس المحلية والمعتمدين وإنهاء حالة العبث بمؤسسات الدولة، وهناك من النواب من استغرب من مقاطعة أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أشغال اليوم الدراسي رغم أن مجلس نواب الشعب وجه دعوة رسمية لمجلسهم لحضوره وتساءلوا عن مصير مجلة الجماعات المحلية وإن كان سيتم سن مجلة جديدة.
مقترحات تعديل
وقدم ممثلو مجالس الأقاليم خلال هذا الملتقى، ثلاثة مقترحات تعديل لمشروع القانون تعلقت بمنح حصانة جزئية لأعضاء المجالس في إطار ممارستهم لمهامهم، وإسناد المنح بمفعول رجعي، وإقرار مبدأ التفرغ خاصة بالنسبة لأعضاء مجالس الأقاليم. ويهدف مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلّية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم الذي تم نقاشه خلال اليوم الدراسي حسب ما جاء في وثيقة شرح الأسباب إلى ضبط صلاحيات جميع هذه المجالس وذلك في إطار تطبيق مقتضيات الدستور المتعلقة بالجماعات المحلية، حيث نص دستور 2022 في الفصل 133 على أن تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح المحلية والجهوية حسب ما يضبطه القانون. ونص الفصل 75 من الدستور على أن تتخذ شكل قانون أساسي المسائل المتعلقة بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمكن أن تتمتع بصفة الجماعة المحلية. وتم في إطار مشروع القانون الإطار منح المجالس المحلية صفة الجماعة المحلية مع التذكير بتمتيع المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم بصفة الجماعة المحلية بمقتضى نص الدستور. ويتمثل الهدف الأساسي من عمل المجالس المنصوص عليها بمشروع القانون في تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي وذلك بدمج مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع وتمكينها من إعداد التصورات والمقترحات والتداول بشأنها على أن ينطلق ذلك من المجلس المحلي ويمر إلى المجلس الجهوي ثم إلى مجلس الإقليم وبعدها يقع التأليف بين مختلف التصورات والمقترحات لينتهي المسار بعرضها على المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي يقرر ما يراه مناسبا بشأنها من خلال المصادقة على مشروع المخطط التنموي بمعية مجلس نواب الشعب وبالتالي يقتصر دور المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم على التداول أما سلطة القرار فهي بيد المجلس الوطني للجهات والأقاليم المنبثق عن تلك المجالس عن طريق التصعيد التدريجي من مجلس إلى آخر.
ولتحقيق المعادلة بين تمكين الجهات المهمشة في مستوى المحليات من المشاركة في اتخاذ القرار وبين المحافظة على وحدة الدولة، ولتمكين المجالس المذكورة من حسن أداء مهامها، نص مشروع القانون على واجب محمول على السلطات العمومية في مرافقة المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في أداء مهامها وتوفير الوسائل الضرورية للقيام بتلك المهام، وفي هذا الإطار تم التنصيص على أن يكون مقر المعتمدية مقرا للمجلس المحلي ومقر الولاية مقرا للمجلس الجهوي ولمجلس الإقليم، وعلى ضرورة أن تعقد المجالس وجوبا دورة كل شهر على الأقل مع تمكين الأعضاء المنتخبين من منحة شهرية سيتم ضبط مقدارها وشروط إسنادها بمقتضى أمر. كما نص المشروع على أحكام لفائدة أعضاء هذه المجالس قصد تسهيل حضورهم في اجتماعات مجالسهم والمشاركة في دورات تكوينية، إذ تم التنصيص فيه على أنه من واجب المؤجرين تمكينهم من تسهيلات في الغرض وأنه لا يمكن أن يكون تغيب الأعوان والأجراء لحضور جلسات أو دورات تكوينية سببا في الطرد أو في فسخ عقد الشغل، ولا يمكن أن ينجر عن الغيابات لحضور جلسات أو دورات أي إجراء تأديبي أو تعطيل ترقية مهنية أو الحرمان من الانتفاع بأي امتياز جماعي.
الحد من الفوارق بين الجهات
وقبل نقاش مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة إلى أن الدستور نص على أن الوظيفة التشريعية تتكون من مجلسين وهما مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبين أنه تم تحديد صلاحيات مجلس نواب الشعب بالدستور وهي صلاحيات تشريعية ورقابية إلى جانب الدبلوماسية البرلمانية، أما بالنسبة للمجلس الوطني للجهات والأقاليم فهو غرفة محدثة وهناك فلسفة كاملة من وراء إحداثها وهي فلسفة ترمي إلى أن تذليل الفوارق بين الجهات وذلك بتشريك مختلف جهات البلاد في اتخاذ القرار.
وأضاف أن دور المجالس المحلية والجهوية والإقليمية يتمثل في إعداد التصورات حول مخططات التنمية التي تقدمها الحكومة، وتتم بلورة المقترحات التي تقدمها هذه المجالس في الصيغة النهائية للمخطط. وبين أن المخطط التنموي لفترة 2026ـ 2030 ستساهم في إعداده المجالس المحلية فالمجالس الجهوية فمجالس الأقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، كما أوضح بودربالة أنه لابد اليوم من وضع قانون إطاري للمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، وذكر أن دستور 2022 أكد على ضرورة تحقيق التوازن بين مختلف الجهات وفي هذا الإطار تبلورت فكرة بعث المجالس المحلية فالمجالس الجهوية فمجالس الأقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم وبين أنه سيكون للمجلس الوطني للجهات والأقاليم دور كبير في بلورة مخططات التنمية وتحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، وتفاعلا مع استفسارات النواب أكد رئيس المجلس أنه سيتم وضع مجلة جماعات محلية، ولاحظ وجود اختلاف كبير بين دور المجالس المحلية والبلديات. وأضاف أن مصلحة البلاد تقتضي العمل الصادق من قبل جميع مؤسسات الدولة، وخلص بودربالة إلى أن المتغيرات الإقليمية والدولية تحتم على الجميع الحذر والوعي بالهجمة التي تتعرض لها تونس من كل حدب وصوب لأنها متمسكة بسيادتها الوطنية وقال:»نحن مستعدون للتضحية بالغالي والنفيس من أجل الحفاظ على السيادة الوطنية».
وفسر ياسر القوراري رئيس لجنة التشريع العام أنه توجد فلسفة جديدة كاملة تقوم على البناء القاعدي والتصعيد من المجالس المحلية فالمجالس الجهوية فمجالس الأقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وذكر أن تونس بعد 2011 عاشت فترة الانتقال الديمقراطي الذي أدى إلى بروز أكثر من 200 حزب ولكن المحطات السياسية تحولت إلى مناسبة لشراء الذمم لذلك كان لابد من تعديل البوصلة وفي هذا السياق فإن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم أرسى تمثيلية القرب وهو يهدف إلى تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية من خلال تشريك هذه المجالس التي تكون في تواصل مباشر مع المواطنين. وذكر أنه إضافة إلى ذلك فإن الإطار القانوني لهذه المجالس تم وضعه بمقتضى الدستور إذ نص الدستور على منحها صفة الجماعات المحلية، ونص على تنظيم هذه المجالس بقانون أساسي كما أن المرسوم عدد 10 لسنة 2022 نظم انتخابات المجالس المحلية والجهوية والإقليمية. وأضاف رئيس اللجنة أنه بعد تنظيم جلسات استماع إلى وزير الداخلية ووزيرة المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط والشروع في نقاش مشرع القانون قررت اللجنتان تنظيم يوم دراسي لإثراء الحوار حوله قبل المرور إلى التصويت عليه في جلسة عامة. ولاحظ أن الدور الرئيسي لهذه المجالس هو تقديم مقترحات المشاريع انطلاقا من المحلي فالجهوي فالإقليمي ليقع بعدها المصادقة على مشاريع المخططات التنموية من قبل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وفسر أن تحديد الخيارات يتم بالشراكة مع المواطنين من أجل تنمية شاملة وعادلة. وأضاف أنه كانت هناك نقاشات معمقة لمقترحات أعضاء المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم الواردة على اللجنتين في سبع مراسلات.
وقال يوسف طرشون مقرر لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية، إن نقاش مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم يمثل لحظة فارقة في تاريخ تونس لأنه جاء لاستكمال مسار التغيير النوعي في البلاد ولاسترجاع الثورة المهدورة والمغدورة. وبين أن الشعب هو الذي يقرر من خلال انتخاب أعضاء المجالس المحلية وذكر أن هذه المجالس ليست صورية بل تعبر عن تمثيلية حقيقية للشعب التونسي، وعبر طرشون عن فخره بهذا التغيير الثوري حسب وصفه. وقال إنه في ما مضى كانت هناك ولايات غير ممثلة في مجلس نواب الشعب لكن اليوم تغير الوضع بفعل اشتراط إقامة المترشح في الدائرة التي يترشح عنها وهو ما أدى إلى انتخاب مجالس ممثلة لكل الجهات. ويرى مقرر اللجنة أن مشروع القانون، نص ثوري إطاري ستترتب عنه نصوص أخرى. وأكد أنه بمناسبة النظر فيه تم الاستماع إلى هواجس أعضاء المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم، ولاحظ وجود خلط في أذاهن البعض بين المجالس المحلية والمجالس البلدية وأوضح أن من يتم انتخابه في البلدية لا يشارك في وضع المخطط التنموي.
وحدة الدولة
وبين عصام الحمروني الكاتب العام لوزارة الداخلية أن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، يتنزل في إطار الخيارات الوطنية التي عبر عنها دستور 2022 الذي يؤمن بأن الديمقراطية السياسية لا يمكن أن تتحقق إلاّ إذا كانت مشفوعة بديمقراطية اقتصادية واجتماعية.
واستعرض الحمروني في مداخلته أبرز مضامين هذا المشروع الذي يهدف إلى تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي لمختلف الجهات وذلك في إطار وحدة الدولة، وأشار إلى أن المشروع نص على منح هذه المجالس صفة الجماعات المحلية وهي تتمتّع بالشخصية القانونية والاستقلالية المالية والإدارية وتٌحمل نفقات تسييرها على ميزانية الدولة. وأضاف ممثل وزارة الداخلية أن المشروع يضمن مرافقة السلطات العمومية للمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم حتى تقوم بالمهام الموكولة إليها كما يضمن تمتيعها بالوسائل الضرورية مع تمكين الأعضاء من منحة مجزية سيتم ضبط مقدارها وشروط إسنادها بمقتضى أمر.
وأشار الحمروني إلى أن مشروع القانون الأساسي تضمن جملة من الأحكام التي تهدف إلى تمكين أعضاء هذه المجالس من حضور اجتماعاتها والمشاركة في دورات تكوينية مع التنصيص على أن غيابهم من أجل حضور تلك الاجتماعات والدورات لا يمكن أن يمثل سببا للطرد أو لفسخ عقد الشغل كما لا تترتب عن الغيابات إجراءات تأديبية أو تعطيل لترقياتهم المهنية أو حرمانهم من امتيازاتهم الاجتماعية. وأكد أن الوظيفة التنفيذية ستبذل قصارى جهدها من أجل توفير الظروف الملائمة لتقوم هذه المجالس بمهامها.
وأضاف أنه بدخول القانون الجديد حيز النفاذ يتم إلغاء جميع الأحكام السابقة المخالفة له وخاصة منها القانون الأساسي عدد 11 لسنة 1989 المؤرخ في 4 فيفري 1989 المتعلق بالمجالس الجهوية. وذكر أن مشروع القانون نص على إحالة الممتلكات والمكاسب والمساهمات والاعتمادات المرصودة للمجلس الجهوي على معنى القانون الأساسي عدد 11 لسنة 1989 المؤرخ في 4 فيفري 1989 المتعلق بالمجالس الجهوية إلى الدولة وعلى أن توضع تحت تصرف الوالي.
التنمية العادلة
وبين فوزي غراب الكاتب العام لوزارة الاقتصاد والتخطيط أن مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم يندرج في إطار السياسة العامة للدولة ويهدف إلى تكريس المبادئ الدستورية المتعلقة بالتنمية العادلة والمنصفة بين الجهات والأفراد وتجسيم الدور الاجتماعي للدولة وضمان التوازن بين الجهات والأقاليم وتعزيز نجاعة السياسات العمومية وفاعليتها. وذكر أن الدور الموكول للمجالس في هذه المخططات يمكن من تحقيق استجابة أكبر للحاجيات الضرورية للمواطن والحد من الفوارق بين الجهات من خلال إعطاء صلاحيات لهذه المجالس في إطار التقسيم الترابي الجديد للبلاد ولاحظ أن أهم عنصر هو تحقيق التكامل والاندماج بين كل الوحدات الترابية للدولة التونسية. وبين أن تونس شرعت في اعتماد المخططات التنموية منذ ستينات القرن الماضي وأن أول مخطط تنموي كان بثلاث سنوات 1962-1964 ثم تم وضع مخطط رباعي 1965-1968 فمخططات خماسية إلى غاية 2011 وبين أنه في سنة 2011 كان هناك غياب إطار مرجعي للتخطيط على المدى المتوسط وتم الاتجاه إلى اعتماد مقاربة تشاركية في إعداد ميزانية التنمية على المدى القصير في إطار ميزانية الدولة، وبداية من 2015 تم الشروع في إعداد المخطط الخماسي 2016-2020 وتمت المصادقة عليه في أفريل 2017. وفسر غراب أن المخطط التنموي يضبط الأولويات الوطنية لفترة خمس سنوات على المستوى القطاعي والمستوى المحلي والجهوي والإقليمي بالإضافة إلى الإصلاحات المزمع القيام بها خلال نفس الفترة. وذكر أن الهياكل الوطنية والإقليمية والجهوية والمحلية تتولى المساهمة في مختلف مراحل إعداد مخططات التنمية وذلك عبر تقييم الإنجازات والتحليل الموضوعي للإشكاليات التنموية وتقديم التصورات والمقترحات والخيارات الكفيلة بتحقيق الأهداف التنموية. وتستند عملية إعداد المخطط حسب قوله على عدة وثائق من أهمها التوجهات الوطنية الكبرى، والدراسات، والمناشير والدليل القطاعي والجهوي. وبين أن التوجهات الوطنية الكبرى توضح الأهداف الوطنية المتعلقة بتنمية رأس المال البشري وبالعدالة الاجتماعية وبالتنمية الجهوية العادلة والتهيئة الترابية الدامجة والاقتصاد التنافسي المتنوع والداعم للمبادرة الخاصة. وفسر أن الوثائق المرجعية لإعداد المخطط تتمثل في الإطار العام الذي يتنزل فيه إعداد المخطط، ومنهجية إعداد المخطط ومراحل ورزنامة إعداد المخطط وضبط الأطراف المتدخلة في عملية الإعداد والعلاقة فيما بينها.
مسارات إعداد المخطط
وقدم ممثل وزارة الاقتصاد والتخطيط لنواب الشعب معطيات حول مسار إعداد المخطط على المستوى القطاعي وبين في هذا الصدد أنه يتم إعداد التقارير القطاعية حسب التبويب الوارد بالدليل القطاعي من حيث التقييم الكمي والنوعي: أي تقييم أداء القطاع وتطور المؤشرات وتقدم انجاز المشاريع والبرامج وتبويبها حسب الصنف سواء كانت وطنية أو جهوية وتحديد درجة نضجها وإبراز الإشكاليات الهيكلية والظرفية المطروحة، كما يتم ضبط الآفاق والإستراتيجيات من خلال استغلال الدراسات المنجزة وإعداد سيناريوهات وضبط المشاريع المقترحة وتحديد الإجراءات المصاحبة. وقدم غراب في مداخلته معطيات حول مسار إعداد المخطط على المستوى المحلي والجهوي والإقليمي وبين أنه يتم وضع مشاريع مخططات التنمية باعتماد آلية التصعيد التدريجي من مجلس إلى آخر. وتتداول المجالس المحلية في مقترحات المشاريع وبرامج التنمية المحلية وتعدّ تقارير في شأنها وتحيلها إلى المجلس الجهوي التابع لمجالها الترابي، وأضاف أنه يمكن تعديل الأولويات ومقترحات البرامج والمشاريع الخاصة بمخططات التنمية المحلية في إطار المجالس الجهوية وتلك الخاصة بمخططات التنمية الجهوية في إطار مجالس الأقاليم بهدف تحقيق متطلبات الاندماج والتكامل الاقتصادي والاجتماعي الشامل والعادل.
وفسر أنه على مستوى المجلس المحلي يتم التداول في المخطط المحلّي وذلك بدراسة الأولويات وضمان تناسق مضمونها مع التوجهات الإستراتيجية للدولة وتصويب مقترحات المشاريع وفق مبادئ النجاعة والفاعلية والأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي. ويتم الإعداد الفّني للمخطط المحلّي في إطار لجان المجلس ويتم صياغة التقرير التأليفي للمخطط صلب لجنة المخططات المنبثقة عن المجلس ثم تقع المصادقة على مشروع المخطط المحلّي من قبل أعضاء المجلس المحلّي وإحالته للمجلس الجهوي وأضاف أن دور وزارة الاقتصاد والتخطيط في هذا المستوى يتمثل في توفير الدليل الإجرائي للتخطيط التنموي، وتنشيط أشغال اللجان، والمرافقة الفنية لأعمال التخطيط من حيث التشخيص وضبط الاحتياجات وتبويب الأولويات، ووضع على ذمة الأعضاء الدراسات والإحصائيات المتاحة. أما بالنسبة إلى مسار إعداد المخطط على المستوى الجهوي فأوضح غراب أن المجلس الجهوي يتولى التداول في المخططات المحلية الراجعة بالنظر للجهة ويعمل على تأمين التناسق والتكامل بين المخططات المحلية وتناغمها مع رؤية الجهة وأولوياتها والأولويات الوطنية بما في ذلك تدقيق قائمة المشاريع المقترحة ومراجعتها إن اقتضى الأمر ذلك. ويقوم المجلس الجهوي بعقد جلسات مع المصالح الفنية المختصة لدراسة محتوى المخطط الجهوي ويعمل على إعداد المخطط الجهوي للتنمية عبر تشخيص واقع الجهة، وضبط الأولويات التنموية، وتقديم مقترحات الإصلاحات والبرامج والمشاريع ذات الطابع الجهوي، ويتم الإعداد الفّني للمخطط الجهوي في إطار لجان المجلس وتتم صياغة التقرير التأليفي للمخطط صلب لجنة المخططات المنبثقة عن المجلس وتقع المصادقة على مشروع المخطط الجهوي من قبل أعضاء المجلس الجهوي وإحالته إلى مجلس الإقليم. ويتمثل دور وزارة الاقتصاد والتخطيط في هذا المستوى في توفير الدليل الإجرائي للتخطيط التنموي، وتنشيط أشغال اللجان، والمرافقة الفنية لأعمال التخطيط من حيث التشخيص وضبط الاحتياجات وتبويب الأولويات، ووضع الإحصائيات والدراسات على ذمة أعضاء المجلس الجهوي. وفي علاقة بمسار إعداد المخطط على مستوى الإقليم بين غراب أن مجلس الإقليم يتولى التداول في المخططات الجهوية الراجعة بالنظر للإقليم مع تأمين التناسق والتكامل بين المخططات الجهوية وتناغمها مع رؤية الإقليم وأولوياته والأولويات الوطنية بما في ذلك تدقيق قائمة المشاريع المقترحة ومراجعتها إن اقتضى الأمر ذلك ويقم بعقد جلسات مع المصالح الفنية المختصة لدراسة محتوى المخطط الإقليمي وإعداد المخطط الإقليمي للتنمية بناء على تشخيص إقليمي، وضبط الأولويات التنموية، وبناء على مقترحات الإصلاحات والبرامج والمشاريع ذات الطابع الإقليمي ثم يتم الإعداد الفّني للمخطط الإقليمي في إطار لجان المجلس وتتم صياغة التقرير التأليفي للمخطط صلب لجنة المخططات المنبثقة عن المجلس وفي نهاية الأمر تتم المصادقة على مشروع المخطط الإقليمي من قبل أعضاء مجلس الإقليم وإحالته إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط وذكر أن دور الوزارة يتمثل في هذا المستوى في توفير الدليل الإجرائي للتخطيط التنموي، وتنشيط أشغال اللجان، والمرافقة الفنية لأعمال التخطيط التي يقوم بها مجلس الإقليم. وخلص ممثل وزارة الاقتصاد والتخطيط إلى أن المسؤول عن إعداد مشروع المخطط التنموي على المستوى الوطني هي وزارة الاقتصاد والتخطيط فهي التي تقوم بتقييم إنجازات الفترة 2021-2025 وضبط التوازنات العامة والإصلاحات الكبرى وضبط السياسات القطاعية والبرامج وقائمة المشاريع ومؤشرات قيس الأداء وتحديد المحاور الإستراتيجية والأولويات والأهداف الوطنية للفترة 2026- 2030، وأضاف أنه بعد الانتهاء من إعداد المشروع المتعلق بالمخطط التنموي يتم التداول فيه من قبل مجلس الوزراء وبعد المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء تتم إحالته إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم ومجلس نواب الشعب وتتم المصادقة عليه من قبل الغرفتين النيابيتين.