¶ وزير التشغيل والتكوين المهني: سيتم منح الشركات الأهلية الأولوية في استغلال الأراضي الدولية الفلاحية
طالب أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلسة عامة انعقدت بباردو للحوار مع رياض شوّد وزير التشغيل والتكوين المهني حول دور الشركات الأهلية ومنظومة التكوين المهني في دفع التنمية والتشغيل، بالقطع مع جميع أشكال المناولة وآليات التشغيل الهش والعقود الوهمية من قبيل عقد الكرامة، وأطلقوا صيحة فزع بسبب استفحال البطالة في صفوف الشباب وأصحاب الشهائد العليا والدكاترة، واقترحوا تنظيم استشارة وطنية حول التشغيل والتكوين، ودعوا إلى إحداث اختصاصات تكوينية جديدة وعصرية تراعي حاجيات مختلف الجهات والقطاعات وتأخذ بعين الاعتبار متطلبات سوق الشغل ومتغيراته على الصعيد المحلي والجهوي والوطني والدولي.
وتحدث جل النواب عن النقائص التي عاينوها بمراكز التكوين المهني بجهاتهم وطالبوا بدعمها بالمعدات اللازمة والموارد البشرية المختصة وهناك من اقترح بعث صندوق خاص بتطوير مراكز التكوين المهني، في حين يرى آخرون أنه لا بد من ملاءمة برامج المرافقة والتدريب المهني والتأهيل والرسكلة مع حاجيات المعطلين عن العمل، وشدد العديد منهم على ضرورة وضع حد نهائي للحلول الترقيعية التي لم تساهم سوى في مزيد استفحال أزمة البطالة في تونس.
كما تطرق أعضاء الغرفة النيابية الثانية إلى المشاكل الكبيرة التي تواجه باعثي الشركات الأهلية وأوصوا بتركيز شباك موحد لفائدتهم لتيسير الإجراءات أمامهم ودعم فرص نفاذهم إلى مصادر التمويل وضمان حسن الاستفادة من الحوافز التي وفرتها الدولة لهذا الصنف الجديد من المؤسسات، وطالب العديد منهم بمراجعة شروط إحداث الشركات الأهلية خاصة الشرط المتعلق بالعدد المطلوب من الأشخاص الطبيعيين لتكوين الشركة والشرط المتصل برأس المال.
النائب بلقاسم اليعقوبي قال إن المرسوم المتعلق بالشركات الأهلية يعرّف هذه الشركات على أنها تهدف إلى تحقيق التنمية الجهوية خاصة في المعتمديات وفقا للإرادة الجماعية للأهالي وتماشيا مع حاجيات مناطقهم وخصوصياتها ويكون دافع تأسيسها تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات، وأشار إلى أن نفس المرسوم نص على أن هذه الشركات تتكون من أشخاص طبيعيين لا يقل عددهم عن 50 شخصا وعلى أنه لا يمكن أن يقل رأس مال الشركة الأهلية المحلية عن عشرة آلاف دينار والشركة الأهلية جهوية عن عشرين ألف دينار. ولاحظ النائب أن تونس دخلت مثل عدة بلدان أخرى في سباق مع الزمن من أجل بعث هذه الشركات لكن رغم التشجيعات التي وفرتها الدولة فإن باعثي هذه الشركات يواجهون صعوبات مردها شروط الإحداث المنصوص عليها بالمرسوم عدد 15 لسنة 2022 المؤرّخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالشركات الأهلية وكذلك نقص التمويل. وقال إنه لا بد من تكثيف بعث هذه المشاريع في الجهات وتأمين دورات تكوينية للتعريف بخصائصها.
تكوين المجالس المحلية
واقترح النائب هيثم صفر على وزارة التشغيل والتكوين المهني، تكوين أعضاء المجالس المحلية في كيفية بعد الشركات الأهلية لأنهم قادرون على إيصال المعلومات الصحيحة للمواطن، لا أن يتم التكوين من قبل أشخاص ليست لهم دراية بهذا المجال. وأضاف أنه يجب مراجعة السياسة التكوينية في اتجاه تحفيز الشباب على الإقبال على التكوين الفلاحي. وتقدم صفر بعدة مطالب لفائدة جهة المهدية منها إصلاح مركز التكوين المهني بالرجيش وإحداث مكتب تشغيل بالسواسي وتهيئة مركز التكوين والتدريب في الجلود والأحذية بالجم وإحداث مركز تكوين مهني بقصور الساف. كما دعا إلى رفع الإخلالات الموجودة بمركز التكوين المهني في الصيد البحري بالمهدية وفتح تحقيق في شأنها ومعاقبة المسؤول عنها.
وتساءلت النائبة سامية السويسي متى ستجد الحكومة الحلول للشباب العاطل عن العمل وأين مآل القروض التي تحصلت عليها تونس لدعم التكوين والتشغيل. وأضافت أن وزارة التشغيل والتكوين المهني أصبحت وزارة الكفاءات العاطلة عن العمل فالشباب حسب قولها في المقاهي ومهدد بالمخدرات وهناك من يقتات من المزابل، وطالبت السويسي الحكومة باتخاذ قرارات جريئة لفائدة العاطلين عن العمل وأضافت أن الشركات الأهلية تعاني العديد من المشاكل ومنها شركة تم بعثها في بئر الحفي.
غياب الرؤية
النائب جلال القروي قال إن منظومة التكوين المهني تعاني من غياب رؤية واضحة لدورها وآفاقها، وعبّر عن أسفه الشديد لأن هذه المنظومة مازالت قائمة على تصورات قديمة دون أي تقييم جاد أو تجديد لمقارباتها البيداغوجية حيث تواصل الاعتماد على نفس أنماط التكوين دون مراعاة متطلبات سوق الشغل الحديثة. وأضاف أن المراكز العمومية للتكوين المهني البالغ عددها 136 مركزا تعاني من النقائص ومنها ما هو خارج نطاق الفاعلية على غرار مراكز تكوين الفتاة الريفية ومراكز التكوين في الصناعات التقليدية التي تتخبط في المشاكل ومازال مصيرها مجهولا. كما لاحظ القروي أن التجهيزات الموجودة في مراكز التكوين المهني قديمة أما برامج التكوين فهي حسب رأيه لا تعكس حاجيات سوق الشغل فضلا عن ضعف رسكلة الإطار البيداغوجي. وذكر أنه سبق أن تمت برمجة مشاريع لإعادة هيكلة مراكز التكوين المهني وتم الحصول على قرض لتمويلها لكن نسبة الانجاز تكاد تكون منعدمة. وتساءل النائب عن سبب غياب آليات متابعة واضحة تضمن حسن تنفيذ مشاريع النهوض بالتكوين المهني. ويرى أن التكوين المهني ليس مجرد منظومة لاستقطاب المنقطعين عن الدراسة بل يجب أن يساهم في إيجاد فرص حقيقية للشباب ويجب وضع برنامج شامل لإصلاح هذا القطاع حتى لا يبقى الشباب التونسي رهين منظومة تكوينية غير قادرة على مواكبة تحديات العصر.
ودعت النائبة هدى الجلاصي بدورها إلى مراجعة شروط بعث الشركات الأهلية ووصفت شرط 50 شخصا لإنشاء شركة أهلية وبالتعجيزي وطالبت بإعادة التفكير في الشرط المتصل برأس المال المطلوب لإنشاء شركة أهلية لأن هذا المشروع عندما وضعه رئيس الجمهورية كان هدفه تحقيق التنمية الجهوية. وأضافت أنه يجب مزيد الاهتمام بالتكوين المهني.
وفي علاقة بقطاع التكوين المهني قالت النائبة زكية المعروفي إن هذا القطاع هو مستقبل تونس وتساءلت عن عقود العمل في الخارج ونبهت إلى مخاطر العقود الوهمية التي كان ضحاياها عرضة للاتجار بالبشر. وبينت أن هناك مراكز خاصة تبيع الوهم للشباب. ودعت إلى توفير متكونين في الاختصاصات التي يتطلبها مشروع قنطرة بنزرت وعبرت عن خشيتها من تراجع عدد المختصين في عدة مجالات منها البناء وتساءلت عن سبب التأخير في بعث مركز التكوين المهني في الطبخ بمنزل بورقيبة.
تشغيل ذوي الإعاقة
ويرى النائب علاء الغزواني أن الشباب العاطل عن العمل لديه الثقة في أنه سيحصل تغيير في البلاد لذلك لا بد من توفير البيئة المناسبة له لكي يبدع. وذكر أن برنامج الشركات الأهلية هو مثال جديد للاقتصاد التضامني قدمه رئيس الجمهورية لكن من يريدون بعث هذه الشركات يجدون صعوبات مردها بالأساس شروط إنشائها، وهو ما يتطلب إعادة النظر في الإطار القانوني المتعلق بالشركات الأهلية، مع تمكين الشباب من الاستفادة من الأراضي الدولية وتوفير التمويل اللازم لفائدته والقطع مع البيروقراطية. ولاحظ النائب أن التكوين المهني لا يتماشى مع متطلبات سوق الشعل المحلي والعالمي بل أصبح جسر عبور للبطالة، وتساءل إن كانت هناك برامج تكوينية جديدة، واستفسر عن الإجراءات المتخذة لدعم التنسيق بين مراكز التكوين المهني والقطاع الخاص وعن سبب عدم تطبيق القانون الذي ينص على انتداب نسبة 2 بالمائة من ذوي الإعاقة ولم يخف الغزواني استياءه من التمييز الموجود بين ذوي الإعاقة وغيرهم من المستفيدين من خطوط التمويل التي تضمنها قانون المالية لسنة 2025 مذكرا بأن الدستور نص على حماية ذوي الإعاقة من التمييز.
وأشار النائب فتحي معالي إلى أن الشركات الأهلية تهدف إلى تحقيق التنمية الجهوية خاصة في المعتمديات ويعد بعثها من الخيارات الاقتصادية الجديدة للبلاد، وقال إن جهة قبلي تحتوي على أرضية ملائمة لبعث شركات أهلية في الفلاحة والسياحة لكن الراغبين في بعث مثل هذه الشركات يواجهون صعوبات منها شركة تم تكوينها في مجالات تربية الماشية وإنتاج الأعلاف والحليب والأجبان والسمك العضوي وتجميع التمور وتصديره. وذكر أنه لا بد من معالجة الإشكاليات التي تواجه هذه الشركات وطالب ببعث مكتب تكوين مهني في الفوار لينتفع بخدماته شباب الفوار ورجيم معتوق.
ارتفاع البطالة
النائب سمير حسناوي بين أن جهة الكاف تعاني من ارتفاع نسبة البطالة وغياب فرص التشغيل ونقص مشاريع التنمية وضعف الاستثمار وهو ما أدى إلى تزايد نسق الهجرة الداخلية والخارجية. وطالب بتعزيز التشغيل والإدماج المهني، وذكر أن الكاف تزخر بإمكانيات كبيرة على المستوى الفلاحي لكن الشركات الأهلية تواجه صعوبات في الحصول على أراضي دولية وتعطيلات تحول دون استغلال الإمكانيات المتاحة في المناطق الغابية وطالب النائب بتسهيل إجراءات الحصول على تراخيص في الأنشطة الغابية والفلاحية ومراجعة مجلة الغابات، ولاحظ أنه رغم استكمال عدة شركات أهلية لإجراءات التأسيس فهي تجد صعوبات في النفاذ إلى التمويل.
وقال النائب جمال الماجري إن الشركات الأهلية نموذج جديد وضعه الرئيس قيس سعيد بمقتضى المرسوم الصادر سنة 2022 وأكد حرص نواب المجلس الوطني للجهات والأقاليم على إنجاح هذا المشروع وعبر في المقابل عن أسفه لأن أغلب الشركات الأهلية تواجه صعوبات خاصة منها الصعوبات العقارية، وطالب بدوره بمراجعة مجلة الغابات والترفيع في خط التمويل المسند لهذه الشركات ووضع برامج لتكوين المشاركين في بعثها الشركات وذكر أنه من غير المنطقي أن يتم التكوين بمقابل. كما نبه النائب وزير التشغيل والتكوين المهني إلى النقائص التي يعاني منها مركز التكوين المهني بباجة.
اقتصاد شعبي
رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي أشار خلال افتتاح أشغال الجلسة العامة الحوارية مع وزير التشغيل والتكوين المهني حول دور الشركات الأهلية ومنظومة التكوين المهني في دفع التنمية والتشغيل إلى أن تونس واجهت منذ عقود إشكاليات عميقة في سوق الشغل، وقد تفاقمت هذه المشاكل بسبب التفاوت التنموي بين الجهات، وغياب رؤية اقتصادية تضمن توزيعًا عادلًا للثروة وأدى اعتماد اقتصاد الريع إلى استنزاف مقدرات الوطن لصالح فئات ضيقة في حين بقيت الفئات الأخرى تعاني التهميش والبطالة وغياب الفرص الاقتصادية. وأضاف أنه أصبح من الضروري اليوم البحث عن نماذج اقتصادية بديلة تعيد التوازن إلى المشهد التنموي وتمنح الشباب فرصًا حقيقية للمساهمة في بناء الاقتصاد الوطني.
كما أكد الدربالي أنه في هذا السياق تبرز الشركات الأهلية كأحد الحلول التي يمكن أن تشكل رافعة اقتصادية فهي شركات قائمة على مبدأ التشاركية والمساهمة المجتمعية وتمثل نموذجًا جديدًا للتنمية يكون المواطن فيه شريكًا فعليًا في الإنتاج والاستثمار، وليس مجرد متلقٍ للقرارات أو باحث عن شغل في سوق غير مستقر. ويرى رئيس المجلس أن تشجيع هذه الشركات وتوفير الدعم القانوني والتمويلي لها سيمكن من الخروج من دائرة الاحتكار الاقتصادي إلى نموذج أكثر عدالة واستدامة. واستدرك رئيس المجلس قائلا إن نجاح هذا النموذج يتطلب مقاربة شاملة أساسها تطوير منظومة التكوين المهني بيتم توجيه الشباب نحو المهارات المطلوبة في سوق الشغل، مع التركيز على التخصصات التي تتماشى مع الإمكانيات المتوفرة والموارد المتاحة في كل جهة. وذكر أن تحقيق التكامل بين التكوين والتشغيل يستوجب إرساء شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، ليكون للقطاع الخاص دور أساسي في استيعاب الكفاءات الشابة وتأطيرها في إطار رؤية تنموية وطنية متكاملة.
وأضاف الدربالي أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يتحمل بالتعاون مع كل المجالس المحلية والجهوية والإقليمية مسؤولياته التاريخية في الإصلاح وإعادة رسم خارطة التنمية الاقتصادية بشكل يضمن الإنصاف وتكافؤ الفرص بين الجهات ويعيد بناء الثقة في صفوف الشباب التونسي الذي مازال ينتظر فرصا حقيقية للاندماج في سوق العمل وذكر أنه لا بد من إرادة قوية، وتعاونً وثيقً بين الجميع بهدف كسر القيود التي فرضتها منظومة الريع وفتح الباب أمام اقتصاد شعبي يضمن المشاركة لكل التونسيين في إنتاج الثروة.
منصة الشركات الأهلية
وتعقيبا على مداخلات النواب بين وزير التشغيل والتكوين المهني رياض شوّد أن الشركات الأهلية تقوم على فلسفة تعطي دورا فاعلا للمواطن في تحقيق التنمية وأضاف أنه لا رجوع عن هذا المشروع مهما كانت العوائق، وذكر أن البدايات صعبة لكن الإرادة أقوى من كل العراقيل.
وبخصوص مطلب تبسيط الإجراءات، ذكر الوزير أنه على مستوى الحكومة تم إحداث منصة رقمية لفائدة برنامج المبادر الذاتي وأضاف أنه سيتم تطوير منصة لإحداث الشركات الأهلية بما يساعد على تجاوز مشاكل البيروقراطية. وقال إنه بالنسبة إلى مشكل الأراضي الدولية الفلاحية فقد تم إقرار مشروع قانون يهدف إلى تنقيح قانون الأراضي الفلاحية وينص مقترح التعديل على إعطاء الأولوية للشركات الأهلية في استغلال الأراضي الدولية وأعلم النواب بأنه تم استرجاع 70 ألف هكتار من الأراضي الدولية الفلاحية وستمنح الأولوية في استغلالها للشركات الأهلية . أما بالنسبة إلى التمويل فليس هناك مشكل حسب قوله لأنه تم تأمين خط تمويل من ميزانية الدولة لفائدة الشركات الأهلية ونص قانون المالية لسنة 2024 على إمكانية إمضاء اتفاقيات مع بنوك عمومية وبنوك خاصة.
ولدى حديثه عن التكوين الموجه لباعثي الشركات الأهلية، قال الوزير انه تم تأمين تكوين لفائدتهم في التصرف المالي والإداري وإضافة إلى ذلك تم في إطار المدرسة الوطنية للإدارة تكوين عدد من إطارات الدولة حول إحداث الشركات الأهلية وأضاف أنه تم أيضا تكوين أعوان فضاءات المبادرة حول الشركات الأهلية وستتولى هذه الفضاءات تكوين المجالس المحلية في نفس المجال . وتطرق شود إلى منحة المرافقة لمساعدة الشركات الأهلية على تجاوز الصعوبات التي تعترضها، وأضاف أن هناك منح لفائدة باعثي هذه المؤسسات لمدة سنة غير قابلة للتجديد إضافة إلى وجود منحة تضامنية وهناك عقد أهداف سيتم إمضاؤه قريبا مع بنك التضامن.
منظومة مهترئة
تعقيبا على ملاحظات النواب حول قطاع التكوين المهني أشار الوزير إلى أنه لا بد فعلا من تجديد المنظومة لمواكبة العصر وأقر باهتراء هذه المنظومة على مستوى البنية التحتية والبرامج، وبين أنه تم إعداد مراجع تكوين جديدة وسيتم تكوين 850 مكونا لتطوير مؤهلاتهم. وأضاف أنه يوجد تنويع على مستوى التكوين المهني وهناك اليوم إضافة إلى الشهادات المعروفة، التكوين قصير المدى وهناك برنامج تكوين بمعية الجامعات المهنية في قطاعات السياحة والفندقة والنسيج والملابس والبلاستيك وتتولى الوزارة في إطاره تأمين التكوين طبقا للمواصفات المطلوبة مع تمكين المتكونين من منحة تتراوح بين 150 و200 دينار في الشهر. وقال إنه في إطار التكامل بين القطاع والخاص يمكن للمؤسسات الخاصة أن تطلب من الوزارة تأمين تكوين متخصص لفائدة أعوانها.
وأضاف أن الهدف من تنويع برامج التكوين هو تحسين نسبة إدماج رواد مراكز التكوين المهني فهي حاليا في حدود سبعين بالمائة وتتطلع الوزارة إلى بلوغ نسبة إدماج قدرها مائة بالمائة. وأجاب الوزير النواب الذين عبروا عن انشغالهم بمعضلة الانقطاع المبكر عن الدراسة أنه لا بد أولا من التوقي من الانقطاع المدرسي ثم التركيز على تنويع التكوين في شهادة المهارة وقال إن التكوين في شهادة المهارة متاح للجميع في شتى الاختصاصات في المنظومتين العمومية والخاصة. وإضافة إلى شهادات المهارة هناك التدريب المهني الذي يقوم على التكوين داخل المؤسسة الاقتصادية وذكر أنه يوجد توجه نحو توفير منح للمتدربين داخل المؤسسات الاقتصادية.
وإجابة عن استفسار حول مصير مراكز تكوين الفتاة الريفية قال إن هناك خطة إستراتيجية لتحويلها إلى مراكز للإدماج الاقتصادي والاجتماعي. وتفاعلا مع مطلب النواب المتمثل في دعم مراكز التكوين المهني بالتجهيزات المطلوبة وحلحلة المشاريع المعطلة بين أنه حصل فعلا تأخير في تأهيل بعض المراكز واقتناء تجهيزات، وأضاف أنه في إطار لجنة التسريع في المشاريع المعطلة سيتم العمل على الرفع من نسب الانجاز.
وردا على مداخلات النواب حول ملف التشغيل قال الوزير إنه تم تحيين الإستراتيجية الوطنية للتشغيل وإنه في تجربة أولى تم إحداث خمسة مخططات نموذجية بصفة تشاركية، وبين أن البطالة في تونس هي بطالة هيكلية مرتبطة بالتنمية والاستثمار، وللحد منها تتكفل الدولة بتمويل عديد البرامج والآليات وبالتكوين التكميلي لأصحاب الشهادات وغيرهم لإعادة تأهيلهم.
وتعقيبا على النواب الذين طالبوا بتشغيل ذوي الإعاقة، أكد وزير التشغيل والتكوين المهني على احترام الحكومة للنسبة المنصوص عليها بالقانون وهي 2 بالمائة وأعلمهم أن رئاسة الحكومة فرضت على الوزارات القيام بانتدابات في الغرض. وأضاف أن رئيس الجمهورية يؤكد في كل اجتماع لمجلس الوزراء على ضرورة فتح باب الانتداب في الوظيفة العمومية. أما بالنسبة إلى برامج التشغيل فقد تم تقييمها وسيتم حسب قوله اتخاذ قرارات جريئة وشجاعة لتصويب خيارات الدولة في مجال التشغيل من خلال برامج تهدف إلى دفع التشغيل بكل الجهات. وإجابة عن استفسارات أخرى حول تجاوزات مؤسسات التوظيف بالخارج أشار الوزير إلى حرصه على نشر قائمة في المؤسسات التي تنشط بطريقة قانونية على موقع الوزارة لإطلاع المواطنين عليها وذكر أنه تم التفطن إلى مؤسسات عشوائية تقوم بعقود وهمية وتم تسليط عقوبات عليها .
ولدى حديثه عن برنامج المبادر الذاتي، أشار إلى أن هذا البرنامج يواجه تعطيلا حتى من داخل الإدارة، وقال إن من سيعطل مسار البناء والتشييد فعليه أن يتحمل مسؤولياته، وخلص قائلا إما ننتصر أو ننتصر، وأكد تسلح الحكومة بعزيمة فولاذية من أجل خدمة الشعب مستحضرة شعار الحرية والكرامة الوطنية، وذكر أن رئيس الجمهورية يؤكد دائما على ضرورة الحد من المناولة والتشغيل الهش وهناك أوامر تم إعدادها للحد من آليات التشغيل الهش كما سيتم لنفس الغرض تنقيح مجلة الشغل للقطع نهائيا مع جميع أشكال التشغيل الهش.
وقبل فتح باب النقاش العام كان وزير التشغيل والتكوين المهني قدم بمعية عدد من إطارات الوزارة أمام أعضاء الغرفة النيابية الثانية عرضا للتذكير برؤية الوظيفة التنفيذية لتنمية سياسات التكوين المهني والتشغيل وإسناد الشركات الأهلية بهدف دفع التنمية وتوفير الوسائل الكفيلة بإدماج العاطلين عن العمل في سوق الشغل. وذكّر الوزير بأحكام دستور 2022 التي نصت على أن العمل حق لكل مواطن ومواطنة وعلى الدولة اتخاذ كل التدابير الضرورية لضمانه على أساس الكفاءة والإنصاف.
وتم من خلال هذا العرض التركيز على أهم الأولويات والخيارات الوطنية التي تؤسس لأنموذج تنموي جديد يرتكز على تكريس الدور الاجتماعي للدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتنمية اقتصادية مستدامة ودامجة لكل الفئات وتطوير المبادرات الجماعية لتحقيق التنمية المحلية والجهوية والتوزيع العادل للثروات والاستثمار في رأس المال البشري للإقلاع الاجتماعي والاقتصادي وتحرير المبادرة والطاقات خاصة منها الشبابية للمساهمة في تركيز أسس اقتصاد المعرفة كمحرك للابتكار وتطوير الاقتصاد الوطني إضافة إلى ثورة تشريعية تقطع مع البيروقراطية وترتكز على التجديد والإدماج والاستدامة ورقمنة الخدمات وتبسيط الإجراءات والتسريع في انجاز المشاريع بكل نجاعة وجودة وفاعلية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لاستحثاث نسق تنفيذ المشاريع التي تشهد صعوبات في التنفيذ.
ولاحظ الوزير أنه رغم استقرار نسب البطالة في حدود 16 بالمائة خلال الثلاثي الثالث لسنة 2024 مقارنة بالثلاثي الثاني من نفس السنة حسب المؤشرات الإحصائية لمسح التشغيل للمعهد الوطني للإحصاء، فإن البطالة في تونس تعتبر بطالة هيكلية وذكر أنه للحد من نسب البطالة يجب رسم سياسات عمومية محورها تحسين التشغيلية للرفع من نسبة إدماج مختلف أصناف الباحثين عن شغل في مواطن شغل لائق للحد من نسب البطالة والتّأقلم السريع مع حاجيات المؤسسات الاقتصادية من الكفاءات والمهارات عبر تطوير التكوين المهني باعتباره جزء محوريا من منظومة الموارد البشرية ودعم المبادرة الخاصة الفردية والجماعية والإدماج الاقتصادي لجميع الفئات.
أهداف إستراتيجية
وتتمثل أهداف التوجهات الإستراتيجية القطاعية حسب ما أشار إليه الوزير والإطارات المرافقة له في تحقيق الإدماج المهني وتطوير الاقتصاد الوطني والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة وتنشيط سوق الشغل والمساهمة في نسق إحداث المشاريع الفردية والجماعية. وتطرق إطارات وزارة التشغيل والتكوين المهني إلى برامج التكوين المهني من حيث مراجعة المنظومة التشريعية للتكوين المهني في إطار رؤية شاملة وسياسة موحدة للمنظومة الوطنية لإعداد وتنمية الموارد البشرية وتثمين التكوين المهني وتوفير مزيد من فرص التكوين لمختلف الفئات وضمان جودة منظومة التكوين المهني ونجاعته ومردوديته وضمان المساواة وتكافؤ الفرص وأشاروا إلى الحرص على تحقيق التكامل مع قطاع الإنتاج لضمان التأقلم السريع مع تطورات سوق الشغل وعلى الاستفادة من التحول الرقمي والتكنولوجي في جهاز التكوين المهني مع تطوير الخدمات وتطرقوا إلى مسألة حوكمة القطاع الخاص للتكوين المهني وإلى التوجه نحو تركيز مبدأ التعلم مدى الحياة.
ومن المسائل الأخرى التي تضمنها العرض الإجراءات المتخذة لتطوير الأنموذج الجديد للتنمية المرتكز على الشركات الأهلية بهدف تحقيق التنمية المحلية والجهوية والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة ومراهنة الوزارة على هذه الشركات باعتبارها ركيزة لدعم التنمية ودفع التشغيل والحد من البطالة وتنمية الجهات حسب خصوصياتها واحتياجاتها وقال الوزير إن الشركات الأهلية تعتمد مقاربة جديدة هدفها تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة من خلال ممارسة جماعية لنشاط اقتصادي انطلاقا من المنطقة الترابية التي يستقر بها الأهالي.
ولدى حديثه عن التشغيل بين الوزير أن العمل سيتواصل من أجل إرساء «منظومة لليقظة والاستشراف والتعرف على حاجيات سوق الشغل» وتطوير برامج المرافقة وبلورة برنامج وطني للمرافقة والتكفل بمصاريف التكوين التكميلي والتأهيل الإضافي لتحسين تشغيلية الباحثين عن شغل. وتقييم برامج الصندوق الوطني للتشغيل بصفة دورية وقياس أثر سياسات التشغيل على سوق الشغل وإدخال إصلاحات عاجلة عليها إضافة إلى المراجعة الشاملة لبرامج التشغيل وتحسين خدمات الوساطة في سوق الشغل ودعم البعد الدولي للتشغيل. أما بالنسبة للمبادرة الخاصة فيتم العمل حسب قول الوزير والإطارات المرافقة له على تطوير خدمات المرافقة وآليات الإحاطة للحفاظ على ديمومة النشاط ومواطن الشغل وتركيز آلية الجديدة لدعم المؤسسات المتعثرة لاستعادة نسق نشاطها والمحافظة على ديمومتها وتثبيت مواطن الشغل بها من خلال برنامج يتضمن خدمات مرافقة تؤمنها جميع الهياكل العمومية المعنية بالمرافقة ودعم مالي في شكل قروض بشروط ميسرة مع مواصلة الدعم المالي للإدماج الاقتصادي والاجتماعي لجميع الفئات والمعتمديات ذات الأولوية وتيسير النفاذ إلى التمويل للمؤسسات الصغرى والمتوسطة وتحرير الطاقات وضمان العمل اللائق من خلال تثمين تجربة نظام المبادر الذاتي وحوكمة منظومة المبادرة الخاصة.
سعيدة بوهلال