-" تونس تحتل المرتبة 30 عالميا من حيث نصيب الفرد من المياه في السنة "
ببادرة من الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب، وبمشاركة ممثلين عن وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري تم أمس بقصر باردو تنظيم يوم دراسي لمتابعة إستراتيجية الوظيفة التنفيذية للمياه، وبالمناسبة تم تقديم بسطة حول الوضعية الحالية للموارد المائية ومشاريع الوزارة وبرامجها في قطاع المياه لفترة 2026ـ 2030. وأثناء النقاش طالب العديد من النواب الحكومة الحالية بالتسريع في إحالة مشروع مجلة المياه إلى مجلسهم مع الحرص على ضمان العدالة المائية بين الجهات.
ودعا آخرون إلى مراجعة منظومة المجامع المائية لأنها حسب رأيهم أثبتت فشلها، وعبر بعضهم عن تحفظهم من التوجه الذي اختارته الدولة نحو إنشاء محطات لتحلية مياه البحر على اعتبار كلفتها الباهظة، واقترحوا في المقابل دعم الاستثمار في إنشاء السدود ومحطات معالجة المياه المستعملة وتجديد شبكات الاستغلال والتوزيع للحد من نسبة الهدر وبعث شبكات لتجميع مياه الأمطار على غرار شبكات التطهير، وهناك منهم من أشاروا إلى أهمية تسوية وضعية الآبار العشوائية ومراجعة الخارطة الفلاحية والتخلي عن المنتوجات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه مقابل دعم إنتاج الحبوب والأعلاف وتحسين مردودية المناطق السقوية.
أين مجلة المياه
إبراهيم بودربالة رئيس المجلس أشار في مفتتح اليوم الدراسي إلى أن موضوع المياه أصبح يشغل العالم بأسره خاصة البلدان التي تواجه مخاطر ناجمة عن شح المياه مثل تونس وهو ما يتطلب بالضرورة التحكم في الموارد المتوفرة من حيث التجميع والتوزيع. وأضاف أنه لهذا السبب، أولى المجلس النيابي أهمية كبرى للمياه وبادر بتنظيم هذا اليوم الدراسي لكي يتم توفير فرصة التواصل المباشر بين النواب الذين يحملون مشاغل المواطنين من ناحية وبين الإطارات العليا المكلفة بتسيير هذا المرفق من ناحية أخرى وذلك في إطار التناغم بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية. وذكر أنه سبق للمجلس أن نظم في 3 جانفي 2024 يوما دراسيا حول الأمن المائي في تونس في ظل التغيرات المناخية، وكان الهدف من تلك التظاهرة التأكيد على أهمية هذه المسألة. وأشار إلى أنه سيتم مستقبلا تنظيم زيارات ميدانية من قبل وفود برلمانية لتفقد المنشآت المائية ومراقبة طرق تجميع المياه وتوزيعها. أما في علاقة بمجلة المياه قال بودربالة إنه تم تقديم وعود بإحالة مشروع المجلة المذكورة إلى البرلمان ولكن إلى اليوم مازال المجلس ينتظر ورود هذا المشروع. ووجه بدوره دعوة للحكومة للإسراع في تقديم مشروع مجلة المياه لمجلس نواب الشعب.
وأشار فائز مسلم المدير العام للسدود والأشغال المائية الكبرى بوزارة الفلاحة والموارد المائية إلى ضرورة العمل على مجابهة التحديات المطروحة من أجل توفير المياه. وذكر أن تونس مرت بفترة جفاف امتدت خمس سنوات متتالية، وهو ما أدى إلى تسجيل عجز على مستوى الإيرادات، وعبر عن ارتياحه لأن الموسم الحالي واعد، حيث ساهمت الأمطار الخريفية والشتوية نسبيا في تحسين مخزون السدود. كما أن هذه الأمطار كانت عامة وشملت جميع أنحاء البلاد. وقال إن خطة وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري على المدى المتوسط وعلى المدى البعيد تهدف إلى تأمين توفير ماء الشرب للمواطن التونسي. وفسر أنه في ظل التغيرات المناخية لابد من استغلال المياه المستعملة وهو ما يقتضي وضع خطة جدية عاجلة لاستغلال هذه الموارد إضافة إلى تحسين مردودية الشبكات.
وضعية الموارد المائية
في مداخلة حول الوضعية الحالية للموارد المائية، قدم شاكر بن زيد كاهية مدير البرمجة والدراسات الإستراتيجية بشركة استغلال قنال وأنابيب مياه الشمال عديد الأرقام. وبين في هذا السياق أن المعدل السنوي للتساقطات المطرية في حدود 36 مليار متر مكعب، وأضاف أن أعلى معدل تم تسجيله في السبعينات من القرن الماضي حيث بلغت الكمية 90 مليار متر مكعب.
وتتوزع 36 مليار مكعب الحالية حسب قوله على النحو التالي: 55 بالمائة تتبخر وتسيل في الأراضي الرطبة والبحر، و13 بالمائة مياه زرقاء قابلة للاستغلال و17 بالمائة مياه خضراء صالحة للفلاحة المطرية و16 بالمائة مياه خضراء صالحة للغابات والمراعي. وذكر أن كمية الموارد المائية غير التقليدية تقدر بنحو 405 ملايين متر مكعب وهي تتوزع على 72 بالمائة مياه معالجة و28 بالمائة مياه تحلية، أما الموارد المائية التقليدية التي يمكن تعبئتها فتقدر بنحو 4 فاصل 8 مليار متر مكعب منها 58 بالمائة جوفية و44 بالمائة سطحية. ويبلغ إجمالي المياه المتوفرة 5 مليارات فاصل 205 متر مكعب في السنة، وقال إن نصيب الفرد الواحد في تونس من المياه يبلغ 420 متر مكعب في السنة، وينتظر أن تصبح هذه الكمية في أفق 2050 في حدود 350 م مكعب في السنة. وأضاف أن تونس تأتي في المرتبة 30 عالميا من حيث نصيب الفرد من المياه في السنة. وذكر أن تونس توجد للأسف تحت «عتبة الندرة المطلقة للمياه» والتي هي في حدود 500 متر مكعب في السنة لكل ساكن.
وبخصوص توزيع استغلال المياه حسب النشاط خلال سنة 2023 فتمثل نسبة مياه الري 76بالمائة ونسبة مياه الشرب 21 بالمائة ونسبة المياه المستغلة في الصناعة والسياحة 3 بالمائة وفق تقديرات وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
وتطرق بن زيد لاحقا إلى خارطة توزيع الأمطار من غرة سبتمبر 2024 إلى 27 جانفي 2025 وبين أن معدل التساقطات منذ بداية الموسم إلى حدود 27 جانفي الجاري كان في حدود 113 بالمائة في الشمال الشرقي و96 بالمائة بالشمال الغربي و156 بالمائة بالوسط الشرقي و94 بالمائة بالوسط الغربي و122 بالمائة بالجنوب الشرقي و93 بالمائة بالجنوب الغربي. وأشار إلى ما وصفه بالوضعية الحرجة لنسبة الإيرادات للسدود رغم أن التساقطات فاقت منذ بداية الموسم المعدل الجملي لهذه الفترة وناهزت 111 بالمائة وتمثل قرابة 62 بالمائة من المعدل السنوي.
وأوضح أنه يوجد في تونس 37 سدا وبلغت كمية المياه الموجودة في هذه السدود بتاريخ 27 جانفي الجاري 755 مليون متر مكعب، بعد أن كانت في نفس اليوم من السنة الماضية في حدود 768 مليون متر مكعب، وبالتالي بلغ العجز13 مليون متر مكعب. ولاحظ أن الإيرادات خلال السنوات الخمس الأخيرة كانت ضعيفة لذلك تراجع مخزون المياه بالسدود. وبين أن المخزون الحالي المتوفر بسد سيدي سالم بتاريخ 27 جانفي 2025 في حدود 114 مليون متر مكعب وكانت هذه الكمية في نفس اليوم من السنة الفارطة 198 مليون متر مكعب، وتمثل نسبة الإيرادات الحالية في هذا السد 30 بالمائة وهذه نسبة ضعيفة في أكبر سد في البلاد. وقدم بن زيد لنواب الشعب رسوما بيانية أخرى حول مخزون سد سيدي البراق وسد سجنان. وتطرق إثر ذلك إلى الوضعية الحالية لسدود منظومة مياه الشرب للشمال حيث تم بتاريخ 27 جانفي الجاري تسجيل 560 مليون متر مكعب بما يمثل 74 بالمائة من مخزون جميع السدود. وفسر أن تونس تحتوي على 37 سدا وهناك 14 فقط تلعب دورا محوريا في التزويد بالمياه ولكن نصفها سجل كميات من المياه أقل مما كانت عليه في السنة الفارطة. وعبر عن أمله في أن يتواصل نزول الأمطار لكي تتحسن الإيرادات في الفترة القادمة بما يساعد على توفير مياه الشرب ومياه الري.
برامج مستقبلية
رفيق العيني مدير التخطيط الإستراتيجي بمكتب التخطيط والتوازنات المائية بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري استعرض إستراتيجية الوزارة في مجال المياه للفترة 2026- 2030. وبين أن هذه الإستراتيجية هامة جدا للوصول للتوازن بين العرض والطلب وهي تقوم حسب قوله على أربعة محاور رئيسية وتحتوي على 43 برنامجا مقسمة بطريقة علمية على 1200 إجراء حسب السنة والمنطقة وولايات الجمهورية. وتهدف الإستراتيجية المذكورة إلى إنجاز مشاريع ذات أولوية لتعبئة الموارد المائية وتحسين نجاعة شبكات مياه الشرب وشبكات الري وتثمين المياه المعالجة في المجال الفلاحي وتحلية مياه البحر وانجاز أشغال التهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية وتثمين جمع مياه الأمطار واعتماد الطاقات المتجددة، ولتحقيق هذه الأهداف من الضروري توفير التمويلات اللازمة..
وذكر أن توجهات الوزارة في مجال المياه للفترة 2026-2030 تتمثل في تعبئة الموارد المائية السطحية وتركيز محاور جلب وتحويل المياه وتدعيم الموارد المائية الجوفية بانجاز 30 سدا باطنيا وتحسين نجاعة شبكات التزود بمياه الشرب بتجديد 5 آلاف كلم من قنوات توزيع المياه وقنوات الجلب، فضلا عن تركيز عدادات ذكية بمدينة جربة كمشروع نموذجي، وإعداد تهيئة منظومات التزود بالماء الصالح للشرب بإعادة تأهيل 23 منظومة مائية لفائدة قرابة 90 ألف ساكن في الوسط الريفي وإحالتها إلى «الصوناد». كما تتمثل أيضا في تثمين المياه المعالجة في المجال الفلاحي على مستوى الأراضي الفلاحية العمومية والخاصة وإحداث 30 منطقة سقوية صغرى على مساحة 8 آلاف هكتار ونقل مياه الصرف الصحي المستعملة من مناطق الإنتاج إلى المناطق السقوية لتثمين مياه الصرف الصحي واستغلالها في ري الحبوب والأعلاف وتلبية احتياجات مزارع الزيتون والأشجار المثمرة من الماء ولهذا الغرض هناك محور جلب المياه المعالجة بسوسة الكبرى، ومحور آخر لجلب المياه المعالجة بتونس الكبرى ومحور ثالث لجلب المياه المعالجة بصفاقس الكبرى. وأضاف ممثل الوزارة أن أهداف الإستراتجية تتمثل كذلك في تهيئة المناطق السقوية العمومية وتعصيرها، وتحسين نجاعة شبكات الري لبلوغ 80 بالمائة وإعادة تهيئة المناطق السقوية بولايات الجنوب على مساحة جملية 4250 هكتار وتعصيرها، واستكمال برنامج تعصير المنطقة السقوية الكبرى ببوهرتمة على مساحة 13400 هكتار، وتحلية المياه الجوفية المالحة لري 15 ألف هكتار من الزياتين، وتحلية مياه البحر بتوسعة أربع محطات وسيتم حسب قوله إعطاء الأولوية لتمويل مشاريع التوسعة حسي ستتم توسعة محطات جربة والزارات وسوسة وصفاقس بطاقة توسعة جملية تقدر بنحو 275 ألف متر مكعب في اليوم، كما سيتم انجاز أربع محطات لتحلية المياه الجوفية وهي محطات قرقنة وبن قردان ودقاش وبليدات.
وتحدث العيني في مداخلته عن برنامج انجاز أشغال التهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية وتثمين جمع مياه الأمطار لتطوير النظم الفلاحية خاصة الحبوب والزيتون والمراعي وتعزيز الفلاحة البعلية الذي يهدف إلى بلوغ 270 ألف هكتار من غراسات الزياتين و80 ألف هكتار من الحبوب و105 آلاف هكتار من المراعي. وأضاف أنه يتم الاشتغال أيضا على محور هام وهو اعتماد الطاقات المتجددة بطاقة إنتاج جملية في حدود 405 جيغاواط في الساعة سنويا. وتطرق إلى مشاريع السدود والأشغال المائية ومنها تعلية سدي سليانة ونبهانة وانجاز سدين جديدين بسليانة وبولعابة وانجاز 10 سدود جبلية وذكر أن هناك 4 مشاريع لتحويل المياه وهي: تحويل مياه سجنان بجاوة، وتحويل مياه نبهانة سيدي سعد، وإعادة تهيئة قنال جلب مياه نبهانة الساحل، وتحويل مياه سد بربرة سليانة الكاف.
تهيئة الشبكات
وبخصوص الهدف الاستراتيجي المتعلق بتحسين مردودية شبكات الجلب والتوزيع التابعة لـ»الصوناد»، أشار رفيق العيني إلى أنه في إطار المخطط 2025- 2030 من المنتظر تهيئة قرابة ألف كلم من القنوات سنويا وهو ما سيؤدي إلى تهيئة خمسة آلاف كلم في نهاية المخطط، وسيتم العمل على انجاز مشاريع لتحسين مردودية شبكات مياه الشرب بتونس الكبرى وشبكات التزود بمياه الشرب بصفاقس الكبرى وقبلي وتوزر مع العمل على تعميم العدادات الذكية على مدينة جربة.
وخلال النقاش أثار النائب جلال الخدمي معضلة الآبار العشوائية وطالب بمزيد توفير مناطق سقوية وحمل النائب عبد القادر بن زينب الدولة مسؤولية فشل منظومة المجامع المائية ودعا النائب منصف المعلول إلى إيجاد حلول للمناطق التي لا توجد فيها سدود ومنها تطاوين وتشجيع استغلال المياه الجوفية. ولاحظ أن سبعين بالمائة من سكان الأرياف يقتنون صهريج الماء بمائة دينار وتساءل أين دور الدولة في التوفير الماء الصالح للشرب لهؤلاء المتساكنين الذين يعانون من العطش ويرى أن «الصوناد» فشلت في استغلال وفي توزيع المياه. وأضاف أن الكثير من المؤسسات التربوية تفتقر للماء ودور العبادة أيضا. وذكر أنه عوضا عن تثمين الأراضي الاشتراكية واستغلالها تحولت هذه الأخيرة إلى أراض رعوية أغلبها بور وبهذه الكيفية لا يمكن بلوغ الأمن الغذائي.
السيادة المائية
النائب محمد علي أشار إلى ضرورة مراجعة مجلة المياه في اتجاه المحافظة على السيادة المائية ومجابهة تداعيات الشح المائي في ظل التغيرات المناخية. ودعا إلى إنشاء إقليم مائي بالحوض المنجمي بما يمكن من تجديد شبكات المياه وشبكات الصرف الصحي والحد من التسربات وضمان حق الأجيال القادمة في الماء. وأوصى بتحديد مجال خوصصة استغلال المياه لأن المستثمر في مجال تعليب المياه يبحث عن الربح لا غير. وذكر أن هناك العديد من المستثمرين قدموا مطالب لإنشاء مؤسسات لتعليب المياه في وقت تعيش فيه البلاد أزمة ندرة مياه. ونبه إلى أن قفصة تعاني من الاستغلال المكثف للمائدة المائية من قبل المستثمرين والقطاع الصناعي خاصة لغسل الفسفاط على حساب مياه الشرب وبذلك تم ضرب مبدأ العدالة المائية. وأوصى علي باعتماد حلول أخرى عوضا عن تحلية مياه البحر لأن التحلية مكلفة وتضر بالثروة السمكية وذكر أن الاستثمار في الطاقات المتجددة أكبر كارثة على المائدة المائية لأنه مستهلك كبير للمياه.
وبينت النائبة بسمة الهمامي أنه في ظل التغيرات المناخية يجب إعادة النظر في تخصيص ولايتي زغوان وسليانة للزراعات الكبرى وقالت إن أزمة التغيرات المناخية ليست جديدة بل تم التنبيه لمخاطرها منذ التسعينات واليوم أصبحت أثارها فادحة ففي تونس مثلا كانت هناك خمس سنوات جفاف متتالية وكان لابد من التوقي من آثار تلك التغيرات المناخية بالاستئناس بتجارب الدول الناجحة ومع محاولة إيجاد حلول استباقية لتجميع مياه الأمطار وتلافي هدرها. وذكرت أن سد وادي الخماسة في سليانة عوضا عن مساهمته في بعث منطقة سقوية رائدة فإن المنطقة المحيطة به حاليا في حالة دمار. وبخصوص المجامع المائية قالت إن هذه المجامع أصبحت لا تؤدي الدور المطلوب منها ويجب التخلي عنها.
السيادة الغدائية
النائب عبد الرزاق عويدات يختلف في الرأي مع بقية النواب ويرى أن تحلية المياه هي من الحلول التي يجب اعتمادها في تونس لتوفير المياه في ظل التغيرات المناخية والحاجة المتزايدة لمياه الري وقال النائب إن النهوض بالفلاحة مدخل للسيادة الغذائية وذكر أنه لا بد من إنشاء شبكات تصريف مياه الأمطار وتلافي خلطها مع المياه المستعملة والحد من تسرب المياه من منطقة بني مطير إلى غدير القلة.
وأشار النائب صابر الجلاصي إلى أن الحديث عن إستراتيجية الماء يقتضي توفر القدرة على التخزين وتحسين شبكات مياه الشرب والري. وقال إنه عوضا عن مشاريع التحلية يجب دعم المناطق السقوية وبعث محطات معالجة واستغلال مياه الأمطار ومراجعة المجامع المائية البالغ عددها 2750 لأن هذه المنظومة أنهكت وفشلت وحان الوقت لإيجاد حل بديل وطالب الحكومة بتقديم مشروع مجلة المياه للبرلمان.
مراجعة التسعيرة
دعا النائب محمد اليحياوي إلى تطوير نسبة التعبئة في السدود ويرى أن التوجه إلى التحلية مكلف ولا بد من حلول أخرى مثل تخزين المياه في باطن الأرض. وطالب بوضع مجلة مياه تقوم على تصورات وطنية بعيدا عن الحيف الاجتماعي وتضمن العدالة المائية بين الجهات وتحقق التوازن بين مياه الشرب ومياه الري وشدد على ضرورة التخلي عن الزراعات غير الإستراتيجية المستهلكة للمياه مثل الفراولو مقابل تكثيف زراعة الحبوب وعلى ضرورة مراجعة التسعيرة المشطة المعتمدة من قبل المجامع المائية واقترح التوجه نحو زجر محاولات العبث بالثروة المائية في تونس ووضع خطة لمقاومة تلوث المائدة المائية وتنزيل مجلة المياه.
وقال النائب صلاح الفرشيشي إنه توجد إمكانية لبناء سدود أخرى إضافة إلى سد الملاق العلوي وسد الرغاي وذلك لتعبئة كميات أوفر من المياه خلال السنوات الممطرة ويجب العمل على حسن استغلال المائدة الجوفية وتخفيف الضغط على مناطق الشمال وتحسين الشبكات لتلافي هدر المياه، وتوفير الكميات اللازمة لري المناطق السقوية مثل بوهرتمة التي تمتد على 25 ألف هكتار. ودعا إلى تيسير حفر الآبار وربطها بالكهرباء واستكمال تزويد المناطق الريفية بماء الشرب لأنه من العيب أن يتم حرمان المواطنين القاطنين على مقربة من سدود باجة وجندوبة والكاف من الربط بمياه الشرب.
وتحدثت النائبة منال بديدة عن معاناة متساكني معتمدية بير علي بن خليفة بصفاقس من نقص المياه رغم أنها كانت من أحسن المناطق من حيث المائدة المائية الغنية ذات التدفق العالي للمياه العذبة لكن اليوم أكثر من ثلاثة أرباع المواطنين دون ماء وهم يتزودون بالصهاريج والمدارس تفتقر للماء والتلاميذ مهددون بمرض بوصفير. وانتقدت أداء منظومة المجامع المائية ووصفت هذه التجربة بالفاشلة. وعلى غرار النائبة بسمة الهمامي طالبت بديدة بدورها بإحالة منظومة المجامع المائية إلى «الصوناد».
الخارطة الفلاحية
ولاحظت النائبة مريم الشريف أنه لا بد من وضع خطة وطنية لضمان حسن استغلال المياه لتحقيق السيادة الوطنية ولا بد من التخطيط على المدى البعيد وتغيير مجلة المياه ومراعاة آثار التغيرات المناخية وتغيير الخارطة الفلاحية وتغيير منظومة السدود والحد من الهدر من خلال صيانة الشبكات فهذا الحل أفضل من تحلية مياه البحر مع التخلي عن الزراعات المستهلكة للماء وطالبت بمراجعة مجلة المياه وذكرت أنه لا يعقل في سنة 2025 أن نشاهد مواطنين يتنقلون كيلومرات عديدة لجلب المياه في علب بلاستكية.
وطالب النائب عماد الدين السديري بتوحيد تسعيرة المياه بين «الصوناد» والمجامع المائية وتجديد شبكات مياه الشرب بما في ذلك في نبّر وتهيئة المناطق السقوية العمومية خاصة بملاق ووادي الكحل وسرات والمناطق السقوية الخاصة بالفالتة. ولاحظ أن الجزائر عندما قامت بتركيز أربعة سدود أثر ذلك على منسوب المياه بملاق ومجردة.
وذكر النائب نجيب عكرمي أنه لا بد من تطوير الاستراتجيات المائية وتغييرها ومراعاة تطور استهلاك الفرد والأخذ بعين الاعتبار لزيادة عدد السياح والحد من المفارقات والمتناقضات لأنه من غير المنطقي أن يبقى المواطن في قفصة معطش في حين يتم توفير المياه للري ومن غير المقبول أن يبقى المواطن القاطن على مقربة من السد محروما من الماء كما يجب تطوير منظومة السدود ومراجعة منظومة المجامع المائية وتعديل مجلة المياه وتسوية وضعية الآبار غير المرخصة ولاحظ أن لوبي المياه المعلبة لا يريد تطوير منظومة المياه العمومية.
استكمال 5 سدود
وتعقيبا على مداخلات النواب أشار إطارات وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري إلى أن مجلة المياه الحالية تعود إلى سنة 1975 وكان الهدف من مراجعتها مزيد تنظيم قطاع المياه وتم تمرير مشروع المجلة الجديدة للمرة الرابعة على مجلس وزاري وسيتم عرضها عما قريب على البرلمان، وأكدوا أنه لا بد من مواصلة الجهود لتعبئة الموارد المائية لذلك سيتم هذا العام استكمال خمسة سدود كبرى لتعبئة الموارد السطحية أما بالنسبة إلى التحلية فهو خيار اتجهت إليه الدولة لأنها تريد ضمان توفير الماء للمواطن حتى في فترات الجفاف وذلك بإنشاء محطات كبرى للتحلية رغم أنها مكلفة.
سعيدة بوهلال
- " دعوةإلى تحقيق العدالة المائية بين الجهات ❝
-" تونس تحتل المرتبة 30 عالميا من حيث نصيب الفرد من المياه في السنة "
ببادرة من الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب، وبمشاركة ممثلين عن وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري تم أمس بقصر باردو تنظيم يوم دراسي لمتابعة إستراتيجية الوظيفة التنفيذية للمياه، وبالمناسبة تم تقديم بسطة حول الوضعية الحالية للموارد المائية ومشاريع الوزارة وبرامجها في قطاع المياه لفترة 2026ـ 2030. وأثناء النقاش طالب العديد من النواب الحكومة الحالية بالتسريع في إحالة مشروع مجلة المياه إلى مجلسهم مع الحرص على ضمان العدالة المائية بين الجهات.
ودعا آخرون إلى مراجعة منظومة المجامع المائية لأنها حسب رأيهم أثبتت فشلها، وعبر بعضهم عن تحفظهم من التوجه الذي اختارته الدولة نحو إنشاء محطات لتحلية مياه البحر على اعتبار كلفتها الباهظة، واقترحوا في المقابل دعم الاستثمار في إنشاء السدود ومحطات معالجة المياه المستعملة وتجديد شبكات الاستغلال والتوزيع للحد من نسبة الهدر وبعث شبكات لتجميع مياه الأمطار على غرار شبكات التطهير، وهناك منهم من أشاروا إلى أهمية تسوية وضعية الآبار العشوائية ومراجعة الخارطة الفلاحية والتخلي عن المنتوجات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه مقابل دعم إنتاج الحبوب والأعلاف وتحسين مردودية المناطق السقوية.
أين مجلة المياه
إبراهيم بودربالة رئيس المجلس أشار في مفتتح اليوم الدراسي إلى أن موضوع المياه أصبح يشغل العالم بأسره خاصة البلدان التي تواجه مخاطر ناجمة عن شح المياه مثل تونس وهو ما يتطلب بالضرورة التحكم في الموارد المتوفرة من حيث التجميع والتوزيع. وأضاف أنه لهذا السبب، أولى المجلس النيابي أهمية كبرى للمياه وبادر بتنظيم هذا اليوم الدراسي لكي يتم توفير فرصة التواصل المباشر بين النواب الذين يحملون مشاغل المواطنين من ناحية وبين الإطارات العليا المكلفة بتسيير هذا المرفق من ناحية أخرى وذلك في إطار التناغم بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية. وذكر أنه سبق للمجلس أن نظم في 3 جانفي 2024 يوما دراسيا حول الأمن المائي في تونس في ظل التغيرات المناخية، وكان الهدف من تلك التظاهرة التأكيد على أهمية هذه المسألة. وأشار إلى أنه سيتم مستقبلا تنظيم زيارات ميدانية من قبل وفود برلمانية لتفقد المنشآت المائية ومراقبة طرق تجميع المياه وتوزيعها. أما في علاقة بمجلة المياه قال بودربالة إنه تم تقديم وعود بإحالة مشروع المجلة المذكورة إلى البرلمان ولكن إلى اليوم مازال المجلس ينتظر ورود هذا المشروع. ووجه بدوره دعوة للحكومة للإسراع في تقديم مشروع مجلة المياه لمجلس نواب الشعب.
وأشار فائز مسلم المدير العام للسدود والأشغال المائية الكبرى بوزارة الفلاحة والموارد المائية إلى ضرورة العمل على مجابهة التحديات المطروحة من أجل توفير المياه. وذكر أن تونس مرت بفترة جفاف امتدت خمس سنوات متتالية، وهو ما أدى إلى تسجيل عجز على مستوى الإيرادات، وعبر عن ارتياحه لأن الموسم الحالي واعد، حيث ساهمت الأمطار الخريفية والشتوية نسبيا في تحسين مخزون السدود. كما أن هذه الأمطار كانت عامة وشملت جميع أنحاء البلاد. وقال إن خطة وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري على المدى المتوسط وعلى المدى البعيد تهدف إلى تأمين توفير ماء الشرب للمواطن التونسي. وفسر أنه في ظل التغيرات المناخية لابد من استغلال المياه المستعملة وهو ما يقتضي وضع خطة جدية عاجلة لاستغلال هذه الموارد إضافة إلى تحسين مردودية الشبكات.
وضعية الموارد المائية
في مداخلة حول الوضعية الحالية للموارد المائية، قدم شاكر بن زيد كاهية مدير البرمجة والدراسات الإستراتيجية بشركة استغلال قنال وأنابيب مياه الشمال عديد الأرقام. وبين في هذا السياق أن المعدل السنوي للتساقطات المطرية في حدود 36 مليار متر مكعب، وأضاف أن أعلى معدل تم تسجيله في السبعينات من القرن الماضي حيث بلغت الكمية 90 مليار متر مكعب.
وتتوزع 36 مليار مكعب الحالية حسب قوله على النحو التالي: 55 بالمائة تتبخر وتسيل في الأراضي الرطبة والبحر، و13 بالمائة مياه زرقاء قابلة للاستغلال و17 بالمائة مياه خضراء صالحة للفلاحة المطرية و16 بالمائة مياه خضراء صالحة للغابات والمراعي. وذكر أن كمية الموارد المائية غير التقليدية تقدر بنحو 405 ملايين متر مكعب وهي تتوزع على 72 بالمائة مياه معالجة و28 بالمائة مياه تحلية، أما الموارد المائية التقليدية التي يمكن تعبئتها فتقدر بنحو 4 فاصل 8 مليار متر مكعب منها 58 بالمائة جوفية و44 بالمائة سطحية. ويبلغ إجمالي المياه المتوفرة 5 مليارات فاصل 205 متر مكعب في السنة، وقال إن نصيب الفرد الواحد في تونس من المياه يبلغ 420 متر مكعب في السنة، وينتظر أن تصبح هذه الكمية في أفق 2050 في حدود 350 م مكعب في السنة. وأضاف أن تونس تأتي في المرتبة 30 عالميا من حيث نصيب الفرد من المياه في السنة. وذكر أن تونس توجد للأسف تحت «عتبة الندرة المطلقة للمياه» والتي هي في حدود 500 متر مكعب في السنة لكل ساكن.
وبخصوص توزيع استغلال المياه حسب النشاط خلال سنة 2023 فتمثل نسبة مياه الري 76بالمائة ونسبة مياه الشرب 21 بالمائة ونسبة المياه المستغلة في الصناعة والسياحة 3 بالمائة وفق تقديرات وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
وتطرق بن زيد لاحقا إلى خارطة توزيع الأمطار من غرة سبتمبر 2024 إلى 27 جانفي 2025 وبين أن معدل التساقطات منذ بداية الموسم إلى حدود 27 جانفي الجاري كان في حدود 113 بالمائة في الشمال الشرقي و96 بالمائة بالشمال الغربي و156 بالمائة بالوسط الشرقي و94 بالمائة بالوسط الغربي و122 بالمائة بالجنوب الشرقي و93 بالمائة بالجنوب الغربي. وأشار إلى ما وصفه بالوضعية الحرجة لنسبة الإيرادات للسدود رغم أن التساقطات فاقت منذ بداية الموسم المعدل الجملي لهذه الفترة وناهزت 111 بالمائة وتمثل قرابة 62 بالمائة من المعدل السنوي.
وأوضح أنه يوجد في تونس 37 سدا وبلغت كمية المياه الموجودة في هذه السدود بتاريخ 27 جانفي الجاري 755 مليون متر مكعب، بعد أن كانت في نفس اليوم من السنة الماضية في حدود 768 مليون متر مكعب، وبالتالي بلغ العجز13 مليون متر مكعب. ولاحظ أن الإيرادات خلال السنوات الخمس الأخيرة كانت ضعيفة لذلك تراجع مخزون المياه بالسدود. وبين أن المخزون الحالي المتوفر بسد سيدي سالم بتاريخ 27 جانفي 2025 في حدود 114 مليون متر مكعب وكانت هذه الكمية في نفس اليوم من السنة الفارطة 198 مليون متر مكعب، وتمثل نسبة الإيرادات الحالية في هذا السد 30 بالمائة وهذه نسبة ضعيفة في أكبر سد في البلاد. وقدم بن زيد لنواب الشعب رسوما بيانية أخرى حول مخزون سد سيدي البراق وسد سجنان. وتطرق إثر ذلك إلى الوضعية الحالية لسدود منظومة مياه الشرب للشمال حيث تم بتاريخ 27 جانفي الجاري تسجيل 560 مليون متر مكعب بما يمثل 74 بالمائة من مخزون جميع السدود. وفسر أن تونس تحتوي على 37 سدا وهناك 14 فقط تلعب دورا محوريا في التزويد بالمياه ولكن نصفها سجل كميات من المياه أقل مما كانت عليه في السنة الفارطة. وعبر عن أمله في أن يتواصل نزول الأمطار لكي تتحسن الإيرادات في الفترة القادمة بما يساعد على توفير مياه الشرب ومياه الري.
برامج مستقبلية
رفيق العيني مدير التخطيط الإستراتيجي بمكتب التخطيط والتوازنات المائية بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري استعرض إستراتيجية الوزارة في مجال المياه للفترة 2026- 2030. وبين أن هذه الإستراتيجية هامة جدا للوصول للتوازن بين العرض والطلب وهي تقوم حسب قوله على أربعة محاور رئيسية وتحتوي على 43 برنامجا مقسمة بطريقة علمية على 1200 إجراء حسب السنة والمنطقة وولايات الجمهورية. وتهدف الإستراتيجية المذكورة إلى إنجاز مشاريع ذات أولوية لتعبئة الموارد المائية وتحسين نجاعة شبكات مياه الشرب وشبكات الري وتثمين المياه المعالجة في المجال الفلاحي وتحلية مياه البحر وانجاز أشغال التهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية وتثمين جمع مياه الأمطار واعتماد الطاقات المتجددة، ولتحقيق هذه الأهداف من الضروري توفير التمويلات اللازمة..
وذكر أن توجهات الوزارة في مجال المياه للفترة 2026-2030 تتمثل في تعبئة الموارد المائية السطحية وتركيز محاور جلب وتحويل المياه وتدعيم الموارد المائية الجوفية بانجاز 30 سدا باطنيا وتحسين نجاعة شبكات التزود بمياه الشرب بتجديد 5 آلاف كلم من قنوات توزيع المياه وقنوات الجلب، فضلا عن تركيز عدادات ذكية بمدينة جربة كمشروع نموذجي، وإعداد تهيئة منظومات التزود بالماء الصالح للشرب بإعادة تأهيل 23 منظومة مائية لفائدة قرابة 90 ألف ساكن في الوسط الريفي وإحالتها إلى «الصوناد». كما تتمثل أيضا في تثمين المياه المعالجة في المجال الفلاحي على مستوى الأراضي الفلاحية العمومية والخاصة وإحداث 30 منطقة سقوية صغرى على مساحة 8 آلاف هكتار ونقل مياه الصرف الصحي المستعملة من مناطق الإنتاج إلى المناطق السقوية لتثمين مياه الصرف الصحي واستغلالها في ري الحبوب والأعلاف وتلبية احتياجات مزارع الزيتون والأشجار المثمرة من الماء ولهذا الغرض هناك محور جلب المياه المعالجة بسوسة الكبرى، ومحور آخر لجلب المياه المعالجة بتونس الكبرى ومحور ثالث لجلب المياه المعالجة بصفاقس الكبرى. وأضاف ممثل الوزارة أن أهداف الإستراتجية تتمثل كذلك في تهيئة المناطق السقوية العمومية وتعصيرها، وتحسين نجاعة شبكات الري لبلوغ 80 بالمائة وإعادة تهيئة المناطق السقوية بولايات الجنوب على مساحة جملية 4250 هكتار وتعصيرها، واستكمال برنامج تعصير المنطقة السقوية الكبرى ببوهرتمة على مساحة 13400 هكتار، وتحلية المياه الجوفية المالحة لري 15 ألف هكتار من الزياتين، وتحلية مياه البحر بتوسعة أربع محطات وسيتم حسب قوله إعطاء الأولوية لتمويل مشاريع التوسعة حسي ستتم توسعة محطات جربة والزارات وسوسة وصفاقس بطاقة توسعة جملية تقدر بنحو 275 ألف متر مكعب في اليوم، كما سيتم انجاز أربع محطات لتحلية المياه الجوفية وهي محطات قرقنة وبن قردان ودقاش وبليدات.
وتحدث العيني في مداخلته عن برنامج انجاز أشغال التهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية وتثمين جمع مياه الأمطار لتطوير النظم الفلاحية خاصة الحبوب والزيتون والمراعي وتعزيز الفلاحة البعلية الذي يهدف إلى بلوغ 270 ألف هكتار من غراسات الزياتين و80 ألف هكتار من الحبوب و105 آلاف هكتار من المراعي. وأضاف أنه يتم الاشتغال أيضا على محور هام وهو اعتماد الطاقات المتجددة بطاقة إنتاج جملية في حدود 405 جيغاواط في الساعة سنويا. وتطرق إلى مشاريع السدود والأشغال المائية ومنها تعلية سدي سليانة ونبهانة وانجاز سدين جديدين بسليانة وبولعابة وانجاز 10 سدود جبلية وذكر أن هناك 4 مشاريع لتحويل المياه وهي: تحويل مياه سجنان بجاوة، وتحويل مياه نبهانة سيدي سعد، وإعادة تهيئة قنال جلب مياه نبهانة الساحل، وتحويل مياه سد بربرة سليانة الكاف.
تهيئة الشبكات
وبخصوص الهدف الاستراتيجي المتعلق بتحسين مردودية شبكات الجلب والتوزيع التابعة لـ»الصوناد»، أشار رفيق العيني إلى أنه في إطار المخطط 2025- 2030 من المنتظر تهيئة قرابة ألف كلم من القنوات سنويا وهو ما سيؤدي إلى تهيئة خمسة آلاف كلم في نهاية المخطط، وسيتم العمل على انجاز مشاريع لتحسين مردودية شبكات مياه الشرب بتونس الكبرى وشبكات التزود بمياه الشرب بصفاقس الكبرى وقبلي وتوزر مع العمل على تعميم العدادات الذكية على مدينة جربة.
وخلال النقاش أثار النائب جلال الخدمي معضلة الآبار العشوائية وطالب بمزيد توفير مناطق سقوية وحمل النائب عبد القادر بن زينب الدولة مسؤولية فشل منظومة المجامع المائية ودعا النائب منصف المعلول إلى إيجاد حلول للمناطق التي لا توجد فيها سدود ومنها تطاوين وتشجيع استغلال المياه الجوفية. ولاحظ أن سبعين بالمائة من سكان الأرياف يقتنون صهريج الماء بمائة دينار وتساءل أين دور الدولة في التوفير الماء الصالح للشرب لهؤلاء المتساكنين الذين يعانون من العطش ويرى أن «الصوناد» فشلت في استغلال وفي توزيع المياه. وأضاف أن الكثير من المؤسسات التربوية تفتقر للماء ودور العبادة أيضا. وذكر أنه عوضا عن تثمين الأراضي الاشتراكية واستغلالها تحولت هذه الأخيرة إلى أراض رعوية أغلبها بور وبهذه الكيفية لا يمكن بلوغ الأمن الغذائي.
السيادة المائية
النائب محمد علي أشار إلى ضرورة مراجعة مجلة المياه في اتجاه المحافظة على السيادة المائية ومجابهة تداعيات الشح المائي في ظل التغيرات المناخية. ودعا إلى إنشاء إقليم مائي بالحوض المنجمي بما يمكن من تجديد شبكات المياه وشبكات الصرف الصحي والحد من التسربات وضمان حق الأجيال القادمة في الماء. وأوصى بتحديد مجال خوصصة استغلال المياه لأن المستثمر في مجال تعليب المياه يبحث عن الربح لا غير. وذكر أن هناك العديد من المستثمرين قدموا مطالب لإنشاء مؤسسات لتعليب المياه في وقت تعيش فيه البلاد أزمة ندرة مياه. ونبه إلى أن قفصة تعاني من الاستغلال المكثف للمائدة المائية من قبل المستثمرين والقطاع الصناعي خاصة لغسل الفسفاط على حساب مياه الشرب وبذلك تم ضرب مبدأ العدالة المائية. وأوصى علي باعتماد حلول أخرى عوضا عن تحلية مياه البحر لأن التحلية مكلفة وتضر بالثروة السمكية وذكر أن الاستثمار في الطاقات المتجددة أكبر كارثة على المائدة المائية لأنه مستهلك كبير للمياه.
وبينت النائبة بسمة الهمامي أنه في ظل التغيرات المناخية يجب إعادة النظر في تخصيص ولايتي زغوان وسليانة للزراعات الكبرى وقالت إن أزمة التغيرات المناخية ليست جديدة بل تم التنبيه لمخاطرها منذ التسعينات واليوم أصبحت أثارها فادحة ففي تونس مثلا كانت هناك خمس سنوات جفاف متتالية وكان لابد من التوقي من آثار تلك التغيرات المناخية بالاستئناس بتجارب الدول الناجحة ومع محاولة إيجاد حلول استباقية لتجميع مياه الأمطار وتلافي هدرها. وذكرت أن سد وادي الخماسة في سليانة عوضا عن مساهمته في بعث منطقة سقوية رائدة فإن المنطقة المحيطة به حاليا في حالة دمار. وبخصوص المجامع المائية قالت إن هذه المجامع أصبحت لا تؤدي الدور المطلوب منها ويجب التخلي عنها.
السيادة الغدائية
النائب عبد الرزاق عويدات يختلف في الرأي مع بقية النواب ويرى أن تحلية المياه هي من الحلول التي يجب اعتمادها في تونس لتوفير المياه في ظل التغيرات المناخية والحاجة المتزايدة لمياه الري وقال النائب إن النهوض بالفلاحة مدخل للسيادة الغذائية وذكر أنه لا بد من إنشاء شبكات تصريف مياه الأمطار وتلافي خلطها مع المياه المستعملة والحد من تسرب المياه من منطقة بني مطير إلى غدير القلة.
وأشار النائب صابر الجلاصي إلى أن الحديث عن إستراتيجية الماء يقتضي توفر القدرة على التخزين وتحسين شبكات مياه الشرب والري. وقال إنه عوضا عن مشاريع التحلية يجب دعم المناطق السقوية وبعث محطات معالجة واستغلال مياه الأمطار ومراجعة المجامع المائية البالغ عددها 2750 لأن هذه المنظومة أنهكت وفشلت وحان الوقت لإيجاد حل بديل وطالب الحكومة بتقديم مشروع مجلة المياه للبرلمان.
مراجعة التسعيرة
دعا النائب محمد اليحياوي إلى تطوير نسبة التعبئة في السدود ويرى أن التوجه إلى التحلية مكلف ولا بد من حلول أخرى مثل تخزين المياه في باطن الأرض. وطالب بوضع مجلة مياه تقوم على تصورات وطنية بعيدا عن الحيف الاجتماعي وتضمن العدالة المائية بين الجهات وتحقق التوازن بين مياه الشرب ومياه الري وشدد على ضرورة التخلي عن الزراعات غير الإستراتيجية المستهلكة للمياه مثل الفراولو مقابل تكثيف زراعة الحبوب وعلى ضرورة مراجعة التسعيرة المشطة المعتمدة من قبل المجامع المائية واقترح التوجه نحو زجر محاولات العبث بالثروة المائية في تونس ووضع خطة لمقاومة تلوث المائدة المائية وتنزيل مجلة المياه.
وقال النائب صلاح الفرشيشي إنه توجد إمكانية لبناء سدود أخرى إضافة إلى سد الملاق العلوي وسد الرغاي وذلك لتعبئة كميات أوفر من المياه خلال السنوات الممطرة ويجب العمل على حسن استغلال المائدة الجوفية وتخفيف الضغط على مناطق الشمال وتحسين الشبكات لتلافي هدر المياه، وتوفير الكميات اللازمة لري المناطق السقوية مثل بوهرتمة التي تمتد على 25 ألف هكتار. ودعا إلى تيسير حفر الآبار وربطها بالكهرباء واستكمال تزويد المناطق الريفية بماء الشرب لأنه من العيب أن يتم حرمان المواطنين القاطنين على مقربة من سدود باجة وجندوبة والكاف من الربط بمياه الشرب.
وتحدثت النائبة منال بديدة عن معاناة متساكني معتمدية بير علي بن خليفة بصفاقس من نقص المياه رغم أنها كانت من أحسن المناطق من حيث المائدة المائية الغنية ذات التدفق العالي للمياه العذبة لكن اليوم أكثر من ثلاثة أرباع المواطنين دون ماء وهم يتزودون بالصهاريج والمدارس تفتقر للماء والتلاميذ مهددون بمرض بوصفير. وانتقدت أداء منظومة المجامع المائية ووصفت هذه التجربة بالفاشلة. وعلى غرار النائبة بسمة الهمامي طالبت بديدة بدورها بإحالة منظومة المجامع المائية إلى «الصوناد».
الخارطة الفلاحية
ولاحظت النائبة مريم الشريف أنه لا بد من وضع خطة وطنية لضمان حسن استغلال المياه لتحقيق السيادة الوطنية ولا بد من التخطيط على المدى البعيد وتغيير مجلة المياه ومراعاة آثار التغيرات المناخية وتغيير الخارطة الفلاحية وتغيير منظومة السدود والحد من الهدر من خلال صيانة الشبكات فهذا الحل أفضل من تحلية مياه البحر مع التخلي عن الزراعات المستهلكة للماء وطالبت بمراجعة مجلة المياه وذكرت أنه لا يعقل في سنة 2025 أن نشاهد مواطنين يتنقلون كيلومرات عديدة لجلب المياه في علب بلاستكية.
وطالب النائب عماد الدين السديري بتوحيد تسعيرة المياه بين «الصوناد» والمجامع المائية وتجديد شبكات مياه الشرب بما في ذلك في نبّر وتهيئة المناطق السقوية العمومية خاصة بملاق ووادي الكحل وسرات والمناطق السقوية الخاصة بالفالتة. ولاحظ أن الجزائر عندما قامت بتركيز أربعة سدود أثر ذلك على منسوب المياه بملاق ومجردة.
وذكر النائب نجيب عكرمي أنه لا بد من تطوير الاستراتجيات المائية وتغييرها ومراعاة تطور استهلاك الفرد والأخذ بعين الاعتبار لزيادة عدد السياح والحد من المفارقات والمتناقضات لأنه من غير المنطقي أن يبقى المواطن في قفصة معطش في حين يتم توفير المياه للري ومن غير المقبول أن يبقى المواطن القاطن على مقربة من السد محروما من الماء كما يجب تطوير منظومة السدود ومراجعة منظومة المجامع المائية وتعديل مجلة المياه وتسوية وضعية الآبار غير المرخصة ولاحظ أن لوبي المياه المعلبة لا يريد تطوير منظومة المياه العمومية.
استكمال 5 سدود
وتعقيبا على مداخلات النواب أشار إطارات وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري إلى أن مجلة المياه الحالية تعود إلى سنة 1975 وكان الهدف من مراجعتها مزيد تنظيم قطاع المياه وتم تمرير مشروع المجلة الجديدة للمرة الرابعة على مجلس وزاري وسيتم عرضها عما قريب على البرلمان، وأكدوا أنه لا بد من مواصلة الجهود لتعبئة الموارد المائية لذلك سيتم هذا العام استكمال خمسة سدود كبرى لتعبئة الموارد السطحية أما بالنسبة إلى التحلية فهو خيار اتجهت إليه الدولة لأنها تريد ضمان توفير الماء للمواطن حتى في فترات الجفاف وذلك بإنشاء محطات كبرى للتحلية رغم أنها مكلفة.