"ذبح".. دفن.. وأسرار تكشف بعد سنوات.. "مجازر" عائلية "تضرب" االروابط الأسرية..
مقالات الصباح
«مذابح» عائلية ضربت مؤخرا عددا من الأسر التونسية، القاتل ليس بغريب عن العائلة بل هو واحد من أفرادها والضحايا ابن، زوجة، شقيق، أم.. كلهم فارقوا الحياة في لحظة غادرة من أقرب المقربين اليهم.. لحظة لم تتوقعها الضحية فكانت حياته هي الثمن.. وأما الجناة فبعضهم خطط لـ«الحرقة» والبعض الآخر قتل و«دفن» وكتم السر وواصل حياته وكأن شيئا لم يكن.
في بعض الأحيان يكون «المرض النفسي» أحد المحركات الرئيسية لبعض الجرائم ولكن حالات القتل أو المذابح العائلية التي عادة ما يرتكبها الأقارب في حق أقاربهم تكون بدوافع مختلفة وأسباب عديدة ليس من بينها المرض النفسي.
أول جريمة قتل في 2025 تأتي بعد موجة من جرائم القتل التي شهدها عام 2024 والتي بلغت 25 جريمة راح ضحيتها نساء.. جريمة قتل ذهبت ضحيتها امرأة في الثلاثين من عمرها حيث استفاقت يوم الاثنين الموافق لـ20 جانفي 2025 منطقة الثلايجية من معتمدية زانوش من ولاية قفصة على وقع جريمة بشعة راح ضحيتها أم وابنها ذي الأربع سنوات بعد ذبحهما بآلة حادة من قبل الأب وتحصنه بالفرار .
وتحولت وحدات من الحرس الوطني بالجهة وممثل عن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بقفصة لمعاينة جثتيْ الضحيتين لعرضها على الطبيب الشرعي ليتم القبض على الزوج القاتل قبل فراره الى الجزائر.
بعدها بيوم شهدت مدينة قليبية من ولاية نابل مساء الثلاثاء 21 جانفي 2025 حادثة مروعة، حيث أقدم شاب في العشرينات من العمر على سكب مادة البنزين على والدته وإضرام النار في جسدها أثناء استعداد الأسرة لتناول وجبة العشاء.
وتدخلت وحدات الحماية المدنية بسرعة لإخماد النيران وإنقاذ الضحية، حيث تم نقلها بشكل فوري إلى المستشفى المحلي بقليبية. ونظرًا لخطورة الحروق التي تعرضت لها، تم تحويلها إلى مستشفى الحروق البليغة ببن عروس لتلقي العناية الطبية اللازمة.
وخلال الليلة الفاصلة بين 23 و 24 جانفي جدت جريمة
صادمة بجهة الشراحيل التابعة لمعتمدية المكنين من ولاية المنستير حيث أقدم كهل ناهز الستين من عمره على قتل شقيقه الأكبر والبالغ من العمر 64 عاما حيث أصابه بالة صلبة على الرأس حتى فارق الحياة الارث.
و تحصن القاتل بالفرار اثر ارتكاب الجريمة وتم القاءالقبض عليه بمدينة سوسة.
وتم فتح تحقيق في خصوص جريمة القتل العمد مع سابقية القصد وتنقل قاضي التحقيق وعاين الجثة وأذن للطبيب الشرعي بتشريحها ومعرفة اسباب الوفاة التي يبدو حسب الأبحاث الأولية ان سبب القتل يعود لخلافات حول الإرث.
زوجته كشفت السر..
حادث اخرى صادمة شهدتها أمس الاول ولاية المهدية ذلك أنه بعد مرور ست سنوات ظهرت ادلة جديدة في قضية قتل إمرأة بمدينة الشابة التابعة لولاية المهدية لذلك قرّرت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالمنستير، استئناف التحقيق في القضية التي تعود أطوارها إلى سنة 2018.
وفي تصريح لـ«الصباح» أوضح مساعد الوكيل العام والناطق الرسمي باسم محاكم المنستير والمهدية فريد بن جحا، أنّه بعد بعد مرور 6 سنوات من ارتكاب الجريمة، اتصلت زوجة القاتل بالنيابة العمومية، وأفادت بأنّ زوجها (من مواليد 1977) هو من قتل زوجة عمه المجني عليها.
وكان تمّ حفظ القضية منذ سنة 2018، لعدم وجود أدلة كافية على ارتكاب الجريمة.
وبعد كشف خيوطها وإيقاف الجاني تم استنطاقه من طرف دائرة الاتهام، وإصدار بطاقة إيداع بالسجن ضدّه، وإرجاع القضية الى قاضي التحقيق على ضوء الحقائق والمعطيات الجديدة.
وأضاف محدثنا أنّ الزوجة صرحت بأنّ القاتل زوجها مبينة ان صورة الواقعة تتمثل في ان زوجها كان دخل في ذلك الوقت إلى منزل زوجة عمّه الهالكة من مواليد 1959 استولى على مصوغها ثم قتلها بدم بارد وغادر المنزل.
جريمة أخرى انكشف فيها سر خطير.. سر جريمة قتل دفن طيلة 23 سنة لينكشف بعد ذلك، منطلق الكشف عن الجريمة كان اثر تقدم امرأة لأعوان الحرس الوطني بالسبيخة من ولاية القيروان للإبلاغ عن تورط زوجها في قتل شقيقه منذ سنة 2001 ودفنه تحت أرضية مطبخ منزل العائلة.
وبإشعار النيابة العمومية تقرر البحث عن الجثة حيث تم حفر المكان المذكور واستخراج الجثة، وحسب ذات المعطيات فقد بينت الأبحاث أن المتوفى تخاصم سنة 2001 مع شقيقته وكان عمره آنذاك 17 عاما ليتدخل شقيقهما البالغ من العمر 21 عاما واعتدى عليه بواسطة هراوة مما أدى الى وفاته، ليتفق مع والدتهما على دفنه تحت أرضية مطبخ المنزل الذي كان بصدد التشييد.
وخلال الفترة الأخيرة نشب خلاف بين الزوج وزوجته حيث اعتدى عليها بالعنف لتقوم لاحقا بإشعار الجهات الأمنية بالسبيخة بأسرار ما قام به زوجها منذ ثلاثة وعشرين عاما.
الجريمة العائلية والمرض النفسي..
إن مرتكبي المذابح العائلية لا يعانون – عادةً- من أمراض عقلية أو فصام أو اضطرابات في التفكير. فلا يمكن الادعاء بأنهم مرضى نفسيون، ولكنهم غالبًا ما يتمتعون بقدر كبير من «الأنا العليا» وفق درلسة أعدها البروفيسور «جاك ليفين» أستاذ علم الاجتماع وعلم الجريمة في جامعة نورث إيسترن في بوسطن،
مضيفا أن الشخص الذي يخطط بطريقة منهجية لقتل عائلته لا يكون عادةً مجنونًا، ربما يكون مرتبكًا لارتكاب مثل هذه الجريمة التي تخرج من العدم ولكن يجب أن يكون هناك شيء ما خطير قد حدث، فقتل العائلة ليس رد فعل طبيعيًا على وضع سيء مهما بلغت درجة سوئه.
ومن المؤكد أن مثل هؤلاء الأشخاص قد عانوا من الإحباطات الطويلة والمتراكمة، مما أدى إلى حالة من اليأس لفترات طويلة، وغالبًا ما يحِدّ الإحباط من قدرات هؤلاء الأشخاص، مما يصيبهم بمزيد من الإحباط، وكأنها دائرة مغلقة لذا، ربما تأتي حادثة بسيطة وأخيرة، تكون بمثابة «القشة التي تقصم ظهر البعير»، لكنها بالتأكيد لا تُحيلهم إلى الجنون. .
ومن المهم أيضًا أن ندرك أن هؤلاء الأشخاص وهم يرتكبون جرائمهم، لا يُلقون باللوم على أنفسهم، وإلا لقاموا بتناول مضادات الاكتئاب أو اندفعوا نحو الانتحار.
هم عادة ما يوجهون اللوم إلى عوامل خارجية محيطة لذلك، نرى أن بعض هؤلاء الأشخاص -الذين نجوا بعد قتل عائلاتهم- لا يعبرون عن الشعور بالندم أو يصفون أنفسهم بالأشرار.
العوامل الاجتماعية للجرائم العائلية..
الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أوضح أن وضع الجريمة في تونس وارتفاع منسوب العنف بكل أشكاله وتمظهراته قد وصل إلى حد خطير وكارثي يهدد الإستقرار المجتمعي و الأمن الشامل للدولة ،لا سيما أن الجريمة في تونس أصبحت أكثر وحشية وفظاعة ،تحدث أمام مرأى الناس ومسمعهم ،عرضية و عابرة ،تافهة، ليس لها تاريخ ولا ذاكرة بل تبدو أحياناً بلا معنى ،بلا أحداث ولا أسباب ومجانية.
واعتبر عز الدين أن الوضع ليس كارثياً فعندما نقارن بين الوضع في تونس مع سائر بلدان العالم ،نلاحظ أن مستويات الجريمة رغم إرتفاعها في السنوات القليلة الماضية تعتبر معتدلة و لا تبعث على الخطر ،إذ حلت تونس في المرتبة 10 عربيا و 65 عالميا ضمن التقرير السنوي لمؤشر الجريمة العالمي لعام 2019 الذي تقوم بإصداره موسوعة قاعدة البيانات « نامبيو» من بين 118 دولة شملها التقرير.
ويضيف الباحث ممدوح عز الدين أن ما يمكن ملاحظته فيما يخص الجريمة في تونس تطور جريمة النقمة والانتقام وتحول العنف الى ثقافة يتم التطبيع معه.
كما أن لغة التخاطب أمست كذلك عنيفة و أصبحت الثقافة العنيفة لغة تسويقية إستهلاكية نلاحظها بوضوح في الافلام الكارتونية الموجهة للاطفال أو برامج الكاميرا الخفية والبرامج التلفزية الحوارية.
ويضيف ممدوح عز الدين أن تصاعد الفردانية أدى الى ارتفاع الثقل الذي يوجد على الأفراد في ظل مجتمع يرتكز على الإستهلاك التظاهري والمشهدية وهيمنة الصورة إذ أصبحوا غير قادرين على مواجهة متطلباته ،بالتوازي تتٱكل مؤسسات المجتمع كالاسرة والمدرسة ليجد الفرد نفسه يواجه الصدمات بمفرده دون سند مؤسسي فلا العائلة تساند ولا الدولة ولا إلانتماءات المختلفة تساند فيصبح التصرف من خلال الجريمة هو الحل المتاح مما يؤشر إلى وجود هشاشة نفسية وإجتماعية في ظل ضعف أدوار المؤسسات و إنحلالها.
وعندما يعجز الفرد على تقييم سلوكه لغياب المرجعية القيمية وطغيان اللامعيارية وتشوش خريطة القيم مثل تراجع قيم العلم والعمل والأخلاق والحس المدني والاحساس بالواجب و المسؤولية وإحترام الملك العمومي والمال العام يصبح عنيفا مع نفسه ومع الٱخرين فتكثر حالات القتل البشع والهجرة السرية والادمان على المخدرات وعدم الإلتزام بقانون الطرقات وما ينجر عن ذلك من حوادث قاتلة.
مفيدة القيزاني
«مذابح» عائلية ضربت مؤخرا عددا من الأسر التونسية، القاتل ليس بغريب عن العائلة بل هو واحد من أفرادها والضحايا ابن، زوجة، شقيق، أم.. كلهم فارقوا الحياة في لحظة غادرة من أقرب المقربين اليهم.. لحظة لم تتوقعها الضحية فكانت حياته هي الثمن.. وأما الجناة فبعضهم خطط لـ«الحرقة» والبعض الآخر قتل و«دفن» وكتم السر وواصل حياته وكأن شيئا لم يكن.
في بعض الأحيان يكون «المرض النفسي» أحد المحركات الرئيسية لبعض الجرائم ولكن حالات القتل أو المذابح العائلية التي عادة ما يرتكبها الأقارب في حق أقاربهم تكون بدوافع مختلفة وأسباب عديدة ليس من بينها المرض النفسي.
أول جريمة قتل في 2025 تأتي بعد موجة من جرائم القتل التي شهدها عام 2024 والتي بلغت 25 جريمة راح ضحيتها نساء.. جريمة قتل ذهبت ضحيتها امرأة في الثلاثين من عمرها حيث استفاقت يوم الاثنين الموافق لـ20 جانفي 2025 منطقة الثلايجية من معتمدية زانوش من ولاية قفصة على وقع جريمة بشعة راح ضحيتها أم وابنها ذي الأربع سنوات بعد ذبحهما بآلة حادة من قبل الأب وتحصنه بالفرار .
وتحولت وحدات من الحرس الوطني بالجهة وممثل عن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بقفصة لمعاينة جثتيْ الضحيتين لعرضها على الطبيب الشرعي ليتم القبض على الزوج القاتل قبل فراره الى الجزائر.
بعدها بيوم شهدت مدينة قليبية من ولاية نابل مساء الثلاثاء 21 جانفي 2025 حادثة مروعة، حيث أقدم شاب في العشرينات من العمر على سكب مادة البنزين على والدته وإضرام النار في جسدها أثناء استعداد الأسرة لتناول وجبة العشاء.
وتدخلت وحدات الحماية المدنية بسرعة لإخماد النيران وإنقاذ الضحية، حيث تم نقلها بشكل فوري إلى المستشفى المحلي بقليبية. ونظرًا لخطورة الحروق التي تعرضت لها، تم تحويلها إلى مستشفى الحروق البليغة ببن عروس لتلقي العناية الطبية اللازمة.
وخلال الليلة الفاصلة بين 23 و 24 جانفي جدت جريمة
صادمة بجهة الشراحيل التابعة لمعتمدية المكنين من ولاية المنستير حيث أقدم كهل ناهز الستين من عمره على قتل شقيقه الأكبر والبالغ من العمر 64 عاما حيث أصابه بالة صلبة على الرأس حتى فارق الحياة الارث.
و تحصن القاتل بالفرار اثر ارتكاب الجريمة وتم القاءالقبض عليه بمدينة سوسة.
وتم فتح تحقيق في خصوص جريمة القتل العمد مع سابقية القصد وتنقل قاضي التحقيق وعاين الجثة وأذن للطبيب الشرعي بتشريحها ومعرفة اسباب الوفاة التي يبدو حسب الأبحاث الأولية ان سبب القتل يعود لخلافات حول الإرث.
زوجته كشفت السر..
حادث اخرى صادمة شهدتها أمس الاول ولاية المهدية ذلك أنه بعد مرور ست سنوات ظهرت ادلة جديدة في قضية قتل إمرأة بمدينة الشابة التابعة لولاية المهدية لذلك قرّرت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالمنستير، استئناف التحقيق في القضية التي تعود أطوارها إلى سنة 2018.
وفي تصريح لـ«الصباح» أوضح مساعد الوكيل العام والناطق الرسمي باسم محاكم المنستير والمهدية فريد بن جحا، أنّه بعد بعد مرور 6 سنوات من ارتكاب الجريمة، اتصلت زوجة القاتل بالنيابة العمومية، وأفادت بأنّ زوجها (من مواليد 1977) هو من قتل زوجة عمه المجني عليها.
وكان تمّ حفظ القضية منذ سنة 2018، لعدم وجود أدلة كافية على ارتكاب الجريمة.
وبعد كشف خيوطها وإيقاف الجاني تم استنطاقه من طرف دائرة الاتهام، وإصدار بطاقة إيداع بالسجن ضدّه، وإرجاع القضية الى قاضي التحقيق على ضوء الحقائق والمعطيات الجديدة.
وأضاف محدثنا أنّ الزوجة صرحت بأنّ القاتل زوجها مبينة ان صورة الواقعة تتمثل في ان زوجها كان دخل في ذلك الوقت إلى منزل زوجة عمّه الهالكة من مواليد 1959 استولى على مصوغها ثم قتلها بدم بارد وغادر المنزل.
جريمة أخرى انكشف فيها سر خطير.. سر جريمة قتل دفن طيلة 23 سنة لينكشف بعد ذلك، منطلق الكشف عن الجريمة كان اثر تقدم امرأة لأعوان الحرس الوطني بالسبيخة من ولاية القيروان للإبلاغ عن تورط زوجها في قتل شقيقه منذ سنة 2001 ودفنه تحت أرضية مطبخ منزل العائلة.
وبإشعار النيابة العمومية تقرر البحث عن الجثة حيث تم حفر المكان المذكور واستخراج الجثة، وحسب ذات المعطيات فقد بينت الأبحاث أن المتوفى تخاصم سنة 2001 مع شقيقته وكان عمره آنذاك 17 عاما ليتدخل شقيقهما البالغ من العمر 21 عاما واعتدى عليه بواسطة هراوة مما أدى الى وفاته، ليتفق مع والدتهما على دفنه تحت أرضية مطبخ المنزل الذي كان بصدد التشييد.
وخلال الفترة الأخيرة نشب خلاف بين الزوج وزوجته حيث اعتدى عليها بالعنف لتقوم لاحقا بإشعار الجهات الأمنية بالسبيخة بأسرار ما قام به زوجها منذ ثلاثة وعشرين عاما.
الجريمة العائلية والمرض النفسي..
إن مرتكبي المذابح العائلية لا يعانون – عادةً- من أمراض عقلية أو فصام أو اضطرابات في التفكير. فلا يمكن الادعاء بأنهم مرضى نفسيون، ولكنهم غالبًا ما يتمتعون بقدر كبير من «الأنا العليا» وفق درلسة أعدها البروفيسور «جاك ليفين» أستاذ علم الاجتماع وعلم الجريمة في جامعة نورث إيسترن في بوسطن،
مضيفا أن الشخص الذي يخطط بطريقة منهجية لقتل عائلته لا يكون عادةً مجنونًا، ربما يكون مرتبكًا لارتكاب مثل هذه الجريمة التي تخرج من العدم ولكن يجب أن يكون هناك شيء ما خطير قد حدث، فقتل العائلة ليس رد فعل طبيعيًا على وضع سيء مهما بلغت درجة سوئه.
ومن المؤكد أن مثل هؤلاء الأشخاص قد عانوا من الإحباطات الطويلة والمتراكمة، مما أدى إلى حالة من اليأس لفترات طويلة، وغالبًا ما يحِدّ الإحباط من قدرات هؤلاء الأشخاص، مما يصيبهم بمزيد من الإحباط، وكأنها دائرة مغلقة لذا، ربما تأتي حادثة بسيطة وأخيرة، تكون بمثابة «القشة التي تقصم ظهر البعير»، لكنها بالتأكيد لا تُحيلهم إلى الجنون. .
ومن المهم أيضًا أن ندرك أن هؤلاء الأشخاص وهم يرتكبون جرائمهم، لا يُلقون باللوم على أنفسهم، وإلا لقاموا بتناول مضادات الاكتئاب أو اندفعوا نحو الانتحار.
هم عادة ما يوجهون اللوم إلى عوامل خارجية محيطة لذلك، نرى أن بعض هؤلاء الأشخاص -الذين نجوا بعد قتل عائلاتهم- لا يعبرون عن الشعور بالندم أو يصفون أنفسهم بالأشرار.
العوامل الاجتماعية للجرائم العائلية..
الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أوضح أن وضع الجريمة في تونس وارتفاع منسوب العنف بكل أشكاله وتمظهراته قد وصل إلى حد خطير وكارثي يهدد الإستقرار المجتمعي و الأمن الشامل للدولة ،لا سيما أن الجريمة في تونس أصبحت أكثر وحشية وفظاعة ،تحدث أمام مرأى الناس ومسمعهم ،عرضية و عابرة ،تافهة، ليس لها تاريخ ولا ذاكرة بل تبدو أحياناً بلا معنى ،بلا أحداث ولا أسباب ومجانية.
واعتبر عز الدين أن الوضع ليس كارثياً فعندما نقارن بين الوضع في تونس مع سائر بلدان العالم ،نلاحظ أن مستويات الجريمة رغم إرتفاعها في السنوات القليلة الماضية تعتبر معتدلة و لا تبعث على الخطر ،إذ حلت تونس في المرتبة 10 عربيا و 65 عالميا ضمن التقرير السنوي لمؤشر الجريمة العالمي لعام 2019 الذي تقوم بإصداره موسوعة قاعدة البيانات « نامبيو» من بين 118 دولة شملها التقرير.
ويضيف الباحث ممدوح عز الدين أن ما يمكن ملاحظته فيما يخص الجريمة في تونس تطور جريمة النقمة والانتقام وتحول العنف الى ثقافة يتم التطبيع معه.
كما أن لغة التخاطب أمست كذلك عنيفة و أصبحت الثقافة العنيفة لغة تسويقية إستهلاكية نلاحظها بوضوح في الافلام الكارتونية الموجهة للاطفال أو برامج الكاميرا الخفية والبرامج التلفزية الحوارية.
ويضيف ممدوح عز الدين أن تصاعد الفردانية أدى الى ارتفاع الثقل الذي يوجد على الأفراد في ظل مجتمع يرتكز على الإستهلاك التظاهري والمشهدية وهيمنة الصورة إذ أصبحوا غير قادرين على مواجهة متطلباته ،بالتوازي تتٱكل مؤسسات المجتمع كالاسرة والمدرسة ليجد الفرد نفسه يواجه الصدمات بمفرده دون سند مؤسسي فلا العائلة تساند ولا الدولة ولا إلانتماءات المختلفة تساند فيصبح التصرف من خلال الجريمة هو الحل المتاح مما يؤشر إلى وجود هشاشة نفسية وإجتماعية في ظل ضعف أدوار المؤسسات و إنحلالها.
وعندما يعجز الفرد على تقييم سلوكه لغياب المرجعية القيمية وطغيان اللامعيارية وتشوش خريطة القيم مثل تراجع قيم العلم والعمل والأخلاق والحس المدني والاحساس بالواجب و المسؤولية وإحترام الملك العمومي والمال العام يصبح عنيفا مع نفسه ومع الٱخرين فتكثر حالات القتل البشع والهجرة السرية والادمان على المخدرات وعدم الإلتزام بقانون الطرقات وما ينجر عن ذلك من حوادث قاتلة.
مفيدة القيزاني