إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

على هامش حادثة مستشفى ساقية سيدي يوسف .. العنف يتفشى.. يهدد قطاعات ويستنزف مجتمعا

 

تطرح حادثة اعتداء مدير مستشفى ساقية سيدي يوسف بولاية الكاف بالعنف، وفق الأبحاث الأولية، على ممرضة بآلة حادة وعلى موظف من خلال إضرام النار في جسده وسيارته، بقوة موضوع تفشي أشكال العنف القصوى في عدد من القطاعات وفي المجتمع بشكل عام.

ويعد العنف في المؤسسات الصحية ظاهرة متفشية منذ سنوات وتتجسد في أكثر من مستوى، اعتداءات من المرضى على الإطار الطبي وشبه الطبي، أو اعتداء عائلات المرضى، واليوم بدأت تتجسد في اعتداءات صلب الإطارات العاملة فيما بينها، وهذا يؤكد ما ذهب إليه مختصون في علم الاجتماع بأن حالات العنف هي انعكاس لحالة عامة من العنف تتهدد المجتمع التونسي وتحتاج لوقفة تأمل ومعالجة أسبابه ودوافعه.

ظاهرة ومخاوف 

في رسالة طمأنة للعاملين بالقطاع الصحي، أكدت ووزارة الصحة أن الحادثة المسجلة في ولاية الكاف تعد «فردية ومعزولة، ولا تعكس بأي شكل من الأشكال صورة مهنيّي القطاع الصحّي، هذا الجيش الأبيض الذي يُمثّل واجهة مشرفة للوطن، مجدّدة التزامها بضمان كرامة وسلامة كافة العاملين في القطاع، والعمل على توفير بيئة عمل آمنة ومحترمة للجميع».

لكن هذه الطمأنة قد لا تكفي للحد من المخاوف المتنامية من ظاهرة العنف في المستشفيات بكل تجالياتها ومنذ سنوات، دون أن تكون سلطة الأشراف قادرة على وقف النزيف.

وقد نفذ سابقا الأطباء بمختلف المؤسسات الصحية وقفات احتجاجية في أكثر من مناسبة تنديدا بما يتعرض إليه الإطار الطبي وشبة الطبي في المستشفى وخاصة في أقسام الاستعجالي من اعتداءات متكررة، مطالبين باتخاذ إجراءات عملية للحد من الظاهرة وتداعياتها السلبية لاسيما وأنها تعد من بين أسباب هجرة الإطار الطبي وشبه الطبي.

وفي تصريح سابق اعتبرت الطبيبة وعضو العمادة الوطنية للأطباء بتونس، حنان الطويري، أن الاعتداءات على مهنيي الصحة وخاصة الأطباء والإطار شبه الطبي أمر مؤسف جدا وهو سبب مباشر من أسباب الهجرة.

وقالت إن «اللجنة الوطنية للصحة أحصت منذ سنة 2017 والى حدود 2022، أكثر من 14369 حادث شغل منها 570 اعتداء على الإطارات الطبية وشبه الطبية، مؤكدة غياب الإحصائيات الرسمية خاصة لعزوف العديد من الأطباء عن الإبلاغ عن حالات العنف التي تعرضوا لها».

مضيفة أن عمادة الأطباء «تعتزم إحداث مرصد حول الاعتداءات على الأطباء وسيتم الإبلاغ عن حالات العنف عبر استبيان يوضع على موقع العمادة لتحديد حالات العنف وأسبابها».

تفشي العنف 

لا يقتصر تفشي العنف على القطاع الصحي بل يشمل المؤسسة التربوية وأصبحت الحالات تسجل باستمرار سواء اعتداء التلاميذ على المربين أو العكس أو اعتداءات الأولياء على الإطار التربوي إلى جانب حالات عنف بين التلاميذ في باحة المدرسة.

وكشف سابقا الكاتب العام للفرع الجامعي للتعليم الثانوي بتونس منير خير الدين، أن عدد الاعتداءات التي تطال سنويا المربين تتجاوز الـ5 آلاف حالة، مؤكدا وجود تطور في ظاهرة العنف.

وتعد حالات العنف في المستشفيات والمدارس انعكاسا طبيعيا لتزايد مظاهر العنف في المجتمع ككل وهو ما تؤكده الدراسات والإحصائيات وأطلق بخصوصها المختصون صيحات فزع عديدة.

وكشف مؤخرا المتحدث باسم الإدارة العامة للأمن الوطني العميد عماد ممّاشة، أن ظاهرة العنف في تونس تفشّت، مشيرا إلى أن المؤشرات والإحصائيات في تزايد.

وأضاف مماشة في تصريح في ديسمبر الماضي، في إطار ندوة لوزارة الداخلية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، أن الوزارة تقوم بمجهودات كبرى لمناهضة العنف، معتبرا العنف بالوسط المدرسي نتاجا للعنف الأسري الذي تسبب بدوره في عنف بالملاعب.

كما أفاد المتحدّث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، بأنّ 60 ألف محضر عدلي تعلّقت بالعنف في الفضاء الأسري تمت مباشرتها سنة 2024 من قبل وحدات الاختصاص.

مضيفا، خلال يوم دراسي حول مكافحة العنف في الفضاء الأسري، أن الإحصائيات تبرز تسجيل 70 بالمائة قضايا عنف في السداسي الأول من سنة 2024 مقابل نسب تتراوح بين 51 و58 بالمائة في السنوات الماضية.

وحول هذه الإحصائيات المفزعة تحدّث الأستاذ الجامعي والباحث في علم الاجتماع، محمد الجويلي، معتبرا أنّ «الوسط الحضري بدأ يشهد أشكالا جديدة من العنف، خاصّة ‹›العنف العدمي›› الذي لا توجد وراءه فكرة، وهم ذاتيات يدافعون عن هوية معيّنة، ومن الصعب التحاور معهم أو إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المنظومة».

وأضاف الجويلي في تصريح إذاعي مؤخرا أن «انعدام الثقة عادة ما يترجم في أشكال العنف الكبير، مؤكّدة على أنّ كلّ مؤسّسة تكسب شرعيتها من خلال جودة أدائها، «وهو ما بدأنا نفقده في جلّ مؤسّساتنا (التربوية، الصحيّة.)».

◗ م.ي

 

 

 

 

 

 

 

 

على هامش حادثة مستشفى ساقية سيدي يوسف ..   العنف يتفشى.. يهدد قطاعات ويستنزف مجتمعا

 

تطرح حادثة اعتداء مدير مستشفى ساقية سيدي يوسف بولاية الكاف بالعنف، وفق الأبحاث الأولية، على ممرضة بآلة حادة وعلى موظف من خلال إضرام النار في جسده وسيارته، بقوة موضوع تفشي أشكال العنف القصوى في عدد من القطاعات وفي المجتمع بشكل عام.

ويعد العنف في المؤسسات الصحية ظاهرة متفشية منذ سنوات وتتجسد في أكثر من مستوى، اعتداءات من المرضى على الإطار الطبي وشبه الطبي، أو اعتداء عائلات المرضى، واليوم بدأت تتجسد في اعتداءات صلب الإطارات العاملة فيما بينها، وهذا يؤكد ما ذهب إليه مختصون في علم الاجتماع بأن حالات العنف هي انعكاس لحالة عامة من العنف تتهدد المجتمع التونسي وتحتاج لوقفة تأمل ومعالجة أسبابه ودوافعه.

ظاهرة ومخاوف 

في رسالة طمأنة للعاملين بالقطاع الصحي، أكدت ووزارة الصحة أن الحادثة المسجلة في ولاية الكاف تعد «فردية ومعزولة، ولا تعكس بأي شكل من الأشكال صورة مهنيّي القطاع الصحّي، هذا الجيش الأبيض الذي يُمثّل واجهة مشرفة للوطن، مجدّدة التزامها بضمان كرامة وسلامة كافة العاملين في القطاع، والعمل على توفير بيئة عمل آمنة ومحترمة للجميع».

لكن هذه الطمأنة قد لا تكفي للحد من المخاوف المتنامية من ظاهرة العنف في المستشفيات بكل تجالياتها ومنذ سنوات، دون أن تكون سلطة الأشراف قادرة على وقف النزيف.

وقد نفذ سابقا الأطباء بمختلف المؤسسات الصحية وقفات احتجاجية في أكثر من مناسبة تنديدا بما يتعرض إليه الإطار الطبي وشبة الطبي في المستشفى وخاصة في أقسام الاستعجالي من اعتداءات متكررة، مطالبين باتخاذ إجراءات عملية للحد من الظاهرة وتداعياتها السلبية لاسيما وأنها تعد من بين أسباب هجرة الإطار الطبي وشبه الطبي.

وفي تصريح سابق اعتبرت الطبيبة وعضو العمادة الوطنية للأطباء بتونس، حنان الطويري، أن الاعتداءات على مهنيي الصحة وخاصة الأطباء والإطار شبه الطبي أمر مؤسف جدا وهو سبب مباشر من أسباب الهجرة.

وقالت إن «اللجنة الوطنية للصحة أحصت منذ سنة 2017 والى حدود 2022، أكثر من 14369 حادث شغل منها 570 اعتداء على الإطارات الطبية وشبه الطبية، مؤكدة غياب الإحصائيات الرسمية خاصة لعزوف العديد من الأطباء عن الإبلاغ عن حالات العنف التي تعرضوا لها».

مضيفة أن عمادة الأطباء «تعتزم إحداث مرصد حول الاعتداءات على الأطباء وسيتم الإبلاغ عن حالات العنف عبر استبيان يوضع على موقع العمادة لتحديد حالات العنف وأسبابها».

تفشي العنف 

لا يقتصر تفشي العنف على القطاع الصحي بل يشمل المؤسسة التربوية وأصبحت الحالات تسجل باستمرار سواء اعتداء التلاميذ على المربين أو العكس أو اعتداءات الأولياء على الإطار التربوي إلى جانب حالات عنف بين التلاميذ في باحة المدرسة.

وكشف سابقا الكاتب العام للفرع الجامعي للتعليم الثانوي بتونس منير خير الدين، أن عدد الاعتداءات التي تطال سنويا المربين تتجاوز الـ5 آلاف حالة، مؤكدا وجود تطور في ظاهرة العنف.

وتعد حالات العنف في المستشفيات والمدارس انعكاسا طبيعيا لتزايد مظاهر العنف في المجتمع ككل وهو ما تؤكده الدراسات والإحصائيات وأطلق بخصوصها المختصون صيحات فزع عديدة.

وكشف مؤخرا المتحدث باسم الإدارة العامة للأمن الوطني العميد عماد ممّاشة، أن ظاهرة العنف في تونس تفشّت، مشيرا إلى أن المؤشرات والإحصائيات في تزايد.

وأضاف مماشة في تصريح في ديسمبر الماضي، في إطار ندوة لوزارة الداخلية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، أن الوزارة تقوم بمجهودات كبرى لمناهضة العنف، معتبرا العنف بالوسط المدرسي نتاجا للعنف الأسري الذي تسبب بدوره في عنف بالملاعب.

كما أفاد المتحدّث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، بأنّ 60 ألف محضر عدلي تعلّقت بالعنف في الفضاء الأسري تمت مباشرتها سنة 2024 من قبل وحدات الاختصاص.

مضيفا، خلال يوم دراسي حول مكافحة العنف في الفضاء الأسري، أن الإحصائيات تبرز تسجيل 70 بالمائة قضايا عنف في السداسي الأول من سنة 2024 مقابل نسب تتراوح بين 51 و58 بالمائة في السنوات الماضية.

وحول هذه الإحصائيات المفزعة تحدّث الأستاذ الجامعي والباحث في علم الاجتماع، محمد الجويلي، معتبرا أنّ «الوسط الحضري بدأ يشهد أشكالا جديدة من العنف، خاصّة ‹›العنف العدمي›› الذي لا توجد وراءه فكرة، وهم ذاتيات يدافعون عن هوية معيّنة، ومن الصعب التحاور معهم أو إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المنظومة».

وأضاف الجويلي في تصريح إذاعي مؤخرا أن «انعدام الثقة عادة ما يترجم في أشكال العنف الكبير، مؤكّدة على أنّ كلّ مؤسّسة تكسب شرعيتها من خلال جودة أدائها، «وهو ما بدأنا نفقده في جلّ مؤسّساتنا (التربوية، الصحيّة.)».

◗ م.ي

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews