إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أيّة حلول واستراتيجيات لمواجهة التحديات الوطنية والعالمية؟.. معامل ومؤسسات صناعية "ملتهمة" للطاقة !!..

ملفات "الصباح"

أيّة حلول واستراتيجيات لمواجهة التحديات الوطنية والعالمية؟

معامل ومؤسسات صناعية "ملتهمة" للطاقة !!..

-     500 مؤسسة تستحوذ على ما يزيد عن 70 بالمائة من الاستهلاك الطاقي الصناعي!!

-     مؤسسات غير متحكمة في الطاقة فقدت مكانها في الأسواق الخارجية ولم تصمد إلا من تحولّ واستثمر في برامج النجاعة الطاقية

-     حجم استهلاك المؤسسات الصناعية للطاقة يناهز الـ 3 ملايين مكافئ نفط من الطاقة الأولية

-     القطاعات الصناعية تمثل 14 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد وتضم حاليا 5000 مؤسسة توفر ما يناهز الـ  500 ألف موطن شغل

-     الطاقة تستحوذ على 70 بالمائة من كلفة الإنتاج في مصانع الآجر و55 بالمائة في مصانع الإسمنت

-     مؤسسات صناعية نموذجية تكسب الرهان بعد تفعيلها برامج النجاعة والكفاءة الطاقية

-     الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة قاطرة لتحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للطاقة

-     توجه الدولة إلى الاقتصاد الأخضر والدائري والابتعاد أكثر ما يمكن عن الاقتصاد الهدري

ملف من إعداد: وفاء بن محمد

تونس-الصباح

تسعى تونس، على غرار العديد من دول العالم، بخطى حثيثة للانضمام إلى صفوف الدول الرائدة في مجال ترشيد استهلاك الطاقة وتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة، وتأتي هذه الجهود استجابة للتحولات المتسارعة التي عرفها المشهد العالمي في السنوات الأخيرة، والتي فرضت قطيعة مع الأساليب التقليدية في إنتاج واستهلاك الطاقة، مفسحة المجال لاعتماد تقنيات مبتكرة وبدائل مستدامة. وفي ظل هذا السياق، لم تكن تونس بمنأى عن هذه التحولات، حيث أدركت أهمية مواكبة هذا المشهد الجديد في قطاع يعتبر أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني. وانطلاقًا من هذه الرؤية، بادرت الدولة بتبني حزمة من المشاريع والبرامج الطموحة في قطاع الطاقة، شملت العديد من المجالات، بهدف تعزيز أمنها الطاقي ودعم التحول نحو اقتصاد أخضر ومستدام.

وقد أثبتت جل الأرقام والمؤشرات الحديثة، أن قطاع النقل في تونس يستحوذ على النصيب الأكبر من استهلاك الطاقة بنسبة 36 بالمائة، يليه القطاع الصناعي بنسبة 30 بالمائة، والذي يصل معدل الاستهلاك في عدد من مؤسساته خاصة المعملية إلى أكثر من 70 بالمائة، بما يعادل 3/4 استهلاك الطاقة لكامل القطاع الصناعي التونسي...

 وتعد المصانع والمعامل والمجمعات الصناعية الكبرى في البلاد، أكثر القطاعات المستهلكة للطاقة والتي تشكل محور اهتمام كبير من قبل الدولة وكل الهياكل المتدخلة في قطاع الطاقة..

وللوقوف عند علاقة المؤسسات الصناعية بالطاقة وتصنيف أكبرها استهلاكا و"التهاما" للطاقات وعددها الحقيقي في النسيج المؤسساتي، فضلا عن تأثيرها المباشر على القطاع وعلى المنظومة الاقتصادية عموما، والبحث في طبيعة البرامج والخطط الحكومية التي تهدف إلى التقليص والترشيد في استهلاك الطاقة، ومدى نجاعتها وقدرتها على فرض مكان لتونس في المشهد العالمي الجديد في مجال الطاقة، فتحت "الصباح" ملف المعادلة الصعبة بين التشجيع على الاستثمارات الصناعية الكبرى وتأثير ذلك على مخزوننا الطاقي عبر دراسة واقع القطاع الصناعي وحاجياته الطاقية والوقوف في عدد من المحطات الحوارية والشهادات التقنية والفنية مع عدد من مسؤولي قطاع الصناعة والطاقة، وكذلك ممثلين لعدد من المؤسسات الصناعية المتهمة بكونها "ملتهمة" للطاقة وغير مسايرة للتحولات العالمية والأهداف الوطنية فيما يتعلق بالتوجه نحو الطاقات الخضراء والحد من استهلاك الطاقات التقليدية الملوثة للبيئة ...

واقع قطاع الصناعات المعملية

المتمعن في واقع الصناعات المعملية في تونس اليوم، يجدها من القطاعات المحتلة للمراتب الأولى فيما يتعلق بالاستهلاك الطاقي مقارنة ببقية القطاعات الصناعية، وتمثل الصناعات المعملية لوحدها نسبة  14 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد،  كما تضم حاليا في حدود الـ 5000 مؤسسة، توفر ما يناهز الـ  500 ألف موطن شغل، ويحتوي قطاع الصناعات المعملية ونقصد المصانع والمعامل والمصابغ والمدابغ،  على العديد من الأنشطة التي تعتبر رافعة اقتصادية هامة في اقتصاد البلاد...

وتستحوذ الصناعات الميكانيكية والكهربائية في قطاع الصناعات المعملية على نصيب الأسد من حيث عدد المؤسسات التي تناهز الـ 300 مؤسسة والتي توفر في حدود الـ 100 ألف موطن شغل، وتحقق عائدات سنوية هامة بفضل صادرتها التي تصل إلى 3 مليار دولار أي ما يعادل تقريبا الـ 10 مليار دينار تونسي... ويعد النسيج الصناعي في قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية 914 مؤسسة تشغل 10 أشخاص فما فوق منها 428 مؤسسة مصدرة كليا لإنتاجها.

وفي هذا الإطار، أفاد المدير العام للصناعات المعملية صلب وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، فتحي السهلاوي في تصريح لـ"الصباح" بأن الصناعات المعملية تعد من أهم القطاعات التي توفر عائدات هامة للدولة خاصة الصناعات الميكانيكية والكهربائية التي لها  من المزايا التفاضلية الكثير مما يجعلها محل استقطاب من قبل المستثمرين في الخارج...

وأضاف السهلاوي أن موفى السنة الجارية 2024، من المنتظر أن تكشف الأرقام الجديدة حول واقع الاستثمار في هذا المجال تحديدا، تطورا هاما ودفعا لنسق الاستثمارات فيه، مما يؤكد ثقة المستثمرين في هذا القطاع باعتباره الأكثر استقطابا، حسب تعبيره.

وأكد السهلاوي أن معدل مواطن الشغل التي ستوفرها الاستثمارات الجديدة والتي تمت مؤخرا، من توسعة واستحداثات جديدة في صناعة مكونات السيارات ستكون في حدود الـ 5 آلاف موطن شغل فقط في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى اللقاءات الدائرة حاليا بين الحكومة وشركات عملاقة ورائدة في المجال من الشرق والتي من بينها مشروعين هامين مع شركتين في مجال تصنيع السيارات...

وأضاف:"يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية، قطاع النسيج والجلود والأحذية، ويعد النسيج الصناعي في هذا القطاع 1561 مؤسسة تشغل 10 أشخاص فما فوق منها 1255 مؤسسة مصدرة كليا لإنتاجها.. تليه الصناعات الصيدلية، القطاع الذي يؤمن اليوم 74 بالمائة من حاجياتنا الوطنية من الأدوية،  ويعد قطاعا سياديا بامتياز إلى جانب بقية القطاعات التي تنتمي إلى الصناعات المعملية، على غرار صناعة مكونات الطائرات وتصنيع السفن وقوارب الترفيه..."

وذكر مسؤول وزارة الصناعة أن الصناعات المعملية تضم أيضا القطاعات الكلاسيكية على غرار صناعة الحديد ومواد البناء والآجر وصناعة المربعات الخزفية التي لا تختلف عن بقية الصناعات الثقيلة من حيث الاستهلاك الطاقي، حيث تستهلك كميات كبيرة من الطاقات بسبب طبيعة ونوعية عملياتها الإنتاجية، من ذلك أن صناعة الحديد والصلب تعدّ من أكثر الصناعات "التهاما" للطاقات نظرا لعمليات الصهر والتشكيل التي تتطلب كميات ضخمة من الطاقة. ويعد النسيج الصناعي في قطاع صناعات مواد البناء والخزف والبلور 327 مؤسسة تشغل 10 أشخاص فما فوق منها 22 مؤسسة مصدرة كليا لإنتاجها..

إلى جانب الصناعة الكيميائية التي تشمل إنتاج الأسمدة والمبيدات الحشرية والمواد الكيميائية الأخرى، والتي تتطلب طاقة كبيرة لعمليات التصنيع، كذلك صناعة الإسمنت التي تتطلب طاقة كبرى هي الأخرى لتسخين المواد الخام في الأفران لإنتاج الاسمنت، دون أن ننسى كذلك، صناعة التكرير النفطية والمعروف في عمليات تكرير النفط والغاز أنها تحتاج إلى طاقة كبيرة لعمليات التقطير والتكرير والمعالجة.

كذلك تعد الصناعات الغذائية التي تشمل صناعات مثل مصانع الألبان والعجين والمشروبات، من القطاعات التي تحتاج كميات كبيرة من الطاقة بسبب عمليات التصنيع والتخزين والتبريد.

وبالتالي، فإن طبيعة النسيج المؤسساتي الصناعي لهذا الصنف من المؤسسات يستوجب استهلاكا متزايدا للطاقة تم قياسه في العديد من الدراسات الكمية المنجزة من قبل خبراء وهياكل رسمية للدولة، مما يتطلب إيجاد حلول وبرامج للتقليص أكثر ما يمكن من الهدر الطاقي في هذا القطاع.

حجم الاستهلاك الطاقي والتكلفة الاقتصادية

وبالوقوف عند حقيقة حجم الاستهلاك الطاقي بالأرقام بالنظر، نتبين ضخامة التكلفة الاقتصادية التي تتكبدها مؤسسات القطاع من جهة، والميزانية العمومية من جهة ثانية، حيث أكد فتحي السهلاوي، المدير العام للصناعات المعملية في وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، إن ما يناهز الـ 500 مؤسسة،  الأكثر استهلاكا للطاقة تمثل ما يزيد عن 70 بالمائة من الاستهلاك الطاقي مقارنة بجميع المؤسسات الصناعية،  بما يعني أن هذه المؤسسات لوحدها تستحوذ على ثلاثة أرباع الاستهلاك الجملي للطاقة في القطاع الصناعي إجمالا.

وتتفاوت نسب الاستهلاك حسب القطاع ونوع الصناعة، حيث أن بعض الصناعات مثل صناعة الحديد والصلب والكيماويات تتطلب كميات كبيرة من الطاقة مقارنة بصناعات أخرى، وهذا ما أكده مدير النجاعة الطاقية بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، محمد علي السافي، مضيفا  أن الدراسات الأخيرة المنجزة كشفت بالأرقام أن المؤسسات الصناعية الكبرى تستهلك 75 بالمائة من الطاقة من مجموع القطاع الصناعي.

وأضاف المسؤول بالوكالة في تصريحه لـ "الصباح"، أن  حجم الاستهلاك للمؤسسات الصناعية الأكثر استهلاكا للطاقة، يناهز الـ 3 ملايين مكافئ نفط من الطاقة الأولية، بحيث أن أقل وحدة صناعية تستهلك 800 طن مكافئ نفط، مبينا أن المؤشر المرجعي للاستهلاك يتحدد من خلال نسبة الطاقة بمقارنة بالمصاريف الجملية للمؤسسة.

أما في ما يخص التكلفة الاقتصادية المنجرة عن الإفراط في استهلاك الطاقة لدى المعامل والمصانع، فقد أثبتت كل الدراسات المعمقة المنجزة، أن هذه المؤسسات في الكثير منها فقدت موقعها في الأسواق الخارجية ولم يصمد إلا القليل منها، وهي التي انطلقت في تطبيق برامج النجاعة الطاقية وترشيد الاستهلاك الطاقي.

فعلى سبيل المثال، تأثرت معامل الآجر من الاستهلاك الكبير للطاقة، وهي التي تعتمد على المواد الطاقية الأولية الموردة بأسعار مرتفعة، ليصنف قطاع صناعة الآجر بالأكثر تأثرا بالطاقة، حيث تفوق كلفة الطاقة بمفردها ودون احتساب اليد العاملة وبقية المصاريف في الوحدة الواحدة  الـ 70 بالمائة، حسب ما أفاد به المسؤول بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة .

كما فقد القطاع عددا هاما من مؤسساته، فبعد أن كان يضم  40 مؤسسة  مختصة في صناعة الآجر، بقيت فقط 15 مؤسسة اليوم، كما تواجه مؤسسات صناعة الاسمنت هي الأخرى إشكاليات وصعوبات على مستوى التصدير حتى فقدت العديد من الأسواق الخارجية على غرار مصنع إسمنت بنزرت الذي لم يصدر هذه السنة بأكملها 2024، بسبب المنافسة الشرسة من قبل السوق الجزائرية خاصة على القطر الليبي.

كما أضاف السافي في ذات السياق، أن النسبة تصل إلى 55 بالمائة استهلاك الطاقة لوحدها في قطاع الاسمنت، وفي حدود الـ30 بالمائة في المصابغ والمدابغ،  مشيرا إلى أن أكثر من 70 وحدة إنتاج آجر ، بقيت منها اليوم فقط 20 وحدة وهي التي طبقت  برامج النجاعة الطاقية والتوليد المؤتلف للطاقة وترشيد استهلاك الطاقة  ...

من جانبه، أفاد المدير العام للصناعات المعملية في وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، بأن تذبذب الأسعار العالمية للطاقة نتيجة الأزمة الوبائية كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، أثر بشكل مباشر على التكلفة الطاقية لدى العديد من المصانع والمعامل في تونس باعتبار أنها تستهلك المواد الطاقية على غرار الفيول والغاز ... التي تمثل الجزء الحراري بنسبة 60 بالمائة وهي مواد مستوردة بالأساس وتخضع بالتالي للأسعار في الأسواق العالمية ..

وهذا المعطى حسب المدير العام له كلفة اقتصادية مباشرة على اقتصاد البلاد، ولعل أهم التداعيات المباشرة هي التي تتعلق بتراجع الصادرات التونسية في القطاع الصناعي..

أية حلول وأية برامج حكومية؟

وأمام الإفراط في استهلاك الطاقة لدى المعامل والمصانع، تسعى الدولة والهياكل المتدخلة في قطاعي الصناعة والطاقة إلى التقليص أكثر ما يمكن من الاستهلاك الكبير للطاقة خاصة لدى المؤسسات الصناعية الكبرى، من خلال تحسين كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي وتعزيز استخدام مصادر الطاقات المتجددة عبر برامج وخطط فعلية، إلى جانب  المشروع الحكومي  الأبرز،  وهو الإستراتيجية الوطنية للقطاع.

فقد قامت الدولة في السنوات الأخيرة بجملة من الإجراءات التحفيزية وسنت عددا من القوانين والتشريعات المؤسساتية في هذا المجال بهدف تحسين كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي وتعزيز استخدام مصادر الطاقات المتجددة للحد من الاستهلاك الكبير للطاقة ولتقليل الأثر البيئي، فضلا عن تحسين القدرة التنافسية للصناعة التونسية عموما...

ومن أبرز البرامج الحكومية، حسب ما أفاد به المدير العام للصناعات المعملية، اعتماد آلية التعديل الكربوني عبر الإحاطة الفنية والتي انطلقت فيها الدولة مع عدد من المؤسسات الصناعية، باعتبار أن الشركات والمؤسسات التونسية تتسابق اليوم للالتحاق بركب التوجه العالمي نحو ترشيد استهلاك الطاقة والتقليص من انبعاثات الكربون والمحافظة على البيئة حسب المعايير الدولية...

وتضع الدولة في هذا الصدد، أطرا وآليات تحفيزية لدعم النسيج المؤسساتي التونسي للرفع من قدرة المنتجات المحلية التنافسية في الأسواق الخارجية التي أصبحت تشترط هذه المعايير التي تمنحها الضوء الأخضر للدخول إلى الفضاء الأوروبي خاصة والخارجي عموما....

وتعمل كل البرامج الحكومية على تشجيع المؤسسات الصناعية بهدف الانخراط في استعمالات الطاقات البديلة وفي برنامج حماية بعض الأنشطة الاقتصادية عن طريق كهربة الاستهلاك الطاقي، حسب ما ذكره السهلاوي... وكذلك، عن طريق برنامج تثمين النفايات الذي انطلقت فيه الدولة في العديد من المؤسسات الصناعية على غرار مصنع الاسمنت بجبل الوسط، استنادا لإجراءات قانون المالية في مجال التصرف في النفايات، وقد أكد السهلاوي في هذا الصدد على أهمية إنشاء مؤسسات وسيطة على مستوى وزارة البيئة لتثمين النفايات ضمن الإستراتيجية الوطنية لسنة 2035...

كما أكد المسؤول بوزارة الصناعة على دور الإستراتيجية الوطنية في ما يتعلق بتوجه الدولة إلى الاقتصاد الأخضر والدائري والابتعاد أكثر ما يمكن عن الاقتصاد الهدري، مع أهمية كهربة الاستهلاك في الطاقة حتى يكون هناك انسجام بين توجهات الدولة وطبيعة الاستثمارات في القطاع...

من جهة أخرى، وفي نفس التوجه، تستقبل وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بصفة دورية تحديدا عبر إدارة التأهيل الصناعي، العديد من مطالب المؤسسات والشركات التونسية التي تريد الانتفاع بدعم برامج التأهيل عبر تمويلات لإنشاء استثمارات جديدة تستهدف تطبيق المعايير الجديدة مواكبة للتوجه العالمي نحو ترشيد الطاقة وإزالة الكربون والمحافظة على البيئة، كان آخرها موافقة اللجنة الاستشارية لبرنامج التأهيل الصناعي لـ5 ملفات لمؤسسات باستثمارات جملية قدرها 112،6 مليون دينار ومنح بقيمة 15،9 مليون دينار... إلى جانب 40 ملفا آخر في شهر افريل من السنة الجارية تم قبولهم والمصادقة عليهم من قبل اللجنة باستثمارات جملية قدرت  بـ64 مليون دينار ومنح بـ 8.6 ملايين دينار، فضلا عن ملفات مصاحبة  لاستثمارات في التكنولوجيا تحديدا بما يناهز الـ 64 ملفا قدرت بـ 5.76 مليون دينار ومنح تساوي 1.96 مليون دينار.

ليكون بذلك برنامج التأهيل الصناعي من بين ابرز البرامج الحكومية، باعتباره يمثل آلية أوجدتها الدولة صلب وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، وهو ما أكده المدير العام لمكتب التأهيل الصناعي كمال الهنداوي، لـ"الصباح"، مشيرا إلى أهمية الدعم المالي الذي توفره هذه الآلية والذي يتراوح معدله بين 30 و40 مليون دينار سنويا، يتم توفيره من الاقتطاعات بنسبة 1 بالمائة من رقم معاملات المؤسسات والشركات التونسية الناشطة في السوق المحلية المودعة في صندوق تنمية القدرة التنافسية (FODEC).

وأوضح الهنداوي أن الشركات التي تنتفع بدعم الدولة تنشط بالأساس في الصناعة والخدمات التي في العادة تستهلك كثيرا الطاقة، مبينا أن الاستثمار يكون في الأغلب في التجهيزات والمعدات المتطورة التي تواكب كل التغيرات التي عرفها العالم خاصة التي تخص المناخ والبيئة والطاقات الجديدة والاقتصاد الدائري وكيفية التحكم في النفايات والمحافظة على البيئة، وحلول التقليص في الاستهلاك المائي.

وبالعودة إلى برنامج التأهيل الصناعي الذي يندرج ضمن برامج الدولة الصناعية، فإن أبرز أهدافه، دعم القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية ومؤسسات الخدمات المتصلة بالصناعة عن طريق تجديد المعدات وتحديث وسائل الإنتاج، وإرساء نظم الجودة حسب المراجع العالمية، فضلا عن تكثيف الاعتماد على تكنولوجيات المعلومات والاتصال، والنهوض بالتجديد التكنولوجي وتطوير نظم التصرف في المؤسسة... كذلك يهدف البرنامج إلى الرفع من قدرات الموارد البشرية ...

صورة.jpg

الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة.. قاطرة تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للطاقة

وليس ببعيد عن برامج وزارة الصناعة التي تتبناها الدولة كحلول لتأهيل المؤسسات الصناعية حتى تكون مسايرة للمعايير الدولية في ما يتعلق بترشيد استهلاك الطاقة والتقليص من انبعاثات الكربون، تعمل الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة بمجهودات جبارة، في هذا المجال، عبر  إطلاق برامج وخطط نجحت اليوم في تجسيدها على ارض الواقع،  معاضدة لجهود الدولة، والتي انطلقت من خلالها بكبرى الشركات المستهلكة للطاقة وصولا إلى تعميمها وتوسيعها على كامل القطاع الصناعي والخدماتي على اعتبار انه القطاع الأكبر من بين بقية القطاعات الاقتصادية في تونس استهلاكا للطاقة...

وبالرجوع إلى جهود الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، نكتشف حزمة البرامج والإصلاحات التي أطلقتها منذ الثمانينات مرورا بإصدار قانون التحكم في الطاقة عدد 72 لسنة 2004، وصولا إلى إحداث صندوق الانتقال الطاقي الذي عوض صندوق التحكم في الطاقة في سنة 2017، والذي ساهم في الحقيقة في استحثاث نسق الاستثمار في مجال ترشيد استهلاك الطاقة في القطاع الصناعي من خلال توفير حلول تمويلية متنوعة ومندمجة..

وفي هذا الإطار، أفاد مدير النجاعة الطاقية بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، محمد علي السافي لـ "الصباح" بأن الوكالة وضعت آليات تحفيزية لتمويل برامج النجاعة الطاقية وذلك عبر صندوق الانتقال الطاقي الذي يوفر دعما ماديا لتنفيذ المشاريع ذات الصلة عن طريق إسناد مختلف المنح.

وقد ثبتت نجاعة هذا البرنامج ليستفيد منه كآخر إحصائيات رسمية مع موفى سنة 2022، ما يناهز الـ1127 ملف استثمار في مجال كفاءة الطاقة واستبدال الغاز الطبيعي في مختلف الأنشطة الصناعية عن طريق الحوافز الممنوحة من قبل الدولة.

كما ساهم صندوق الانتقال الطاقي في الآونة الأخيرة في تخفيض الطلب على الطاقة بأكثر من 12% ومكن من إبرام حوالي الـ 2000 عقد برنامج بعث مشروع في مجال النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة، فضلا عن صرف أكثر من 350 مليون دينار لتشجيع المواطنين والمؤسسات على الاستثمار  في هذا المجال.

وخلال سنة 2024، أعطت اللجنة الاستشارية صلب صندوق الانتقال الطاقي الموافقة على منح تقدر بـ 70 بالمائة من تكاليف الإحاطة الفنية للمؤسسات قصد انجاز برامج البصمة الكربونية ومنحة مادية بـ20 بالمائة قصد انجاز مشاريع حقيقية. إلى جانب ذلك، نجح الصندوق في تجميع حوالي 12 مليون طن من الطاقة وفي وتخفيض كلفة الطاقة بـ 11 ألف مليون دينار، في نسبة كبيرة من هذه الإحصائيات تخص القطاع الصناعي الذي يعد اليوم ثالث قطاع مستهلك للطاقة في تونس بنسبة حوالي 25 بالمائة من الاستهلاك النهائي للطاقة....

وأضاف السافي في ذات السياق أن تمويلات صندوق الانتقال الطاقي تهدف إلى تشجيع وتسريع وتيرة الاستثمار في مجالات ترشيد استهلاك الطاقة وتطوير الطاقات المتجددة ودعم المؤسسات الاقتصادية في تحديد إستراتيجيات تخفيض محتوى الكربون لمنتجاتها والحفاظ على قدرتها التنافسية والإنتاجية، وتقليل بصمتها الكربونية، وتعزيز قدراتها التصديرية.

كما أشار المسؤول بالوكالة إلى أنه قد تمت المصادقة، في هذا الإطار وعلى مستوى التدقيق الطاقي للقطاع الصناعي، منذ سنة 2010 إلى موفى سنة 2023 على إنجاز حوالي 497 عملية تدقيق طاقي وإبرام 711 عقدا بحجم استثمار بلغ 435 مليون دينار، فضلا عن قيام الوكالة على مستوى التوليد المؤتلف للطاقة بدعم إنتاج الكهرباء عن طريق تكنولوجيا التوليد المؤتلف للطاقة حيث تم منذ سنة 2004 إلى غاية موفى سنة 2023 تركيز 51 منشأة بقدرة جملية تناهز 168 ميغاواط وبإمكانات للاقتصاد في الطاقة تقدر بـحوالي120 ألف طن مكافئ نفط.

وأضاف محمد علي السافي في إطار دعم مجهودات الدولة للحد من انبعاثات الكربون، أنه قد تم إدراج عمليات المحاسبة الكربونية ضمن مجال تدخلات صندوق الانتقال الطاقي، مشيرا إلى أن الوكالة قامت بتنفيذ عدة عمليات تهدف إلى تعزيز الوعي وتوفير الآليات اللازمة للمؤسسات التونسية لتحقيق أهدافها في هذا المجال، وتشمل هذه العمليات حسب تعبيره في إطلاق منصة (DecarboAct) والتي تهدف إلى مساعدة المؤسسات التونسية على تحديد نسبة انبعاثاتها من الكربون الناتجة عن أنشطتها ومنتجاتها، مع تقديم توصيات حول العمليات والآليات المتاحة لتخفيضها.

إلى جانب تنظيم عدد من الأيام الإعلامية الشهرية لفائدة المؤسسات من مختلف القطاعات والإدارات العمومية، حيث تم التطرق إلى موضوع المحاسبة الكربونية وآلية التعديل الكربوني على الحدود، فضلا عن البدء في تنفيذ البرنامج النموذجي الموجه لفائدة 14 مؤسسة، والذي يتضمن احتساب وتقييم البصمة الكربونية للمنتجات وفقا للمواصفة (ISO 14067).

هذا البرنامج الذي كان قد حاز على اهتمام كبير من قبل الدولة بعد تنظيم المنتدى المتوسطي لتخفيض الكربون (DecarboMED2024) تحديدا في شهر سبتمبر 2024،  وهي المرة الأولى التي ينتظم فيها في تونس، بهدف عرض مختلف الآليات والتكنولوجيات والخدمات المتوفرة على المستويين الوطني والدولي، لمساعدة المؤسسات في تخفيض محتوى الكربون لأنشطتها.

وفي هذا الإطار، تحدث محمد علي السافي لـ "الصباح" قائلا إن هذا البرنامج النموذجي يحتاج لوحده اليوم إلى تمويلات بقيمة 14 مليار دولار في أفق 2030 حتى تصل تونس إلى التقليص بنسبة 45 بالمائة من الكثافة الكربونية منها تقريبا 3.5  مليار دولار يمكن تعبئتها من مواردنا الذاتية بما يتطلب توفير 11 مليار دولار تمويلات خارجية من الجهات المانحة، حسب تعبيره.

من جانبه، أكد المدير العام للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، فتحي الحنشي على أهمية انخراط تونس في التوجه العالمي للقضاء على الكربون حتى تتمكن مؤسساتنا من اكتساح الأسواق الخارجية وتصبح لها قدرة تنافسية وتمويلية، معتبرا أن الحياد الكربوني يندرج في سياق الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. كما ربط انخراط الدولة اليوم في هذا التوجه بدوره الهام في التسريع في الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون وتعزيز المبادرات الإقليمية في هذا المجال.

وأكد الحنشي على أهمية تنظيم تونس للمنتدى المتوسطي للتقليص من الكربون في أرضها لبسط وعرض سياساتها وآلياتها والتكنولوجيات والشراكات التي تم إبرامها في هذا المجال ومختلف التدابير التحفيزية المخصصة للتمويل، مبينا أن الحدث مثل فرصة رائدة لتحفيز الحوار إقليميا ودوليا حول فرص وتحديات سلسلة القيمة الصناعية واللوجستية والتكنولوجية للقضاء على الكربون، خاصة أنه انعقد في تونس وفي سياق أزمة الطاقة العالمية ومتطلبات المناخ المتسارعة مع التركيز على قدرتها التنافسية، حسب تعبيره.

وبالتالي فان كل هذه المبادرات والبرامج الحكومية  تساهم بشكل كبير في دعم الاستراتيجيات الوطنية للحد من الانبعاثات الكربونية وفي تعزيز الاستدامة البيئية في القطاعات الاقتصادية المختلفة والتي على رأسها القطاعات الصناعية الأكثر استهلاكا وهدرا للطاقة، حسب تعبير الحنشي .

وفي نفس السياق، ذكّر السافي بالبرامج الأخرى التي قامت بها الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة والتي تهدف إلى تسريع الانتقال الطاقي وتعزيز النجاعة الطاقية في قطاع الصناعة، بما في ذلك برنامج SUNREF  الذي يهدف إلى دعم ومساندة الإستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي وتطوير سوق التمويل الأخضر من خلال تحفيز الاستثمارات الخضراء، وتشجيع البنوك على تمويل المشاريع ذات الأثر البيئي وتعزيز قدرات الجهات الفاعلة الرئيسية في القطاع الصناعي.

وكذلك برنامج تجميع المرافقMutualisation des utilités الذي يهدف إلى إحداث الإطار الترتيبي والقانوني لتجميع إنتاج المرافق بالمؤسسات الصناعية وهو ما يساهم في استخدام الموارد الطاقية بطريقة أكثر كفاءة واستدامة، وتدعيم سياسة الانتقال الطاقي، فضلا عن برنامج تركيز منظومة التصرف في الطاقة وفق المواصفة  ISO 50001 الذي يهدف إلى تقديم الدعم والإحاطة الفنية للمؤسسات في  تركيز منظومة التصرف في الطاقة..

واعتبر المسؤول بالوكالة أن برنامج التوليد المؤتلف، وهو تكنولوجيا حديثة بدأت بأمر 33 -77 في سنة 2009 من البرامج الهامة، ويخص المؤسسات التي تستهلك في نفس الوقت الطاقة الكهربائية والحرارية ويمكن هذا البرنامج من تقليص في ما بين 30 و35 بالمائة من فاتورة استهلاك المؤسسة للطاقة،  ويمكن الدولة من تقليص الكلفة بـ 40 بالمائة من استهلاك الطاقات الأولية.

كما أشار السافي إلى أن هذا البرنامج يوفر تمويلات للمؤسسات الصناعية بـ 20 بالمائة وبقيمة 200 دينار وخطوط تمويل أخرى، مبينا أن نسبة 80 بالمائة من جملة التمويلات الممنوحة من الجهات الدولية المانحة  توجه مباشرة إلى هذا البرنامج، بقيمة 150 ألف يورو.. وقد اثبت برنامج الإنتاج الذاتي للكهرباء عبر الطاقات الفولطوضوئية نجاحه في العديد من المؤسسات التي اعتمدته مؤخرا، خاصة أنه حاز على اهتمام كبير من قبل الدولة وهو ما تجلى في البنية القانونية والتشريعية الكاملة، دفعه نظام قانون الاستثمار في القطاع ليلقى نتائج ايجابية بعد تجسيده على أرض الواقع...

وبالنظر إلى ترسانة الخطط والبرامج المشتركة بين وزارة الصناعة والمناجم والطاقة والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة وعدد من الهياكل المتدخلة في قطاع الطاقة، والتي في العديد منها أتت أكلها على ارض الواقع، يتأكد لنا أهمية انخراط بلادنا في التوجه العالمي نحو اعتماد الطاقات المتجددة والانتقال بالسرعة القصوى من الاقتصاد الهدري إلى الاقتصاد المقتصد والمُرشّد للطاقة، والى الاقتصاد الأخضر والدائري، في انتظار استكمال كل البرامج وتجسيدها على ارض الواقع في اقرب الآجال حتى نكسب رهان التحديات العالمية للطاقة والكربون والبيئة....

المدير العام للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة لـ"الصباح":برامج الوكالة تساهم في دعم الإستراتيجية الوطنية للطاقة وفي تعزيز الاستدامة البيئية في القطاعات الاقتصادية التي على رأسها القطاعات الصناعية الأكثر استهلاكا للطاقة..

فتحي_الحنشي.jpg

 مدير النجاعة الطاقية بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة لـ"الصباح": حجم الاستهلاك للمؤسسات الصناعية الأكثر استهلاكا للطاقة يناهز الـ 3 ملايين مكافئ نفط من الطاقة الأولية وأقل وحدة صناعية تستهلك 800 طن مكافئ نفط

محمد_علي_السافي.jpg

مدير عام الصناعات المعملية بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة لـ "الصباح": الإستراتيجية الوطنية للطاقة لها دور هام في الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والدائري والابتعاد أكثر ما يمكن عن الاقتصاد الهدري

فتحي_السهلاوي.jpg

-     المدير العام لمكتب التأهيل الصناعي بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة لـ "الصباح":أهمية الدعم المالي الذي توفره آلية التأهيل الصناعي  لدعم  الشركات الناشطة في الصناعة والخدمات الأكثر استهلاكا للطاقة

كمال_الهنداوي.jpg

ملامح الإستراتيجية الوطنية للطاقة في تونس بحلول عام 2035

أعلنت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم في مارس 2023 عن الإستراتيجية الوطنية للطاقة 2035، التي تهدف إلى توفير طاقة آمنة للجميع وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وفق التزامات تونس باتفاق باريس للمناخ.

الأهداف الرئيسية للإستراتيجية

طاقة_1.jpg

  • الأمن الطاقي:

-     تعزيز النجاعة الطاقية ودعم الطاقات المتجددة.

-     الاستثمار في تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر والشبكات الذكية للكهرباء.

-     تنويع مصادر ومزيج الطاقة.

  • الحياد الكربوني:

-     تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطاقة بنسبة 46% بحلول 2050.

-     تقليل الكثافة الطاقية بنسبة 30% بحلول 2035.

-     تحسين الاستكشاف وتنمية الموارد الوطنية للمحروقات.

  • النمو الاقتصادي العادل:

-     تحقيق نقطتين إضافيتين في النمو الاقتصادي.

-     توفير 70 ألف فرصة عمل بحلول 2035.

رسم_بياني.png

خارطة الطريق

 2023/2025: إصلاحات تشريعية ومؤسساتية.

2026/2030: استقرار القطاع وإطلاق المشاريع الكبرى.

2031/2035: تكثيف الاستثمار في الطاقة.

الاستثمارات في الطاقة

  • قطاع المحروقات:

-     تطوير حقل "زارات" بحلول 2030.

-     حفر 30 بئراً جديداً بحلول 2035.

-     تحسين التخزين وإعادة تأهيل البنية التحتية للمحروقات.

  • الطاقات المتجددة:

-     استكمال الربط الكهربائي مع إيطاليا بحلول 2027.

-     إنتاج 50% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2035.

  • النجاعة الطاقية:

-     تنفيذ مشاريع للهيدروجين الأخضر والسيارات الكهربائية.

-     تحسين كفاءة الطاقة في الصناعة والنقل والبناء.

خطة العمل 2023-2025

  • إعادة هيكلة المؤسسات الوطنية للطاقة.
  • مراجعة التشريعات لجذب الاستثمارات.
  • تطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر وجعله منتجاً استراتيجياً للتصدير نحو أوروبا.
  • تؤكد الإستراتيجية على تعزيز الطاقة المتجددة، تقليل العجز الطاقي، وضمان التزود المستدام لدعم الاقتصاد الوطني وتحسين جودة حياة المواطنين.

 

أيّة حلول واستراتيجيات لمواجهة التحديات الوطنية والعالمية؟..   معامل ومؤسسات صناعية "ملتهمة" للطاقة !!..

ملفات "الصباح"

أيّة حلول واستراتيجيات لمواجهة التحديات الوطنية والعالمية؟

معامل ومؤسسات صناعية "ملتهمة" للطاقة !!..

-     500 مؤسسة تستحوذ على ما يزيد عن 70 بالمائة من الاستهلاك الطاقي الصناعي!!

-     مؤسسات غير متحكمة في الطاقة فقدت مكانها في الأسواق الخارجية ولم تصمد إلا من تحولّ واستثمر في برامج النجاعة الطاقية

-     حجم استهلاك المؤسسات الصناعية للطاقة يناهز الـ 3 ملايين مكافئ نفط من الطاقة الأولية

-     القطاعات الصناعية تمثل 14 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد وتضم حاليا 5000 مؤسسة توفر ما يناهز الـ  500 ألف موطن شغل

-     الطاقة تستحوذ على 70 بالمائة من كلفة الإنتاج في مصانع الآجر و55 بالمائة في مصانع الإسمنت

-     مؤسسات صناعية نموذجية تكسب الرهان بعد تفعيلها برامج النجاعة والكفاءة الطاقية

-     الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة قاطرة لتحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للطاقة

-     توجه الدولة إلى الاقتصاد الأخضر والدائري والابتعاد أكثر ما يمكن عن الاقتصاد الهدري

ملف من إعداد: وفاء بن محمد

تونس-الصباح

تسعى تونس، على غرار العديد من دول العالم، بخطى حثيثة للانضمام إلى صفوف الدول الرائدة في مجال ترشيد استهلاك الطاقة وتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة، وتأتي هذه الجهود استجابة للتحولات المتسارعة التي عرفها المشهد العالمي في السنوات الأخيرة، والتي فرضت قطيعة مع الأساليب التقليدية في إنتاج واستهلاك الطاقة، مفسحة المجال لاعتماد تقنيات مبتكرة وبدائل مستدامة. وفي ظل هذا السياق، لم تكن تونس بمنأى عن هذه التحولات، حيث أدركت أهمية مواكبة هذا المشهد الجديد في قطاع يعتبر أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني. وانطلاقًا من هذه الرؤية، بادرت الدولة بتبني حزمة من المشاريع والبرامج الطموحة في قطاع الطاقة، شملت العديد من المجالات، بهدف تعزيز أمنها الطاقي ودعم التحول نحو اقتصاد أخضر ومستدام.

وقد أثبتت جل الأرقام والمؤشرات الحديثة، أن قطاع النقل في تونس يستحوذ على النصيب الأكبر من استهلاك الطاقة بنسبة 36 بالمائة، يليه القطاع الصناعي بنسبة 30 بالمائة، والذي يصل معدل الاستهلاك في عدد من مؤسساته خاصة المعملية إلى أكثر من 70 بالمائة، بما يعادل 3/4 استهلاك الطاقة لكامل القطاع الصناعي التونسي...

 وتعد المصانع والمعامل والمجمعات الصناعية الكبرى في البلاد، أكثر القطاعات المستهلكة للطاقة والتي تشكل محور اهتمام كبير من قبل الدولة وكل الهياكل المتدخلة في قطاع الطاقة..

وللوقوف عند علاقة المؤسسات الصناعية بالطاقة وتصنيف أكبرها استهلاكا و"التهاما" للطاقات وعددها الحقيقي في النسيج المؤسساتي، فضلا عن تأثيرها المباشر على القطاع وعلى المنظومة الاقتصادية عموما، والبحث في طبيعة البرامج والخطط الحكومية التي تهدف إلى التقليص والترشيد في استهلاك الطاقة، ومدى نجاعتها وقدرتها على فرض مكان لتونس في المشهد العالمي الجديد في مجال الطاقة، فتحت "الصباح" ملف المعادلة الصعبة بين التشجيع على الاستثمارات الصناعية الكبرى وتأثير ذلك على مخزوننا الطاقي عبر دراسة واقع القطاع الصناعي وحاجياته الطاقية والوقوف في عدد من المحطات الحوارية والشهادات التقنية والفنية مع عدد من مسؤولي قطاع الصناعة والطاقة، وكذلك ممثلين لعدد من المؤسسات الصناعية المتهمة بكونها "ملتهمة" للطاقة وغير مسايرة للتحولات العالمية والأهداف الوطنية فيما يتعلق بالتوجه نحو الطاقات الخضراء والحد من استهلاك الطاقات التقليدية الملوثة للبيئة ...

واقع قطاع الصناعات المعملية

المتمعن في واقع الصناعات المعملية في تونس اليوم، يجدها من القطاعات المحتلة للمراتب الأولى فيما يتعلق بالاستهلاك الطاقي مقارنة ببقية القطاعات الصناعية، وتمثل الصناعات المعملية لوحدها نسبة  14 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد،  كما تضم حاليا في حدود الـ 5000 مؤسسة، توفر ما يناهز الـ  500 ألف موطن شغل، ويحتوي قطاع الصناعات المعملية ونقصد المصانع والمعامل والمصابغ والمدابغ،  على العديد من الأنشطة التي تعتبر رافعة اقتصادية هامة في اقتصاد البلاد...

وتستحوذ الصناعات الميكانيكية والكهربائية في قطاع الصناعات المعملية على نصيب الأسد من حيث عدد المؤسسات التي تناهز الـ 300 مؤسسة والتي توفر في حدود الـ 100 ألف موطن شغل، وتحقق عائدات سنوية هامة بفضل صادرتها التي تصل إلى 3 مليار دولار أي ما يعادل تقريبا الـ 10 مليار دينار تونسي... ويعد النسيج الصناعي في قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية 914 مؤسسة تشغل 10 أشخاص فما فوق منها 428 مؤسسة مصدرة كليا لإنتاجها.

وفي هذا الإطار، أفاد المدير العام للصناعات المعملية صلب وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، فتحي السهلاوي في تصريح لـ"الصباح" بأن الصناعات المعملية تعد من أهم القطاعات التي توفر عائدات هامة للدولة خاصة الصناعات الميكانيكية والكهربائية التي لها  من المزايا التفاضلية الكثير مما يجعلها محل استقطاب من قبل المستثمرين في الخارج...

وأضاف السهلاوي أن موفى السنة الجارية 2024، من المنتظر أن تكشف الأرقام الجديدة حول واقع الاستثمار في هذا المجال تحديدا، تطورا هاما ودفعا لنسق الاستثمارات فيه، مما يؤكد ثقة المستثمرين في هذا القطاع باعتباره الأكثر استقطابا، حسب تعبيره.

وأكد السهلاوي أن معدل مواطن الشغل التي ستوفرها الاستثمارات الجديدة والتي تمت مؤخرا، من توسعة واستحداثات جديدة في صناعة مكونات السيارات ستكون في حدود الـ 5 آلاف موطن شغل فقط في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى اللقاءات الدائرة حاليا بين الحكومة وشركات عملاقة ورائدة في المجال من الشرق والتي من بينها مشروعين هامين مع شركتين في مجال تصنيع السيارات...

وأضاف:"يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية، قطاع النسيج والجلود والأحذية، ويعد النسيج الصناعي في هذا القطاع 1561 مؤسسة تشغل 10 أشخاص فما فوق منها 1255 مؤسسة مصدرة كليا لإنتاجها.. تليه الصناعات الصيدلية، القطاع الذي يؤمن اليوم 74 بالمائة من حاجياتنا الوطنية من الأدوية،  ويعد قطاعا سياديا بامتياز إلى جانب بقية القطاعات التي تنتمي إلى الصناعات المعملية، على غرار صناعة مكونات الطائرات وتصنيع السفن وقوارب الترفيه..."

وذكر مسؤول وزارة الصناعة أن الصناعات المعملية تضم أيضا القطاعات الكلاسيكية على غرار صناعة الحديد ومواد البناء والآجر وصناعة المربعات الخزفية التي لا تختلف عن بقية الصناعات الثقيلة من حيث الاستهلاك الطاقي، حيث تستهلك كميات كبيرة من الطاقات بسبب طبيعة ونوعية عملياتها الإنتاجية، من ذلك أن صناعة الحديد والصلب تعدّ من أكثر الصناعات "التهاما" للطاقات نظرا لعمليات الصهر والتشكيل التي تتطلب كميات ضخمة من الطاقة. ويعد النسيج الصناعي في قطاع صناعات مواد البناء والخزف والبلور 327 مؤسسة تشغل 10 أشخاص فما فوق منها 22 مؤسسة مصدرة كليا لإنتاجها..

إلى جانب الصناعة الكيميائية التي تشمل إنتاج الأسمدة والمبيدات الحشرية والمواد الكيميائية الأخرى، والتي تتطلب طاقة كبيرة لعمليات التصنيع، كذلك صناعة الإسمنت التي تتطلب طاقة كبرى هي الأخرى لتسخين المواد الخام في الأفران لإنتاج الاسمنت، دون أن ننسى كذلك، صناعة التكرير النفطية والمعروف في عمليات تكرير النفط والغاز أنها تحتاج إلى طاقة كبيرة لعمليات التقطير والتكرير والمعالجة.

كذلك تعد الصناعات الغذائية التي تشمل صناعات مثل مصانع الألبان والعجين والمشروبات، من القطاعات التي تحتاج كميات كبيرة من الطاقة بسبب عمليات التصنيع والتخزين والتبريد.

وبالتالي، فإن طبيعة النسيج المؤسساتي الصناعي لهذا الصنف من المؤسسات يستوجب استهلاكا متزايدا للطاقة تم قياسه في العديد من الدراسات الكمية المنجزة من قبل خبراء وهياكل رسمية للدولة، مما يتطلب إيجاد حلول وبرامج للتقليص أكثر ما يمكن من الهدر الطاقي في هذا القطاع.

حجم الاستهلاك الطاقي والتكلفة الاقتصادية

وبالوقوف عند حقيقة حجم الاستهلاك الطاقي بالأرقام بالنظر، نتبين ضخامة التكلفة الاقتصادية التي تتكبدها مؤسسات القطاع من جهة، والميزانية العمومية من جهة ثانية، حيث أكد فتحي السهلاوي، المدير العام للصناعات المعملية في وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، إن ما يناهز الـ 500 مؤسسة،  الأكثر استهلاكا للطاقة تمثل ما يزيد عن 70 بالمائة من الاستهلاك الطاقي مقارنة بجميع المؤسسات الصناعية،  بما يعني أن هذه المؤسسات لوحدها تستحوذ على ثلاثة أرباع الاستهلاك الجملي للطاقة في القطاع الصناعي إجمالا.

وتتفاوت نسب الاستهلاك حسب القطاع ونوع الصناعة، حيث أن بعض الصناعات مثل صناعة الحديد والصلب والكيماويات تتطلب كميات كبيرة من الطاقة مقارنة بصناعات أخرى، وهذا ما أكده مدير النجاعة الطاقية بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، محمد علي السافي، مضيفا  أن الدراسات الأخيرة المنجزة كشفت بالأرقام أن المؤسسات الصناعية الكبرى تستهلك 75 بالمائة من الطاقة من مجموع القطاع الصناعي.

وأضاف المسؤول بالوكالة في تصريحه لـ "الصباح"، أن  حجم الاستهلاك للمؤسسات الصناعية الأكثر استهلاكا للطاقة، يناهز الـ 3 ملايين مكافئ نفط من الطاقة الأولية، بحيث أن أقل وحدة صناعية تستهلك 800 طن مكافئ نفط، مبينا أن المؤشر المرجعي للاستهلاك يتحدد من خلال نسبة الطاقة بمقارنة بالمصاريف الجملية للمؤسسة.

أما في ما يخص التكلفة الاقتصادية المنجرة عن الإفراط في استهلاك الطاقة لدى المعامل والمصانع، فقد أثبتت كل الدراسات المعمقة المنجزة، أن هذه المؤسسات في الكثير منها فقدت موقعها في الأسواق الخارجية ولم يصمد إلا القليل منها، وهي التي انطلقت في تطبيق برامج النجاعة الطاقية وترشيد الاستهلاك الطاقي.

فعلى سبيل المثال، تأثرت معامل الآجر من الاستهلاك الكبير للطاقة، وهي التي تعتمد على المواد الطاقية الأولية الموردة بأسعار مرتفعة، ليصنف قطاع صناعة الآجر بالأكثر تأثرا بالطاقة، حيث تفوق كلفة الطاقة بمفردها ودون احتساب اليد العاملة وبقية المصاريف في الوحدة الواحدة  الـ 70 بالمائة، حسب ما أفاد به المسؤول بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة .

كما فقد القطاع عددا هاما من مؤسساته، فبعد أن كان يضم  40 مؤسسة  مختصة في صناعة الآجر، بقيت فقط 15 مؤسسة اليوم، كما تواجه مؤسسات صناعة الاسمنت هي الأخرى إشكاليات وصعوبات على مستوى التصدير حتى فقدت العديد من الأسواق الخارجية على غرار مصنع إسمنت بنزرت الذي لم يصدر هذه السنة بأكملها 2024، بسبب المنافسة الشرسة من قبل السوق الجزائرية خاصة على القطر الليبي.

كما أضاف السافي في ذات السياق، أن النسبة تصل إلى 55 بالمائة استهلاك الطاقة لوحدها في قطاع الاسمنت، وفي حدود الـ30 بالمائة في المصابغ والمدابغ،  مشيرا إلى أن أكثر من 70 وحدة إنتاج آجر ، بقيت منها اليوم فقط 20 وحدة وهي التي طبقت  برامج النجاعة الطاقية والتوليد المؤتلف للطاقة وترشيد استهلاك الطاقة  ...

من جانبه، أفاد المدير العام للصناعات المعملية في وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، بأن تذبذب الأسعار العالمية للطاقة نتيجة الأزمة الوبائية كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، أثر بشكل مباشر على التكلفة الطاقية لدى العديد من المصانع والمعامل في تونس باعتبار أنها تستهلك المواد الطاقية على غرار الفيول والغاز ... التي تمثل الجزء الحراري بنسبة 60 بالمائة وهي مواد مستوردة بالأساس وتخضع بالتالي للأسعار في الأسواق العالمية ..

وهذا المعطى حسب المدير العام له كلفة اقتصادية مباشرة على اقتصاد البلاد، ولعل أهم التداعيات المباشرة هي التي تتعلق بتراجع الصادرات التونسية في القطاع الصناعي..

أية حلول وأية برامج حكومية؟

وأمام الإفراط في استهلاك الطاقة لدى المعامل والمصانع، تسعى الدولة والهياكل المتدخلة في قطاعي الصناعة والطاقة إلى التقليص أكثر ما يمكن من الاستهلاك الكبير للطاقة خاصة لدى المؤسسات الصناعية الكبرى، من خلال تحسين كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي وتعزيز استخدام مصادر الطاقات المتجددة عبر برامج وخطط فعلية، إلى جانب  المشروع الحكومي  الأبرز،  وهو الإستراتيجية الوطنية للقطاع.

فقد قامت الدولة في السنوات الأخيرة بجملة من الإجراءات التحفيزية وسنت عددا من القوانين والتشريعات المؤسساتية في هذا المجال بهدف تحسين كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي وتعزيز استخدام مصادر الطاقات المتجددة للحد من الاستهلاك الكبير للطاقة ولتقليل الأثر البيئي، فضلا عن تحسين القدرة التنافسية للصناعة التونسية عموما...

ومن أبرز البرامج الحكومية، حسب ما أفاد به المدير العام للصناعات المعملية، اعتماد آلية التعديل الكربوني عبر الإحاطة الفنية والتي انطلقت فيها الدولة مع عدد من المؤسسات الصناعية، باعتبار أن الشركات والمؤسسات التونسية تتسابق اليوم للالتحاق بركب التوجه العالمي نحو ترشيد استهلاك الطاقة والتقليص من انبعاثات الكربون والمحافظة على البيئة حسب المعايير الدولية...

وتضع الدولة في هذا الصدد، أطرا وآليات تحفيزية لدعم النسيج المؤسساتي التونسي للرفع من قدرة المنتجات المحلية التنافسية في الأسواق الخارجية التي أصبحت تشترط هذه المعايير التي تمنحها الضوء الأخضر للدخول إلى الفضاء الأوروبي خاصة والخارجي عموما....

وتعمل كل البرامج الحكومية على تشجيع المؤسسات الصناعية بهدف الانخراط في استعمالات الطاقات البديلة وفي برنامج حماية بعض الأنشطة الاقتصادية عن طريق كهربة الاستهلاك الطاقي، حسب ما ذكره السهلاوي... وكذلك، عن طريق برنامج تثمين النفايات الذي انطلقت فيه الدولة في العديد من المؤسسات الصناعية على غرار مصنع الاسمنت بجبل الوسط، استنادا لإجراءات قانون المالية في مجال التصرف في النفايات، وقد أكد السهلاوي في هذا الصدد على أهمية إنشاء مؤسسات وسيطة على مستوى وزارة البيئة لتثمين النفايات ضمن الإستراتيجية الوطنية لسنة 2035...

كما أكد المسؤول بوزارة الصناعة على دور الإستراتيجية الوطنية في ما يتعلق بتوجه الدولة إلى الاقتصاد الأخضر والدائري والابتعاد أكثر ما يمكن عن الاقتصاد الهدري، مع أهمية كهربة الاستهلاك في الطاقة حتى يكون هناك انسجام بين توجهات الدولة وطبيعة الاستثمارات في القطاع...

من جهة أخرى، وفي نفس التوجه، تستقبل وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بصفة دورية تحديدا عبر إدارة التأهيل الصناعي، العديد من مطالب المؤسسات والشركات التونسية التي تريد الانتفاع بدعم برامج التأهيل عبر تمويلات لإنشاء استثمارات جديدة تستهدف تطبيق المعايير الجديدة مواكبة للتوجه العالمي نحو ترشيد الطاقة وإزالة الكربون والمحافظة على البيئة، كان آخرها موافقة اللجنة الاستشارية لبرنامج التأهيل الصناعي لـ5 ملفات لمؤسسات باستثمارات جملية قدرها 112،6 مليون دينار ومنح بقيمة 15،9 مليون دينار... إلى جانب 40 ملفا آخر في شهر افريل من السنة الجارية تم قبولهم والمصادقة عليهم من قبل اللجنة باستثمارات جملية قدرت  بـ64 مليون دينار ومنح بـ 8.6 ملايين دينار، فضلا عن ملفات مصاحبة  لاستثمارات في التكنولوجيا تحديدا بما يناهز الـ 64 ملفا قدرت بـ 5.76 مليون دينار ومنح تساوي 1.96 مليون دينار.

ليكون بذلك برنامج التأهيل الصناعي من بين ابرز البرامج الحكومية، باعتباره يمثل آلية أوجدتها الدولة صلب وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، وهو ما أكده المدير العام لمكتب التأهيل الصناعي كمال الهنداوي، لـ"الصباح"، مشيرا إلى أهمية الدعم المالي الذي توفره هذه الآلية والذي يتراوح معدله بين 30 و40 مليون دينار سنويا، يتم توفيره من الاقتطاعات بنسبة 1 بالمائة من رقم معاملات المؤسسات والشركات التونسية الناشطة في السوق المحلية المودعة في صندوق تنمية القدرة التنافسية (FODEC).

وأوضح الهنداوي أن الشركات التي تنتفع بدعم الدولة تنشط بالأساس في الصناعة والخدمات التي في العادة تستهلك كثيرا الطاقة، مبينا أن الاستثمار يكون في الأغلب في التجهيزات والمعدات المتطورة التي تواكب كل التغيرات التي عرفها العالم خاصة التي تخص المناخ والبيئة والطاقات الجديدة والاقتصاد الدائري وكيفية التحكم في النفايات والمحافظة على البيئة، وحلول التقليص في الاستهلاك المائي.

وبالعودة إلى برنامج التأهيل الصناعي الذي يندرج ضمن برامج الدولة الصناعية، فإن أبرز أهدافه، دعم القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية ومؤسسات الخدمات المتصلة بالصناعة عن طريق تجديد المعدات وتحديث وسائل الإنتاج، وإرساء نظم الجودة حسب المراجع العالمية، فضلا عن تكثيف الاعتماد على تكنولوجيات المعلومات والاتصال، والنهوض بالتجديد التكنولوجي وتطوير نظم التصرف في المؤسسة... كذلك يهدف البرنامج إلى الرفع من قدرات الموارد البشرية ...

صورة.jpg

الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة.. قاطرة تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للطاقة

وليس ببعيد عن برامج وزارة الصناعة التي تتبناها الدولة كحلول لتأهيل المؤسسات الصناعية حتى تكون مسايرة للمعايير الدولية في ما يتعلق بترشيد استهلاك الطاقة والتقليص من انبعاثات الكربون، تعمل الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة بمجهودات جبارة، في هذا المجال، عبر  إطلاق برامج وخطط نجحت اليوم في تجسيدها على ارض الواقع،  معاضدة لجهود الدولة، والتي انطلقت من خلالها بكبرى الشركات المستهلكة للطاقة وصولا إلى تعميمها وتوسيعها على كامل القطاع الصناعي والخدماتي على اعتبار انه القطاع الأكبر من بين بقية القطاعات الاقتصادية في تونس استهلاكا للطاقة...

وبالرجوع إلى جهود الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، نكتشف حزمة البرامج والإصلاحات التي أطلقتها منذ الثمانينات مرورا بإصدار قانون التحكم في الطاقة عدد 72 لسنة 2004، وصولا إلى إحداث صندوق الانتقال الطاقي الذي عوض صندوق التحكم في الطاقة في سنة 2017، والذي ساهم في الحقيقة في استحثاث نسق الاستثمار في مجال ترشيد استهلاك الطاقة في القطاع الصناعي من خلال توفير حلول تمويلية متنوعة ومندمجة..

وفي هذا الإطار، أفاد مدير النجاعة الطاقية بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، محمد علي السافي لـ "الصباح" بأن الوكالة وضعت آليات تحفيزية لتمويل برامج النجاعة الطاقية وذلك عبر صندوق الانتقال الطاقي الذي يوفر دعما ماديا لتنفيذ المشاريع ذات الصلة عن طريق إسناد مختلف المنح.

وقد ثبتت نجاعة هذا البرنامج ليستفيد منه كآخر إحصائيات رسمية مع موفى سنة 2022، ما يناهز الـ1127 ملف استثمار في مجال كفاءة الطاقة واستبدال الغاز الطبيعي في مختلف الأنشطة الصناعية عن طريق الحوافز الممنوحة من قبل الدولة.

كما ساهم صندوق الانتقال الطاقي في الآونة الأخيرة في تخفيض الطلب على الطاقة بأكثر من 12% ومكن من إبرام حوالي الـ 2000 عقد برنامج بعث مشروع في مجال النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة، فضلا عن صرف أكثر من 350 مليون دينار لتشجيع المواطنين والمؤسسات على الاستثمار  في هذا المجال.

وخلال سنة 2024، أعطت اللجنة الاستشارية صلب صندوق الانتقال الطاقي الموافقة على منح تقدر بـ 70 بالمائة من تكاليف الإحاطة الفنية للمؤسسات قصد انجاز برامج البصمة الكربونية ومنحة مادية بـ20 بالمائة قصد انجاز مشاريع حقيقية. إلى جانب ذلك، نجح الصندوق في تجميع حوالي 12 مليون طن من الطاقة وفي وتخفيض كلفة الطاقة بـ 11 ألف مليون دينار، في نسبة كبيرة من هذه الإحصائيات تخص القطاع الصناعي الذي يعد اليوم ثالث قطاع مستهلك للطاقة في تونس بنسبة حوالي 25 بالمائة من الاستهلاك النهائي للطاقة....

وأضاف السافي في ذات السياق أن تمويلات صندوق الانتقال الطاقي تهدف إلى تشجيع وتسريع وتيرة الاستثمار في مجالات ترشيد استهلاك الطاقة وتطوير الطاقات المتجددة ودعم المؤسسات الاقتصادية في تحديد إستراتيجيات تخفيض محتوى الكربون لمنتجاتها والحفاظ على قدرتها التنافسية والإنتاجية، وتقليل بصمتها الكربونية، وتعزيز قدراتها التصديرية.

كما أشار المسؤول بالوكالة إلى أنه قد تمت المصادقة، في هذا الإطار وعلى مستوى التدقيق الطاقي للقطاع الصناعي، منذ سنة 2010 إلى موفى سنة 2023 على إنجاز حوالي 497 عملية تدقيق طاقي وإبرام 711 عقدا بحجم استثمار بلغ 435 مليون دينار، فضلا عن قيام الوكالة على مستوى التوليد المؤتلف للطاقة بدعم إنتاج الكهرباء عن طريق تكنولوجيا التوليد المؤتلف للطاقة حيث تم منذ سنة 2004 إلى غاية موفى سنة 2023 تركيز 51 منشأة بقدرة جملية تناهز 168 ميغاواط وبإمكانات للاقتصاد في الطاقة تقدر بـحوالي120 ألف طن مكافئ نفط.

وأضاف محمد علي السافي في إطار دعم مجهودات الدولة للحد من انبعاثات الكربون، أنه قد تم إدراج عمليات المحاسبة الكربونية ضمن مجال تدخلات صندوق الانتقال الطاقي، مشيرا إلى أن الوكالة قامت بتنفيذ عدة عمليات تهدف إلى تعزيز الوعي وتوفير الآليات اللازمة للمؤسسات التونسية لتحقيق أهدافها في هذا المجال، وتشمل هذه العمليات حسب تعبيره في إطلاق منصة (DecarboAct) والتي تهدف إلى مساعدة المؤسسات التونسية على تحديد نسبة انبعاثاتها من الكربون الناتجة عن أنشطتها ومنتجاتها، مع تقديم توصيات حول العمليات والآليات المتاحة لتخفيضها.

إلى جانب تنظيم عدد من الأيام الإعلامية الشهرية لفائدة المؤسسات من مختلف القطاعات والإدارات العمومية، حيث تم التطرق إلى موضوع المحاسبة الكربونية وآلية التعديل الكربوني على الحدود، فضلا عن البدء في تنفيذ البرنامج النموذجي الموجه لفائدة 14 مؤسسة، والذي يتضمن احتساب وتقييم البصمة الكربونية للمنتجات وفقا للمواصفة (ISO 14067).

هذا البرنامج الذي كان قد حاز على اهتمام كبير من قبل الدولة بعد تنظيم المنتدى المتوسطي لتخفيض الكربون (DecarboMED2024) تحديدا في شهر سبتمبر 2024،  وهي المرة الأولى التي ينتظم فيها في تونس، بهدف عرض مختلف الآليات والتكنولوجيات والخدمات المتوفرة على المستويين الوطني والدولي، لمساعدة المؤسسات في تخفيض محتوى الكربون لأنشطتها.

وفي هذا الإطار، تحدث محمد علي السافي لـ "الصباح" قائلا إن هذا البرنامج النموذجي يحتاج لوحده اليوم إلى تمويلات بقيمة 14 مليار دولار في أفق 2030 حتى تصل تونس إلى التقليص بنسبة 45 بالمائة من الكثافة الكربونية منها تقريبا 3.5  مليار دولار يمكن تعبئتها من مواردنا الذاتية بما يتطلب توفير 11 مليار دولار تمويلات خارجية من الجهات المانحة، حسب تعبيره.

من جانبه، أكد المدير العام للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، فتحي الحنشي على أهمية انخراط تونس في التوجه العالمي للقضاء على الكربون حتى تتمكن مؤسساتنا من اكتساح الأسواق الخارجية وتصبح لها قدرة تنافسية وتمويلية، معتبرا أن الحياد الكربوني يندرج في سياق الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. كما ربط انخراط الدولة اليوم في هذا التوجه بدوره الهام في التسريع في الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون وتعزيز المبادرات الإقليمية في هذا المجال.

وأكد الحنشي على أهمية تنظيم تونس للمنتدى المتوسطي للتقليص من الكربون في أرضها لبسط وعرض سياساتها وآلياتها والتكنولوجيات والشراكات التي تم إبرامها في هذا المجال ومختلف التدابير التحفيزية المخصصة للتمويل، مبينا أن الحدث مثل فرصة رائدة لتحفيز الحوار إقليميا ودوليا حول فرص وتحديات سلسلة القيمة الصناعية واللوجستية والتكنولوجية للقضاء على الكربون، خاصة أنه انعقد في تونس وفي سياق أزمة الطاقة العالمية ومتطلبات المناخ المتسارعة مع التركيز على قدرتها التنافسية، حسب تعبيره.

وبالتالي فان كل هذه المبادرات والبرامج الحكومية  تساهم بشكل كبير في دعم الاستراتيجيات الوطنية للحد من الانبعاثات الكربونية وفي تعزيز الاستدامة البيئية في القطاعات الاقتصادية المختلفة والتي على رأسها القطاعات الصناعية الأكثر استهلاكا وهدرا للطاقة، حسب تعبير الحنشي .

وفي نفس السياق، ذكّر السافي بالبرامج الأخرى التي قامت بها الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة والتي تهدف إلى تسريع الانتقال الطاقي وتعزيز النجاعة الطاقية في قطاع الصناعة، بما في ذلك برنامج SUNREF  الذي يهدف إلى دعم ومساندة الإستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي وتطوير سوق التمويل الأخضر من خلال تحفيز الاستثمارات الخضراء، وتشجيع البنوك على تمويل المشاريع ذات الأثر البيئي وتعزيز قدرات الجهات الفاعلة الرئيسية في القطاع الصناعي.

وكذلك برنامج تجميع المرافقMutualisation des utilités الذي يهدف إلى إحداث الإطار الترتيبي والقانوني لتجميع إنتاج المرافق بالمؤسسات الصناعية وهو ما يساهم في استخدام الموارد الطاقية بطريقة أكثر كفاءة واستدامة، وتدعيم سياسة الانتقال الطاقي، فضلا عن برنامج تركيز منظومة التصرف في الطاقة وفق المواصفة  ISO 50001 الذي يهدف إلى تقديم الدعم والإحاطة الفنية للمؤسسات في  تركيز منظومة التصرف في الطاقة..

واعتبر المسؤول بالوكالة أن برنامج التوليد المؤتلف، وهو تكنولوجيا حديثة بدأت بأمر 33 -77 في سنة 2009 من البرامج الهامة، ويخص المؤسسات التي تستهلك في نفس الوقت الطاقة الكهربائية والحرارية ويمكن هذا البرنامج من تقليص في ما بين 30 و35 بالمائة من فاتورة استهلاك المؤسسة للطاقة،  ويمكن الدولة من تقليص الكلفة بـ 40 بالمائة من استهلاك الطاقات الأولية.

كما أشار السافي إلى أن هذا البرنامج يوفر تمويلات للمؤسسات الصناعية بـ 20 بالمائة وبقيمة 200 دينار وخطوط تمويل أخرى، مبينا أن نسبة 80 بالمائة من جملة التمويلات الممنوحة من الجهات الدولية المانحة  توجه مباشرة إلى هذا البرنامج، بقيمة 150 ألف يورو.. وقد اثبت برنامج الإنتاج الذاتي للكهرباء عبر الطاقات الفولطوضوئية نجاحه في العديد من المؤسسات التي اعتمدته مؤخرا، خاصة أنه حاز على اهتمام كبير من قبل الدولة وهو ما تجلى في البنية القانونية والتشريعية الكاملة، دفعه نظام قانون الاستثمار في القطاع ليلقى نتائج ايجابية بعد تجسيده على أرض الواقع...

وبالنظر إلى ترسانة الخطط والبرامج المشتركة بين وزارة الصناعة والمناجم والطاقة والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة وعدد من الهياكل المتدخلة في قطاع الطاقة، والتي في العديد منها أتت أكلها على ارض الواقع، يتأكد لنا أهمية انخراط بلادنا في التوجه العالمي نحو اعتماد الطاقات المتجددة والانتقال بالسرعة القصوى من الاقتصاد الهدري إلى الاقتصاد المقتصد والمُرشّد للطاقة، والى الاقتصاد الأخضر والدائري، في انتظار استكمال كل البرامج وتجسيدها على ارض الواقع في اقرب الآجال حتى نكسب رهان التحديات العالمية للطاقة والكربون والبيئة....

المدير العام للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة لـ"الصباح":برامج الوكالة تساهم في دعم الإستراتيجية الوطنية للطاقة وفي تعزيز الاستدامة البيئية في القطاعات الاقتصادية التي على رأسها القطاعات الصناعية الأكثر استهلاكا للطاقة..

فتحي_الحنشي.jpg

 مدير النجاعة الطاقية بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة لـ"الصباح": حجم الاستهلاك للمؤسسات الصناعية الأكثر استهلاكا للطاقة يناهز الـ 3 ملايين مكافئ نفط من الطاقة الأولية وأقل وحدة صناعية تستهلك 800 طن مكافئ نفط

محمد_علي_السافي.jpg

مدير عام الصناعات المعملية بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة لـ "الصباح": الإستراتيجية الوطنية للطاقة لها دور هام في الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والدائري والابتعاد أكثر ما يمكن عن الاقتصاد الهدري

فتحي_السهلاوي.jpg

-     المدير العام لمكتب التأهيل الصناعي بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة لـ "الصباح":أهمية الدعم المالي الذي توفره آلية التأهيل الصناعي  لدعم  الشركات الناشطة في الصناعة والخدمات الأكثر استهلاكا للطاقة

كمال_الهنداوي.jpg

ملامح الإستراتيجية الوطنية للطاقة في تونس بحلول عام 2035

أعلنت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم في مارس 2023 عن الإستراتيجية الوطنية للطاقة 2035، التي تهدف إلى توفير طاقة آمنة للجميع وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وفق التزامات تونس باتفاق باريس للمناخ.

الأهداف الرئيسية للإستراتيجية

طاقة_1.jpg

  • الأمن الطاقي:

-     تعزيز النجاعة الطاقية ودعم الطاقات المتجددة.

-     الاستثمار في تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر والشبكات الذكية للكهرباء.

-     تنويع مصادر ومزيج الطاقة.

  • الحياد الكربوني:

-     تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطاقة بنسبة 46% بحلول 2050.

-     تقليل الكثافة الطاقية بنسبة 30% بحلول 2035.

-     تحسين الاستكشاف وتنمية الموارد الوطنية للمحروقات.

  • النمو الاقتصادي العادل:

-     تحقيق نقطتين إضافيتين في النمو الاقتصادي.

-     توفير 70 ألف فرصة عمل بحلول 2035.

رسم_بياني.png

خارطة الطريق

 2023/2025: إصلاحات تشريعية ومؤسساتية.

2026/2030: استقرار القطاع وإطلاق المشاريع الكبرى.

2031/2035: تكثيف الاستثمار في الطاقة.

الاستثمارات في الطاقة

  • قطاع المحروقات:

-     تطوير حقل "زارات" بحلول 2030.

-     حفر 30 بئراً جديداً بحلول 2035.

-     تحسين التخزين وإعادة تأهيل البنية التحتية للمحروقات.

  • الطاقات المتجددة:

-     استكمال الربط الكهربائي مع إيطاليا بحلول 2027.

-     إنتاج 50% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2035.

  • النجاعة الطاقية:

-     تنفيذ مشاريع للهيدروجين الأخضر والسيارات الكهربائية.

-     تحسين كفاءة الطاقة في الصناعة والنقل والبناء.

خطة العمل 2023-2025

  • إعادة هيكلة المؤسسات الوطنية للطاقة.
  • مراجعة التشريعات لجذب الاستثمارات.
  • تطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر وجعله منتجاً استراتيجياً للتصدير نحو أوروبا.
  • تؤكد الإستراتيجية على تعزيز الطاقة المتجددة، تقليل العجز الطاقي، وضمان التزود المستدام لدعم الاقتصاد الوطني وتحسين جودة حياة المواطنين.

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews