إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. انزعاج مبالغ فيه!

انزعاج بعض الشخصيات الليبية من التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الوطني خالد السهيلي حول ترسيم الحدود بين البلدين، بدت فيه مبالغة وتشنّج غير مبرّر.. خاصة بعد مبادرة وزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي إلى تهدئة الوضع والتأكيد على الالتزام بالعلاقات الثنائية المميزة بين تونس وليبيا،حيث أن طرح مسألة الحدود البرية أو البحرية أمر طبيعي ويطرح يوميا بين عشرات الدول عبر العالم وإذا عبّرت دولة ما عن عدم رضاها بتلك الحدود يتم مناقشة المسألة بعقلانية وحكمة ودون تشنج بالنظر لحساسية هذه الملفات ودقتها، وما قاله وزير الدفاع في الجلسة البرلمانية الأخيرة لم يمسّ من اعتبار أي بلد ولم يتجاوز الحدود الدبلوماسية وأعراف العلاقات الدولية ومبدأ احترام سيادة الدول..

وإذا كان وزير الدفاع الوطني طرح مسألة ترسيم الحدود فقد طرحها من زاوية العمل المشترك بين البلدين وليس بشكل أحادي، حيث أشار إلى وجود لجنة مشتركة تونسية-ليبية تعمل على ترسيم الحدود الجغرافية بين البلدين، وما حديثه على أن تونس لن تسمح بالتفريط في أي شبر من تراب الوطن، لا يعتبر تهجّما على أي كان بل هو تأكيد منطقي على ضرورة التمسك دائما بمقومات السيادة وحدودها وليس في ذلك ما يزعج أي طرف، وخاصة الأطراف الليبية ولا يبرّر مسارعة رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي طلال ميهوب إلى التحذير المتشنّج من المساس بالحدود وإلى القول أن أية خطوة في هذا الاتجاه لن يتم الاعتراف بها، وأن مجلس النواب الليبي سيعقد جلسة لمناقشة تصريحات وزير الدفاع الوطني خالد السهيلي.

وليست المرّة الأولى التي تتم فيها إثارة مسألة الحدود من الجانب التونسي، حيث أثار الرئيس قيس سعيد مسألة الحدود البحرية عند زيارته منذ أكثر من سنة إلى مقرّ المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وحديثه على أن تونس لم تحصل إلا على »الفتات « من حقل»البوري « البحري الذي يقع على الحدود البحرية التونسية بعد الاتفاق التونسي الليبي على الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية، وقال الرئيس قيس سعيد إن المحكمة في بداية الثمانينات لم تعتمد المقاييس التي كانت تعتمدها بالنسبة لتحديد الجرف القاري، وإنما اعتمدت على مقياس يتعلق بنوع من الاتفاق الضمني بين الطرفين وأن النية كانت تتجه إلى قسمة هذا الحقل إلى نصفين ولكن بعد فشل إعلان الوحدة المؤقتة بين تونس وليبيا ساءت العلاقات بين البلدين وتم رفض المقترح..

هذه المواقف التونسية سواء كانت من طرف رئيس الجمهورية أو وزير الدفاع الوطني تعتبر مواقف عادية ولم تشذّ عن اللياقة الدبلوماسية ولا على احترام مبدأ حسن الجوار، ولم تنل من تميّز العلاقات الثنائية بين البلدين اللذين تقاسما طوال تاريخهما كل المحن المشتركة، وكانت تونس خير سند لليبيا في أزمتها بعد سقوط نظام معمّر القذافي ولم تتخلّ يوما عن دعم الليبيين في جلّ الصراعات والنزاعات الداخلية دون تدخّل من أي طرف أجنبي، كما كانت تونس دوما الملاذ الآمن لليبيين في أزمتهم السياسية التي أنتجت حالة من الاحتراب الأهلي، متمسّكة دائما وفي كل ذلك بقاعدة حسن الجوار .

واليوم لا يجب تحميل المواقف التونسية ما لا تحتمل ولا تحويلها إلى سبب لخلافات معلنة، بل يجب التعامل معها بحكمة ورصانة في إطار من التعاون الثنائي الصادق وفي إطار علاقات دبلوماسية ايجابية تعمل على احتواء كل تلك المواقف مناقشتها بهدوء ودون تسرّع، لأن علاقات تونس وليبيا التاريخية أعمق من أي خلاف .

منية العرفاوي

انزعاج بعض الشخصيات الليبية من التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الوطني خالد السهيلي حول ترسيم الحدود بين البلدين، بدت فيه مبالغة وتشنّج غير مبرّر.. خاصة بعد مبادرة وزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي إلى تهدئة الوضع والتأكيد على الالتزام بالعلاقات الثنائية المميزة بين تونس وليبيا،حيث أن طرح مسألة الحدود البرية أو البحرية أمر طبيعي ويطرح يوميا بين عشرات الدول عبر العالم وإذا عبّرت دولة ما عن عدم رضاها بتلك الحدود يتم مناقشة المسألة بعقلانية وحكمة ودون تشنج بالنظر لحساسية هذه الملفات ودقتها، وما قاله وزير الدفاع في الجلسة البرلمانية الأخيرة لم يمسّ من اعتبار أي بلد ولم يتجاوز الحدود الدبلوماسية وأعراف العلاقات الدولية ومبدأ احترام سيادة الدول..

وإذا كان وزير الدفاع الوطني طرح مسألة ترسيم الحدود فقد طرحها من زاوية العمل المشترك بين البلدين وليس بشكل أحادي، حيث أشار إلى وجود لجنة مشتركة تونسية-ليبية تعمل على ترسيم الحدود الجغرافية بين البلدين، وما حديثه على أن تونس لن تسمح بالتفريط في أي شبر من تراب الوطن، لا يعتبر تهجّما على أي كان بل هو تأكيد منطقي على ضرورة التمسك دائما بمقومات السيادة وحدودها وليس في ذلك ما يزعج أي طرف، وخاصة الأطراف الليبية ولا يبرّر مسارعة رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي طلال ميهوب إلى التحذير المتشنّج من المساس بالحدود وإلى القول أن أية خطوة في هذا الاتجاه لن يتم الاعتراف بها، وأن مجلس النواب الليبي سيعقد جلسة لمناقشة تصريحات وزير الدفاع الوطني خالد السهيلي.

وليست المرّة الأولى التي تتم فيها إثارة مسألة الحدود من الجانب التونسي، حيث أثار الرئيس قيس سعيد مسألة الحدود البحرية عند زيارته منذ أكثر من سنة إلى مقرّ المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وحديثه على أن تونس لم تحصل إلا على »الفتات « من حقل»البوري « البحري الذي يقع على الحدود البحرية التونسية بعد الاتفاق التونسي الليبي على الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية، وقال الرئيس قيس سعيد إن المحكمة في بداية الثمانينات لم تعتمد المقاييس التي كانت تعتمدها بالنسبة لتحديد الجرف القاري، وإنما اعتمدت على مقياس يتعلق بنوع من الاتفاق الضمني بين الطرفين وأن النية كانت تتجه إلى قسمة هذا الحقل إلى نصفين ولكن بعد فشل إعلان الوحدة المؤقتة بين تونس وليبيا ساءت العلاقات بين البلدين وتم رفض المقترح..

هذه المواقف التونسية سواء كانت من طرف رئيس الجمهورية أو وزير الدفاع الوطني تعتبر مواقف عادية ولم تشذّ عن اللياقة الدبلوماسية ولا على احترام مبدأ حسن الجوار، ولم تنل من تميّز العلاقات الثنائية بين البلدين اللذين تقاسما طوال تاريخهما كل المحن المشتركة، وكانت تونس خير سند لليبيا في أزمتها بعد سقوط نظام معمّر القذافي ولم تتخلّ يوما عن دعم الليبيين في جلّ الصراعات والنزاعات الداخلية دون تدخّل من أي طرف أجنبي، كما كانت تونس دوما الملاذ الآمن لليبيين في أزمتهم السياسية التي أنتجت حالة من الاحتراب الأهلي، متمسّكة دائما وفي كل ذلك بقاعدة حسن الجوار .

واليوم لا يجب تحميل المواقف التونسية ما لا تحتمل ولا تحويلها إلى سبب لخلافات معلنة، بل يجب التعامل معها بحكمة ورصانة في إطار من التعاون الثنائي الصادق وفي إطار علاقات دبلوماسية ايجابية تعمل على احتواء كل تلك المواقف مناقشتها بهدوء ودون تسرّع، لأن علاقات تونس وليبيا التاريخية أعمق من أي خلاف .

منية العرفاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews