حملت سلسلة الزيارات الديبلوماسية الأخيرة لعدد من كبار المسؤولين من المملكة العربية السعودية الى تونس دلالات عن مراهنة الرياض على الموقع الاستراتيجي لتونس وذلك في إطار اعتبار تونس شريكا في تنفيذ السعودية "لرؤيتها التنموية لسنة 2030".
ويعود التعاون السعودي التونسي الى سنة 1975 من خلال الصندوق السعودي للتنمية حيث قدرت المنح والقروض التي قدمت من خلاله بمليار و350 مليون دولار أنجز منها العديد من المشاريع.
وفي ظل هذا التطور لحجم التعاون وقّع وزير الاقتصاد والتّخطيط، سمير عبد الحفيظ، ووزير الاستثمار السّعودي، خالد بن عبد العزيز الفالح، على مذكرة تفاهم بين تونس والسّعوديّة للتّعاون في مجال تشجيع الاستثمار المباشر وذلك خلال زيارة العمل التي أداها إلى تونس السبت الفارط.
وبيّن وزير الاقتصاد والتخطيط، خلال موكب التّوقيع، الذي حضره سفير المملكة العربية السعودية بتونس، عبد العزيز بن علي الصقر، والوفد المرافق لوزير الاستثمار أن مذكّرة التفاهم تهدف إلى تدعيم الرّوابط والعلاقات بين البلدين الشقيقين في مجال الاستثمار المباشر وذلك من خلال استكشاف الفرص والعمل على تجسيمها وتعزيز التنسيق وتبادل المعطيات ذات العلاقة بتطور مناخ الأعمال والاستثمار ومنظومته إلى جانب تكثيف تنظيم التّظاهرات والزّيارات بين القطاع الخاص في البلدين.
وقد أعلنت رئاسة الجمهورية التونسية أن الرئيس قيس سعيد أكد لدى لقائه بوزير الاستثمار السعودي أن تونس "تعمل على إعداد تشريعات جديدة تُمكن من اختصار الإجراءات والآجال، وتُعبّد الطريق أمام المستثمرين التونسيين والأجانب وتُحفزهم على الاستثمار وبعث المشاريع في مناخ سليم وملائم يحفظ حقوقهم ويصون حقوق الدولة التونسية".
ويبلغ عدد الشركات المنتصبة في تونس ذات مساهمة سعودية 49 شركة بحجم استثمارات بلغ 1082,17 مليون دينار وفقا لأرقام رسمية أكدها المدير المركزي بوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي حاتم السوسي لـ"الصباح"، مشيرا الى أن الطاقة التشغيلية لهذه الشركات فاقت 7500 موطن شغل.
ويتجسد اهتمام السعودية للاستثمار في تونس، في قطاعات حيوية أبرزها الطاقات المتجددة والسياحة والخدمات الرقمية والصناعات ذات القيمة المضافة العالية على غرار قطاعات مكوّنات السيّارات والطائرات والصناعات الغذائية فضلا عن الصناعات الصيدلانية.
وسبق أن خصص بنك التصدير والاستيراد محفظة مالية بقيمة مليار دولار ستقدم لتونس لضمان التمويل والتأمين ودفع الاستثمار الخاص، كما وقعت تونس والمملكة العربية السعودية في ديسمبر 2023 سبع مذكرات تفاهم للتعاون في مجالات الصناعة والزراعة وحماية البيئة والمناخ والسياحة والعمل والمياه، في إطار اللجنة السعودية - التونسية المشتركة في دورتها الـ11 بالرياض.
وقد شكل المنتدى مناسبة لأصحاب الأعمال والفاعلين الاقتصاديين من البلدين للبحث في فرص تعزيز الاستثمار والتبادل التجاري وإقامة المشاريع المشتركة خاصة في القطاعات الواعدة.
وقال مسؤولون سعوديون إن الرياض تتطلع إلى أن تكون شريكا فاعلا في الحراك الاقتصادي الذي تشهده تونس من خلال البحث عن الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص، بهدف الترفيع في مستوى التبادل التجاري بين البلدين.
واعتبرت المملكة أن النهج الإصلاحي الذي تشهده تونس يتناغم مع المخطط التنموي للسعودية "رؤية 2030"، إذ تأتي انعكاسا لحرص البلدين على فتح آفاق أوسع للتعاون في عدد من القطاعات، وخاصة الفرص الاستثمارية والشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطوير التبادل التجاري.
كما وقعت وزارة الاقتصاد والتخطيط مع الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة في أفريل 2024 اتفاقية إطارية جديدة للتعاون للسنوات الثلاث القادمة بقيمة 3.78 مليارات دينار ويخصص القرض لتمويل واردات بعض الشركات العمومية من المواد الأساسية كالنفط الخام والمنتجات البترولية".
الاستثمار في الطاقة الخضراء
هذا وقد استثمرت شركة "أكوا باور" أكثر من 7 مليارات دولار في إنشاء محطات للطاقة المتجددة في عدة دول إفريقية منها تونس حيث وقعت الشركة السعودية مذكرة تفاهم لتطوير وإنجاز مشاريع الهيدروجين الأخضر مع تونس بقيمة 6.2 مليار دولار وهذه الاتفاقية تأتي في إطار الإعداد لبنية تحتية متطورة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وفي المرحلة الأولى من المشروع سيتم إنتاج قرابة 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويا.
وسيساعد هذا المشروع على تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، من خلال استقطاب الاستثمار المحلي والأجنبي. وشركة "أكوا باور"، هي شركة سعودية رائدة في مجال تطوير وامتلاك وتشغيل محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه والبنية التحتية للهيدروجين الأخضر.
وتبلغ قيمة استثمارات شركة "أكوا باور" السعودية، قرابة 84.7 مليار دولار، وتعمل في 12 بلدا، ولديها قرابة 4 آلاف موظف حول العالم.
عيون سعودية على القارة الإفريقية
وتتجه عيون السعودية الى القارة السمراء حيث خصصت المملكة أكثر من مليار دولار لدعم القارة الإفريقية من خلال "مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية". كما يخطط الصندوق السعودي للتنمية لاستثمار بقيمة 5 مليار دولار في مشاريع تنموية في الدول الأفريقية على مدار السنوات العشر القادمة.
كما شهدت السنوات الأخيرة تزايدا للاستثمارات الخليجية في أفريقيا، خاصة من السعودية، وذلك بدافع رؤاها المستقبلية التي تركز على التصنيع وحاجتها إلى المعادن وتعزيز الأمن الغذائي الخليجي في أعقاب الحرب الأوكرانية وتأثيرها على تدفق الحبوب الغذائية.
وتحت مظلة معادلة الاستثمار الجريء دخلت المملكة العربية السعودية عبر القطاع الخاص في إطار خططها لتنويع الاقتصاد واستثمار عائدات النفط بشكل يوصلها إلى مرحلة ما بعد الطاقة الأحفورية، من خلال الاستثمار في إفريقيا، ووضع موطئ قدم لها في القارة السمراء، وسط نشاط دولي وإقليمي محموم للتوسع فيها.
وكان وزير المالية، محمد الجدعان، أكد أنه من المتوقع أن تبلغ استثمارات القطاع الخاص السعودي في إفريقيا نحو 25 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
وفي كلمة له خلال القمم الاستباقية لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار التي عُقدت في الرياض 28 أكتوبر 2024، أكد الوزير السعودي أنه يجري العمل حاليا على تنفيذ ما قيمته 5 مليارات دولار من هذه الاستثمارات في الجانب الإفريقي.
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
حملت سلسلة الزيارات الديبلوماسية الأخيرة لعدد من كبار المسؤولين من المملكة العربية السعودية الى تونس دلالات عن مراهنة الرياض على الموقع الاستراتيجي لتونس وذلك في إطار اعتبار تونس شريكا في تنفيذ السعودية "لرؤيتها التنموية لسنة 2030".
ويعود التعاون السعودي التونسي الى سنة 1975 من خلال الصندوق السعودي للتنمية حيث قدرت المنح والقروض التي قدمت من خلاله بمليار و350 مليون دولار أنجز منها العديد من المشاريع.
وفي ظل هذا التطور لحجم التعاون وقّع وزير الاقتصاد والتّخطيط، سمير عبد الحفيظ، ووزير الاستثمار السّعودي، خالد بن عبد العزيز الفالح، على مذكرة تفاهم بين تونس والسّعوديّة للتّعاون في مجال تشجيع الاستثمار المباشر وذلك خلال زيارة العمل التي أداها إلى تونس السبت الفارط.
وبيّن وزير الاقتصاد والتخطيط، خلال موكب التّوقيع، الذي حضره سفير المملكة العربية السعودية بتونس، عبد العزيز بن علي الصقر، والوفد المرافق لوزير الاستثمار أن مذكّرة التفاهم تهدف إلى تدعيم الرّوابط والعلاقات بين البلدين الشقيقين في مجال الاستثمار المباشر وذلك من خلال استكشاف الفرص والعمل على تجسيمها وتعزيز التنسيق وتبادل المعطيات ذات العلاقة بتطور مناخ الأعمال والاستثمار ومنظومته إلى جانب تكثيف تنظيم التّظاهرات والزّيارات بين القطاع الخاص في البلدين.
وقد أعلنت رئاسة الجمهورية التونسية أن الرئيس قيس سعيد أكد لدى لقائه بوزير الاستثمار السعودي أن تونس "تعمل على إعداد تشريعات جديدة تُمكن من اختصار الإجراءات والآجال، وتُعبّد الطريق أمام المستثمرين التونسيين والأجانب وتُحفزهم على الاستثمار وبعث المشاريع في مناخ سليم وملائم يحفظ حقوقهم ويصون حقوق الدولة التونسية".
ويبلغ عدد الشركات المنتصبة في تونس ذات مساهمة سعودية 49 شركة بحجم استثمارات بلغ 1082,17 مليون دينار وفقا لأرقام رسمية أكدها المدير المركزي بوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي حاتم السوسي لـ"الصباح"، مشيرا الى أن الطاقة التشغيلية لهذه الشركات فاقت 7500 موطن شغل.
ويتجسد اهتمام السعودية للاستثمار في تونس، في قطاعات حيوية أبرزها الطاقات المتجددة والسياحة والخدمات الرقمية والصناعات ذات القيمة المضافة العالية على غرار قطاعات مكوّنات السيّارات والطائرات والصناعات الغذائية فضلا عن الصناعات الصيدلانية.
وسبق أن خصص بنك التصدير والاستيراد محفظة مالية بقيمة مليار دولار ستقدم لتونس لضمان التمويل والتأمين ودفع الاستثمار الخاص، كما وقعت تونس والمملكة العربية السعودية في ديسمبر 2023 سبع مذكرات تفاهم للتعاون في مجالات الصناعة والزراعة وحماية البيئة والمناخ والسياحة والعمل والمياه، في إطار اللجنة السعودية - التونسية المشتركة في دورتها الـ11 بالرياض.
وقد شكل المنتدى مناسبة لأصحاب الأعمال والفاعلين الاقتصاديين من البلدين للبحث في فرص تعزيز الاستثمار والتبادل التجاري وإقامة المشاريع المشتركة خاصة في القطاعات الواعدة.
وقال مسؤولون سعوديون إن الرياض تتطلع إلى أن تكون شريكا فاعلا في الحراك الاقتصادي الذي تشهده تونس من خلال البحث عن الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص، بهدف الترفيع في مستوى التبادل التجاري بين البلدين.
واعتبرت المملكة أن النهج الإصلاحي الذي تشهده تونس يتناغم مع المخطط التنموي للسعودية "رؤية 2030"، إذ تأتي انعكاسا لحرص البلدين على فتح آفاق أوسع للتعاون في عدد من القطاعات، وخاصة الفرص الاستثمارية والشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطوير التبادل التجاري.
كما وقعت وزارة الاقتصاد والتخطيط مع الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة في أفريل 2024 اتفاقية إطارية جديدة للتعاون للسنوات الثلاث القادمة بقيمة 3.78 مليارات دينار ويخصص القرض لتمويل واردات بعض الشركات العمومية من المواد الأساسية كالنفط الخام والمنتجات البترولية".
الاستثمار في الطاقة الخضراء
هذا وقد استثمرت شركة "أكوا باور" أكثر من 7 مليارات دولار في إنشاء محطات للطاقة المتجددة في عدة دول إفريقية منها تونس حيث وقعت الشركة السعودية مذكرة تفاهم لتطوير وإنجاز مشاريع الهيدروجين الأخضر مع تونس بقيمة 6.2 مليار دولار وهذه الاتفاقية تأتي في إطار الإعداد لبنية تحتية متطورة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وفي المرحلة الأولى من المشروع سيتم إنتاج قرابة 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويا.
وسيساعد هذا المشروع على تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، من خلال استقطاب الاستثمار المحلي والأجنبي. وشركة "أكوا باور"، هي شركة سعودية رائدة في مجال تطوير وامتلاك وتشغيل محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه والبنية التحتية للهيدروجين الأخضر.
وتبلغ قيمة استثمارات شركة "أكوا باور" السعودية، قرابة 84.7 مليار دولار، وتعمل في 12 بلدا، ولديها قرابة 4 آلاف موظف حول العالم.
عيون سعودية على القارة الإفريقية
وتتجه عيون السعودية الى القارة السمراء حيث خصصت المملكة أكثر من مليار دولار لدعم القارة الإفريقية من خلال "مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية". كما يخطط الصندوق السعودي للتنمية لاستثمار بقيمة 5 مليار دولار في مشاريع تنموية في الدول الأفريقية على مدار السنوات العشر القادمة.
كما شهدت السنوات الأخيرة تزايدا للاستثمارات الخليجية في أفريقيا، خاصة من السعودية، وذلك بدافع رؤاها المستقبلية التي تركز على التصنيع وحاجتها إلى المعادن وتعزيز الأمن الغذائي الخليجي في أعقاب الحرب الأوكرانية وتأثيرها على تدفق الحبوب الغذائية.
وتحت مظلة معادلة الاستثمار الجريء دخلت المملكة العربية السعودية عبر القطاع الخاص في إطار خططها لتنويع الاقتصاد واستثمار عائدات النفط بشكل يوصلها إلى مرحلة ما بعد الطاقة الأحفورية، من خلال الاستثمار في إفريقيا، ووضع موطئ قدم لها في القارة السمراء، وسط نشاط دولي وإقليمي محموم للتوسع فيها.
وكان وزير المالية، محمد الجدعان، أكد أنه من المتوقع أن تبلغ استثمارات القطاع الخاص السعودي في إفريقيا نحو 25 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
وفي كلمة له خلال القمم الاستباقية لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار التي عُقدت في الرياض 28 أكتوبر 2024، أكد الوزير السعودي أنه يجري العمل حاليا على تنفيذ ما قيمته 5 مليارات دولار من هذه الاستثمارات في الجانب الإفريقي.