إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح.. ما بعد تصنيف "فيتش"

 

أعلنت وكالة "فيتش رايتنغ" أول أمس عن تصنيف جديد لتونس رفعت بمقتضاه ترقيمنا السيادي إلي مستوى (CCC+) وهو ما يعني أن الحكومة التونسية قامت بخطوات إيجابية فيما يتعلق بالإيفاء بتعهداتها وسداد القروض المستوجبة والتقليل من مستوى نسبة المخاطر المتعلقة بالديون والاقتراض.

هذا التصنيف، وإن كان فيه مؤشر إيجابي، فهو لم يخرج تونس من الدوائر السلبية للتصنيفات الدولية وإبقائها في خانة تصنيف "المخاطرة العالية" العلامة (C) خاصة أن إيفاء تونس لتعهداتها فيما يتعلق بسداد ديونها جاء عبر الاقتراض الداخلي من البنوك المحلية ممّا يضع هذه البنوك في وضع المخاطرة وهو ما حذر منه البنك الدولي في تقرير له أشار فيه إلى ارتفاع نسبة مخاطر البنوك التونسية بحكم تمويلاتها الحكومية والعمومية المكثفة والمتواترة والتي لا تنتج نموا اقتصاديا إيجابيا بل يتم تحويلها إلى تمويل النفقات العمومية المضخمة وتمويل إرجاع قروض مستوجبة الخلاص وهذا ما يزيد من الضغط على النظام المالي ويقلل من السيولة المخصصة لدعم الاقتصاد المحلي.

إن تصنيف "فيتش" الأخير يكتسي أهمية خاصة باعتبار أن أي تقدم أو تأخر في التصنيف تتم متابعته وتحليله بشكل معمق من قبل الهيئات والدول المانحة، إذ يعتبر عنصرًا حاسمًا في تحديد موقف الأسواق المالية الدولية من إقراض تونس. والبقاء في تصنيف(C) يعني أن نسبة المخاطرة ما زالت عالية وأن الصعوبات قد تتواصل فيما يتعلق بالحصول على التمويلات الخارجية التي نحتاجها بشدة، خاصة في ظل اشتراط المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، التوصل إلى اتفاقات محددة قبل الموافقة على أية قروض جديدة. والتوصل إلى اتفاق مع الصندوق يبقى شرطًا هاما للحصول على التمويلات الخارجية. لكن تونس أغلقت هذا الباب نهائيا بعد الشروط المفروضة من قبل هذه المؤسسة المانحة وهي شروط وصفتها الحكومة التونسية بالتعجيزية رغم التقدم الكبير المسجل فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية الهيكلية المطلوبة.

إن تركيزنا على التصنيفات الدولية بهذا الشكل، يعني أن اقتصاد بلادنا يكاد يرتبط بالقروض والتداين الخارجي وهي نقطة سلبية من الضروري تجاوزها وإيجاد الحلول لها، حلول يجب أن تكون مستديمة وقادرة على دعم النمو الاقتصادي، وليس مجرد حلول مؤقتة تزيد من تعقيد الأوضاع على المدى المتوسط والبعيد. فالاعتماد المفرط على القروض الخارجية جعل تونس رهينة لبعض المؤسسات والدول المانحة التي حاولت مقايضة سيادتنا بقروضها.. ونفس الشيء بالنسبة لحل القروض المحلية والاكتتابات الوطنية وهو حلّ قد يوفر بعض التمويلات ويدعم الميزانية، لكنه يأتي على حساب السيولة والاقتصاد التنموي الحقيقي ويحرم الاقتصاد الوطني من تمويل الاستثمار وتحفيز محركات النمو والتنمية إلى جانب التأثير السلبي على الصلابة المالية لقطاع المصارف في البلاد حيث أن اللجوء المتزايد للتداين من السوق الداخلية يؤدي إلى تفاقم الضغوط المسلطة على السيولة، بما من شأنه أن يعطل نشاط الأسواق المصرفية والمالية وسوق التأمينات مع التأثير المحتمل في السير العادي لمعاملات التجارة الخارجية التي تقوم بها البنوك التونسية والمتعلقة خاصة بواردات المواد الأساسية.

الواقع اليوم يقتضي سرعة إطلاق إصلاحات عميقة وهادفة تطال قطاعات حيوية لاسيما في مجال الطاقات المتجددة وهو ما من شأنه أن يمكّن تونس من تعزيز قدرتها على الصمود والاستدامة اقتصاديا ويعيد اقتصادها إلى مساره الطبيعي سواء على مستوى التوازنات الكلية أو مختلف المؤشرات الأخرى..

سفيان رجب

 

 

أعلنت وكالة "فيتش رايتنغ" أول أمس عن تصنيف جديد لتونس رفعت بمقتضاه ترقيمنا السيادي إلي مستوى (CCC+) وهو ما يعني أن الحكومة التونسية قامت بخطوات إيجابية فيما يتعلق بالإيفاء بتعهداتها وسداد القروض المستوجبة والتقليل من مستوى نسبة المخاطر المتعلقة بالديون والاقتراض.

هذا التصنيف، وإن كان فيه مؤشر إيجابي، فهو لم يخرج تونس من الدوائر السلبية للتصنيفات الدولية وإبقائها في خانة تصنيف "المخاطرة العالية" العلامة (C) خاصة أن إيفاء تونس لتعهداتها فيما يتعلق بسداد ديونها جاء عبر الاقتراض الداخلي من البنوك المحلية ممّا يضع هذه البنوك في وضع المخاطرة وهو ما حذر منه البنك الدولي في تقرير له أشار فيه إلى ارتفاع نسبة مخاطر البنوك التونسية بحكم تمويلاتها الحكومية والعمومية المكثفة والمتواترة والتي لا تنتج نموا اقتصاديا إيجابيا بل يتم تحويلها إلى تمويل النفقات العمومية المضخمة وتمويل إرجاع قروض مستوجبة الخلاص وهذا ما يزيد من الضغط على النظام المالي ويقلل من السيولة المخصصة لدعم الاقتصاد المحلي.

إن تصنيف "فيتش" الأخير يكتسي أهمية خاصة باعتبار أن أي تقدم أو تأخر في التصنيف تتم متابعته وتحليله بشكل معمق من قبل الهيئات والدول المانحة، إذ يعتبر عنصرًا حاسمًا في تحديد موقف الأسواق المالية الدولية من إقراض تونس. والبقاء في تصنيف(C) يعني أن نسبة المخاطرة ما زالت عالية وأن الصعوبات قد تتواصل فيما يتعلق بالحصول على التمويلات الخارجية التي نحتاجها بشدة، خاصة في ظل اشتراط المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، التوصل إلى اتفاقات محددة قبل الموافقة على أية قروض جديدة. والتوصل إلى اتفاق مع الصندوق يبقى شرطًا هاما للحصول على التمويلات الخارجية. لكن تونس أغلقت هذا الباب نهائيا بعد الشروط المفروضة من قبل هذه المؤسسة المانحة وهي شروط وصفتها الحكومة التونسية بالتعجيزية رغم التقدم الكبير المسجل فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية الهيكلية المطلوبة.

إن تركيزنا على التصنيفات الدولية بهذا الشكل، يعني أن اقتصاد بلادنا يكاد يرتبط بالقروض والتداين الخارجي وهي نقطة سلبية من الضروري تجاوزها وإيجاد الحلول لها، حلول يجب أن تكون مستديمة وقادرة على دعم النمو الاقتصادي، وليس مجرد حلول مؤقتة تزيد من تعقيد الأوضاع على المدى المتوسط والبعيد. فالاعتماد المفرط على القروض الخارجية جعل تونس رهينة لبعض المؤسسات والدول المانحة التي حاولت مقايضة سيادتنا بقروضها.. ونفس الشيء بالنسبة لحل القروض المحلية والاكتتابات الوطنية وهو حلّ قد يوفر بعض التمويلات ويدعم الميزانية، لكنه يأتي على حساب السيولة والاقتصاد التنموي الحقيقي ويحرم الاقتصاد الوطني من تمويل الاستثمار وتحفيز محركات النمو والتنمية إلى جانب التأثير السلبي على الصلابة المالية لقطاع المصارف في البلاد حيث أن اللجوء المتزايد للتداين من السوق الداخلية يؤدي إلى تفاقم الضغوط المسلطة على السيولة، بما من شأنه أن يعطل نشاط الأسواق المصرفية والمالية وسوق التأمينات مع التأثير المحتمل في السير العادي لمعاملات التجارة الخارجية التي تقوم بها البنوك التونسية والمتعلقة خاصة بواردات المواد الأساسية.

الواقع اليوم يقتضي سرعة إطلاق إصلاحات عميقة وهادفة تطال قطاعات حيوية لاسيما في مجال الطاقات المتجددة وهو ما من شأنه أن يمكّن تونس من تعزيز قدرتها على الصمود والاستدامة اقتصاديا ويعيد اقتصادها إلى مساره الطبيعي سواء على مستوى التوازنات الكلية أو مختلف المؤشرات الأخرى..

سفيان رجب

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews