إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عندما يستفيق العرب يرتعد الغرب

بقلم د. الصحراوي قمعون

صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة

العالم العربي يتميز بعناصر جذب كبيرة ومكونات بناء كيان تكاملي أو وحدوي اقتصادي وسياسي تدعمه مقومات الوحدة الحضارية ووحدة اللغة والدين

عنوان هذا المقال منقول عن عنوان كتاب السياسي والكاتب الفرنسي ألاَنْ بَايْرِيفْتْ، "عندما تستفيق الصين يرتعد العالم" والذي نشره عام 1973 إثر زيارات متعددة للصين لاحظ فيها مكامن النهوض والأفاق الواعدة للصين الشيوعية المحاصرة وقتها من الغرب وذات اقتصاد متواضع حد التخلف ، داعيا الغرب وقتها في كتابه إلى ترك الصين نائمة لأنها كما قال، " سيرتعد العالم اذا ما استفاقت".

وبعد خمسين سنة من ذلك، تحققت نبوءات السياسي الفرنسي الذي هو مستشار الزعيم الفرنسي شارل ديغول ووزير للتربية والعدل في حكومات ديغول خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين.

وخلال الأحداث العالمية لتلك الفترة، ارتعد الغرب حين فرض العرب حظرا نفطيا على الدول الغربية المساندة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر 1973، توقفت معه عجلة الاقتصاد العالمي وأصاب الهلع الاقتصاديات الغربية. واليوم ما زالت إرادة الوحدة وفرض السيادة غير متوفرة لدى العرب لأسباب داخلية وأخرى خارجية بالخصوص. وقد لخص الوضع المزري للعرب اليوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريح صحفي علني ، وهو الشعبوي المعروف بتصريحاته التهكمية المباشرة حد السريالية ، كتاجر ومضارب عقاري بقوله :"قمنا بطباعة دولارات واشترينا بها النفط من العرب ثم طبعنا دولارات وأعطيناها لدول عربية أخرى كديون مع فوائد. فنكون قد أخذنا النفط وأصبحوا مديونين لنا، ونتبرع لبعض الدول العربية بقيمة الفوائد كمساعدات فيشكروننا على كرمنا".

وإذا كانت النوْمة الحضارية للعرب والمسلمين بسبب الانحطاط، قد تواصلت قرونا خمسة، فإن الاستفاقة تبدو صعبة وموجعة، ولكنها قادرة على اقتناص فرص التموْقع في الساحة الإقليمية والدولية، بعد التسلح بالعلوم والمعرفة لتوفير أوفر عوامل النجاح لعملية التجديد الحضاري وتكريس "النشأة المستأنفة" التي تحدث عنها العلامة ابن خلدون في مقدمته عن نشوء الحضارات وازدهارها ثم أفولها ثم ازدهارها من جديد بفضل عوامل عديدة مساعدة على ذلك .

فعلى المستوى الجيو اسراتيجي، هناك كثير من العوامل التي توحد ولا تفرق بين الدول العربية ، حيث يسود الانسجام والتكامل بين مكونات شعب عربي واحد ولغة واحدة ودين واحد وتبادل ثقافي بين المشرق والمغرب والخليج العربي أثمر في السابق حضارة عربية إسلامية مزدهرة خلال العصر الوسيط ساهمت في خدمة الإنسانية بعلومها وثقافتها وإسهامها في المسيرة الكونية .

وزيادة على ذلك يبدو العالم العربي كتلة جغرافية واحدة ذات ترابط جغرافي طبيعي لا يفرق بين مكوناته الإقليمية الكبرى أي بحر أو إقيانوس أو حواجز طبيعية أخرى كبرى. كما يتوفر على امكانيات بشرية وطبيعية ومنجمية ومعدنية من مختلف المواد الأولية اللازمة لكل تنمية مستديمة، تجد لها ما يكفي من اليد العاملة الماهرة وفرص العمل والشراكات والسوق الترويجية الواسعة للإنتاج بما يرفع من قدراتها التنافسية إقليميا ودوليا.

العالم العربي :إمكانات هائلة وأفاق واعدة

تشير الإحصائيات المختلفة للبنك الدولي وهيئات الأمم المتحدة أن العالم العربي يمتلك حاليا ثروات بشرية وطبيعية هائلة تشمل مختلف القطاعات لعل أبرزها النفط والغاز وباقي المعادن، الى جانب ثروة حيوانية وسمكية معتبرة باعتبار بلدانه تطل على المحيط الهادي والمحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.وهي بحار تتحكم أيضا في طرق الملاحة والتجارة العالمية.

فبشأن الثروة النفطية تملك الدول العربية 55 بالمائة من احتياطي النفط في العالم. ومن بين الدول العشر صاحبة أكبر احتياطي منه، هناك خمس دول عربية تمتلك أكثر من سبعمائة مليار برميل هي السعودية والعراق والكويت وليبيا والإمارات العربية . وتمتلك الدول العربية 41 بالمائة من عائدات النفط في العالم . كما يمتلك العالم العربي احتياطيا هائلا من الغاز الطبيعي يزيد عن ربع الاحتياطي العالمي . وتوجد دولتان عربيتان من بين قائمة أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم هما المملكة العربية السعودية والجزائر. وتحتل قطر مكانة مهمة أيضا في المجال حيث تعتبر رابع منتج وثاني مصدر للغاز المسال في العالم، حسب إحصائيات منظمة الدول المصدرة للبترول أوبيب .

وفي مجال المعادن الأخرى تمتلك الدول للعربية احتياطيا هاما من المعادن وأساسا الحديد والفحم والزنك والنحاس، إضافة الى الفسفاط حيث يتصدر المغرب الإنتاج العربي في هذه المادة إلى جانب كل من موريتانيا وتونس والأردن .

وفي مجال الزراعة والثروة الحيوانية، لازالت الزراعة في البلاد العربية تقليدية ولا توفر الأمن الغذائي للعالم العربي الذي يستورد غذاءه من القمح والأرز. وتشكو الزراعة من شح الموارد المائية بالخصوص حيث لا تحظى المنطقة العربية سوى بصفر فاصل خمسة بالمائة من المياه العذبة في العالم، رغم ان مساحتها تمثل عشرة بالمائة من مساحة العالم ويسكنها خمسة بالمائة من سكانه.

وبالمقابل تمتلك الدول العربية ثروة حيوانية تقدر بأكثر من أربعمائة مليون رأس من الأبقار والجواميس والإبل والأغنام والماعز. ويمتلك السودان الجانب الكبير منها حسب إحصائيات التقرير الاقتصادي العربي الموحد . وتبلغ مساحة المراعي في المنطقة العربية حوالي خمسمائة مليون هكتار أي حوالي ثلث المساحة الإجمالية للدول العربية التي تسيطر عليها الأراضي الصحراوية القاحلة.

ويمتلك العالم العربي ثروة سمكية هامة حيث تطل دوله على عدة بحار وتمتد سواحله على مدى ثلاث وعشرين ألف كلم من البحر الأحمر والبحر المتوسط والمحيطين الهادي والأطلسي، دون احتساب الموارد الداخلية من الأنهار وسدود وبحيرات ومزارع سمكية اصطناعية. ويقدر الإنتاج السمكي حسب إحصائيات صندوق النقد العربي بحوالي خمسة ملايين طن وهو ما يمثل اثنين فاصل ستة بالمائة من الإنتاج العالمي. وهو يتركز في دول عربية مثل المغرب وتونس ومصر وموريتانيا .

أما عدد سكان العالم العربي فيبلغ أربعمائة وثلاثين مليون نسمة، وهو ما يفوق سكان أقوى وأكبر دولتين في العالم وهما أمريكا بــ 320 مليون نسمة، وروسيا ب142 مليون نسمة .

أما عن الدخل الداخلي الخام للعالم العربي وتوزيعه على دوله، فيبلغ حسب بيانات صندوق النقد الدولي لعام 2023 اثنين فاصل سبعة تريليون دولار وهو ما يعادل الدخل المحلي لدولة أوروبية متوسطة مثل إيطاليا. وهو ما يعني عمليا وإحصائيا أن استفاقة العالم العربي واحتلالها المكانة البارزة ليست "غدا لناظره قريب".

وفي ذلك الدخل الجماعي العربي، تتصدر العربية السعودية قائمة الدول العربية الأغنى بناتج محلي يبلغ 779 مليار دولار تليها الإمارات بـ405 مليار دولار، تليها مصر ب 302 مليار دولار، تليها العراق ب 224 مليار، تليها قطر ب 191 مليار، تليها الجزائر ب 172 مليار دولار، ثم الكويت ب 137 مليار دولار، ثم المغرب ب 119 مليار دولار، ثم سلطنة عمان ب 176 مليار دولار، ثم سوريا ب60 مليار دولار، ثم لبنان بــ58 مليار دولار، ثم تونس ب 38 مليار دولار والبحرين ب 38 مليار دولار ثم ليبيا ب33 مليار دولار.

كما يبلغ عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 سنة أكثر من مائة مليون شاب حسب التعداد العام الأخير للسكان لعام 2022. وهي سواعد وعقول شابة يمكن أن تحقق الثورة المعرفية والاقتصادية المطلوبة وتساهم في مقاومة البطالة التي تضرب هذه الشريحة ليس في العالم العربي فحسب بل في المناطق المشابهة والسائرة في طريق النمو مثل إفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية حسب تقارير منظمة العمل الدولية ونظيرتها العربية منظمة العمل العربية.

وفي نظر الخبراء ومهندسي الدراسات المستقبلية فان العالم العربي يتميز بعناصر جذب كبيرة ومكونات بناء كيان تكاملي أو وحدوي اقتصادي وسياسي تدعمه مقومات الوحدة الحضارية ووحدة اللغة والدين ووجوده بين الشرق والغرب وبين الشمال الجنوب وفي ملتقي مصالح الكتل والتجمعات الإقليمية والدولية ونقاط عبور التجارة الدولية ومناطق المياه الدافئة واحتياط الطاقة التقليدية والمتجددة لعقود قادمة، مما يعطي بعدا استراتيجيا لوحدته الجغرافية من اجل بناء كيان تكاملي او وحدوي فاعل على غرار الاتحاد الأوروبي او الاتحادات المحلية في إفريقيا او أمريكا الجنوبية او جنوب شرق أسيا . وهو في ذلك السباق الإقليمي أو الدولي له مقومات النجاح في التموقع في الساحة الدولية التي تسير نحو تعددية الأقطاب العالمية دوليا او إقليميا بعيد عن الثنائية او الأحادية القطبية التي سيطر فيها الغرب لقرون على مصير العالم ولعب دور الشرطي الاستعماري في مناطقه منذ الحرب العالمية الثانية.

وتتعالي الدعوات عديدة من الخبراء والأخصائيين والسياسيين الواقعيين الى العالم العربي من استثمار هذه الإمكانيات الفريدة في العالم العربي عبر تطوير التعليم وإصلاح المجتمعات والاستثمار في المعرفة والبحث العلمي والتكنولوجي وتنمية المواهب وقدرات الشباب المتعلم وتطوير أوضاع المرأة ، حتى يستقر الشباب في بلاده ولا يلجا للهجرة العبثية الي دول الغرب الآفل، حسب قوانين الحتمية التاريخية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عندما يستفيق العرب يرتعد الغرب

بقلم د. الصحراوي قمعون

صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة

العالم العربي يتميز بعناصر جذب كبيرة ومكونات بناء كيان تكاملي أو وحدوي اقتصادي وسياسي تدعمه مقومات الوحدة الحضارية ووحدة اللغة والدين

عنوان هذا المقال منقول عن عنوان كتاب السياسي والكاتب الفرنسي ألاَنْ بَايْرِيفْتْ، "عندما تستفيق الصين يرتعد العالم" والذي نشره عام 1973 إثر زيارات متعددة للصين لاحظ فيها مكامن النهوض والأفاق الواعدة للصين الشيوعية المحاصرة وقتها من الغرب وذات اقتصاد متواضع حد التخلف ، داعيا الغرب وقتها في كتابه إلى ترك الصين نائمة لأنها كما قال، " سيرتعد العالم اذا ما استفاقت".

وبعد خمسين سنة من ذلك، تحققت نبوءات السياسي الفرنسي الذي هو مستشار الزعيم الفرنسي شارل ديغول ووزير للتربية والعدل في حكومات ديغول خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين.

وخلال الأحداث العالمية لتلك الفترة، ارتعد الغرب حين فرض العرب حظرا نفطيا على الدول الغربية المساندة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر 1973، توقفت معه عجلة الاقتصاد العالمي وأصاب الهلع الاقتصاديات الغربية. واليوم ما زالت إرادة الوحدة وفرض السيادة غير متوفرة لدى العرب لأسباب داخلية وأخرى خارجية بالخصوص. وقد لخص الوضع المزري للعرب اليوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريح صحفي علني ، وهو الشعبوي المعروف بتصريحاته التهكمية المباشرة حد السريالية ، كتاجر ومضارب عقاري بقوله :"قمنا بطباعة دولارات واشترينا بها النفط من العرب ثم طبعنا دولارات وأعطيناها لدول عربية أخرى كديون مع فوائد. فنكون قد أخذنا النفط وأصبحوا مديونين لنا، ونتبرع لبعض الدول العربية بقيمة الفوائد كمساعدات فيشكروننا على كرمنا".

وإذا كانت النوْمة الحضارية للعرب والمسلمين بسبب الانحطاط، قد تواصلت قرونا خمسة، فإن الاستفاقة تبدو صعبة وموجعة، ولكنها قادرة على اقتناص فرص التموْقع في الساحة الإقليمية والدولية، بعد التسلح بالعلوم والمعرفة لتوفير أوفر عوامل النجاح لعملية التجديد الحضاري وتكريس "النشأة المستأنفة" التي تحدث عنها العلامة ابن خلدون في مقدمته عن نشوء الحضارات وازدهارها ثم أفولها ثم ازدهارها من جديد بفضل عوامل عديدة مساعدة على ذلك .

فعلى المستوى الجيو اسراتيجي، هناك كثير من العوامل التي توحد ولا تفرق بين الدول العربية ، حيث يسود الانسجام والتكامل بين مكونات شعب عربي واحد ولغة واحدة ودين واحد وتبادل ثقافي بين المشرق والمغرب والخليج العربي أثمر في السابق حضارة عربية إسلامية مزدهرة خلال العصر الوسيط ساهمت في خدمة الإنسانية بعلومها وثقافتها وإسهامها في المسيرة الكونية .

وزيادة على ذلك يبدو العالم العربي كتلة جغرافية واحدة ذات ترابط جغرافي طبيعي لا يفرق بين مكوناته الإقليمية الكبرى أي بحر أو إقيانوس أو حواجز طبيعية أخرى كبرى. كما يتوفر على امكانيات بشرية وطبيعية ومنجمية ومعدنية من مختلف المواد الأولية اللازمة لكل تنمية مستديمة، تجد لها ما يكفي من اليد العاملة الماهرة وفرص العمل والشراكات والسوق الترويجية الواسعة للإنتاج بما يرفع من قدراتها التنافسية إقليميا ودوليا.

العالم العربي :إمكانات هائلة وأفاق واعدة

تشير الإحصائيات المختلفة للبنك الدولي وهيئات الأمم المتحدة أن العالم العربي يمتلك حاليا ثروات بشرية وطبيعية هائلة تشمل مختلف القطاعات لعل أبرزها النفط والغاز وباقي المعادن، الى جانب ثروة حيوانية وسمكية معتبرة باعتبار بلدانه تطل على المحيط الهادي والمحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.وهي بحار تتحكم أيضا في طرق الملاحة والتجارة العالمية.

فبشأن الثروة النفطية تملك الدول العربية 55 بالمائة من احتياطي النفط في العالم. ومن بين الدول العشر صاحبة أكبر احتياطي منه، هناك خمس دول عربية تمتلك أكثر من سبعمائة مليار برميل هي السعودية والعراق والكويت وليبيا والإمارات العربية . وتمتلك الدول العربية 41 بالمائة من عائدات النفط في العالم . كما يمتلك العالم العربي احتياطيا هائلا من الغاز الطبيعي يزيد عن ربع الاحتياطي العالمي . وتوجد دولتان عربيتان من بين قائمة أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم هما المملكة العربية السعودية والجزائر. وتحتل قطر مكانة مهمة أيضا في المجال حيث تعتبر رابع منتج وثاني مصدر للغاز المسال في العالم، حسب إحصائيات منظمة الدول المصدرة للبترول أوبيب .

وفي مجال المعادن الأخرى تمتلك الدول للعربية احتياطيا هاما من المعادن وأساسا الحديد والفحم والزنك والنحاس، إضافة الى الفسفاط حيث يتصدر المغرب الإنتاج العربي في هذه المادة إلى جانب كل من موريتانيا وتونس والأردن .

وفي مجال الزراعة والثروة الحيوانية، لازالت الزراعة في البلاد العربية تقليدية ولا توفر الأمن الغذائي للعالم العربي الذي يستورد غذاءه من القمح والأرز. وتشكو الزراعة من شح الموارد المائية بالخصوص حيث لا تحظى المنطقة العربية سوى بصفر فاصل خمسة بالمائة من المياه العذبة في العالم، رغم ان مساحتها تمثل عشرة بالمائة من مساحة العالم ويسكنها خمسة بالمائة من سكانه.

وبالمقابل تمتلك الدول العربية ثروة حيوانية تقدر بأكثر من أربعمائة مليون رأس من الأبقار والجواميس والإبل والأغنام والماعز. ويمتلك السودان الجانب الكبير منها حسب إحصائيات التقرير الاقتصادي العربي الموحد . وتبلغ مساحة المراعي في المنطقة العربية حوالي خمسمائة مليون هكتار أي حوالي ثلث المساحة الإجمالية للدول العربية التي تسيطر عليها الأراضي الصحراوية القاحلة.

ويمتلك العالم العربي ثروة سمكية هامة حيث تطل دوله على عدة بحار وتمتد سواحله على مدى ثلاث وعشرين ألف كلم من البحر الأحمر والبحر المتوسط والمحيطين الهادي والأطلسي، دون احتساب الموارد الداخلية من الأنهار وسدود وبحيرات ومزارع سمكية اصطناعية. ويقدر الإنتاج السمكي حسب إحصائيات صندوق النقد العربي بحوالي خمسة ملايين طن وهو ما يمثل اثنين فاصل ستة بالمائة من الإنتاج العالمي. وهو يتركز في دول عربية مثل المغرب وتونس ومصر وموريتانيا .

أما عدد سكان العالم العربي فيبلغ أربعمائة وثلاثين مليون نسمة، وهو ما يفوق سكان أقوى وأكبر دولتين في العالم وهما أمريكا بــ 320 مليون نسمة، وروسيا ب142 مليون نسمة .

أما عن الدخل الداخلي الخام للعالم العربي وتوزيعه على دوله، فيبلغ حسب بيانات صندوق النقد الدولي لعام 2023 اثنين فاصل سبعة تريليون دولار وهو ما يعادل الدخل المحلي لدولة أوروبية متوسطة مثل إيطاليا. وهو ما يعني عمليا وإحصائيا أن استفاقة العالم العربي واحتلالها المكانة البارزة ليست "غدا لناظره قريب".

وفي ذلك الدخل الجماعي العربي، تتصدر العربية السعودية قائمة الدول العربية الأغنى بناتج محلي يبلغ 779 مليار دولار تليها الإمارات بـ405 مليار دولار، تليها مصر ب 302 مليار دولار، تليها العراق ب 224 مليار، تليها قطر ب 191 مليار، تليها الجزائر ب 172 مليار دولار، ثم الكويت ب 137 مليار دولار، ثم المغرب ب 119 مليار دولار، ثم سلطنة عمان ب 176 مليار دولار، ثم سوريا ب60 مليار دولار، ثم لبنان بــ58 مليار دولار، ثم تونس ب 38 مليار دولار والبحرين ب 38 مليار دولار ثم ليبيا ب33 مليار دولار.

كما يبلغ عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 سنة أكثر من مائة مليون شاب حسب التعداد العام الأخير للسكان لعام 2022. وهي سواعد وعقول شابة يمكن أن تحقق الثورة المعرفية والاقتصادية المطلوبة وتساهم في مقاومة البطالة التي تضرب هذه الشريحة ليس في العالم العربي فحسب بل في المناطق المشابهة والسائرة في طريق النمو مثل إفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية حسب تقارير منظمة العمل الدولية ونظيرتها العربية منظمة العمل العربية.

وفي نظر الخبراء ومهندسي الدراسات المستقبلية فان العالم العربي يتميز بعناصر جذب كبيرة ومكونات بناء كيان تكاملي أو وحدوي اقتصادي وسياسي تدعمه مقومات الوحدة الحضارية ووحدة اللغة والدين ووجوده بين الشرق والغرب وبين الشمال الجنوب وفي ملتقي مصالح الكتل والتجمعات الإقليمية والدولية ونقاط عبور التجارة الدولية ومناطق المياه الدافئة واحتياط الطاقة التقليدية والمتجددة لعقود قادمة، مما يعطي بعدا استراتيجيا لوحدته الجغرافية من اجل بناء كيان تكاملي او وحدوي فاعل على غرار الاتحاد الأوروبي او الاتحادات المحلية في إفريقيا او أمريكا الجنوبية او جنوب شرق أسيا . وهو في ذلك السباق الإقليمي أو الدولي له مقومات النجاح في التموقع في الساحة الدولية التي تسير نحو تعددية الأقطاب العالمية دوليا او إقليميا بعيد عن الثنائية او الأحادية القطبية التي سيطر فيها الغرب لقرون على مصير العالم ولعب دور الشرطي الاستعماري في مناطقه منذ الحرب العالمية الثانية.

وتتعالي الدعوات عديدة من الخبراء والأخصائيين والسياسيين الواقعيين الى العالم العربي من استثمار هذه الإمكانيات الفريدة في العالم العربي عبر تطوير التعليم وإصلاح المجتمعات والاستثمار في المعرفة والبحث العلمي والتكنولوجي وتنمية المواهب وقدرات الشباب المتعلم وتطوير أوضاع المرأة ، حتى يستقر الشباب في بلاده ولا يلجا للهجرة العبثية الي دول الغرب الآفل، حسب قوانين الحتمية التاريخية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews