إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تلاميذنا بين مطرقة الكلاب السائبة وسندان الذئاب البشرية... أيّ تعليم نريد؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بقلم ريم بالخذيري

العملية التعليمية سلسلة مترابطة بين عدد من الوزارات. وهو ما يجب أن يضطلع به المجلس الأعلى للتربية والذي وجب التسريع بوضع أسسسه

يوم غد الاثنين 16سبتمبر تستعيد المؤسسات التربوية حياتها الطبيعية ويلتحق أكثر من مليوني و400 تلميذ بمقاعد الدراسة من التعليم الأساسي فالإعدادي والثانوي.

ويبدو أن هذه السنة لن تشذّ عن سابقاتها من حيث تعثرّها في ظل أخطار مستحدثة وأخرى متجدّدة. ورغم كل المجهودات والاستعدادات التي تقوم بها وزارة التربية والوزارات المتقاطعة معها في العودة المدرسية فان الواقع التعليمي والبنية التحيتة للمدارس وتصرفات النقابات تحدّ من هذه الجهود.

السنة الدراسية 2024/2025 مطروحة أمامها تحدّيات كبيرة منها ما هو في صلب النظام التعليمي ومنها ما هو خارج عنه.

الكلاب السائبة

هو الخطر الداهم والذي يبدو أنه أصبح جاثما على صدور الأولياء والتلاميذ والذي لا يستثني مدارس القرى والمدن فالطرق اليها أصبحت محفوفة بالمخاطر والشوارع والطرقات المؤدية اليها أصبحت تغص بهذه الحيوانات والغريب أن الحملة الوطنية التي أطلقتها وزارة الفلاحة بالتنسيق مع وزارة الصحة لتلقيح الحيوانات من داء الكلب لم تشمل هذه الكلاب السائبة معتبرين أنّ مسؤوليتها ترجع الى البلديات ووزارة الداخلية وهو باعتقادي خطأ وجب تلافيه فالخطر الأكبر على تلاميذنا وعلى المارة هي هذه النوعية من الحيوانات. كما وجب اطلاق حملة تحسيسية في المؤسسات التربوية حول كيفية التوقي من هذه الكلاب

الذئاب البشرية

هي التسمية المناسبة دون مبالغة ولا تجنّ فالتلاميذ يجدون أنفسهم كل عام محاطين بقطعان من الذئاب البشرية تحوم حول المعاهد والمدارس فتعتدي عليهم وتغويهم بالمخدرات والتدخين. كما يتعرّض التلاميذ لكثير من العنف داخل وخارج المؤسسات التربوية سواء من الغرباء أو من الإداريين والمعلمين والأساتذة.

وقد أظهرت دراسة أعدتها منظمة « الارت انترناشونال » حول واقع الخدمات التعليمية في المرحلة الثانوية، الدراسة، شملت عينات من ثلاثة معاهد ثانوية بكل من دوار هيشر (منوبة) وحي النور (القصرين) وتطاوين الشمالية، ان عددا كبيرا من التلاميذ يتعرضون للعنف داخل المعاهد مشيرة الى ان المصدر الأساسي لهذا العنف هو الإدارة والقيمين.

واعتمدت الدراسة تشخيصا مواطنيا للتعليم الثانوي بالمناطق الثلاث، من خلال عينة تتكون من 1200 تلميذ (640 ذكور و 560 اناث) وتتوزع العينة بالتساوي على المعتمديات الثلاث وتتراوح أعمارهم بين 14 و23 سنة.

وبخصوص استهلاك المخدرات داخل المعهد، فان نسبة كبيرة من التلاميذ يتعاطون المخدرات داخل المعهد في المعتمديات الثلاث، اذ صرح 1ر76 بالمائة من التلاميذ في دوار هيشر و5ر69 بالمائة في حي النور و9ر59 بالمائة في تطاوين انهم قاموا باستهلاك المخدات داخل المعهد في حين صرح 5ر95 بالمائة من التلاميذ بدوار هيشر و5ر91 بالمائة بحي النور و1ر78 بالمائة بتطاوين الشمالية انهم قاموا باستهلاك المخدرات أمام المعهد.

اكتظاظ الأقسام ونقص الإطار

من المشاكل الهيكلية التي يعاني منها التلاميذ وتؤثر بصفة مباشرة على مستوى وجودة التعليم هي الاكتظاظ في الأقسام وهي ظاهرة عادت بقوة في السنوات الأخيرة حيث المعدل المرصود في الأقسام يناهز 35 تلميذا ويبلغ الأربعين و يفوقه في بعض المعاهد والسبب في ذلك يعود الى نقص الإطار التعليمي فعلى سبيل المثال يبلغ النقص الحاصل في الأساتذة هذا العام 7500 أستاذا بعدما كان السنة الفارطة 5500 .ومرد هذا إيقاف الانتدابات وعدم تسوية ملف الأساتذة النواب. وهو نفس الرقم تقريبا مسجل في المدارس الابتدائية.

ونقص الإطار لا يقتصر عن المدرسين فقط بل يتعداه الى الإطار التربوي ككل من عملة وقيمين وإداريين وهو ما يؤثر سلبا على فرض الانضباط ويؤثر على حماية المؤسسات التربوية من الغرباء.

أي تعليم نريد؟

بناء على ما تقدّم ذكره وما لم يذكر من الأخطار المستجدّة تأكّد أن العملية التعليمية سلسلة مترابطة بين عدد من الوزارات. وهو ما يجب أن يضطلع به المجلس الأعلى للتربية والذي وجب التسريع بوضع أسسسه وانطلاقه في العمل. ولا يجب أن يكون ذا صبغة استشارية كما يروّج لذلك بل انه محمول عليه إيجاد التصورات لإصلاح التعليم في مختلف جوانبه ومتابعة هذه الإصلاحات فهو يجب أن يكون عين على وزارة التربية .والأهم أن تكون تركيبته متنوعة تجمع كل المتدخلين في العملية التعليمية والتربوية من مربين وأولياء ومنظمات ومختلف الوزرات.

فهذا المجلس يعلّق عليه التونسيون آمالا كبيرة في إنقاذ التعليم العمومي ومنعه من الانهيار. ولعله يكون آخر فرصة في درء هذا الخطر وإعادة الأمل في التعليم كمصعد اجتماعي و صمام أمان المجتمع.

أرقام للنسيان

نسبة الأمية بلغت في تونس 12 في المائة وحوالي 33 في المائة من التونسيين لا يتجاوز مستواهم الدراسي الابتدائي، و35 في المائة بلغوا مستوى التعليم الثانوي، وحوالي 13 في المائة فقط من التونسيين تابعوا تعليما عاليا

وينقطع 280 تلميذا يوميا عن الدراسة، وتمس هذه الظاهرة أساسا الذكور وتكبّد الدولة 1135 مليون دينار (362.33 مليون دولار)، أي ما يمثل نسبة 20 في المائة من ميزانية وزارة التربية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تلاميذنا بين مطرقة الكلاب السائبة وسندان الذئاب البشرية... أيّ تعليم نريد؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بقلم ريم بالخذيري

العملية التعليمية سلسلة مترابطة بين عدد من الوزارات. وهو ما يجب أن يضطلع به المجلس الأعلى للتربية والذي وجب التسريع بوضع أسسسه

يوم غد الاثنين 16سبتمبر تستعيد المؤسسات التربوية حياتها الطبيعية ويلتحق أكثر من مليوني و400 تلميذ بمقاعد الدراسة من التعليم الأساسي فالإعدادي والثانوي.

ويبدو أن هذه السنة لن تشذّ عن سابقاتها من حيث تعثرّها في ظل أخطار مستحدثة وأخرى متجدّدة. ورغم كل المجهودات والاستعدادات التي تقوم بها وزارة التربية والوزارات المتقاطعة معها في العودة المدرسية فان الواقع التعليمي والبنية التحيتة للمدارس وتصرفات النقابات تحدّ من هذه الجهود.

السنة الدراسية 2024/2025 مطروحة أمامها تحدّيات كبيرة منها ما هو في صلب النظام التعليمي ومنها ما هو خارج عنه.

الكلاب السائبة

هو الخطر الداهم والذي يبدو أنه أصبح جاثما على صدور الأولياء والتلاميذ والذي لا يستثني مدارس القرى والمدن فالطرق اليها أصبحت محفوفة بالمخاطر والشوارع والطرقات المؤدية اليها أصبحت تغص بهذه الحيوانات والغريب أن الحملة الوطنية التي أطلقتها وزارة الفلاحة بالتنسيق مع وزارة الصحة لتلقيح الحيوانات من داء الكلب لم تشمل هذه الكلاب السائبة معتبرين أنّ مسؤوليتها ترجع الى البلديات ووزارة الداخلية وهو باعتقادي خطأ وجب تلافيه فالخطر الأكبر على تلاميذنا وعلى المارة هي هذه النوعية من الحيوانات. كما وجب اطلاق حملة تحسيسية في المؤسسات التربوية حول كيفية التوقي من هذه الكلاب

الذئاب البشرية

هي التسمية المناسبة دون مبالغة ولا تجنّ فالتلاميذ يجدون أنفسهم كل عام محاطين بقطعان من الذئاب البشرية تحوم حول المعاهد والمدارس فتعتدي عليهم وتغويهم بالمخدرات والتدخين. كما يتعرّض التلاميذ لكثير من العنف داخل وخارج المؤسسات التربوية سواء من الغرباء أو من الإداريين والمعلمين والأساتذة.

وقد أظهرت دراسة أعدتها منظمة « الارت انترناشونال » حول واقع الخدمات التعليمية في المرحلة الثانوية، الدراسة، شملت عينات من ثلاثة معاهد ثانوية بكل من دوار هيشر (منوبة) وحي النور (القصرين) وتطاوين الشمالية، ان عددا كبيرا من التلاميذ يتعرضون للعنف داخل المعاهد مشيرة الى ان المصدر الأساسي لهذا العنف هو الإدارة والقيمين.

واعتمدت الدراسة تشخيصا مواطنيا للتعليم الثانوي بالمناطق الثلاث، من خلال عينة تتكون من 1200 تلميذ (640 ذكور و 560 اناث) وتتوزع العينة بالتساوي على المعتمديات الثلاث وتتراوح أعمارهم بين 14 و23 سنة.

وبخصوص استهلاك المخدرات داخل المعهد، فان نسبة كبيرة من التلاميذ يتعاطون المخدرات داخل المعهد في المعتمديات الثلاث، اذ صرح 1ر76 بالمائة من التلاميذ في دوار هيشر و5ر69 بالمائة في حي النور و9ر59 بالمائة في تطاوين انهم قاموا باستهلاك المخدات داخل المعهد في حين صرح 5ر95 بالمائة من التلاميذ بدوار هيشر و5ر91 بالمائة بحي النور و1ر78 بالمائة بتطاوين الشمالية انهم قاموا باستهلاك المخدرات أمام المعهد.

اكتظاظ الأقسام ونقص الإطار

من المشاكل الهيكلية التي يعاني منها التلاميذ وتؤثر بصفة مباشرة على مستوى وجودة التعليم هي الاكتظاظ في الأقسام وهي ظاهرة عادت بقوة في السنوات الأخيرة حيث المعدل المرصود في الأقسام يناهز 35 تلميذا ويبلغ الأربعين و يفوقه في بعض المعاهد والسبب في ذلك يعود الى نقص الإطار التعليمي فعلى سبيل المثال يبلغ النقص الحاصل في الأساتذة هذا العام 7500 أستاذا بعدما كان السنة الفارطة 5500 .ومرد هذا إيقاف الانتدابات وعدم تسوية ملف الأساتذة النواب. وهو نفس الرقم تقريبا مسجل في المدارس الابتدائية.

ونقص الإطار لا يقتصر عن المدرسين فقط بل يتعداه الى الإطار التربوي ككل من عملة وقيمين وإداريين وهو ما يؤثر سلبا على فرض الانضباط ويؤثر على حماية المؤسسات التربوية من الغرباء.

أي تعليم نريد؟

بناء على ما تقدّم ذكره وما لم يذكر من الأخطار المستجدّة تأكّد أن العملية التعليمية سلسلة مترابطة بين عدد من الوزارات. وهو ما يجب أن يضطلع به المجلس الأعلى للتربية والذي وجب التسريع بوضع أسسسه وانطلاقه في العمل. ولا يجب أن يكون ذا صبغة استشارية كما يروّج لذلك بل انه محمول عليه إيجاد التصورات لإصلاح التعليم في مختلف جوانبه ومتابعة هذه الإصلاحات فهو يجب أن يكون عين على وزارة التربية .والأهم أن تكون تركيبته متنوعة تجمع كل المتدخلين في العملية التعليمية والتربوية من مربين وأولياء ومنظمات ومختلف الوزرات.

فهذا المجلس يعلّق عليه التونسيون آمالا كبيرة في إنقاذ التعليم العمومي ومنعه من الانهيار. ولعله يكون آخر فرصة في درء هذا الخطر وإعادة الأمل في التعليم كمصعد اجتماعي و صمام أمان المجتمع.

أرقام للنسيان

نسبة الأمية بلغت في تونس 12 في المائة وحوالي 33 في المائة من التونسيين لا يتجاوز مستواهم الدراسي الابتدائي، و35 في المائة بلغوا مستوى التعليم الثانوي، وحوالي 13 في المائة فقط من التونسيين تابعوا تعليما عاليا

وينقطع 280 تلميذا يوميا عن الدراسة، وتمس هذه الظاهرة أساسا الذكور وتكبّد الدولة 1135 مليون دينار (362.33 مليون دولار)، أي ما يمثل نسبة 20 في المائة من ميزانية وزارة التربية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews