إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المنظمة الدولية للهجرة بتونس تؤكّد إعادة 4100 مهاجر.. العودة الطوعية للمهاجرين.. نصف حلّ في أزمة مكتملة!

 

تونس – الصباح

أعلنت المنظمة الدولية للهجرة بتونس، أوّل أمس، على صفحتها الرسمية على أنها سهّلت عودة 4100 مهاجر منذ شهر جانفي من تونس إلى 28 وجهة مختلفة، قدموا منها المهاجرين في وقت سابق، كما ذكرت المنظمة أنه خلال المدة الماضية تمت إعادة 162 مهاجرا من تونس إلى دولة بوركينافاسو..

وتقول المنظمة الدولية للهجرة بتونس أن هذه العودة الطوعية أصبحت ممكنة اليوم بفضل دعم الجهات المانحة حيث يتلقى المهاجرون عند وصولهم إلى ديارهم المساعدة المادية والمعنوية لإعادة إدماجهم في بناء حياتهم في الأوطان الأم، وهو الخيار الذي تدافع عنه دول العبور والتي ترى أنه من عدم الإنصاف ردع تدفقات الهجرة خاصة باتجاه أوروبا دون أن تتحمّل الدول الأوروبية والمجتمع الدولي مسؤوليتها في مساعدة هؤلاء المهاجرين الذي يهربون من أوطانهم لأسباب موضوعية إما بسبب الفقر أو بفعل المتغيرات المناخية التي تفرض عليهم واقعا اجتماعيا قاسيا أو بفعل الحروب والصراعات المسلحة..

ويرى عدد من المختصين أن الحدّ من تدفقات الهجرة تطلب شجاعة في مواجهة أسبابها والعمل على الحدّ منها لأن الحل الأمني لن يمنع هذه التدفقات..

العودة الطوعية..

وتونس التي تعاني من أزمة تدفق المهاجرين غير النظاميين بشكل متزايد دون أن تكون لها الإمكانيات الاقتصادية ولا الاجتماعية للإحاطة بهم بشكل كامل، تدافع في خطابها الرسمي على عالم أكثر عدالة وعلى ضرورة اجتثاث الأسباب التي تزيد من تدفقات الهجرة في الأوطان الأم..

وكانت تونس وقّعت في صيف 2023، مع الاتحاد الأوروبي اتفاقا تلقت من خلاله مساعدات مالية بقيمة 105 ملايين يورو مقابل بذل جهود للحد من وصول المهاجرين إلى السواحل الأوروبية.

وكان وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي قد صرّح في وقت سابق بأن بلاده عرضت على المهاجرين المتواجدين في ليبيا وتونس بدائل عن عبور البحر المتوسط من خلال العودة الطوعية والحصول على مساعدات مالية لتحسين ظروف عيشهم في أوطانهم الأم، وحسب وزير الخارجية الإيطالي فان هذه الإستراتيجية منعت وصول 8 آلاف مهاجر إلى إيطاليا، وهذا التصريح أتى بالتزامن مع المؤتمر الذي عُقد منذ أيام بطرابلس حول «الهجرة وعبور المتوسط» والذي حضره رئيس الحكومة أحمد الحشاني والذي جدّد تمسك تونس بموقفها أنها لا يمكن آن تكون بلد مستقر لهؤلاء المهاجرين وأن بلادنا تفعل كل ما في وسعها لتضمن معاملة إنسانية لهؤلاء المهاجرين، ولكن لابدّ من وجول حلول إنسانية تحترم حقوق الإنسان لتدفقات الهجرة التي تتزايد يوما عن يوم.

بيانتيدوسي أشار كذلك إلى أن شبكات الاتجار بالبشر متورّطة في عبور أعداد كبيرة من المهاجرين وأن التصدّي لعمليات العبور والإنقاذ البحري لا يمكن أن تكون الحل الوحيد، وأنه يجب دعم العودة الطوعية إلى الأوطان الأم.. وقال الوزير الإيطالي أن بلاده تقدّم بالفعل في كل من تونس وليبيا بدائل لمشاريع الهجرة من خلال إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية ومساعدتهم على الاندماج والتوطين من خلال المساعدات اللوجستية والمالية.. كما أضاف الوزير الإيطالي أنه تمت تسوية أمر هذه العودة الطوعية مع 3800 مهاجر في تونس و5111 مهاجرا في ليبيا ومنع عبورهم المتوسط ..

ورغم هذه المبادرات لتشجيع المهاجرين على العودة الطوعية إلى بلدانهم ومساعدتهم على تأسيس حياة جديدة في الأوطان الأم، إلا أن ذلك لم يمنع تواصل موجة التدفقات كما لم يمنع تزايد الرغبة في عبور المتوسط وقد ذكر وزير الداخلية خالد النوري على هامش الملتقى الدولي المنعقد بطرابلس مؤخرا حول الهجرة وعبور المتوسّط إنه تم اعتراض أكثر من 74 ألف مهاجر أثناء محاولتهم عبور البحر إلى أوروبا في الفترة الممتدة جانفي ومنتصف جويلية الجاري..

تونس والأزمة..

وفي السنتين الأخيرتين، شهدت تونس تزايدا كبيرا في أعداد المهاجرين وكانت هناك تدفّقات لافتة وكبيرة، وهذا التزايد أنتج عدة أزمات مثل أزمة المهاجرين إلى صفاقس والمتواصلة إلى اليوم وكذلك رد فعل الدولة التونسية وقتها عندما أعادت عددا كبيرا من المهاجرين إلى حدودها مع ليبيا خاصة بعد عبورهم إلى الأراضي التونسية وهو ما أثار موجة من الرفض الحقوقي الداخلي حيث نددت عدة منظمات وجمعيات بهذا السلوك الأمني بل هناك منظمات دولية اتهمت الدولة التونسية بالعنصرية، وقد نفى رئيس الجمهورية قيس سعيد هذه التهم في أكثر من خطاب واعتبر أن تونس معتزّة بانتمائها الإفريقي رغم أن الرئيس ذكر قبل ذلك أن هناك مخططات للتوطين وتغيير التركيبة الديمغرافية للبلاد التونسية.

والى اليوم ما زالت الاتهامات متبادلة والجدل قائم بين جمعيات حقوقية تدافع عن حق هؤلاء المهاجرين في التنقل كحق إنساني وعن حقهم في معاملة إنسانية وحقوقية لائقة بين سياسيين ونواب بالبرلمان خاصة يرون أن تدفقات الهجرة المرتفعة اليوم تقف خلفها شبكات اتجار بالبشر ومن أهدافها توطين هؤلاء المهاجرين بتونس سواء عند عبورهم أو عند إعادتهم من أوروبا..

ومن بين الجمعيات التي تدافع بقوة عن حقوق المهاجرين، "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" والذي أشار في دراسة له نشرت منذ أيام إلى كون نصف المهاجرين وطالبي اللجوء من دول جنوب الصحراء الإفريقية يعيشون في «ظروفا غير لائقة» في تونس بسبب «القيود الأمنية» وأنهم يتعرضون إلى العنف أحيانا.. وقالت الدراسة الأخيرة للمنتدى الاقتصادي والاجتماعي وشملت 379 مهاجرا أن أكثر من نصف المهاجرين في تونس يعيشون في الشوارع وفي الحدائق العامة وفي الخيام..

ورغم الاتفاق الذي وقّعته تونس مع الطرف الأوروبي والذي مازال في جزء منه ملتبس بالنسبة للرأي العام، إلا أن الإشكاليات التي يطرحها تواجد المهاجرين وما تزال عالقة دون حلول جذرية وهذا الوضع بات يغذّي التوتّر بين الأهالي في بعض المناطق والمهاجرين، ويهدّد دائما بنشوب بالتصادم، ولعل ما تعيشه مدينة العامرة بصفاقس في الأشهر الأخيرة خير مثال، وحتى نتمكّن من تفادي الأسوأ وتجنّب التصادم يجب أن تكون هناك إستراتيجية تعامل واضحة من الدولة لا ترتكز فقط على التعامل الأمني مع هذه المسألة.

منية العرفاوي

 

 

 

 

 

 

 

 

المنظمة الدولية للهجرة بتونس تؤكّد إعادة 4100 مهاجر..  العودة الطوعية للمهاجرين.. نصف حلّ في أزمة مكتملة!

 

تونس – الصباح

أعلنت المنظمة الدولية للهجرة بتونس، أوّل أمس، على صفحتها الرسمية على أنها سهّلت عودة 4100 مهاجر منذ شهر جانفي من تونس إلى 28 وجهة مختلفة، قدموا منها المهاجرين في وقت سابق، كما ذكرت المنظمة أنه خلال المدة الماضية تمت إعادة 162 مهاجرا من تونس إلى دولة بوركينافاسو..

وتقول المنظمة الدولية للهجرة بتونس أن هذه العودة الطوعية أصبحت ممكنة اليوم بفضل دعم الجهات المانحة حيث يتلقى المهاجرون عند وصولهم إلى ديارهم المساعدة المادية والمعنوية لإعادة إدماجهم في بناء حياتهم في الأوطان الأم، وهو الخيار الذي تدافع عنه دول العبور والتي ترى أنه من عدم الإنصاف ردع تدفقات الهجرة خاصة باتجاه أوروبا دون أن تتحمّل الدول الأوروبية والمجتمع الدولي مسؤوليتها في مساعدة هؤلاء المهاجرين الذي يهربون من أوطانهم لأسباب موضوعية إما بسبب الفقر أو بفعل المتغيرات المناخية التي تفرض عليهم واقعا اجتماعيا قاسيا أو بفعل الحروب والصراعات المسلحة..

ويرى عدد من المختصين أن الحدّ من تدفقات الهجرة تطلب شجاعة في مواجهة أسبابها والعمل على الحدّ منها لأن الحل الأمني لن يمنع هذه التدفقات..

العودة الطوعية..

وتونس التي تعاني من أزمة تدفق المهاجرين غير النظاميين بشكل متزايد دون أن تكون لها الإمكانيات الاقتصادية ولا الاجتماعية للإحاطة بهم بشكل كامل، تدافع في خطابها الرسمي على عالم أكثر عدالة وعلى ضرورة اجتثاث الأسباب التي تزيد من تدفقات الهجرة في الأوطان الأم..

وكانت تونس وقّعت في صيف 2023، مع الاتحاد الأوروبي اتفاقا تلقت من خلاله مساعدات مالية بقيمة 105 ملايين يورو مقابل بذل جهود للحد من وصول المهاجرين إلى السواحل الأوروبية.

وكان وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي قد صرّح في وقت سابق بأن بلاده عرضت على المهاجرين المتواجدين في ليبيا وتونس بدائل عن عبور البحر المتوسط من خلال العودة الطوعية والحصول على مساعدات مالية لتحسين ظروف عيشهم في أوطانهم الأم، وحسب وزير الخارجية الإيطالي فان هذه الإستراتيجية منعت وصول 8 آلاف مهاجر إلى إيطاليا، وهذا التصريح أتى بالتزامن مع المؤتمر الذي عُقد منذ أيام بطرابلس حول «الهجرة وعبور المتوسط» والذي حضره رئيس الحكومة أحمد الحشاني والذي جدّد تمسك تونس بموقفها أنها لا يمكن آن تكون بلد مستقر لهؤلاء المهاجرين وأن بلادنا تفعل كل ما في وسعها لتضمن معاملة إنسانية لهؤلاء المهاجرين، ولكن لابدّ من وجول حلول إنسانية تحترم حقوق الإنسان لتدفقات الهجرة التي تتزايد يوما عن يوم.

بيانتيدوسي أشار كذلك إلى أن شبكات الاتجار بالبشر متورّطة في عبور أعداد كبيرة من المهاجرين وأن التصدّي لعمليات العبور والإنقاذ البحري لا يمكن أن تكون الحل الوحيد، وأنه يجب دعم العودة الطوعية إلى الأوطان الأم.. وقال الوزير الإيطالي أن بلاده تقدّم بالفعل في كل من تونس وليبيا بدائل لمشاريع الهجرة من خلال إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية ومساعدتهم على الاندماج والتوطين من خلال المساعدات اللوجستية والمالية.. كما أضاف الوزير الإيطالي أنه تمت تسوية أمر هذه العودة الطوعية مع 3800 مهاجر في تونس و5111 مهاجرا في ليبيا ومنع عبورهم المتوسط ..

ورغم هذه المبادرات لتشجيع المهاجرين على العودة الطوعية إلى بلدانهم ومساعدتهم على تأسيس حياة جديدة في الأوطان الأم، إلا أن ذلك لم يمنع تواصل موجة التدفقات كما لم يمنع تزايد الرغبة في عبور المتوسط وقد ذكر وزير الداخلية خالد النوري على هامش الملتقى الدولي المنعقد بطرابلس مؤخرا حول الهجرة وعبور المتوسّط إنه تم اعتراض أكثر من 74 ألف مهاجر أثناء محاولتهم عبور البحر إلى أوروبا في الفترة الممتدة جانفي ومنتصف جويلية الجاري..

تونس والأزمة..

وفي السنتين الأخيرتين، شهدت تونس تزايدا كبيرا في أعداد المهاجرين وكانت هناك تدفّقات لافتة وكبيرة، وهذا التزايد أنتج عدة أزمات مثل أزمة المهاجرين إلى صفاقس والمتواصلة إلى اليوم وكذلك رد فعل الدولة التونسية وقتها عندما أعادت عددا كبيرا من المهاجرين إلى حدودها مع ليبيا خاصة بعد عبورهم إلى الأراضي التونسية وهو ما أثار موجة من الرفض الحقوقي الداخلي حيث نددت عدة منظمات وجمعيات بهذا السلوك الأمني بل هناك منظمات دولية اتهمت الدولة التونسية بالعنصرية، وقد نفى رئيس الجمهورية قيس سعيد هذه التهم في أكثر من خطاب واعتبر أن تونس معتزّة بانتمائها الإفريقي رغم أن الرئيس ذكر قبل ذلك أن هناك مخططات للتوطين وتغيير التركيبة الديمغرافية للبلاد التونسية.

والى اليوم ما زالت الاتهامات متبادلة والجدل قائم بين جمعيات حقوقية تدافع عن حق هؤلاء المهاجرين في التنقل كحق إنساني وعن حقهم في معاملة إنسانية وحقوقية لائقة بين سياسيين ونواب بالبرلمان خاصة يرون أن تدفقات الهجرة المرتفعة اليوم تقف خلفها شبكات اتجار بالبشر ومن أهدافها توطين هؤلاء المهاجرين بتونس سواء عند عبورهم أو عند إعادتهم من أوروبا..

ومن بين الجمعيات التي تدافع بقوة عن حقوق المهاجرين، "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" والذي أشار في دراسة له نشرت منذ أيام إلى كون نصف المهاجرين وطالبي اللجوء من دول جنوب الصحراء الإفريقية يعيشون في «ظروفا غير لائقة» في تونس بسبب «القيود الأمنية» وأنهم يتعرضون إلى العنف أحيانا.. وقالت الدراسة الأخيرة للمنتدى الاقتصادي والاجتماعي وشملت 379 مهاجرا أن أكثر من نصف المهاجرين في تونس يعيشون في الشوارع وفي الحدائق العامة وفي الخيام..

ورغم الاتفاق الذي وقّعته تونس مع الطرف الأوروبي والذي مازال في جزء منه ملتبس بالنسبة للرأي العام، إلا أن الإشكاليات التي يطرحها تواجد المهاجرين وما تزال عالقة دون حلول جذرية وهذا الوضع بات يغذّي التوتّر بين الأهالي في بعض المناطق والمهاجرين، ويهدّد دائما بنشوب بالتصادم، ولعل ما تعيشه مدينة العامرة بصفاقس في الأشهر الأخيرة خير مثال، وحتى نتمكّن من تفادي الأسوأ وتجنّب التصادم يجب أن تكون هناك إستراتيجية تعامل واضحة من الدولة لا ترتكز فقط على التعامل الأمني مع هذه المسألة.

منية العرفاوي

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews