إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لضمان المساواة بين المترشحين للرئاسية .. الإدارة وأعوانها ملزمون بالحياد.. وهيئة الانتخابات تحسم الجدل

ـ رقابة هيئة الانتخابات لحياد الإدارة تتم بداية من الحملة..

تونس- الصباح

أثار شريط مصور أعلن فيه رئيس الجمهورية قيس سعيد عن ترشحه لانتخابات 6 أكتوبر جدلا كبيرا بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، نظرا الى أن رئاسة الجمهورية نشرته على صفحتها الرسمية على شبكة الفيس بوك، فهناك من يرى أن نشر هذا الإعلان على موقع رسمي لمؤسسة من مؤسسات الدولة فيه مساس بحياد الإدارة واستعمال لوسائلها لفائدة مترشح دون غيره، في حين يرى آخرون أنه لا يمكن الحديث عن وجود خرق لمبدأ حياد الإدارة إلا خلال الحملة الانتخابية.

أما رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر فأشار أمس في تصريح لوسائل الإعلام على هامش الزيارة التي أدها بمعية عدد من أعضاء مجلس الهيئة إلى مقر خلايا رصد أنشطة الفترة الانتخابية في الإعلام السمعي والبصري والمكتوب والإلكتروني وفي الفضاء المفتوح الكائن بالبحيرة إلى أنه من الناحية القانونية لا يمكن الحديث عن مترشح للانتخابات الرئاسية إلا خلال فترة المتراوحة بين 29 جويلية و6 أوت 2024 وهي فترة قبول الترشحات لهذه الانتخابات، وذكر أنه عند إيداع ملفات الترشح وعند قبول تلك الملفات يمكن وقتها الحديث عن مترشح أما اليوم فإن من أعلنوا عن نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية أو من سحبوا استمارة التزكية أو من قاموا بحملة انتخابية في صفحاتهم على شبكة التواصل الاجتماعي أو في وسائل الإعلام فإنه لا يعتد بذلك لأن هذا الأخير قد يترشح للانتخابات وقد لا يترشح. وأضاف بوعسكر أن جميع المترشحين سواسية أمام الهيئة والقانون الانتخابي، وفسر أن الرقابة على حياد الإدارة والإنفاق الانتخابي تنطلق بصريح ما نص عليه القانون الانتخابي في بداية الحملة الانتخابية أما في الفترة الانتخابية فإن الهيئة تراقب الإشهار السياسي وبث ونشر سبر الآراء.

وللتذكير في هذا الصدد، كانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت في بلاغ وجهته إلى جميع الناخبين التونسيين ووسائل الإعلام والمتدخلين في العملية الانتخابية، أن الفترة الانتخابية للانتخابات الرئاسية لسنة 2024 انطلقت بداية من يوم الأحد 14 جويلية 2024 وتتواصل إلى غاية الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، وأنه اعتبارا للولاية العامة التي تضطلع بها الهيئة على الشأن الانتخابي عملا بالفصل 134 من الدستور والفصلين 2 و3 من القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وإيمانا منها بواجبها الدستوري والوطني في الحفاظ على سلامة المسار الانتخابي ونزاهته وشفافيته فإنها قد انطلقت في رقابة الفضاء العام في كل ما له علاقة بالشأن الانتخابي وخاصة فيما يتعلق بمنع الإشهار السياسي طبقا للفصول 3 و57 و154 من القانون الانتخابي، وتحجير بث ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والدراسات والتعاليق الصحفية الخاصة بها عبر مختلف وسائل الإعلام طبقا للفصلين 70 و156من القانون الانتخابي، ومنع تخصيص رقم هاتف مجاني بوسائل الإعلام أو موزع صوتي أو مركز نداء لفائدة مترشح أو حزب طبقا للفصلين 58 و152 من القانون الانتخابي. وجاء في نفس البلاغ أن الهيئة ستحرص على إنفاذ القانون على كل المظاهر المخلة بسلامة المسار الانتخابي، بهدف التصدي لكل الخطابات التي تتضمن الدعوة إلى العنف والكراهية والتعصب والتمييز، أو تضليل الناخبين ونشر الأخبار والإشاعات الكاذبة، أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالهيئة الانتخابية أو بالغير، أو تشويه السمعة أو النيل من العرض أو الكرامة أو الشرف، أو المساس بحرمة الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية. كما شرعت الهيئة منذ 14 جويلية وبالتنسيق مع مؤسسات الدولة المعنية في مراقبة تمويل الحياة السياسية عموما وخاصة تمويل أنشطة المترشحين المحتملين والأحزاب السياسية والجمعيات ذات العلاقة بالشأن الانتخابي.

وبخصوص الانتقادات الموجهة لرئاسة الجمهورية لتوظيفها وسائل الدولة لنشر إعلان قيس سعيد عن ترشحه للانتخابات الرئاسية، أوضح رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر أنه في يوم 29 جويلية تنطلق الهيئة في تلقي ملفات الترشح ومن 6 إلى 10 أوت يتم الحديث عن مترشحين مقبولين أوليا لأنه توجد فترة طعون، وبين أنه عندما يتم الإعلان رسميا عن المترشحين المقبولين نهائيا تتم حينها مراقبتهم بداية من الحملة وذلك في كل ما له علاقة بالمظاهر التي تمس من قواعد الحملة الانتخابية ومبادئها..

مفهوم الحياد

وعرف القانون الانتخابي عبارة الحياد، بالتعامل بموضوعية ونزاهة مع كافة المترشحين وعدم الانحياز إلى قائمة مترشحة أو مترشح أو حزب أو تعطيل الحملة الانتخابية مترشحة أو مترشح أو حزب في حملة الاستفتاء وتجنب ما من شأنه أن يؤثر على إرادة الناخبين.

ونص نفس القانون في القسم المتعلق بالمبادئ المنظمة للحملة وتحديدا في الفصل 52 على أنه من بين المبادئ الأساسية التي تخضع لها الحملة، حياد الإدارة. أما الفصل 53 فتم بموجبه تحجير توزيع وثائق أو نشر شعارات أو خطابات متعلقة بالدعاية الانتخابية أو بالاستفتاء وذلك مهما كان شكلها أو طبيعتها بالإدارة والمؤسسات والمنشآت العمومية، من قبل رئيس الإدارة أو الأعوان العاملين بها أو منظوريها أو الموجودين بها. وينطبق هذا التحجير على المؤسسات الخاصة غير المفتوحة للعموم، ويحجر استعمال الوسائل والموارد العمومية لفائدة قائمة مترشحة أو مترشح أو حزب. وحجر الفصل الموالي الدعاية الانتخابية بمختلف أشكالها بالمؤسسات التربوية والجامعية والتكوينية وبدور العبادة، كما حجر إلقاء خطب أو محاضرات أو توزيع إعلانات أو وثائق أو القيام بأي نشاط دعائي بها، وجاء في الفصل 55 من القانون الانتخابي أنه يتعين على السلطة ذات النظر أن تتخذ التدابير اللازمة لضمان احترام واجب الحياد ويتعين على رئيس الإدارة الذي يتبين له مخالفة واجب الحياد تحرير تقرير في الغرض يكون مرفقا بالمؤيدات اللازمة وإحالة نسخة منه إلى الهيئة.

خطيا في انتظار المخالفين

وبالعودة إلى ما ورد في باب الجرائم الانتخابية، يمكن الإشارة إلى أن عقوبة توزيع وثائق أو نشر شعارات أو خطابات متعلقة بالدعاية الانتخابية أو بالاستفتاء وذلك مهما كان شكلها أو طبيعتها بالإدارة والمؤسسات والمنشآت العمومية، من قبل رئيس الإدارة أو الأعوان العاملين بها أو منظوريها أو الموجودين بها ونفس الشيء بالنسبة إلى المؤسسات الخاصة غير المفتوحة للعموم، تتمثل في خطية مالية من 2000 إلى 5000 دينار. ونفس هذه العقوبة، تترتب عن مخالفة الدعاية الانتخابية بمختلف أشكالها بالمؤسسات التربوية والجامعية والتكوينية وبدور العبادة، أو إلقاء خطب بها أو محاضرات أو توزيع إعلانات أو وثائق أو القيام بأي نشاط دعائي.

قواعد تنظيم الحملة

وفي إطار الاستعداد للحملة الانتخابية، شرعت الهيئة منذ مدة في مراجعة القرار عدد 22 لسنة 2019 المتعلق بضبط قواعد تنظيم الحملة الانتخابية وإجراءاتها المؤرخ في 22 أوت 2019، وينتظر أن يصادق مجلسها على قرار ترتيبي جديد في هذا الغرض، وطبقا للصيغة الأصلية لهذا القرار يتعين خلال الحملة الانتخابية احترام حياد الإدارة وأماكن العبادة.

نصوص أخرى

لئن أعفى القانون الانتخابي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من مراقبة حياد الإدارة بداية من أول يوم تنطلق فيه الفترة الانتخابية، فإن الدستور الذي يعتبر من حيث هرمية النصوص التشريعية، أعلى درجة من القانون الأساسي للانتخابات والاستفتاء، نص في الفصل 19 على أن "الإدارة العموميّة وسائر مرافق الدّولة في خدمة المواطن على أساس الحياد والمساواة. وكلّ تمييز بين المواطنين على أساس أيّ انتماء جريمة يعاقب عليها القانون".

أما بقية النصوص التي هي أقل درجة من الدستور والقانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء فيمكن الإشارة على سبيل الذكر إلى أنه بالنسبة إلى قوات الأمن الداخلي فنص الأمـر عدد 240 لسنة 2023 المؤرخ في 16 مارس 2023 المتعلق بالمصادقة على مدونة سلوك قوات الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية على قيام هؤلاء بالمهام الموكولة إليهم في إطار الحياد التام.وحسب الباب الثاني من هذا الأمر الوارد تحت عنوان في قيم العمل الأمني وتحديدا الفصل السادس منه يحترم الأمنيون عند ممارستهم لمهامهم أو بمناسبة القيام بها القيم النبيلة للوظيفة الأمنية، ومن بين هذه القيم، نذكر القيام بالمهام في إطار الحياد التام ودون تمييز في معاملة الأشخاص مهما كان جنسهم، أو لونهم، أو جنسيتهم، أو أصلهم، أو وضعيتهم الاجتماعية ،أو انتماؤهم السياسي، أو معتقداتهم الدينية. ويحجر عليهم الانخراط، أو تعاطي نشاط سياسي ،أو مصالح حزبية ،أو فئوية، أو جهوية، أو شخصية، أو عائلية. ولا يجوز لهم التعهد بأي بحث أو مهمة تكون لهم فيها مصلحة شخصية بصفة مباشرة أو غير مباشرة.

أما بالنسبة إلى الموظفين العموميين فنص الأمر عـدد 4030 لسنة 2014 المؤرخ في 3 أكتوبر 2014 المتعلق بالمصادقة على مدونة سلوك وأخلاقيات العون العمومي على أنه من بين قيم العمل في القطاع العام، الحياد، حيث يحرص العون العمومي على عدم الانحياز لأي جهة كانت أو التفضيل بين طالبي الخدمة عند أداء مهامه. كما يحترم العون العمومي حقوق ومصالح مستعملي المرفق العام ويحرص على معاملتهم على قدم المساواة دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الجنسية أو الدين أو المعتقد أو الرأي السياسي أو الانتماء الجهوي أو الثروة أو المركز الوظيفي أو أي شكل من أشكال التمييز.

وعليه أن يمتنع عند القيام بوظائفه عن أي تصرف قد يؤدي إلى الإضرار بشخص أو مجموعة أشخاص أو هيئة ما وأن يحرص على مراعاة حقوق الغير ومصالحه المشروعة. ويعمل العون العمومي على تمكين المواطنين من النفاذ إلى الوثائق الإدارية في حدود صلاحياته وطبقا للتشريع الجاري به العمل، وعليه أن يمتنع عن تسريب المعطيات والمعلومات الشخصية الخاصة بمستعملي المرفق العام التي اطلع عليها بمناسبة القيام بوظيفه وعن استعمالها لغايات غير مهنية.

أما في علاقة العون العمومي بوسائل الإعلام وحسب ما ورد في مدونة السلوك فعليه أن يمتنع عن القيام بتصريحات مهما كان نوعها تتعارض مع التكتم المهني والحفاظ على المصلحة العليا للدولة وعليه أن يمتنع عن عرقلة الإفصاح عن وثائق أو معطيات رسمية يتوجب أو يسمح بنشرها للعموم.

وجاء في مدونة السلوك أنه بالنسبة إلى النشاط السياسي، فيحرص العون العمومي على أن لا تمس نشاطاته السياسية أو الفكرية بثقة كل المتعاملين مع الإدارة ورؤسائه في العمل في قدرته على أداء مهامه بكل حياد.

ويمتنع العون العمومي عن استغلال مركزه من أجل غايات سياسية أو حزبية ويمتثل العون العمومي للقوانين التي تمنع عليه ممارسة نشاط سياسي أو حزبي بسبب خصوصية مركزه أو وظائفه، ويقوم العون العمومي بأداء وظائفه بكل حياد وموضوعية بغض النظر عن آرائه السياسية أو انتمائه الحزبي.

ولضمان حياد الإدارة خلال المحطات الانتخابية وجه رؤساء الحكومات السابقة مناشير إلى الوزراء والولاة ورؤساء البلديات ورؤساء الهيئات العمومية المستقلة ورؤساء المؤسسات والمنشآت العمومية للتذكير بإلتزام الإدارة بواجب الحياد.. وفي هذا السياق كانت رئيسة الحكومة السابقة وجهت المنشور عدد 15 لسنة 2022 المؤرخ في 19 جويلية 2022 المتعلق بالتزام الإدارة بواجب الحياد بمناسبة الاستفتاء 25 جويلية 2022 إلى الوزراء والولاة ورؤساء البلديات ورؤساء الهيئات العمومية المستقلة ورؤساء المؤسسات والمنشآت العمومية واستندت فيه على دستور 2014 وخاصة الفصل 15 منه، وعلى القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء كما تم تنقيحه وإتمامه بالنصوص اللاحقة وخاصة المرسوم عدد 34 لسنة 2022 المؤرخ في 1 جوان 2022، وكذلك على مدونة سلوك وأخلاقيات العون العمومي المصادق عليها بمقتضى الأمر عدد 4030 لسنة 2014 المؤرخ في 3 أكتوبر 2014 ثم قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 22 لسنة 2019 المؤرخ في 22 أوت 2019 المتعلق بضبط قواعد تنظيم الحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء وإجراءاتها ومنشور رئيس الحكومة عدد 27 بتاريخ 5 أكتوبر 2017 حول التزام الإدارة بواجب الحياد بمناسبة الانتخابات البلدية ومنشور رئيس الحكومة عدد 20 بتاريخ 20 أوت 2019 حول التزام الإدارة بواجب الحياد بمناسبة الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019.

وجاء في هذا المنشور المذكور أنه ضمانا لحوكمة دور الهياكل العمومية في إنجاح مسار الاستفتاء، وعملا على احترام مقتضيات الدستور التي تلزم الإدارة العمومية بالعمل وفق مبادئ الحياد والمساواة، وتطبيقا لأحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المشار إليه أعلاه وخاصة الفصول من 52 إلى 58 منه المتعلقة بالمبادئ المنظمة للحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء، والتي تنص بالخصوص على حياد الإدارة وأماكن العبادة وحياد وسائل الإعلام الوطنية وتحجير توزيع الوثائق أو نشر شعارات أو خطابات متعلقة بالدعاية الانتخابية أو بالاستفتاء وذلك مهما كان شكلها أو طبيعتها بالإدارة والمؤسسات والمنشآت العمومية من قبل رئيس الإدارة أو الأعوان العاملين بها أو منظوريها أو الموجودين بها وإلزام السلطة ذات النظر باتخاذ التدابير اللازمة لضمان احترام واجب الحياد وإلزام رئيس الإدارة الذي تبين له مخالفة واجب الحياد بتحرير تقرير في الغرض يكون مرفقا بالمؤيدات اللازمة وإحالة نسخة منه إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وحيث يقتضي واجب الحياد كما ورد في التشريع المنظم للقطاع العمومي وفي مدونة سلوك وأخلاقيات العون العمومي، التزام العون العمومي مهما كان صنفه، أو رتبته، أو خطته أو وظيفته بعدم الانحياز لأي جهة كانت أو التفضيل بين طالبي الخدمة عند أدائه لمهامه، نشدد على ضرورة تقيد الإدارة بواجب الحياد في جميع أعمالها وأنشطتها، وعلى وجوب التزام الأعوان العموميين بالتعامل بكل تجرد ودون تمييز أو انحياز لأي طرف سياسي عند ممارستهم لمهامهم، وتجنب كل ما من شأنه أن يؤثر على إرادة الناخبين طيلة فترة الاستفتاء، وذلك تكريسا لمبدأ المساواة واحتراما لواجب التحفظ.

ونص نفس المنشور على أنه نظرا لأهمية الموضوع، وتكريسا للمبادئ المنظمة للحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء، وحرصا على أن يجري الاستحقاق في مناخ ديمقراطي وتعددي ونزيه وشفاف، فإن الوزراء والولاة ورؤساء البلديات ورؤساء الهيئات العمومية المستقلة ورؤساء المؤسسات والمنشآت العمومية، مدعوون لإيلائه عناية فائقة ودعوة المصالح والإطارات والأعوان الراجعين إليهم بالنظر إلى العمل بمقتضيات المنشور المذكور بكل دقة.

حياد الهيئة

ورغم تعدد النصوص التي تلزم الإدارة والموظف العمومي بالحياد فقد تم في جميع المحطات الانتخابية السابقة تسجيل خروقات ورفع مخالفات في هذا الشأن من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المطالبة هي بدورها بالتقيد بواجب الحياد.. ويذكر في هذا السياق أن القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المتعلق بالهيئة نص في فصله الثالث على أن تقوم الهيئة بضمان المعاملة المتساوية بين جميع الناخبين وجميع المترشحين وجميع المتدخلين خلال العمليات الانتخابية والاستفتائية، من بين ما نص عليه الفصل 12، يخضع رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأعضاء مجلسها لواجب الحياد.

أما بالنسبة إلى رؤساء مكاتب الاقتراع وأعضائها فنص القانون الانتخابي في الفصل 121 على أن الهيئة تتولى تعيين ممن تتوفر فيهم شروط النزاهة والحياد والاستقلالية، وحسب نفس الفصل لا يمكن أن يكون من بين أعضاء أو رؤساء مكاتب الاقتراع كل من تحمل مسؤولية في هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل.. ورغم أن القانون الانتخابي تم تنقيحه خلال سنة 2017 وخلال سنة 2019 ثم تم تنقيحه بالمرسوم عدد 34 لسنة 2022 بتاريخ غرة جوان 2022 وكذلك بالمرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 فالمرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023، فلم يقع التخلي عن إلزام الهيئة بعدم تعيين التجمعيين الذين تم حصر صفاتهم في الأمر عدد 1089 لسنة 2011 المؤرخ في 3 أوت 2011، وكانت هيئة الحقيقة والكرامة تحدثت بإطناب كبير في تقريرها النهائي عن عمليات تدليس الانتخابات في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، وخاصة في عهد الرئيس الراحل المخلوع زين العابدين بن علي.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لضمان المساواة بين المترشحين للرئاسية .. الإدارة وأعوانها ملزمون بالحياد.. وهيئة الانتخابات تحسم الجدل

ـ رقابة هيئة الانتخابات لحياد الإدارة تتم بداية من الحملة..

تونس- الصباح

أثار شريط مصور أعلن فيه رئيس الجمهورية قيس سعيد عن ترشحه لانتخابات 6 أكتوبر جدلا كبيرا بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، نظرا الى أن رئاسة الجمهورية نشرته على صفحتها الرسمية على شبكة الفيس بوك، فهناك من يرى أن نشر هذا الإعلان على موقع رسمي لمؤسسة من مؤسسات الدولة فيه مساس بحياد الإدارة واستعمال لوسائلها لفائدة مترشح دون غيره، في حين يرى آخرون أنه لا يمكن الحديث عن وجود خرق لمبدأ حياد الإدارة إلا خلال الحملة الانتخابية.

أما رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر فأشار أمس في تصريح لوسائل الإعلام على هامش الزيارة التي أدها بمعية عدد من أعضاء مجلس الهيئة إلى مقر خلايا رصد أنشطة الفترة الانتخابية في الإعلام السمعي والبصري والمكتوب والإلكتروني وفي الفضاء المفتوح الكائن بالبحيرة إلى أنه من الناحية القانونية لا يمكن الحديث عن مترشح للانتخابات الرئاسية إلا خلال فترة المتراوحة بين 29 جويلية و6 أوت 2024 وهي فترة قبول الترشحات لهذه الانتخابات، وذكر أنه عند إيداع ملفات الترشح وعند قبول تلك الملفات يمكن وقتها الحديث عن مترشح أما اليوم فإن من أعلنوا عن نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية أو من سحبوا استمارة التزكية أو من قاموا بحملة انتخابية في صفحاتهم على شبكة التواصل الاجتماعي أو في وسائل الإعلام فإنه لا يعتد بذلك لأن هذا الأخير قد يترشح للانتخابات وقد لا يترشح. وأضاف بوعسكر أن جميع المترشحين سواسية أمام الهيئة والقانون الانتخابي، وفسر أن الرقابة على حياد الإدارة والإنفاق الانتخابي تنطلق بصريح ما نص عليه القانون الانتخابي في بداية الحملة الانتخابية أما في الفترة الانتخابية فإن الهيئة تراقب الإشهار السياسي وبث ونشر سبر الآراء.

وللتذكير في هذا الصدد، كانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت في بلاغ وجهته إلى جميع الناخبين التونسيين ووسائل الإعلام والمتدخلين في العملية الانتخابية، أن الفترة الانتخابية للانتخابات الرئاسية لسنة 2024 انطلقت بداية من يوم الأحد 14 جويلية 2024 وتتواصل إلى غاية الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، وأنه اعتبارا للولاية العامة التي تضطلع بها الهيئة على الشأن الانتخابي عملا بالفصل 134 من الدستور والفصلين 2 و3 من القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وإيمانا منها بواجبها الدستوري والوطني في الحفاظ على سلامة المسار الانتخابي ونزاهته وشفافيته فإنها قد انطلقت في رقابة الفضاء العام في كل ما له علاقة بالشأن الانتخابي وخاصة فيما يتعلق بمنع الإشهار السياسي طبقا للفصول 3 و57 و154 من القانون الانتخابي، وتحجير بث ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والدراسات والتعاليق الصحفية الخاصة بها عبر مختلف وسائل الإعلام طبقا للفصلين 70 و156من القانون الانتخابي، ومنع تخصيص رقم هاتف مجاني بوسائل الإعلام أو موزع صوتي أو مركز نداء لفائدة مترشح أو حزب طبقا للفصلين 58 و152 من القانون الانتخابي. وجاء في نفس البلاغ أن الهيئة ستحرص على إنفاذ القانون على كل المظاهر المخلة بسلامة المسار الانتخابي، بهدف التصدي لكل الخطابات التي تتضمن الدعوة إلى العنف والكراهية والتعصب والتمييز، أو تضليل الناخبين ونشر الأخبار والإشاعات الكاذبة، أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالهيئة الانتخابية أو بالغير، أو تشويه السمعة أو النيل من العرض أو الكرامة أو الشرف، أو المساس بحرمة الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية. كما شرعت الهيئة منذ 14 جويلية وبالتنسيق مع مؤسسات الدولة المعنية في مراقبة تمويل الحياة السياسية عموما وخاصة تمويل أنشطة المترشحين المحتملين والأحزاب السياسية والجمعيات ذات العلاقة بالشأن الانتخابي.

وبخصوص الانتقادات الموجهة لرئاسة الجمهورية لتوظيفها وسائل الدولة لنشر إعلان قيس سعيد عن ترشحه للانتخابات الرئاسية، أوضح رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر أنه في يوم 29 جويلية تنطلق الهيئة في تلقي ملفات الترشح ومن 6 إلى 10 أوت يتم الحديث عن مترشحين مقبولين أوليا لأنه توجد فترة طعون، وبين أنه عندما يتم الإعلان رسميا عن المترشحين المقبولين نهائيا تتم حينها مراقبتهم بداية من الحملة وذلك في كل ما له علاقة بالمظاهر التي تمس من قواعد الحملة الانتخابية ومبادئها..

مفهوم الحياد

وعرف القانون الانتخابي عبارة الحياد، بالتعامل بموضوعية ونزاهة مع كافة المترشحين وعدم الانحياز إلى قائمة مترشحة أو مترشح أو حزب أو تعطيل الحملة الانتخابية مترشحة أو مترشح أو حزب في حملة الاستفتاء وتجنب ما من شأنه أن يؤثر على إرادة الناخبين.

ونص نفس القانون في القسم المتعلق بالمبادئ المنظمة للحملة وتحديدا في الفصل 52 على أنه من بين المبادئ الأساسية التي تخضع لها الحملة، حياد الإدارة. أما الفصل 53 فتم بموجبه تحجير توزيع وثائق أو نشر شعارات أو خطابات متعلقة بالدعاية الانتخابية أو بالاستفتاء وذلك مهما كان شكلها أو طبيعتها بالإدارة والمؤسسات والمنشآت العمومية، من قبل رئيس الإدارة أو الأعوان العاملين بها أو منظوريها أو الموجودين بها. وينطبق هذا التحجير على المؤسسات الخاصة غير المفتوحة للعموم، ويحجر استعمال الوسائل والموارد العمومية لفائدة قائمة مترشحة أو مترشح أو حزب. وحجر الفصل الموالي الدعاية الانتخابية بمختلف أشكالها بالمؤسسات التربوية والجامعية والتكوينية وبدور العبادة، كما حجر إلقاء خطب أو محاضرات أو توزيع إعلانات أو وثائق أو القيام بأي نشاط دعائي بها، وجاء في الفصل 55 من القانون الانتخابي أنه يتعين على السلطة ذات النظر أن تتخذ التدابير اللازمة لضمان احترام واجب الحياد ويتعين على رئيس الإدارة الذي يتبين له مخالفة واجب الحياد تحرير تقرير في الغرض يكون مرفقا بالمؤيدات اللازمة وإحالة نسخة منه إلى الهيئة.

خطيا في انتظار المخالفين

وبالعودة إلى ما ورد في باب الجرائم الانتخابية، يمكن الإشارة إلى أن عقوبة توزيع وثائق أو نشر شعارات أو خطابات متعلقة بالدعاية الانتخابية أو بالاستفتاء وذلك مهما كان شكلها أو طبيعتها بالإدارة والمؤسسات والمنشآت العمومية، من قبل رئيس الإدارة أو الأعوان العاملين بها أو منظوريها أو الموجودين بها ونفس الشيء بالنسبة إلى المؤسسات الخاصة غير المفتوحة للعموم، تتمثل في خطية مالية من 2000 إلى 5000 دينار. ونفس هذه العقوبة، تترتب عن مخالفة الدعاية الانتخابية بمختلف أشكالها بالمؤسسات التربوية والجامعية والتكوينية وبدور العبادة، أو إلقاء خطب بها أو محاضرات أو توزيع إعلانات أو وثائق أو القيام بأي نشاط دعائي.

قواعد تنظيم الحملة

وفي إطار الاستعداد للحملة الانتخابية، شرعت الهيئة منذ مدة في مراجعة القرار عدد 22 لسنة 2019 المتعلق بضبط قواعد تنظيم الحملة الانتخابية وإجراءاتها المؤرخ في 22 أوت 2019، وينتظر أن يصادق مجلسها على قرار ترتيبي جديد في هذا الغرض، وطبقا للصيغة الأصلية لهذا القرار يتعين خلال الحملة الانتخابية احترام حياد الإدارة وأماكن العبادة.

نصوص أخرى

لئن أعفى القانون الانتخابي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من مراقبة حياد الإدارة بداية من أول يوم تنطلق فيه الفترة الانتخابية، فإن الدستور الذي يعتبر من حيث هرمية النصوص التشريعية، أعلى درجة من القانون الأساسي للانتخابات والاستفتاء، نص في الفصل 19 على أن "الإدارة العموميّة وسائر مرافق الدّولة في خدمة المواطن على أساس الحياد والمساواة. وكلّ تمييز بين المواطنين على أساس أيّ انتماء جريمة يعاقب عليها القانون".

أما بقية النصوص التي هي أقل درجة من الدستور والقانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء فيمكن الإشارة على سبيل الذكر إلى أنه بالنسبة إلى قوات الأمن الداخلي فنص الأمـر عدد 240 لسنة 2023 المؤرخ في 16 مارس 2023 المتعلق بالمصادقة على مدونة سلوك قوات الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية على قيام هؤلاء بالمهام الموكولة إليهم في إطار الحياد التام.وحسب الباب الثاني من هذا الأمر الوارد تحت عنوان في قيم العمل الأمني وتحديدا الفصل السادس منه يحترم الأمنيون عند ممارستهم لمهامهم أو بمناسبة القيام بها القيم النبيلة للوظيفة الأمنية، ومن بين هذه القيم، نذكر القيام بالمهام في إطار الحياد التام ودون تمييز في معاملة الأشخاص مهما كان جنسهم، أو لونهم، أو جنسيتهم، أو أصلهم، أو وضعيتهم الاجتماعية ،أو انتماؤهم السياسي، أو معتقداتهم الدينية. ويحجر عليهم الانخراط، أو تعاطي نشاط سياسي ،أو مصالح حزبية ،أو فئوية، أو جهوية، أو شخصية، أو عائلية. ولا يجوز لهم التعهد بأي بحث أو مهمة تكون لهم فيها مصلحة شخصية بصفة مباشرة أو غير مباشرة.

أما بالنسبة إلى الموظفين العموميين فنص الأمر عـدد 4030 لسنة 2014 المؤرخ في 3 أكتوبر 2014 المتعلق بالمصادقة على مدونة سلوك وأخلاقيات العون العمومي على أنه من بين قيم العمل في القطاع العام، الحياد، حيث يحرص العون العمومي على عدم الانحياز لأي جهة كانت أو التفضيل بين طالبي الخدمة عند أداء مهامه. كما يحترم العون العمومي حقوق ومصالح مستعملي المرفق العام ويحرص على معاملتهم على قدم المساواة دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الجنسية أو الدين أو المعتقد أو الرأي السياسي أو الانتماء الجهوي أو الثروة أو المركز الوظيفي أو أي شكل من أشكال التمييز.

وعليه أن يمتنع عند القيام بوظائفه عن أي تصرف قد يؤدي إلى الإضرار بشخص أو مجموعة أشخاص أو هيئة ما وأن يحرص على مراعاة حقوق الغير ومصالحه المشروعة. ويعمل العون العمومي على تمكين المواطنين من النفاذ إلى الوثائق الإدارية في حدود صلاحياته وطبقا للتشريع الجاري به العمل، وعليه أن يمتنع عن تسريب المعطيات والمعلومات الشخصية الخاصة بمستعملي المرفق العام التي اطلع عليها بمناسبة القيام بوظيفه وعن استعمالها لغايات غير مهنية.

أما في علاقة العون العمومي بوسائل الإعلام وحسب ما ورد في مدونة السلوك فعليه أن يمتنع عن القيام بتصريحات مهما كان نوعها تتعارض مع التكتم المهني والحفاظ على المصلحة العليا للدولة وعليه أن يمتنع عن عرقلة الإفصاح عن وثائق أو معطيات رسمية يتوجب أو يسمح بنشرها للعموم.

وجاء في مدونة السلوك أنه بالنسبة إلى النشاط السياسي، فيحرص العون العمومي على أن لا تمس نشاطاته السياسية أو الفكرية بثقة كل المتعاملين مع الإدارة ورؤسائه في العمل في قدرته على أداء مهامه بكل حياد.

ويمتنع العون العمومي عن استغلال مركزه من أجل غايات سياسية أو حزبية ويمتثل العون العمومي للقوانين التي تمنع عليه ممارسة نشاط سياسي أو حزبي بسبب خصوصية مركزه أو وظائفه، ويقوم العون العمومي بأداء وظائفه بكل حياد وموضوعية بغض النظر عن آرائه السياسية أو انتمائه الحزبي.

ولضمان حياد الإدارة خلال المحطات الانتخابية وجه رؤساء الحكومات السابقة مناشير إلى الوزراء والولاة ورؤساء البلديات ورؤساء الهيئات العمومية المستقلة ورؤساء المؤسسات والمنشآت العمومية للتذكير بإلتزام الإدارة بواجب الحياد.. وفي هذا السياق كانت رئيسة الحكومة السابقة وجهت المنشور عدد 15 لسنة 2022 المؤرخ في 19 جويلية 2022 المتعلق بالتزام الإدارة بواجب الحياد بمناسبة الاستفتاء 25 جويلية 2022 إلى الوزراء والولاة ورؤساء البلديات ورؤساء الهيئات العمومية المستقلة ورؤساء المؤسسات والمنشآت العمومية واستندت فيه على دستور 2014 وخاصة الفصل 15 منه، وعلى القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء كما تم تنقيحه وإتمامه بالنصوص اللاحقة وخاصة المرسوم عدد 34 لسنة 2022 المؤرخ في 1 جوان 2022، وكذلك على مدونة سلوك وأخلاقيات العون العمومي المصادق عليها بمقتضى الأمر عدد 4030 لسنة 2014 المؤرخ في 3 أكتوبر 2014 ثم قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 22 لسنة 2019 المؤرخ في 22 أوت 2019 المتعلق بضبط قواعد تنظيم الحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء وإجراءاتها ومنشور رئيس الحكومة عدد 27 بتاريخ 5 أكتوبر 2017 حول التزام الإدارة بواجب الحياد بمناسبة الانتخابات البلدية ومنشور رئيس الحكومة عدد 20 بتاريخ 20 أوت 2019 حول التزام الإدارة بواجب الحياد بمناسبة الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019.

وجاء في هذا المنشور المذكور أنه ضمانا لحوكمة دور الهياكل العمومية في إنجاح مسار الاستفتاء، وعملا على احترام مقتضيات الدستور التي تلزم الإدارة العمومية بالعمل وفق مبادئ الحياد والمساواة، وتطبيقا لأحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المشار إليه أعلاه وخاصة الفصول من 52 إلى 58 منه المتعلقة بالمبادئ المنظمة للحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء، والتي تنص بالخصوص على حياد الإدارة وأماكن العبادة وحياد وسائل الإعلام الوطنية وتحجير توزيع الوثائق أو نشر شعارات أو خطابات متعلقة بالدعاية الانتخابية أو بالاستفتاء وذلك مهما كان شكلها أو طبيعتها بالإدارة والمؤسسات والمنشآت العمومية من قبل رئيس الإدارة أو الأعوان العاملين بها أو منظوريها أو الموجودين بها وإلزام السلطة ذات النظر باتخاذ التدابير اللازمة لضمان احترام واجب الحياد وإلزام رئيس الإدارة الذي تبين له مخالفة واجب الحياد بتحرير تقرير في الغرض يكون مرفقا بالمؤيدات اللازمة وإحالة نسخة منه إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وحيث يقتضي واجب الحياد كما ورد في التشريع المنظم للقطاع العمومي وفي مدونة سلوك وأخلاقيات العون العمومي، التزام العون العمومي مهما كان صنفه، أو رتبته، أو خطته أو وظيفته بعدم الانحياز لأي جهة كانت أو التفضيل بين طالبي الخدمة عند أدائه لمهامه، نشدد على ضرورة تقيد الإدارة بواجب الحياد في جميع أعمالها وأنشطتها، وعلى وجوب التزام الأعوان العموميين بالتعامل بكل تجرد ودون تمييز أو انحياز لأي طرف سياسي عند ممارستهم لمهامهم، وتجنب كل ما من شأنه أن يؤثر على إرادة الناخبين طيلة فترة الاستفتاء، وذلك تكريسا لمبدأ المساواة واحتراما لواجب التحفظ.

ونص نفس المنشور على أنه نظرا لأهمية الموضوع، وتكريسا للمبادئ المنظمة للحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء، وحرصا على أن يجري الاستحقاق في مناخ ديمقراطي وتعددي ونزيه وشفاف، فإن الوزراء والولاة ورؤساء البلديات ورؤساء الهيئات العمومية المستقلة ورؤساء المؤسسات والمنشآت العمومية، مدعوون لإيلائه عناية فائقة ودعوة المصالح والإطارات والأعوان الراجعين إليهم بالنظر إلى العمل بمقتضيات المنشور المذكور بكل دقة.

حياد الهيئة

ورغم تعدد النصوص التي تلزم الإدارة والموظف العمومي بالحياد فقد تم في جميع المحطات الانتخابية السابقة تسجيل خروقات ورفع مخالفات في هذا الشأن من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المطالبة هي بدورها بالتقيد بواجب الحياد.. ويذكر في هذا السياق أن القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المتعلق بالهيئة نص في فصله الثالث على أن تقوم الهيئة بضمان المعاملة المتساوية بين جميع الناخبين وجميع المترشحين وجميع المتدخلين خلال العمليات الانتخابية والاستفتائية، من بين ما نص عليه الفصل 12، يخضع رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأعضاء مجلسها لواجب الحياد.

أما بالنسبة إلى رؤساء مكاتب الاقتراع وأعضائها فنص القانون الانتخابي في الفصل 121 على أن الهيئة تتولى تعيين ممن تتوفر فيهم شروط النزاهة والحياد والاستقلالية، وحسب نفس الفصل لا يمكن أن يكون من بين أعضاء أو رؤساء مكاتب الاقتراع كل من تحمل مسؤولية في هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل.. ورغم أن القانون الانتخابي تم تنقيحه خلال سنة 2017 وخلال سنة 2019 ثم تم تنقيحه بالمرسوم عدد 34 لسنة 2022 بتاريخ غرة جوان 2022 وكذلك بالمرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 فالمرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023، فلم يقع التخلي عن إلزام الهيئة بعدم تعيين التجمعيين الذين تم حصر صفاتهم في الأمر عدد 1089 لسنة 2011 المؤرخ في 3 أوت 2011، وكانت هيئة الحقيقة والكرامة تحدثت بإطناب كبير في تقريرها النهائي عن عمليات تدليس الانتخابات في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، وخاصة في عهد الرئيس الراحل المخلوع زين العابدين بن علي.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews