إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. يافا تحييكم ..

 

أمس أصيب العالم بخلل في خدمات الانترنت فرض حالة من الجمود والشلل على اكبر المطارات والبورصات في العالم وحتى الفضائيات التي أصيبت فجأة بالصمم وسكتت عن كل كلام مباح.. بما دفع للتساؤل ما إذا كان الأمر هجوما سيبيريانيا مخططا له.. هي وحدها آلة القتل والدمار الإسرائيلي ظلت تتحرك في كل الاتجاهات وترتكب مزيد المجازر في غزة وتنسف ما بقي من أسباب الحياة هناك.. وربما في غمرة غطرستها وانصرافها إلى مواصلة عملية الإبادة المنظمة لم تنتبه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية إلى مسيرة يافا التي ستراوغ منظومتها الدفاعية وتصل إلى قلب تل أبيب وتثير ما أثارته من هلع في الأوساط الإسرائيلية، ولكن لتوجه صفعة لا تقل حدة عن صفعة السابع من أكتوبر التي أصابت الأجهزة الأمنية للاحتلال معها الموساد والشين بيت بالذهول ودفعت إلى استقالة قيادات عسكرية إسرائيلية بعد تواتر الانتقادات والاتهامات من الإعلام الإسرائيلي والرأي العام الذي اتهم حكومة ناتنياهو بالفشل.. ولا تزال هذه الأصوات ترتفع داخل كيان الاحتلال مطالبة بإسقاط الحكومة التي فشلت في استباق "طوفان الأقصى" وفشلت في استعادة الأسرى والقضاء على "حماس" التي تبقى حركة مقاومة مسلحة وليست جيشا نظاميا أو قوة عسكرية كما هو حال الجيش الإسرائيلي الذي يعد الجيش السادس بين أقوى جيوش العالم والأول في المنطقة.. نقول هذا الكلام بالتزامن مع مضي 287 يوما على العدوان المستمر والنزيف البشري في غزة مع رسالة الحوثي أمس التي قطعت ألفي كيلومتر ليستقر بها المقام في قلب تل أبيب وتثير ما أثارته من استنفار وتدفع الإعلام العبري إلى التهكم من وزير الأمن الإسرائيلي وتدعو إلى إيقاظه من النوم...

بعد "هدهد" حزب الله قبل أيام.. طهرت "مسيرة يافا".. طبعا لا مجال للانسياق وراء الأوهام أو الاعتقاد أنها نهاية العدوان والأرجح أن ما حدث سيؤجج رغبة الاحتلال في الانتقام من الفلسطينيين ويفتح شهيتهم لمزيد القتل وإراقة الدم.. ولكن ما حدث يؤكد جملة من الحقائق التي لا تقبل التجاهل وأنه لا شيء غير الردع يمكن أن يضغط على الاحتلال ويدفعه إلى إعادة حساباته وأنه انتهى زمن كان التعويل فيه على مفاوضات واتفاقات وهمية عبدت الطريق لمزيد الاستيطان والسطو على الأرض.. وأخيرا وليس آخرا وفيما يتجاهل صناع القرار في العالم أن هناك بقية من الإحساس بالكرامة لدى الشعوب المستضعفة وأولها الشعوب العربية المقهورة التي تنظر إلى الحوثيين على أنهم أنصار القضية الفلسطينية في زمن الخذلان ....

ترحيب وتعاطف كبير عبر مختلف المواقع الاجتماعية بعد الإعلان عن نجاح الحوثيين في استهداف قلب تل أبيب عبر "مسيرة يافا" التي قطعت ألفي كيلومتر خلال تسع ساعات وتمكنت من مراوغة أجهزة الدفاع الإسرائيلي وأربكت سلطات الاحتلال أمام الرأي العام الإسرائيلي والدولي وفرضت حالة من الاستنفار في كيان الاحتلال.. تعاطف عابر للحدود اعتبر معه أنصار القضية الفلسطينية انه انتقام لغزة وأطفالها ونسائها وكل ما فيها.. وهو تعاطف غير مفاجئ وفي جزء منه يعكس مشاعر الإحباط بسبب تخاذل ولامبالاة وخذلان العالم وانحيازه الأرعن للاحتلال، ولكن أيضا بسبب عجز وتواطؤ الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية التي وقفت عاجزة أمام محنة غزة والأهوال التي يتعرض لها القطاع في مواجهة آلة القتل الإسرائيلية وجرائم الإبادة التي تجاوزت كل الحدود منذ عشرة أشهر.. وسيكون من السذاجة والبلاهة أن يعتقد احد أن إدراج جماعة الحوثي على القائمة السوداء لأمريكا وتصنيفها ضمن الحركات الإرهابية يمكن أن يدفع إلى إخفاء هذا التعاطف أو التجاهل أو التقليل من تحركات الحوثي من أجل غزة ...

والأكيد أن هذا التعاطف والتفاعل مع الحوثيين أكثر من سبب يستوجب الانتباه له خاصة عندما تستنفر القوى الكبرى في العالم وتحرك أساطيلها الحربية وبوارجها في المتوسط لتعزيز قدرات إسرائيل العسكرية ودعمها في كل ما تقوم به في قطاع غزة الذي تحول إلى ركام وغابت فيه تقريبا كل أسباب الحياة ..

اختيار الحوثي اسم يافا للمسيرة التي فاجأت الاستخبارات الإسرائيلية هو أيضا له دلالاته التاريخية ورسائله لشعوب وأمم تسأل لماذا يهون الدم الفلسطيني والدم العربي ولماذا تفقد إنسانية الإنسان العربي قيمتها أمام حكامه وأمام غيرهم؟... ستنتهي حرب غزة ولكن سثمر أجيالا غاضبة وثائرة ومتمردة على هذا الاحتلال مهما بلغت قوته ومها كان حجم الدعم العسكري الذي يحظى به.. أطفال غزة الذين فتحوا أعينهم على وقع إبادة عائلاتهم وقطع أطرافهم وحرمانهم من الطعام والدواء والسقف الذي يأويهم ومن المدرسة والمستشفى ومن كل الأحلام التي حلموها سيكونون اللعنة التي ستلاحق الاحتلال إلى ما لا نهاية وربما سيكون بينهم من يطور "مسيرة يافا" ومن يصنع غيرها من المسيرات والسلاح الذي لا يمكن اعتراضه.. أمس قالت محكمة العدل الدولية كلمتها فلسطين ارض محتلة وإسرائيل تمارس الاحتلال وما تقوم به غير قانوني.. وفي ذلك ما يكفي وفي غياب أي إجراء على الأرض ما يشرع كل أسباب المقاومة بكل الطرق المتاحة ضد هذا الاحتلال..

اسيا العتروس

 

 

 

ممنوع من الحياد..   يافا تحييكم ..

 

أمس أصيب العالم بخلل في خدمات الانترنت فرض حالة من الجمود والشلل على اكبر المطارات والبورصات في العالم وحتى الفضائيات التي أصيبت فجأة بالصمم وسكتت عن كل كلام مباح.. بما دفع للتساؤل ما إذا كان الأمر هجوما سيبيريانيا مخططا له.. هي وحدها آلة القتل والدمار الإسرائيلي ظلت تتحرك في كل الاتجاهات وترتكب مزيد المجازر في غزة وتنسف ما بقي من أسباب الحياة هناك.. وربما في غمرة غطرستها وانصرافها إلى مواصلة عملية الإبادة المنظمة لم تنتبه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية إلى مسيرة يافا التي ستراوغ منظومتها الدفاعية وتصل إلى قلب تل أبيب وتثير ما أثارته من هلع في الأوساط الإسرائيلية، ولكن لتوجه صفعة لا تقل حدة عن صفعة السابع من أكتوبر التي أصابت الأجهزة الأمنية للاحتلال معها الموساد والشين بيت بالذهول ودفعت إلى استقالة قيادات عسكرية إسرائيلية بعد تواتر الانتقادات والاتهامات من الإعلام الإسرائيلي والرأي العام الذي اتهم حكومة ناتنياهو بالفشل.. ولا تزال هذه الأصوات ترتفع داخل كيان الاحتلال مطالبة بإسقاط الحكومة التي فشلت في استباق "طوفان الأقصى" وفشلت في استعادة الأسرى والقضاء على "حماس" التي تبقى حركة مقاومة مسلحة وليست جيشا نظاميا أو قوة عسكرية كما هو حال الجيش الإسرائيلي الذي يعد الجيش السادس بين أقوى جيوش العالم والأول في المنطقة.. نقول هذا الكلام بالتزامن مع مضي 287 يوما على العدوان المستمر والنزيف البشري في غزة مع رسالة الحوثي أمس التي قطعت ألفي كيلومتر ليستقر بها المقام في قلب تل أبيب وتثير ما أثارته من استنفار وتدفع الإعلام العبري إلى التهكم من وزير الأمن الإسرائيلي وتدعو إلى إيقاظه من النوم...

بعد "هدهد" حزب الله قبل أيام.. طهرت "مسيرة يافا".. طبعا لا مجال للانسياق وراء الأوهام أو الاعتقاد أنها نهاية العدوان والأرجح أن ما حدث سيؤجج رغبة الاحتلال في الانتقام من الفلسطينيين ويفتح شهيتهم لمزيد القتل وإراقة الدم.. ولكن ما حدث يؤكد جملة من الحقائق التي لا تقبل التجاهل وأنه لا شيء غير الردع يمكن أن يضغط على الاحتلال ويدفعه إلى إعادة حساباته وأنه انتهى زمن كان التعويل فيه على مفاوضات واتفاقات وهمية عبدت الطريق لمزيد الاستيطان والسطو على الأرض.. وأخيرا وليس آخرا وفيما يتجاهل صناع القرار في العالم أن هناك بقية من الإحساس بالكرامة لدى الشعوب المستضعفة وأولها الشعوب العربية المقهورة التي تنظر إلى الحوثيين على أنهم أنصار القضية الفلسطينية في زمن الخذلان ....

ترحيب وتعاطف كبير عبر مختلف المواقع الاجتماعية بعد الإعلان عن نجاح الحوثيين في استهداف قلب تل أبيب عبر "مسيرة يافا" التي قطعت ألفي كيلومتر خلال تسع ساعات وتمكنت من مراوغة أجهزة الدفاع الإسرائيلي وأربكت سلطات الاحتلال أمام الرأي العام الإسرائيلي والدولي وفرضت حالة من الاستنفار في كيان الاحتلال.. تعاطف عابر للحدود اعتبر معه أنصار القضية الفلسطينية انه انتقام لغزة وأطفالها ونسائها وكل ما فيها.. وهو تعاطف غير مفاجئ وفي جزء منه يعكس مشاعر الإحباط بسبب تخاذل ولامبالاة وخذلان العالم وانحيازه الأرعن للاحتلال، ولكن أيضا بسبب عجز وتواطؤ الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية التي وقفت عاجزة أمام محنة غزة والأهوال التي يتعرض لها القطاع في مواجهة آلة القتل الإسرائيلية وجرائم الإبادة التي تجاوزت كل الحدود منذ عشرة أشهر.. وسيكون من السذاجة والبلاهة أن يعتقد احد أن إدراج جماعة الحوثي على القائمة السوداء لأمريكا وتصنيفها ضمن الحركات الإرهابية يمكن أن يدفع إلى إخفاء هذا التعاطف أو التجاهل أو التقليل من تحركات الحوثي من أجل غزة ...

والأكيد أن هذا التعاطف والتفاعل مع الحوثيين أكثر من سبب يستوجب الانتباه له خاصة عندما تستنفر القوى الكبرى في العالم وتحرك أساطيلها الحربية وبوارجها في المتوسط لتعزيز قدرات إسرائيل العسكرية ودعمها في كل ما تقوم به في قطاع غزة الذي تحول إلى ركام وغابت فيه تقريبا كل أسباب الحياة ..

اختيار الحوثي اسم يافا للمسيرة التي فاجأت الاستخبارات الإسرائيلية هو أيضا له دلالاته التاريخية ورسائله لشعوب وأمم تسأل لماذا يهون الدم الفلسطيني والدم العربي ولماذا تفقد إنسانية الإنسان العربي قيمتها أمام حكامه وأمام غيرهم؟... ستنتهي حرب غزة ولكن سثمر أجيالا غاضبة وثائرة ومتمردة على هذا الاحتلال مهما بلغت قوته ومها كان حجم الدعم العسكري الذي يحظى به.. أطفال غزة الذين فتحوا أعينهم على وقع إبادة عائلاتهم وقطع أطرافهم وحرمانهم من الطعام والدواء والسقف الذي يأويهم ومن المدرسة والمستشفى ومن كل الأحلام التي حلموها سيكونون اللعنة التي ستلاحق الاحتلال إلى ما لا نهاية وربما سيكون بينهم من يطور "مسيرة يافا" ومن يصنع غيرها من المسيرات والسلاح الذي لا يمكن اعتراضه.. أمس قالت محكمة العدل الدولية كلمتها فلسطين ارض محتلة وإسرائيل تمارس الاحتلال وما تقوم به غير قانوني.. وفي ذلك ما يكفي وفي غياب أي إجراء على الأرض ما يشرع كل أسباب المقاومة بكل الطرق المتاحة ضد هذا الاحتلال..

اسيا العتروس

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews