إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. الهجرة.. معادلة دولية معقّدة !

 

‏لا يتوقّف النقاش ولا تغيب اللقاءات منذ أشهر طويلة بين دول ضفتي المتوسط حول الهجرة غير النظامية وتدفقاتها الكبيرة والتي تعصف كل مرة بأغلب النوايا والاتفاقيات.

حوارات لا تنقطع واجتماعات من أعلى مستوى بين الدول الأوروبية المستهدفة بتدفقات الهجرة ودول جنوب المتوسّط سواء كدول عبور أو كدول تعتبر منشأ هذه التدفقات ومنبعها ..

في اللقاء الأخير حول الهجرة عبر المتوسط والذي انتظم بالعاصمة الليبية طرابلس وبمشاركة بعض دول المنشأ والعبور والوصول، أكّد رئيس الحكومة أحمد الحشاني أن تونس ليست عنصرية ولكنها بلد قانون والقانون يطبّق على الجميع كما جدّد احترام تونس لحقوق الإنسان ولكن شدّد أيضا على كون حلّ مشكلة المهاجرين لا يمكن أن يكون من دول العبور بل من دول المنشأ..

كما ذكّر رئيس الحكومة أن تونس بذلت الكثير من الجهد للحدّ من هذه الظاهرة ولإدارة تدفقات المهاجرين منذ بدايتها في ليبيا وأن المساعدات التي قُدّمت لها قليلة.. ولئن تمسّك الحشاني بموقف تونس بأن المهاجرين لديهم الحق في البحث عن حياة أفضل، إلا أنه حذّر من كوننا اليوم نتحدّث عن تدفّق أكثر من مليوني مهاجر الى تونس وليبيا ..

‏ورقم مليوني مهاجر، يدقّ كل نواقيس الخطر وإن يبدو مفهوما في سياقات التقلبات والأوضاع المتوترة سياسيا واجتماعيا في دول الساحل والصحراء والتي تعتبر منبع تدفقات الهجرة، بالإضافة الى اندلاع الصراعات المسلحة المستمر في أكثر من بلد إفريقي، إلا أنه أيضا يفرض استعدادات كبيرة من طرف دول العبور وتنسيق الجهود ووضع خطط وأهداف بتعاون صادق من الدول الأوروبية التي ما تزال تتعامل مع هذا الملف بمنطق أن الأقوى يفرض شروطه ووجهة نظره ..

فالدول الأوروبية التي ساهمت مواقفها من الهجرة في تغيير أوضاعها السياسية الداخلية وكانت لها انعكاسات مباشرة سواء على انتخابات البرلمان الأوروبي أو الانتخابات التشريعية الفرنسية الأخيرة، يجب اليوم أن تتخلّى عن مكابرتها، وتتعامل بواقعية مع هذه المسألة الخطيرة، كما يجب ألا تبقى إيطاليا وكأنها الدولة المخوّلة الوحيدة أوروبيا للتفاوض بشأن هذا الملف، فحتى لو كانت إيطاليا بوابة الهجرة الى أوروبا، إلا أن بقية دول الاتحاد الأوروبي معنية أيضا بهذا الملف ولابدّ من بلورة موقف موحد في سياق ذلك والجلوس الى طاولة تفاوض جدّي مع دول العبور بجنوب المتوسّط ..

ودول جنوب المتوسط مطالبة بتوحيد خياراتها وتوجهاتها لتقوية موقفها في التفاوض، ولم لا يكون هناك مؤتمر دولي يضمّ دول العبور ينتهي ببلورة إستراتيجية مشتركة وواضحة في علاقة بالتعامل مع ملف تدفقات المهاجرين وخاصة بالنسبة الى تونس وليبيا، حيث تتشابه تفاصيل هذا الملف ..

الطرف الليبي أكد بشكل رسمي أن هناك عشرة آلاف مهاجر تم ترحيلهم الى بلدانهم بالتنسيق مع تونس وإيطاليا ولكن هل أن الترحيل وحده قادر على امتصاص سرعة واتساع هذه التدفقات؟.. خاصة وأن بعض عمليات الترحيل لا يمكن أن تتم لأسباب إنسانية ولأن في عودة أولئك المهاجرين الى بلدانهم في صورة وجود حرب هو حكم بالموت بما يخالف القانون الإنساني ومنظومة حقوق الإنسان ..

اليوم الوضع يفرض خطة عمل مشتركة بين تونس وليبيا لتوحيد الجهود وتقوية الموقف خاصة في علاقة بالتفاوض على الحق الإنساني مع دول شمال المتوسّط كما أنّ على الاتحاد الأوروبي أن يُظهر بعض الجدية اليوم في التعاطي مع هذا الملف الخطير .

منية العرفاوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

‏لا يتوقّف النقاش ولا تغيب اللقاءات منذ أشهر طويلة بين دول ضفتي المتوسط حول الهجرة غير النظامية وتدفقاتها الكبيرة والتي تعصف كل مرة بأغلب النوايا والاتفاقيات.

حوارات لا تنقطع واجتماعات من أعلى مستوى بين الدول الأوروبية المستهدفة بتدفقات الهجرة ودول جنوب المتوسّط سواء كدول عبور أو كدول تعتبر منشأ هذه التدفقات ومنبعها ..

في اللقاء الأخير حول الهجرة عبر المتوسط والذي انتظم بالعاصمة الليبية طرابلس وبمشاركة بعض دول المنشأ والعبور والوصول، أكّد رئيس الحكومة أحمد الحشاني أن تونس ليست عنصرية ولكنها بلد قانون والقانون يطبّق على الجميع كما جدّد احترام تونس لحقوق الإنسان ولكن شدّد أيضا على كون حلّ مشكلة المهاجرين لا يمكن أن يكون من دول العبور بل من دول المنشأ..

كما ذكّر رئيس الحكومة أن تونس بذلت الكثير من الجهد للحدّ من هذه الظاهرة ولإدارة تدفقات المهاجرين منذ بدايتها في ليبيا وأن المساعدات التي قُدّمت لها قليلة.. ولئن تمسّك الحشاني بموقف تونس بأن المهاجرين لديهم الحق في البحث عن حياة أفضل، إلا أنه حذّر من كوننا اليوم نتحدّث عن تدفّق أكثر من مليوني مهاجر الى تونس وليبيا ..

‏ورقم مليوني مهاجر، يدقّ كل نواقيس الخطر وإن يبدو مفهوما في سياقات التقلبات والأوضاع المتوترة سياسيا واجتماعيا في دول الساحل والصحراء والتي تعتبر منبع تدفقات الهجرة، بالإضافة الى اندلاع الصراعات المسلحة المستمر في أكثر من بلد إفريقي، إلا أنه أيضا يفرض استعدادات كبيرة من طرف دول العبور وتنسيق الجهود ووضع خطط وأهداف بتعاون صادق من الدول الأوروبية التي ما تزال تتعامل مع هذا الملف بمنطق أن الأقوى يفرض شروطه ووجهة نظره ..

فالدول الأوروبية التي ساهمت مواقفها من الهجرة في تغيير أوضاعها السياسية الداخلية وكانت لها انعكاسات مباشرة سواء على انتخابات البرلمان الأوروبي أو الانتخابات التشريعية الفرنسية الأخيرة، يجب اليوم أن تتخلّى عن مكابرتها، وتتعامل بواقعية مع هذه المسألة الخطيرة، كما يجب ألا تبقى إيطاليا وكأنها الدولة المخوّلة الوحيدة أوروبيا للتفاوض بشأن هذا الملف، فحتى لو كانت إيطاليا بوابة الهجرة الى أوروبا، إلا أن بقية دول الاتحاد الأوروبي معنية أيضا بهذا الملف ولابدّ من بلورة موقف موحد في سياق ذلك والجلوس الى طاولة تفاوض جدّي مع دول العبور بجنوب المتوسّط ..

ودول جنوب المتوسط مطالبة بتوحيد خياراتها وتوجهاتها لتقوية موقفها في التفاوض، ولم لا يكون هناك مؤتمر دولي يضمّ دول العبور ينتهي ببلورة إستراتيجية مشتركة وواضحة في علاقة بالتعامل مع ملف تدفقات المهاجرين وخاصة بالنسبة الى تونس وليبيا، حيث تتشابه تفاصيل هذا الملف ..

الطرف الليبي أكد بشكل رسمي أن هناك عشرة آلاف مهاجر تم ترحيلهم الى بلدانهم بالتنسيق مع تونس وإيطاليا ولكن هل أن الترحيل وحده قادر على امتصاص سرعة واتساع هذه التدفقات؟.. خاصة وأن بعض عمليات الترحيل لا يمكن أن تتم لأسباب إنسانية ولأن في عودة أولئك المهاجرين الى بلدانهم في صورة وجود حرب هو حكم بالموت بما يخالف القانون الإنساني ومنظومة حقوق الإنسان ..

اليوم الوضع يفرض خطة عمل مشتركة بين تونس وليبيا لتوحيد الجهود وتقوية الموقف خاصة في علاقة بالتفاوض على الحق الإنساني مع دول شمال المتوسّط كما أنّ على الاتحاد الأوروبي أن يُظهر بعض الجدية اليوم في التعاطي مع هذا الملف الخطير .

منية العرفاوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews