-الناطق باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لـ"الصباح": تم تسجيل العديد من حالات الانتحار ومحاولات الانتحار في السنوات الأخيرة لـ "حارقين" هربا من "جحيم" مراكز الاحتجاز
تونس - الصباح
مازال "الحارقون" التونسيون يعانون الأمرين داخل مراكز الاحتجاز الإيطالية فبعد أن راودهم حلم "الحرقة" وتحققت أحلامهم بالوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط يجدون معاناة أخرى في انتظارهم أكثر مرارة وقسوة من تجربة "الحرقة" في حد ذاتها فهم يعيشون في ظروف لا إنسانية دفعت بالبعض منهم إلى الانتحار أو محاولة الانتحار، هذا بالإضافة لمن يتوفون في ظروف غامضة ومسترابة ولا تملك عائلاتهم الإمكانيات لكشف حقيقة وفاتهم فمن لم يمت في "الحرقة" مات غبنا في ايطاليا أو في ظروف مسترابة لتموت حقيقة وفاته معه إلى الأبد.
فقد توفي يوم الخميس الفارط الشاب وسام عبد اللطيف البالغ من العمر 26 سنة وهو مهاجر غير نظامي تونسي توفي في أحد المستشفيات بمدينة روما وقد أعلنت السلطات الإيطالية أنّ المهاجر توفي وفاة طبيعية.
وكان الهالك قد وصل إلى إيطاليا في إطار "حرقة" وتمّ نقله بعد قضاء فترة الحجر الصحي إلى مركز للحجز والترحيل بروما.
وفي 24 نوفمبر الفارط نُقل وسام إلى المستشفى قبل أن يتمّ الإعلان عن وفاته يوم الخميس الفارط وقد نظمت عائلة وسام أمس الأول بمسقط رأسه بولاية قبلي وقفة احتجاجية أمام مقر الولاية طالبت من خلالها بكشف حقيقة وفاة ابنهم.
ولا تمثل حادثة وفاة وسام الحادثة الأولى لوفاة مهاجرين غير نظاميين في ظروف مسترابة فخلال شهر جانفي 2020 تسببت وفاة مهاجر تونسي يبلغ من العمر 34 عامًا في احتجاج بعض المهاجرين المحتجزين في مركز "ديل لاجو" للأجانب في كالتانيسيتا جنوب إيطاليا.
وقد أكد الطبيب الشرعي بحسب ما نقلته وكالة أنباء ايطالية حينها أن الوفاة كانت طبيعية بعد أن تم استدعاء السلطات الطبية عقب وفاة المهاجر التونسي.
وأمر القاضي المكلف في مكتب المدعي العام بإجراء تشريح للجثة وكانت السلطات قد أصدرت قرارين بحق الهالك وهما الترحيل والاعتقال وبعد انتشار خبر وفاته قام المهاجرون المحتجزون في المركز بالاحتجاج محاولين إشعال النار في بعض الأسرة.
ظروف لا إنسانية
لمعرفة ظروف إقامة المهاجرين التونسيين غير النظاميين بمراكز الاحتجاز بايطاليا وعددهم اتصلت "الصباح" برمضان بن عمر الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي أكد في تصريح لـ"الصباح" بأن المهاجرين غير النظاميين من الجنسية التونسية يتعرضون إلى معاملة استثنائية منذ وصولهم إلى ايطاليا حيث يتم احتجازهم بمركز الإيواء بلامبدوزا والذي عادة ما يتجاوز طاقة الاستيعاب المخصصة له ويبقون هناك لمدة يومين أو ثلاثة ثم يتم نقلهم إلى بواخر الحجر الصحي وهذه البواخر أشبه بعملية حجر في البحر لا تتوفر فيها الخدمات الإنسانية الكافية.
وأضاف بأنه يتم حرمانهم من حقهم في المعلومة والتي من أهمها حقهم في اللجوء حيث لا يتم التخاطب معهم باللغة التي يفهمونها أو إعلامهم منذ وصولهم إلى التراب الايطالي بأنه يمكنهم اخذ مطالب لجوء حيث يأخذونهم لقضاء 14 يوما في الحجر الصحي ثم يتم التعرف على هوياتهم بالتنسيق مع الجانب التونسي باعتبار أنه يتم رفع البصمات التي يتم مشاركتها مع الجانب التونسي الذي يقدم هوياتهم جميعا وبعد انتهاء مدة الحجر الصحي هناك من يتم تمكينهم من مهلة لمغادرة التراب الايطالي والبقية يتم نقلهم إلى مراكز الحجز وهي خطر فهي ليست مراكز بل هي سجون.
إهانة وضرب
وأكد بن عمر أن المهاجرين التونسيين يقيمون في ظروف صعبة بتلك المراكز حيث يتعرضون للاهانة والضرب عند الاحتجاج بالإضافة إلى الاعتداء عليهم بواسطة الغاز وهناك فيديوات توثق ذلك كما يشتكون من نوعية الأكل الموجود هناك والذي يعطيهم إحساسا بالخمول والنوم، بالإضافة إلى المعاملة المهينة وأهم شيء هي الانتهاكات المرتبطة بحقهم عندما يتم عرضهم على المحكمة تنفيذا لعملية الترحيل القسري دون أن يكون لهم ضمانات قانونية مثل محام ليدافع عنهم ويطعن في قرار ترحيلهم ثم يمروا إلى عملية المصادقة على ترحيلهم التي يصادق عليها ممثل الجمهورية التونسية هناك ليجدوا أنفسهم في تونس.
انتحار ومحاولات انتحار
وأضاف بن عمر بأن كل هذه الأمور تدفع بهم إلى الاحتجاج والهروب من هذا الجحيم بالالتجاء إلى بعض الحلول اليائسة فخلال السنوات الأخيرة تم تسجيل العديد من حالات الانتحار وكذلك محاولات الانتحار بمركز احتجاز المهاجرين التونسيين بايطاليا كما أن بعضهم يعمد إلى تناول مواد للخروج إلى المستشفى هربا من ذلك الواقع.
وأوضح بأن ذلك يتم دون متابعة أو محاسبة من الجانب الإيطالي وفي إطار الإفلات من العقاب رغم التقارير الحقوقية الإيطالية من عديد المنظمات حول وضعية هذه المراكز لكن ايطاليا لا تبذل أي مجهود في اتجاه أنها تعامل هؤلاء المهاجرين بما يضمن حقوقهم.
وفيات مسترابة
وأكد بن عمر بأنه خلال شهر نوفمبر الفارط مر أكثر من 2500 تونسي على مراكز الاحتجاز بايطاليا وأكد أن عددهم متحول متغير باعتبار أن هناك من يدخل ويخرج ولا يبقى هناك، وأضاف بأن هناك كذلك عديد الوفيات المسترابة لهؤلاء المهاجرين وأوضح بأنهم رافقوا عديد الوضعيات عندما تحصل اعتداءات بمراكز الأمن الإيطالية وعادة لا تكون هناك متابعة من الجانب التونسي والعائلة في الأغلب تجد نفسها لا تستطيع متابعة المسارات القضائية التي تكون معقدة سيما وان العائلات غالبا ما تكون من أوساط معدمة وتضطر لتوكيل محام بايطاليا رغم مساعدة المنظمات كما أنها مضطرة لتوقيع وثائق هناك مما يدفع العائلات للاستسلام لأن المسارات القضائية بطيئة جدا.
فاطمة الجلاصي
-الناطق باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لـ"الصباح": تم تسجيل العديد من حالات الانتحار ومحاولات الانتحار في السنوات الأخيرة لـ "حارقين" هربا من "جحيم" مراكز الاحتجاز
تونس - الصباح
مازال "الحارقون" التونسيون يعانون الأمرين داخل مراكز الاحتجاز الإيطالية فبعد أن راودهم حلم "الحرقة" وتحققت أحلامهم بالوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط يجدون معاناة أخرى في انتظارهم أكثر مرارة وقسوة من تجربة "الحرقة" في حد ذاتها فهم يعيشون في ظروف لا إنسانية دفعت بالبعض منهم إلى الانتحار أو محاولة الانتحار، هذا بالإضافة لمن يتوفون في ظروف غامضة ومسترابة ولا تملك عائلاتهم الإمكانيات لكشف حقيقة وفاتهم فمن لم يمت في "الحرقة" مات غبنا في ايطاليا أو في ظروف مسترابة لتموت حقيقة وفاته معه إلى الأبد.
فقد توفي يوم الخميس الفارط الشاب وسام عبد اللطيف البالغ من العمر 26 سنة وهو مهاجر غير نظامي تونسي توفي في أحد المستشفيات بمدينة روما وقد أعلنت السلطات الإيطالية أنّ المهاجر توفي وفاة طبيعية.
وكان الهالك قد وصل إلى إيطاليا في إطار "حرقة" وتمّ نقله بعد قضاء فترة الحجر الصحي إلى مركز للحجز والترحيل بروما.
وفي 24 نوفمبر الفارط نُقل وسام إلى المستشفى قبل أن يتمّ الإعلان عن وفاته يوم الخميس الفارط وقد نظمت عائلة وسام أمس الأول بمسقط رأسه بولاية قبلي وقفة احتجاجية أمام مقر الولاية طالبت من خلالها بكشف حقيقة وفاة ابنهم.
ولا تمثل حادثة وفاة وسام الحادثة الأولى لوفاة مهاجرين غير نظاميين في ظروف مسترابة فخلال شهر جانفي 2020 تسببت وفاة مهاجر تونسي يبلغ من العمر 34 عامًا في احتجاج بعض المهاجرين المحتجزين في مركز "ديل لاجو" للأجانب في كالتانيسيتا جنوب إيطاليا.
وقد أكد الطبيب الشرعي بحسب ما نقلته وكالة أنباء ايطالية حينها أن الوفاة كانت طبيعية بعد أن تم استدعاء السلطات الطبية عقب وفاة المهاجر التونسي.
وأمر القاضي المكلف في مكتب المدعي العام بإجراء تشريح للجثة وكانت السلطات قد أصدرت قرارين بحق الهالك وهما الترحيل والاعتقال وبعد انتشار خبر وفاته قام المهاجرون المحتجزون في المركز بالاحتجاج محاولين إشعال النار في بعض الأسرة.
ظروف لا إنسانية
لمعرفة ظروف إقامة المهاجرين التونسيين غير النظاميين بمراكز الاحتجاز بايطاليا وعددهم اتصلت "الصباح" برمضان بن عمر الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي أكد في تصريح لـ"الصباح" بأن المهاجرين غير النظاميين من الجنسية التونسية يتعرضون إلى معاملة استثنائية منذ وصولهم إلى ايطاليا حيث يتم احتجازهم بمركز الإيواء بلامبدوزا والذي عادة ما يتجاوز طاقة الاستيعاب المخصصة له ويبقون هناك لمدة يومين أو ثلاثة ثم يتم نقلهم إلى بواخر الحجر الصحي وهذه البواخر أشبه بعملية حجر في البحر لا تتوفر فيها الخدمات الإنسانية الكافية.
وأضاف بأنه يتم حرمانهم من حقهم في المعلومة والتي من أهمها حقهم في اللجوء حيث لا يتم التخاطب معهم باللغة التي يفهمونها أو إعلامهم منذ وصولهم إلى التراب الايطالي بأنه يمكنهم اخذ مطالب لجوء حيث يأخذونهم لقضاء 14 يوما في الحجر الصحي ثم يتم التعرف على هوياتهم بالتنسيق مع الجانب التونسي باعتبار أنه يتم رفع البصمات التي يتم مشاركتها مع الجانب التونسي الذي يقدم هوياتهم جميعا وبعد انتهاء مدة الحجر الصحي هناك من يتم تمكينهم من مهلة لمغادرة التراب الايطالي والبقية يتم نقلهم إلى مراكز الحجز وهي خطر فهي ليست مراكز بل هي سجون.
إهانة وضرب
وأكد بن عمر أن المهاجرين التونسيين يقيمون في ظروف صعبة بتلك المراكز حيث يتعرضون للاهانة والضرب عند الاحتجاج بالإضافة إلى الاعتداء عليهم بواسطة الغاز وهناك فيديوات توثق ذلك كما يشتكون من نوعية الأكل الموجود هناك والذي يعطيهم إحساسا بالخمول والنوم، بالإضافة إلى المعاملة المهينة وأهم شيء هي الانتهاكات المرتبطة بحقهم عندما يتم عرضهم على المحكمة تنفيذا لعملية الترحيل القسري دون أن يكون لهم ضمانات قانونية مثل محام ليدافع عنهم ويطعن في قرار ترحيلهم ثم يمروا إلى عملية المصادقة على ترحيلهم التي يصادق عليها ممثل الجمهورية التونسية هناك ليجدوا أنفسهم في تونس.
انتحار ومحاولات انتحار
وأضاف بن عمر بأن كل هذه الأمور تدفع بهم إلى الاحتجاج والهروب من هذا الجحيم بالالتجاء إلى بعض الحلول اليائسة فخلال السنوات الأخيرة تم تسجيل العديد من حالات الانتحار وكذلك محاولات الانتحار بمركز احتجاز المهاجرين التونسيين بايطاليا كما أن بعضهم يعمد إلى تناول مواد للخروج إلى المستشفى هربا من ذلك الواقع.
وأوضح بأن ذلك يتم دون متابعة أو محاسبة من الجانب الإيطالي وفي إطار الإفلات من العقاب رغم التقارير الحقوقية الإيطالية من عديد المنظمات حول وضعية هذه المراكز لكن ايطاليا لا تبذل أي مجهود في اتجاه أنها تعامل هؤلاء المهاجرين بما يضمن حقوقهم.
وفيات مسترابة
وأكد بن عمر بأنه خلال شهر نوفمبر الفارط مر أكثر من 2500 تونسي على مراكز الاحتجاز بايطاليا وأكد أن عددهم متحول متغير باعتبار أن هناك من يدخل ويخرج ولا يبقى هناك، وأضاف بأن هناك كذلك عديد الوفيات المسترابة لهؤلاء المهاجرين وأوضح بأنهم رافقوا عديد الوضعيات عندما تحصل اعتداءات بمراكز الأمن الإيطالية وعادة لا تكون هناك متابعة من الجانب التونسي والعائلة في الأغلب تجد نفسها لا تستطيع متابعة المسارات القضائية التي تكون معقدة سيما وان العائلات غالبا ما تكون من أوساط معدمة وتضطر لتوكيل محام بايطاليا رغم مساعدة المنظمات كما أنها مضطرة لتوقيع وثائق هناك مما يدفع العائلات للاستسلام لأن المسارات القضائية بطيئة جدا.