- أسماء انطلقت من رحاب مهرجان المدينة لتكسب رهان التميز الفني
ترتدي المدينة العتيقة في رمضان من كل سنة جلباب السهرات الروحانية ذات الطابع الخصوصي... سهرات تشع بالبعد الصوفي الديني الذي يرتقي بالمتلقي إلى أعلى مراتب الشفافية والخشوع والصفاء الروحي.
وتعد سهرات مهرجان المدينة استئناساً بالمدينة العتيقة «أبرز محطة إبداعية بطابعها الخصوصي في رمضان من كل سنة، من خلال الانفتاح على عديد الفضاءات ذات الإرث التاريخي العريق، فضاءات بطابعها الهندسي العربي والإسلامي، تحتضن هذه العروض الفنية والإبداعية وسهرات تقطع مع الضجيج والصخب وتكسب متعة الإنصات بعمق وأنصهار روحاني فيها. هو مهرجان المدينة الذي تعقد هيئته المديرة من خلال الجمعية المشرفة عليه اليوم الأربعاء ندوتها الصحفية للكشف عن مختلف تفاصيل دورته الواحدة والأربعين. تفاصيل سبق أن كشفت عنها «الصباح» في عدد الأحد الماضي. مهرجان لا زالت وستبقى مسيرته عبر مختلف دوراته خالدة في الذاكرة وراسخة في الوجدان، اعتباراً للخصوصية التي دأب عليها في عروضه ذات الطابع الطربي الأصيل، وهذا الحضور الكبير للأناشيد والموسيقى الصوفية.
مهرجان إتقان «فن الإنصات»
سنة 1984، بادر عدد من مثقفي تونس العاصمة تحت إشراف الأستاذ المختار الرصاع بإحداث مهرجان هو مهرجان المدينة، واضطلعت الجمعية الثقافية لمدينة تونس التابعة لبلديتها بتمويله ودعمه المادي والأدبي. فتتالت الدورات إلى هذا اليوم ليكسب رهان «إتقان فن الإنصات» والعمل على اكتشاف المواهب الصاعدة في الغناء والموسيقى، وهما الخصوصيتان الأساسيتان اللتان يرتكز عليهما مهرجان مدينة تونس في جل دوراته.
كسب المهرجان رهان فسح المجال للعديد من الأصوات الفنية بطابعها الطربي. أصوات انطلقت من مهرجان المدينة لتحلق في الأفق الرحب تأسيساً وتأثيثاً لمسيرة إبداعية لها حضورها المؤثر في المدونة الإبداعية التونسية. ومن هذه الأسماء على سبيل الذكر لا الحصر: غالية بن علي التي ستجدد العهد في دورة رمضان هذا العام مع جمهور مهرجان المدينة في سهرة الافتتاح، وفيصل الرياحي الذي أعد سهرة خاصة بمئوية محمد عبد الوهاب، ونورة أمين التي تعد – حسب النقاد والمتابعين لمسيرتها الغنائية – تلميذة متميزة في مدرسة الملحن العربي الخالد زكريا أحمد فقد عرفت بإتقانها أداء ألحانه بحرفية عالية وانصهار كلي فيها، ونورالدين بن عائشة المعروف بأداء أغاني إبراهيم حمودة ومحمد عبد المطلب، والزين الحداد التلميذ المتميز في مدرسة الرشيدية، وليلى حجيج التي اكتشفها عازف العود الراحل علي السريتي وعباس المقدم مؤسس «جمعية أحباء محمد عبد الوهاب»، وقد دأب على امتداد سنوات طويلة على إحياء سهرات طربية عربية يقدم خلالها روائع عبد الوهاب بدرجة أولى، ونبيهة كراولي والتي كانت انطلاقتها من مهرجان المدينة مع الملحن والعازف أنور براهم، ثم كانت تجربتها المتميزة مع سمير الشيشتي وعرض «القنطرة»، الذي كان محطة انطلاقها على أسس ثابتة وقوية في عالم الفن والموسيقى.
موسيقات عالمية
وفتح المهرجان نافذة أيضاً على الموسيقات العالمية من خلال عروض لفرق من كافة أنحاء العالم فيما يتعلق بالأغاني الدينية أو الروحانية، على غرار فرقة الأوبرا المصرية وفرق القدود الحلبيّة من سوريا ومن الهند والباكستان وتركيا، ولا ننسى في هذا المجال أيضاً الحضور الفاعل للراحل اللبناني الكبير منصور رحباني بعرض «ملوك الطوائف» والفنان المغربي فؤاد زبادي وعبد الهادي بلخياط والفنانة هبة القواس وغيرهم كثير.
لقد أسس مهرجان المدينة بتونس على امتداد دوراته تقليداً كان له أثر كبير وخلق ما يشبه الأنموذج الذي تشكّلت وفقه مهرجانات عديدة مماثلة في كل المدن التونسية تقريباً.
وسعت بعض مهرجانات المدينة داخل البلاد لتنويع عروضها الإبداعية في رمضان من خلال تنظيم سهرات للفداوي أو الحكواتي على الطريقة التونسية، وهو صنف من الفرجة كان يبرمج في مقاهي المغنى، كما بادرت بتنظيم سهرات حكي في التاريخ والتراث، يقبل عليها جمهور وفير ويستسيغها لما تستعرضه من أمجاد الثقافة الإسلامية ومن مآثر أبطالها ورموزها.
محسن بن أحمد
- أسماء انطلقت من رحاب مهرجان المدينة لتكسب رهان التميز الفني
ترتدي المدينة العتيقة في رمضان من كل سنة جلباب السهرات الروحانية ذات الطابع الخصوصي... سهرات تشع بالبعد الصوفي الديني الذي يرتقي بالمتلقي إلى أعلى مراتب الشفافية والخشوع والصفاء الروحي.
وتعد سهرات مهرجان المدينة استئناساً بالمدينة العتيقة «أبرز محطة إبداعية بطابعها الخصوصي في رمضان من كل سنة، من خلال الانفتاح على عديد الفضاءات ذات الإرث التاريخي العريق، فضاءات بطابعها الهندسي العربي والإسلامي، تحتضن هذه العروض الفنية والإبداعية وسهرات تقطع مع الضجيج والصخب وتكسب متعة الإنصات بعمق وأنصهار روحاني فيها. هو مهرجان المدينة الذي تعقد هيئته المديرة من خلال الجمعية المشرفة عليه اليوم الأربعاء ندوتها الصحفية للكشف عن مختلف تفاصيل دورته الواحدة والأربعين. تفاصيل سبق أن كشفت عنها «الصباح» في عدد الأحد الماضي. مهرجان لا زالت وستبقى مسيرته عبر مختلف دوراته خالدة في الذاكرة وراسخة في الوجدان، اعتباراً للخصوصية التي دأب عليها في عروضه ذات الطابع الطربي الأصيل، وهذا الحضور الكبير للأناشيد والموسيقى الصوفية.
مهرجان إتقان «فن الإنصات»
سنة 1984، بادر عدد من مثقفي تونس العاصمة تحت إشراف الأستاذ المختار الرصاع بإحداث مهرجان هو مهرجان المدينة، واضطلعت الجمعية الثقافية لمدينة تونس التابعة لبلديتها بتمويله ودعمه المادي والأدبي. فتتالت الدورات إلى هذا اليوم ليكسب رهان «إتقان فن الإنصات» والعمل على اكتشاف المواهب الصاعدة في الغناء والموسيقى، وهما الخصوصيتان الأساسيتان اللتان يرتكز عليهما مهرجان مدينة تونس في جل دوراته.
كسب المهرجان رهان فسح المجال للعديد من الأصوات الفنية بطابعها الطربي. أصوات انطلقت من مهرجان المدينة لتحلق في الأفق الرحب تأسيساً وتأثيثاً لمسيرة إبداعية لها حضورها المؤثر في المدونة الإبداعية التونسية. ومن هذه الأسماء على سبيل الذكر لا الحصر: غالية بن علي التي ستجدد العهد في دورة رمضان هذا العام مع جمهور مهرجان المدينة في سهرة الافتتاح، وفيصل الرياحي الذي أعد سهرة خاصة بمئوية محمد عبد الوهاب، ونورة أمين التي تعد – حسب النقاد والمتابعين لمسيرتها الغنائية – تلميذة متميزة في مدرسة الملحن العربي الخالد زكريا أحمد فقد عرفت بإتقانها أداء ألحانه بحرفية عالية وانصهار كلي فيها، ونورالدين بن عائشة المعروف بأداء أغاني إبراهيم حمودة ومحمد عبد المطلب، والزين الحداد التلميذ المتميز في مدرسة الرشيدية، وليلى حجيج التي اكتشفها عازف العود الراحل علي السريتي وعباس المقدم مؤسس «جمعية أحباء محمد عبد الوهاب»، وقد دأب على امتداد سنوات طويلة على إحياء سهرات طربية عربية يقدم خلالها روائع عبد الوهاب بدرجة أولى، ونبيهة كراولي والتي كانت انطلاقتها من مهرجان المدينة مع الملحن والعازف أنور براهم، ثم كانت تجربتها المتميزة مع سمير الشيشتي وعرض «القنطرة»، الذي كان محطة انطلاقها على أسس ثابتة وقوية في عالم الفن والموسيقى.
موسيقات عالمية
وفتح المهرجان نافذة أيضاً على الموسيقات العالمية من خلال عروض لفرق من كافة أنحاء العالم فيما يتعلق بالأغاني الدينية أو الروحانية، على غرار فرقة الأوبرا المصرية وفرق القدود الحلبيّة من سوريا ومن الهند والباكستان وتركيا، ولا ننسى في هذا المجال أيضاً الحضور الفاعل للراحل اللبناني الكبير منصور رحباني بعرض «ملوك الطوائف» والفنان المغربي فؤاد زبادي وعبد الهادي بلخياط والفنانة هبة القواس وغيرهم كثير.
لقد أسس مهرجان المدينة بتونس على امتداد دوراته تقليداً كان له أثر كبير وخلق ما يشبه الأنموذج الذي تشكّلت وفقه مهرجانات عديدة مماثلة في كل المدن التونسية تقريباً.
وسعت بعض مهرجانات المدينة داخل البلاد لتنويع عروضها الإبداعية في رمضان من خلال تنظيم سهرات للفداوي أو الحكواتي على الطريقة التونسية، وهو صنف من الفرجة كان يبرمج في مقاهي المغنى، كما بادرت بتنظيم سهرات حكي في التاريخ والتراث، يقبل عليها جمهور وفير ويستسيغها لما تستعرضه من أمجاد الثقافة الإسلامية ومن مآثر أبطالها ورموزها.