إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

اللقاح تحول إلى «وقود» للصراع السياسي

 

تونس-الصباح

في الوقت الذي اشتد فيه التنافس الديبلوماسي والسياسي لجلب التلاقيح وإنقاذ ما تبقى من حياة التونسيين بعد التدخل الصحي القطري والتركي والاماراتي والجزائري والسعودي والمصري فانه لا احد قادر على إنكار المنافسة الخليجية الخليجية الحاصلة في هذا السياق.

واذ حصدت تونس نتيجة علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة حصادا ممتازا فان ذلك لم يفت عموم المتابعين من التأكيد على أن التحركات الحاصلة هي نتيجة ديبلوماسية مباشرة لرئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وهو ما وسع من دائرة المتدخلين والمساهمين.

وكشفت تحركات الرجلين حقيقة لا يمكن إنكارها، أن كلاهما واقع تحت تأثير الاستقطاب الخليجي خليجي رغم المصالحة الواقعة هناك، واذ كان تدخل بعض الدول بشكل سريع لفائدة الشعب التونسي الأعزل في مواجهته لكورونا فان ذلك لا يعفي حجم المزايدات الحاصلة والتنافس الواقع لإثبات أنها الأقوى والأكثر تأثيرا على تونس.

ولئن ظهر بعض التنافس فان دولا اخرى خيرت المساهمة في صمت وبعيدا عن الاثارة وعدسات التصوير على غرار الكويت والجزائر والمغرب التي تدخلت لفائدة التونسيين دون حسابات لفائدة اي طرف في الحكم.

وفي واقع الامر لم تكن الامدادات العربية بعيدة عن أعين المتابعين للشأن العام الوطني والذين رصدوا حجم التدخلات التي تراوحت بين مستشفيات عسكرية وتلاقيح ضد كورونا إضافة إلى الأوكسجين الجزائري ومساعدات طبية قيمة جدا حسب توصيف المختصين في هذا المجال كما رصدوا حجم البروبغندا التي انتهجتها رئاسة الجمهورية والترويج السياسي الحاد لذلك.

وقد اشتغلت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية ومستشارو الرئيس بكثافة للترويج لقيس سعيد وتدخلاته وكانه في حملة انتخابية مستعملة معجما لغويا لإثبات أسبقية الرئيس في سباقه ضد خصومه السياسيين واساسا راشد الغنوشي.

واعتبر وليد الحجام الملحق بالدائرة الدبلوماسية برئاسة الجمهورية امس على أمواج إذاعة "موزاييك اف ام"، أنّ رئاسة الجمهورية لم تتأخر في لعب دورها الدبلوماسي لجب التلاقيح في شكل هبات ومساعدات.

وأوضح أنّ يوم 5 جويلية تقرّر تكثيف عمل رئاسة الجمهورية على المستوى الدبلوماسي وكان ذلك، وفي ظرف 9 أيام فقط وبعد تدخّل رئيس الجمهورية وصلت عديد المساعدات من دول صديقة وشقيقة، تتمثل في ثلاثة ملايين جرعة تلقيح والعديد من المعدات والتجهيزات الطبية.

وحاول الحجام ان يقدم قيس سعيد على انه المنقذ والحال ان دوره كان يمكن ان يكون طبيعيا في حال كان الوضع السياسي عاديا، وقال ضيف الاذاعة ''دور رئيس الجمهورية يكون عادة لدعم الإجراءات التي تتخذ على المستوى الوطني، وهناك هياكل مهتمة بالشأن الحكومي والصحي ومن المفروض أن تكون اتصالات رئيس الجمهورية لتدعيم الجهد الوطني بمعنى أنّ الجرعات التي وصلت تونس كان يجب أن تكون للتعزيز لا تكون هي الأصل".

وختم المتدخل أنّه ''عندما انتفى التشويش على العمل الدبلوماسي لرئاسة الجمهورية كانت النتيجة جيدة''، وفق تقديره.

واذ يقدر الجميع الادوار المتقدمة للرؤساء الثلاثة في جلب اللقاحات والمعونات الطبية فان ذلك لا يمنع القول ان بعض التدخلات كانت في اطار المنافسة.

فبعد رسالة التي نشرها رئيس البرلمان على صفحته الرسمية شكر من خلالها الجزائر على تمكينها تونس من الاوكسجين سارع رئيس الجمهورية لنفي كل الأدوار والتأكيد انه هو من كان وراء الهبة الجزائرية خاصة بعد حلول طائرتين محمّلتين بــ 250 ألف جرعة من التلاقيح ومعدات طبية متنوّعة لمواجهة جائحة كوفيد-19 ممنوحة من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

ونشرت الرئاسة "وتندرج هذه المبادرة النبيلة في إطار تجسيد ما تمّ الاتفاق بشأنه في المحادثة الهاتفية التي جمعت رئيس الجمهورية قيس سعيّد بفخامة الرئيس عبد المجيد تبوّن ".

اما بخصوص المساعدات الامارتية والمصرية السعودية فقد روجت رئاسة الجمهورية على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "تجسيدا للمحادثة الهاتفية التي جمعت رئيس الجمهورية قيس سعيّد بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، حلّت الثلاثاء 13 جويلية 2021 بمطار تونس قرطاج الدولي طائرة محمّلة بــ 500 ألف جرعة من التلاقيح ممنوحة من دولة الإمارات إلى بلادنا."

كما نشرت الصفحة أول أمس "تجسيدا للمحادثة الهاتفية التي جمعت رئيس الجمهورية قيس سعيّد، بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية، استقبل رئيس الدولة، سفير المملكة العربية السعودية بتونس، الذي كان محمّلا برسالة شفوية من حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز."

ولعل الطريف في كل هذا ان الرئاسة لم تشر لا من بعيد ولا قريب للمساعدات القطرية التي اذن بها امير دولة قطر تميم بن حمد آل الثاني والمتمثلة اساسا في مستشفى ميداني و200 سرير مجهز بجميع المستلزمات الطبية، بالإضافة إلى 100 جهاز تنفس اصطناعي وقد اكتفى السفير القطري سعد ناصر الحميدي خلال لقائه برئيس الحكومة التونسية هشام مشّيشي ببلاغ يتيم على صفحة رئاسة الحكومة.

ورغم مساعداتها الانسانية والصحية فلم تحظ مثلا دولة الكويت وكوريا الجنوبية والمملكة المغربية والحكومة الصينية باي بروبغندا على الصفحات القريبة من قيس سعيد او غيرها.

خليل الحناشي

اللقاح تحول إلى «وقود» للصراع السياسي

 

تونس-الصباح

في الوقت الذي اشتد فيه التنافس الديبلوماسي والسياسي لجلب التلاقيح وإنقاذ ما تبقى من حياة التونسيين بعد التدخل الصحي القطري والتركي والاماراتي والجزائري والسعودي والمصري فانه لا احد قادر على إنكار المنافسة الخليجية الخليجية الحاصلة في هذا السياق.

واذ حصدت تونس نتيجة علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة حصادا ممتازا فان ذلك لم يفت عموم المتابعين من التأكيد على أن التحركات الحاصلة هي نتيجة ديبلوماسية مباشرة لرئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وهو ما وسع من دائرة المتدخلين والمساهمين.

وكشفت تحركات الرجلين حقيقة لا يمكن إنكارها، أن كلاهما واقع تحت تأثير الاستقطاب الخليجي خليجي رغم المصالحة الواقعة هناك، واذ كان تدخل بعض الدول بشكل سريع لفائدة الشعب التونسي الأعزل في مواجهته لكورونا فان ذلك لا يعفي حجم المزايدات الحاصلة والتنافس الواقع لإثبات أنها الأقوى والأكثر تأثيرا على تونس.

ولئن ظهر بعض التنافس فان دولا اخرى خيرت المساهمة في صمت وبعيدا عن الاثارة وعدسات التصوير على غرار الكويت والجزائر والمغرب التي تدخلت لفائدة التونسيين دون حسابات لفائدة اي طرف في الحكم.

وفي واقع الامر لم تكن الامدادات العربية بعيدة عن أعين المتابعين للشأن العام الوطني والذين رصدوا حجم التدخلات التي تراوحت بين مستشفيات عسكرية وتلاقيح ضد كورونا إضافة إلى الأوكسجين الجزائري ومساعدات طبية قيمة جدا حسب توصيف المختصين في هذا المجال كما رصدوا حجم البروبغندا التي انتهجتها رئاسة الجمهورية والترويج السياسي الحاد لذلك.

وقد اشتغلت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية ومستشارو الرئيس بكثافة للترويج لقيس سعيد وتدخلاته وكانه في حملة انتخابية مستعملة معجما لغويا لإثبات أسبقية الرئيس في سباقه ضد خصومه السياسيين واساسا راشد الغنوشي.

واعتبر وليد الحجام الملحق بالدائرة الدبلوماسية برئاسة الجمهورية امس على أمواج إذاعة "موزاييك اف ام"، أنّ رئاسة الجمهورية لم تتأخر في لعب دورها الدبلوماسي لجب التلاقيح في شكل هبات ومساعدات.

وأوضح أنّ يوم 5 جويلية تقرّر تكثيف عمل رئاسة الجمهورية على المستوى الدبلوماسي وكان ذلك، وفي ظرف 9 أيام فقط وبعد تدخّل رئيس الجمهورية وصلت عديد المساعدات من دول صديقة وشقيقة، تتمثل في ثلاثة ملايين جرعة تلقيح والعديد من المعدات والتجهيزات الطبية.

وحاول الحجام ان يقدم قيس سعيد على انه المنقذ والحال ان دوره كان يمكن ان يكون طبيعيا في حال كان الوضع السياسي عاديا، وقال ضيف الاذاعة ''دور رئيس الجمهورية يكون عادة لدعم الإجراءات التي تتخذ على المستوى الوطني، وهناك هياكل مهتمة بالشأن الحكومي والصحي ومن المفروض أن تكون اتصالات رئيس الجمهورية لتدعيم الجهد الوطني بمعنى أنّ الجرعات التي وصلت تونس كان يجب أن تكون للتعزيز لا تكون هي الأصل".

وختم المتدخل أنّه ''عندما انتفى التشويش على العمل الدبلوماسي لرئاسة الجمهورية كانت النتيجة جيدة''، وفق تقديره.

واذ يقدر الجميع الادوار المتقدمة للرؤساء الثلاثة في جلب اللقاحات والمعونات الطبية فان ذلك لا يمنع القول ان بعض التدخلات كانت في اطار المنافسة.

فبعد رسالة التي نشرها رئيس البرلمان على صفحته الرسمية شكر من خلالها الجزائر على تمكينها تونس من الاوكسجين سارع رئيس الجمهورية لنفي كل الأدوار والتأكيد انه هو من كان وراء الهبة الجزائرية خاصة بعد حلول طائرتين محمّلتين بــ 250 ألف جرعة من التلاقيح ومعدات طبية متنوّعة لمواجهة جائحة كوفيد-19 ممنوحة من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

ونشرت الرئاسة "وتندرج هذه المبادرة النبيلة في إطار تجسيد ما تمّ الاتفاق بشأنه في المحادثة الهاتفية التي جمعت رئيس الجمهورية قيس سعيّد بفخامة الرئيس عبد المجيد تبوّن ".

اما بخصوص المساعدات الامارتية والمصرية السعودية فقد روجت رئاسة الجمهورية على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "تجسيدا للمحادثة الهاتفية التي جمعت رئيس الجمهورية قيس سعيّد بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، حلّت الثلاثاء 13 جويلية 2021 بمطار تونس قرطاج الدولي طائرة محمّلة بــ 500 ألف جرعة من التلاقيح ممنوحة من دولة الإمارات إلى بلادنا."

كما نشرت الصفحة أول أمس "تجسيدا للمحادثة الهاتفية التي جمعت رئيس الجمهورية قيس سعيّد، بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية، استقبل رئيس الدولة، سفير المملكة العربية السعودية بتونس، الذي كان محمّلا برسالة شفوية من حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز."

ولعل الطريف في كل هذا ان الرئاسة لم تشر لا من بعيد ولا قريب للمساعدات القطرية التي اذن بها امير دولة قطر تميم بن حمد آل الثاني والمتمثلة اساسا في مستشفى ميداني و200 سرير مجهز بجميع المستلزمات الطبية، بالإضافة إلى 100 جهاز تنفس اصطناعي وقد اكتفى السفير القطري سعد ناصر الحميدي خلال لقائه برئيس الحكومة التونسية هشام مشّيشي ببلاغ يتيم على صفحة رئاسة الحكومة.

ورغم مساعداتها الانسانية والصحية فلم تحظ مثلا دولة الكويت وكوريا الجنوبية والمملكة المغربية والحكومة الصينية باي بروبغندا على الصفحات القريبة من قيس سعيد او غيرها.

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews