إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التمرد على الإجراءات الصحية متواصل.. الأحزاب والمنظمات الكبرى و"الرؤساء" في "قفص الاتهام"

تونس-الصباح

134 وفاة سجلتها تونس في أربع وعشرين ساعة في آخر تحيين للمعطيات المتعلقة بجائحة كورونا في تونس، والخاصة بتاريخ 6 جويلية 2021. هذا الوضع الصحي الكارثي وسط تتالى نداءات استغاثة من المستشفيات التي تجاوزت طاقة استيعابها بكثير ومنذ زمن، ومع فرض إجراءات الحجر الصحي الشامل والحجر الصحي الموجه، لا يمكن أن نتخيل مثلا أن يتنقل مسؤولون لتأدية واجب العزاء أو أن يصر اتحاد الشغل على تنظيم مؤتمره، كأننا لسنا في نفس المركب.

أو لعلنا فعلا لسنا في نفس المركب، يبدو أن هنالك سفينة خاصة بالمسؤولين وبقيادة مؤسسات الدولة والمنظمات القوية وبالأحزاب، ومركب لبقية الشعب. هاهو رئيس الجمهورية يتنقل من ولاية يفرض فيها الحجر الصحي الموجه إلى ولاية باجة التي يفرض فيها الحجر الصحي الشامل ليقدم واجب العزاء للأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل إثر وفاة والده. رئيس الحكومة هشام مشيشي قدم أيضا واجب التعازي للطبوبي. هل يسمح لبقية المواطنين التنقل بين ولايات الجمهورية لتقديم واجب العزاء؟

يتنقل مسؤولون حاليون وسابقون لحضور جنازة والد الأمين العام لاتحاد الشغل، وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي ووزير المالية علي الكعلي ووزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي ووالي الكاف مختار النفزي ووالي باجة محسن معز الميلي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول. هل يحق لبقية المواطنين حضور مواكب الدفن في الولايات التي يفرض فيها حجر صحي؟

في سوسة حيث أعلنت الولاية، في غرة جويلية، فرض الحجر الصحي الشامل بكامل المعتمديات من 4 إلى 11 جويلية 2021، وحيث تقرر محكمة سوسة منع أشغال مؤتمر اتحاد الشغل، تنطلق أشغاله كما قرر الاتحاد. بل إن أمين عام الاتحاد يقول إن الحل الوحيد للخروج من الأزمة يكمن في التلاقيح متسائلا "من المسؤول على هذا الوضع الصحي؟ الحل الوحيد لسلامة الناس هي التلاقيح وغير ذلك هو مجرد كلام إنشائي." هل يحق للمواطنين أن يحضروا الأعراس والمناسبات في الحجر الصحي متذرعين بأن التلقيح هو الحل، وغير ذلك ليس بناجع؟

أخطاء متكررة

الكيل بمكيالين ليس جديدا طبعا، ولكن خُيل إلينا أن خطورة الوضع الوبائي اليوم قد يُقلصه. في الثاني عشر من ماي الماضي وفي خضم حجر صحي شامل في كامل أنحاء الجمهورية، حضر موكب تأبين عضو مجلس نواب الشعب مختار اللموشي رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وقيادات من الحركة مثل عبد اللطيف المكي والصحبي عتيق ورئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني وغيرهم، مع أن تنظيم موكب دفن لشخص توفي بسبب فيروس كورونا ممنوع.

قبلها "مسيرة الثبات ودعم المؤسسات" التي حشدت أنصار حركة النهضة بالعاصمة في فيفري الماضي والمسيرة الموازية لحزب العمال، أو المسيرات التي نظمها الحزب الدستوري الحر على سبيل المثال.

"الحلال بيّن والحرام بيّن"

"حلال" على المسؤولين والنافذين حضور الجنازات وتنظيم المؤتمرات والخروج في مظاهرات و"حرام" على المواطنين الحضور في الأعراس والجنازات والذهاب إلى الشاطئ أو الاحتفال بالنجاح. يذكرنا ذلك بالسؤال الإنكاري الذي طرحته الناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان في إحدى الندوات الصحفية لإعلان إجراءات في مواجهة كورونا، عندما تساءلت لماذا لا يحترم المواطنون البروتوكول الصحي؟ وهنا يبدو أن الإجابة واضحة وجلية ولكن يبدو أن الحكومة ورئاسة الجمهورية والبرلمان واتحاد الشغل والأحزاب يرون أخطاء المواطن بوضوح ولا يرون أبدا أخطاءهم.

كل ذلك يجعلنا لا نستغرب صور الأعراس المكتظة أو الصور التي تداولت أمس لنقطة بيع مواش في دوز حيث الاكتظاظ وغياب التباعد الجسدي وندرة مرتدي الكمامة ..أو قبلها احتفالات جماهير النادي الصفاقسي وغيرها..ولكن في ظل تخلي المسؤولين عن "مسؤولياتهم" وعن أن يكونوا قدوة حقيقية، لا حل أمام المواطنين إلا أن يتحلوا هم بالعقلانية والمسؤولية وأن يحافظوا على أنفسهم، وألا يقتدوا بهذه الممارسات، لأنه عندما يمرض المسؤولون لا يذهبون إلى المستشفيات المنهكة ولا يبحثون عن الأكسجين على فايسبوك.

أروى الكعلي

التمرد على الإجراءات الصحية متواصل.. الأحزاب والمنظمات الكبرى و"الرؤساء" في "قفص الاتهام"

تونس-الصباح

134 وفاة سجلتها تونس في أربع وعشرين ساعة في آخر تحيين للمعطيات المتعلقة بجائحة كورونا في تونس، والخاصة بتاريخ 6 جويلية 2021. هذا الوضع الصحي الكارثي وسط تتالى نداءات استغاثة من المستشفيات التي تجاوزت طاقة استيعابها بكثير ومنذ زمن، ومع فرض إجراءات الحجر الصحي الشامل والحجر الصحي الموجه، لا يمكن أن نتخيل مثلا أن يتنقل مسؤولون لتأدية واجب العزاء أو أن يصر اتحاد الشغل على تنظيم مؤتمره، كأننا لسنا في نفس المركب.

أو لعلنا فعلا لسنا في نفس المركب، يبدو أن هنالك سفينة خاصة بالمسؤولين وبقيادة مؤسسات الدولة والمنظمات القوية وبالأحزاب، ومركب لبقية الشعب. هاهو رئيس الجمهورية يتنقل من ولاية يفرض فيها الحجر الصحي الموجه إلى ولاية باجة التي يفرض فيها الحجر الصحي الشامل ليقدم واجب العزاء للأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل إثر وفاة والده. رئيس الحكومة هشام مشيشي قدم أيضا واجب التعازي للطبوبي. هل يسمح لبقية المواطنين التنقل بين ولايات الجمهورية لتقديم واجب العزاء؟

يتنقل مسؤولون حاليون وسابقون لحضور جنازة والد الأمين العام لاتحاد الشغل، وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي ووزير المالية علي الكعلي ووزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي ووالي الكاف مختار النفزي ووالي باجة محسن معز الميلي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول. هل يحق لبقية المواطنين حضور مواكب الدفن في الولايات التي يفرض فيها حجر صحي؟

في سوسة حيث أعلنت الولاية، في غرة جويلية، فرض الحجر الصحي الشامل بكامل المعتمديات من 4 إلى 11 جويلية 2021، وحيث تقرر محكمة سوسة منع أشغال مؤتمر اتحاد الشغل، تنطلق أشغاله كما قرر الاتحاد. بل إن أمين عام الاتحاد يقول إن الحل الوحيد للخروج من الأزمة يكمن في التلاقيح متسائلا "من المسؤول على هذا الوضع الصحي؟ الحل الوحيد لسلامة الناس هي التلاقيح وغير ذلك هو مجرد كلام إنشائي." هل يحق للمواطنين أن يحضروا الأعراس والمناسبات في الحجر الصحي متذرعين بأن التلقيح هو الحل، وغير ذلك ليس بناجع؟

أخطاء متكررة

الكيل بمكيالين ليس جديدا طبعا، ولكن خُيل إلينا أن خطورة الوضع الوبائي اليوم قد يُقلصه. في الثاني عشر من ماي الماضي وفي خضم حجر صحي شامل في كامل أنحاء الجمهورية، حضر موكب تأبين عضو مجلس نواب الشعب مختار اللموشي رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وقيادات من الحركة مثل عبد اللطيف المكي والصحبي عتيق ورئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني وغيرهم، مع أن تنظيم موكب دفن لشخص توفي بسبب فيروس كورونا ممنوع.

قبلها "مسيرة الثبات ودعم المؤسسات" التي حشدت أنصار حركة النهضة بالعاصمة في فيفري الماضي والمسيرة الموازية لحزب العمال، أو المسيرات التي نظمها الحزب الدستوري الحر على سبيل المثال.

"الحلال بيّن والحرام بيّن"

"حلال" على المسؤولين والنافذين حضور الجنازات وتنظيم المؤتمرات والخروج في مظاهرات و"حرام" على المواطنين الحضور في الأعراس والجنازات والذهاب إلى الشاطئ أو الاحتفال بالنجاح. يذكرنا ذلك بالسؤال الإنكاري الذي طرحته الناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان في إحدى الندوات الصحفية لإعلان إجراءات في مواجهة كورونا، عندما تساءلت لماذا لا يحترم المواطنون البروتوكول الصحي؟ وهنا يبدو أن الإجابة واضحة وجلية ولكن يبدو أن الحكومة ورئاسة الجمهورية والبرلمان واتحاد الشغل والأحزاب يرون أخطاء المواطن بوضوح ولا يرون أبدا أخطاءهم.

كل ذلك يجعلنا لا نستغرب صور الأعراس المكتظة أو الصور التي تداولت أمس لنقطة بيع مواش في دوز حيث الاكتظاظ وغياب التباعد الجسدي وندرة مرتدي الكمامة ..أو قبلها احتفالات جماهير النادي الصفاقسي وغيرها..ولكن في ظل تخلي المسؤولين عن "مسؤولياتهم" وعن أن يكونوا قدوة حقيقية، لا حل أمام المواطنين إلا أن يتحلوا هم بالعقلانية والمسؤولية وأن يحافظوا على أنفسهم، وألا يقتدوا بهذه الممارسات، لأنه عندما يمرض المسؤولون لا يذهبون إلى المستشفيات المنهكة ولا يبحثون عن الأكسجين على فايسبوك.

أروى الكعلي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews