ظهرت النوايا وزال الغموض حول فحوى الزيارة الأخيرة الذي قام بها رئيس الحكومة هشام مشيشي إلى قطر، بعد المصادقة البرلمانية، منذ أيام، على اتفاقية المقر مع صندوق قطر للتنمية، التي ما زالت تثير ردود فعل عاصفة من المعارضة البرلمانية وحتى المنظمات الوطنية..
ففي زيارته الأخيرة، الى قطر، فاجأ رئيس الحكومة، هشام مشيشي، الرأي العام في تونس بتصريح غريب لصحيفة »لوسيل «القطرية قال فيه حرفيا: »في مسألة رفع التراخيص بالنسبة لتمليك المستثمرين، هناك حتى تفكير في تسهيل التراخيص للاستثمار في الأراضي الدولية خاصة أن لدى دولة قطر اهتماما كبيرا بالجانب الزراعي « مضيفا أن: »تونس تستحوذ على مجموعة من الأراضي الدولية الكبرى والخصبة ونحن مستعدون ان نضعها على ذمة المستثمر القطري مع تقديم التسهيلات ! « ..
وقتها، استغرب المتابعون للشأن العام تصريح مشيشي، حول ما إذا كان رئيس الحكومة مطلعا على التشريعات الوطنية التي تمنع كليا تمليك الأراضي الزراعية للأجانب، الا أن اتفاقية المقر التي صادق عليها مجلس نواب الشعب في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء الماضي والمتعلقة بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية، بموافقة 122 نائبا وسط أجواء مشحونة بلغت العنف الجسدي، تؤكد أن رئيس الحكومة كان يقصد ما صرح به في الدوحة، وان الاطار التشريعي الذي يسمح بتمليك الأجانب وبالأساس القطريين، تم وضعه في هذه الاتفاقية التي تراها العديد من الأحزاب والشخصيات السياسية والمنظمات الوطنية، ضربا للسيادة الوطنية، وأنها شكل من أشكال الاستعمار غير المباشر.
كيف تفاعلت القوى السياسية والوطنية مع هذه الاتفاقية، وما هو فحواها وكيف تخرق السيادة الوطنية، وماذا ستستفيد الدولة وستخسر جراء هذه اتفاقية التي لم تثر اتفاقية أخرى الجدل الذي أثارته؟ كل هذه الأسئلة سنجيب عليها تباعا وفي الإجابة حقائق خطيرة ومثيرة يجب أن نتوقف عندها.
اتفاقية منذ زمن يوسف الشاهد..
نفى النائب مبروك كورشيد الذي قدم استقالته من مكتب مجلس نواب الشعب على خلفية أزمة الاتفاقية مع صندوق قطر للتنمية، أن يكون تم ابرام هذه الاتفاقية عندما كان وزيرا لأملاك الدولة أو أن تكون حكومة الوحدة الوطنية التي كان فيها قد صادقت على هذه الاتفاقية، معتبرا أن ما تم ترويجه هو خبر زائف ومظلل، قائلا : "هذه الاتفاقية تم تقديمها من وزير التنمية والتعاون الدولي الأسبق زياد العذاري وتم رفضها في مرحلة أولى في 2018" ويضيف كورشيد أنه بعد أن تحولت الحكومة من حكومة وحدة وطنية الى حكومة يوسف الشاهد وحركة النهضة، عادت هذه الاتفاقية من جديد وتمت المصادقة عليها.
وأكد مبروك كورشيد أن المصادقة على هذه الاتفاقية تمت في 12 ديسمبر 2019، أي أياما قليلة قبل مغادرة حكومة يوسف الشاهد للقصبة وبعد 6 أشهر من تاريخ توقيعها من وزير الاستثمار والتعاون الدولي، زياد العذاري في 12 جوان 2019، ولكن هذه الاتفاقية لم تصل إلى البرلمان الا بتاريخ 28 جانفي 2020، وذلك قبل أيام من نيل حكومة الياس الفخفاخ لثقة البرلمان.
وهذه الاتفاقية التي يصفها مبروك كورشيد بــ"الاتفاقية المشؤومة" يقول انها تضمنت أخطاء قانونية كثيرة منها أنه لا يمكن تصنيفها على كونها معاهدة وفق التعريف الدولي للمعاهدات حيث انها التزام بين دولتين وهو ما لم يحصل في هذه الاتفاقية التي التزمت فيها الدولة التونسية مع صندوق قطر للتنمية، كما يرى كورشيد أنها خالفت القانون التونسي الذي يمنع أن يقوم مستثمر أجنبي بامتلاك أراض فلاحية وهو ما تسمح به الاتفاقية، التي تسمح كذلك لمكتب الصندوق ببيع وشراء هذه الأراضي الفلاحية، كما أشار كورشيد أن قانون الاستثمار التونسي يفرض شروطا للعمالة الأجنبية حيث يسمح في الثلاث سنوات الأولى من انتصاب الاستثمارات الأجنبية في تونس أن تكون نسبة العمالة الأجنبية في حدود 30 بالمائة تنخفض إلى 10 بالمائة في السنة الرابعة وكان الهدف من ذلك هو فرض انتداب العمالة التونسية من كوادر وموظفين..
ولكن اتفاقية كما يقول عنها كورشيد تفرض جلب الموظفين والمستشارين والتابعين من ذوي جنسيات أجنبية، منددا باستعمال كلمة التابعين في اتفاقية تونس طرفا فيها، لأن المقصود بالتابعين هم أشخاص يستغلون كعبيد.
كما تلتزم الدولة التونسية وفق هذه الاتفاقية بألا تعيق بشكل مباشر أو غير مباشر المشاريع التي يساهم الصندوق في تمويلها، حيث إن تونس تفقد حق رفض أي مستثمر يجلبه الصندوق.. وتبقى أخطر النقاط التي أشار اليها مبروك كورشيد هو أن القضاء التونسي يفقد ولايته في هذه القضية حيث توكل مسألة فض النزاعات بين الدولة التونسية وصندوق قطر للتنمية الى القنوات الديبلوماسية بعيدا عن اختصاص ورقابة القضاء التونسي!
الاتحاد: اتفاقية لتبييض الأموال! ؟
من بين المنظمات التي عبرت عن رفضها صراحة لهذه الاتفاقية، نجد اتحاد الشغل، حيث دعت الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشّغل، إلى إسقاط القانون المخصّص لما »يسمّى بالصندوق القطري للتنمية «كما اعتبرت ان هذه الاتفاقية غير دستورية، لكونها »ضرب لمصالح تونس « معتبرة أنها »رهن للبلاد واستباحة لسيادتها وفرصة لتعميق ظاهرة تبييض الأموال « .
وأكدت الهيئة الإدارية في بيان لها عقب اجتماعها، يوم الجمعة الماضية ، برئاسة الأمين العام لاتحاد الشغل، نورالدين الطبوبي، أنها »ستتصدّى لهذا القانون على أرض الواقع « منددة بالمصادقة عليه.
كما أدان أعضاء الهيئة الإدارية، بشدّة العنف المادّي واللفظي الذي مارسته من أسمتها بـ »كتلة الإرهاب « في إشارة إلى كتلة ائتلاف الكرامة تحت قبّة البرلمان »ضدّ النائب رئيسة كتلة الدستوري الحر،ّ وضدّ كلًّ من يخالفهم الرأي، خالقين بذلك جوّا من الرعب والترهيب، محتمين بالحصانة البرلمانية، مما زاد في تعميق أزمة البرلمان وعطالته وسوء إدارته وبؤس المشهد السياسي الذي تكرّسه”، على حد نص البيان، الذي طالب "بتطبيق القانون على المعتدين".
الطعن في الاتفاقية..
بعد المصادقة على اتفاقية إحداث مقر لصندوق قطر للتنمية بتونس، بـ122 نائبا في جلسة عامة، شهدت وقائع غير مسبوقة بلغت حد العنف الجسدي بالصفع والركل الواقع على النائبة عبير موسي، من طرف النائبين الصحبي صمارة وسيف الدين مخلوف، عبر عدد من الكتل عن اعتزامه الطعن في دستورية مشروع قانون الاتفاقية، أمام الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القانون والتي يرأسها اليوم الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد، الملاحق بشبهات فساد مالي.. وهذه الكتل هي الكتلة الوطنية والكتلة الديمقراطية وكتلة تحيا تونس رغم ان أحد أبرز مؤسسي الحزب وهو يوسف الشاهد هو المسؤول على قبول هذه الاتفاقية عندما كان رئيس حكومة.. ويتعلق هذا الطعن بمصادقة البرلمان على مشروع هذا القانون.
وقد صرح النائب عن الكتلة الديمقراطية نعمان العش أن الطعن في دستورية مشاريع القوانين التي تصادق عليها الجلسة العامة سيشمل فقط المشاريع التي يوجد بها مطاعن كمشروع القانون المتعلّق بالموافقة على اتفاقية المقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس، مؤكدا أنه وخلافا لما حملته الاتفاقية من مخالفات قانونية والتي يعملون على صياغتها في عريضة الطعن للتقدم بها للهيئة الوقتية لدستورية مشاريع القوانين، فان عرض مشروع القانون على الجلسة العامة، صاحبته، عدة إخلالات إجرائية.
وفي تعليقه على هذه الاتفاقية أكد أستاذ القانون الدولي والوزير السابق، الصادق شعبان أن هذه الاتفاقية يجب أن توقع بين الدولتين، تونس وقطر، وليس بين تونس ووكالة عمومية وطنية (الصندوق) مهما كانت منافعه لأنه لما توقع دولة مع مؤسسة عمومية أجنبية لا يسمى العقد اتفاقية دولية، او معاهدة، ولا يجوز له الاستثناء من التشريع (منح إعفاءات وامتيازات) ولا يعرض على البرلمان للمصادقة..
كما أشار شعبان أنه لا يمكن أن تعطى للصندوق حصانة قضائية وإنما يخضع للقضاء الوطني، مع إمكانية عرض الخلافات ذات الطابع التجاري دون سواها على التحكيم، كما لا يجوز أن تلتزم الدولة بمقتضى الاتفاقية بحماية أمنية خاصة للصندوق المقر والموظفين، وإنما تتمتع بالحماية حسب الإجراءات المعمول بها في الدولة لمؤسسات مماثلة، كما لا يجوز أن تنص الاتفاقية ان على الدولة عدم إصدار تشريعات او اتخاذ تدابير تضر بالصندوق (الفصل 7 فقرة 10) فليس للصندوق ولا لقطر مصادرة حق تونس في تغيير تشريعاتها وإنما للصندوق حق التعويض فقط.
منية العرفاوي
تونس- الصباح
ظهرت النوايا وزال الغموض حول فحوى الزيارة الأخيرة الذي قام بها رئيس الحكومة هشام مشيشي إلى قطر، بعد المصادقة البرلمانية، منذ أيام، على اتفاقية المقر مع صندوق قطر للتنمية، التي ما زالت تثير ردود فعل عاصفة من المعارضة البرلمانية وحتى المنظمات الوطنية..
ففي زيارته الأخيرة، الى قطر، فاجأ رئيس الحكومة، هشام مشيشي، الرأي العام في تونس بتصريح غريب لصحيفة »لوسيل «القطرية قال فيه حرفيا: »في مسألة رفع التراخيص بالنسبة لتمليك المستثمرين، هناك حتى تفكير في تسهيل التراخيص للاستثمار في الأراضي الدولية خاصة أن لدى دولة قطر اهتماما كبيرا بالجانب الزراعي « مضيفا أن: »تونس تستحوذ على مجموعة من الأراضي الدولية الكبرى والخصبة ونحن مستعدون ان نضعها على ذمة المستثمر القطري مع تقديم التسهيلات ! « ..
وقتها، استغرب المتابعون للشأن العام تصريح مشيشي، حول ما إذا كان رئيس الحكومة مطلعا على التشريعات الوطنية التي تمنع كليا تمليك الأراضي الزراعية للأجانب، الا أن اتفاقية المقر التي صادق عليها مجلس نواب الشعب في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء الماضي والمتعلقة بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية، بموافقة 122 نائبا وسط أجواء مشحونة بلغت العنف الجسدي، تؤكد أن رئيس الحكومة كان يقصد ما صرح به في الدوحة، وان الاطار التشريعي الذي يسمح بتمليك الأجانب وبالأساس القطريين، تم وضعه في هذه الاتفاقية التي تراها العديد من الأحزاب والشخصيات السياسية والمنظمات الوطنية، ضربا للسيادة الوطنية، وأنها شكل من أشكال الاستعمار غير المباشر.
كيف تفاعلت القوى السياسية والوطنية مع هذه الاتفاقية، وما هو فحواها وكيف تخرق السيادة الوطنية، وماذا ستستفيد الدولة وستخسر جراء هذه اتفاقية التي لم تثر اتفاقية أخرى الجدل الذي أثارته؟ كل هذه الأسئلة سنجيب عليها تباعا وفي الإجابة حقائق خطيرة ومثيرة يجب أن نتوقف عندها.
اتفاقية منذ زمن يوسف الشاهد..
نفى النائب مبروك كورشيد الذي قدم استقالته من مكتب مجلس نواب الشعب على خلفية أزمة الاتفاقية مع صندوق قطر للتنمية، أن يكون تم ابرام هذه الاتفاقية عندما كان وزيرا لأملاك الدولة أو أن تكون حكومة الوحدة الوطنية التي كان فيها قد صادقت على هذه الاتفاقية، معتبرا أن ما تم ترويجه هو خبر زائف ومظلل، قائلا : "هذه الاتفاقية تم تقديمها من وزير التنمية والتعاون الدولي الأسبق زياد العذاري وتم رفضها في مرحلة أولى في 2018" ويضيف كورشيد أنه بعد أن تحولت الحكومة من حكومة وحدة وطنية الى حكومة يوسف الشاهد وحركة النهضة، عادت هذه الاتفاقية من جديد وتمت المصادقة عليها.
وأكد مبروك كورشيد أن المصادقة على هذه الاتفاقية تمت في 12 ديسمبر 2019، أي أياما قليلة قبل مغادرة حكومة يوسف الشاهد للقصبة وبعد 6 أشهر من تاريخ توقيعها من وزير الاستثمار والتعاون الدولي، زياد العذاري في 12 جوان 2019، ولكن هذه الاتفاقية لم تصل إلى البرلمان الا بتاريخ 28 جانفي 2020، وذلك قبل أيام من نيل حكومة الياس الفخفاخ لثقة البرلمان.
وهذه الاتفاقية التي يصفها مبروك كورشيد بــ"الاتفاقية المشؤومة" يقول انها تضمنت أخطاء قانونية كثيرة منها أنه لا يمكن تصنيفها على كونها معاهدة وفق التعريف الدولي للمعاهدات حيث انها التزام بين دولتين وهو ما لم يحصل في هذه الاتفاقية التي التزمت فيها الدولة التونسية مع صندوق قطر للتنمية، كما يرى كورشيد أنها خالفت القانون التونسي الذي يمنع أن يقوم مستثمر أجنبي بامتلاك أراض فلاحية وهو ما تسمح به الاتفاقية، التي تسمح كذلك لمكتب الصندوق ببيع وشراء هذه الأراضي الفلاحية، كما أشار كورشيد أن قانون الاستثمار التونسي يفرض شروطا للعمالة الأجنبية حيث يسمح في الثلاث سنوات الأولى من انتصاب الاستثمارات الأجنبية في تونس أن تكون نسبة العمالة الأجنبية في حدود 30 بالمائة تنخفض إلى 10 بالمائة في السنة الرابعة وكان الهدف من ذلك هو فرض انتداب العمالة التونسية من كوادر وموظفين..
ولكن اتفاقية كما يقول عنها كورشيد تفرض جلب الموظفين والمستشارين والتابعين من ذوي جنسيات أجنبية، منددا باستعمال كلمة التابعين في اتفاقية تونس طرفا فيها، لأن المقصود بالتابعين هم أشخاص يستغلون كعبيد.
كما تلتزم الدولة التونسية وفق هذه الاتفاقية بألا تعيق بشكل مباشر أو غير مباشر المشاريع التي يساهم الصندوق في تمويلها، حيث إن تونس تفقد حق رفض أي مستثمر يجلبه الصندوق.. وتبقى أخطر النقاط التي أشار اليها مبروك كورشيد هو أن القضاء التونسي يفقد ولايته في هذه القضية حيث توكل مسألة فض النزاعات بين الدولة التونسية وصندوق قطر للتنمية الى القنوات الديبلوماسية بعيدا عن اختصاص ورقابة القضاء التونسي!
الاتحاد: اتفاقية لتبييض الأموال! ؟
من بين المنظمات التي عبرت عن رفضها صراحة لهذه الاتفاقية، نجد اتحاد الشغل، حيث دعت الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشّغل، إلى إسقاط القانون المخصّص لما »يسمّى بالصندوق القطري للتنمية «كما اعتبرت ان هذه الاتفاقية غير دستورية، لكونها »ضرب لمصالح تونس « معتبرة أنها »رهن للبلاد واستباحة لسيادتها وفرصة لتعميق ظاهرة تبييض الأموال « .
وأكدت الهيئة الإدارية في بيان لها عقب اجتماعها، يوم الجمعة الماضية ، برئاسة الأمين العام لاتحاد الشغل، نورالدين الطبوبي، أنها »ستتصدّى لهذا القانون على أرض الواقع « منددة بالمصادقة عليه.
كما أدان أعضاء الهيئة الإدارية، بشدّة العنف المادّي واللفظي الذي مارسته من أسمتها بـ »كتلة الإرهاب « في إشارة إلى كتلة ائتلاف الكرامة تحت قبّة البرلمان »ضدّ النائب رئيسة كتلة الدستوري الحر،ّ وضدّ كلًّ من يخالفهم الرأي، خالقين بذلك جوّا من الرعب والترهيب، محتمين بالحصانة البرلمانية، مما زاد في تعميق أزمة البرلمان وعطالته وسوء إدارته وبؤس المشهد السياسي الذي تكرّسه”، على حد نص البيان، الذي طالب "بتطبيق القانون على المعتدين".
الطعن في الاتفاقية..
بعد المصادقة على اتفاقية إحداث مقر لصندوق قطر للتنمية بتونس، بـ122 نائبا في جلسة عامة، شهدت وقائع غير مسبوقة بلغت حد العنف الجسدي بالصفع والركل الواقع على النائبة عبير موسي، من طرف النائبين الصحبي صمارة وسيف الدين مخلوف، عبر عدد من الكتل عن اعتزامه الطعن في دستورية مشروع قانون الاتفاقية، أمام الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القانون والتي يرأسها اليوم الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد، الملاحق بشبهات فساد مالي.. وهذه الكتل هي الكتلة الوطنية والكتلة الديمقراطية وكتلة تحيا تونس رغم ان أحد أبرز مؤسسي الحزب وهو يوسف الشاهد هو المسؤول على قبول هذه الاتفاقية عندما كان رئيس حكومة.. ويتعلق هذا الطعن بمصادقة البرلمان على مشروع هذا القانون.
وقد صرح النائب عن الكتلة الديمقراطية نعمان العش أن الطعن في دستورية مشاريع القوانين التي تصادق عليها الجلسة العامة سيشمل فقط المشاريع التي يوجد بها مطاعن كمشروع القانون المتعلّق بالموافقة على اتفاقية المقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس، مؤكدا أنه وخلافا لما حملته الاتفاقية من مخالفات قانونية والتي يعملون على صياغتها في عريضة الطعن للتقدم بها للهيئة الوقتية لدستورية مشاريع القوانين، فان عرض مشروع القانون على الجلسة العامة، صاحبته، عدة إخلالات إجرائية.
وفي تعليقه على هذه الاتفاقية أكد أستاذ القانون الدولي والوزير السابق، الصادق شعبان أن هذه الاتفاقية يجب أن توقع بين الدولتين، تونس وقطر، وليس بين تونس ووكالة عمومية وطنية (الصندوق) مهما كانت منافعه لأنه لما توقع دولة مع مؤسسة عمومية أجنبية لا يسمى العقد اتفاقية دولية، او معاهدة، ولا يجوز له الاستثناء من التشريع (منح إعفاءات وامتيازات) ولا يعرض على البرلمان للمصادقة..
كما أشار شعبان أنه لا يمكن أن تعطى للصندوق حصانة قضائية وإنما يخضع للقضاء الوطني، مع إمكانية عرض الخلافات ذات الطابع التجاري دون سواها على التحكيم، كما لا يجوز أن تلتزم الدولة بمقتضى الاتفاقية بحماية أمنية خاصة للصندوق المقر والموظفين، وإنما تتمتع بالحماية حسب الإجراءات المعمول بها في الدولة لمؤسسات مماثلة، كما لا يجوز أن تنص الاتفاقية ان على الدولة عدم إصدار تشريعات او اتخاذ تدابير تضر بالصندوق (الفصل 7 فقرة 10) فليس للصندوق ولا لقطر مصادرة حق تونس في تغيير تشريعاتها وإنما للصندوق حق التعويض فقط.