إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

محمد عمار لـ"الصباح": تجاوز الأزمة الحالية يمر عبر تقديم مشيشي استقالته إلى البرلمان

تونس- الصباح

دعا محمد عمار النائب عن التيار الديمقراطي، رئيس الحكومة هشام مشيشي إلى تقديم استقالته إلى البرلمان تمهيدا لتوافق الأحزاب والكتل الممثلة في البرلمان على ثلاثة أسماء، يختار من بينهم رئيس الجمهورية قيس سعيد الشخصية الأقدر.

ويرى أن البلاد تعيش حاليا أحلك أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية والسياسية، وأن الأولوية المطلقة حاليا يجب ان تكون مصوّبة نحو محاصرة الوباء وتوفير اللقاحات، وإعداد برنامج اقتصادي واستكمال المؤسسات الدستورية في أجل أقصاه نهاية العام المقبل، مع انكباب البرلمان خلال الفترة القادمة على تعديل النظام الانتخابي والسياسي.

وكشف عمّار في حوار لـ"الصباح" أنه انسحب تلقائيا من رئاسة الكتلة الديمقراطية نظرا لاضطراره البقاء بالخارج (الدوحة) بسبب ظروف عائلية. وقال إنه سيقدم استقالته لرئيس البرلمان لاحقا، وكشف أن النائب في حزب التيار الديمقراطي نعمان العش سيتولى رئاسة الكتلة لما تبقى من المدة النيابية الثانية، وقال إنه ابتعد في الفترة الأخيرة عن الأضواء، وهو يقوم حاليا بمراجعات وصفها بـ"الكبيرة"،كما قدم اعتذاره "من أي شخص أو مواطن أو مؤسسة إن تطاول عليها أو تجاوز حدوده معها ».

انتخب محمد عمار خلال الانتخابات التشريعية أكتوبر 2019 ممثلا للتيار الديمقراطي عن الدول العربية وبقية العالم، وهو خبير اقتصادي وإعلامي، ومحلل سياسي، متحصل على ماجستير في الاقتصاد المالي البنكي من جامعة ليون..

في ما يلي نص الحوار:

*هل ما زالت تترأس الكتلة الديمقراطية، ولماذا لم تلب دعوة قيادة حزب التيار الديمقراطي لتتخلى عن هذا المنصب؟

نظرا لظروفي العائلية التي حتمت علي البقاء في الخارج، انسحبت تلقائيا من رئاسة الكتلة، وسأقدم استقالتي لرئيس البرلمان لاحقا. مبدئيا سيشغل زميلي النائب نعمان العش رئاسة الكتلة لما تبقى من المدة النيابية الثانية. علما ان رئاسة الكتلة خلال المدة النيابية الثالثة ستؤول إلى حركة الشعب.

*دعوت في آخر تدوينة لك إلى استقالة رئيس الحكومة من ضمن حزمة من المقترحات تشكل خارطة طريق للخروج من الأزمة منها استقالة رئيس البرلمان واستكمال المؤسسات الدستورية، وتركيز الحكومة على مقاومة الوباء والإصلاح الاقتصادي.. ألا ترى أن مصير الحكومة الحالية قد يتحدد في إطار حوار وطني أو توافق سياسي؟

إن دعوتي لاستقالة الحكومة، تأتي أمام انسداد الأفق، فالحكومة تعمل بالإنابة إضافة إلى عدم توفير الموارد المالية للميزانية بعد ان كثر الحديث عن تمويل الميزانية من ليبيا وقطر، وتبين ان هذا الكلام هو للاستهلاك الإعلامي ولا أساس له من الصحة ..

*ألا ترى أن العودة إلى الفصل 89 واختيار رئيس حكومة من قبل رئيس الجمهورية للمرة الثالثة على التوالي في صورة استقالة مشيشي تبدو وكأنها فعل عبثي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى نفس الأخطاء؟

اقترحت أن تتم الاستقالة في البرلمان وليس في مكان آخر، وهو ما يجعل الأحزاب والكتل تقترح أسماء جديدة وتعرضها على رئيس الجمهورية لاختيار أحدها ويمكن العمل على ذلك بين شخصيات وسيطة بين جميع مكونات المشهد السياسي، لأن رئيس الحكومة القادم يجب أن يُحظى بنسبة عالية من الرضا وأن يتماهى في سياسته مع رئيس الجمهورية حتى لا تكون هناك تعطيلات بين رأسي السلطة التنفيذية.

كما أن المعطيات الجديدة التي وصلت رئاسة الجمهورية وعلم بها اتحاد الشغل فيما يتعلق ببعض الخيانات ومحاولات الاغتيال وانسداد العمل المشترك بين رأسي السلطة التنفيذية إضافة إلى العمل الكارثي الذي يقوم به وزير المالية مع المغالطات الكبرى التي يقدمها والزيادة الأخيرة في الأسعار والتي تبرأ منها حزامه السياسي ووفاة 15 ألف تونسي بسبب فيروس كورونا.. كلها عوامل تعجّل برحيل الحكومة.

*هناك من يدفع نحو التفكير في تنظيم انتخابات مبكرة، وبالتالي الاتفاق على تكوين حكومة تصريف أعمال مستقلة مهمتها الإعداد للانتخابات، مع تركيز البرلمان على تنقيح القانون الانتخابي.. هل تؤيد هذا الرأي؟

الانتخابات المبكرة تصبح أمرا واقعا إذا لم تتنازل جميع الأطراف رغم كلفتها المالية الكبيرة في وضع سياسي متعفن ومتأزم. والخوف، كل الخوف من مزيد تخفيض التصنيف السيادي للبلاد في المرحلة المقبلة وبالتالي تصبح السياسة في بلاد مفلسة لا معنى لها. أعتقد أن استقالة الغنوشي، لسطوه على صلاحيات رئيس الجمهورية ومشيشي، وتكوين حكومة تعمل لمدة ثلاثة سنوات مع صلاحيات واسعة وتركيبة ذات أقطاب مصغرة، أفضل الحلول.

*هناك فريق آخر مثل اتحاد الشغل وبعض المنظمات الوطنية وبعض الأحزاب يقترح تنظيم استفتاء شعبي على تعديل النظام السياسي.. هل هذا ممكن سياسيا ودستوريا؟

الاستفتاء وغير ذلك من المقترحات غير ممكنة دستوريا إلا بمقترح لمجلس النواب والتصويت على ذلك بالثلثين حتى يتسنى النظر في المقترحات لتغيير النظام السياسي من عدمه، أو التغيير يتم عن طريق الشعب باحتلال الشوارع.. للأسف دستور 2014 أخيط على مقاس من يحكم الآن ويحمل هنات عديدة وتعديله ضروري، عديد المسائل لا يمكن اعتمادها مع المطبّات التي تحصل في كل مرة مثل أداء اليمين للوزراء والولاة والاستفتاء والمحكمة الدستورية وغير ذلك.

*ما رأيك في طريقة تفكير قيس سعيد الذي دعا إلى العودة إلى دستور 1959 مع تعديله ثم إعادة اعتماده ليكون بديلا عن دستور 2014..؟

تونس اليوم أخذت منعرجا جديدا في الديمقراطية ولا أعتقد ان فكرة العودة إلى دستور 59 ستجد قبولا في البرلمان وبين مكونات المشهد السياسي، اليوم بعد 10 سنوات من الثورة، أعتقد ان هناك أزمة سياسية ألقت بظلالها على المسألة الاقتصادية والاجتماعية وزادت المسألة الصحية تأزّما للوضع الاجتماعي، وعليه يجب التفكير جديا في تغيير المنظومة السياسية برمتها.

يمكن تعديل دستور 2014 في عدد من النقاط ويمكن تعديل بعض المسائل لأنه من غير المعقول أن تكون السلطة التنفيذية بيد رئيس حكومة غير منتخب ولا ينتمي حزبيا لحزب فاز في الانتخابات في حين تكون صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة وهو المنتخب مباشرة من الشعب، هناك عراقيل حقيقية بين السلطة التنفيذية والتشريعية، لا بد من إجراء تغييرات مهم جدا في المرحلة المقبلة إضافة إلى تعديل المنظومة الانتخابية.

أعتقد أن الحزب الفائز يجب أن يحكم مهما كانت النتيجة وفرضية 109 في البرلمان صعّبت الحكم، لذلك يجب أن تكون السلطة التنفيذية بيد شخص واحد وليس اثنين وأرجّح التوجه إلى نظام شبه رئاسي.

*جل المؤشرات تدل على أن استقالة الغنوشي من رئاسة البرلمان غير واردة، كما أن لائحة سحب الثقة منه فشلت، ألا ترى أن المشكل الحقيقي يكمن في تشتت المعارضة البرلمانية التي فشلت في إيجاد أرضية مشتركة لخلق توازن سياسي وبرلماني؟

بالنسبة لاستقالة الغنوشي، أعتقد أنها أضحت ضرورية، وأتحدث هنا من منطلق المصلحة الوطنية وليس الحزبية. أعتقد أيضا ان مسألة ليّ الذراع والابتزاز الحزبي ليس في مصلحة تونس والشعب. فغرق السفينة سيعصف بالجميع والديمقراطية الناشئة، هروب الشباب وعزوفه عن السياسة جراء الوضع المتعفن لا يجب ان يستمر، تونس يجب أن تفتح فيها ورشة إصلاحات كبيرة وتطبيق القانون ضروري، واعتماد منوال تنموي جديد بات أكثر من ضروري..

هناك أولويات يجب القيام بها فورا فالوقت ليس في مصلحة البلاد. صحيح هناك تشتت في المعارضة البرلمانية نتيجة حسابات قديمة بين أشخاص وليس بين أحزاب أو كتل ألقت بظلالها على المشهد الحالي. وهناك مجموعة من النواب ذهبوا ضحية هذه الحسابات الضيقة استغلها الحزام السياسي رغم ضعفه الكبير..

يصعب تجميع المعارضة حاليا في ظل وضع منهار لذلك أرى أن الشعب سيعاقب كل المنظومة الحزبية في المرحلة المقبلة وهذا ما لمسناه في الانتخابات البلدية الجزئية خلال الفترة الأخيرة في عدد من البلديات والتي أفرزت فوز المستقلين.

*برأيك، كيف يمكن تجاوز شبح الإفلاس والأزمة الصحية، خاصة أن من شروط صندوق النقد والجهات الدولية المانحة لمواصلة إقراض تونس تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد؟

بالنسبة لتجاوز شبح الإفلاس، الحل هو سياسي بالدرجة الأولى ثم التوجه إلى حلول اقتصادية ناجعة، قبل ذلك يجب توفير اللقاح للتونسيين، نحن اليوم في وضع خطير وكنت طلبت سابقا من محافظ البنك المركزي ان يقوم بدور في إيجاد اللقاح وذلك بتوفير قرض موجه للقاح بقيمة 500 مليون دينار.

أعتقد أن 20 مليون جرعة ليست مسألة كبيرة ويتم توجيه الدبلوماسية والسفراء نحو هذه المسألة، الاحتقان الاجتماعي الكبير في المطاعم والمقاهي والسياحة والعامل اليومي نتيجته تضييق الخناق عليهم وبالتالي العيش على التسول الخارجي والحكومي. يجب على الحكومة أن تنكب على القيام بإجراءات حقيقية، مقاومة التهريب على الحدود يتطلب مناطق حرة، استرجاع أموال كثيرة في الداخل ضروري نتيجة التهرب الديواني والضريبي، مع إقرار عدالة جبائية، والتوجه نحو القطاع الفلاحي كأولوية مطلقة، وإصلاح ثلاث مؤسسات اعتبرها أولوية مطلقة وهي فسفاط قفصة والديوانة والخطوط التونسية، بالشراكة مع الشريك الاجتماعي.. كل ذلك مع استقرار سياسي لحكومة تتركها الأحزاب والمنظمات تعمل لمدة ثلاثة سنوات مع انكباب البرلمان على مسائل تهم النظام السياسي والانتخابي واستكمال المؤسسات الدستورية هو الحل لبداية إنقاذ البلاد في الفترة المقبلة.

*هل رفعت قضية ضد النائب راشد الخياري بخصوص ما يعرف عن التسريبات الصوتية المسجلة التي استهدفتك؟

نعم رفعت قضية ضد راشد الخياري ومحاميه هو النائب بشر الشابي واستغربت من ذلك، للأسف حاد النائب عن دوره وهو العمل داخل اللجان وتقديم المقترحات وتوجيه الأسئلة الشفوية والكتابية والدفاع عن جهته وناخبيه، تحولنا الى مرحلة خطيرة من التنصت والعمل المخابراتي وهو ليس دور النائب.. الخياري لا يدافع عن جهة منوبة وغير موجود في البرلمان أصلا منذ ستة أشهر لم يأت نهائيا.. ما يقوم به لا علاقة له بدور النائب.

*ما رأيك في الجدل المثار بخصوص رفع الحصانة عن بعض النواب؟

الحصانة البرلمانية لها ضوابط وتتعلق أساسا بعمل النائب، نحن اليوم أمام استغلال للحصانة بطريقة مغلوطة، أعمال مخابراتية، تمويلات أجنبية، تخابر مع الأجنبي.. كلنا بشر خطاؤون ومن يعمل يخطئ. كل نائب منا يجب أن يراجع نفسه ويعتذر إن أخطأ في حق تونس وبلاده. الأمني يقوم بدوره والتنفيذي يقوم بدوره والبرلماني يقوم بدوره.. نعيش في فوضى كبيرة وأدعو إلى ضرورة مراجعة الذات، شخصيا ابتعدت قليلا في الفترة الأخيرة وأقوم حاليا بمراجعات كبيرة، واعتذر من أي شخص أو مواطن أو مؤسسة إن تطاولت عليها أو تجاوزت حدودي معها.

*ومن تقصد تحديدا باعتذارك؟

أحيانا أكون حادا في تدخلي في إطار مهامي كنائب، ضد وزير أو مؤسسة، أو أشخاص داخل أحزاب..

 

حاوره: رفيق بن عبد الله

محمد عمار لـ"الصباح":  تجاوز الأزمة الحالية يمر عبر تقديم مشيشي استقالته إلى البرلمان

تونس- الصباح

دعا محمد عمار النائب عن التيار الديمقراطي، رئيس الحكومة هشام مشيشي إلى تقديم استقالته إلى البرلمان تمهيدا لتوافق الأحزاب والكتل الممثلة في البرلمان على ثلاثة أسماء، يختار من بينهم رئيس الجمهورية قيس سعيد الشخصية الأقدر.

ويرى أن البلاد تعيش حاليا أحلك أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية والسياسية، وأن الأولوية المطلقة حاليا يجب ان تكون مصوّبة نحو محاصرة الوباء وتوفير اللقاحات، وإعداد برنامج اقتصادي واستكمال المؤسسات الدستورية في أجل أقصاه نهاية العام المقبل، مع انكباب البرلمان خلال الفترة القادمة على تعديل النظام الانتخابي والسياسي.

وكشف عمّار في حوار لـ"الصباح" أنه انسحب تلقائيا من رئاسة الكتلة الديمقراطية نظرا لاضطراره البقاء بالخارج (الدوحة) بسبب ظروف عائلية. وقال إنه سيقدم استقالته لرئيس البرلمان لاحقا، وكشف أن النائب في حزب التيار الديمقراطي نعمان العش سيتولى رئاسة الكتلة لما تبقى من المدة النيابية الثانية، وقال إنه ابتعد في الفترة الأخيرة عن الأضواء، وهو يقوم حاليا بمراجعات وصفها بـ"الكبيرة"،كما قدم اعتذاره "من أي شخص أو مواطن أو مؤسسة إن تطاول عليها أو تجاوز حدوده معها ».

انتخب محمد عمار خلال الانتخابات التشريعية أكتوبر 2019 ممثلا للتيار الديمقراطي عن الدول العربية وبقية العالم، وهو خبير اقتصادي وإعلامي، ومحلل سياسي، متحصل على ماجستير في الاقتصاد المالي البنكي من جامعة ليون..

في ما يلي نص الحوار:

*هل ما زالت تترأس الكتلة الديمقراطية، ولماذا لم تلب دعوة قيادة حزب التيار الديمقراطي لتتخلى عن هذا المنصب؟

نظرا لظروفي العائلية التي حتمت علي البقاء في الخارج، انسحبت تلقائيا من رئاسة الكتلة، وسأقدم استقالتي لرئيس البرلمان لاحقا. مبدئيا سيشغل زميلي النائب نعمان العش رئاسة الكتلة لما تبقى من المدة النيابية الثانية. علما ان رئاسة الكتلة خلال المدة النيابية الثالثة ستؤول إلى حركة الشعب.

*دعوت في آخر تدوينة لك إلى استقالة رئيس الحكومة من ضمن حزمة من المقترحات تشكل خارطة طريق للخروج من الأزمة منها استقالة رئيس البرلمان واستكمال المؤسسات الدستورية، وتركيز الحكومة على مقاومة الوباء والإصلاح الاقتصادي.. ألا ترى أن مصير الحكومة الحالية قد يتحدد في إطار حوار وطني أو توافق سياسي؟

إن دعوتي لاستقالة الحكومة، تأتي أمام انسداد الأفق، فالحكومة تعمل بالإنابة إضافة إلى عدم توفير الموارد المالية للميزانية بعد ان كثر الحديث عن تمويل الميزانية من ليبيا وقطر، وتبين ان هذا الكلام هو للاستهلاك الإعلامي ولا أساس له من الصحة ..

*ألا ترى أن العودة إلى الفصل 89 واختيار رئيس حكومة من قبل رئيس الجمهورية للمرة الثالثة على التوالي في صورة استقالة مشيشي تبدو وكأنها فعل عبثي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى نفس الأخطاء؟

اقترحت أن تتم الاستقالة في البرلمان وليس في مكان آخر، وهو ما يجعل الأحزاب والكتل تقترح أسماء جديدة وتعرضها على رئيس الجمهورية لاختيار أحدها ويمكن العمل على ذلك بين شخصيات وسيطة بين جميع مكونات المشهد السياسي، لأن رئيس الحكومة القادم يجب أن يُحظى بنسبة عالية من الرضا وأن يتماهى في سياسته مع رئيس الجمهورية حتى لا تكون هناك تعطيلات بين رأسي السلطة التنفيذية.

كما أن المعطيات الجديدة التي وصلت رئاسة الجمهورية وعلم بها اتحاد الشغل فيما يتعلق ببعض الخيانات ومحاولات الاغتيال وانسداد العمل المشترك بين رأسي السلطة التنفيذية إضافة إلى العمل الكارثي الذي يقوم به وزير المالية مع المغالطات الكبرى التي يقدمها والزيادة الأخيرة في الأسعار والتي تبرأ منها حزامه السياسي ووفاة 15 ألف تونسي بسبب فيروس كورونا.. كلها عوامل تعجّل برحيل الحكومة.

*هناك من يدفع نحو التفكير في تنظيم انتخابات مبكرة، وبالتالي الاتفاق على تكوين حكومة تصريف أعمال مستقلة مهمتها الإعداد للانتخابات، مع تركيز البرلمان على تنقيح القانون الانتخابي.. هل تؤيد هذا الرأي؟

الانتخابات المبكرة تصبح أمرا واقعا إذا لم تتنازل جميع الأطراف رغم كلفتها المالية الكبيرة في وضع سياسي متعفن ومتأزم. والخوف، كل الخوف من مزيد تخفيض التصنيف السيادي للبلاد في المرحلة المقبلة وبالتالي تصبح السياسة في بلاد مفلسة لا معنى لها. أعتقد أن استقالة الغنوشي، لسطوه على صلاحيات رئيس الجمهورية ومشيشي، وتكوين حكومة تعمل لمدة ثلاثة سنوات مع صلاحيات واسعة وتركيبة ذات أقطاب مصغرة، أفضل الحلول.

*هناك فريق آخر مثل اتحاد الشغل وبعض المنظمات الوطنية وبعض الأحزاب يقترح تنظيم استفتاء شعبي على تعديل النظام السياسي.. هل هذا ممكن سياسيا ودستوريا؟

الاستفتاء وغير ذلك من المقترحات غير ممكنة دستوريا إلا بمقترح لمجلس النواب والتصويت على ذلك بالثلثين حتى يتسنى النظر في المقترحات لتغيير النظام السياسي من عدمه، أو التغيير يتم عن طريق الشعب باحتلال الشوارع.. للأسف دستور 2014 أخيط على مقاس من يحكم الآن ويحمل هنات عديدة وتعديله ضروري، عديد المسائل لا يمكن اعتمادها مع المطبّات التي تحصل في كل مرة مثل أداء اليمين للوزراء والولاة والاستفتاء والمحكمة الدستورية وغير ذلك.

*ما رأيك في طريقة تفكير قيس سعيد الذي دعا إلى العودة إلى دستور 1959 مع تعديله ثم إعادة اعتماده ليكون بديلا عن دستور 2014..؟

تونس اليوم أخذت منعرجا جديدا في الديمقراطية ولا أعتقد ان فكرة العودة إلى دستور 59 ستجد قبولا في البرلمان وبين مكونات المشهد السياسي، اليوم بعد 10 سنوات من الثورة، أعتقد ان هناك أزمة سياسية ألقت بظلالها على المسألة الاقتصادية والاجتماعية وزادت المسألة الصحية تأزّما للوضع الاجتماعي، وعليه يجب التفكير جديا في تغيير المنظومة السياسية برمتها.

يمكن تعديل دستور 2014 في عدد من النقاط ويمكن تعديل بعض المسائل لأنه من غير المعقول أن تكون السلطة التنفيذية بيد رئيس حكومة غير منتخب ولا ينتمي حزبيا لحزب فاز في الانتخابات في حين تكون صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة وهو المنتخب مباشرة من الشعب، هناك عراقيل حقيقية بين السلطة التنفيذية والتشريعية، لا بد من إجراء تغييرات مهم جدا في المرحلة المقبلة إضافة إلى تعديل المنظومة الانتخابية.

أعتقد أن الحزب الفائز يجب أن يحكم مهما كانت النتيجة وفرضية 109 في البرلمان صعّبت الحكم، لذلك يجب أن تكون السلطة التنفيذية بيد شخص واحد وليس اثنين وأرجّح التوجه إلى نظام شبه رئاسي.

*جل المؤشرات تدل على أن استقالة الغنوشي من رئاسة البرلمان غير واردة، كما أن لائحة سحب الثقة منه فشلت، ألا ترى أن المشكل الحقيقي يكمن في تشتت المعارضة البرلمانية التي فشلت في إيجاد أرضية مشتركة لخلق توازن سياسي وبرلماني؟

بالنسبة لاستقالة الغنوشي، أعتقد أنها أضحت ضرورية، وأتحدث هنا من منطلق المصلحة الوطنية وليس الحزبية. أعتقد أيضا ان مسألة ليّ الذراع والابتزاز الحزبي ليس في مصلحة تونس والشعب. فغرق السفينة سيعصف بالجميع والديمقراطية الناشئة، هروب الشباب وعزوفه عن السياسة جراء الوضع المتعفن لا يجب ان يستمر، تونس يجب أن تفتح فيها ورشة إصلاحات كبيرة وتطبيق القانون ضروري، واعتماد منوال تنموي جديد بات أكثر من ضروري..

هناك أولويات يجب القيام بها فورا فالوقت ليس في مصلحة البلاد. صحيح هناك تشتت في المعارضة البرلمانية نتيجة حسابات قديمة بين أشخاص وليس بين أحزاب أو كتل ألقت بظلالها على المشهد الحالي. وهناك مجموعة من النواب ذهبوا ضحية هذه الحسابات الضيقة استغلها الحزام السياسي رغم ضعفه الكبير..

يصعب تجميع المعارضة حاليا في ظل وضع منهار لذلك أرى أن الشعب سيعاقب كل المنظومة الحزبية في المرحلة المقبلة وهذا ما لمسناه في الانتخابات البلدية الجزئية خلال الفترة الأخيرة في عدد من البلديات والتي أفرزت فوز المستقلين.

*برأيك، كيف يمكن تجاوز شبح الإفلاس والأزمة الصحية، خاصة أن من شروط صندوق النقد والجهات الدولية المانحة لمواصلة إقراض تونس تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد؟

بالنسبة لتجاوز شبح الإفلاس، الحل هو سياسي بالدرجة الأولى ثم التوجه إلى حلول اقتصادية ناجعة، قبل ذلك يجب توفير اللقاح للتونسيين، نحن اليوم في وضع خطير وكنت طلبت سابقا من محافظ البنك المركزي ان يقوم بدور في إيجاد اللقاح وذلك بتوفير قرض موجه للقاح بقيمة 500 مليون دينار.

أعتقد أن 20 مليون جرعة ليست مسألة كبيرة ويتم توجيه الدبلوماسية والسفراء نحو هذه المسألة، الاحتقان الاجتماعي الكبير في المطاعم والمقاهي والسياحة والعامل اليومي نتيجته تضييق الخناق عليهم وبالتالي العيش على التسول الخارجي والحكومي. يجب على الحكومة أن تنكب على القيام بإجراءات حقيقية، مقاومة التهريب على الحدود يتطلب مناطق حرة، استرجاع أموال كثيرة في الداخل ضروري نتيجة التهرب الديواني والضريبي، مع إقرار عدالة جبائية، والتوجه نحو القطاع الفلاحي كأولوية مطلقة، وإصلاح ثلاث مؤسسات اعتبرها أولوية مطلقة وهي فسفاط قفصة والديوانة والخطوط التونسية، بالشراكة مع الشريك الاجتماعي.. كل ذلك مع استقرار سياسي لحكومة تتركها الأحزاب والمنظمات تعمل لمدة ثلاثة سنوات مع انكباب البرلمان على مسائل تهم النظام السياسي والانتخابي واستكمال المؤسسات الدستورية هو الحل لبداية إنقاذ البلاد في الفترة المقبلة.

*هل رفعت قضية ضد النائب راشد الخياري بخصوص ما يعرف عن التسريبات الصوتية المسجلة التي استهدفتك؟

نعم رفعت قضية ضد راشد الخياري ومحاميه هو النائب بشر الشابي واستغربت من ذلك، للأسف حاد النائب عن دوره وهو العمل داخل اللجان وتقديم المقترحات وتوجيه الأسئلة الشفوية والكتابية والدفاع عن جهته وناخبيه، تحولنا الى مرحلة خطيرة من التنصت والعمل المخابراتي وهو ليس دور النائب.. الخياري لا يدافع عن جهة منوبة وغير موجود في البرلمان أصلا منذ ستة أشهر لم يأت نهائيا.. ما يقوم به لا علاقة له بدور النائب.

*ما رأيك في الجدل المثار بخصوص رفع الحصانة عن بعض النواب؟

الحصانة البرلمانية لها ضوابط وتتعلق أساسا بعمل النائب، نحن اليوم أمام استغلال للحصانة بطريقة مغلوطة، أعمال مخابراتية، تمويلات أجنبية، تخابر مع الأجنبي.. كلنا بشر خطاؤون ومن يعمل يخطئ. كل نائب منا يجب أن يراجع نفسه ويعتذر إن أخطأ في حق تونس وبلاده. الأمني يقوم بدوره والتنفيذي يقوم بدوره والبرلماني يقوم بدوره.. نعيش في فوضى كبيرة وأدعو إلى ضرورة مراجعة الذات، شخصيا ابتعدت قليلا في الفترة الأخيرة وأقوم حاليا بمراجعات كبيرة، واعتذر من أي شخص أو مواطن أو مؤسسة إن تطاولت عليها أو تجاوزت حدودي معها.

*ومن تقصد تحديدا باعتذارك؟

أحيانا أكون حادا في تدخلي في إطار مهامي كنائب، ضد وزير أو مؤسسة، أو أشخاص داخل أحزاب..

 

حاوره: رفيق بن عبد الله

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews