إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان لـ"الصباح": "قوات الأمن مطالبة بـ"برودة الدم".. وما يقلقنا تشويه الحقيقة"

 

تونس-الصباح

بالرغم من أن مقاطع فيديو نشرت على "فايسبوك" قد كذّبت الرواية الرسمية لوزارة الداخلية بخصوص الطفل الذي تم تجريده من ملابسه، وبالرغم من أننا أصبحنا نعيش في عصر يصعب فيه إخفاء الوقائع، لأن أيا كان يمكن أن يلتقط بهاتفه نسخة منها، وأمام عدسات هواتف المصورين غير المحترفين والمواطنين المارين أو المشاركين في الأحداث، أو أيضا أمام عدسات كاميرات وسائل الإعلام الثابتة تحت الشمس في وضح النهار، يتواصل منسوب العنف الذي تعتمده قوات الأمن في التعامل مع الاحتجاجات في سيدي حسين أو المظاهرات المنددة بالعنف في شارع الحبيب بورقيبة يوم السبت.

الرواية الأولى لوزارة الداخلية بخصوص الطفل الذي تم تجريده من ملابسه تحدثت عن أن "المواطن المذكور كان في حالة سكر مطبق، وعند توجه الدورية إليه للتحري معه تعمد التجرد من أدباشه في الطريق العام في حركة استفزازية لأعوان الأمن"، في بلاغ أول. ولكنها رواية لم تصمد كثيرا أمام مقاطع الفيديو ليأتي بلاغ ثان يؤكد أن وزارة الداخلية "تُدين هذه التّصرفات وتؤكّد أنّها تتعارض مع توجّهاتها العامّة الرّامية إلى التّمسّك بمبادئ الأمن الجمهوري الهادف إلى إحداث التّوازن بين الحفاظ على الأمن العامّ ومبادئ حقوق الإنسان. كما تُعلم أنّ الإجراءات المتعلّقة بالتّحقيق المباشر في الغرض من طرف التّفقديّة العامّة للأمن الوطني جارية، حيث تمّ ايقاف الأعوان المسؤولين عن هذه التجّاوزات عن العمل."

شكايات متواصلة و"إخفاء" الحقيقة

ترى وزارة الداخلية ومسؤولون في الدولة في كل استعمال مبالغ فيه للعنف ضد المواطنين "حالات معزولة" و"أخطاء فردية" ولكنها تتكرر بشكل مستمر. بالنسبة إلى جمال مسلم رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان "المشكلة لم تعد فقط في العنف الذي تعودنا عليه، منذ أواسط جانفي وبدايات فيفري تابعنا إيقاف 2000 شخص والرابطة تلقت أكثر من 700 شكاية تتمحور كلها حول استعمال العنف في مكان الإيقاف وفي وسائل النقل وعند المداهمات وفي مراكز الاحتفاظ"، إذ يشير في تصريحه لـ"الصباح" إلى أن " ما يقلقنا أكثر اليوم هو موقف وزارة الداخلية، التي تنشر بلاغا تقول فيه إن الطفل الذي تم تجريده من ملابسه كان في حالة سكر وهو من قام بتعرية نفسه بنفسه واستفز قوات الأمن، ولكن الحقيقة تكشفها فيديوهات." ويتابع " المشكلة تكمن في اتجاه وزارة الداخلية إلى تشويه الحقيقة"، وهنا يتساءل، "ماذا لو لم يظهر ذلك الفيديو، كان ليكون هذا الطفل ذي الـ 15 عاما موقوفا إلى حد اليوم."

"الحق في التظاهر" في مواجهة العنف

يوم السبت انطلقت مظاهرة في شارع الحبيب بورقيبة على إثر وفاة أحمد بن عمارة (31 عاما) بعيد اعتقاله من قبل أعوان الأمن وللتنديد بعملية تجريد طفل من ملابسه. المكان والزمان مختلفان ولكن تحول المشهد إلى مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والأمن، "الحق في التظاهر ضُرب منذ ديسمبر 2020 وأواسط جانفي 2021 في عديد المناسبات وعديد المرات يقع التصدي للتحركات السلمية بالقمع والاستعمال المبالغ فيه للعنف"، كما يقول رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في تصريحه لـ"الصباح". ويتابع "نحن نرجو من وزارة الداخلية أن تفتح تحقيقات وتعترف بارتكاب تجاوزات نطلب منهم أن يقولوا الحقيقة حتى يقدموا رسائل طمأنة للمواطنين والحقوقيين."

في مناسبات عدة تتحدث وزارة الداخلية عن استفزازات يتعرض لها الأمنيون من المتظاهرين، في مظاهرة يوم السبت تمثلت في إلقاء الكراسي على قوات الأمن والتراشق بالحجارة، جمال مسلم يؤكد أن الرابطة ترفض أي شكل من أشكال العنف، ولكنه يبرز في المقابل أن قوات الأمن مطالبة بالمحافظة على برودة الدم ودور الأمن هو حماية المتظاهرين وحماية الممتلكات العامة وحماية الممتلكات الخاصة، "إذا كان هنالك خطر على الممتلكات الخاصة أو الأشخاص يمكنهم التدخل ولكن يكون تدخلا مبررا لحماية الأشخاص والممتلكات."

سياسيا استنكر وزير الداخلية بالنيابة ورئيس الحكومة هشام مشيشي الاستثمار السياسي للحادثة، دون أن يبدو جليا أي "استثمار إصلاحي لها" حتى تتقلص "الأخطاء الفردية المتكررة" ومن أجل مزيد عزل "الحالات المعزولة". فالهدف هو تكريس مبادئ الأمن الجمهوري بأمن بعيدا عن التجاذبات السياسية ويحترم حقوق الإنسان، هذا على الأقل ما يبرزه مسلم الذي يوضح أن الرابطة تعمل مع وزارة الداخلية على ذلك، ولكنه يستنكر أن "يبرر مسؤولو وزارة الداخلية العنف الذي يرتكبه الأمنيون"، "نحن (الرابطة التونسية لحقوق الإنسان) نطالب باحترام القانون وتطبيقه وإذا كان هنالك تجاوز يتم الإعلان عنه والمحاسبة. فنحن نرفع شعار "لا مجال للإفلات من العقاب" من يتجاوز القانون يجب أن يحاسب".

أروى الكعلي

رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان لـ"الصباح":  "قوات الأمن مطالبة بـ"برودة الدم".. وما يقلقنا تشويه الحقيقة"

 

تونس-الصباح

بالرغم من أن مقاطع فيديو نشرت على "فايسبوك" قد كذّبت الرواية الرسمية لوزارة الداخلية بخصوص الطفل الذي تم تجريده من ملابسه، وبالرغم من أننا أصبحنا نعيش في عصر يصعب فيه إخفاء الوقائع، لأن أيا كان يمكن أن يلتقط بهاتفه نسخة منها، وأمام عدسات هواتف المصورين غير المحترفين والمواطنين المارين أو المشاركين في الأحداث، أو أيضا أمام عدسات كاميرات وسائل الإعلام الثابتة تحت الشمس في وضح النهار، يتواصل منسوب العنف الذي تعتمده قوات الأمن في التعامل مع الاحتجاجات في سيدي حسين أو المظاهرات المنددة بالعنف في شارع الحبيب بورقيبة يوم السبت.

الرواية الأولى لوزارة الداخلية بخصوص الطفل الذي تم تجريده من ملابسه تحدثت عن أن "المواطن المذكور كان في حالة سكر مطبق، وعند توجه الدورية إليه للتحري معه تعمد التجرد من أدباشه في الطريق العام في حركة استفزازية لأعوان الأمن"، في بلاغ أول. ولكنها رواية لم تصمد كثيرا أمام مقاطع الفيديو ليأتي بلاغ ثان يؤكد أن وزارة الداخلية "تُدين هذه التّصرفات وتؤكّد أنّها تتعارض مع توجّهاتها العامّة الرّامية إلى التّمسّك بمبادئ الأمن الجمهوري الهادف إلى إحداث التّوازن بين الحفاظ على الأمن العامّ ومبادئ حقوق الإنسان. كما تُعلم أنّ الإجراءات المتعلّقة بالتّحقيق المباشر في الغرض من طرف التّفقديّة العامّة للأمن الوطني جارية، حيث تمّ ايقاف الأعوان المسؤولين عن هذه التجّاوزات عن العمل."

شكايات متواصلة و"إخفاء" الحقيقة

ترى وزارة الداخلية ومسؤولون في الدولة في كل استعمال مبالغ فيه للعنف ضد المواطنين "حالات معزولة" و"أخطاء فردية" ولكنها تتكرر بشكل مستمر. بالنسبة إلى جمال مسلم رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان "المشكلة لم تعد فقط في العنف الذي تعودنا عليه، منذ أواسط جانفي وبدايات فيفري تابعنا إيقاف 2000 شخص والرابطة تلقت أكثر من 700 شكاية تتمحور كلها حول استعمال العنف في مكان الإيقاف وفي وسائل النقل وعند المداهمات وفي مراكز الاحتفاظ"، إذ يشير في تصريحه لـ"الصباح" إلى أن " ما يقلقنا أكثر اليوم هو موقف وزارة الداخلية، التي تنشر بلاغا تقول فيه إن الطفل الذي تم تجريده من ملابسه كان في حالة سكر وهو من قام بتعرية نفسه بنفسه واستفز قوات الأمن، ولكن الحقيقة تكشفها فيديوهات." ويتابع " المشكلة تكمن في اتجاه وزارة الداخلية إلى تشويه الحقيقة"، وهنا يتساءل، "ماذا لو لم يظهر ذلك الفيديو، كان ليكون هذا الطفل ذي الـ 15 عاما موقوفا إلى حد اليوم."

"الحق في التظاهر" في مواجهة العنف

يوم السبت انطلقت مظاهرة في شارع الحبيب بورقيبة على إثر وفاة أحمد بن عمارة (31 عاما) بعيد اعتقاله من قبل أعوان الأمن وللتنديد بعملية تجريد طفل من ملابسه. المكان والزمان مختلفان ولكن تحول المشهد إلى مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والأمن، "الحق في التظاهر ضُرب منذ ديسمبر 2020 وأواسط جانفي 2021 في عديد المناسبات وعديد المرات يقع التصدي للتحركات السلمية بالقمع والاستعمال المبالغ فيه للعنف"، كما يقول رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في تصريحه لـ"الصباح". ويتابع "نحن نرجو من وزارة الداخلية أن تفتح تحقيقات وتعترف بارتكاب تجاوزات نطلب منهم أن يقولوا الحقيقة حتى يقدموا رسائل طمأنة للمواطنين والحقوقيين."

في مناسبات عدة تتحدث وزارة الداخلية عن استفزازات يتعرض لها الأمنيون من المتظاهرين، في مظاهرة يوم السبت تمثلت في إلقاء الكراسي على قوات الأمن والتراشق بالحجارة، جمال مسلم يؤكد أن الرابطة ترفض أي شكل من أشكال العنف، ولكنه يبرز في المقابل أن قوات الأمن مطالبة بالمحافظة على برودة الدم ودور الأمن هو حماية المتظاهرين وحماية الممتلكات العامة وحماية الممتلكات الخاصة، "إذا كان هنالك خطر على الممتلكات الخاصة أو الأشخاص يمكنهم التدخل ولكن يكون تدخلا مبررا لحماية الأشخاص والممتلكات."

سياسيا استنكر وزير الداخلية بالنيابة ورئيس الحكومة هشام مشيشي الاستثمار السياسي للحادثة، دون أن يبدو جليا أي "استثمار إصلاحي لها" حتى تتقلص "الأخطاء الفردية المتكررة" ومن أجل مزيد عزل "الحالات المعزولة". فالهدف هو تكريس مبادئ الأمن الجمهوري بأمن بعيدا عن التجاذبات السياسية ويحترم حقوق الإنسان، هذا على الأقل ما يبرزه مسلم الذي يوضح أن الرابطة تعمل مع وزارة الداخلية على ذلك، ولكنه يستنكر أن "يبرر مسؤولو وزارة الداخلية العنف الذي يرتكبه الأمنيون"، "نحن (الرابطة التونسية لحقوق الإنسان) نطالب باحترام القانون وتطبيقه وإذا كان هنالك تجاوز يتم الإعلان عنه والمحاسبة. فنحن نرفع شعار "لا مجال للإفلات من العقاب" من يتجاوز القانون يجب أن يحاسب".

أروى الكعلي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews