دعا الناشر حافظ بوجميل مدير دار نيرفانا ورئيس الغرفة النقابية الوطنية لدور النشر، الناشرين التونسيين إلى توحيد صفوفهم ضمن هيكل موحّد لإيجاد حلول لمشاكلهم وحتى يكون صوتهم أقوى. وقال إن الاتحاد هو الأكبر ثمثيلية للناشرين عدديا، لكنه لا يضم في صفوفه كبرى دور النشر التونسية. وأعرب عن الثقة في وجود حكماء داخل الاتحاد هدفهم مصلحة الناشر والنشر لا مصالح الأفراد.
واعتبر أن الناشر هو صاحب مشروع استثماري لذلك يجب أن يتحمل مسؤولياته ويعمل على تطوير عمله وتعزيز استثماراته بعيدا عن المطلبية أو "قسم الكعكة مع هذا أو ذاك".
صاحب دار نيرفانا التي فازت في 11 نوفمبر 2021 ضمن الدورة 36 لمعرض تونس الدولي للكتاب بجائزة النشر، كما توجت في الدورة 35 من هذا المعرض يوم 5 أفريل 2019 بجائزة عبد الحميد بلكاهية لكتاب الفنّ، تحدث في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء "وات" على هامش مشاركته في الجناح التونسي ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، عن تصوراته لقطاع النشر وعلاقة المهنيين بسلطة الإشراف، وعن الأسباب التي جعلته يستقيل من اتحاد الناشرين ويترأس غرفة نقابية للناشرين منضوية تحت لواء الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
وبمناسبة حلول تونس ضيف شرف في معرض الرياض الدولي للكتاب، تحدث الناشر مع "وات" أيضا عن درجة إقبال القارئ السعودي على الإصدارات التونسية ومدى اطلاعه على الحركة الفكرية والثقافية ببلادنا، مؤكدا على دور الدولة في مزيد بذل الجهد للتعريف بتونس وتاريخها وحضارتها ومفكريها ومبدعيها على نطاق واسع.
وفي ما يلي نص الحوار :
لأول مرة تشارك الغرفة النقابية للناشرين ضمن الوفد الرسمي التونسي في أحد المعارض الدولية للكتاب؟
نعم هي أول مرة تشارك فيها الغرفة في جناح وزارة الشؤون الثقافية، رغم أنها تأسست منذ ما يزيد عن عشر سنوات ولكنها لم تكن تنشط بل بدأ نشاطها عند انضمامي لها .
بدأ نشاطها حين حصل جدل بين بعض الناشرين واتحاد الناشرين أليس كذلك ؟
لا. أنا أردت أن أوسّع في أعضاء الغرفة فحصل هجوم على الغرفة من حوالي خمسين ناشرا وذلك في محاولة لقلب الموازين. ونحن نرى أن الغرفة ليست لطلب المساعدة بل للعمل فهي غرفة مهنية للعمل ولايجاد سبل جديدة للعمل. نحن مستثمرون ولسنا طالبي دعم. فالمستثمر همّه الأول الاستثمار والغرفة همها الأول مساعدة الناشرين على الاستثمار لا على تقسيم الكعكة مع هذا أو ذاك.
هل في كلامك هذا إشارة إلى اتحاد الناشرين الذي يرى البعض أنه كثير المطالبة بالدعم ؟
أنا أتكلم باسم الغرفة ولا أتحدث عن الاتحاد فقد استقلت منه لأنني كنت ولا زلت غير موافق على عديد الاختيارات التي يتبناها الاتحاد.
توزيع الناشرين أو بالأحرى تقسيمهم إلى غرفة تابعة لاتحاد الصناعة والتجارة وجمعية للناشرين واتحاد، ألا يضعف هذا التقسيم الجسم المهني للناشرين ؟
هذا شيء مؤسف جدا. وأنا في الحقيقة لم أرغب في الخروج من الاتحاد حين تكونت الجمعية التونسية للناشرين، رغم أنني كنت من أعضاء الفريق أو النواة الصلبة المكونة للجمعية قبل تأسيسها حيث قمنا بتكوين مجموعة من الناشرين وترأستها وأردنا خوض الانتخابات صلب اتحاد الناشرين ولكن لم نستطع ولن نستطيع تغيير أي شيء داخل الاتحاد .
لماذا ؟ أين تكمن الصعوبة تحديدا ؟
إذا أردت التغيير من الداخل يجب أن تدخل في الهيكل، وأن تكون صلب الهيكل يستوجب أن تشارك في الانتخابات، والانتخابات هذه "خاسرينها" أكيد قبل انطلاقها. فلا أحد يعلم شيئا عن الجسم الانتخابي والعدد المحدد للناشرين لا يعرفه سوى أشخاص بعينهم. عموما أنا لا أريد الحديث عن الاتحاد فقد صار من الماضي بالنسبة لي.
أتفهم رغبتك ولكن سؤالي هو الآتي : حين تشارك تونس في معرض الرياض، وهي ضيف شرف، بثلاثة ممثلين عن الناشرين ألا تعتقد أنه ليس في صالح الناشرين وأنه لو كان الجسم المهني موحدا يكون صوت الناشرين أقوى ؟
طبعا لوكان لنا هيكل موحد يجمع المهنيين لكانت طلباتنا، حتى مع وزارة الشؤون الثقافية أقوى، ووزننا أيضا أقوى. نحن الآن متفرقون طبقا للمثل المعروف فرق تسد. وهذا أمر مؤسف ومحزن، وما باليد حيلة، فالجسم الأكبر عدديا يمثله اتحاد الناشرين ولكن كبرى دور النشر ومعظم الناشرين الحقيقيين، ليسوا في الاتحاد. فأين دار أرابيسك وسيريس ونيرفانا ودار الجنوب وغيرها. وهذا معناه أن هناك مشكل كبير.
وأنا أدعو جميع الإخوة الناشرين عبر هذا المنبر، لنوحد صفوفنا لإيجاد حلول لمشاكلنا. وأنا على يقين من وجود حكماء صلب اتحاد الناشرين مصلحتهم النشر والناشرين التونسيين لا الأشخاص. أنا أدعوهم لهذا.
في الفترة الأخيرة تفاقمت الخلافات بين اتحاد الناشرين وسلطة الإشراف إلى درجة الإعلان عن مقاطعة كل أنشطة الوزارة ومنها معرض الكتاب الوطني، قبل أن يتم عقد جلسة بين الطرفين والإعلان إثرها عن تأجيل المعرض لمزيد الإعداد له. بالنسبة إليكم كغرفة نقابية ماهي علاقتكم بالوزارة ؟
لا أدري تحديدا ما هي أسباب الخلافات مع الاتحاد، وحتى حين تسأل الناشرين لا يقدمون لك أسبابا مقنعة في تقديري، وهم أحرار في مواقفهم. ولكن بالنسبة لنا كغرفة، الوزارة طرف موجود صحيح ولكن لا نعول عليه كثيرا في عملنا. فنحن غرفة مهنية نحاول أن نوفر ظروف شحن أفضل للناشرين ونحسن استثماراتنا. فنحن مهنيون. ومن أطلق مشروعا وأسس دار نشر فهو مستثمر وما عليه إلا أن يشمر على ساعديه ويتحمل مسؤولياته كاملة لا أن يعول على دعم من هذه الجهة أو تلك. وهذا دور الغرفة.
تمثل الغرفة في هذا المعرض إصدارات حوالي 10 دور نشر فكيف ترى إقبال الزوار على المؤلفات التونسية ؟
ثمة إقبال محترم جدا. ومن الزوار من يأتي بحثا عن إصدارات تونسية بعينها لباحثين وكتاب ومؤرخين تونسيين علما أن الكثير منهم كانوا طلبة لدى أساتذة جامعيين تونسيين ويأتون بحثا عن مؤلفاتهم أو مؤلفات نصحهم الأساتذة بقراءتها، ولاحظت أن جلهم يبحث عن كتب الفلسفة والتاريخ والشعر وخاصة يسألون عن مؤلفات الشاعر "أبو القاسم الشابي" والعلامة ابن خلدون أي انهم لا يعرفون غيرهما.
وفي تقديري مازال هناك الكثير من الجهد يجب القيام به للتعريف برواد الثقافة والفكر وبتاريخ تونس العريق، إذ يوجد أيضا للأسف من لا يعرف شيئا عن تونس زمن الرومان وفي العهد القرطاجني أو غيره من العهود القديمة بل يسألون فقط عن أحداث تتعلق بزمن الاستعمار وما بعد الاستقلال. لذلك من المهم جدا بذل جهد أكبر للتعريف بتاريخ تونس وحضارتها، وهذا دورنا نحن وكذلك دور الدولة التونسية للتعريف ببلادنا على نطاق أوسع.
وات