اجرت "الصباح نيوز " حوار مع النائب بمجلس النواب المجمدة أشغاله سمير ديلو قيم فيه اداء رئيسة الحكومة نجلاء بودن منذ تقلّدها المنصب خاصة والبلاد تمر بازمات اقتصادية واجتماعة وصحية.
كما تطرق ديلو في حواره إلى الوضع السياسي بالبلاد وأداء رئيس الجمهورية قيس سعيد قائلا بأننا بصدد اكتشاف صفة لم نكن نعرفها في رئيس الجمهوريّة وهي الرّغبة في الثّأر من معارضيه والإنتقام منهم.
وفي ما يلي نص الحوار:
المستقيلون من النهضة مؤخرا، ماهي وجهتهم المقبلة وهل هناك لقاءات بينكم وبين بقية القيادات من أجل تحديد وجهتكم القادمة ( تكوين حزب)؟
بالإضافة لانخراطنا في كلّ أشكال المقاومة المدنيّة السّلميّة لمسار خرق الدّستور والإعتداء على المؤسّسات المنتخبة ودفاعنا عن كلّ ضحايا الإنتهاكات والمحاكمات السّياسيّة الظّالمة .. فإنّ حواراتنا متواصلة لم تنقطع .. ونحن نسعى لتوسيعها فلا رغبة لي شخصيّا ( ولكثيرين غيري ) في مجرّد إعادة رسكلةٍ للمستقيلين من النّهضة أو في تكوين " نهضة - مكرّر " بل في حوارات عميقة وجريئة تجترح نقدا ذاتيّا حقيقيّا وتسائل التّجربة السّابقة وتنفتح على أشخاص وشخصيّات من خارج دائرة العلاقات التّقليديّة ..
نحن نتقدّم ولكنّنا تقنيّا لسنا بصدد التّأسيس بل في حوارٍ حول شروط وأُطُر المساهمة السّياسيّة في الشّأن العام ..
هل تعتبر أن الإسلام السياسي قد انتهى في تونس لينتهي بذلك حزب النهضة وفقا لتوجهاته الحالية؟
رأيي الخاصّ أنّ الإسلام السّياسي - كما أفهمه - وكما ترسّخ في الأذهان قد انتقل إلى رحمة .. التّاريخ ..!
فالأحزاب الحديثة - مهما كانت مشاريعها - لم تعد في حاجة لمرجعيّة الأديان فقد تحوّل الإسلام بفعل من أساؤوا استعماله ( بدرجات متفاوتة بين طيف يشمل من مارسوا العنف والإرهاب باسمه ومن اعتبرهم النّاخبون ممثّلين له ..! ) فالدّين إطار جامع .. ولم يعد اعتماد الدّين كمرجعيّة ( تجعل منه إيديولوجيا توازي الإيديولوجيات والفلسفات التي تعتمدها الأحزاب اليساريّة والعروبيّة ) مصدرا لأيّ أفضليّة في ظلّ ما شاب الممارسة السّياسيّة للأحزاب ذات المرجعيّة الإسلاميّة ( وخاصّة البعض من قياداتها البارزة ) من مثالب قيميّة و أخلاقيّة ..!
فالدّين يبقى في حماية معتنقيه ومدى حضوره في حياة النّاس مسألة شخصيّة كلّ ما تعلّق الأمر بالعقائد ومسألةً يحكمها الدّستور والقانون كلّما تعلّق الأمر بالفضاء العام ، وفي كلّ الأحوال فالعلاقة به ضبطتها توطئة الدّستور .. !
أمّا شأن الأحزاب فتسعه البرامج والمشاريع والتّلوينات المُحافِظةُ أو الأقلّ مُحافَظةً ..
ولكن لا أعتقد أنّ مصير حركة النّهضة مرتبط بنهاية الإسلام السّياسي بل بمدى قدرتها على التّجدّد والقيام بالمراجعات العميقة والشّجاعة التي تطال مؤسِّساتها ومؤسَّساتها وحوكمتها وصورتها وخطابها .. وهذا أمر يهمّ منتسبيها ..!
هل هناك لقاءات بينك وبين راشد الغنوشي؟
التقيت الغنّوشي مرّة واحدة - في مقبرة سيدي يحيى - لتعزيته في وفاة شقيقته رحمها الله ..
كيف ترون رفض منح نائبة من النهضة جواز سفر؟
نحن بصدد اكتشاف صفة لم نكن نعرفها في رئيس الجمهوريّة وهي الرّغبة في الثّأر من معارضيه والإنتقام منهم ، فالمنع من استخراج جواز السّفر ليس حدثا معزولا ولا عابرا : حرمان النّائب فائزة بوهلال من الحصول على جواز سفر ( برفض تمكينها من إثبات صفتها النّيابيّة الحاليّة ولا صفتها كأستاذة قبل النّيابة ) ، والتّعلّل بتعطّل الآلة الطّابعة لرفض منح النّائب محمد زريق جواز سفر منذ أسابيع عديدة ، ورفض تمكين النّائب سميرة السّميعي من التّغطية الصحّيّة رغم خطورة المرض الذي تواجهه ، وقبلها رفض تمتيع زوجة النّائب عماد الخميري من التّغطية الصّحّيّة ( وقد توفّيت رحمها الله صبيحة يوم الإربعاء 24 نوفمبر 2021 ) ، ومنع النّائب الموقوف مهدي بن غربيّة من رؤية ابنه ( ذي ال 4 سنوات ) بشكل مباشر رغم سماح قاضي التّحقيق بذلك (ورغم أنّه فقد أمّه في ظروف مأساويّة منذ بضعة أشهر ) ، واحتجاز نائب - يوم الأحد الفارط -في مطار قرطاج عند العودة من السّفر ..! بتعلّة الإستشارة قبل الدّخول S15 ( لم يعد إجراء الإستشارة قبل المغادرة S17 كافيا للإنتقام من النّوّاب ) .. فضلا عن مظلمة تجويع عدد كبير من النّوّاب وعائلاتهم بقطع رواتبهم تعسّفيّا وحرمانهم من استرجاع وظائفهم ورواتبهم قبل النّيابة ..!
وقائمة الإنتهاكات لا زالت طويلة ..!
ماهو موقفكم من الوضع الحالي في البلاد؟
استنفذ السّيّد قيس سعيّد أغلب طاقته في الإستحواذ على كلّ السّلطات وفي محاولة إعادة تشكيل النّظام السّياسي وفق رؤية هي أقرب للعبثيّة : مركزيّة مطلقة في أعلى الهرم ( الرّئاسة ) وبناء قاعديّ هلاميّ يقوم على تفتيت السّلطة والتّصعيد بالقرعة وفتح الباب لكلّ أشكال الشّعبويّات المدمّرة ..
قيس سعيّد لا يعيد تجربة الذين انحرفوا في ممارسة السّلطة فكرّسوا دولة الإستبداد والفساد ..
هو يرفع راية مكافحة الفساد ولكنّه بصدد الإجهاز على المؤسّسات وتفكيك الدّولة ..!
سعيّد قضّى سنتين يمارس المعارضة - تقريبا - وانفرد بكلّ الصّلاحيّات تقريبا مستفيدا من أخطاء خصومه السّياسيّين ومن تفاقم أزمة سياسيّة ودستوريّة ساهم في تعفينها ، ولكنّه فشل في الملفّات التي حاول معالجتها ( النّفايات ، التّشغيل ..) وهو أمام تحدّيين رئيسيًين .. :
الأزمة الإقتصاديّة ( واستتباعاتها الإجتماعيّة ) و الأزمة الدستوريّة والسّياسيّة في ظلّ نزوع فردانيّ أدّى لانفضاض مسانديه و سجن نفسه في عزلة تتفاقم يوما بعد يوم ..!
في حال فتح سعيد باب الحوار مع الاحزاب والشخصيات الوطنية من أجل تحديد خارطة الطريق هل ستكون من بين المشاركين؟
هذا يتوقّف على مصداقيّة الحوار وأفقه والمعنيّين به ..
ولكنّ الحوار يبقى في كلّ الأحوال السّبيل الوحيد لتفادي الكارثة غير المسبوقة التي تسير لها البلاد لو تواصلت السّياسة الحاليّة القائمة على الإنفراد بالرّأي والقرار ورفض الإستماع لأحد .. مخالفا كان أو مساندا ..!
النائب مبروك كرشيد دعا الى الطعن في الأمر الرئاسي 117، هل تسانده في هذه الدعوة؟
الأمر 117 غير دستوريّ بل هو فضيحة قانونيّة سيدرسها طلبة الحقوق لسنوات طويلة قادمة و هو نوع من العبث القانونيّ يندر العثور على مثيل له في التّجارب المقارنة .. والطّعن فيه - بالطّبع - حريّ بالمساندة والتّشجيع .. والتّحيّة ..!
ما موقفكم من مواصلة سعيّد الإجراءات الاستثنائية وخارطة الطريق التي تحدث عنها في لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي؟
إذا كان المقصود هو مكالمة الرّئيس مع وزير الخارجيّة الأمريكي فهذه المكالمة تثير إشكاليّات كبيرة :
فلم يرد في حديث سعيّد عن الإجراءات الإستثنائيّة أيّ مبرّر مقنع لاستمرارها : فلا " الخطر الجاثم " الذي تحدّث عنه ذو مصداقيّة وهي مجرّد بدعة يراد بها التّأسيس للدّيمومة والإلتفاف على المفهوم المنصوص عليه بالفصل 80 وهو " الخطر الدّاهم " الذي يتّصف بالإستثنائيّة وبأنّه مؤقّت ومحدود في الزّمن و يهدّد السّير العادي لدواليب الدّولة ويزول بزوال أسبابه ، ممّا يطرح تساؤلا مشروعًا عن مظاهر هذا .. " الخطر الجاثم " ؟ :
- هل هو العنف أم الفساد ؟
- هل هو المجلس النّيابي أم بعض أعضائه ؟ : إن كان هو المجلس فلِم لم يتمّ حلّه فيزول " الخطر الدّاهم " ..!!؟؟ وإن كان بعض نوّابه فلِم لا يُترك للقضاء القيام بدوره بعد أن .." تحرّر من الضّغوط " ..!!؟؟
- هل هو الدّستور أم بعض فصوله ؟؟ : من المفترض في هذه الحالة أنّ الأمر 117 قد أزال الخطر بأن علّق الأبواب التي تشكّل مصدرا للخطر ..!!
أمّا عن خارطة الطّريق فلا أثر لأيّ إشارة لمضمونها ولا آجال تنفيذها ..
فضلا عن أنّ الرّأي العام الوطني والإعلام الوطني كانا هما الأولى بأن يتوجّه لهما بالخطاب ..
ماهو موقفكم من مواصلة الدعوات للتّظاهر من قبل مواطنون ضد الانقلاب وهل تعتقد انها يمكن ان تؤدي إلى نتيجة؟
هذا ليس حقّا فقط بل واجب ما دام رئيس الجمهوريّة مصرّا على تعليق الدّستور والإنفراد بالسّلطة والرّفض القاطع للحوار مع الجميع ، والمنتظر أن تتوسّع وتتنوّع مظاهر الرّفض للحكم الفردي والخروج عن الشّرعيّة الدّستوريّة ..
ما تقييمكم لاداء نجلاء بودن منذ تقلّدها المنصب خاصة وأننا نمر بازمات اقتصادية واجتماعة وصحية؟
الحكم لها مجاملة والحكم عليها إجحاف ، فلا يمكن تقييم من لم نسمع لها صوتا ولا نعلم حدود صلاحيّاتها ولا تحديدا للمدى الزّمني لمهمّتها ولا تواصل لها مع الإعلام والمواطنين ..
تُقابلُ رئيسَ الجمهوريّة فنسمعه ونكتفي برؤيتها تسمع وتهشّ برأسها .. ولا تملك حتّى حرّيّة اختيار مستشاريها..!
وكلّ وزراء حكومتها خاضعون لإجراء ال S117 ..! : .. الإستشارة قبل اتّخاذ القرار ..! و الإستشارة قبل التّصريح للإعلام ..!
والسّؤال الحقيقيّ هو : كيف يمكن تقييم أداء رئيسة .. حكومة يترأّسها فعليّا رئيس الجمهوريّة ..!؟
وهل تعتقد أن حكومة بودن ستصمد في مواجهة الازمات التي تمر بها البلاد؟
القطع بأنّها لن تصمد قد يوحي بأنّي أتمنّى لها الفشل .. وهذا عكس ما أرجوه ..!
فرغم أنّها حكومة غير شرعيّة لأنّها لم تنل تزكية مؤسّسة تشريعيّة منتخبة .. فإنّي أرجو أن تنجح لأنّها إن فشلت لا قدّر الله فمن سيدفع الثّمن هم المواطنون التّونسيّون سواء منهم من هلّل لتعيينها أم لا ..
ولكن النّجاح لا يأتي دون شروط ولا يحصل في غياب أيّ مؤشّرات ..!
أغلب المؤشّرات سلبيّة وبعضها شديد السّلبيّة ..: هذه حكومة دون برنامج ولا أفق زمنيّ واضح ، وليس لها أيّ تصوّر مقنع لحلّ مشكلة الماليّة العموميّة وخاصّة تعبئة الموارد الماليّة الضّروريّة لميزانيّة 2021 ، فضلا عن مواجهة استحقاقات موسم اجتماعيّ ساخن على إيقاع المفاوضات الإجتماعيّة في القطاعين العام والخاصّ ( في إطار تنفيذ التّعهّدات السّابقة أو الإتّفاقيّات المنتظرة ) ، والملفّات السّاخنة : التّشغيل ( القانون 38 وما انجرّ عن إعلان الرّئاسة عدم النّيّة في تطبيقه من احتجاجات عارمة ) وإشكاليّات رفع ومعالجة النّفايات .. والإصلاحات الكبرى ..كلّ هذا في ظلّ وضع سياسي متردّ وغياب أيّ بوادر انفراج أو منحى تشاركيّ ..
أميرة الدريدي