إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الشركات الوطنية الكبرى: من خلق التنمية.. إلى عبء على الدولة!

وضعية مالية حرجة لمؤسسات عمومية تعتبر اقطابا  اقتصادية وصناعة وتنموية في عدة جهات من البلاد..مؤسسات تم احداثها منذ الاستقلال لتكون رافدا من روافد التنمية الجهوية وقاطرة تجر خلفها ولايات باكملها كانت تعاني من الفقر والخصاصة والتهميش .

شركة فسفاط قفصة ، المجمع الكيميائي ، الشركة التونسية لصناعة التكرير وشركة الفولاذ والشركة التونسية لعجين الحلفاء والورق وغيرها من المؤسسات الوطنية كانت مصدر "الخيرات " للجهات التي احدثت فيها الا انها سرعان ما تحولت إلى نقمة فضاعفت مشاكل المناطق التي احدثت فيها كما ضاعفت أزمة الاقتصاد الوطني في السنوات الأخيرة وأضحت تمثلا عبئا ثقيلا على التوازنات المالية للبلاد.

وفي هذا الصدد علق الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان ل"الصباح" قائلا أن هذه المؤسسات كانت تشكل أحد اهم مصادر تمويل الميزانية وتساعد على التقليص من اللجوء الى التداين الخارجي بفضل إيراداتها التي كانت توفرها وهي موارد مالية محترمة لخزينة الدولة.

واعتبر أن وضعية هذه المؤسسات انقلبت راسا على عقب وتحولت من مؤسسات العمومية رابحة الى مصدر مقلق للموازنة جعلت الحكومات المتعاقبة امام حلقة مفرغة في ضخ أموال في هذه الشركات من اجل مواصلة نشاطها على الرغم من انها شارفت على الإفلاس.

وابرز أن الانتدابات العشوائية في سنوات ما بعد الثورة أرهقت هذه الشركات على غرار شركة فسفاط قفصة التي كانت تشتغل ب8000 عامل وتنتج 8.2 مليون طن من الفسفاط في السنة أصبحت اليوم تشتغل ب32 الف عامل ولا تنتج سوى 3 مليون طن ، في حين انها كانت توفر للدول ارباحا بحوالي 2 مليار دينار الا انها باتت اليوم تثقل كاهل الدولة بمصاريف إضافية فادحة بسبب ارتفاع نفقاتها مقابل عجزها عن توفير موارد ذاتية ما جعلها عاجزة عن خلاص أجور عمالها.

فهذه المؤسسات، وفق قوله، قد أصبحت عاجزة وموازناتها مختلة كونها اضحت غير قادرة عن الانتاج كما انها لا تصدر فانتفت كل ادوارها الأساسية في الجهة، وما زاد الطين بلة الاضرابات والاعتصامات للعاطلين عن العمل المطالبون بالتشغيل ما فاقم من وضعيتها المتردية.

واعتبر الخبير الاقتصادي أن تأخر عملية الإصلاح وهيكلة هذه المؤسسات عمق من جراحها فاتت تتخبط في المديونية وعاجزة عن خلاص عمالها كما انها غير قادرة على صيانة أو شراء معدات جديدة بعد تآكل معداتها.

وأكد أن إصلاح المؤسّسات العمومية ليس خطا احمرا لذا لابد من جلوس كل الأطراف المتدخلة على طاولة الحوار من أجل وضع مخططات إصلاح وهيكلة لكل مؤسسة حسب ما يتطلبه الوضع.

اليوم المؤسسات العمومية الكبرى التي كانت رافعة تنموية واقتصادية بالجهات تحت مجهر "الصباح" للوقوف على وضعها ومدى قدرتها على القيام بدورها اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا، وهل فعلا نحجت في القيام بهذا الدور ام انها تحولت من نعمة إلى نقمة.

 

حنان قيراط

 

الشركات الوطنية الكبرى..من اقطاب لخلق التنمية بالجهات..إلى مؤسسات ارهقتها المديونية

*الفولاذ" و"ستير"..مديونية وعجز مالي رهيب ..والوضع قد يخرج عن السيطرة


ففي ولاية بنزرت وضع صعب تعيش على وقعه مؤسستان وطنيتان هما " الفلاذ" و"الشركة التونسية لصناعة التكرير" أو "ستير" وضع جعل الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت يطالب بالتسريع بانقاذ المؤسسين

الفولاذ 500 مليون دينار ديون..ووضعية شائكة

حيث انعقدت يوم 18 سبتمبر 2021 جلسة عمل بمقر ولاية  بنزرت  لمتابعة  وضعية  شركة " الفولاذ " المنتصبة بمدينة منزل بورقيبة وقد اكد خلالها  منير مخلوف المدير العام للمؤسسة ان عملية  التأهيل تمثل اولوية  اقتصادية مطلقة بالنظر لطبيعة نشاطها المؤثر على عديد القطاعات الاخرى خاصة البناء والفلاحة ، واضاف ان انقاذ الشركة سيكلف المجموعة الوطنية قرابة  295 مليون دينار تمثل  تكاليف سنة فقط من  الاستيراد  بالعملة الصعبة للعروق الفولاذية. من جهته ذكر  المدير العام ان مصاريف المؤسسة اليومية تفوق حاليا  10 آلاف دينار، هذا وقد  تراجع انتاجها خلال العشر سنوات الاخيرة بنسبة 40 ٪ والمبيعات بنسبة 62 ٪ وانحدر رقم معاملاتها  بنسبة 30 %،  وتوقع المدير العام ان يمكن برنامج  التأهيل حال إنجازه  من تطوير الانتاج السنوي الى ما يقارب 300 الف طن من العروق الفولاذية بما يلبي  كل الطلبات المحلية ويمكن  الشركة  من مداخيل اضافية  تغطي نسبة هامة من العجز المالي الرهيب.

بعد شهر ونصف  من اجتماع الولاية لم تتغير وضعية  " الفولاذ " التي كاد يلفها النسيان   قبل ان تعلن سلطة الاشراف  يوم 04 نوفمبر 2021  عن موقفها في بيان اكدت فيه  " انها حريصة على اعادة هيكلة الشركة  وإدراج ملفها ضمن أولويات برنامج عملها للفترة القادمة عبر اعتماد مسار تشاركي مع جميع الأطراف المعنية بغاية إيجاد حلول كفيلة لضمان استمرارية نشاطها مع  العمل على حسن حوكمتها " .ولكن الوزارة  إلى اليوم لم تكشف عن برنامج الإصلاح قصد حلحلة الوضع الشائك.  وصمت الحكومة أثار مجددا جملة من التساؤلات حول ماهية برنامج الإصلاح ومدى انخراط  الدولة في مسار انقاذ " الفولاذ "ومدى قدرتها  على توفير الاطر القانونية والموارد المالية اللازمة في هذا  الظرف المالي الصعب لتجاوزه كما أن البعض قد عبر عن خوفه من أن تكون وضعية الشركة الوطنية الفولاذ  قد خرجت فعلا عن السيطرة ؟   

وحسب معطيات تحصلت عليها " الصباح "  فان ديون  شركة " الفولاذ "قد ارتفعت  في  نهاية شهر اوت 2021 الى ما يقارب نصف مليار دينار تونسي تتوزع بين مستحقات عالقة لمزودين محليين وأجانب ، ديون وفوائد متراكمة  منذ سنة 2008 لفائدة  بنوك تونسية  واكثر من 104 مليون دينار  فاتورة استهلاك  الشركة التونسية للكهرباء والغاز و04 مليون دينار مصاريف المحروقات التي تستغل في الانتاج .
وتشغل المؤسسة حاليا قرابة 982 عونا واطارا بعد ان كان العدد في حدود 1083 خلال سنة 2019 ولكن رغم تقلص عدد الاعوان  فقد ارتفعت كتلة الاجور بمفعول الزيادات في القطاع العام.

وللوقوف على  الوضعية الحالية للشركة  التقت " الصباح " سامي السيد الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت الذي خبر تفاصيل الموضوع الشائك بعد ان شارك في عشرات الجلسات الجهوية والمركزية التي خصصت للنظر في وضعية " الفولاذ " التي يرتهن انقاذها حسب محدثنا " لتجاوز الحواجز البيروقراطية التي وضعتها الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الماضية وتابع " نحن كنقابيين ندعم كل البرامج التي تحافظ على ديمومة الشركات العمومية وتضمن مكتسبات العمال، واستدرك قائلا " على الحكومة ان تطبق  الاجراءات اللازمة لتأهيل " الفولاذ " و فق تمشي واضح يبدأ  بالتصدي لظاهرة تهريب الحديد من الدول المجاورة وتحجير تصدير " الخردة المعدنية " وبيعها حصرا للفولاذ ( مع صرف مستحقات المزودين في اجال معقولة) مما يضمن الكميات اللازمة من المواد الاولية لدوران  المصنع  وصولا الى تكثيف المراقبة على الشركات المنافسة. هذا مع ضرورة تدخل وزارة الاشراف لجدولة ديون الشركة والتقليص من الفوائد  المتراكمة وفق صيغة تضمن حق البنوك الوطنية والمزودين و تفتح مسارات تمويل جديدة للشركة المنهكة".

وحسب سامي السيد فان برنامج التأهيل  سيسرع  علاج الشركة العليلة التي ستتمكن  خلال مرحلة اولى تمتد بين  3 الى 4 سنوات من انتاج 300 الف طن من العروق الفولاذية وبعد  بفترة تقييم ومراجعة الاخلالات ،ان وجدت  ، تنطلق المرحلة الثانية التي تنتهي نظريا بالتعافي التام بعد ان يبلغ الانتاج قرابة  600 الف طن من العروق الفولاذية .وفسر السيد " ان التأهيل المرحلي على سنوات سيقلص من الاخطاء  وسيخفف الاعباء المالية على ميزانية الدولة المطالبة من جهتها باسترجاع ثقة المستثمرين الاجانب الراغبين في انقاذ المؤسسة ما سيمكن من توفير حاجيات كل المؤسسات العمومية  والخواص من الحديد والصلب وغيرهما  من المنتجات الضرورية".

وكانت هذه المقترحات وغيرها محور جلسة  انعقدت يوم 15 نوفمبر 2021 بالعاصمة  جدد خلالها الطرف الاجتماعي مساندته لمشروع الهيكلة وفق برنامج  واضح يحافظ على كل انشطة المؤسسة بما فيها وحدات الحديد، الدرفلة ، الهياكل المعدنية والاسلاك مع تركيز وحدة وطنية لصناعة الأكسيجين الطبي، وتقديم خدمات مخبرية لبعض الشركات الناشطة في مجال التعدين  مما يؤمن دخلا اضافيا  للفولاذ.  كما دعا ممثلو الاتحاد العام التونسي للشغل لعقد مجلس وزاري في اسرع الاجال  لفض  اشكاليات المؤسسة لما تمثله من ثقل اقتصادي واجتماعي في ولاية بنزرت وخارجها مع تنبيههم  الى ضرورة  تلازم مسار مشروع تطهير بحيرة بنزرت مع تأهيل وحدات الانتاج في شركة  " الفولاذ " المطالبة بالتقليص تدريجيا من الانبعاثات الغازية وتطوير وحدة معالجة المياه المستعملة .. كما حذر النقابيون من التأخير في انطلاق برنامج التأهيل على اعتبار ان  كلفته ،في ظل  الزيادات المتتالية لاسعار المعدات و قطع الغيار ،  لتطوير الانتاج والمحافظة على جودته .

وحسب المعطيات التي تحصلت عليها  " الصباح "  فقد ابدى كل المتدخلين جهويا ومركزيا  في موضوع شركة "الفولاذ  " استعدادهم لإنجاح مرحلة التأهيل بعد المصادقة عليها نهائيا من مكتب دراسات واقرارها في مجلس وزاري  كان من المفترض ان ينعقد منتصف شهر ديسمبر 2020  قبل ان يتم تأجيله في ظروف غامضة  الى موعد لاحق  مما يشي ان بعض الاطراف من خارج مائدة الحوار او من داخلها  لا ترغب في ديمومة الشركة  تنتظر ان تتهاوى تدريجيا ليتم الاجهاز عليها وشراؤها بسعر بخس قد لا يفوق 50 مليون دينار التي عرضها سنة 2017 احد المستثمرين الاجانب في ما اعتبر حينها فضيحة دولة.


الستير  ضحية الدولة ؟

على الضفة المقابلة لمصنع الفولاذ تنتصب الشركة التونسية لصناعات التكرير المعروفة اختصارا بـ"الستير" والتي تشغل بمصنعها بجرزونة  قرابة 597 عونا واطارا وهي ثاني اهم المؤسسات الوطنية  من حيث رقم المعاملات الذي بلغ 4716 مليون دينار سنة 2019 تتأتى 70 بالمائة  منها من استيراد المواد البترولية وتوزيعها بالسوق المحلية عبر شركات التوزيع بنظام التسعيرة الادارية ( باستثناء مادة الكيروزان). فيما يرد الباقي من تكرير النفط الخام وبيع المواد البترولية المنتجة إلى شركات التوزيع الداخلية وتصدير الغاز غير القابل للتسويق محليا.

 نظريا تبدو وضعية المؤسسة الوطنية ممتازة حيث انها تحتكر توزيع منتجات النفط لكنها في الواقع تعاني من عجز مالي رهيب بلغ 1323 مليون دينار نهاية سنة 2019 وهي حاليا غير قادرة على خلاص عدد من المزودين الاجانب وتسديد ديونها...  وحسب تصريح سلوى الصغير المديرة العامة السابقة للشركة فان العجز يتمثل في الفارق بين سعر تكلفة المواد البترولية بالأسواق العالمية وسعر بيعها بالسوق المحلية وتأخر صرف منحة دعم المحروقات التي تدفعها الدولة والتي يتم تحديدها بقانون المالية  استنادا على معطيات  مختلفة ترتبط  بسعر بيع البترول في الاسواق العالمية وصرف الدينار التونسي مقابل الدولار الامريكي ..

وكانت لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة بمجلس نواب الشعب قد ادت يوم 20 جانفي 2020 زيارة ميدانية إلى الشركة التونسية لصناعات التكرير بولاية بنزرت دعت اثرها الى  ضرورة إعادة تأهيل وحدات الانتاج التي تشكل خطورة على سلامة المحيط والعناية بالبنية التحتية للمصفاة وصرف المبالغ التكميلية لتغطية العجز المالي الضخم  حتى يتسنى للشركة مواصلة نشاطها مع بحث صيغ جديدة لتخفيض ديونها و قد اكد  حينها  ممثل وزارة الاشراف ان التخفيض من  دعم المحروقات و توجيهه  نحو مستحقيه هو الحل الافضل  لإنقاذ الشركة وفضلا عن تداعياته الاجتماعية والاقتصادية غير المحمودة فان توجيه الدعم لمستحقيه  هي صيغة فضفاض لا يمكن تطبيقها بسهولة لان الهياكل والمؤسسات العمومية  هي اهم حرفاء الستير التي تنتظر بدورها  مستحقاتها العالقة لدى الدولة  لتحسين وضعها المالي و تطوير ادائها .

ساسي الطرابلسي

 
فسفاط قفصة.. انهيار وشبح الافلاس يخيم على الشركة..والحل في الهيكلة العاجلة


قطاع الفسفاط الذي يعد من القطاعات الحيوية في ولاية قفصة وعلى المستوى الوطني ولئن يشهد اليوم انفراجا نسبيا على مستوى الانتاج ونمو الصادرات من المواد المنجمية نحو الاسواق التقليدية بعد انفراج الوضع الاجتماعي بالحوض المنجمي ورفع الاعتصامات التي شلت لفترة طويلة مختلف مواقع الانتاج ما فتح ابواب الامل على استعادة هذا القطاع المهم لعافيته بما يساعد على رفع حجم النمو الاقتصادي للبلاد ويساعد على بعث بعض المشاريع الكفيلة برفع مستوى عيش متساكني الجهة وهو ما يبدو نظريا امرا ممكنا بنظر الملاحظين و المتابعين للشان التنموي و الاقتصادي بمن فيهم الاطراف الفاعلة في المشهد القطاعي للمناجم على غرار الاطراف النقابية.

الشركة على شفى هاوي..

وفي هذا الصدد أفاد عمر الكنز الكاتب العام المساعد للفرع الجامعي للمناجم "الصباح" أن وضع شركة فسفاط قفصة يشهد استقرارا ملحوظا خلال الفترة الراهنة نتيجة مساهمة عدة اطراف منها النقابات المهنية التي قال بانها تفاعلت مع الدعوة التي اطلقها الفرع الجامعي للمناجم لرفع الاعتصامات ودفع آليات الانتاج بالاقاليم الاربعة الراجعة بالنظر لشركة فسفاط قفصة وذلك على الرغم من عدم الاستقرار السياسي و الاجتماعي الذي تعيشه البلاد بشكل عام و غياب الرؤية الواضحة لدى اصحاب القرار المركزي في التعاطي مع الوضع الراهن للبلاد واولويات المرحلة الحالية.
واكد ان الحكومات المتعاقبة منذ 2011 تغاضت عن انقاذ هذه المؤسسة من الانهيار وتخليصها من شبح الافلاس وهو ما جعلها عاجزة عن اداء دورها الاقتصادي والاجتماعي المعهود بحكم ثقلها الاستراتيجي في بناء صرح الاقتصاد ولاسيما نمو المنطقة بفضل الميزانية الاجتماعية المخصصة لهذا الغرض، وعلى هذا الاساس دعا محدثنا القائمين على الشأن الوطني الى فتح ملف الفسفاط بشكل جدي وذلك بالاعتماد على آليات محددة ومخطط واضح في سبيل انقاذ هذه المؤسسة الوطنية المهمة حتى تتعافى وتنخرط من جديد في بناء صرح الاقتصاد الوطني وتساهم في تنمية المنطقة وذلك بالاستعانة بالكفاءات والطاقات البشرية المتوفرة لدى الشركة .

الكاتب العام المساعد للفرع الجامعي للمناجم عمر الكنز تقدم عبر "الصباح" بجملة من الاقتراحات والحلول الممكنة للرفع من حجم الانتاج حتى يبلغ طاقته القصوى المقدرة بنحو 22 الف طن يوميا من ابرزها تطوير المهارات الفنية لاعوان الشركة لمواكبة التغيرات التي تطرأ على التقنيات المتبعة في المجال ومواكبة التطورات المختلفة على مستوى المكننة والوسائل الضرورية في مجال الاستخراج والنقل. وفي نفس الاطار اكد محدثنا على ضرورة الانكباب على وضع الشركة، من قبل اصحاب القرار المركزي، مقترحا مراجعة ما جاء بمجلة المناجم بما يضمن لشركة فسفاط قفصة الاستفادة من آليات الاعفاء الجبائي بما ييسر لها اقتناء قطع الغيار من الخارج، كما دعا الى ازاحة الاشكال المتعلق بنقل الفسفاط عبر تفعيل الخط الحديدي الرابط بين المتلوي والرديف في حال تهيئة وانجاز القنطرة المتواجدة على مستوى الخط المذكور ليتسنى استغلال هذا الخط مجددا ومن ورائه توفير كميات اكبر من مادة الفسفاط بما يرفع من حجم انتاجه .
عمر الكنز الكاتب العام المساعد للفرع الجامعي للمناجم اعرب عن يقينه تجاوز الصعوبات التي تعترض شركة فسفاط قفصة واعادة استقرارها شريطة توفير الحد الادنى من الادوات المساعدة على ذلك والتي اتى على البعض منها في سياق المقترحات العملية المقدمة في سياق حديثه حول وأقع شركة فسفاط قفصة وقطاع المناجم عموما في ظل الوضع الاجتماعي الذي يطبع المشهد العام بعموم الحوض المنجمي .

إشكاليات في انتظار الحلول

وبطبيعة الحال ما لبثت ترافق هذا القطاع جملة الإشكاليات التي تظل في انتظار الحلول حتى لا يتحول هذا القطاع من نعمة الى نقمة، لعل من أبرزها معضلة التشغيل حيث أن كل العاطلين عن العمل تقريبا يعولون على شركة فسفاط قفصة انتدابهم وهو ما أدى إلى ارتفاع منسوب احتجاجات المعطلين خاصة بعد الثورة للمطالبة بالتشغيل ما أدى الى تعطيل الانتاج على امتداد سنوات ما كبد البلاد خسائر فادحة حتى أن تونس باتت من منتج للفسفاط لمورد .
ولا يمكن الحديث عن الفسفاط دون الحديث عن المشاكل البيئية الناجمة عن الأنشطة الفسفاطية وهو ما بات يثير انزعاج متساكني الحوض المنجمي وعموم المنطقة ليتأزم الوضع أكثر فأكثر بعد تركيز وحدة المجمع الكيميائي التونسي بالمظيلة الذي وصل تأثيره إلى المناطق المجاورة مثل منطقة السقدود ومنطقة القطار وفقا لما أكده لـ"الصباح" منصف العلوي عضو فرع الحوض المنجمي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية استنادا لتقرير وكالة حماية المحيط الذي صدر مؤخرا ، مؤكدا أن أنشطة شركة فسفاط قفصة تتسبب في انبعاث كميات كبيرة من الغبار وهو ما يراه سببا مباشرا في تعرض متساكني المنطقة الى الإصابة بأمراض سرطان الرئة والأمراض التنفسية مثل الربو والحساسية .
ومن العوامل السلبية الاخرى الناجمة عن الأنشطة الفسفاطية تلك المتعلقة بالاستنزاف المهول لمقدرات الجهة المائية من قبل شركة فسفاط قفصة ما ادى الى جفاف عديد المنشآت المائية على غرار المسابح الرومانية فضلا عن تدمير ثلاثة أنظمة بيئية هامة في المنطقة وهي النظام البيئي الواحي والنظام البيئي للمراعي والنظام البيئي الجبلي مما اثر سلبيا على القطاع الفلاحي برمته وفق الخبراء في الميدانين البيئي والفلاحي وهي من النقاط السلبية الناجمة عن أنشطة الفسفاط مما يتطلب البحث عن حلول عملية عاجلة حتى لا تنقلب نعمة " الذهب الأسود " الى نقمة على متساكني مناطق الحوض المنجمي وعموم جهة قفصة .

رؤوف العياري 


 " السيليلوز" .. توقف النشاط منذ 3 سنوات ..وصعوبات مالية وتآكل المعدات أبرز الإشكاليات 


تمثل الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين او ماتعرف لدى الأهالي بمعمل "السيليلوز" أقدم المؤسسات الاقتصادية والحيوية في الجهة وبالبلاد التونسية باعتبار قيمتها الانتاجية والطاقة التشغيلية وانفتاحها كذلك على الولايات المجاورة حيث تنتصب على مايناهز 34 هكتارا وتمثل ذاكرة الجهة بامتياز .

ديون..وتقادم المعدات
"السيليلوز" اليوم انحدرت الى أسوء حالاتها لأسباب عديدة منها حجم المديونية وتقادم المعدات وغيرها من الأسباب العميقة التي تصل الى غياب الارادة السياسية في الاصلاح والمحافظة على ديمومة المؤسسة وفق الاهالي وعديد المطلعين على واقع المؤسسة التي تعاني توقف الانتاج منذ مدة وتنتظر استكمال مراحل مسار نقلتها خارج المدينة. 
صعوبات مالية وتقادم المعدات يقابله توقف الانتاج ووضع حرج للعملة والنقابة تنادي باعادة هيكلة الشركة لا نقلتها. 
وضع الصعب تمر به المؤسسة عبّر عنه بحرقة الكاتب العام لنقابة اطارات وعملة الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين عادل مغران في حديثه لـ"الصباح " مفيدا بأن انهيار الشركة هو نتاج لعدة أسباب أهمها تراكمات السياسات المنتهجة من قبل الحكومات ضد المؤسسات العمومية قصد اغراقها وافلاسها وبالتالي التفويت فيها الى الخواص وتنفيذا لاملاءات الصناديق المانحة وخير دليل على ذلك عدم توفر الارادة السياسية للمحافظة عليها والعمل على التدخل للاصلاح وضمان ديمومتها التي تقوي العمود الفقري للدولة على اعتبار ان كل المؤسسات العمومية الكبرى تعد فقرات للعمود الفقري للاقتصاد الوطني لتحقيق التنمية.
وشرح محدثنا ان البدايات في عملية تخريب المؤسسة بدأت منذ سنة 2007 و2008 بوضع الدولة لبرنامج ما يعرف بالافراق اي ايجاد مؤسسات صغرى داخل مؤسسات كبرى بتعلة توفير فرص عمل وكانت تلك بمثابة الخطوات الاولى نحو الخوصصة حين يشعر العامل بالخوف فقط على مرتبه . 

ويضيف محدثنا أن الدولة لم تتدخل منذ تأسيس هذه المؤسسة، وبين انه منذ 1963 لم تقم الدولة بعمليات الصيانة للمعدات والالات التي من بينها من مرت عليها أكثر من 30 سنة دون صيانة، ذاكرا مثالا لمعدات في غاية الحساسية في وحدة الحوكلة أو الوحدة الخاصة بالمواد الكيميائية من كلور وغيره والتي يجب صيانتها بعد كل 15 سنة على اقصى تقدير لكن هذا لم يحدث في معمل "السيليلوز" . كما أشار الى أن خروج أحد المستثمرين الاجانب منذ سنوات والمختصين في صناعة التبغ والذي كان له تأثير كبير في انتاج المؤسسة باعتماده على مادة الحلفاء وتغيير نشاطه وتعامله مع مؤسسات أخرى المعتمدة على الخشب كان كذلك من بين اسباب تدهور وضع المؤسسة على حد قوله . 

توقف المصنع ..وآلاف العائلات دون مورد رزق


اما عن سير العمل حاليا بالمؤسسة فيقول كاتب عام نقابة اطارات وأعوان معمل السيليلوز أن العمل متوقف وكل شيء معطل ولا يوجد انتاج منذ 3 سنوات تقريبا وذلك بسبب مسألة تعطل المرجع الحراري الذي يشغل 3 وحدات بالشركة  والذي كاد ان ينفجر في وقت ما.
وكشف أن المرجع مازال إلى يوم ينتظر استبداله خاصة بعد ماتعلق به من ممارسات وصلت الى القضاء ، حيث تم في مرحلة أولى التعاقد مع شركة تركية فازت بهذه الصفقة ولكن عند الوصول الى مرحلة تركيبه والوقوف على تجاربه تفطن المكتب الذي يعود الى وزارة الصناعة والمشرف على مراقبة العملية ككل الى عدم تطابق في كراس الشروط مع مواصفات المرجع الحراري للشركة التركية رغم حصول الشركة على نسبة هامة من الصفقة ما أدى الى احالة الملف الى القضاء. وحسب محدثنا فقد تم التعاقد مع مستثمر ايطالي فاز بالصفقة بعد تلك الحادثة ولكن لا يعلمون لماذا لم يتم بعد استئناف العمل والسعي نحو تركيز المرجع حتى تعود الحركية وعجلة الانتاج في المؤسسة .

في نفس السياق افاد محدثنا انهم يعملون دونهامش ربح على عكس الخواص فمثلا في مايتعلق بانتاج الورق المدعم فإن الشركة تنتج حوالي 20 الى 25 طن منها أكثر من 13 طن للكراس المدعم ولكن قيمة الطن تساوي 2000 دينار في المقابل تشتري الدولة من الخواص الطن الواحد ب 4000 دينار وهنا كان الاحرى على الدولة ان تشجع المؤسسات العمومية والتدخل لفائدتها لا التشجيع على الخوصصة، وفق قوله . 

وكشف أن الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين تشغل مايقارب 900 عون مباشر و6 الاف عون غير مباشر ، ووفقا لمحدثنا فإن هؤلاء الاعوان غير مباشرين يتركزون على الحدود والمناطق الجبلية والذين يمثلون الدرع الأول في تأمين الامن للبلاد و6 الاف عائلة تعيش من هذه المؤسسة موزعين ليس فقط بجهة القصرين بل تمتد الى ولايتي قفصة وسيدي بوزيد . وكان على الدولة والحكومات المتعاقبة التفكير في هذه العائلات والطاقة التشغيلية الكبرى لقطب صناعي عريق بالجهة وبالبلاد التونسية لا أن تعمق اللاعدل بين الجهات على حد قوله . كما أشار في نفس الموضوع أن الاوضاع الحالية للعملة صعبة للغاية فبسبب الصعوبات المالية للشركة وحجم المديونية الكبير اثر على خلاص العمال والمزودين أيضا . فالعمال أحيانا لا يتقاضون أجورهم لشهرين ولا بصفة منتظمة في السنوات الأخيرة وحتى التغطية الصحية والاجتماعية لايتمتعون بها. كما بين أن العمال أصبحوا لا يتمتعون بالعطل ولا ببعض الامتيازات في السلم الوظيفي كما ان الساعات الاضافية يقضونها في عمل الحراسة للمؤسسة ولمعداتها خوفا من سرقتها او الحاق الضرر بالشركة التي أفنوا اعمارهم فيها والتي عاش بين أسوارها أجيال متلاحقة . 

وهم نقل مقر الشركة

وفي تعليقه على عملية نقل المعمل الى خارج مدينة القصرين فقد أفاد محدثنا أن هذه العملية بمثابة الوهم فبدل أن تسعى الدولة الى توفير المعدات اللازمة للمعمل والعمل على اعادة انعاش الوحدات وصيانة المعدات التي تآكلت بمرور الزمن والتي ستكلفها ما يناهز 90 مليون دينار تقوم الدولة بدراسات والتخطيط والتوجه الى نقلة المؤسسة بما يتجاوز قيمته 800 مليون دينار وهذا عين العبث من الحكومات، وفق قوله . مشيرا الى انهم كطرف اجتماعي ونقابي يرون أن الحل الأنجع حاليا هو في تطبيق وتفعيل استراتيجية انقاذ قام ابناء الشركة بانجازها وتتمثل أهم بنودها في إعادة هيكلة المؤسسة ، والتطهير المالي وايجاد السيولة والمال المتداول من أجل خلاص المزودين وجدولة ديون الشركة والتطهير البشري المتمثل في تسريح العمال خاصة أن منهم من تقدم في العمر ولم يعد قادرا على تقديم الاضافة بشكل ناجع، والضغط على كلفة الاجور التي ستوفر على الدولة الكثير من الموارد المالية فبدل صرف 22 مليون دينار مصاريف خلاص العمال ستصبح مطالبة فقط 8 مليون دينار . وبالتالي مع هذه النقاط الثلاثة تعود الحياة والانتعاشة للمؤسسة وعودة الحياة للعمال والدورة الاقتصادية للجهة مشددا على أنهم يمثلون شريكا فاعلا في أي موضوع يتعلق بالشركة ويجب تشريكهم في تقرير مصير مؤسستهم.

يذكر أنه تم في أكتوبر المنقضي  تم قبول المرحلة الرابعة والأخيرة من الإستشارة المتعلقة بمشروع نقلة مصانع الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق من موقعها الحالي بوسط مدينة القصرين إلى المنطقة الصناعية طريق تالة - القصرين والإستشارة المذكورة كانت نتيجة اتفاقية تعاون فني بين مجموعة البنك الإسلامي للتنمية ووزارة التنمية والإستثمار والتعاون الدولي والتي تم بمقتضاها منح الشركة الوطنية لعجبن الحلفاء والورق مبلغا ماليا قيمته 280 ألف دولار أمريكي، وتنظيم استشارة واختيار مكتب دراسات للقيام بها. وتضم الإستشارة 4 مراحل، وتهم المرحلة الأولى والثانية والثالثة التي تمت المصادقة عليهم سابقا، تشخيص الموقع الحالي لمصانع الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق، وتقديم الاقتراحات البديلة، وعرض التصاميم الأولية للمصانع الجديدة بالموقع الجديد، مع تثمين الموقع الحالي وتقديم الملفات الخاصة بطلبات العروض كما تم عرض الملف المتعلق بمشروع نقلة مصانع عجين الحلفاء والورق على أنظار مجلس إدارة الشركة والمصادقة عليه  ليتم فيما بعد عرضه على أنظار رئاسة الحكومة، وفي صورة تمت المصادقة عليه سيتم نشر إعلان طلب العروض والانطلاق في تنفيذ عملية النقلة.

ويشار الى أن الموقع الجديد المقترح لنقلة الشركة يمسح 35 هكتارا فيما يمسح الموقع القديم 34 هكتارا، ومن المنتظر أن تستغرق عملية النقلة 4 سنوات ونصف وستكون متوازية مع مشروع تعصير الشركة والمحافظة على نشاطها وإعطائها قيمة مضافة وتطوير استثماراتها. 

وتجدر الاشارة أن الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق تم الاتفاق في محضر جلسة ممضى بين الطرف الحكومي والطرف الاجتماعي في ماي المنقضي يقضي بادراجها ضمن المؤسسات السبعة التي سيقع التدخل لانقاذها .

شبهات فساد تطال عدد من المسؤولين بالشركة: 


من جهة أخرى هناك عدة شبهات فساد طالت عدد من المسؤولين في الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين أتى عليها مرصد رقابة في شكاية أودعها في 11 من نوفمبر الجاري لدى لدى وكيل الجمهورية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، موجهة بشكل أساسي ضدّ الرئيس المدير العام للشركة السابق لبيد الغضباني الى جانب مسؤولين آخرين، وذلك بسبب ما أسماها بالتجاوزات والمخالفات القانونية وشبهات الفساد المتعلقة بمختلف أوجه التصرف بهذه المنشأة العمومية. مطالبا بضرورة فتح تحقيق يأتي على مختلف الإخلالات القانونية الخطيرة ومن المعاملات المشبوهة من طرف المشتكى بهم، ما سبّب أضرارا فادحة للشركة . واستند المرصد في شكايته الى  تقرير تفقد نهائي تم إنجازه من طرف "هيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية" بخصوص بعض أوجه التصرف بالشركة ، والى مجموعة من التبليغات والشهادات الى جانب  استعماله لحق النفاذ إلى المعلومة لتوثيق وتثبيت الكثير من التجاوزات التي تشمل أغلبها:  خروقات كثيرة على مستوى التصرف التجاري، كمحاباة وسيط أجنبي على حساب آخر وتقديم أسعار تفاضلية كبّدت الشركة خسائر عديدة وعادت بالنفع الشخصي على بعض المسؤولين  المُشتكى بهم.  مبرزا كمثال عن ذلك،  تفضيل شركة اسبانية لسنوات طويلة تشتري طن الحلفاء ب830 يورو على حساب شركة يابانية عرضت في مرات عديدة مبلغ 1150 يورو للطن وفقا لذات المصدر الى جانب الخروقات في التصرف في الشراءات والصفقات، وعلى مستوى التصرف في الممتلكات، ومن ذلك تمكين بعض المسؤولين والموظفين من مساكن وسيارات ادارية وحصص اضافية من الوقود وإسناد مجموعة من المنح غير المنصوص عليها قانونا ودون وجه حق ما الحق ضررا كبيرا بالمؤسسة. 

ونوّه المرصد كذلك الى ما عانت منه الشركة في عهد الرئيس المدير العام سالف الذكر من حصيلة سلبية ثقيلة تثبت فشله في ادارته، بالنظر الى حجم الخسائر المتراكمة للشركة موفى عام 2019 بما قيمته 431 مليون دينار ومن المتوقع ان تكون الخسائر وصلت إلى 500 مليون دينار موفى 2020، منها مايناهز  270 مليون دينار خسائر سجلتها المؤسسة خلال خمس سنوات فقط (من سنة 2016 الى سنة 2020) . المرصد تحدث كذلك عن عدم  تحريك الحكومات المتعاقبة ساكنا، ازاء تردي الوضع في هذا القطب الاقتصادي رغم انجاز عديد المهمات الرقابية التي خلصت الى سوء الحوكمة وسوء التصرف في الشركة وتضمنت تقاريرها عديد التجاوزات والتلاعب بالمال العام والفساد البين. ولم تتم احالة الملفات الى الجهات القضائية  بل وشجعت المسؤولين على الفساد من خلال منح الشركة عديد القروض بشكل غير قانوني وبقيمة اجمالية بلغت 95 مليون دينار دون أمل في سدادها . كما أبرز المرصد تلقيهم ردا من الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات بخصوص الشكايات التي تم رفعها في علاقة بأخطاء التصرف المضمنة في تقرير التفقد النهائي المنجز من هيئة الرقابة العامة بوزارة أملاك الدولة،يؤكد رفع 3 شكايات في الغرض.

                                     

  صفوة قرمازي



المجمع الكيميائي ..من مؤسسة اقتصادية تنموية..الى كارثة بيئية وصحية

لو تعود بنا الذكريات الجميلة إلى فترة ما قبل بداية السبعينات لحلمنا نهارا وليلا بالعيش تحت أشجار واحات قابس الوارفة الظلال واكتفينا عشقا بالنظر إلى المشاهد الطبيعية الخلابة وارتوينا من همسات نسيمها المنعش ، ولكن تمر عقود تلو عقود بعد تركيز المنطقة الصناعية بغنوش خلال بداية السبعينات لنستفيق على لحن أحلامنا الضائعة دون أن ندري أنهم أوهمونا بالتنمية المزيفة ورفاهة الحياة الاجتماعية إلا أنه كان حتفنا في انتظارنا تدريجيا على خلفية ما أغدقوا على ولاية قابس وسكانها من صناعات كيميائية تنفث سمومها متعددة على مدار الساعة دون أن تسلم منها الكائنات الحية من البشر والشجر والبحر والمائدة المائية ، فقابس اليوم غدت غير شبيهة بالأمس بقابس الواحة والبحر والماء الرقراق  .

تدمير القطاع الفلاحي

ومنذ دخول المعامل الكيميائية المنتصبة بالمنطقة الصناعية في طور الاستغلال والإنتاج وبعد مرور قرابة نصف قرن على تركيز هذه المؤسسات المدمرة ازدادت أوضاع الجهة أكثر سوء وتردى الوضع الصحي والبيئ ، زيادة عن تفاقم ظاهرة البطالة في صفوف المواطنين وخاصة الشباب منهم في مختلف القطاعات. بالجهة شملتها جرائم المجمع الكيميائي التي ساهمت في تردي عديد القطاعات منها القطاع الفلاحي الذي تضرر كثيرا بسبب انبعاث الغازات التي أثرت على المردود الفلاحي مما أجبر عديد المزارعين على هجر النشاط الفلاحي فبرزت ظاهرة الزحف العمراني على مساحات فلاحية هامة أمام عجز السلط المعنية تطبيق القانون ولم تفلح بعض البلديات في رد المتجاوزين رغم ما توفر من قوانين تشريعية محجرة لتغيير صبغة العقار من فلاحي الى سكني إلا بترخيص قانوني .
فقد عمد الكثيرون من الأهالي للتفويت في هذه الأراضي بالبيع مما شجع أصحابها على استغلالها كعقارات سكنية وأصبحنا نشاهد عديد المساحات المخصصة لتعاطي الفلاحة قد تحولت إلى بنايات سكنية ، فالقطاع الفلاحي لم يعد يحظى بالإهتمام والرعاية المطلوبتين بهدف ضمان السيادة الغذائية لتونس. فحتى مياه الري التي تعد من المقومات الأساسية للفلاحة فقد استنزفت من المعامل الكيميائية مصادرها بالجهة وأمام ما دمره التلوث الذي حول قابس من جنة الدنيا إلى جحيم الدنيا فخرب المشاهد الطبيعية وفتك بالأرواح وساهم في انتشار عديد الأمراض المستجدة لم نلحظ بالمرة أو نلامس حرص الأطراف ذات الصلة أو مبادرة جدية من الحكومات لمقاومة هذا التلوث الذي اثر صحيا وفلاحيا على الجهة عبر وضع خطط استراتيجي يتضمن تنمية مستدامة ويؤمن لكل الأجيال المتعاقبة احتياجاتها من هذه المدخرات المائية والغذائية وهو ما ساهم في تلاشي خصوصيات الجهة الفلاحية منها السقوية والبحرية نحو الاندثار تدريجيا .

تواضع المعدات والتجهيزات وعدد الأعوان المباشرين

ومنذ منتصف الثمانينات لم تشهد المنطقة الصناعية بقابس إضافة تذكر من خلال سعي إدارة المجمع الكيميائي التونسي بقابس إلى تركيز مؤسسات كيميائية إضافية جديدة ذات تشغيلية مما يعكس أن المسؤولين الذين تداولوا على تسيير هذا الهيكل تعمدوا حرمان الدولة من دعم إضافي لخزينتها العامة حيث لم يعملوا على تطويرها حتى تمكن من توفير عائدات اضافية.ومن جهة اخرى فقد توقفت الإنتدابات في الوقت الذي عول فيه أبناء الجهة على المجمع لانتدابهم من جهة رغم محدودية عدد الاعوان الذين ارهقهم العمل المتواصل مقابل حرمان المئات من الإطارات العليا المختصة من العمل المناسب لمؤهلاتهم الفنية والتقنية زيادة عن ضمان العيش الكريم لهم وبعد مرور حوالي خمسين سنة من دخولها في طور الإستغلال حافظت المؤسسات الكيميائية المنتصبة على عدد لا يستجيب بالمرة لطموحات العمال بالمؤسسات.

ورغم أشغال الصيانة فإن معدات بعض هذه المؤسسات وتجهيزاتها تعاني من التآكل ، ما تسبب في تراجع ملحوظ في الإنتاج إضافة إلى ما تشكله هذه الوضعية من خطر محدق بالأعوان المباشرين.
وعندما ندقق النظر والتعمق في واقع المواد الأولية والمواد المصنعة بمعامل الأمونيتر  والحامض الفسفوري فإننا في الحقيقة لا نلمس إلا الفشل الذريع على مستوى توفير انتاج يتماشى وحاجيات السوق المحلية.
هذا وتعاني المعامل الكيميائية من تقادم معداتها وهو ما أكده وثيقة مسربة ان العمال يقومون بواجبهم المهني كاملا رغم ظروف العمل الصعبة المضنية على مستوى الإنتاج وتحملها طيلة السنوات الماضية ثقل هذه المسؤولية رغم التحديات التقنية والإرهاق الكبير الذي نال من صحة كامل الأعوان بحكم الشغور والنقص الفادح للمعدات اللازمة والضرورية من آلات وقطع الغيار. وقد عبر الأعوان في عديد المرات عن استيائهم الشديد لعدم تقدير الأطراف المسؤولية لهذه المجهودات الجبارة وتعمدها التجاهل والتغاضي عن معالجة هذه النقائص وخاصة توفير المعدات الضرورية للمعمل. وأبدى أعضاء الهيئة النقابية استغرابهم من تجاهل المسؤولين للإنعكاسات السلبية الخطيرة التي باتت واضحة للعيان من إفرازات الغازات الخطيرة والسامة على الجهة عامة وعلى المعمل بصفة خاصة وهم يتأسفون وينددون بهذا التقصير ويستغربون الإصرار على عدم المبادرة بشراء وتوفير أبسط الضروريات للمحافظة على نسق الإنتاج وضمان مستقبل المجمع داعين إلى مراجعة هذه السياسة التي ستنعكس سلبا على الاقتصاد الوطني . وأمام تجاهل إدارة المجمع الكيميائي التونسي وعدم احترام تعهداتها والتزاماتها مما أضر بسير العمل في صورة مواصلة الإدارة ازدرائها وعدم اهتمامها وإيلائه الأهمية القصوى حملت الهيئة النقابية المسؤولية كاملة للجهات المختصة والمعنية بالمجمع الكيميائي التونسي بقابس.

تقليص من القدرة الإنتاجية.. والاتجاه نحو التوريد المتعمد

وفي ظل غياب المراقبة الجدية وتقييم الأنشطة الكيميائية بشكل ناجع من طرف خبراء وفنيين فان ذلك من شأنه أن يلحق أضرارا مادية هامة كان من الأفضل الاستفادة منها في أنشطة موازية تساهم في دعم الخزينة العامة للدولة مما يعد تجاوزا في حق البلاد ومستقبلها الاقتصادي والإجتماعي، بل كارثة بشرية نظرا لعدم فرض المراقبة الفنية والتقنية الدورية فقد سبق أن صرح أحد مسؤولي المجمع عبر وسائل الإعلام بتعمد الإدارة التقليص من نسبة الإنتاج من 300 ألف طن إلى 190 ألف طن من مادة الأمونيتر خوفا على سلامة العاملين،وهو ما يؤكد تقاعس المؤسسة عن دور العناية بأهمية الصيانة الدورية للتجهيزات والمعدات مما يدفع الحكومة إلى التعويل على سياسة التوريد المغشوشة من هذه المادة الأساسية للزراعات الكبرى بالخصوص من خارج الحدود رغم انعكاساتها السلبية على الإنتاج الفلاحي وعلى ميزانية الدولة، فأن معمل الأمونيتر يعاني من معضلة ضعية السلامة المهنية بالمعمل ومدى تأثيرها على عملية الإنتاج والعنصر البشري وهي وضعية مهنية خطرة تستدعي ضرورة الاهتمام بعنصر ضمان السلامة المهنية لكافة العاملين بهذه المؤسسة الكيميائية.
لذا فان المجمع الكيميائي يمر بأزمة لم يشهدها من قبل خاصة وانه يعد كرافد من روافد الإقتصاد الوطني هدفه انتاج الأمونيتر الزراعي عالي الجودة لتلبية حاجيات السوق الداخلية وتصدير ما زاد على تلك الحاجات. لذا فقد المجمع تشويه عديد الإخلالات الفنية منها عدم الالتزام بصيانة المعدات وتعكير المناخ واتخاذ قرار بعدم السماح بتشغيل وحدات الإنتاج إلى حين تمكين الهيئة من شهادة صلوحية استعمال المعدات من قبل خبراء مكتب المراقبة المعتمدة.
كل هذا دفع الطرف النقابي للتعبير عن استعداد العملة للدفاع عن ديمومة المؤسسة والمحافظة عليها وتحميل المسؤولية الكاملة لما حدث وما سيحدث للإدارة الجهوية وسلطة الإشراف. كما طالبوا بمكافحة الفساد والحد من كل التجاوزات المضرة بالمصلحة العامة وخاصة ما يهم الأمن الغذائي ببلادنا أمام الصمت الرهيب من كل الأطراف لما يجري حولهم.

أضرار صحية وبيئة

ونظرا لانبعاث الغازات المتسربة على غرار غاز ثاني أكسيد الكبريت من المعامل الكيميائية على مدى الساعة تقريبا تعاني الجهة من تلوث بيئي فقد في انتشار هذه السموم على مدى عشرات الكيلومترات، وتجلى هذا على الوضع الصحي بالخصوص لأغلب متساكني منطقتي الشط وغنوش فهما أكثر المناطق تضررا لمجاورتها المنطقة الصناعية حيث لا تتجاوز المسافة الفاصلة بضع مئات الأمتار، ويكاد لا يخلو منزل في هاتين المنطقتين من إصابة او وفاة أحد أفراد العائلة نتيجة إرهاب هذا التلوث الصناعي .وقد ظهرت عديد الإصابات في صفوف المتساكنين المجاورين للمنطقة الصناعية منها الحساسية الجلدية والولادات القيصرية وهشاشة العظام وأمراض السرطان والجهاز التنفسي وخاصة بما يعرف بالربو والإصابة بالأمراض الصدرية عموما ، فيما كانت الأضرار الملحقة ببوشمة وأهلها بدرجة أقل .

نضال الجمعيات البيئية متواصل

لم يترك النسيج الجمعياتي في هذه الربوع طريقة للتعبير عن رفضه التام للتلوث إلا ونفذها زيادة عن عشرات المكاتيب والعرائض الموجهة للوزراء بمختلف الحكومات المتعاقبة اعتمادا على الاعتصامات أو الاحتجاجات ولكن كمن يحرث في البحر لم تلمس مكونات المجتمع المدني بوادر جادة تعكس حرص الدولة في معالجة نهائية لهذه المعضلة البيئية والصحية بالجهة.

 وكانت مبادرة بمشاركة شباب قابس خارج الحدود ممثلة في جمعية " نحب نعيش " في مسيرة من أجل حماية المناخ في مؤتمر غلاسكو الاسكتلندية الأخير للتعريف بمعضلة التلوث في جهة قابس وما يعيشه سكانها من كوارث متعددة أثرت على واقعهم الاجتماعي  والإقتصادي وحذر هؤلاء الشباب من كارثة بيئية مدمرة قادمة تهدد وجود الجهة وحياة سكانها إلى جانب الدعوة إلى تطوير معايير السلامة والبنية التحتية المهترئة بأغلب الوحدات الصناعية نظرا لما سجلته المنطقة من خمس وفيات وجريح في صفوف العاملين وحريقين في معمل الأمونيتر خلال شهري مارس ومن السنة الماضية .

 أهالي ولاية قابس ينتظرون مبادرة الجميع بالإقرار النهائي بعد الاتفاق المجتمعي حول المشروع البيئي المندمج وحدات إنتاج الحامض الفوسفوري والكبريتي بالمجمع الكيميائي التونسي بقابس المنتظر للحد من انتشار كل الملوثات الصناعية والكيميائية بالجهة ، فإلى متى تبقى مشكلة قابس بلا حل ؟


البشير الرقيقي

 

منجم الفسفاط بالمكناسي..الثروة المهدورة


لم يتوصّل عمّال منجم فسفاطالمكناسي، والبالغ عددهم 164 عاملا إلى حلّ جذري ونهائي مع الحكومة بخصوص الإدماج الفوري، بشركة فسفاط قفصة، إثر قرار غلق منجم الفسفاطبالمكناسي منذ أفريل 2020.

منجم مغلق..ومطالببالادماج

 ويطالب العمّال بتسوية وضعيّاتهم في ظلّ وضع اقتصادي واجتماعي هشّ ومحتقن دون اللجوء إلى مناظرة لانتدابهم صلب شركة فسفاط قفصة.

للتدقيق والبحث أخذنا طريقنا باتجاه مقطع الفسفاط، أو المينة، كما يسميها أهالي المنطقة، فما إن تتجاوزنا قنطرة واد اللبن،تعترضك أكوام من الفسفاط مكدسة على بعد عشرات الأمتار من المسلك المؤدي الى منجم الفسفاط بمنطقة، تنتظر رفعا، ثروة مهدورة كان بالإمكان ان تغير واقع شباب المنطقة والواقع التنموي إلى أفضل حال فقط لو تم تثمينها.

جبال ومرتفعات تمت تسويتها بالأرض بعد أن تم استخراج كميات الفسفاط ، وتكدسيها في أماكن متباعدة ليقع رفعها في مرحلة لاحقة، مشهد لحضيرة الأشغال التي تواصل العمل فيها مايقارب السنتين.

عدد من العاملين في هذا المنجم،أكدوا في تصريح لـ" الصباح" أن نوعية الفسفاط المستخرجة من منجم المكناسي، من النوعية الجيدة،إضافة الى أن النسق الفسفاطي يتكون من طبقة واحدة، سمكها يزيد عن 15 مترا، وهي تفوق مجموع سماكة الطبقات الفسفاطية التي تكونالنسق الفسفاطي بالحوض المنجمي بالجنوب الغربي والتي لا تتعدى 13 مترا.

ويشار إلى أن منجم الفسفاطبالمكناسي يتكون من 4 مقاطع وهي مقطع الجباس ومقطع  عبد الله ومقطع قرقيبة  ومقطع كاف النسور.

وتقدر مدخرات الفسفاط  بمقطع “الجباس” بـ 17 مليون طن، و92 مليون طن في بقية المقاطع، وهي كميات يمكنها ان تعمل لمدة 40 سنة بمعدل أكثر من مليوني طن سنويا.

وللتذكير،فان مشروع منجم الفسفاطبالمكناسي”، تم اقراره منذ 29 أفريل 2013، وأبرم 164 عاملا عقودا للعمل فيه منذ 15 مارس 2019 ليباشروا العمل في 30 افريل 2019، عقود انتهت بتاريخ 30 أفريل 2020، دخل بعدها العمال في سلسلة من الاحتجاجات للمطالبة بتسوية وضعياتهم ومواصلة العمل

مطالب استئناف نشاط المنجم

مطلب عمال منجم الفسفاطبالمكناسي، وفق فرحات خصخوصي لـ"الصباح" وهو أحد عمال المنجم،تتمثل في تفعيل عمل المنجم عاجلا، وتسوية وضعياتهم المهنية بما يضمن حق  164 عائلة في العمل والكرامة، فبطالتهم  تواصلت لاكثر من 8 أشهر،وهو ما جعلهم ، في وضعية “مزرية” حيث كان من الممكن ان تجد شركة فسفاط قفصة والسلطات المحلية والجهوية والمركزية حلولا لهم ولعائلاتهم. 

ماهر سليمي،هو أيضا أحد عمال المنجم،قاطع حديثنا بعد تردد،بالقول"المنجم كنز مهدور" ، وبعد برهة من الزمن،واصل قائلا "يمكن للمنجم ان يكون حلا لمشكل البطالة التي تلتهم أبناء الجهة وتغرقهم في متاهات”، خاصة اذا ما تم الالتزام بتصريحات سابقة لمسؤولين من وزارة الطاقة والمناجم في أكثر من منبر حول المقدرة الكبيرة للتشغيل التي يتميز بها".

وشدد محمد شلبي،على مطالبة العمال بتطبيق الاتفاقيات السابقة واحترام العمل بمبدأ استمرارية الدولة وخاصة الالتزام باتفاق جويلية 2017 الذي يحمل كل التفاصيل الخاصة بانتداب 164عاملا، وهو اتفاق تمت المصادقة عليه من طرف كاتب الدولة للمناجم والمدير العام للمناجم حينها.

واضاف انه تم التنكر لكل الالتزامات السابقة خلال جلسات أفريل وماي وجوان من سنة 2020، وقدمت وزارة الإشراف خيارات جديدة “تمس من حق عمال منجم الفسفاط وفيها الكثير من المماطلة”، على حد وصفه.

وبحسب معطيات تحصلت عليها " الصباح" فان أطرافا عديدة تدخلت في عملية التفاوض مع السلطات الجهوية والمركزية، من أجل تسوية وضعية نهائية لوضعية عمال هذا المنجم، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل،على مستوى مكتبه الجهوي بولاية سيدي بوزيد،الذي كان حاضرا منذ شهر أفريل 2020،وفق الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد،لزهر قمودي.

القمودي أكد لـ" الصباح" أنه خلال كل الجلسات التفاوضية،بخصوص منجم فسفاطالمكناسي، تم التركيز على أنه يجب على عمال المنجم استكمال عملهم، ما يضمن لهم العيش الكريم،الا أن السلطات المعنية،تنصلت من مختلف الاتفاقيات السابقة في مرحلة اولى وتم لاحقا الاتفاق على قبول 164 عاملا في شركة فسفاط قفصة، ولم يتم تحديد توقيت قبولهم وهو الإشكال الحالي.

وأكد انه لابد من الاستجابة لطلبات التشغيل والتنمية التي قامت من أجلها الثورة خاصة آن الدولة قدمت منجم الفسفاطبالمكناسي كحل من الحلول لامتصاص البطالة في الجهة، ولا بد من تفعيله في أقرب الآجال ولا بد من الحفاظ على حقوق العمال وتسوية وضعيتهم المهنية لحفظ السلم الاجتماعي

إبراهيم سليمي 

الشركات الوطنية الكبرى: من خلق التنمية.. إلى عبء على الدولة!

وضعية مالية حرجة لمؤسسات عمومية تعتبر اقطابا  اقتصادية وصناعة وتنموية في عدة جهات من البلاد..مؤسسات تم احداثها منذ الاستقلال لتكون رافدا من روافد التنمية الجهوية وقاطرة تجر خلفها ولايات باكملها كانت تعاني من الفقر والخصاصة والتهميش .

شركة فسفاط قفصة ، المجمع الكيميائي ، الشركة التونسية لصناعة التكرير وشركة الفولاذ والشركة التونسية لعجين الحلفاء والورق وغيرها من المؤسسات الوطنية كانت مصدر "الخيرات " للجهات التي احدثت فيها الا انها سرعان ما تحولت إلى نقمة فضاعفت مشاكل المناطق التي احدثت فيها كما ضاعفت أزمة الاقتصاد الوطني في السنوات الأخيرة وأضحت تمثلا عبئا ثقيلا على التوازنات المالية للبلاد.

وفي هذا الصدد علق الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان ل"الصباح" قائلا أن هذه المؤسسات كانت تشكل أحد اهم مصادر تمويل الميزانية وتساعد على التقليص من اللجوء الى التداين الخارجي بفضل إيراداتها التي كانت توفرها وهي موارد مالية محترمة لخزينة الدولة.

واعتبر أن وضعية هذه المؤسسات انقلبت راسا على عقب وتحولت من مؤسسات العمومية رابحة الى مصدر مقلق للموازنة جعلت الحكومات المتعاقبة امام حلقة مفرغة في ضخ أموال في هذه الشركات من اجل مواصلة نشاطها على الرغم من انها شارفت على الإفلاس.

وابرز أن الانتدابات العشوائية في سنوات ما بعد الثورة أرهقت هذه الشركات على غرار شركة فسفاط قفصة التي كانت تشتغل ب8000 عامل وتنتج 8.2 مليون طن من الفسفاط في السنة أصبحت اليوم تشتغل ب32 الف عامل ولا تنتج سوى 3 مليون طن ، في حين انها كانت توفر للدول ارباحا بحوالي 2 مليار دينار الا انها باتت اليوم تثقل كاهل الدولة بمصاريف إضافية فادحة بسبب ارتفاع نفقاتها مقابل عجزها عن توفير موارد ذاتية ما جعلها عاجزة عن خلاص أجور عمالها.

فهذه المؤسسات، وفق قوله، قد أصبحت عاجزة وموازناتها مختلة كونها اضحت غير قادرة عن الانتاج كما انها لا تصدر فانتفت كل ادوارها الأساسية في الجهة، وما زاد الطين بلة الاضرابات والاعتصامات للعاطلين عن العمل المطالبون بالتشغيل ما فاقم من وضعيتها المتردية.

واعتبر الخبير الاقتصادي أن تأخر عملية الإصلاح وهيكلة هذه المؤسسات عمق من جراحها فاتت تتخبط في المديونية وعاجزة عن خلاص عمالها كما انها غير قادرة على صيانة أو شراء معدات جديدة بعد تآكل معداتها.

وأكد أن إصلاح المؤسّسات العمومية ليس خطا احمرا لذا لابد من جلوس كل الأطراف المتدخلة على طاولة الحوار من أجل وضع مخططات إصلاح وهيكلة لكل مؤسسة حسب ما يتطلبه الوضع.

اليوم المؤسسات العمومية الكبرى التي كانت رافعة تنموية واقتصادية بالجهات تحت مجهر "الصباح" للوقوف على وضعها ومدى قدرتها على القيام بدورها اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا، وهل فعلا نحجت في القيام بهذا الدور ام انها تحولت من نعمة إلى نقمة.

 

حنان قيراط

 

الشركات الوطنية الكبرى..من اقطاب لخلق التنمية بالجهات..إلى مؤسسات ارهقتها المديونية

*الفولاذ" و"ستير"..مديونية وعجز مالي رهيب ..والوضع قد يخرج عن السيطرة


ففي ولاية بنزرت وضع صعب تعيش على وقعه مؤسستان وطنيتان هما " الفلاذ" و"الشركة التونسية لصناعة التكرير" أو "ستير" وضع جعل الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت يطالب بالتسريع بانقاذ المؤسسين

الفولاذ 500 مليون دينار ديون..ووضعية شائكة

حيث انعقدت يوم 18 سبتمبر 2021 جلسة عمل بمقر ولاية  بنزرت  لمتابعة  وضعية  شركة " الفولاذ " المنتصبة بمدينة منزل بورقيبة وقد اكد خلالها  منير مخلوف المدير العام للمؤسسة ان عملية  التأهيل تمثل اولوية  اقتصادية مطلقة بالنظر لطبيعة نشاطها المؤثر على عديد القطاعات الاخرى خاصة البناء والفلاحة ، واضاف ان انقاذ الشركة سيكلف المجموعة الوطنية قرابة  295 مليون دينار تمثل  تكاليف سنة فقط من  الاستيراد  بالعملة الصعبة للعروق الفولاذية. من جهته ذكر  المدير العام ان مصاريف المؤسسة اليومية تفوق حاليا  10 آلاف دينار، هذا وقد  تراجع انتاجها خلال العشر سنوات الاخيرة بنسبة 40 ٪ والمبيعات بنسبة 62 ٪ وانحدر رقم معاملاتها  بنسبة 30 %،  وتوقع المدير العام ان يمكن برنامج  التأهيل حال إنجازه  من تطوير الانتاج السنوي الى ما يقارب 300 الف طن من العروق الفولاذية بما يلبي  كل الطلبات المحلية ويمكن  الشركة  من مداخيل اضافية  تغطي نسبة هامة من العجز المالي الرهيب.

بعد شهر ونصف  من اجتماع الولاية لم تتغير وضعية  " الفولاذ " التي كاد يلفها النسيان   قبل ان تعلن سلطة الاشراف  يوم 04 نوفمبر 2021  عن موقفها في بيان اكدت فيه  " انها حريصة على اعادة هيكلة الشركة  وإدراج ملفها ضمن أولويات برنامج عملها للفترة القادمة عبر اعتماد مسار تشاركي مع جميع الأطراف المعنية بغاية إيجاد حلول كفيلة لضمان استمرارية نشاطها مع  العمل على حسن حوكمتها " .ولكن الوزارة  إلى اليوم لم تكشف عن برنامج الإصلاح قصد حلحلة الوضع الشائك.  وصمت الحكومة أثار مجددا جملة من التساؤلات حول ماهية برنامج الإصلاح ومدى انخراط  الدولة في مسار انقاذ " الفولاذ "ومدى قدرتها  على توفير الاطر القانونية والموارد المالية اللازمة في هذا  الظرف المالي الصعب لتجاوزه كما أن البعض قد عبر عن خوفه من أن تكون وضعية الشركة الوطنية الفولاذ  قد خرجت فعلا عن السيطرة ؟   

وحسب معطيات تحصلت عليها " الصباح "  فان ديون  شركة " الفولاذ "قد ارتفعت  في  نهاية شهر اوت 2021 الى ما يقارب نصف مليار دينار تونسي تتوزع بين مستحقات عالقة لمزودين محليين وأجانب ، ديون وفوائد متراكمة  منذ سنة 2008 لفائدة  بنوك تونسية  واكثر من 104 مليون دينار  فاتورة استهلاك  الشركة التونسية للكهرباء والغاز و04 مليون دينار مصاريف المحروقات التي تستغل في الانتاج .
وتشغل المؤسسة حاليا قرابة 982 عونا واطارا بعد ان كان العدد في حدود 1083 خلال سنة 2019 ولكن رغم تقلص عدد الاعوان  فقد ارتفعت كتلة الاجور بمفعول الزيادات في القطاع العام.

وللوقوف على  الوضعية الحالية للشركة  التقت " الصباح " سامي السيد الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت الذي خبر تفاصيل الموضوع الشائك بعد ان شارك في عشرات الجلسات الجهوية والمركزية التي خصصت للنظر في وضعية " الفولاذ " التي يرتهن انقاذها حسب محدثنا " لتجاوز الحواجز البيروقراطية التي وضعتها الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الماضية وتابع " نحن كنقابيين ندعم كل البرامج التي تحافظ على ديمومة الشركات العمومية وتضمن مكتسبات العمال، واستدرك قائلا " على الحكومة ان تطبق  الاجراءات اللازمة لتأهيل " الفولاذ " و فق تمشي واضح يبدأ  بالتصدي لظاهرة تهريب الحديد من الدول المجاورة وتحجير تصدير " الخردة المعدنية " وبيعها حصرا للفولاذ ( مع صرف مستحقات المزودين في اجال معقولة) مما يضمن الكميات اللازمة من المواد الاولية لدوران  المصنع  وصولا الى تكثيف المراقبة على الشركات المنافسة. هذا مع ضرورة تدخل وزارة الاشراف لجدولة ديون الشركة والتقليص من الفوائد  المتراكمة وفق صيغة تضمن حق البنوك الوطنية والمزودين و تفتح مسارات تمويل جديدة للشركة المنهكة".

وحسب سامي السيد فان برنامج التأهيل  سيسرع  علاج الشركة العليلة التي ستتمكن  خلال مرحلة اولى تمتد بين  3 الى 4 سنوات من انتاج 300 الف طن من العروق الفولاذية وبعد  بفترة تقييم ومراجعة الاخلالات ،ان وجدت  ، تنطلق المرحلة الثانية التي تنتهي نظريا بالتعافي التام بعد ان يبلغ الانتاج قرابة  600 الف طن من العروق الفولاذية .وفسر السيد " ان التأهيل المرحلي على سنوات سيقلص من الاخطاء  وسيخفف الاعباء المالية على ميزانية الدولة المطالبة من جهتها باسترجاع ثقة المستثمرين الاجانب الراغبين في انقاذ المؤسسة ما سيمكن من توفير حاجيات كل المؤسسات العمومية  والخواص من الحديد والصلب وغيرهما  من المنتجات الضرورية".

وكانت هذه المقترحات وغيرها محور جلسة  انعقدت يوم 15 نوفمبر 2021 بالعاصمة  جدد خلالها الطرف الاجتماعي مساندته لمشروع الهيكلة وفق برنامج  واضح يحافظ على كل انشطة المؤسسة بما فيها وحدات الحديد، الدرفلة ، الهياكل المعدنية والاسلاك مع تركيز وحدة وطنية لصناعة الأكسيجين الطبي، وتقديم خدمات مخبرية لبعض الشركات الناشطة في مجال التعدين  مما يؤمن دخلا اضافيا  للفولاذ.  كما دعا ممثلو الاتحاد العام التونسي للشغل لعقد مجلس وزاري في اسرع الاجال  لفض  اشكاليات المؤسسة لما تمثله من ثقل اقتصادي واجتماعي في ولاية بنزرت وخارجها مع تنبيههم  الى ضرورة  تلازم مسار مشروع تطهير بحيرة بنزرت مع تأهيل وحدات الانتاج في شركة  " الفولاذ " المطالبة بالتقليص تدريجيا من الانبعاثات الغازية وتطوير وحدة معالجة المياه المستعملة .. كما حذر النقابيون من التأخير في انطلاق برنامج التأهيل على اعتبار ان  كلفته ،في ظل  الزيادات المتتالية لاسعار المعدات و قطع الغيار ،  لتطوير الانتاج والمحافظة على جودته .

وحسب المعطيات التي تحصلت عليها  " الصباح "  فقد ابدى كل المتدخلين جهويا ومركزيا  في موضوع شركة "الفولاذ  " استعدادهم لإنجاح مرحلة التأهيل بعد المصادقة عليها نهائيا من مكتب دراسات واقرارها في مجلس وزاري  كان من المفترض ان ينعقد منتصف شهر ديسمبر 2020  قبل ان يتم تأجيله في ظروف غامضة  الى موعد لاحق  مما يشي ان بعض الاطراف من خارج مائدة الحوار او من داخلها  لا ترغب في ديمومة الشركة  تنتظر ان تتهاوى تدريجيا ليتم الاجهاز عليها وشراؤها بسعر بخس قد لا يفوق 50 مليون دينار التي عرضها سنة 2017 احد المستثمرين الاجانب في ما اعتبر حينها فضيحة دولة.


الستير  ضحية الدولة ؟

على الضفة المقابلة لمصنع الفولاذ تنتصب الشركة التونسية لصناعات التكرير المعروفة اختصارا بـ"الستير" والتي تشغل بمصنعها بجرزونة  قرابة 597 عونا واطارا وهي ثاني اهم المؤسسات الوطنية  من حيث رقم المعاملات الذي بلغ 4716 مليون دينار سنة 2019 تتأتى 70 بالمائة  منها من استيراد المواد البترولية وتوزيعها بالسوق المحلية عبر شركات التوزيع بنظام التسعيرة الادارية ( باستثناء مادة الكيروزان). فيما يرد الباقي من تكرير النفط الخام وبيع المواد البترولية المنتجة إلى شركات التوزيع الداخلية وتصدير الغاز غير القابل للتسويق محليا.

 نظريا تبدو وضعية المؤسسة الوطنية ممتازة حيث انها تحتكر توزيع منتجات النفط لكنها في الواقع تعاني من عجز مالي رهيب بلغ 1323 مليون دينار نهاية سنة 2019 وهي حاليا غير قادرة على خلاص عدد من المزودين الاجانب وتسديد ديونها...  وحسب تصريح سلوى الصغير المديرة العامة السابقة للشركة فان العجز يتمثل في الفارق بين سعر تكلفة المواد البترولية بالأسواق العالمية وسعر بيعها بالسوق المحلية وتأخر صرف منحة دعم المحروقات التي تدفعها الدولة والتي يتم تحديدها بقانون المالية  استنادا على معطيات  مختلفة ترتبط  بسعر بيع البترول في الاسواق العالمية وصرف الدينار التونسي مقابل الدولار الامريكي ..

وكانت لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة بمجلس نواب الشعب قد ادت يوم 20 جانفي 2020 زيارة ميدانية إلى الشركة التونسية لصناعات التكرير بولاية بنزرت دعت اثرها الى  ضرورة إعادة تأهيل وحدات الانتاج التي تشكل خطورة على سلامة المحيط والعناية بالبنية التحتية للمصفاة وصرف المبالغ التكميلية لتغطية العجز المالي الضخم  حتى يتسنى للشركة مواصلة نشاطها مع بحث صيغ جديدة لتخفيض ديونها و قد اكد  حينها  ممثل وزارة الاشراف ان التخفيض من  دعم المحروقات و توجيهه  نحو مستحقيه هو الحل الافضل  لإنقاذ الشركة وفضلا عن تداعياته الاجتماعية والاقتصادية غير المحمودة فان توجيه الدعم لمستحقيه  هي صيغة فضفاض لا يمكن تطبيقها بسهولة لان الهياكل والمؤسسات العمومية  هي اهم حرفاء الستير التي تنتظر بدورها  مستحقاتها العالقة لدى الدولة  لتحسين وضعها المالي و تطوير ادائها .

ساسي الطرابلسي

 
فسفاط قفصة.. انهيار وشبح الافلاس يخيم على الشركة..والحل في الهيكلة العاجلة


قطاع الفسفاط الذي يعد من القطاعات الحيوية في ولاية قفصة وعلى المستوى الوطني ولئن يشهد اليوم انفراجا نسبيا على مستوى الانتاج ونمو الصادرات من المواد المنجمية نحو الاسواق التقليدية بعد انفراج الوضع الاجتماعي بالحوض المنجمي ورفع الاعتصامات التي شلت لفترة طويلة مختلف مواقع الانتاج ما فتح ابواب الامل على استعادة هذا القطاع المهم لعافيته بما يساعد على رفع حجم النمو الاقتصادي للبلاد ويساعد على بعث بعض المشاريع الكفيلة برفع مستوى عيش متساكني الجهة وهو ما يبدو نظريا امرا ممكنا بنظر الملاحظين و المتابعين للشان التنموي و الاقتصادي بمن فيهم الاطراف الفاعلة في المشهد القطاعي للمناجم على غرار الاطراف النقابية.

الشركة على شفى هاوي..

وفي هذا الصدد أفاد عمر الكنز الكاتب العام المساعد للفرع الجامعي للمناجم "الصباح" أن وضع شركة فسفاط قفصة يشهد استقرارا ملحوظا خلال الفترة الراهنة نتيجة مساهمة عدة اطراف منها النقابات المهنية التي قال بانها تفاعلت مع الدعوة التي اطلقها الفرع الجامعي للمناجم لرفع الاعتصامات ودفع آليات الانتاج بالاقاليم الاربعة الراجعة بالنظر لشركة فسفاط قفصة وذلك على الرغم من عدم الاستقرار السياسي و الاجتماعي الذي تعيشه البلاد بشكل عام و غياب الرؤية الواضحة لدى اصحاب القرار المركزي في التعاطي مع الوضع الراهن للبلاد واولويات المرحلة الحالية.
واكد ان الحكومات المتعاقبة منذ 2011 تغاضت عن انقاذ هذه المؤسسة من الانهيار وتخليصها من شبح الافلاس وهو ما جعلها عاجزة عن اداء دورها الاقتصادي والاجتماعي المعهود بحكم ثقلها الاستراتيجي في بناء صرح الاقتصاد ولاسيما نمو المنطقة بفضل الميزانية الاجتماعية المخصصة لهذا الغرض، وعلى هذا الاساس دعا محدثنا القائمين على الشأن الوطني الى فتح ملف الفسفاط بشكل جدي وذلك بالاعتماد على آليات محددة ومخطط واضح في سبيل انقاذ هذه المؤسسة الوطنية المهمة حتى تتعافى وتنخرط من جديد في بناء صرح الاقتصاد الوطني وتساهم في تنمية المنطقة وذلك بالاستعانة بالكفاءات والطاقات البشرية المتوفرة لدى الشركة .

الكاتب العام المساعد للفرع الجامعي للمناجم عمر الكنز تقدم عبر "الصباح" بجملة من الاقتراحات والحلول الممكنة للرفع من حجم الانتاج حتى يبلغ طاقته القصوى المقدرة بنحو 22 الف طن يوميا من ابرزها تطوير المهارات الفنية لاعوان الشركة لمواكبة التغيرات التي تطرأ على التقنيات المتبعة في المجال ومواكبة التطورات المختلفة على مستوى المكننة والوسائل الضرورية في مجال الاستخراج والنقل. وفي نفس الاطار اكد محدثنا على ضرورة الانكباب على وضع الشركة، من قبل اصحاب القرار المركزي، مقترحا مراجعة ما جاء بمجلة المناجم بما يضمن لشركة فسفاط قفصة الاستفادة من آليات الاعفاء الجبائي بما ييسر لها اقتناء قطع الغيار من الخارج، كما دعا الى ازاحة الاشكال المتعلق بنقل الفسفاط عبر تفعيل الخط الحديدي الرابط بين المتلوي والرديف في حال تهيئة وانجاز القنطرة المتواجدة على مستوى الخط المذكور ليتسنى استغلال هذا الخط مجددا ومن ورائه توفير كميات اكبر من مادة الفسفاط بما يرفع من حجم انتاجه .
عمر الكنز الكاتب العام المساعد للفرع الجامعي للمناجم اعرب عن يقينه تجاوز الصعوبات التي تعترض شركة فسفاط قفصة واعادة استقرارها شريطة توفير الحد الادنى من الادوات المساعدة على ذلك والتي اتى على البعض منها في سياق المقترحات العملية المقدمة في سياق حديثه حول وأقع شركة فسفاط قفصة وقطاع المناجم عموما في ظل الوضع الاجتماعي الذي يطبع المشهد العام بعموم الحوض المنجمي .

إشكاليات في انتظار الحلول

وبطبيعة الحال ما لبثت ترافق هذا القطاع جملة الإشكاليات التي تظل في انتظار الحلول حتى لا يتحول هذا القطاع من نعمة الى نقمة، لعل من أبرزها معضلة التشغيل حيث أن كل العاطلين عن العمل تقريبا يعولون على شركة فسفاط قفصة انتدابهم وهو ما أدى إلى ارتفاع منسوب احتجاجات المعطلين خاصة بعد الثورة للمطالبة بالتشغيل ما أدى الى تعطيل الانتاج على امتداد سنوات ما كبد البلاد خسائر فادحة حتى أن تونس باتت من منتج للفسفاط لمورد .
ولا يمكن الحديث عن الفسفاط دون الحديث عن المشاكل البيئية الناجمة عن الأنشطة الفسفاطية وهو ما بات يثير انزعاج متساكني الحوض المنجمي وعموم المنطقة ليتأزم الوضع أكثر فأكثر بعد تركيز وحدة المجمع الكيميائي التونسي بالمظيلة الذي وصل تأثيره إلى المناطق المجاورة مثل منطقة السقدود ومنطقة القطار وفقا لما أكده لـ"الصباح" منصف العلوي عضو فرع الحوض المنجمي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية استنادا لتقرير وكالة حماية المحيط الذي صدر مؤخرا ، مؤكدا أن أنشطة شركة فسفاط قفصة تتسبب في انبعاث كميات كبيرة من الغبار وهو ما يراه سببا مباشرا في تعرض متساكني المنطقة الى الإصابة بأمراض سرطان الرئة والأمراض التنفسية مثل الربو والحساسية .
ومن العوامل السلبية الاخرى الناجمة عن الأنشطة الفسفاطية تلك المتعلقة بالاستنزاف المهول لمقدرات الجهة المائية من قبل شركة فسفاط قفصة ما ادى الى جفاف عديد المنشآت المائية على غرار المسابح الرومانية فضلا عن تدمير ثلاثة أنظمة بيئية هامة في المنطقة وهي النظام البيئي الواحي والنظام البيئي للمراعي والنظام البيئي الجبلي مما اثر سلبيا على القطاع الفلاحي برمته وفق الخبراء في الميدانين البيئي والفلاحي وهي من النقاط السلبية الناجمة عن أنشطة الفسفاط مما يتطلب البحث عن حلول عملية عاجلة حتى لا تنقلب نعمة " الذهب الأسود " الى نقمة على متساكني مناطق الحوض المنجمي وعموم جهة قفصة .

رؤوف العياري 


 " السيليلوز" .. توقف النشاط منذ 3 سنوات ..وصعوبات مالية وتآكل المعدات أبرز الإشكاليات 


تمثل الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين او ماتعرف لدى الأهالي بمعمل "السيليلوز" أقدم المؤسسات الاقتصادية والحيوية في الجهة وبالبلاد التونسية باعتبار قيمتها الانتاجية والطاقة التشغيلية وانفتاحها كذلك على الولايات المجاورة حيث تنتصب على مايناهز 34 هكتارا وتمثل ذاكرة الجهة بامتياز .

ديون..وتقادم المعدات
"السيليلوز" اليوم انحدرت الى أسوء حالاتها لأسباب عديدة منها حجم المديونية وتقادم المعدات وغيرها من الأسباب العميقة التي تصل الى غياب الارادة السياسية في الاصلاح والمحافظة على ديمومة المؤسسة وفق الاهالي وعديد المطلعين على واقع المؤسسة التي تعاني توقف الانتاج منذ مدة وتنتظر استكمال مراحل مسار نقلتها خارج المدينة. 
صعوبات مالية وتقادم المعدات يقابله توقف الانتاج ووضع حرج للعملة والنقابة تنادي باعادة هيكلة الشركة لا نقلتها. 
وضع الصعب تمر به المؤسسة عبّر عنه بحرقة الكاتب العام لنقابة اطارات وعملة الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين عادل مغران في حديثه لـ"الصباح " مفيدا بأن انهيار الشركة هو نتاج لعدة أسباب أهمها تراكمات السياسات المنتهجة من قبل الحكومات ضد المؤسسات العمومية قصد اغراقها وافلاسها وبالتالي التفويت فيها الى الخواص وتنفيذا لاملاءات الصناديق المانحة وخير دليل على ذلك عدم توفر الارادة السياسية للمحافظة عليها والعمل على التدخل للاصلاح وضمان ديمومتها التي تقوي العمود الفقري للدولة على اعتبار ان كل المؤسسات العمومية الكبرى تعد فقرات للعمود الفقري للاقتصاد الوطني لتحقيق التنمية.
وشرح محدثنا ان البدايات في عملية تخريب المؤسسة بدأت منذ سنة 2007 و2008 بوضع الدولة لبرنامج ما يعرف بالافراق اي ايجاد مؤسسات صغرى داخل مؤسسات كبرى بتعلة توفير فرص عمل وكانت تلك بمثابة الخطوات الاولى نحو الخوصصة حين يشعر العامل بالخوف فقط على مرتبه . 

ويضيف محدثنا أن الدولة لم تتدخل منذ تأسيس هذه المؤسسة، وبين انه منذ 1963 لم تقم الدولة بعمليات الصيانة للمعدات والالات التي من بينها من مرت عليها أكثر من 30 سنة دون صيانة، ذاكرا مثالا لمعدات في غاية الحساسية في وحدة الحوكلة أو الوحدة الخاصة بالمواد الكيميائية من كلور وغيره والتي يجب صيانتها بعد كل 15 سنة على اقصى تقدير لكن هذا لم يحدث في معمل "السيليلوز" . كما أشار الى أن خروج أحد المستثمرين الاجانب منذ سنوات والمختصين في صناعة التبغ والذي كان له تأثير كبير في انتاج المؤسسة باعتماده على مادة الحلفاء وتغيير نشاطه وتعامله مع مؤسسات أخرى المعتمدة على الخشب كان كذلك من بين اسباب تدهور وضع المؤسسة على حد قوله . 

توقف المصنع ..وآلاف العائلات دون مورد رزق


اما عن سير العمل حاليا بالمؤسسة فيقول كاتب عام نقابة اطارات وأعوان معمل السيليلوز أن العمل متوقف وكل شيء معطل ولا يوجد انتاج منذ 3 سنوات تقريبا وذلك بسبب مسألة تعطل المرجع الحراري الذي يشغل 3 وحدات بالشركة  والذي كاد ان ينفجر في وقت ما.
وكشف أن المرجع مازال إلى يوم ينتظر استبداله خاصة بعد ماتعلق به من ممارسات وصلت الى القضاء ، حيث تم في مرحلة أولى التعاقد مع شركة تركية فازت بهذه الصفقة ولكن عند الوصول الى مرحلة تركيبه والوقوف على تجاربه تفطن المكتب الذي يعود الى وزارة الصناعة والمشرف على مراقبة العملية ككل الى عدم تطابق في كراس الشروط مع مواصفات المرجع الحراري للشركة التركية رغم حصول الشركة على نسبة هامة من الصفقة ما أدى الى احالة الملف الى القضاء. وحسب محدثنا فقد تم التعاقد مع مستثمر ايطالي فاز بالصفقة بعد تلك الحادثة ولكن لا يعلمون لماذا لم يتم بعد استئناف العمل والسعي نحو تركيز المرجع حتى تعود الحركية وعجلة الانتاج في المؤسسة .

في نفس السياق افاد محدثنا انهم يعملون دونهامش ربح على عكس الخواص فمثلا في مايتعلق بانتاج الورق المدعم فإن الشركة تنتج حوالي 20 الى 25 طن منها أكثر من 13 طن للكراس المدعم ولكن قيمة الطن تساوي 2000 دينار في المقابل تشتري الدولة من الخواص الطن الواحد ب 4000 دينار وهنا كان الاحرى على الدولة ان تشجع المؤسسات العمومية والتدخل لفائدتها لا التشجيع على الخوصصة، وفق قوله . 

وكشف أن الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين تشغل مايقارب 900 عون مباشر و6 الاف عون غير مباشر ، ووفقا لمحدثنا فإن هؤلاء الاعوان غير مباشرين يتركزون على الحدود والمناطق الجبلية والذين يمثلون الدرع الأول في تأمين الامن للبلاد و6 الاف عائلة تعيش من هذه المؤسسة موزعين ليس فقط بجهة القصرين بل تمتد الى ولايتي قفصة وسيدي بوزيد . وكان على الدولة والحكومات المتعاقبة التفكير في هذه العائلات والطاقة التشغيلية الكبرى لقطب صناعي عريق بالجهة وبالبلاد التونسية لا أن تعمق اللاعدل بين الجهات على حد قوله . كما أشار في نفس الموضوع أن الاوضاع الحالية للعملة صعبة للغاية فبسبب الصعوبات المالية للشركة وحجم المديونية الكبير اثر على خلاص العمال والمزودين أيضا . فالعمال أحيانا لا يتقاضون أجورهم لشهرين ولا بصفة منتظمة في السنوات الأخيرة وحتى التغطية الصحية والاجتماعية لايتمتعون بها. كما بين أن العمال أصبحوا لا يتمتعون بالعطل ولا ببعض الامتيازات في السلم الوظيفي كما ان الساعات الاضافية يقضونها في عمل الحراسة للمؤسسة ولمعداتها خوفا من سرقتها او الحاق الضرر بالشركة التي أفنوا اعمارهم فيها والتي عاش بين أسوارها أجيال متلاحقة . 

وهم نقل مقر الشركة

وفي تعليقه على عملية نقل المعمل الى خارج مدينة القصرين فقد أفاد محدثنا أن هذه العملية بمثابة الوهم فبدل أن تسعى الدولة الى توفير المعدات اللازمة للمعمل والعمل على اعادة انعاش الوحدات وصيانة المعدات التي تآكلت بمرور الزمن والتي ستكلفها ما يناهز 90 مليون دينار تقوم الدولة بدراسات والتخطيط والتوجه الى نقلة المؤسسة بما يتجاوز قيمته 800 مليون دينار وهذا عين العبث من الحكومات، وفق قوله . مشيرا الى انهم كطرف اجتماعي ونقابي يرون أن الحل الأنجع حاليا هو في تطبيق وتفعيل استراتيجية انقاذ قام ابناء الشركة بانجازها وتتمثل أهم بنودها في إعادة هيكلة المؤسسة ، والتطهير المالي وايجاد السيولة والمال المتداول من أجل خلاص المزودين وجدولة ديون الشركة والتطهير البشري المتمثل في تسريح العمال خاصة أن منهم من تقدم في العمر ولم يعد قادرا على تقديم الاضافة بشكل ناجع، والضغط على كلفة الاجور التي ستوفر على الدولة الكثير من الموارد المالية فبدل صرف 22 مليون دينار مصاريف خلاص العمال ستصبح مطالبة فقط 8 مليون دينار . وبالتالي مع هذه النقاط الثلاثة تعود الحياة والانتعاشة للمؤسسة وعودة الحياة للعمال والدورة الاقتصادية للجهة مشددا على أنهم يمثلون شريكا فاعلا في أي موضوع يتعلق بالشركة ويجب تشريكهم في تقرير مصير مؤسستهم.

يذكر أنه تم في أكتوبر المنقضي  تم قبول المرحلة الرابعة والأخيرة من الإستشارة المتعلقة بمشروع نقلة مصانع الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق من موقعها الحالي بوسط مدينة القصرين إلى المنطقة الصناعية طريق تالة - القصرين والإستشارة المذكورة كانت نتيجة اتفاقية تعاون فني بين مجموعة البنك الإسلامي للتنمية ووزارة التنمية والإستثمار والتعاون الدولي والتي تم بمقتضاها منح الشركة الوطنية لعجبن الحلفاء والورق مبلغا ماليا قيمته 280 ألف دولار أمريكي، وتنظيم استشارة واختيار مكتب دراسات للقيام بها. وتضم الإستشارة 4 مراحل، وتهم المرحلة الأولى والثانية والثالثة التي تمت المصادقة عليهم سابقا، تشخيص الموقع الحالي لمصانع الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق، وتقديم الاقتراحات البديلة، وعرض التصاميم الأولية للمصانع الجديدة بالموقع الجديد، مع تثمين الموقع الحالي وتقديم الملفات الخاصة بطلبات العروض كما تم عرض الملف المتعلق بمشروع نقلة مصانع عجين الحلفاء والورق على أنظار مجلس إدارة الشركة والمصادقة عليه  ليتم فيما بعد عرضه على أنظار رئاسة الحكومة، وفي صورة تمت المصادقة عليه سيتم نشر إعلان طلب العروض والانطلاق في تنفيذ عملية النقلة.

ويشار الى أن الموقع الجديد المقترح لنقلة الشركة يمسح 35 هكتارا فيما يمسح الموقع القديم 34 هكتارا، ومن المنتظر أن تستغرق عملية النقلة 4 سنوات ونصف وستكون متوازية مع مشروع تعصير الشركة والمحافظة على نشاطها وإعطائها قيمة مضافة وتطوير استثماراتها. 

وتجدر الاشارة أن الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق تم الاتفاق في محضر جلسة ممضى بين الطرف الحكومي والطرف الاجتماعي في ماي المنقضي يقضي بادراجها ضمن المؤسسات السبعة التي سيقع التدخل لانقاذها .

شبهات فساد تطال عدد من المسؤولين بالشركة: 


من جهة أخرى هناك عدة شبهات فساد طالت عدد من المسؤولين في الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين أتى عليها مرصد رقابة في شكاية أودعها في 11 من نوفمبر الجاري لدى لدى وكيل الجمهورية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، موجهة بشكل أساسي ضدّ الرئيس المدير العام للشركة السابق لبيد الغضباني الى جانب مسؤولين آخرين، وذلك بسبب ما أسماها بالتجاوزات والمخالفات القانونية وشبهات الفساد المتعلقة بمختلف أوجه التصرف بهذه المنشأة العمومية. مطالبا بضرورة فتح تحقيق يأتي على مختلف الإخلالات القانونية الخطيرة ومن المعاملات المشبوهة من طرف المشتكى بهم، ما سبّب أضرارا فادحة للشركة . واستند المرصد في شكايته الى  تقرير تفقد نهائي تم إنجازه من طرف "هيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية" بخصوص بعض أوجه التصرف بالشركة ، والى مجموعة من التبليغات والشهادات الى جانب  استعماله لحق النفاذ إلى المعلومة لتوثيق وتثبيت الكثير من التجاوزات التي تشمل أغلبها:  خروقات كثيرة على مستوى التصرف التجاري، كمحاباة وسيط أجنبي على حساب آخر وتقديم أسعار تفاضلية كبّدت الشركة خسائر عديدة وعادت بالنفع الشخصي على بعض المسؤولين  المُشتكى بهم.  مبرزا كمثال عن ذلك،  تفضيل شركة اسبانية لسنوات طويلة تشتري طن الحلفاء ب830 يورو على حساب شركة يابانية عرضت في مرات عديدة مبلغ 1150 يورو للطن وفقا لذات المصدر الى جانب الخروقات في التصرف في الشراءات والصفقات، وعلى مستوى التصرف في الممتلكات، ومن ذلك تمكين بعض المسؤولين والموظفين من مساكن وسيارات ادارية وحصص اضافية من الوقود وإسناد مجموعة من المنح غير المنصوص عليها قانونا ودون وجه حق ما الحق ضررا كبيرا بالمؤسسة. 

ونوّه المرصد كذلك الى ما عانت منه الشركة في عهد الرئيس المدير العام سالف الذكر من حصيلة سلبية ثقيلة تثبت فشله في ادارته، بالنظر الى حجم الخسائر المتراكمة للشركة موفى عام 2019 بما قيمته 431 مليون دينار ومن المتوقع ان تكون الخسائر وصلت إلى 500 مليون دينار موفى 2020، منها مايناهز  270 مليون دينار خسائر سجلتها المؤسسة خلال خمس سنوات فقط (من سنة 2016 الى سنة 2020) . المرصد تحدث كذلك عن عدم  تحريك الحكومات المتعاقبة ساكنا، ازاء تردي الوضع في هذا القطب الاقتصادي رغم انجاز عديد المهمات الرقابية التي خلصت الى سوء الحوكمة وسوء التصرف في الشركة وتضمنت تقاريرها عديد التجاوزات والتلاعب بالمال العام والفساد البين. ولم تتم احالة الملفات الى الجهات القضائية  بل وشجعت المسؤولين على الفساد من خلال منح الشركة عديد القروض بشكل غير قانوني وبقيمة اجمالية بلغت 95 مليون دينار دون أمل في سدادها . كما أبرز المرصد تلقيهم ردا من الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات بخصوص الشكايات التي تم رفعها في علاقة بأخطاء التصرف المضمنة في تقرير التفقد النهائي المنجز من هيئة الرقابة العامة بوزارة أملاك الدولة،يؤكد رفع 3 شكايات في الغرض.

                                     

  صفوة قرمازي



المجمع الكيميائي ..من مؤسسة اقتصادية تنموية..الى كارثة بيئية وصحية

لو تعود بنا الذكريات الجميلة إلى فترة ما قبل بداية السبعينات لحلمنا نهارا وليلا بالعيش تحت أشجار واحات قابس الوارفة الظلال واكتفينا عشقا بالنظر إلى المشاهد الطبيعية الخلابة وارتوينا من همسات نسيمها المنعش ، ولكن تمر عقود تلو عقود بعد تركيز المنطقة الصناعية بغنوش خلال بداية السبعينات لنستفيق على لحن أحلامنا الضائعة دون أن ندري أنهم أوهمونا بالتنمية المزيفة ورفاهة الحياة الاجتماعية إلا أنه كان حتفنا في انتظارنا تدريجيا على خلفية ما أغدقوا على ولاية قابس وسكانها من صناعات كيميائية تنفث سمومها متعددة على مدار الساعة دون أن تسلم منها الكائنات الحية من البشر والشجر والبحر والمائدة المائية ، فقابس اليوم غدت غير شبيهة بالأمس بقابس الواحة والبحر والماء الرقراق  .

تدمير القطاع الفلاحي

ومنذ دخول المعامل الكيميائية المنتصبة بالمنطقة الصناعية في طور الاستغلال والإنتاج وبعد مرور قرابة نصف قرن على تركيز هذه المؤسسات المدمرة ازدادت أوضاع الجهة أكثر سوء وتردى الوضع الصحي والبيئ ، زيادة عن تفاقم ظاهرة البطالة في صفوف المواطنين وخاصة الشباب منهم في مختلف القطاعات. بالجهة شملتها جرائم المجمع الكيميائي التي ساهمت في تردي عديد القطاعات منها القطاع الفلاحي الذي تضرر كثيرا بسبب انبعاث الغازات التي أثرت على المردود الفلاحي مما أجبر عديد المزارعين على هجر النشاط الفلاحي فبرزت ظاهرة الزحف العمراني على مساحات فلاحية هامة أمام عجز السلط المعنية تطبيق القانون ولم تفلح بعض البلديات في رد المتجاوزين رغم ما توفر من قوانين تشريعية محجرة لتغيير صبغة العقار من فلاحي الى سكني إلا بترخيص قانوني .
فقد عمد الكثيرون من الأهالي للتفويت في هذه الأراضي بالبيع مما شجع أصحابها على استغلالها كعقارات سكنية وأصبحنا نشاهد عديد المساحات المخصصة لتعاطي الفلاحة قد تحولت إلى بنايات سكنية ، فالقطاع الفلاحي لم يعد يحظى بالإهتمام والرعاية المطلوبتين بهدف ضمان السيادة الغذائية لتونس. فحتى مياه الري التي تعد من المقومات الأساسية للفلاحة فقد استنزفت من المعامل الكيميائية مصادرها بالجهة وأمام ما دمره التلوث الذي حول قابس من جنة الدنيا إلى جحيم الدنيا فخرب المشاهد الطبيعية وفتك بالأرواح وساهم في انتشار عديد الأمراض المستجدة لم نلحظ بالمرة أو نلامس حرص الأطراف ذات الصلة أو مبادرة جدية من الحكومات لمقاومة هذا التلوث الذي اثر صحيا وفلاحيا على الجهة عبر وضع خطط استراتيجي يتضمن تنمية مستدامة ويؤمن لكل الأجيال المتعاقبة احتياجاتها من هذه المدخرات المائية والغذائية وهو ما ساهم في تلاشي خصوصيات الجهة الفلاحية منها السقوية والبحرية نحو الاندثار تدريجيا .

تواضع المعدات والتجهيزات وعدد الأعوان المباشرين

ومنذ منتصف الثمانينات لم تشهد المنطقة الصناعية بقابس إضافة تذكر من خلال سعي إدارة المجمع الكيميائي التونسي بقابس إلى تركيز مؤسسات كيميائية إضافية جديدة ذات تشغيلية مما يعكس أن المسؤولين الذين تداولوا على تسيير هذا الهيكل تعمدوا حرمان الدولة من دعم إضافي لخزينتها العامة حيث لم يعملوا على تطويرها حتى تمكن من توفير عائدات اضافية.ومن جهة اخرى فقد توقفت الإنتدابات في الوقت الذي عول فيه أبناء الجهة على المجمع لانتدابهم من جهة رغم محدودية عدد الاعوان الذين ارهقهم العمل المتواصل مقابل حرمان المئات من الإطارات العليا المختصة من العمل المناسب لمؤهلاتهم الفنية والتقنية زيادة عن ضمان العيش الكريم لهم وبعد مرور حوالي خمسين سنة من دخولها في طور الإستغلال حافظت المؤسسات الكيميائية المنتصبة على عدد لا يستجيب بالمرة لطموحات العمال بالمؤسسات.

ورغم أشغال الصيانة فإن معدات بعض هذه المؤسسات وتجهيزاتها تعاني من التآكل ، ما تسبب في تراجع ملحوظ في الإنتاج إضافة إلى ما تشكله هذه الوضعية من خطر محدق بالأعوان المباشرين.
وعندما ندقق النظر والتعمق في واقع المواد الأولية والمواد المصنعة بمعامل الأمونيتر  والحامض الفسفوري فإننا في الحقيقة لا نلمس إلا الفشل الذريع على مستوى توفير انتاج يتماشى وحاجيات السوق المحلية.
هذا وتعاني المعامل الكيميائية من تقادم معداتها وهو ما أكده وثيقة مسربة ان العمال يقومون بواجبهم المهني كاملا رغم ظروف العمل الصعبة المضنية على مستوى الإنتاج وتحملها طيلة السنوات الماضية ثقل هذه المسؤولية رغم التحديات التقنية والإرهاق الكبير الذي نال من صحة كامل الأعوان بحكم الشغور والنقص الفادح للمعدات اللازمة والضرورية من آلات وقطع الغيار. وقد عبر الأعوان في عديد المرات عن استيائهم الشديد لعدم تقدير الأطراف المسؤولية لهذه المجهودات الجبارة وتعمدها التجاهل والتغاضي عن معالجة هذه النقائص وخاصة توفير المعدات الضرورية للمعمل. وأبدى أعضاء الهيئة النقابية استغرابهم من تجاهل المسؤولين للإنعكاسات السلبية الخطيرة التي باتت واضحة للعيان من إفرازات الغازات الخطيرة والسامة على الجهة عامة وعلى المعمل بصفة خاصة وهم يتأسفون وينددون بهذا التقصير ويستغربون الإصرار على عدم المبادرة بشراء وتوفير أبسط الضروريات للمحافظة على نسق الإنتاج وضمان مستقبل المجمع داعين إلى مراجعة هذه السياسة التي ستنعكس سلبا على الاقتصاد الوطني . وأمام تجاهل إدارة المجمع الكيميائي التونسي وعدم احترام تعهداتها والتزاماتها مما أضر بسير العمل في صورة مواصلة الإدارة ازدرائها وعدم اهتمامها وإيلائه الأهمية القصوى حملت الهيئة النقابية المسؤولية كاملة للجهات المختصة والمعنية بالمجمع الكيميائي التونسي بقابس.

تقليص من القدرة الإنتاجية.. والاتجاه نحو التوريد المتعمد

وفي ظل غياب المراقبة الجدية وتقييم الأنشطة الكيميائية بشكل ناجع من طرف خبراء وفنيين فان ذلك من شأنه أن يلحق أضرارا مادية هامة كان من الأفضل الاستفادة منها في أنشطة موازية تساهم في دعم الخزينة العامة للدولة مما يعد تجاوزا في حق البلاد ومستقبلها الاقتصادي والإجتماعي، بل كارثة بشرية نظرا لعدم فرض المراقبة الفنية والتقنية الدورية فقد سبق أن صرح أحد مسؤولي المجمع عبر وسائل الإعلام بتعمد الإدارة التقليص من نسبة الإنتاج من 300 ألف طن إلى 190 ألف طن من مادة الأمونيتر خوفا على سلامة العاملين،وهو ما يؤكد تقاعس المؤسسة عن دور العناية بأهمية الصيانة الدورية للتجهيزات والمعدات مما يدفع الحكومة إلى التعويل على سياسة التوريد المغشوشة من هذه المادة الأساسية للزراعات الكبرى بالخصوص من خارج الحدود رغم انعكاساتها السلبية على الإنتاج الفلاحي وعلى ميزانية الدولة، فأن معمل الأمونيتر يعاني من معضلة ضعية السلامة المهنية بالمعمل ومدى تأثيرها على عملية الإنتاج والعنصر البشري وهي وضعية مهنية خطرة تستدعي ضرورة الاهتمام بعنصر ضمان السلامة المهنية لكافة العاملين بهذه المؤسسة الكيميائية.
لذا فان المجمع الكيميائي يمر بأزمة لم يشهدها من قبل خاصة وانه يعد كرافد من روافد الإقتصاد الوطني هدفه انتاج الأمونيتر الزراعي عالي الجودة لتلبية حاجيات السوق الداخلية وتصدير ما زاد على تلك الحاجات. لذا فقد المجمع تشويه عديد الإخلالات الفنية منها عدم الالتزام بصيانة المعدات وتعكير المناخ واتخاذ قرار بعدم السماح بتشغيل وحدات الإنتاج إلى حين تمكين الهيئة من شهادة صلوحية استعمال المعدات من قبل خبراء مكتب المراقبة المعتمدة.
كل هذا دفع الطرف النقابي للتعبير عن استعداد العملة للدفاع عن ديمومة المؤسسة والمحافظة عليها وتحميل المسؤولية الكاملة لما حدث وما سيحدث للإدارة الجهوية وسلطة الإشراف. كما طالبوا بمكافحة الفساد والحد من كل التجاوزات المضرة بالمصلحة العامة وخاصة ما يهم الأمن الغذائي ببلادنا أمام الصمت الرهيب من كل الأطراف لما يجري حولهم.

أضرار صحية وبيئة

ونظرا لانبعاث الغازات المتسربة على غرار غاز ثاني أكسيد الكبريت من المعامل الكيميائية على مدى الساعة تقريبا تعاني الجهة من تلوث بيئي فقد في انتشار هذه السموم على مدى عشرات الكيلومترات، وتجلى هذا على الوضع الصحي بالخصوص لأغلب متساكني منطقتي الشط وغنوش فهما أكثر المناطق تضررا لمجاورتها المنطقة الصناعية حيث لا تتجاوز المسافة الفاصلة بضع مئات الأمتار، ويكاد لا يخلو منزل في هاتين المنطقتين من إصابة او وفاة أحد أفراد العائلة نتيجة إرهاب هذا التلوث الصناعي .وقد ظهرت عديد الإصابات في صفوف المتساكنين المجاورين للمنطقة الصناعية منها الحساسية الجلدية والولادات القيصرية وهشاشة العظام وأمراض السرطان والجهاز التنفسي وخاصة بما يعرف بالربو والإصابة بالأمراض الصدرية عموما ، فيما كانت الأضرار الملحقة ببوشمة وأهلها بدرجة أقل .

نضال الجمعيات البيئية متواصل

لم يترك النسيج الجمعياتي في هذه الربوع طريقة للتعبير عن رفضه التام للتلوث إلا ونفذها زيادة عن عشرات المكاتيب والعرائض الموجهة للوزراء بمختلف الحكومات المتعاقبة اعتمادا على الاعتصامات أو الاحتجاجات ولكن كمن يحرث في البحر لم تلمس مكونات المجتمع المدني بوادر جادة تعكس حرص الدولة في معالجة نهائية لهذه المعضلة البيئية والصحية بالجهة.

 وكانت مبادرة بمشاركة شباب قابس خارج الحدود ممثلة في جمعية " نحب نعيش " في مسيرة من أجل حماية المناخ في مؤتمر غلاسكو الاسكتلندية الأخير للتعريف بمعضلة التلوث في جهة قابس وما يعيشه سكانها من كوارث متعددة أثرت على واقعهم الاجتماعي  والإقتصادي وحذر هؤلاء الشباب من كارثة بيئية مدمرة قادمة تهدد وجود الجهة وحياة سكانها إلى جانب الدعوة إلى تطوير معايير السلامة والبنية التحتية المهترئة بأغلب الوحدات الصناعية نظرا لما سجلته المنطقة من خمس وفيات وجريح في صفوف العاملين وحريقين في معمل الأمونيتر خلال شهري مارس ومن السنة الماضية .

 أهالي ولاية قابس ينتظرون مبادرة الجميع بالإقرار النهائي بعد الاتفاق المجتمعي حول المشروع البيئي المندمج وحدات إنتاج الحامض الفوسفوري والكبريتي بالمجمع الكيميائي التونسي بقابس المنتظر للحد من انتشار كل الملوثات الصناعية والكيميائية بالجهة ، فإلى متى تبقى مشكلة قابس بلا حل ؟


البشير الرقيقي

 

منجم الفسفاط بالمكناسي..الثروة المهدورة


لم يتوصّل عمّال منجم فسفاطالمكناسي، والبالغ عددهم 164 عاملا إلى حلّ جذري ونهائي مع الحكومة بخصوص الإدماج الفوري، بشركة فسفاط قفصة، إثر قرار غلق منجم الفسفاطبالمكناسي منذ أفريل 2020.

منجم مغلق..ومطالببالادماج

 ويطالب العمّال بتسوية وضعيّاتهم في ظلّ وضع اقتصادي واجتماعي هشّ ومحتقن دون اللجوء إلى مناظرة لانتدابهم صلب شركة فسفاط قفصة.

للتدقيق والبحث أخذنا طريقنا باتجاه مقطع الفسفاط، أو المينة، كما يسميها أهالي المنطقة، فما إن تتجاوزنا قنطرة واد اللبن،تعترضك أكوام من الفسفاط مكدسة على بعد عشرات الأمتار من المسلك المؤدي الى منجم الفسفاط بمنطقة، تنتظر رفعا، ثروة مهدورة كان بالإمكان ان تغير واقع شباب المنطقة والواقع التنموي إلى أفضل حال فقط لو تم تثمينها.

جبال ومرتفعات تمت تسويتها بالأرض بعد أن تم استخراج كميات الفسفاط ، وتكدسيها في أماكن متباعدة ليقع رفعها في مرحلة لاحقة، مشهد لحضيرة الأشغال التي تواصل العمل فيها مايقارب السنتين.

عدد من العاملين في هذا المنجم،أكدوا في تصريح لـ" الصباح" أن نوعية الفسفاط المستخرجة من منجم المكناسي، من النوعية الجيدة،إضافة الى أن النسق الفسفاطي يتكون من طبقة واحدة، سمكها يزيد عن 15 مترا، وهي تفوق مجموع سماكة الطبقات الفسفاطية التي تكونالنسق الفسفاطي بالحوض المنجمي بالجنوب الغربي والتي لا تتعدى 13 مترا.

ويشار إلى أن منجم الفسفاطبالمكناسي يتكون من 4 مقاطع وهي مقطع الجباس ومقطع  عبد الله ومقطع قرقيبة  ومقطع كاف النسور.

وتقدر مدخرات الفسفاط  بمقطع “الجباس” بـ 17 مليون طن، و92 مليون طن في بقية المقاطع، وهي كميات يمكنها ان تعمل لمدة 40 سنة بمعدل أكثر من مليوني طن سنويا.

وللتذكير،فان مشروع منجم الفسفاطبالمكناسي”، تم اقراره منذ 29 أفريل 2013، وأبرم 164 عاملا عقودا للعمل فيه منذ 15 مارس 2019 ليباشروا العمل في 30 افريل 2019، عقود انتهت بتاريخ 30 أفريل 2020، دخل بعدها العمال في سلسلة من الاحتجاجات للمطالبة بتسوية وضعياتهم ومواصلة العمل

مطالب استئناف نشاط المنجم

مطلب عمال منجم الفسفاطبالمكناسي، وفق فرحات خصخوصي لـ"الصباح" وهو أحد عمال المنجم،تتمثل في تفعيل عمل المنجم عاجلا، وتسوية وضعياتهم المهنية بما يضمن حق  164 عائلة في العمل والكرامة، فبطالتهم  تواصلت لاكثر من 8 أشهر،وهو ما جعلهم ، في وضعية “مزرية” حيث كان من الممكن ان تجد شركة فسفاط قفصة والسلطات المحلية والجهوية والمركزية حلولا لهم ولعائلاتهم. 

ماهر سليمي،هو أيضا أحد عمال المنجم،قاطع حديثنا بعد تردد،بالقول"المنجم كنز مهدور" ، وبعد برهة من الزمن،واصل قائلا "يمكن للمنجم ان يكون حلا لمشكل البطالة التي تلتهم أبناء الجهة وتغرقهم في متاهات”، خاصة اذا ما تم الالتزام بتصريحات سابقة لمسؤولين من وزارة الطاقة والمناجم في أكثر من منبر حول المقدرة الكبيرة للتشغيل التي يتميز بها".

وشدد محمد شلبي،على مطالبة العمال بتطبيق الاتفاقيات السابقة واحترام العمل بمبدأ استمرارية الدولة وخاصة الالتزام باتفاق جويلية 2017 الذي يحمل كل التفاصيل الخاصة بانتداب 164عاملا، وهو اتفاق تمت المصادقة عليه من طرف كاتب الدولة للمناجم والمدير العام للمناجم حينها.

واضاف انه تم التنكر لكل الالتزامات السابقة خلال جلسات أفريل وماي وجوان من سنة 2020، وقدمت وزارة الإشراف خيارات جديدة “تمس من حق عمال منجم الفسفاط وفيها الكثير من المماطلة”، على حد وصفه.

وبحسب معطيات تحصلت عليها " الصباح" فان أطرافا عديدة تدخلت في عملية التفاوض مع السلطات الجهوية والمركزية، من أجل تسوية وضعية نهائية لوضعية عمال هذا المنجم، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل،على مستوى مكتبه الجهوي بولاية سيدي بوزيد،الذي كان حاضرا منذ شهر أفريل 2020،وفق الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد،لزهر قمودي.

القمودي أكد لـ" الصباح" أنه خلال كل الجلسات التفاوضية،بخصوص منجم فسفاطالمكناسي، تم التركيز على أنه يجب على عمال المنجم استكمال عملهم، ما يضمن لهم العيش الكريم،الا أن السلطات المعنية،تنصلت من مختلف الاتفاقيات السابقة في مرحلة اولى وتم لاحقا الاتفاق على قبول 164 عاملا في شركة فسفاط قفصة، ولم يتم تحديد توقيت قبولهم وهو الإشكال الحالي.

وأكد انه لابد من الاستجابة لطلبات التشغيل والتنمية التي قامت من أجلها الثورة خاصة آن الدولة قدمت منجم الفسفاطبالمكناسي كحل من الحلول لامتصاص البطالة في الجهة، ولا بد من تفعيله في أقرب الآجال ولا بد من الحفاظ على حقوق العمال وتسوية وضعيتهم المهنية لحفظ السلم الاجتماعي

إبراهيم سليمي 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews