فضيحة مالية جديدة تهز العالم بعد فضيحة " وثائق بانما" في العام 2016 حيث تم في الساعات الماضية كشف النقاب عن الثروات والمعاملات السرية لقادة عالميين وسياسيين ومليارديرات، في واحدة من أكبر تسريبات الوثائق المالية في ما يعرف اليوم ب"وثائق باندورا"..وثائق تظهر أسماء حوالي 35 من القادة الحاليين والسابقين، وأكثر من 300 مسؤول حكومي، في ملفات الشركات التي تتخذ من الملاذات الضريبية مقرا لها، وهي الملفات التي يطلق عليها اسم "وثائق باندورا" ،و جاءت هذه المعلومات ضمن تسريب جديد لوثائقَ تحصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين الذي أشرف على تفحصها مع شركائه وجمع هذا التحقيق أكثر من 600 صحفي وصحفية من 117 بلداً قاموا بتحليل ملايين الوثائق التي زودها مصدر مجهول للاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، وتعد هذه التسريبات الأحدث في سلسلة من التسريبات على مدى السنوات السبع الماضية، بعد ملفات فنسين، ووثائق بارادايس، ووثائق بنما ولوكس ليكس، وذلك بعد الوصول إلى 12 مليون وثيقة من 14 شركة خدمات مالية في دول من بينها جزر العذراء البريطانية، وبنما ودولة بليز وقبرص والإمارات العربية المتحدة وسنغافورة وسويسرا. ..
وقد شارك صحفيو موقع "انكفاضة" من تونس والذي كشف سابقا عن " وثائق بنما" في التحقيق. حيث كشف الموقع أن رئيس حركة مشروع تونس " محسن مرزوق" من بين الأسماء الواردة في الوثائق المسربة.
ما علاقة " مرزوق " بوثائق "باندورا"؟
حيث كشف الموقع أن يوم 16 ديسمبر 2014، تم تسجيل شركة محسن مرزوق تحت مسمى "إيقل وان للاستثمارات القابضة ذات المسؤولية المحدودة Eagle One Investments Holdings Limited" في مدينة رود تاون، عاصمة الجزر العذراء البريطانية. هذا الأرخبيل الممتد على قرابة خمسين جزيرة هو جزء من أراضي ما وراء البحار التابعة للمملكة المتحدة ويُعرف بكونه جنة ضريبية حيث الضرائب المفروضة ضئيلة أو تكاد تنعدم وأين تختفي المعاملات البنكية وراء ستار من التعتيم.
وكان محسن مرزوق اعترف أن "الفكرة من وراء تكوين هذه الشركة كان الإعداد لوقت مغادرتي الساحة السياسية واستئناف سالف أنشطتي"، خلال مقابلة له مع إنكفاضة. ويؤكد مرزوق أنه، قبل دخوله معترك السياسة، كان يشتغل كمستشار دولي وهي المهنة التي كان يجني منها كافة مداخيله. يقول : "بما أنني لم أكن متيقنا من المكان الذي كنت سأستقر فيه في نهاية المطاف، خيّرت إنشاء شركة غير مقيمة".
وابرز الموقع ان التحقيق بين أن محسن مرزوق وبالتوازي مع اتصالاته بموساك فونسيكا، شرع في إجراءات مع شركة إس إف إم لخدمات الشركات وهو مكتب مشابه مقره دبي و جنيف، من أجل إدراج شركة في الجزر العذراء البريطانية. وكانت إس إف إم قد طلبت مبلغ 1791 جنيه استرليني (قرابة 6800 دينار) في حين أن موساك فونسيكا قدرت أتعابها بـ2613 دولار (قرابة 7400 دينار) مقابل نفس الخدمات. وفي نهاية المطاف، استقر رأيه على إس إف إم لخدمات الشركات التي "نصحني بها أصدقائي" على حد تعبيره. وفي يوم 16 ديسمبر 2014، أُدرجت شركة "إيقل وان للاستثمارات القابضة ذات المسؤولية المحدودة".
شأنها شأن موساك فونسيكا، تمتهن إس إف إم تكوين الشركات الوهمية وتوفر خدمات أوفشور أخرى تتيح لعملائها وعميلاتها إخفاء هوياتهم·ـن والتخفيض في الضرائب. و يعمد هذا المكتب إلى الإشهار لخدماته على الانترنت.
ملوك ..رؤساء.. سياسيون ورجال أعمال مورطون
و كشفت الوثائق أن ملك الأردن يمتلك سرا عقارات في بريطانيا والولايات المتحدة قيمتها 70 مليون جنيه إسترليني.
كما أوضحت ان رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وزوجته من التهرب من دفع 312 ألف جنيه إسترليني، من رسوم الدمغة عندما اشتريا مكتبا في لندن.
فقد اشترى الزوجان شركة تتخذ من ملاذ ضريبي مقرا لها، وتلك الشركة تملك المبنى.
ويربط التسريب أيضا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأصول سرية في موناكو، ووجدت الوثائق أن رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس، الذي سيواجه انتخابات في وقت لاحق هذا الأسبوع، لم يعلن عن استخدام شركة استثمار تتخذ من ملاذ ضريبي مقرا لها، لشراء فيلاتين مقابل 12 مليون جنيه إسترليني في جنوب فرنسا.
وتواجه بعض الشخصيات مزاعم بالفساد وغسيل الأموال والتهرب الضريبي العالمي.
لكن أحد أكبر الاكتشافات هو كيف أنشأ الأشخاص البارزون والأثرياء، شركات بشكل قانوني لشراء العقارات سرا في بريطانيا.
وتكشف الوثائق عن أن مالكي نحو 95 ألف شركة، تتخذ من الملاذات الضريبية مقرا لها، كانوا وراء عمليات الشراء.
وتسلط الوثائق الضوء على عدم قيام الحكومة البريطانية بإعداد سجل لأصحاب العقارات من أصحاب الشركات التي تتخذ من الملاذات الضريبية مقرا لها، على الرغم من الوعود المتكررة للقيام بذلك، وسط مخاوف من أن بعض مشتري العقارات قد يخفون أنشطة غسيل الأموال.
ومن الأمثلة على ذلك الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف وعائلته، الذين اتُهموا بنهب بلدهم.
ووجد التحقيق أن آل علييف وشركاءهم المقربين، متورطون سرا في صفقات عقارية في بريطانيا، تبلغ قيمتها أكثر من 400 مليون جنيه إسترليني.
وقد يكون هذا الكشف محرجا للحكومة البريطانية، إذ يبدو أن آل علييف قد حققوا ربحا قدره 31 مليون جنيه إسترليني، بعد بيع أحد ممتلكاتهم في لندن إلى كراون ستيت، وهي إمبراطورية الملكة العقارية التي تديرها وزارة الخزانة وتجمع من خلالها الأموال للأمة.
و يعتمد هؤلاء على الحسابات الخارجية و الصناديق الائتمانية الخارجية، لشراء عقارات بمئات الملايين من الدولارات في بلدان أخرى، ولإثراء عائلاتهم، على حساب مواطنيهم.
ويعتقد الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن التحقيق "يفتح صندوقا يحتوي على الكثير من الأشياء"، ومن هنا جاء اسم أوراق باندورا (في إشارة إلى أسطورة صندوق باندورا الذي يخفي الكثير من الشرور في الميثولوجيا الإغريقية)...
وتحوم الشبهات ايضا حول الرئيس روسي فلاديمير بوتين، فبحسب التقرير، فان "سفيتلانا كريفونوجيك، التي كشف عن امتلاكها شقة في إمارة موناكو الثرية، تقدر قيمتها بملايين الدولارات، في حين أن لا مؤشرات تشير إلى طريقة امتلاكها الثروة الكافية لشراء مثل هذه الشقة.
وتظهر السجلات المالية التي لم يتم الكشف عنها من قبل إلى جانب وثائق الضرائب المحلية أن كريفونوجيك، 46 عاما، أصبحت مالكة الشقة في موناكو من خلال شركة خارجية أنشأت بعد أسابيع فقط من إنجابها فتاة، وقد ولدت الطفلة في وقت كانت فيه، وفقا لتقرير وسائل الإعلام الروسية في العام الماضي، في علاقة سرية استمرت سنوات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويظهر التقرير أيضا ملايين الدولارات في ممتلكات ونقود يملكها سرا زعيما كينيا وجمهورية التشيك، ولم يرد الزعيمان التشيكي والكيني على طلب التعليق لمعدي التقرير، كما لم يرد كل من الكرملين أوالمرأة الروسية.
ويعتبر هذا التحقيق الأكبر منذ كشف عن تحقيقات أوراق بنما، لكنه يحتوي على وثائق أكبر بكثير من تلك التحقيقات التي قادتها محكمة العدل الدولية.
هذا بالإضافة إلى تورط عدد كبير من قادة العالم في هذه الملفات من الإمارات ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية ومن لبنان.