-لستُ من هواة المعارك السّيزيفيّة
"نزاعات قيادات النهضة التّنظيميّة توشك أن لا تعني أحدا", هذا ما قاله القيادي في حركة النهضة سمير ديلو في حواره لـ"الصباح نيوز".
وحول امكانية أن ينضم الى حزب جديد يؤسسه عماد الحمامي، أوضح أن الإلتقاء في إطار يهتمّ بالشّأن العامّ، سواء كان حزبا أو هيكلا مختلفا، لا يكفي فيه الإلتقاء في معارك الدّيمقراطيّة الدّاخليّة للحزب.
وأفاد أن الاشكال ليس في تعديل الدستور بل في الإجراءات التي سيتمّ اتّباعها للقيام بذلك، وأن الدّستور مظلّة لا يمكن أن نكون داخلها وخارجها في نفس الوقت، متسائلا كيف يتمّ احترام الفصل 144 من الدّستور.
وأكد أنه لا يشاطر الرأي حول تعليق العمل بالدستور واصدار تنظيم مؤقت للسلط والذهاب الى استفتاء، لافتا النظر الى أن رسالة التّطوّرات الأخيرة في البلاد توشك أن تضيع بين حالتي إنكار، وأن هناك حالة إنكار مقابلة لمن يتصوّرون أنّ مفردات التّفويض الشّعبي شاملة وراديكاليّة ونهائيّة تتيح لهم التّواصل مع الوجدان الشّعبيّ دون هيئات ومؤسّسات وسيطة.
وهذا فحوى الحوار:
ما هو رأيك في التركيبة الجديدة للمكتب التنفيذي لحركة النهضة خاصة أن أغلبها من الوجوه القديمة ومن المقرّبين من الغنوشي؟
لم يعد الحديث في المسائل التّنظيميّة لحركة النّهضة من أولويّاتي ( ولا من الأولويّات الوطنيّة على الأرجح ) أظنّ أنّ هذا الأمر أصبح شأنا يهمّ فقط من يهتمّون به، ولستُ منهم.
ولم يعد يحتاج منّي سوى هذا التعليق: رئيس الحركة رأى أنّ أفضل تفاعل مع ما حصل في البلاد هو اختياره هذه التّركيبة المتجانسة المنسجمة ، وبهذه الطّريقة بالتوفيق.
هل أن تركيبة لجنة إدارة الأزمة السياسية بتركيبتها الحالية قادرة على حل الأزمة؟
لجنة الأزمة كان الله في عونها
ماذا عن الأزمة ذاتها ؟ هل هي أزمة حركة النّهضة أم أزمة البلاد؟
القضيّة في تقديري أعمق وأخطر من التّعاطي مع مستجدّات يوم 25 جويلية وما بعده، الأهمّ هو ما سبقه، وفي ما يخصّ حركة النهضة، يجب أن يكون لقادتها من الشّجاعة والمصداقية ما يمكّنهم من طرح الأسئلة العميقة المتناسبة مع خطورة التّحدّي نزاعاتهم التّنظيميّة توشك أن لا تعني أحدا غيرهم.
والسّلطة في حزب لا يشارك في حياة ديمقراطيّة تشاركيّة وتنافسيّة حقيقيّة، لن يبقى لها أيّة قيمة .والبطانة التي جمعتها المصالح لن يحدّد مواقفها لاحقا إلاّ مواقعها.
أمام حركة النّهضة تحدّ وجودي، هل لمشروعها مقوّمات البقاء والإستمرار؟ هل لديها القدرة على مكابدة نقد ذاتي شجاع وصادق وعميق؟ هل لدى قيادتها الحاليّة ما يكفي من صفاء الذّهن والرّوح الوطنيّة ما يسهّل عليها مغادرة مربّع حالة الإنكار ؟
هل للفريق السّياسي الذي قاد الحركة في السّنوات الأخيرة ،وساهم في وصول البلاد إلى هذا المأزق غير المسبوق، ما يكفي من الإحساس بالمسؤوليّة ليعترف بفشله الذّريع الذي جعل المواطنين يكفرون بسياسة لا يرون لها أثرا إيجابيّا في حياتهم اليوميّة وفقيرة في بُعدها الاجتماعي ومسابة بمرض الأنيميا في خلاياها الأخلاقية والقيميّة ؟
وحدهم المعنيّون قادرون على الجواب القاطع، و في كلّ الأحوال، لستُ من هواة المعارك السّيزيفيّة.
هل يمكن أن نراكم في حزب جديد مع عماد الحمامي الذي تم تجميد عضويته؟
لم أتحدّث مع الأخ عماد في هذا الموضوع، والإلتقاء في إطار يهتمّ بالشّأن العامّ، سواء كان حزبا أو هيكلا مختلفا، لا يكفي فيه الإلتقاء في معارك الدّيمقراطيّة الدّاخليّة للحزب، فالأهمّ في تقديري هي الأفكار والرّؤى والمضامين ذات الأفق الوطنيّ.
الهياكل والأجهزة وحتّى الأشخاص مجرّد أدوات.
ومن جهة اخرى، ماذا عن فرضية تعديل الدستور الحالي؟ وكيف تقيّمونها؟
الإشكال ليس في مجال التّعديل، فذلك مرتبط بإرادة الرّاغب فيه ومدى القبول الذي تحظى به المقترحات شعبيّا ولدى الفاعلين في الشّأن العام السّياسي، بل في الإجراءات التي سيتمّ اتّباعها للقيام بذلك،
الدّستور مظلّة لا يمكن أن نكون داخلها وخارجها في نفس الوقت، خاصّة وأنّ الرّئيس قد حسم الأمر بالتّعبير عن التزامه باحترام الدّستور .
وفي هذه الحالة يبقى السّؤال مطروحا: كيف يتمّ احترام الفصل 144 من الدّستور؟
امكانية أخرى وهي تعليق العمل بدستور 2014 واصدار نظام مؤقت للسلطات والذهاب الى استفتاء حول النظام السياسي وفق ما قاله مستشار رئيس الجمهورية هل تؤيدها؟
بالطّبع لا أشاطره الرّأي،
من معالم مفارقات الوضع الحالي أنّ رسالة التّطوّرات الأخيرة في البلاد توشك أن تضيع بين حالتي إنكار :
حالة إنكار من وُجّهت لهم فيتصوّرون أنّ انحناءة أمام العاصفة، انتظارا لظروف أفضل، تُغني عن استخلاص العبر والقيام بإجراءات ومراجعات عميقة،
وحالة إنكار مقابلة لمن يتصوّرون أنّ مفردات التّفويض الشّعبي شاملة وراديكاليّة ونهائيّة تتيح لهم التّواصل مع الوجدان الشّعبيّ دون هيئات ومؤسّسات وسيطة وتبرّر طيّ صفحة ما قبل 25 جويلية كلّها بما فيها ومن فيها.
هناك حالة من الغرور والتّعالي والتّحريض على الفردانيّة تطبع بعض من يزيّنون لأصحاب القرار أنّ الظّرف مُواتٍ لطيّ صفحة دستور 2014 وما انبثق عنه من مؤسّسات.
فرض الأمر الواقع بتغيير ما تمّ التّعاقد حوله بشكل تشاركيّ ( مهما كانت عيوبه ونقائصه)، بالإرادة المنفردة لسلطة وحيدة، حتّى وإن تمثّلت في رئيس للجمهوريّة بالمواصفات الأخلاقيّة لقيس سعيّد وبمقوّمات المشروعيّة التي منحها إيّاه ناخبوه ثمّ من ساندوا ما بادر إليه منذ أسابيع، لن ينهي الأزمة في البلاد بل سيرحّلها فحسب، وسيكون معنيّا بها كلّ من ستطالهم تبعاتها وآثارها فضلا عن كلّ من تمّ تهميشهم من قوى سياسيّة واجتماعيّة ..
إذا تمّ المضيّ في خيار الخروج النّهائي والمعلن عن الشّرعيّة الدّستوريّة، والمرور من مرحلة التّأويل المرجوح إلى مرحلة فرض الأمر الواقع ، عبر الإستقواء بسخط جانب من الرّأي العام على الوضع السّابق وتنازل البعض عن حقّهم في المساهمة في هندسة الوضع اللّاحق، فستكون مغامرة محفوفة بمخاطر حقيقيّة وسيكون التّرحيب بالواقع الجديد مؤقّتا ومشروطا بتحقيق وعود التّنمية ومكافحة الفساد وتدارك أخطاء السّنوات الماضية .
درصاف اللموشي