إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الخبير الاقتصادي فهد تريمش لـ"الصباح نيوز": الاتحاد الأوروبي لن يتخلى عن تونس.. وصرف المساعدات الدولية رهين وضوح الرؤية السياسية


الحكومة الجديدة يجب أن تتوفر لها شروط النجاح

تونس اليوم تحت طائلة وقف المساعدات التي تتلقاها من عديد الدولة والمنظمات بسبب ما يتسم به الوضع السياسي من ضبابية، حيث طالبت الوفود الممثلة للدول والمؤسسات المالية والاتحادات والمنظمات العالمية، تونس وتحديدا رئاسة الجمهورية بتوضيح توجهاتها للفترة القادمة وانهاء العمل بالإجراءات الاستثنائية المترتبة عن تفعيل الفصل 80 من الدستور.
وكانت اخر لقاءات رئيس الجمهورية قيس سعيد، امس 10سبتمبر 2021، بوزير خارجية الاتحاد الأوروبي الذي عبر عن "مخاوف" الاتحاد إزاء الوضع السياسي في البلاد ،  وكل ما يتعلق بالحفاظ على مكتسبات الديمقراطية في تونس، باعتبارها السبيل الوحيد لضمان استقرار البلاد وازدهارها.
مخاوف عبر عنها أيضا فريد بلحاج نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط ووفد عن الكونغرس الأمريكي..
وتعتبر المساعدات الدولية التي تقدم لتونس لا سيما بعد الثورة مهمة جدا في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن..فهل سيتجه الاتحاد الأوروبي فعلا إلى حرمان بلادنا من مساعدته للضعط عليها ؟
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي فهد تريمش لـ"الصباح نيوز" ان العلاقات التونسية الأوروبية محكومة قبل كل شيء بعامل الجغرافيا، وهو عامل ثابت ومحدد لا يتغير حسب المستجدات السياسية.

الاتحاد الأوروبي مساعدات بـ10 مليار اورو

وذكر بأن الشراكة التونسية الأوروبية تعود إلى الستينات، وتم تطويرها بالحصول على اتفاق الشراكة سنة 1995 ثم رتبة الشريك المميز سنة 2012، وخلال سنة 2020 مثل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لتونس ب75% من الصادرات و50% من الواردات التونسية، باستحواذ فرنسا وإيطاليا وألمانيا على أكثر من 70% من هذه المبادلات.

وبين تريمش أن الاتحاد الأوروبي يقدم مساعدات مالية لتونس في إطار عدد من مشاريع وبرامج التعاون تجاوزت خلال عشرة سنوات الـ10 مليار أورو، ولكن هذا الرقم لا يعني أن هذه الأموال قدمت لتونس كهبات بل إن معظمها يخصص لتمويل وكالات التعاون للبلدان الأوروبية التي يتم تكليفها بتفيذ هذه البرامج أو يقدم كقروض بشروط ميسرة، حسب قوله.

واعتبر أنه من الطبيعي أن يبدي الاتحاد الأوروبي مشاغله بتطور الأحداث الجارية في تونس، وذلك من منطلق المبادئ التي ينبني عليها والتصور المؤسساتي في تونس أي أساسا وجود ديمقراطية برلمانية، مضيفا: "لكن الاتحاد الأوروبي بحكم طبيعته، فهو أساسا كيان اقتصادي تجاري وبعده السياسي يبقى أساسا داخليا في عدد من المجالات التي يختص بها، لم يتمكن من فرض نفسه كقوة جيوسياسية بذاته، رغم التغييرات المؤسساتية التي وقعت ومنصب نائب رئيس الاتحاد الذي يعطى للممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، في ظل غياب فعلي لوحدة ديبلوماسية أوروبية وارتباط سياسة الدفاع الأوروبية بحلف الناتو. إذ تستحفظ الدول الأعضاء للاتحاد الأوروبي بالتحكم في تحديد طبيعة علاقاتها الثنائية مع البلدان الأخرى ما ينعكس على السياسة الأوروبية المعلنة تبعا لذلك، لا سيما بلدان جوارها المباشر مثلا" .
وشدد الخبير الاقتصادي انه من المستبعد جدا أن تقوم هذه الدول بالضغط على تونس في اتجاه منحى سياسي معين دون آخر طالما الإرادة الشعبية يقع التعبير عنها والمسار الديمقراطي لم يتعطل بإلغاء الانتخابات أو التضييق على الحقوق والحريات الفردية والعامة، وبالتالي فإنه طالما حافظت الدول الأوروبية المؤثرة في القرار داخل الاتحاد الأوروبي والتي هي في نفس الوقت أهم البلدان الشريكة لتونس اقتصاديا فإن الدعم والتعاون بين تونس والاتحاد سيظل قائما ولن يمسه التغيير السياسي الحاصل داخل تونس، حسب تعبيره.

وأضاف، من ناحية أخرى، ان اهتمام الاتحاد الأوروبي يتضمن جانبا أمنيا مهما، فعلاوة على إقامة ما يفوق عن مليون تونسي داخل الفضاء الأوروبي، وإمكانية تأثير أي قرار قد يفهم منه التدخل أو الضغط السياسي على تونس على الأمن، فإن الاتحاد الأوروبي حريص في الآن ذاته على استقرار الأوضاع داخل تونس، وبالتالي مضطر لمواصلة دعمها اقتصاديا وبقوة إذ أن التدهور الاقتصادي يعني مباشرة تفاقما لأمواج الهجرة غير الشرعية من تونس في اتجاه أوروبا، مؤكدا ان جائحة كورونا قد ضاعفت من الاهتمام بتونس كبلد جوار ونظرا لكثافة التدفقات البشرية بين المجالين التونسي والأوروبي في الاتجاهين وليس أدل على ذلك من تكثف الدعم في المجال الصحي خلال الشهرين الأخيرين لضمان مجابهة تونس للأزمة الصحية بأكثر نجاعة.

الحكومة..والاعلان عن برنامج عاجل


واعتبر الخبير الاقتصادي أن الحلول العاجلة المطروحة أمام تونس تتمثل في الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يعيد ثقة الأوساط المالية الدولية في الاقتصاد التونسي ويوفر الدعم الضروري لسد العجز الهائل للميزانية. وبين ان هذا الاتفاق الذي تسعى تونس إليه منذ سنة رهين عديد العوامل السياسية والهيكلية، تأتي في مقدمتها وجود حكومة تفاوض الصندوق حول بنود الاتفاق، وتحديد برنامج للإصلاح الاقتصادي يتضمن إصلاحا عميقا للقطاع العام والمالية العمومية، وهو إصلاح سيكون موجعا لا محالة وهو ما يتطلب توافقا بين الحكومة والأطراف الاجتماعية المعنية، في حين أن غياب الإصلاح وتواصل الوضع الحالي والهروب إلى الأمام سيعمق قريبا من أزمة البلاد وسيؤدي إلى انفجار اجتماعي لا يمكن التنبؤ بمداه.

واشار الخبير الاقتصادي، في الآن ذاته، الى ان هذه الحكومة الجديدة يجب أن تتوفر لها شروط النجاح، كالكفاءة والنزاهة والانسجام، وتحديد برنامج عمل ذو أولويات عاجلة و واضحة، وانه لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بتوضيح الإطار الدستوري والقانوني الذي تعمل في ظله هذه الحكومة حتى لا يقع الطعن في أعمالها وشرعيتها من كل المتضررين من انهيار الوضع السياسي الذي كان قائما قبل 25 جويلية.

كما أفاد ان البنك الدولي قد قدم مثالا إيجابيا مؤخرا وذلك بتنفيذ برنامج المساعدات الاجتماعية الموجهة للعائلات محدودة الدخل دون الوقوف والتريث إثر إعلان التدابير الاستثنائية، قائلا ان البلدان الكبرى وخصوصا الولايات المتحدة لديها الكلمة العليا في التوجهات الاستراتيجية للمؤسسات المالية الدولية.
 وأكد فهد تريمش أنه ما دامت علاقات تونس الثنائية مع هذه الدول متينة والتعاون معها قائما فإن توضح الرؤية في المستوى الحكومي والسياسي عامة في المدة القادمة في تونس سينبني عليه تواصل الدعم المالي لتونس مع التعهد بإجراء الإصلاحات الضرورية وتنفيذها فعلا، وفق قوله.

حنان قيراط
الخبير الاقتصادي فهد تريمش لـ"الصباح نيوز": الاتحاد الأوروبي لن يتخلى عن تونس.. وصرف المساعدات الدولية رهين وضوح الرؤية السياسية

الحكومة الجديدة يجب أن تتوفر لها شروط النجاح

تونس اليوم تحت طائلة وقف المساعدات التي تتلقاها من عديد الدولة والمنظمات بسبب ما يتسم به الوضع السياسي من ضبابية، حيث طالبت الوفود الممثلة للدول والمؤسسات المالية والاتحادات والمنظمات العالمية، تونس وتحديدا رئاسة الجمهورية بتوضيح توجهاتها للفترة القادمة وانهاء العمل بالإجراءات الاستثنائية المترتبة عن تفعيل الفصل 80 من الدستور.
وكانت اخر لقاءات رئيس الجمهورية قيس سعيد، امس 10سبتمبر 2021، بوزير خارجية الاتحاد الأوروبي الذي عبر عن "مخاوف" الاتحاد إزاء الوضع السياسي في البلاد ،  وكل ما يتعلق بالحفاظ على مكتسبات الديمقراطية في تونس، باعتبارها السبيل الوحيد لضمان استقرار البلاد وازدهارها.
مخاوف عبر عنها أيضا فريد بلحاج نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط ووفد عن الكونغرس الأمريكي..
وتعتبر المساعدات الدولية التي تقدم لتونس لا سيما بعد الثورة مهمة جدا في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن..فهل سيتجه الاتحاد الأوروبي فعلا إلى حرمان بلادنا من مساعدته للضعط عليها ؟
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي فهد تريمش لـ"الصباح نيوز" ان العلاقات التونسية الأوروبية محكومة قبل كل شيء بعامل الجغرافيا، وهو عامل ثابت ومحدد لا يتغير حسب المستجدات السياسية.

الاتحاد الأوروبي مساعدات بـ10 مليار اورو

وذكر بأن الشراكة التونسية الأوروبية تعود إلى الستينات، وتم تطويرها بالحصول على اتفاق الشراكة سنة 1995 ثم رتبة الشريك المميز سنة 2012، وخلال سنة 2020 مثل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لتونس ب75% من الصادرات و50% من الواردات التونسية، باستحواذ فرنسا وإيطاليا وألمانيا على أكثر من 70% من هذه المبادلات.

وبين تريمش أن الاتحاد الأوروبي يقدم مساعدات مالية لتونس في إطار عدد من مشاريع وبرامج التعاون تجاوزت خلال عشرة سنوات الـ10 مليار أورو، ولكن هذا الرقم لا يعني أن هذه الأموال قدمت لتونس كهبات بل إن معظمها يخصص لتمويل وكالات التعاون للبلدان الأوروبية التي يتم تكليفها بتفيذ هذه البرامج أو يقدم كقروض بشروط ميسرة، حسب قوله.

واعتبر أنه من الطبيعي أن يبدي الاتحاد الأوروبي مشاغله بتطور الأحداث الجارية في تونس، وذلك من منطلق المبادئ التي ينبني عليها والتصور المؤسساتي في تونس أي أساسا وجود ديمقراطية برلمانية، مضيفا: "لكن الاتحاد الأوروبي بحكم طبيعته، فهو أساسا كيان اقتصادي تجاري وبعده السياسي يبقى أساسا داخليا في عدد من المجالات التي يختص بها، لم يتمكن من فرض نفسه كقوة جيوسياسية بذاته، رغم التغييرات المؤسساتية التي وقعت ومنصب نائب رئيس الاتحاد الذي يعطى للممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، في ظل غياب فعلي لوحدة ديبلوماسية أوروبية وارتباط سياسة الدفاع الأوروبية بحلف الناتو. إذ تستحفظ الدول الأعضاء للاتحاد الأوروبي بالتحكم في تحديد طبيعة علاقاتها الثنائية مع البلدان الأخرى ما ينعكس على السياسة الأوروبية المعلنة تبعا لذلك، لا سيما بلدان جوارها المباشر مثلا" .
وشدد الخبير الاقتصادي انه من المستبعد جدا أن تقوم هذه الدول بالضغط على تونس في اتجاه منحى سياسي معين دون آخر طالما الإرادة الشعبية يقع التعبير عنها والمسار الديمقراطي لم يتعطل بإلغاء الانتخابات أو التضييق على الحقوق والحريات الفردية والعامة، وبالتالي فإنه طالما حافظت الدول الأوروبية المؤثرة في القرار داخل الاتحاد الأوروبي والتي هي في نفس الوقت أهم البلدان الشريكة لتونس اقتصاديا فإن الدعم والتعاون بين تونس والاتحاد سيظل قائما ولن يمسه التغيير السياسي الحاصل داخل تونس، حسب تعبيره.

وأضاف، من ناحية أخرى، ان اهتمام الاتحاد الأوروبي يتضمن جانبا أمنيا مهما، فعلاوة على إقامة ما يفوق عن مليون تونسي داخل الفضاء الأوروبي، وإمكانية تأثير أي قرار قد يفهم منه التدخل أو الضغط السياسي على تونس على الأمن، فإن الاتحاد الأوروبي حريص في الآن ذاته على استقرار الأوضاع داخل تونس، وبالتالي مضطر لمواصلة دعمها اقتصاديا وبقوة إذ أن التدهور الاقتصادي يعني مباشرة تفاقما لأمواج الهجرة غير الشرعية من تونس في اتجاه أوروبا، مؤكدا ان جائحة كورونا قد ضاعفت من الاهتمام بتونس كبلد جوار ونظرا لكثافة التدفقات البشرية بين المجالين التونسي والأوروبي في الاتجاهين وليس أدل على ذلك من تكثف الدعم في المجال الصحي خلال الشهرين الأخيرين لضمان مجابهة تونس للأزمة الصحية بأكثر نجاعة.

الحكومة..والاعلان عن برنامج عاجل


واعتبر الخبير الاقتصادي أن الحلول العاجلة المطروحة أمام تونس تتمثل في الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يعيد ثقة الأوساط المالية الدولية في الاقتصاد التونسي ويوفر الدعم الضروري لسد العجز الهائل للميزانية. وبين ان هذا الاتفاق الذي تسعى تونس إليه منذ سنة رهين عديد العوامل السياسية والهيكلية، تأتي في مقدمتها وجود حكومة تفاوض الصندوق حول بنود الاتفاق، وتحديد برنامج للإصلاح الاقتصادي يتضمن إصلاحا عميقا للقطاع العام والمالية العمومية، وهو إصلاح سيكون موجعا لا محالة وهو ما يتطلب توافقا بين الحكومة والأطراف الاجتماعية المعنية، في حين أن غياب الإصلاح وتواصل الوضع الحالي والهروب إلى الأمام سيعمق قريبا من أزمة البلاد وسيؤدي إلى انفجار اجتماعي لا يمكن التنبؤ بمداه.

واشار الخبير الاقتصادي، في الآن ذاته، الى ان هذه الحكومة الجديدة يجب أن تتوفر لها شروط النجاح، كالكفاءة والنزاهة والانسجام، وتحديد برنامج عمل ذو أولويات عاجلة و واضحة، وانه لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بتوضيح الإطار الدستوري والقانوني الذي تعمل في ظله هذه الحكومة حتى لا يقع الطعن في أعمالها وشرعيتها من كل المتضررين من انهيار الوضع السياسي الذي كان قائما قبل 25 جويلية.

كما أفاد ان البنك الدولي قد قدم مثالا إيجابيا مؤخرا وذلك بتنفيذ برنامج المساعدات الاجتماعية الموجهة للعائلات محدودة الدخل دون الوقوف والتريث إثر إعلان التدابير الاستثنائية، قائلا ان البلدان الكبرى وخصوصا الولايات المتحدة لديها الكلمة العليا في التوجهات الاستراتيجية للمؤسسات المالية الدولية.
 وأكد فهد تريمش أنه ما دامت علاقات تونس الثنائية مع هذه الدول متينة والتعاون معها قائما فإن توضح الرؤية في المستوى الحكومي والسياسي عامة في المدة القادمة في تونس سينبني عليه تواصل الدعم المالي لتونس مع التعهد بإجراء الإصلاحات الضرورية وتنفيذها فعلا، وفق قوله.

حنان قيراط

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews