كان كلام رئيس الجمهورية واضحا جدا بشأن محاربة التلاعب بالأسعار، فأساس هذه المحنة التي تقض مضجع المواطن هي الاحتكار والمضاربة في كل المواد سيما المواد الفلاحية.
حذر الرئيس التونسي قيس سعيد في مناسبات عديدة موزعي المواد الغذائية من احتكارها والتلاعب بالأسعار، مستغلين الظروف التي تمر بها البلاد.
ودعا في ذات السياق، عقب زيارة أجراها لمقر وزارة التجارة وتنمية الصادرات، "إلى ضرورة مساهمة أصحاب مسالك التوزيع في المجهود الوطني وتحمل المسؤولية، وعدم استغلال الظرف الذي تمر به البلاد".
وقال: "نحن في معركة أو في حرب إن شئتم، لكن دون دماء ودون رصاص، أعرف الكثير عن طرق الاحتكار وعن المستودعات التي توجد فيها آلاف الأطنان من المواد الغذائية".
وأكد سعيد، حق التجار في "ربح مشروع، ولكن ليس لهم الحق في الاحتكار أو المضاربة أو تغييب بعض المواد الغذائية".
دعا رئيس الجمهورية بشكل طوعي التجار الى تخفيض اسعارهم كما دعا سعيد، "تجار الجملة والتفصيل (التجزئة) وهياكل التوزيع إلى مواصلة التحلي بالحسّ الوطني الثابت في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها تونس، والقيام بواجبهم تجاه الوطن عبر المبادرة بالتخفيض في الأسعار والابتعاد عن كل مظاهر المضاربة والاحتكار".
ولكن هل تنفع الدعوات وحدها في انقاذ جيب المواطن في وقت تشهد أسعار المواد الغذائية فيه ارتفاعا ملحوظا في الأشهر الأخيرة، وهو ما ساهم في تدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة من التونسيين.
وهل يكفي خطاب رئيس الجمهورية وقوله انه يعرف الطريق الى مسالك الاحتكار؟ ألا يستدعي ذلك حلولا عملية أخرى أكثر صرامة؟
نعتقد أن الأمر في محاربة الاحتكار يحتاج استراتيجية واضحة المعالم يمكن أن تكون قادرة على التخفيض من تداعيات هذه الظاهرة التي أصبحت واضحة للعيان.
اما الان وقد توفرت الإرادة السياسية فان السياق يستدعي المرور الى وضع الحلول، لذلك يرى الخبير الاقتصادي سمير بشوال الذي عمل كثيرا في جهاز المراقبة الاقتصادية قبل التحاقه بالإدارة المركزية بوزارة التجارة يرى في هذا السياق أن مكافحة الاحتكار تحتاج الى رؤية متكاملة. فقد بعثت مخازن التبريد في بدايتها من أجل قيمة إيجابية وهي تعديل العرض والطلب ولكن تحول التعديل الى احتكار بما يضر المواطن.
لكن انتشرت الى جانب مخازن التبريد الرسمية مخازن أخرى عشوائية بقيت خارج دائرة الرقابة والجرد الرقابي. لذلك يقول سمير بشوال: "نحن نحتاج قاعدة معطيات فيها جرد للمخازن المصرح بها وقائمة أخرى المخازن العشوائية وحتى ان عجزنا عن حصر المخازن العشوائية فانه يوجد إمكانيات التنسيق بين هياكل الدولة ويمكن أن تتعامل الوزارة مع الشركة التونسية للكهرباء ة الغاز و مراقبة الاستهلاك يمكن رصد مكامن مخازن التبريد العشوائية ومحاربة الاحتكار "
ويضيف بشوال أيضا انه يمكن ان يكون هناك أيضا حلولا أخرى لعل أهمها فرض مرور السلع جميعها بأسواق الجملة التي لا تستوعب اليوم سوى ما نسبته ثلاثون بالمائة من المنتوجات من الخضروات والمنتجات البحرية مقابل ستين بالمائة من المنتوجات التي تذهب في مسالك أخرى غير أسواق الجملة ولذلك يقترح سمير بشوال ان يتم دعم الرقابة على مستوى الطرقات والتحكم في مسالك تنقل الشاحنات التي تنقل هذه المنتجات وتوجيهها نحو أسواق الجملة بالتنسيق مع أعوان الحرس الوطني.
وبناء على هذا يقترح سمير بشوال ان يتم اتخاذ مراسيم لتسعير المواد الأساسية وتوفير كميات تفوق كميات الطلب في مسالك التوزيع حتى يقطع الطريق عن المحتكرين.
ويقول بشوال أيضا: «لا بد أيضا من توفير بنك معطيات في عدد أعوان الرقابة المتوفرون اليوم والذين لا يتجاوز عددهم 800 عون غير كافيين لذلك، حيث يمكن ان يتم تركيز أجهزة الرقابة الالكترونية من خلال جرد مدقق لكل مخازن التبريد ومراقبتها حتى عن بعد بمعرفة ما هو مخزن داخلها"
ويضيف بشوال أيضا أن الزيارات الفجائية لمخازن التبريد جربت سابقا وهي غير كافية ولن تجدي نفعا ولكن المطلوب اليوم بالأساس هو إصلاح حقيقي.
إنها رؤية خبير خبر المجال وعمل فيه ويعرف المسالك العملية لمحاربة الاحتكار الذي سيظل قائما ما لم تفرض الدولة سيطرتها على الأسواق بما يضمن جيب المواطن.
مبروكة خذير
كان كلام رئيس الجمهورية واضحا جدا بشأن محاربة التلاعب بالأسعار، فأساس هذه المحنة التي تقض مضجع المواطن هي الاحتكار والمضاربة في كل المواد سيما المواد الفلاحية.
حذر الرئيس التونسي قيس سعيد في مناسبات عديدة موزعي المواد الغذائية من احتكارها والتلاعب بالأسعار، مستغلين الظروف التي تمر بها البلاد.
ودعا في ذات السياق، عقب زيارة أجراها لمقر وزارة التجارة وتنمية الصادرات، "إلى ضرورة مساهمة أصحاب مسالك التوزيع في المجهود الوطني وتحمل المسؤولية، وعدم استغلال الظرف الذي تمر به البلاد".
وقال: "نحن في معركة أو في حرب إن شئتم، لكن دون دماء ودون رصاص، أعرف الكثير عن طرق الاحتكار وعن المستودعات التي توجد فيها آلاف الأطنان من المواد الغذائية".
وأكد سعيد، حق التجار في "ربح مشروع، ولكن ليس لهم الحق في الاحتكار أو المضاربة أو تغييب بعض المواد الغذائية".
دعا رئيس الجمهورية بشكل طوعي التجار الى تخفيض اسعارهم كما دعا سعيد، "تجار الجملة والتفصيل (التجزئة) وهياكل التوزيع إلى مواصلة التحلي بالحسّ الوطني الثابت في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها تونس، والقيام بواجبهم تجاه الوطن عبر المبادرة بالتخفيض في الأسعار والابتعاد عن كل مظاهر المضاربة والاحتكار".
ولكن هل تنفع الدعوات وحدها في انقاذ جيب المواطن في وقت تشهد أسعار المواد الغذائية فيه ارتفاعا ملحوظا في الأشهر الأخيرة، وهو ما ساهم في تدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة من التونسيين.
وهل يكفي خطاب رئيس الجمهورية وقوله انه يعرف الطريق الى مسالك الاحتكار؟ ألا يستدعي ذلك حلولا عملية أخرى أكثر صرامة؟
نعتقد أن الأمر في محاربة الاحتكار يحتاج استراتيجية واضحة المعالم يمكن أن تكون قادرة على التخفيض من تداعيات هذه الظاهرة التي أصبحت واضحة للعيان.
اما الان وقد توفرت الإرادة السياسية فان السياق يستدعي المرور الى وضع الحلول، لذلك يرى الخبير الاقتصادي سمير بشوال الذي عمل كثيرا في جهاز المراقبة الاقتصادية قبل التحاقه بالإدارة المركزية بوزارة التجارة يرى في هذا السياق أن مكافحة الاحتكار تحتاج الى رؤية متكاملة. فقد بعثت مخازن التبريد في بدايتها من أجل قيمة إيجابية وهي تعديل العرض والطلب ولكن تحول التعديل الى احتكار بما يضر المواطن.
لكن انتشرت الى جانب مخازن التبريد الرسمية مخازن أخرى عشوائية بقيت خارج دائرة الرقابة والجرد الرقابي. لذلك يقول سمير بشوال: "نحن نحتاج قاعدة معطيات فيها جرد للمخازن المصرح بها وقائمة أخرى المخازن العشوائية وحتى ان عجزنا عن حصر المخازن العشوائية فانه يوجد إمكانيات التنسيق بين هياكل الدولة ويمكن أن تتعامل الوزارة مع الشركة التونسية للكهرباء ة الغاز و مراقبة الاستهلاك يمكن رصد مكامن مخازن التبريد العشوائية ومحاربة الاحتكار "
ويضيف بشوال أيضا انه يمكن ان يكون هناك أيضا حلولا أخرى لعل أهمها فرض مرور السلع جميعها بأسواق الجملة التي لا تستوعب اليوم سوى ما نسبته ثلاثون بالمائة من المنتوجات من الخضروات والمنتجات البحرية مقابل ستين بالمائة من المنتوجات التي تذهب في مسالك أخرى غير أسواق الجملة ولذلك يقترح سمير بشوال ان يتم دعم الرقابة على مستوى الطرقات والتحكم في مسالك تنقل الشاحنات التي تنقل هذه المنتجات وتوجيهها نحو أسواق الجملة بالتنسيق مع أعوان الحرس الوطني.
وبناء على هذا يقترح سمير بشوال ان يتم اتخاذ مراسيم لتسعير المواد الأساسية وتوفير كميات تفوق كميات الطلب في مسالك التوزيع حتى يقطع الطريق عن المحتكرين.
ويقول بشوال أيضا: «لا بد أيضا من توفير بنك معطيات في عدد أعوان الرقابة المتوفرون اليوم والذين لا يتجاوز عددهم 800 عون غير كافيين لذلك، حيث يمكن ان يتم تركيز أجهزة الرقابة الالكترونية من خلال جرد مدقق لكل مخازن التبريد ومراقبتها حتى عن بعد بمعرفة ما هو مخزن داخلها"
ويضيف بشوال أيضا أن الزيارات الفجائية لمخازن التبريد جربت سابقا وهي غير كافية ولن تجدي نفعا ولكن المطلوب اليوم بالأساس هو إصلاح حقيقي.
إنها رؤية خبير خبر المجال وعمل فيه ويعرف المسالك العملية لمحاربة الاحتكار الذي سيظل قائما ما لم تفرض الدولة سيطرتها على الأسواق بما يضمن جيب المواطن.