في ظل رفض رئيس الجمهورية مقترح الحوار وخارطة الطريق دون أن يحدد ما هي خريطة الطريق التي يقصدها بالضبط هل هي خريطة اتحاد الشغل أو التيار الديمقراطي أو حركة النهضة، وفي ظل تواصل الغموض حول الخطوات القادمة بعد مرور أكثر من 3 أسابيع عن إجراءات 25 جويلية، بدأ كثيرون يطالبون الرئيس قيس سعيد بتوضيح الرئوية وتحديد البوصلة لا سيما في علاقة بتعيين رئيس حكومة ووضع حد لحالة العطالة والانتظار.
طبعا لن يكون تحديد الوجهة في علاقة باختيار وتعيين رئيس حكومة خلفا لمشيشي بمعزل عن مسار كامل ينتظر الجميع تبين ملامحه وخطوطه العريضة والتفصيلية وسط توقعات كالتي كشفها أمس النائب المجمد والقيادي بحركة الشعب هيكل المكي بقوله أن تكون الخطوات القادمة التمديد في تجميد المجلس، وإعلان التنظيم المؤقت للسلط العمومية وتجميد العمل بدستور 2014 والمرور إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مُبكرة والاستفتاء على تنقيحات في الدستور والقانون الانتخابي، وهي توقعات يشاركه فيها الكثير من الملاحظين لا سيما بعد تصريحات سعيد الأخيرة الجازمة بأنه لا عودة إلى الوراء.
لكن قطعا تبدو منطقيا الأولوية داخليا وخارجيا منصبة على الإسراع في تحديد هوية رئيس الحكومة القادم بالنظر إلى حجم التحديات المالية والاقتصادية والاجتماعية المفتوحة على كل السيناريوهات وقد لا تحتمل المزيد من التأجيل والعطالة أو تواصل منطق الغموض والتعامل بالتعليمات والأذون الصادرة من الرئاسة.
مقترحات ودعوات
تصر أيضا الأطراف السياسية على حث الرئيس على التعجيل في اختيار رئيس الحكومة فقد تضمنت خارطة الطريق التي اقترحها حزب التيار الديمقراطي لما بعد 25 جويلية مقترح ”تكليف شخصية وطنية متمكنة من الملفات الاقتصادية والاجتماعية، بتشكيل حكومة كفاءات، ويكون أعضاؤها غير معنيين بالانتخابات المقبلة وتحظى بثقة الأطراف السياسية غير المتورطة في منظومة الفساد وبثقة المنظمات الوطنية، إضافة إلى التزام الحكومة ببرنامج عمل واضح المعالم والاختيارات والأولويات المتعلقة بمواجهة الجائحة الصحية، وإنقاذ المالية العمومية، وتحسين المقدرة الشرائية للمواطن، فضلا عن إنعاش الاقتصاد وفتح ملفات الفساد المالي والسياسي والتصدي للاحتكار والتهريب والتهرب الجبائي”.
بدورها شددت حركة النهضة في بيانها يوم الاثنين الفارط على “الحاجة اللاّزمة والفورية لتكليف رئيس حكومة كفاءات وطنية ورفع الحصار عن مقر رئاسة الحكومة بالقصبة والكف عن إعاقة المرفق العام بما يعطل السير الطبيعي لدواليب الدولة ولِما يمكن أن ينتج عن ذلك من تأخر في قضاء مصالح المواطنين.”
ونبهت إلى “الآثار الاقتصادية والمالية الكارثية للوضع السياسي الصعب الذي تمر به البلاد والى تصاعد المخاطر الاقتصادية على وضعية المالية العمومية وإيفاء الدولة بالتزاماتها الداخلية والخارجية “.
خارجيا أيضا هناك استحثاث من طرف الشركاء الماليين والاقتصاديين على ضرورة الإسراع في خطوة تعيين رئيس الحكومة وجاء ذلك سابقا على هامش زيارة كلا من مستشار الأمن القومي الأمريكي Jon Finer برفقة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى بالإنابة Joey Hood وحرصهما على الحث على تعيين رئيس حكومة مكلف لتشكيل حكومة قادرة على معالجة الأزمات الاقتصادية والصحية العاجلة التي تواجه تونس. ووفقا لنص بيان الخارجية الأمريكية الذي تضمن أيضا الإشارة إلى أن "تمكين حكومة جديدة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد سيخلق أيضًا مساحة لحوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والانتخابية المقترحة استجابة للمطالب التي أعرب عنها العديد من التونسيين على نطاق واسع لتحسين مستويات المعيشة بالإضافة إلى الحكم الصادق والفعال والشفاف".
نصائح وتحذيرات
من جهة أخرى يبدو رئيس الجمهورية، الذي لم يعلن بعد عن اسم مرشحه لرئاسة الحكومة رغم بعض التسريبات من هنا وهناك لبعض الأسماء لعل أبرزها محافظ البنك المركزي الحالي مروان العباسي ومديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، على محك الاختبار وتحت مجهر الأطراف السياسية والمنظمات الاجتماعية.
وذلك في علاقة بمدى حسن الاختيار هذه المرة، لا سيما وأن الكثير من خصومه وحتى من العامة يعتبرون أنه كان مسؤولا بشكل أو بآخر عن اختيار رؤساء الحكومات السابقين (الياس الفخفاخ وهشام مشيشي) وأيضا احترامه لمبدأ التشاور وتشريك الأطراف السياسية والمدنية والنقابية نظرا لصعوبة الوضع ودقة المرحلة. قد يكون أيضا الرئيس تحت اختبار مقاييس الاختيار وما إذا كان سيعتمد فقط على معايير الولاء له على حساب معايير الكفاءة والرجل المناسب في المكان المناسب القادر خاصة على إدارة الملفين المالي والاقتصادي باقتدار وجدارة.
يعتبر تسريع الرئيس في الإعلان عن رئيس الحكومة القادم وتحديد بقية خطوط إنهاء الفترة الاستثنائية ومدتها الاختبار الرئيسي لعديد الأطراف لوضع حد لحالة الضبابية التي تنمي المخاوف أكثر فأكثر حول نوايا الرئيس المستقبلية وما إذا كان يستعد ليكون حقيقة رجل المرحلة لا رجل مرحلة قد تنحرف إلى استبداد وانفراد بالسلطة والرأي والاختيار.
م.ي
تونس-الصباح
في ظل رفض رئيس الجمهورية مقترح الحوار وخارطة الطريق دون أن يحدد ما هي خريطة الطريق التي يقصدها بالضبط هل هي خريطة اتحاد الشغل أو التيار الديمقراطي أو حركة النهضة، وفي ظل تواصل الغموض حول الخطوات القادمة بعد مرور أكثر من 3 أسابيع عن إجراءات 25 جويلية، بدأ كثيرون يطالبون الرئيس قيس سعيد بتوضيح الرئوية وتحديد البوصلة لا سيما في علاقة بتعيين رئيس حكومة ووضع حد لحالة العطالة والانتظار.
طبعا لن يكون تحديد الوجهة في علاقة باختيار وتعيين رئيس حكومة خلفا لمشيشي بمعزل عن مسار كامل ينتظر الجميع تبين ملامحه وخطوطه العريضة والتفصيلية وسط توقعات كالتي كشفها أمس النائب المجمد والقيادي بحركة الشعب هيكل المكي بقوله أن تكون الخطوات القادمة التمديد في تجميد المجلس، وإعلان التنظيم المؤقت للسلط العمومية وتجميد العمل بدستور 2014 والمرور إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مُبكرة والاستفتاء على تنقيحات في الدستور والقانون الانتخابي، وهي توقعات يشاركه فيها الكثير من الملاحظين لا سيما بعد تصريحات سعيد الأخيرة الجازمة بأنه لا عودة إلى الوراء.
لكن قطعا تبدو منطقيا الأولوية داخليا وخارجيا منصبة على الإسراع في تحديد هوية رئيس الحكومة القادم بالنظر إلى حجم التحديات المالية والاقتصادية والاجتماعية المفتوحة على كل السيناريوهات وقد لا تحتمل المزيد من التأجيل والعطالة أو تواصل منطق الغموض والتعامل بالتعليمات والأذون الصادرة من الرئاسة.
مقترحات ودعوات
تصر أيضا الأطراف السياسية على حث الرئيس على التعجيل في اختيار رئيس الحكومة فقد تضمنت خارطة الطريق التي اقترحها حزب التيار الديمقراطي لما بعد 25 جويلية مقترح ”تكليف شخصية وطنية متمكنة من الملفات الاقتصادية والاجتماعية، بتشكيل حكومة كفاءات، ويكون أعضاؤها غير معنيين بالانتخابات المقبلة وتحظى بثقة الأطراف السياسية غير المتورطة في منظومة الفساد وبثقة المنظمات الوطنية، إضافة إلى التزام الحكومة ببرنامج عمل واضح المعالم والاختيارات والأولويات المتعلقة بمواجهة الجائحة الصحية، وإنقاذ المالية العمومية، وتحسين المقدرة الشرائية للمواطن، فضلا عن إنعاش الاقتصاد وفتح ملفات الفساد المالي والسياسي والتصدي للاحتكار والتهريب والتهرب الجبائي”.
بدورها شددت حركة النهضة في بيانها يوم الاثنين الفارط على “الحاجة اللاّزمة والفورية لتكليف رئيس حكومة كفاءات وطنية ورفع الحصار عن مقر رئاسة الحكومة بالقصبة والكف عن إعاقة المرفق العام بما يعطل السير الطبيعي لدواليب الدولة ولِما يمكن أن ينتج عن ذلك من تأخر في قضاء مصالح المواطنين.”
ونبهت إلى “الآثار الاقتصادية والمالية الكارثية للوضع السياسي الصعب الذي تمر به البلاد والى تصاعد المخاطر الاقتصادية على وضعية المالية العمومية وإيفاء الدولة بالتزاماتها الداخلية والخارجية “.
خارجيا أيضا هناك استحثاث من طرف الشركاء الماليين والاقتصاديين على ضرورة الإسراع في خطوة تعيين رئيس الحكومة وجاء ذلك سابقا على هامش زيارة كلا من مستشار الأمن القومي الأمريكي Jon Finer برفقة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى بالإنابة Joey Hood وحرصهما على الحث على تعيين رئيس حكومة مكلف لتشكيل حكومة قادرة على معالجة الأزمات الاقتصادية والصحية العاجلة التي تواجه تونس. ووفقا لنص بيان الخارجية الأمريكية الذي تضمن أيضا الإشارة إلى أن "تمكين حكومة جديدة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد سيخلق أيضًا مساحة لحوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والانتخابية المقترحة استجابة للمطالب التي أعرب عنها العديد من التونسيين على نطاق واسع لتحسين مستويات المعيشة بالإضافة إلى الحكم الصادق والفعال والشفاف".
نصائح وتحذيرات
من جهة أخرى يبدو رئيس الجمهورية، الذي لم يعلن بعد عن اسم مرشحه لرئاسة الحكومة رغم بعض التسريبات من هنا وهناك لبعض الأسماء لعل أبرزها محافظ البنك المركزي الحالي مروان العباسي ومديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، على محك الاختبار وتحت مجهر الأطراف السياسية والمنظمات الاجتماعية.
وذلك في علاقة بمدى حسن الاختيار هذه المرة، لا سيما وأن الكثير من خصومه وحتى من العامة يعتبرون أنه كان مسؤولا بشكل أو بآخر عن اختيار رؤساء الحكومات السابقين (الياس الفخفاخ وهشام مشيشي) وأيضا احترامه لمبدأ التشاور وتشريك الأطراف السياسية والمدنية والنقابية نظرا لصعوبة الوضع ودقة المرحلة. قد يكون أيضا الرئيس تحت اختبار مقاييس الاختيار وما إذا كان سيعتمد فقط على معايير الولاء له على حساب معايير الكفاءة والرجل المناسب في المكان المناسب القادر خاصة على إدارة الملفين المالي والاقتصادي باقتدار وجدارة.
يعتبر تسريع الرئيس في الإعلان عن رئيس الحكومة القادم وتحديد بقية خطوط إنهاء الفترة الاستثنائية ومدتها الاختبار الرئيسي لعديد الأطراف لوضع حد لحالة الضبابية التي تنمي المخاوف أكثر فأكثر حول نوايا الرئيس المستقبلية وما إذا كان يستعد ليكون حقيقة رجل المرحلة لا رجل مرحلة قد تنحرف إلى استبداد وانفراد بالسلطة والرأي والاختيار.