لا يزال الجدل متواصلا بخصوص التوجيه الجامعي ونتائج الدورة الرئيسية التي خذلت المئات من التلاميذ الذين نجحوا بمعدلات متميزة وبملاحظة حسن وحسن جدا في مناظرة الباكالوريا، هذه النتائج كانت بمثابة الصدمة وهي أيضا سابقة في تاريخ تونس، إذ لم يحدث في أي دورة بكالوريا أن بقي المتميزون دون توجيه جامعي ودون الحصول على الشعب الجامعية التي يرغبون في الالتحاق بها ودراستها.
اتهامات بالجملة وُجهت لوزارة التربية في إدارتها لمناظرة البكالوريا لهذه السنة الدراسية وتحميلها المسؤولية الأولى والكاملة لما يجري من حيثيات في عملية التوجيه الجامعي وهو ما أكّده رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان مصطفى عبد الكبير في تصريح لـ "الصباح نيوز".
وقال عبد الكبير: "في متابعتنا كمرصد تونسي لحقوق الانسان لنتائج الدورة الرئيسية للتوجيه وتأجيل المئات من التلاميذ الذين نجحوا بملاحظة حسن وحسن جدا إلى الدورة الثانية يُعد فضيحة كبرى لمنظومة التربية والتعليم العالي. فلسائل أن يتسائل كيف سيتم توجيه هؤلاء والحال، منطقيا وعدديا وواقعيا، لا يوجد إمكانية لذلك لاستيفاء أغلب الجامعات والكليات للعدد المطلوب ولطاقة استيعابها. ولم تبق أماكن شاغرة إلا بعدد قليل من الجامعات لاستيعاب عدد معين من التلاميذ الناجحين في الباكالوريا".
وأضاف رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان: "تفاجؤ هؤلاء التلاميذ وخوفهم على مستقبلهم منطقي جدا وله أسبابه، فلم لم يعد لديهم وأماهم أي فرصة واضحة للتوجيه الذين يرغبون فيه. هذا الحديث ينسحب على الناجحين المتميزين ولم نتحدث بعد عن التلاميذ الذين تحصلوا على معدلات متوسطة ودون المتوسط فأي مصير ينتظرهم؟".
وأوضح مصطفى عبد الكبير :"هذه الوضعية، وحصول الآلاف من التلاميذ على معدلات عالية في سابقة من نوعها في تونس تتحملها مسؤوليتها كاملة وزارة التربية بسبب التسيب الذي رافق إجراء الامتحانات والتساهل أثناء المراقبة وكان هناك خلل كبير هذه السنة في سير المناظرة، فمن غير المعقول وهي أيضا فضيحة أن لا يتم توجيه تلاميذ لهم معدلات 16 و17 على 20 منذ الدورة الأولى وتأجيل النتائج إلى الدورة الثانية".
كما قال: "أحمل المسؤولية الكاملة لوزارة التربية والهياكل المشرفة على مناظرة البكالوريا، فتحقيق مثل هذه النتائج والمعدلات جعلنا كمرصد تونسي لحقوق الانسان نشكّ في العديد من المسائل منها عملية المراقبة والاصلاح وأكثر من ذلك بل نعتبر أنّ هناك محاولة لدفع التلاميذ إلى الإلتجاء إلى التعليم الخاص".
وأضاف: "هذه السياسة التربوية أعتقد أنها بصدد رمي أبنائنا إلى الشارع وإلى قوارب الموت، وما يقلق أكثر أننا لا نزال في تونس لا نعمل بجدية على الاحصائيات ولا نعمل بالتنسيق بين مختلف هياكل الدولة على غرار وزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ولم نعد نعمل على مكانة وسمعة البكالوريا في تونس ولا على مستقبل الدولة في الوظيفة العمومية وفي القطاع الخاص".
وافاد ايضا: "اليوم أصبح هناك سوق عكاظ وكل يغني على ليلاه، وأحمل بالتالي المسؤولية التامة لوزارة التربية وأعتقد أن نتائج هذه السنة تخدم القطاع الخاص في التعليم العالي بدرجة أولى، ونحذر من أن تصبح لهذا القطاع يد طويلة في البكالوريا التونسية".
يُذكر أنّ 20 ألف، وفق تصريح وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي ألفة بنعودة صيود، نجحوا في مناظرة البكالوريا لهذه السنة بملاحظات حسن وحسن جدا في سابقة هي الأولى في تاريخ تونس.
وكانت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي قد تحدثت في فيديو نُشر على الصفحة الرسمية بالوزارة بالفايسبوك يوم الإثنين 9 أوت 2021، عن إشكالية التوجيه الجامعي لهذه السنة ، تقديمها قبل وزارة التربية.
وأوضحت ألفة بن عودة صيود أن "هناك معطيات يجب على العائلات أن تعلم بها وهي أن التوقعات التي قدمتها وزارة التربية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي كانت 56 ألف 921 لسنة 2021 و59 ألف و770 في سنة 2022 و62 ألف سنة 2023، لكن في هذه السنة عدد الناجحين هو 78 ألف أي الفارق 38 بالمائة عن التوقعات التي تم العمل عليه الوزارة".
وبيّنت "هذا الرقم قياسي ولن يكون من السهل إدارته وستكون هناك الكثير من الصعوبات وسيتم العمل على العديد من النقاط من ذلك المسائل البيداغوجية، فهناك مؤسسات جامعية من السهل إضافة عدد الطلبة فيها كالمؤسسات التي بها مدرجات وأخرى لا يمكن باعتبارها مؤسسات جامعية صغيرة".
وأضافت بن عود "هناك مسائل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار مثل الخدمات الجامعية وعدد الأساتذة وكلها معطيات تم العمل عليها بضغط كبير على فريق العمل لإيجاد حلّ لـ 22 ألف طالب جديد. فهناك جامعات في تونس لا تستوعب هذا العدد وبالتالي هو رقم كبير وقياسي"، قائلة: "تم التوجيه الجامعي وهناك من لم يتحصل على اختياراته ووجد نفسه بعيدا عن ذلك بسبب العدد القياسي وأيضا بسبب أيضا أن عدد الناجحين بعلامة حسن وحسن جدا كان أيضا عددا قياسيا فكانوا بالآلاف ممن تحصلوا على هذه العلامات وبالتالي العدد الرمزي للشعب والتوجيه ارتفع".
إيمان عبد اللطيف