...عندما أصرٌت هيئة مهرجان قابس الدولي على برمجة مسرحية "نموت عليك" رغم إعلان توقف عروضها كانت تدرك بأن هذا الفنان مازال صامدا على خشبة المسرح واقفا كالنخلة كلما تقادم سنا تعتق عطاء.في قابس حلٌق طائر الفينيق وانبعثت عنقاء الفن والإبداع من رمادها لتزيل غشاوة أصابت الذوق العام . لا مبالغة في القول إن لمين النهدي قد استعاد توهجه في عرض قابس ليلة الثلاثاء 9اوت2022... وسط جمهور غفير عرض لمين نهدي مسرحيته.عرضها بكل حب لجمهور جاء لمشاهدته حبا وتقديرا ولم تثنه ضوضاء السحل واستهداف الفنان، عن الحضور بكافة .
"مسرحية نموت عليك"
مسرحية نموت عليك" مسرحية تونسية اصيلة ولدت من رحم هذه التربة التونسية الضاربة في القدم ..عيٌآش مواطن تونسي طحنته الأيام وأتت على بقايا صبره فقرر إنهاء حياته وتوديع دنيا لم تنصفه فاختار الانسحاب.لم عياش مناضلا سياسيا او حقوقيا ..كان واحدا من أبناء الشعب حلم بأن ينال نصيبه من الحراك الذي عرفته تونس في14 جانفي 2011فلم يجن إلا الخيبة.ظن أن البلاد تخلصت مما عطل نموها والتوزيع العادل للثروات فاستفاق على الكذب والنفاق.عياش مواطن تونسي عاطل عن العمل ملٌ حياة الذل التي فرضت عليه أن يمد يده لزوجته.عياش عاش ميتا محروما من ابسط حقوقه في الحياة وجد نفسه وهو يقدم على الانتحار ضحية النفاق السياسي والإرهاب والبطالة ما أفرز واقعا متفجرا كان فيه"عياش" بطل المسرحية ميٌتا يحاول كل طرف استثمار طريقة موته بحثا عن الغنيمة...كشف لمين نهدي بأسلوبه الساخر ألما وسخطا وجوه السياسي المخادع والمهرب المقتحم لعالم السياسةبمنطق"البزنس" والإرهاب الملتحف بالدين...كل هذه الوجوه تتعرٌى أمام المشاهد في كوميديا سوداء تبكي وطنا خرٌبه الجشع وأتى عليه الطمع..لقد انطلقت "الثورة" بفعل انتحار كيٌفه كل طرف سياسي لخدمة مصالحه وانتهت كابوسابدد كل الأحلام .تنتهي المسرحية بجرعة امل في تونس جديدة تنتفض من أنقاضها تعيش بتعلق عياش بها رغم كل الخيبات والآلام.عياش عاشق لهذه الأرض التي جابته بالنكران والاستقلال.هذا الحب هو الشريان الذي يضمن لهذه البلاد أن تبقى وان تزيل كل عناوين الحزن والأسرة
تكريم لمين النهدي
في نهاية العرض كرمت هيئة المهرجان لمين النهدي من خلال تقديم هدايا و من خلال ابيات من الشعر الشعبي اشاد فيها الشاعر"علي كريد" بمسيرة هذا الفنان الذي بقي صامدا على خشبة المسرح وفي ساحة الإبداع، على مدى نصف قرن.
و بكل حب تحدث لمين النهدي عن سعادته بهذا العرض وإلقاء جهور قابس الذي التقى به وهو شاب لم يبلغ العشرين من عمره في عمل من إخراج المنصف السويسي . ردا عن سؤال الصباح الأسبوعي بعد انتهاء العرض، بيٌن لمين نهدي أن النص المسرحي نص متحرك يتطور ويتغيٌر من عرض إلى آخر حتى أنٌ مَنْ يشاهد العمل أكثر من مرة يتفاجأ بما يطرأ عليه من تغيير وهذا سر من أسرار المسرح الذي يتجدٌد بتجدد العروض. وأضاف انه ينوي العودة إلى المسرح الجماعي وقد شرع في التدرب على عمل جديد يجمعه ببية الوردي التي يرى انها تتميز بما يحبب الناس فيها "القبول"
محمد صالح مجيٌد