-الإصرار على مواصلة المشوار رغم التصحر الثقافي خلال العشرية الأخيرة صمود وإيمان بمشروع
-أقترح إدماج الفنون التشكيلية بدءا من التعليم الأساسي إلى الباكالوريا
طيلة عشرات السنين كان الفنان محمد العايب نهما للفن التشكيلي والأنشطة الثقافية عامة لتبدأ رحلته وتوجهه إلى فضاء "عين" بالضاحية الشمالية الذي شهد منذ تاسيسه، منذ 35سنة مئات العروض الفنية بمختلف توجهاتها وميولات أصحابها..
ورغم الجمود الفكري والتصحر الثقافي اللذين مثلا عائقا امام تواصل نشاط العديد من أروقة الفنون التشكيلية ما بعد 14جانفي، لم ينسحب صاحب "عين " ولم يستسلم في ظل غياب الجماهير وتدني مستوى المبيعات، بل أصر على المحافظة على بريق الفضاء ومواصلة العمل مع مختلف الأجيال..
و"تلاقي" هو العمل الذي يعرض حاليا بفضاء "عين" ويتواصل إلى غاية 3جوان 2022..
"الصباح نيوز" كان لها لقاء مع الفنان محمد العايب للحديث على العرض وخصائصه.. فضلا عن تقييمه لحال الفن التشكيلي والمشهد الثقافي عامة.. فكان الحديث التالي :
ما دلالة عنوان العرض("تلاقي" ) ؟
-أردت أن أقدم موضوعا ذا أبعاد فنية وثقافية لمحبي الفنون التشكيلية وللجماهير الواسعة على حد السواء.. و"تلاقي" هو عنوان يجسد عملية تواصل بين مختلف الأجيال.. بين 8فنانين من مختلف المشارب: محمد العايب، صابرة بن فرج، بادي شوشان، رشاد الشتيوي، لطفي الدريدي، مختار هنان، زهرة لرقش وهاشمي مرزوق.. ثلاثة منهم يتبنون نفس الاختصاصات، هنان (ألوان زيتية) ، لرقش (ألوان مائية) ومرزوق (النحت).. فنانون ينتمون إلى الرعيل الأول "nature et figuratif" ..أما المجموعة الأخرى فهي تنتمي إلى جيل الثمانينات (الفن المعاصر) الذي يتميز بالحركية و synthèse .. مجموعة متعلقة بنفس الهواجس التي غالبا ما تجسد في عالم المدينة (إضاءة، دلالات..)
واريد ان انوه إلى أن المحور الذي يخامر أغلبية الفنانين في "تلاقي" له علاقة بالتراث المادي واللامادي خاصة فيما يتعلق بالمدينة العتيقة..
هل كان حضورك في العمل كمصور فوتوغرافي؟
-نعم .. ذلك أن الصورة منذ التسعينات اقتربت كثيرا من الفن التشكيلي المعاصر وأصبحت تمثل فكرة لا وثيقة يعني une œuvre de concept وهو ما عمدت إلى توظيفه في "تلاقي"..
ماهي التقنيات المستعملة في "تلاقي"؟
-من طرائف العرض أن يلتقي الاستاذ رشاد الشتيوي مع تلميذته صبرة بن فرج في نفس العمل.. وهي ليست المناسبة الأولى التي يتلاقى فيها الاستاذ بتلميذته حرصا منا على تبادل الخبرات وتواصل الأجيال..
اما الشتيوي فقد استعمل تركيبات تجريدية هندسية abstrait composé مع توظيف أجسام مختلفة figuratif ما يحيلك إلى المزج بين المدرسة الكلاسيكية والمدرسة الواقعية وهو ما افتقدناه في اروقتنا مؤخرا في تونس.. خاصة وان بعض لوحاته تجسد معنى المحبة و"العشرة الطبية" بين الناس..
الفنانة صابرة بن فرج كان لها ايضا حضور متميز في "تلاقي" من خلال les quatre saisons وهي اربعة اعمال (50/50) تنقلك إلى عالم التزويق العربي والعثماني.. صبرة لم تعتمد خصائص الفن المعاصر "لطخة بجنب لطخة" بل وظفت تقنيات مختلفة ومزدوجة تحملنا إلى عوالم الفنان جلال عبد الله.. كانت من خلال لوحاتها مثل الطفلة الصغيرة التي تراودها أحلام كثيرة لتجعلك تلتمس littérature تخص دلالات أعمالها..
نفس الشيء بالنسبة للفنان هاشمي مرزوق الذي قدم أعمالا برونزية تجسد مقتطفات من الحياة اليومية بطريقة فنية خارقة للعادة على غرار ما كان يوظفه زبير التركي في أعماله..
هل من تفسير لمشاركة هنان ومرزوق ولرقش في أغلب العروض بفضاء "عين"؟
- انا كصاحب فضاء اؤمن بتأسيس برنامج فني على المدى الطويل وأؤمن كذلك بالإخلاص بين العاملين على مشروع فني .. وهو ما تأكد بالفعل مع الثلاثي هنان ومرزوق ولرقش.. تعاون اعتبره مكسبا في غاية الأهمية لأن الرواق مع مرور الزمن من شأنه ان يصبح ذا اختصاص معين.. وهذا التمشي كان من مميزات القرجي مؤسس اول رواق في تونس "مدرسة تونس" والذي حافظ على أغلبية الفنانين المشاركين في العروض .. وانا شخصيا أتعامل مع الفنانين التشكيليين كفناني القاعة .. فناني فضاء "عين" ..طبعا مع البحث على فنانين شبان يعززون تجاربنا الفنية..
تقييمك لوضعية الفن التشكيلي؟
-اصبحنا نعيش حالة "صمود أكثر منو عمل ومردودية" لكني أقول il faut résister pour exister..
للأسف قبل 14جانفي كانت لنا علاقات وطيدة مع الديبلوماسية ومع الأجانب المهتمين بالمشهد الثقافي فضلا عن التغطية الاعلامية الملازمة لكل العروض..
اما اليوم وفي ظل عدم الاستقرار السياسي من المرجح أن يستمر الوضع على ما عليه لسنوات أخرى.. والأجيال الصاعدة هي الضحية الأولى جراء الاستهتار وعدم الاكتراث بما آلت اليه الساحة الثقافية..
أختم وأقول : الفنون التشكيلية والفنون عامة يجب أن تبرمج بدءا من التعليم الأساسي إلى الباكاوريا.. الغاية ليس أن يصبح التلميذ فنانا أو رساما بل الهدف من ذلك تأثير الموسيقى والمسرح وغيرها من الفنون على تكوين ونفسية المتلقي.. وهو ما يجب أن يدركه البيداغوجيون اليوم لأن المهندس والاستاذ والقاضي في غياب la passion من الصعب أن يكون شخصا متزنا وأن يصبح صالحا في المجتمع...
حاوره :وليدعبداللاوي
-الإصرار على مواصلة المشوار رغم التصحر الثقافي خلال العشرية الأخيرة صمود وإيمان بمشروع
-أقترح إدماج الفنون التشكيلية بدءا من التعليم الأساسي إلى الباكالوريا
طيلة عشرات السنين كان الفنان محمد العايب نهما للفن التشكيلي والأنشطة الثقافية عامة لتبدأ رحلته وتوجهه إلى فضاء "عين" بالضاحية الشمالية الذي شهد منذ تاسيسه، منذ 35سنة مئات العروض الفنية بمختلف توجهاتها وميولات أصحابها..
ورغم الجمود الفكري والتصحر الثقافي اللذين مثلا عائقا امام تواصل نشاط العديد من أروقة الفنون التشكيلية ما بعد 14جانفي، لم ينسحب صاحب "عين " ولم يستسلم في ظل غياب الجماهير وتدني مستوى المبيعات، بل أصر على المحافظة على بريق الفضاء ومواصلة العمل مع مختلف الأجيال..
و"تلاقي" هو العمل الذي يعرض حاليا بفضاء "عين" ويتواصل إلى غاية 3جوان 2022..
"الصباح نيوز" كان لها لقاء مع الفنان محمد العايب للحديث على العرض وخصائصه.. فضلا عن تقييمه لحال الفن التشكيلي والمشهد الثقافي عامة.. فكان الحديث التالي :
ما دلالة عنوان العرض("تلاقي" ) ؟
-أردت أن أقدم موضوعا ذا أبعاد فنية وثقافية لمحبي الفنون التشكيلية وللجماهير الواسعة على حد السواء.. و"تلاقي" هو عنوان يجسد عملية تواصل بين مختلف الأجيال.. بين 8فنانين من مختلف المشارب: محمد العايب، صابرة بن فرج، بادي شوشان، رشاد الشتيوي، لطفي الدريدي، مختار هنان، زهرة لرقش وهاشمي مرزوق.. ثلاثة منهم يتبنون نفس الاختصاصات، هنان (ألوان زيتية) ، لرقش (ألوان مائية) ومرزوق (النحت).. فنانون ينتمون إلى الرعيل الأول "nature et figuratif" ..أما المجموعة الأخرى فهي تنتمي إلى جيل الثمانينات (الفن المعاصر) الذي يتميز بالحركية و synthèse .. مجموعة متعلقة بنفس الهواجس التي غالبا ما تجسد في عالم المدينة (إضاءة، دلالات..)
واريد ان انوه إلى أن المحور الذي يخامر أغلبية الفنانين في "تلاقي" له علاقة بالتراث المادي واللامادي خاصة فيما يتعلق بالمدينة العتيقة..
هل كان حضورك في العمل كمصور فوتوغرافي؟
-نعم .. ذلك أن الصورة منذ التسعينات اقتربت كثيرا من الفن التشكيلي المعاصر وأصبحت تمثل فكرة لا وثيقة يعني une œuvre de concept وهو ما عمدت إلى توظيفه في "تلاقي"..
ماهي التقنيات المستعملة في "تلاقي"؟
-من طرائف العرض أن يلتقي الاستاذ رشاد الشتيوي مع تلميذته صبرة بن فرج في نفس العمل.. وهي ليست المناسبة الأولى التي يتلاقى فيها الاستاذ بتلميذته حرصا منا على تبادل الخبرات وتواصل الأجيال..
اما الشتيوي فقد استعمل تركيبات تجريدية هندسية abstrait composé مع توظيف أجسام مختلفة figuratif ما يحيلك إلى المزج بين المدرسة الكلاسيكية والمدرسة الواقعية وهو ما افتقدناه في اروقتنا مؤخرا في تونس.. خاصة وان بعض لوحاته تجسد معنى المحبة و"العشرة الطبية" بين الناس..
الفنانة صابرة بن فرج كان لها ايضا حضور متميز في "تلاقي" من خلال les quatre saisons وهي اربعة اعمال (50/50) تنقلك إلى عالم التزويق العربي والعثماني.. صبرة لم تعتمد خصائص الفن المعاصر "لطخة بجنب لطخة" بل وظفت تقنيات مختلفة ومزدوجة تحملنا إلى عوالم الفنان جلال عبد الله.. كانت من خلال لوحاتها مثل الطفلة الصغيرة التي تراودها أحلام كثيرة لتجعلك تلتمس littérature تخص دلالات أعمالها..
نفس الشيء بالنسبة للفنان هاشمي مرزوق الذي قدم أعمالا برونزية تجسد مقتطفات من الحياة اليومية بطريقة فنية خارقة للعادة على غرار ما كان يوظفه زبير التركي في أعماله..
هل من تفسير لمشاركة هنان ومرزوق ولرقش في أغلب العروض بفضاء "عين"؟
- انا كصاحب فضاء اؤمن بتأسيس برنامج فني على المدى الطويل وأؤمن كذلك بالإخلاص بين العاملين على مشروع فني .. وهو ما تأكد بالفعل مع الثلاثي هنان ومرزوق ولرقش.. تعاون اعتبره مكسبا في غاية الأهمية لأن الرواق مع مرور الزمن من شأنه ان يصبح ذا اختصاص معين.. وهذا التمشي كان من مميزات القرجي مؤسس اول رواق في تونس "مدرسة تونس" والذي حافظ على أغلبية الفنانين المشاركين في العروض .. وانا شخصيا أتعامل مع الفنانين التشكيليين كفناني القاعة .. فناني فضاء "عين" ..طبعا مع البحث على فنانين شبان يعززون تجاربنا الفنية..
تقييمك لوضعية الفن التشكيلي؟
-اصبحنا نعيش حالة "صمود أكثر منو عمل ومردودية" لكني أقول il faut résister pour exister..
للأسف قبل 14جانفي كانت لنا علاقات وطيدة مع الديبلوماسية ومع الأجانب المهتمين بالمشهد الثقافي فضلا عن التغطية الاعلامية الملازمة لكل العروض..
اما اليوم وفي ظل عدم الاستقرار السياسي من المرجح أن يستمر الوضع على ما عليه لسنوات أخرى.. والأجيال الصاعدة هي الضحية الأولى جراء الاستهتار وعدم الاكتراث بما آلت اليه الساحة الثقافية..
أختم وأقول : الفنون التشكيلية والفنون عامة يجب أن تبرمج بدءا من التعليم الأساسي إلى الباكاوريا.. الغاية ليس أن يصبح التلميذ فنانا أو رساما بل الهدف من ذلك تأثير الموسيقى والمسرح وغيرها من الفنون على تكوين ونفسية المتلقي.. وهو ما يجب أن يدركه البيداغوجيون اليوم لأن المهندس والاستاذ والقاضي في غياب la passion من الصعب أن يكون شخصا متزنا وأن يصبح صالحا في المجتمع...