من قال انه لا يمكن لأي شريط سينمائي ان ينجح ويحوز رضاء الجمهور وإعجابه ويوزع تجاريا إلا اذا اشتمل على لقطات ساخنة وعلى مشهد في الفراش أو الحمام أو الكثير من القبل ؟ هنالك اشرطة سينمائية تضرب هذه الايام وتوزع وتتم مشاهدتها في دور السينما وقاعات العرض وتمرر على اكبر واهم المنصات الالكترونية ولا يمل المشاهد من متابعتها رغم انها " مش مفوحة" مثلما يقول البعض من مخرجينا في تونس عندما يضمنون افلامهم مشاهد ساخنة يحاولون توظيفها وإلصاقها بالسيناريو وقليلا ما ينجحون في ذلك لان حذفها كثيرا ما لا يضر بتسلسل الاحداث ولا بأهميتها.
هذه احدى الملاحظات التي يمكن ان يخرج بها مشاهد فيلم النجمة العالمية سندرا بولوك "ذنب لا يغتفر " وهو دراما تحفر في عمق الذات البشرية وتثير اسئلة واشكاليات اجتماعية ونفسية وعائلية .. هذا الفيلم مقتبس عن مسلسل بريطاني يحمل نفس العنوان صدر عام 2009، وتقوم ببطولته ساندرا مع كل من ،فينسنت دونوفريو، جون بيرنثال، ريتشارد توماس، ليندا إموند، آيسلينج فرانسيوسي، روب مورغانوفيولا ديفيس... "ذنب لا يغتفر" تقترحه ناتفليكس على مشاهديها منذ بداية يوم 10ديسمبر 2021 ويذكر بروائع الابداع العالمي اذ يوقظ المشاعر ويضع مصطلح التضحية موضع السؤال فالي أي مدى يمكن ان يضحي الانسان بنفسه من اجل من يحبهم؟ والى أي نقطة يمكن ان يصل المسكون بهاجس الاحساس بالمسؤولية تجاه الآخر والرغبة في حمايته ؟
"ذنب لا يغتفر "عنوان يطرح اشكالية وعدة اسئلة
فيلم لا يمكن ان نشاهده بسلبية فالسؤال يبدأ منذ العنوان ..ذنب من لا يمكن ان يغتفر هل هو ذنب الشرطي الذي اراد اخراج البطلة وشقيقتها من منزلهما بالقوة ظلما؟ هل هو ذنب القانون الذي لا يراعي الحالات الاجتماعية ويتعامل مع الافراد كارقام ؟ وهل هو ذنب الطفلة ذات الخمس سنوات ؟ ام هو ذنب الصبية التي ضحت بنفسها ؟ بحرفية لامتناهية يجبر ابطال الفيلم ومنذ اولى المشاهد متابعي " ذنب لا يغتفر "على ان يكونوا جزء من الحكاية وان تساءلوا الم يكن يوجد حل آخر؟ هل كانت البطلة على حق عندما قررت ان تلقي بنفسها في الجحيم وتقضي على مستقبلها حماية لشقيقتها والتي لا يمكن ان تحاسب او تدخل السجن مهما اخطأت حتى وان كان خطؤها جريمة قتل نفس بشرية ؟ الاكيد ان الحلول موجودة ولكن البطلة سندرا بولوك اختارت الحل الاصعب. يحس المشاهد هو يتابع مراحل هذه الدراما القاسية جدا على النفس بمرارة في الحلق وبأنه محاصر الى درجة قطع الانفاس اذ تجبره المخرجة الألمانية نورا فينغشايدت والسيناريست بيتر كريغ وهيلاري سايتز وكورتيناي مايلز وموزع الموسيقى - وهم يتقاسمون التأثير كل على طريقته - على اللهاث وراء الاحداث سعيا لفهم ما يحدث وتأسره ملامح ساندرا وإحساسها العميق بالمشهد وقدرتها على التقمص وتحزنه معاناتها قبل ان تتكلم او تفسر ..عشرون سنة سجنا قضتها بنفس راضية رغم انها بريئة ..عشرون سنة من الصمت المطبق حماية لأمانة تركها لها والداها حيث ماتت والدتها فربت اختها الرضيعة وعندما اقتضى الوضع ان تحميها اكثر غامرت بمستقبلها وبحياتها وفدتها بنفسها ..
يروي الفيلم صعوبة اندماج البطلة من جديد صلب المجتمع بعد الخروج من السجن من اجل جريمة شنيعة تتمثل في قتل شرطي وهي من الجرائم التي لا يغفرها مجتمعها ولا ينساها حتى وان كان القاتل مظلوما فتعيش محاصرة في المحيط الجديد الذي غرست فيه تحت انظار الشرطة لأنها تتمتع بسراح شرطي ..تجد صعوبة في اعادة حياتها مع شخص توسمت في الخير ولكنه لم يكن ارحم بها من غيره.. يلاحقها احد ابناء القتيل مصرا على القصاص منها وقتلها مثلما قتلت والده.. وإضافة الى صعوبة الحصول على شغل تجد روث جدار صد منيع وهي تبحث عن شقيقتها التي اضاعتها بعد دخولها الى السجن هذا الجدار يمنعها من رؤية شقيقتها التي تبنتها عائلة مرموقة وضمنت لها مستقبلا جميلا فتنطلق في مرحلة نضال ومواجهة محفوفة بمخاطر اعادتها الى السجن دون ان ترى شقيقتها التي حرمت منها وهي صغيرة جدا ..
قسوة المجتمع تنهزم امام قوة المشاعر الانسانية
من اصعب لقطات الدراما في الفيلم و اكثرها تأثيرا ووقعا على النفس وقوف البطلة امام المرآة لترى نتائج تضحيتها ومعاناتها من الظلم وعندما تتساءل ان كانت قد اصابت في قرارها الاعتراف بجريمة لم ترتكبها.. اما قمّة التأثير التي قد تصل الى ذرف الدموع فقد كانت متابعة ما يرتسم على ملامح الممثلة ساندرا بلوك من حزن عميق بسبب خوفها من ان لا تعرفها شقيقتها عندما تراها اول مرة - كيف لا و فقد فارقتها منذ 20 سنة وتركتها طفلة صغيرة جدا- هذا اضافة الى شعور البطلة بالغربة في مجتمع قاس يفتقد الى المساوة ويتعامل بمكيالين مع المواطنين وبأنانية تدفعها الى الابتعاد والانسحاب من المجتمع رغم ظروفها المتردية على كل المستويات و اختيار البطلة للانسحاب وشعورها بالغربة لم يرد في كلام ولا في مواقف او صور وانما في تركيز المخرجة على ملامح البطلة روث وعلى وجهها وهي تنظر في المرآة .
دور مركب و صعب جدا ذاك الذي قدمته ساندرا بولوك في دراما " ذنب لا يغتفر" ومعروف عنها اتقانها للأدوار المركبة ، ساندرا التي كانت عامل القوة في الفيلم وأعطته من روحها ومن تجربتها الطويلة مع الادوار المركبة والصعبة اذ تمكنت من إيصال مشاعر الخوف واليأس والتردد والصراعات، دون أن تنطق بحرف واحد، فكان اداؤها درسا في الاحساس العالي والحرفية ، والحقيقة ان جمهور هذه الممثلة الكبيرة متعود على حسن ادائها وإضافتها لكل ادوارها والتحليق بها عاليا الى مستوى يرضي غرورها وانتظارات جمهورها.
يذكر ان ساندرا بولوك ممثلة امريكية من مواليد سنة 1964 وانها ممثلة ومنتجة سينمائية وتلفزيونية بدا مشوارها سنة1987 وكممثلة ناجحة ومشهورة سنة 1990 وهي حاصلة على جائزة أفضل دور من نقابة ممثلي الشاشة عام 2005 عن دورها في فيلم " تصادم" وعلى الاوسكار كما نالت عديد الجوائز عن اغلب افلامها .
علياء بن نحيلة
تونس – الصباح
من قال انه لا يمكن لأي شريط سينمائي ان ينجح ويحوز رضاء الجمهور وإعجابه ويوزع تجاريا إلا اذا اشتمل على لقطات ساخنة وعلى مشهد في الفراش أو الحمام أو الكثير من القبل ؟ هنالك اشرطة سينمائية تضرب هذه الايام وتوزع وتتم مشاهدتها في دور السينما وقاعات العرض وتمرر على اكبر واهم المنصات الالكترونية ولا يمل المشاهد من متابعتها رغم انها " مش مفوحة" مثلما يقول البعض من مخرجينا في تونس عندما يضمنون افلامهم مشاهد ساخنة يحاولون توظيفها وإلصاقها بالسيناريو وقليلا ما ينجحون في ذلك لان حذفها كثيرا ما لا يضر بتسلسل الاحداث ولا بأهميتها.
هذه احدى الملاحظات التي يمكن ان يخرج بها مشاهد فيلم النجمة العالمية سندرا بولوك "ذنب لا يغتفر " وهو دراما تحفر في عمق الذات البشرية وتثير اسئلة واشكاليات اجتماعية ونفسية وعائلية .. هذا الفيلم مقتبس عن مسلسل بريطاني يحمل نفس العنوان صدر عام 2009، وتقوم ببطولته ساندرا مع كل من ،فينسنت دونوفريو، جون بيرنثال، ريتشارد توماس، ليندا إموند، آيسلينج فرانسيوسي، روب مورغانوفيولا ديفيس... "ذنب لا يغتفر" تقترحه ناتفليكس على مشاهديها منذ بداية يوم 10ديسمبر 2021 ويذكر بروائع الابداع العالمي اذ يوقظ المشاعر ويضع مصطلح التضحية موضع السؤال فالي أي مدى يمكن ان يضحي الانسان بنفسه من اجل من يحبهم؟ والى أي نقطة يمكن ان يصل المسكون بهاجس الاحساس بالمسؤولية تجاه الآخر والرغبة في حمايته ؟
"ذنب لا يغتفر "عنوان يطرح اشكالية وعدة اسئلة
فيلم لا يمكن ان نشاهده بسلبية فالسؤال يبدأ منذ العنوان ..ذنب من لا يمكن ان يغتفر هل هو ذنب الشرطي الذي اراد اخراج البطلة وشقيقتها من منزلهما بالقوة ظلما؟ هل هو ذنب القانون الذي لا يراعي الحالات الاجتماعية ويتعامل مع الافراد كارقام ؟ وهل هو ذنب الطفلة ذات الخمس سنوات ؟ ام هو ذنب الصبية التي ضحت بنفسها ؟ بحرفية لامتناهية يجبر ابطال الفيلم ومنذ اولى المشاهد متابعي " ذنب لا يغتفر "على ان يكونوا جزء من الحكاية وان تساءلوا الم يكن يوجد حل آخر؟ هل كانت البطلة على حق عندما قررت ان تلقي بنفسها في الجحيم وتقضي على مستقبلها حماية لشقيقتها والتي لا يمكن ان تحاسب او تدخل السجن مهما اخطأت حتى وان كان خطؤها جريمة قتل نفس بشرية ؟ الاكيد ان الحلول موجودة ولكن البطلة سندرا بولوك اختارت الحل الاصعب. يحس المشاهد هو يتابع مراحل هذه الدراما القاسية جدا على النفس بمرارة في الحلق وبأنه محاصر الى درجة قطع الانفاس اذ تجبره المخرجة الألمانية نورا فينغشايدت والسيناريست بيتر كريغ وهيلاري سايتز وكورتيناي مايلز وموزع الموسيقى - وهم يتقاسمون التأثير كل على طريقته - على اللهاث وراء الاحداث سعيا لفهم ما يحدث وتأسره ملامح ساندرا وإحساسها العميق بالمشهد وقدرتها على التقمص وتحزنه معاناتها قبل ان تتكلم او تفسر ..عشرون سنة سجنا قضتها بنفس راضية رغم انها بريئة ..عشرون سنة من الصمت المطبق حماية لأمانة تركها لها والداها حيث ماتت والدتها فربت اختها الرضيعة وعندما اقتضى الوضع ان تحميها اكثر غامرت بمستقبلها وبحياتها وفدتها بنفسها ..
يروي الفيلم صعوبة اندماج البطلة من جديد صلب المجتمع بعد الخروج من السجن من اجل جريمة شنيعة تتمثل في قتل شرطي وهي من الجرائم التي لا يغفرها مجتمعها ولا ينساها حتى وان كان القاتل مظلوما فتعيش محاصرة في المحيط الجديد الذي غرست فيه تحت انظار الشرطة لأنها تتمتع بسراح شرطي ..تجد صعوبة في اعادة حياتها مع شخص توسمت في الخير ولكنه لم يكن ارحم بها من غيره.. يلاحقها احد ابناء القتيل مصرا على القصاص منها وقتلها مثلما قتلت والده.. وإضافة الى صعوبة الحصول على شغل تجد روث جدار صد منيع وهي تبحث عن شقيقتها التي اضاعتها بعد دخولها الى السجن هذا الجدار يمنعها من رؤية شقيقتها التي تبنتها عائلة مرموقة وضمنت لها مستقبلا جميلا فتنطلق في مرحلة نضال ومواجهة محفوفة بمخاطر اعادتها الى السجن دون ان ترى شقيقتها التي حرمت منها وهي صغيرة جدا ..
قسوة المجتمع تنهزم امام قوة المشاعر الانسانية
من اصعب لقطات الدراما في الفيلم و اكثرها تأثيرا ووقعا على النفس وقوف البطلة امام المرآة لترى نتائج تضحيتها ومعاناتها من الظلم وعندما تتساءل ان كانت قد اصابت في قرارها الاعتراف بجريمة لم ترتكبها.. اما قمّة التأثير التي قد تصل الى ذرف الدموع فقد كانت متابعة ما يرتسم على ملامح الممثلة ساندرا بلوك من حزن عميق بسبب خوفها من ان لا تعرفها شقيقتها عندما تراها اول مرة - كيف لا و فقد فارقتها منذ 20 سنة وتركتها طفلة صغيرة جدا- هذا اضافة الى شعور البطلة بالغربة في مجتمع قاس يفتقد الى المساوة ويتعامل بمكيالين مع المواطنين وبأنانية تدفعها الى الابتعاد والانسحاب من المجتمع رغم ظروفها المتردية على كل المستويات و اختيار البطلة للانسحاب وشعورها بالغربة لم يرد في كلام ولا في مواقف او صور وانما في تركيز المخرجة على ملامح البطلة روث وعلى وجهها وهي تنظر في المرآة .
دور مركب و صعب جدا ذاك الذي قدمته ساندرا بولوك في دراما " ذنب لا يغتفر" ومعروف عنها اتقانها للأدوار المركبة ، ساندرا التي كانت عامل القوة في الفيلم وأعطته من روحها ومن تجربتها الطويلة مع الادوار المركبة والصعبة اذ تمكنت من إيصال مشاعر الخوف واليأس والتردد والصراعات، دون أن تنطق بحرف واحد، فكان اداؤها درسا في الاحساس العالي والحرفية ، والحقيقة ان جمهور هذه الممثلة الكبيرة متعود على حسن ادائها وإضافتها لكل ادوارها والتحليق بها عاليا الى مستوى يرضي غرورها وانتظارات جمهورها.
يذكر ان ساندرا بولوك ممثلة امريكية من مواليد سنة 1964 وانها ممثلة ومنتجة سينمائية وتلفزيونية بدا مشوارها سنة1987 وكممثلة ناجحة ومشهورة سنة 1990 وهي حاصلة على جائزة أفضل دور من نقابة ممثلي الشاشة عام 2005 عن دورها في فيلم " تصادم" وعلى الاوسكار كما نالت عديد الجوائز عن اغلب افلامها .