تم يوم الثلاثاء الكشف عن الافلام التي وصلت إلى مراحل متقدمة من أجل الحصول على أوسكار افضل فيلم أجنبي للدورة القادمة في ربيع العام المقبل والتي تعتبر حلم العديد من السينمائيين في العالم.
وقد ضمت القائمة ما قبل النهائية فيلم "قهرمان" ("بطل") للمخرج الإيراني أصغر فرهادي، مما يؤكد السمعة الكبيرة التي يحظى بها هذا السينمائي الايراني في حين يظل يحارب العديد من السينمائيين من خارج البلدان التي تملك صناعات سينمائية قوية من اجل الظفر بفرصة وحيدة تفتح أمامهم الأفاق وتساعد على انتشارهم في العالم. فمن هو إذن اصغر فرهادي الذي تمكن من اقتحام أسوار المهرجانات الدولية الكبرى رغم كل ما تضعه من عوائق أمام سينمائيي "العالم الثالث"؟
بدأ اسم اصغر فرهادي خريج الجامعات الايرانية ينتشر تقريبا منذ سنة 2002 بعد تاليفه لسيناريو فيلم "ارتفاع البريد " من اخراج ابراهيم حاتمي الذي عالج قضية تعرض العرب للاضطهاد بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.
وكان فيلم "الرقص مع الغبار" أول أفلامه على مستوى الاخراج (2003) ليليه فيلم "اسم المدينة الجميلة"الذي حاز على عدد من الجوائز الدولية الهامة وحصل فيلمه الموالي كذلك " الاربعاء الأخير" على جوائز قيمة وتلقى النقاد بترحيب كبير فيلمه "عن أيلي " بتاريخ 2009 الذي وصف بأنه تحفة فنية وقد حصل على جائزة الدب الذهبي بمهرجان برلين السينمائي الدولي وتم اختياره كأحسن فيلم في مهرجان تربيكا السينمائي ومثل السينما الايرانية في سباق الاوسكار.
أما فيلمه "انفصال نادر وسيمين" فقد حصل على عشرات الجوائز من بينها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية لعام 2012، وجائزة جائزة الدب الذهبي لأحسن فيلم في مهرجان برلين السينمائي الدولي، وهو يعد أول فيلم إيرانى يحصل على الجائزتين. وقد فاز بطلا الفيلم بجائزتي الدب الفضي لأفضل آداء تمثيلي في مهرجان برلين دون أن ننسى العديد من الجوائز التقنية التي فاز بها الفيلم في نفس المهرجان، مع العلم أن أصغر فرهادي كان عضوا للجنة تحكم مهرجان برلين السينمائي في دورته لسنة 2012.
وقد فاز اصغر فرهادي بثاني جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي سنة 2017 عن فيلمه"البائع" ولم يتمكن من حضور حفل تسليم الجوائز بسبب قرارات الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامبو تضييقاته على المهاجرين المنحدرين من بلدان معينة وكانت ايران من ضمنها. وقد نال فرهادي عموما عددا هاما من الجوائز العالمية ويمكن القول أنه حقق رقما قياسيا في هذا الباب ( جوائز الأوسكار والغولدن غلوب وجوائز عن منطقة اسيا وجوائز السيزار وفازت احدى بطلات افلامه سنة 2013 بجائزة افضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي الدولي، ويتعلق الأمر ببرنيس بيجو كما فاز بطل فيلمه البائع بجائزة أفضل ممثل بنفس المهرجان في دورته لسنة 2016 ويتعلق الأمر بالممثل شهاب حسيني كما فاز الفيلم بجائزة افضل سيناريو بمهرجان كان كذلك) ونعتقد أنه لا أحد يضاهيه في ذلك سواء من ايران أو خارج ايران.
وكان اصغر فرهادي قد بدأ مسيرته السينمائية في موطنه مدينة اصفهان التي ولد بها سنة 1972، ونشط في فرع جمعية السينما الشبابية الإيرانية، وكانت له تجربة هامة في تأليف المسرحيات والافلام للاذاعة والتلفزيون، ونفذت اذاعة ايران الوطنية وكذلك التلفزيون الايراني عددا من أعماله كما تولى بنفسه اخراج عدد من الأعمال الاذاعية والتلفزيونية.
وتدور احداث فيلم فهرمان المرشح للاوسكار في مدينة شيراز المشهورة بصناعة السّجاد حول رجل مهدد بالدخول إلى السجن بسبب ديون لم يستطع دفعها وأثناء محاولته اقناع صاحب الدين بالتخلي عن حقه، يعثر على حقيبة فيها كمية من الذهب .
وخلافا لما هو متوقع يقرر الرجل البحث عن صاحب الحقيبة لإعادتها له، رغم ما هو عليه من صعوبات، لكن هذه الحركة غير المنتظرة تصنع منه نجما وتجعله حديث مواقع التواصل الاجتماعي. وفي الوقت الذي يكسب فيه البطل تضامنا شعبيا يمكنه من جمع المال المطلوب تظهر أصوات مشّككة في روايته، وتبدأ في طرح الأسئلة.
وتتميز افلام اصغر فرهادي عموما حسب النقاد بأنها من نوعية السهل الممتنع وهي عبارة عن مرآة تعكس التطورات التي يشهدها المجتمع الايراني. في المقابل كثيرا ما توجه تهما لاصغر فرهادي بأنه يتجنب النقد المباشر للسلطة في ايران، الأمر الذي مكنه حسب هؤلاء من ضمان العمل براحة. وينفي فرهادي هذا الأمر بقوة، فهو يعتبر أن السينمائي ليس مطالبا بالنقد المباشر وهو عندما يقوم بتعرية المشاكل التي يعاني منها المجتمع الايراني ومن بينها مثلا حرية التعبير وعدم المساواة بين المرأة والرجل وفرض قيود على الابداع وعلى التفكير، فإنما يوجه نقدا للدولة.
ولا يمكن أن نعارض الرجل عندما يقول انه منشغل بعمله عن العديد من المسائل الجانبية، لأن رصيده الكبير من الافلام واعتلائه منصات التتويج في مهرجانات سينمائية عالمية خير دليل على ذلك. فالأرقام كفيلة بأن تدافع عنه على الأقل في مسألة العمل والانتاج وتناول عديد القضايا الاجتماعية التي شدت الانتباه ودفعت لجان تحكيم مختلفة في محافل دولية مختلفة إلى تتويجه.
ح س
تونس- الصباح
تم يوم الثلاثاء الكشف عن الافلام التي وصلت إلى مراحل متقدمة من أجل الحصول على أوسكار افضل فيلم أجنبي للدورة القادمة في ربيع العام المقبل والتي تعتبر حلم العديد من السينمائيين في العالم.
وقد ضمت القائمة ما قبل النهائية فيلم "قهرمان" ("بطل") للمخرج الإيراني أصغر فرهادي، مما يؤكد السمعة الكبيرة التي يحظى بها هذا السينمائي الايراني في حين يظل يحارب العديد من السينمائيين من خارج البلدان التي تملك صناعات سينمائية قوية من اجل الظفر بفرصة وحيدة تفتح أمامهم الأفاق وتساعد على انتشارهم في العالم. فمن هو إذن اصغر فرهادي الذي تمكن من اقتحام أسوار المهرجانات الدولية الكبرى رغم كل ما تضعه من عوائق أمام سينمائيي "العالم الثالث"؟
بدأ اسم اصغر فرهادي خريج الجامعات الايرانية ينتشر تقريبا منذ سنة 2002 بعد تاليفه لسيناريو فيلم "ارتفاع البريد " من اخراج ابراهيم حاتمي الذي عالج قضية تعرض العرب للاضطهاد بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.
وكان فيلم "الرقص مع الغبار" أول أفلامه على مستوى الاخراج (2003) ليليه فيلم "اسم المدينة الجميلة"الذي حاز على عدد من الجوائز الدولية الهامة وحصل فيلمه الموالي كذلك " الاربعاء الأخير" على جوائز قيمة وتلقى النقاد بترحيب كبير فيلمه "عن أيلي " بتاريخ 2009 الذي وصف بأنه تحفة فنية وقد حصل على جائزة الدب الذهبي بمهرجان برلين السينمائي الدولي وتم اختياره كأحسن فيلم في مهرجان تربيكا السينمائي ومثل السينما الايرانية في سباق الاوسكار.
أما فيلمه "انفصال نادر وسيمين" فقد حصل على عشرات الجوائز من بينها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية لعام 2012، وجائزة جائزة الدب الذهبي لأحسن فيلم في مهرجان برلين السينمائي الدولي، وهو يعد أول فيلم إيرانى يحصل على الجائزتين. وقد فاز بطلا الفيلم بجائزتي الدب الفضي لأفضل آداء تمثيلي في مهرجان برلين دون أن ننسى العديد من الجوائز التقنية التي فاز بها الفيلم في نفس المهرجان، مع العلم أن أصغر فرهادي كان عضوا للجنة تحكم مهرجان برلين السينمائي في دورته لسنة 2012.
وقد فاز اصغر فرهادي بثاني جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي سنة 2017 عن فيلمه"البائع" ولم يتمكن من حضور حفل تسليم الجوائز بسبب قرارات الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامبو تضييقاته على المهاجرين المنحدرين من بلدان معينة وكانت ايران من ضمنها. وقد نال فرهادي عموما عددا هاما من الجوائز العالمية ويمكن القول أنه حقق رقما قياسيا في هذا الباب ( جوائز الأوسكار والغولدن غلوب وجوائز عن منطقة اسيا وجوائز السيزار وفازت احدى بطلات افلامه سنة 2013 بجائزة افضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي الدولي، ويتعلق الأمر ببرنيس بيجو كما فاز بطل فيلمه البائع بجائزة أفضل ممثل بنفس المهرجان في دورته لسنة 2016 ويتعلق الأمر بالممثل شهاب حسيني كما فاز الفيلم بجائزة افضل سيناريو بمهرجان كان كذلك) ونعتقد أنه لا أحد يضاهيه في ذلك سواء من ايران أو خارج ايران.
وكان اصغر فرهادي قد بدأ مسيرته السينمائية في موطنه مدينة اصفهان التي ولد بها سنة 1972، ونشط في فرع جمعية السينما الشبابية الإيرانية، وكانت له تجربة هامة في تأليف المسرحيات والافلام للاذاعة والتلفزيون، ونفذت اذاعة ايران الوطنية وكذلك التلفزيون الايراني عددا من أعماله كما تولى بنفسه اخراج عدد من الأعمال الاذاعية والتلفزيونية.
وتدور احداث فيلم فهرمان المرشح للاوسكار في مدينة شيراز المشهورة بصناعة السّجاد حول رجل مهدد بالدخول إلى السجن بسبب ديون لم يستطع دفعها وأثناء محاولته اقناع صاحب الدين بالتخلي عن حقه، يعثر على حقيبة فيها كمية من الذهب .
وخلافا لما هو متوقع يقرر الرجل البحث عن صاحب الحقيبة لإعادتها له، رغم ما هو عليه من صعوبات، لكن هذه الحركة غير المنتظرة تصنع منه نجما وتجعله حديث مواقع التواصل الاجتماعي. وفي الوقت الذي يكسب فيه البطل تضامنا شعبيا يمكنه من جمع المال المطلوب تظهر أصوات مشّككة في روايته، وتبدأ في طرح الأسئلة.
وتتميز افلام اصغر فرهادي عموما حسب النقاد بأنها من نوعية السهل الممتنع وهي عبارة عن مرآة تعكس التطورات التي يشهدها المجتمع الايراني. في المقابل كثيرا ما توجه تهما لاصغر فرهادي بأنه يتجنب النقد المباشر للسلطة في ايران، الأمر الذي مكنه حسب هؤلاء من ضمان العمل براحة. وينفي فرهادي هذا الأمر بقوة، فهو يعتبر أن السينمائي ليس مطالبا بالنقد المباشر وهو عندما يقوم بتعرية المشاكل التي يعاني منها المجتمع الايراني ومن بينها مثلا حرية التعبير وعدم المساواة بين المرأة والرجل وفرض قيود على الابداع وعلى التفكير، فإنما يوجه نقدا للدولة.
ولا يمكن أن نعارض الرجل عندما يقول انه منشغل بعمله عن العديد من المسائل الجانبية، لأن رصيده الكبير من الافلام واعتلائه منصات التتويج في مهرجانات سينمائية عالمية خير دليل على ذلك. فالأرقام كفيلة بأن تدافع عنه على الأقل في مسألة العمل والانتاج وتناول عديد القضايا الاجتماعية التي شدت الانتباه ودفعت لجان تحكيم مختلفة في محافل دولية مختلفة إلى تتويجه.