تونس- الصباح
اثار الفيلم المصري " أميرة" غضب الفلسطينيين، بسبب طريقة تناوله لقضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية وطالبت العديد من الهياكل الثقافية والتمثيلية الفلسطينية بوقف عرض هذا الفيلم.
وتدور احداث الفيلم حول شابة فلسطينية ولدت بفضل نطفة مهربة لأسير فلسطيني، لكنها بعد شروعها في محاولة البحث في هويتها، يقع التفطن إلى أن النطفة هي في الأصل لضابط اسرائيلي قام بالتحيل وتغييرها أثناء تهريبها. مع العلم أن موضوع تهريب نطف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، تعتبر شكلا من أشكال النضال ضد العدو الاسرائيلي، لذلك اعتبر الحديث عن "الاب الاصلي لبطلة الفيلم الذي تبين أنه سجانا اسرائيليا الغضب واعتبر فيه اساءة كبيرة "للأسرى ولأبنائهم".
ومن بين المطالبين بتوقيف الفيلم نذكر مهرجان القدس السينمائي الدولي الذي دعا في بلاغ أمضاه رئيسه الدكتور عز الدين شلح بوقف عرض فيلم أميرة نهائياً في دور العرض السينمائية العربية والدولية، والاعتذار للأسرى وذويهم، لما يحمله الفيلم من إساءة لنضال الاسرى البواسل وفق قوله..
وذكر مدير المهرجان أنه كان يجب أن يتم التدقيق في مضمون الفيلم، مستنكراً ما جاء على لسان مخرج فيلم أميرة بأنه أدخل الخيال للفيلم، فالحقائق الإيجابية وفق وصفه لا يمكن حبكها بخيال سلبي، فالحبكة هنا أفرغت الفيلم من مضمونه الإيجابي واتجهت به إلى مضمون سلبي يشوه نضال أسرى وذويهم وقضية مستمرة لأكثر من قرن.
سحب الفيلم من سباق الأوسكار
وأضاف نفس المتحدث أنه كان يمكن لفريق العمل وخاصة المخرج أن يلتزم بالحقائق أو أن يكون الخيال والحبكة التي اعتمد عليها في تسويق الفيلم إيجابياً يخدم القضية نفسها، ولا يغير من مضمونها بل يعطيها زخماً إيجابياً.
وفي تصريح للصباح، أكد مدير مهرجان القدس السينمائي الدولي الذي ختم دورته السادسة مؤخرا، أن وفق الحبكة الخيالية في الفيلم وهي تبديل النطفة، أصبحت اميرة بطلة الفيلم التي من المفروض أن تكون ابنة مناضل فلسطيني، ابنة سجان اسرائيلي مشيرا إلى أنه يوجد 100 شخص في فلسطين نشأوا من خلال النطف أصبحوا يعيشون وضعا نفسيا سيئا بسببه.
وعن سؤال إن كان من حق المخرج وهو الذي قدم فيلما روائيا يعتمد على الخيال، من أن يتناول أي قضية بالطريقة التي يراها تخدم فكرة الفيلم، شدد محدثنا على أن الطريقة التي اعتمدها مخرج فيلم أميرة تمس بالعمق الانساني للإنسان الفلسطيني.
مضيقا قوله: نعم إن الفيلم روائي ولكن يتناول قضية حقيقية سطر فيها الفلسطينيون ولأول مرة في العالم هذا الانجاز الذي لم يكن سابقاً في اية دولة في العالم والموضوع حتى ولو كان روائيا فهو موضوع خاص جداً، هو ابداع وابتكار خاص بالأسرى الفلسطينيين ولذلك ولآنه خاص فقط بالأسرى واقصد أنه ليس موجودا في دول اخرى يجب الحذر في تناول الموضوع حتى لو كان روائيا.
وشدد على أنه لا احد يستطيع منع مخرج العمل من صنع احداث خيالية لكنه ومن وجهة نظره وللأسف تناول الخيال بشكل سلبي.
ومن جهته أدان الأمين العام المساعد للاتحاد العام للفنانين التعبيريين الفلسطينيين، الدكتور .يسري مغاري بشدة ما جاء في الفيلم السينمائي "أميرة" الذي أساء وفق بيان صدر في الغرض "لتاريخ الحركة الفلسطينيّة الأسيرة ولنضالها العادل والمشرف عبر سنوات طويلة من عذابات الزنازين في معتقلات الاحتلال الصهيوني، حيث تناول الفيلم بإساءة فاضحة ومثيرة للشك والريبة والانحياز إلى رواية العدو ولتشويه تاريخ معركة النطف المهربة وانجاب أطفال لأسرى فلسطينيين الذين يقضون أحكامًا عالية وظالمة داخل معتقلات الاحتلال، حيث انتصرت إرادة أسرانا البواسل على الجلاد وزنازينه، وغدًا سوف يحمل هؤلاء الأطفال أسماء آبائهم المشرّفة في فضاء الحرية".
وطالب المتحدث بدوره " الجهات الراعية لإدانة هذا الفيلم والتنكّر منه وتوقيف عرضه أينما حل وسحبه بل وحرقه، وكأنّه لم يكن، وفي حال أصر أصحابه منتجًا ومُخرجًا وممثلين وكل من عمل فيه بشكلٍ أو بآخر فيجب مقاطعتهم وسحب شهادات التكريم التي سبق وأن مُنحت لهم، بل وتقديمهم للقضاء إنّ أمكن ذلك".
كما طالبت "اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين" ب"وقف عرض فيلم أميرة وسحبه من كافة المنصات ومحاسبة المسؤولين عنه".
وكانت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام قد اعلنت يوم الخميس عن وقف الترشح إلى جوائز الأوسكار من خلال هذا الفيلم والانسحاب من السباق من أجل الحصول على جائزة أوسكار افضل فيلم أجنبي.
وزارة الثقافة الأردنية بدورها كانت قد أعلنت في 12 نوفمبرالمنقضي، أن فيلم أميرة سيمثل الأردن في جوائز الأوسكار لعام 2022 قبل أن تتوقف العملية بسبب الأحداث المذكورة.
واعلن مخرج الفيلم، المصري، محمد دياب، في صفحته على موقع الفايسبوك أنه فعلا تم توقيف عروض فيلم أميرة وطالب بلجنة متخصصة لمشاهدته.
ففي أول رد فعل للمخرج واسرة الفيلم نشره على موقعه الخاص على الفايسبوك، قال محمد دياب أنه" منذ عرض الفيلم في مهرجان البندقية وعرضه في مهرجاني الجونة وأيام قرطاج السينمائية، وشاهده آلاف من الجمهور العربي والفلسطيني والعالمي، كان الإجماع دائماً أن العمل يصور قضية الأسرى بشكل إيجابي وإنساني وينتقد سياسة الاحتلال بوضوح". كما أكد "أن القائمين على العمل راعوا تماماً حساسية قضية تهريب النطف، وقدسية أطفال الحرية".
وشدد المخرج على أن الفيلم خيالي وأن طريقة التهريب الحقيقية غير معروفة، كما أن عمر البطلة في الفيلم 18 عاماً يتنافى منطقيا مع بداية عمليات التهريب أصلاً والتي عرفت عام 2012.، مشيرا إلى أن " اختيار الحبكة الدرامية الخاصة بتغيير النطف جاء ليطرح سؤالاً وجودياً فلسفياً حول جوهر الإنسان، وما إذا كان سيختار اختياراته ذاتها لو ولد كشخص آخر"
واضاف المتحدث قوله أن الفيلم ينحاز لفلسطين، فالبطلة أميرة اختارت أن تكون فلسطينية وأن تنحاز للقضية، كما أن الأحداث تشجب تماماً ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي يتناولها العمل، وفق تعبيره.
كما اعتبر أن الحديث عن حبكة خيالية خارج سياق الفيلم الذي ينحاز للسردية الوطنية الفلسطينية، هو "اقتطاع منقوص يرسم صورة عكسية غير معبرة عن الفيلم"، موضحا أن العمل من بطولة كوكبة من الفنانين الفلسطينيين والأردنيين المشهود لهم بالوطنية ولهم تاريخ طويل في الدفاع عن القضية الفلسطينية ونقلها للعالم ودافعهم الوحيد للاشتراك في الفيلم هو إيمانهم بأهمية رسالته الذي هو في النهاية رؤية ومسؤولية مخرجه، وفق قوله. واضاف أن "الهدف السامي الذي صنع من أجله الفيلم لا يمكن أن يتأتى على حساب مشاعر الأسرى وذويهم والذين تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نسجت حول الفيلم، وقال: "نحن نعتبر أن الأسرى الفلسطينيين ومشاعرهم هم الأولوية لنا وقضيتنا الرئيسية، لذلك سيتم وقف أي عروض للفيلم، ونطالب بتأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدته ومناقشته. نحن مؤمنون بنقاء ما قدمناه في فيلم أميرة، دون أي إساءة للأسرى والقضية الفلسطينية".
ولم تقتصر التنديدات على الهياكل الثقافية وإنما طالب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بإيقافه وسحبه من سباق الاوسكار.
مع العلم أن فيلم أميرة الذي عرض في الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية، وحاز على تنويه خاص من لجنة التحكيم، من إنتاج مشترك بين فلسطين والأردن ومصر ويقوم بأدوار البطولة فيه كل من تارا عبود وصبا مبارك وعلي سليمان وغيرهم.
ح س