أحدثت تدوينة نجل المسرحيين نور الدين وناجية الورغي عن الوضع الاجتماعي لوالديه جدلا وحالة من الاستياء في الأوساط الثقافية خاصة وأن مؤسس "مسرح الأرض" وبطلة أعماله يعتبران من رموز الحراك الثقافي البديل في البلاد .. ولئن تفاعلت وزارة الشؤون الثقافية سريعا مع وضع المبدعين إلا أن صورة استقبالهما من قبل وزير الشؤون الثقافية بالنيابة السيد الحبيب عمار عكست مدى هشاشة الوضع الاجتماعي لمعظم الفاعلين في الشأن الثقافي حتى الأزمة الاجتماعية والنفسية انسحبت على حال كباره والمستثمرين الأساسين فيه وفرضت سؤالا ملحا يتعلق بالقطاع المسرحي وتأثير تعليق الأنشطة الفنية والعروض الحية لأكثر من سنة ونصف على المشهد الاجتماعي والاقتصادي لصناع الفرجة في بلاد هي في أمس الحاجة لقاطرة الثقافة في مسارها التنموي.
وفي خضم دعوة عدد كبير من النخبة الفنية لعودة الفعاليات الثقافية لنشاطها المعتاد رصدت "الصباح" مع الأطراف الرسمية والفنية الوضع الحالي للقطاع المسرحي تحديدا، باعتباره فنا حيا يرتبط -ضرورة - بحضور الجمهور وتفاعله وفي السياق كشف المدير عام للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية يوسف الأشخم لـ"الصباح" أن شهر أكتوبر سيشهد عودة عديد التظاهرات الثقافية في تونس الكبرى ومختلف الولايات والمناطق الداخلية كما أن المهرجانات الأهم ستكون في موعدها على غرار أيام قرطاج السينمائية والمسرحية والموسيقية ومعرض الكتاب وفعاليات القمة الفرانكفونية في دورتها 18 مشددا على أن العائدات المالية لهذه التظاهرات ستنعش القطاع والفاعلين فيه ومنهم شركات الانتاج الخاصة والفرق المسرحية والموسيقية.
وأفاد يوسف الأشخم "الصباح" بأن الوضع الوبائي أثر كثيرا على القطاع وأن حال صناع الفن والفرجة في تونس شاق ومؤلم وكان من الضروي إيجاد حلول تعيد النشاط الثقافي وفي الآن نفسه تحمي أهل القطاع ورواد الثقافة لذلك وقع التنسيق مع وزارة الصحة وسيتم مطالبة الجمهور المتابع للتظاهرات بالاستظهار بشهادة تلقيح ضد كورونا ومراقبة الحضور الأجنبي في المهرجانات عبر فرض تحليل "PCR" والتلقيح.
النظرة الدونية للثقافة وتراخي الدولة
من جهته، أوضح المخرج المسرحي نزار السعيدي لـ"الصباح" أن الدعوة إلى عودة الأنشطة الثقافية في أغلبها ذات طابع اجتماعي، وهي مسألة مهمة خاصة لمن يمتهن الفن فالجائحة والوضع العام، المعاش في تونس منذ سنوات أثبت فشل النموذج، الذي تشتغل وفقه السياسة الثقافية للدولة وأضاف محدثنا قائلا: "الدعوة إلى عودة النشاط يجب أن يرافقه دعوة إلى تجديد السياسة ورؤية الدولة للثقافة والفنان بصفة خاصة فالقوانين التشريعية المنظمة أصبحت بالية ولا تتناسب مع الواقع الجديد كما وكيفا كما أن البنية التحتية للمؤسسات الثقافية لم تعد تستجيب لمتطلبات العروض الحديثة إذا فرجوع المسرح والسينما وغيره من الأنماط الفنية من اجل سد المطلبية الاجتماعية فقط هو ترقيعي وقتي لن يحل المشكل بقدر ما يؤجله وربما يزداد تأزما في مراحل قادمة".
وشدد المسرحي نزار السعيدي في حديثه لـ"الصباح" على ضرورة التفكير في سياسة ثقافية جديدة تضمن حقوق الفنان وكذلك تفتح مسار الإبداع فهذه العناصر مرتبطة فالتطور الإبداعي والجمالي سيجر إلى تحسن الوضع الاجتماعي للفنانين وبالتالي الدولة مطالبة بإخراج الثقافة في جانبها الإبداعي الفكري من عزلتها وطرحها كمشروع مجتمعي من خلال انفتاح المنجز الفني والثقافي على المناطق حيث يوجد التجمعات كالمصانع والمدارس والجامعات وغيره وذلك إلى جانب التسريع في وضع قانون الفنان والاعتراف به كمهنة لها ضوابط وحقوق.
ويقترح محدثنا أن يتم اعتماد الحلول الجذرية وتفعيل مخرجات الاستشارات فلن تكون هناك جمهورية ثالثة دون قاطرة الفعل الثقافي قائلا: "ما نعيشه اليوم من هوان هو نتاج تراخي الدولة والنظرة الدونية للثقافة واعتمادها إما واجهة للنظم السياسية المتعاقبة أو اشتغالات للترفيه والتسلية ونسبة ميزانية وزارة الثقافة من مجموعة ميزانية العامة للدولة لا شيء فالمبدأ الذي يجب أن تعود عليه الأنشطة الثقافية هو جعلها ضرورة مجتمعية لا يمكن الاستغناء عنها وليست حالات اجتماعية نتحرك كرد فعل على وضعية فنان أو فنانة".
ودعا المخرج المسرحي نزار السعيدي إلى فتح مجالات التوزيع والتمويل من خلال قوانين تضعها الدولة من شأنها أن تعطي إمكانات أخرى للفنان التونسي ولا يبقى حبيس ما تعطيه وزارة الثقافة وذلك بالتوازي مع إخراج الفنون وكل ضروب الثقافة من عباءة الوزارة وفتحها على وزارات ومؤسسات أخرى تحت رعاية الدولة ودعمها المباشر وغير مباشر .
النقابة الأساسية لمهن الفنون الدرامية بدورها انتقدت الوضع الراهن للقطاع وتطرقت في بيان دعم للفنانين نور الدين وناجية الورغي إلى معاناة المسرحي الاجتماعية والاقتصادية والفنية في العموم مؤخرا مشخصة الراهن الذي يعرف غياب واضح لسياسية ثقافية.
واعتبرت النقابة الأساسية لمهن الفنون الدرامية الحكومات المتعاقبة بعد الثورة شريكة في تهميش القطاع منددة بتوظيف الفعل الثقافي لصالح البروباغندا السياسية الحاكمة.
وشدد بيان النقابة الأساسية لمهن الفنون الدرامية على أن الصعوبة المالية لمسرحيين من "أعمدة المسرح التونسي" تؤكد "معاناة أهل القطاع الفنّي وعلى رأسهم قطاع مهن الفنون الدرامية لعقود متواصلة زادتها جائحة الكورونا تدهورا خطيرا أمام تجاهل الرئاسات الثلاثة وعلى رأسها رئاسة الجمهورية والتي تنكّرت لمطالب مبدعيها وفنانينها والفاعلين في تكريس ثقافة وطنية يضمنها الدستور".
وطالبت نقابة مهن الفنون الدرامية المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل بالترفيع في ميزانية وزارة الشؤون الثقافية وميزانية ادارة المسرح لسنة 2021، استكمال مسار قانون الفنان وإخراجه من رفوف التجاذبات السياسية، إنشاء مجلس أعلى للثقافة يكفل الاستراتيجيات الثقافية على مدى قريب ومتوسط وبعيد دون التأثر بالتقلبات السياسية وتداعياتها، الترفيع في الرعاية المادية اللازمة للمشاريع الإبداعية والصناديق الداعمة، إيجاد المنظومات الكافية لرعاية وحماية الفنان اجتماعيا والحفاظ على كرامته باعتباره صانعا للثقافة والحضارة والإنسانية وضع الخطط الكافية لتحسيس القطاع الخاص بالمساهمة في رعاية الفنانين والمراهنة على إبداعاتهم.
نجلاء قموع
تونس - الصباح
أحدثت تدوينة نجل المسرحيين نور الدين وناجية الورغي عن الوضع الاجتماعي لوالديه جدلا وحالة من الاستياء في الأوساط الثقافية خاصة وأن مؤسس "مسرح الأرض" وبطلة أعماله يعتبران من رموز الحراك الثقافي البديل في البلاد .. ولئن تفاعلت وزارة الشؤون الثقافية سريعا مع وضع المبدعين إلا أن صورة استقبالهما من قبل وزير الشؤون الثقافية بالنيابة السيد الحبيب عمار عكست مدى هشاشة الوضع الاجتماعي لمعظم الفاعلين في الشأن الثقافي حتى الأزمة الاجتماعية والنفسية انسحبت على حال كباره والمستثمرين الأساسين فيه وفرضت سؤالا ملحا يتعلق بالقطاع المسرحي وتأثير تعليق الأنشطة الفنية والعروض الحية لأكثر من سنة ونصف على المشهد الاجتماعي والاقتصادي لصناع الفرجة في بلاد هي في أمس الحاجة لقاطرة الثقافة في مسارها التنموي.
وفي خضم دعوة عدد كبير من النخبة الفنية لعودة الفعاليات الثقافية لنشاطها المعتاد رصدت "الصباح" مع الأطراف الرسمية والفنية الوضع الحالي للقطاع المسرحي تحديدا، باعتباره فنا حيا يرتبط -ضرورة - بحضور الجمهور وتفاعله وفي السياق كشف المدير عام للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية يوسف الأشخم لـ"الصباح" أن شهر أكتوبر سيشهد عودة عديد التظاهرات الثقافية في تونس الكبرى ومختلف الولايات والمناطق الداخلية كما أن المهرجانات الأهم ستكون في موعدها على غرار أيام قرطاج السينمائية والمسرحية والموسيقية ومعرض الكتاب وفعاليات القمة الفرانكفونية في دورتها 18 مشددا على أن العائدات المالية لهذه التظاهرات ستنعش القطاع والفاعلين فيه ومنهم شركات الانتاج الخاصة والفرق المسرحية والموسيقية.
وأفاد يوسف الأشخم "الصباح" بأن الوضع الوبائي أثر كثيرا على القطاع وأن حال صناع الفن والفرجة في تونس شاق ومؤلم وكان من الضروي إيجاد حلول تعيد النشاط الثقافي وفي الآن نفسه تحمي أهل القطاع ورواد الثقافة لذلك وقع التنسيق مع وزارة الصحة وسيتم مطالبة الجمهور المتابع للتظاهرات بالاستظهار بشهادة تلقيح ضد كورونا ومراقبة الحضور الأجنبي في المهرجانات عبر فرض تحليل "PCR" والتلقيح.
النظرة الدونية للثقافة وتراخي الدولة
من جهته، أوضح المخرج المسرحي نزار السعيدي لـ"الصباح" أن الدعوة إلى عودة الأنشطة الثقافية في أغلبها ذات طابع اجتماعي، وهي مسألة مهمة خاصة لمن يمتهن الفن فالجائحة والوضع العام، المعاش في تونس منذ سنوات أثبت فشل النموذج، الذي تشتغل وفقه السياسة الثقافية للدولة وأضاف محدثنا قائلا: "الدعوة إلى عودة النشاط يجب أن يرافقه دعوة إلى تجديد السياسة ورؤية الدولة للثقافة والفنان بصفة خاصة فالقوانين التشريعية المنظمة أصبحت بالية ولا تتناسب مع الواقع الجديد كما وكيفا كما أن البنية التحتية للمؤسسات الثقافية لم تعد تستجيب لمتطلبات العروض الحديثة إذا فرجوع المسرح والسينما وغيره من الأنماط الفنية من اجل سد المطلبية الاجتماعية فقط هو ترقيعي وقتي لن يحل المشكل بقدر ما يؤجله وربما يزداد تأزما في مراحل قادمة".
وشدد المسرحي نزار السعيدي في حديثه لـ"الصباح" على ضرورة التفكير في سياسة ثقافية جديدة تضمن حقوق الفنان وكذلك تفتح مسار الإبداع فهذه العناصر مرتبطة فالتطور الإبداعي والجمالي سيجر إلى تحسن الوضع الاجتماعي للفنانين وبالتالي الدولة مطالبة بإخراج الثقافة في جانبها الإبداعي الفكري من عزلتها وطرحها كمشروع مجتمعي من خلال انفتاح المنجز الفني والثقافي على المناطق حيث يوجد التجمعات كالمصانع والمدارس والجامعات وغيره وذلك إلى جانب التسريع في وضع قانون الفنان والاعتراف به كمهنة لها ضوابط وحقوق.
ويقترح محدثنا أن يتم اعتماد الحلول الجذرية وتفعيل مخرجات الاستشارات فلن تكون هناك جمهورية ثالثة دون قاطرة الفعل الثقافي قائلا: "ما نعيشه اليوم من هوان هو نتاج تراخي الدولة والنظرة الدونية للثقافة واعتمادها إما واجهة للنظم السياسية المتعاقبة أو اشتغالات للترفيه والتسلية ونسبة ميزانية وزارة الثقافة من مجموعة ميزانية العامة للدولة لا شيء فالمبدأ الذي يجب أن تعود عليه الأنشطة الثقافية هو جعلها ضرورة مجتمعية لا يمكن الاستغناء عنها وليست حالات اجتماعية نتحرك كرد فعل على وضعية فنان أو فنانة".
ودعا المخرج المسرحي نزار السعيدي إلى فتح مجالات التوزيع والتمويل من خلال قوانين تضعها الدولة من شأنها أن تعطي إمكانات أخرى للفنان التونسي ولا يبقى حبيس ما تعطيه وزارة الثقافة وذلك بالتوازي مع إخراج الفنون وكل ضروب الثقافة من عباءة الوزارة وفتحها على وزارات ومؤسسات أخرى تحت رعاية الدولة ودعمها المباشر وغير مباشر .
النقابة الأساسية لمهن الفنون الدرامية بدورها انتقدت الوضع الراهن للقطاع وتطرقت في بيان دعم للفنانين نور الدين وناجية الورغي إلى معاناة المسرحي الاجتماعية والاقتصادية والفنية في العموم مؤخرا مشخصة الراهن الذي يعرف غياب واضح لسياسية ثقافية.
واعتبرت النقابة الأساسية لمهن الفنون الدرامية الحكومات المتعاقبة بعد الثورة شريكة في تهميش القطاع منددة بتوظيف الفعل الثقافي لصالح البروباغندا السياسية الحاكمة.
وشدد بيان النقابة الأساسية لمهن الفنون الدرامية على أن الصعوبة المالية لمسرحيين من "أعمدة المسرح التونسي" تؤكد "معاناة أهل القطاع الفنّي وعلى رأسهم قطاع مهن الفنون الدرامية لعقود متواصلة زادتها جائحة الكورونا تدهورا خطيرا أمام تجاهل الرئاسات الثلاثة وعلى رأسها رئاسة الجمهورية والتي تنكّرت لمطالب مبدعيها وفنانينها والفاعلين في تكريس ثقافة وطنية يضمنها الدستور".
وطالبت نقابة مهن الفنون الدرامية المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل بالترفيع في ميزانية وزارة الشؤون الثقافية وميزانية ادارة المسرح لسنة 2021، استكمال مسار قانون الفنان وإخراجه من رفوف التجاذبات السياسية، إنشاء مجلس أعلى للثقافة يكفل الاستراتيجيات الثقافية على مدى قريب ومتوسط وبعيد دون التأثر بالتقلبات السياسية وتداعياتها، الترفيع في الرعاية المادية اللازمة للمشاريع الإبداعية والصناديق الداعمة، إيجاد المنظومات الكافية لرعاية وحماية الفنان اجتماعيا والحفاظ على كرامته باعتباره صانعا للثقافة والحضارة والإنسانية وضع الخطط الكافية لتحسيس القطاع الخاص بالمساهمة في رعاية الفنانين والمراهنة على إبداعاتهم.