خاضت أنيسة داود تجربة الإنتاج، الكتابة والإخراج السينمائي ومارست المسرح في "مكبث" و"حب ستوري" وكانت خلف كاميرا عدد من الأعمال الفنية عبر التنفيذ والاستشارة وتحديد التصورات ومع ذلك ظلت أنيسة داود شغوفة بمهنتها الأولى فالممثلة التونسية، التي اكتشفها الجمهور في أفلام "عرس الذيب"، "باب العرش"، "شبابيك الجنة"، "ربيع تونس"، "غدوة حي" وغيرها من الأعمال تعتبر نفسها "عصامية" في عالم الفن السابع وصانعة أفلام تبحث عن الرقي بمهنتها وتجسيد أدوار أكثر معبرة في لقائها مع "الصباح" عن استغرابها من قلة الأعمال السينمائية، التي ترشح لها بعد أن أصبحت منتجة ومخرجة أفلام.
أنيسة داود العائدة مؤخرا للسينما بالفيلم القصير "البانو" والذي حظي باهتمام رواد المهرجانات وصناعها بقضية تصنف ضمن "تابوهات الفن" والقضايا المسكوت عنها "- نسبيا- في الطرح الابداعي لمشاغل المجتمع الأسرية على غرار قضايا التحرش والاغتصاب في الوسط العائلي.
وفيلم "البانو" المندرج في هذه السياقات الفنية تمكن من منح مخرجته أنيسة داود عددا من التتويجات في جولته الفنية بين كبرى المهرجانات وكانت أحدثها التنويه الخاص من لجنة تحكيم"Unifrance" المنعقدة على هامش مهرجان كان السينمائي 2021 كما سبق وحصد الفيلم جوائزأفضل فيلم،أفضل سيناريو وأفضل إخراج وأفضل ممثل لبطله محمد الداهش في مهرجان الأفلام القصيرة في بوخارست برومانيا خلال شهر فيفري 2021 وشارك "البانو" كذلك في برنامج "أوريزونتي" بالدورة 77 من مهرجان البندقية السينمائي وكان أحد الأفلام القصيرة في مسابقة مهرجان الجونة السينمائي في الدورة المنقضية.
وفي حديثها لـ"الصباح" كشفت أنيسة داود عن منطلقاتها الأولى لمشروع "البانو"، خياراتها الفنية، عودتها للمسرح والكثير من هواجسها الابداعية والفكرية خاصة وأن الممثلة التونسية الداعمة للحركة النسوية تعرف بمواقفها الواضحة والصريحة تجاه عدد من القضايا الاجتماعية والسياسية في تونس والتي ترجمت في أعمالها وطرحها الفني.
*ماذا يمكن أن نعرف عن المنطلقات الأولى لفيلم"البانو"؟
- المنطلقات عديدة ولكن أساسا البداية كانت من خلال اللوحة الأشهر في الفن التشكيلي المسيحي الكلاسيكي وهي صورة العذراء حاملة "عيسى" وتشخيص هذه الصورة للأمومة ثم شهدت على موقع الأنستغرام أب يحتضن طفلته مصابة بالحمى في مشهد استحمام محاولا تخفيض حرارتها ومنحني هذا الالهام البصري تصور أولي لفكرة عمل يتماشى وخياراتي الفنية الباحثة في مجتمعنا ومشاغله ومع تطوير كتابة السيناريو رغبت في تغير صورة الأمومة وخلق مشهد جديد بطله الرجل في علاقة بطفله خاصة ونحن نعيش في مجتمعات متوسطية وإفريقية مبنية حول الطفل ولكن هذا الكائن الصغير يتعرض للعنف في كثير من الأحيان وشخصيا عشت حالة "التنمر" في طفولتي في محيطي المدرسي وهي نوع من العنف كما كنت شاهدة وأنا طفلة على تعرض إحدى زميلاتي للتحرش والاعتداء لذلك أعتقد أن هذه المواضيع تستفزني فنيا وأتساءل حولها ولي وعي عميق بالعنف المنتشر في مجتمعنا خاصة منه الجنسي والموجه ضد الأطفال فالعنف حاجة جذرية في التاريخ البشري كما أن علاقة الأسرة والفرد والمجموعة كانت تمثل دائما هاجسا بالنسبة لي وأتساءل عن كيفية تقييم العائلة لأفكار أحد أفرادها وكيف تسعى لحصره في إطار معين.
*في "البانو" لم نشاهد لحظة الاعتداء على الطفلفهل ترفضين تقديم المشاهد الصادمة في مثل هذا الطرح الاجتماعي للقضايا المسكوت عنها؟
*لم أرغب في تقديم لحظة الاعتداء ولست قادرة على ذلك انسانيا ونفسيا أعتبر هذه الحوادث مؤلمة جدا والجرائم تدمر كليا علاقة الضحية مع الجسد تساءلت ماذا يحدث حين يكبر هذا الطفل ويصبح بدورهأب أو أم وبطل الفيلم "عماد" (يجسده محمد الداهش) كان يشعر أنه حامل للوباء والجانب الأسود والمظلم في أعماقه ظهر للعلن حين اضطر لمجالسة طفله بسبب تغيب زوجته عن المنزل وهو الحدث، الذي جعله يواجه مخاوفه الدفينة بسبب ماتعرض له في طفولته من أقرب الناس في محيطه العائلي.
*خيار "الرجل" والطفل في قضية الاعتداء المطروحة في الفيلم هل هو مساءلة لمجتمعنا في تعامله مع جنس المعتدى عليه أنثى كانت أو ذكرا؟
- أملك هاجسا سينمائيا وسياسيا فالنسوية بالنسبة لي أن أحكي في أعمالي عن المرأة، الرجل،الأبوية والعنف المسلط على الرجال والنساء ..فالآخر الأول بالنسبة لي هو الرجل وأنا جندرية وهذا مهم ويعنيني كثيرا ولا أفضلأن يقرأ الفيلم من جانب الموضوع فقط وأعتقد أن المعتدي عليه الطفل (الذكر) يكون مسكوت عليه أكثر من الفتاة في مجتمعاتنا كما أني أحب الاعمال الفنية القائمة على حبكة درامية معقدة والتي تمنح المتابع المساحة ليقرأ العمل من وجهة نظر مختلفة.
*الترشيح الأول لدور "عماد" في الفيلمهل كان من نصيب بطله محمد الداهش؟
- صحيح دور عماد كتبته لمحمد الداهش وسبق واقترحت هذا الممثل على المخرج لطفي عاشور في فيلم "غدوة حي" وفيلم "خوذو عيني،الذي كان من إخراج مشترك لي مع عاشور فأنا أحب الممثل، الذي يستسلم للدور ولرؤية المخرج .. شخصيا وعلى غرار الداهش من هذا الصنف من الممثلين ودور "عماد" كان في حاجة لممثل غير نمطي لتقديم دور غير نمطي يغوص في أبعاد الشخصية النفسية والاجتماعية وتمكن محمد الداهش من تحقيق ذلك في تقمصه لدور الأب الذي يضع استراتجيات وتفشل ويعتمد كثيرا على زوجته ويعتبرها حاجزا يحتمي فيه في علاقته بطفله ولكن حين يكون أبا مسؤولا مباشرة عن هذا الطفل يصبح خائفا من تحوله لصورة المعتدي.
*شاهدك جمهور رمضان المنقضي في آخر مشهد من سلسلة "كان يا ماكانش" في دور يوحي بشخصية "عليسة" فهل يمكن اعتبار هذا الحضور خطوتك الأولى نحو الدراما التلفزيونية؟
- أستهلك الكثير من الانتاج التلفزيوني من مختلف دول العالم وأحب الأعمال المقتبسة من الأدب وفي السابق رفضت الكثير من الادوار التلفزيونية في تونس لاني اعتبرها نمطية وفي المحتوى السياسي لم احبذها ولا تؤيد مواقفي وهي سريعة التحضير لكن هذا القطاع تطور نسبيا في السنوات الأخيرة وأصبحت قادرة على التفاعل مع عدد من التجارب والمخرجين من بينهم عبد الحميد بوشناق كما أني منحازة للقصص والعرض خارج الموسم الرمضاني وأدعم هذا التوجه.
*المرأة المنتجة في السينما التونسية هل تعيش الصعوبات ذاتها للمنتج الرجل؟
- ككل امرأة في مختلف القطاعات الصعوبات أكبر والمنتجة سينمائية في معركة صعبة لإثبات وجودها ومكانتها. في السابق كنت أعتقد أن لا فرق بينهما لكن مع خوضي للتجربة عشت عراقيل تتعلق بهذا الجانب خاصة وأن الانتاج في تونس يحتاج لمجهودات كبيرة على أكثر من مستوى فالمنتج ينغمس في تحضير الفيلم من بداية تطوير الكتابة إلى عملية البحث عن الدعم وفتح آفاق للمشروع عبر صناديق المنح السينمائية.
*معظم الفنانين اليوم في تونس غاضبون من الوضع التشريعي والمعيشي للمهنة فماهو تقييمك لهذا الراهن التونسي ثقافيا وسياسيا؟
-الفنان في تونس أراه على غرار الصحفي يمثلان مناعة المجتمع وأعتقد أنها مناعة ضعيفة في الوقت الراهن مع وجود العنف المسلط على الصحافيين وغيرهم وأحيي في هذا السياق عمل نقابة الصحافيين والفنانين خاصة المسرحيين في التصدي لهذه السلوكيات أما معركة الفنان التونسي الكبيرة فيخوضها على مستوى التشريعات وأعتقد أن قانون الفنان غير منفصل عن بقية المشاكل، التي يعاني منها المجتمع وأولويات البلاد، التي لم تحل بعد ..فالطبقة السياسية دخلت في لعبة سياسيوية بحتة وهي موازية لثقافة "البوز" في الإعلام التونسي .. توجد بعض المحاولات لكن الفنان مازال في تونس مجرد "صورة" للتباهي من قبل الدولة رغم أن دوره الحقيقي يكون في محاربة التهميش والعنف والتطرف ويساهم في الحفاظ على الذاكرة الوطنية ودعم اللامركزية بحضوره في فعاليات وتظاهرات في مختلف مناطق البلاد .. الطبقة السياسية بيمينها ويسارها في نظري خانت مبادئها وخانت البلاد.
حاورتها: نجلاء قمّوع
تونس- الصباح
خاضت أنيسة داود تجربة الإنتاج، الكتابة والإخراج السينمائي ومارست المسرح في "مكبث" و"حب ستوري" وكانت خلف كاميرا عدد من الأعمال الفنية عبر التنفيذ والاستشارة وتحديد التصورات ومع ذلك ظلت أنيسة داود شغوفة بمهنتها الأولى فالممثلة التونسية، التي اكتشفها الجمهور في أفلام "عرس الذيب"، "باب العرش"، "شبابيك الجنة"، "ربيع تونس"، "غدوة حي" وغيرها من الأعمال تعتبر نفسها "عصامية" في عالم الفن السابع وصانعة أفلام تبحث عن الرقي بمهنتها وتجسيد أدوار أكثر معبرة في لقائها مع "الصباح" عن استغرابها من قلة الأعمال السينمائية، التي ترشح لها بعد أن أصبحت منتجة ومخرجة أفلام.
أنيسة داود العائدة مؤخرا للسينما بالفيلم القصير "البانو" والذي حظي باهتمام رواد المهرجانات وصناعها بقضية تصنف ضمن "تابوهات الفن" والقضايا المسكوت عنها "- نسبيا- في الطرح الابداعي لمشاغل المجتمع الأسرية على غرار قضايا التحرش والاغتصاب في الوسط العائلي.
وفيلم "البانو" المندرج في هذه السياقات الفنية تمكن من منح مخرجته أنيسة داود عددا من التتويجات في جولته الفنية بين كبرى المهرجانات وكانت أحدثها التنويه الخاص من لجنة تحكيم"Unifrance" المنعقدة على هامش مهرجان كان السينمائي 2021 كما سبق وحصد الفيلم جوائزأفضل فيلم،أفضل سيناريو وأفضل إخراج وأفضل ممثل لبطله محمد الداهش في مهرجان الأفلام القصيرة في بوخارست برومانيا خلال شهر فيفري 2021 وشارك "البانو" كذلك في برنامج "أوريزونتي" بالدورة 77 من مهرجان البندقية السينمائي وكان أحد الأفلام القصيرة في مسابقة مهرجان الجونة السينمائي في الدورة المنقضية.
وفي حديثها لـ"الصباح" كشفت أنيسة داود عن منطلقاتها الأولى لمشروع "البانو"، خياراتها الفنية، عودتها للمسرح والكثير من هواجسها الابداعية والفكرية خاصة وأن الممثلة التونسية الداعمة للحركة النسوية تعرف بمواقفها الواضحة والصريحة تجاه عدد من القضايا الاجتماعية والسياسية في تونس والتي ترجمت في أعمالها وطرحها الفني.
*ماذا يمكن أن نعرف عن المنطلقات الأولى لفيلم"البانو"؟
- المنطلقات عديدة ولكن أساسا البداية كانت من خلال اللوحة الأشهر في الفن التشكيلي المسيحي الكلاسيكي وهي صورة العذراء حاملة "عيسى" وتشخيص هذه الصورة للأمومة ثم شهدت على موقع الأنستغرام أب يحتضن طفلته مصابة بالحمى في مشهد استحمام محاولا تخفيض حرارتها ومنحني هذا الالهام البصري تصور أولي لفكرة عمل يتماشى وخياراتي الفنية الباحثة في مجتمعنا ومشاغله ومع تطوير كتابة السيناريو رغبت في تغير صورة الأمومة وخلق مشهد جديد بطله الرجل في علاقة بطفله خاصة ونحن نعيش في مجتمعات متوسطية وإفريقية مبنية حول الطفل ولكن هذا الكائن الصغير يتعرض للعنف في كثير من الأحيان وشخصيا عشت حالة "التنمر" في طفولتي في محيطي المدرسي وهي نوع من العنف كما كنت شاهدة وأنا طفلة على تعرض إحدى زميلاتي للتحرش والاعتداء لذلك أعتقد أن هذه المواضيع تستفزني فنيا وأتساءل حولها ولي وعي عميق بالعنف المنتشر في مجتمعنا خاصة منه الجنسي والموجه ضد الأطفال فالعنف حاجة جذرية في التاريخ البشري كما أن علاقة الأسرة والفرد والمجموعة كانت تمثل دائما هاجسا بالنسبة لي وأتساءل عن كيفية تقييم العائلة لأفكار أحد أفرادها وكيف تسعى لحصره في إطار معين.
*في "البانو" لم نشاهد لحظة الاعتداء على الطفلفهل ترفضين تقديم المشاهد الصادمة في مثل هذا الطرح الاجتماعي للقضايا المسكوت عنها؟
*لم أرغب في تقديم لحظة الاعتداء ولست قادرة على ذلك انسانيا ونفسيا أعتبر هذه الحوادث مؤلمة جدا والجرائم تدمر كليا علاقة الضحية مع الجسد تساءلت ماذا يحدث حين يكبر هذا الطفل ويصبح بدورهأب أو أم وبطل الفيلم "عماد" (يجسده محمد الداهش) كان يشعر أنه حامل للوباء والجانب الأسود والمظلم في أعماقه ظهر للعلن حين اضطر لمجالسة طفله بسبب تغيب زوجته عن المنزل وهو الحدث، الذي جعله يواجه مخاوفه الدفينة بسبب ماتعرض له في طفولته من أقرب الناس في محيطه العائلي.
*خيار "الرجل" والطفل في قضية الاعتداء المطروحة في الفيلم هل هو مساءلة لمجتمعنا في تعامله مع جنس المعتدى عليه أنثى كانت أو ذكرا؟
- أملك هاجسا سينمائيا وسياسيا فالنسوية بالنسبة لي أن أحكي في أعمالي عن المرأة، الرجل،الأبوية والعنف المسلط على الرجال والنساء ..فالآخر الأول بالنسبة لي هو الرجل وأنا جندرية وهذا مهم ويعنيني كثيرا ولا أفضلأن يقرأ الفيلم من جانب الموضوع فقط وأعتقد أن المعتدي عليه الطفل (الذكر) يكون مسكوت عليه أكثر من الفتاة في مجتمعاتنا كما أني أحب الاعمال الفنية القائمة على حبكة درامية معقدة والتي تمنح المتابع المساحة ليقرأ العمل من وجهة نظر مختلفة.
*الترشيح الأول لدور "عماد" في الفيلمهل كان من نصيب بطله محمد الداهش؟
- صحيح دور عماد كتبته لمحمد الداهش وسبق واقترحت هذا الممثل على المخرج لطفي عاشور في فيلم "غدوة حي" وفيلم "خوذو عيني،الذي كان من إخراج مشترك لي مع عاشور فأنا أحب الممثل، الذي يستسلم للدور ولرؤية المخرج .. شخصيا وعلى غرار الداهش من هذا الصنف من الممثلين ودور "عماد" كان في حاجة لممثل غير نمطي لتقديم دور غير نمطي يغوص في أبعاد الشخصية النفسية والاجتماعية وتمكن محمد الداهش من تحقيق ذلك في تقمصه لدور الأب الذي يضع استراتجيات وتفشل ويعتمد كثيرا على زوجته ويعتبرها حاجزا يحتمي فيه في علاقته بطفله ولكن حين يكون أبا مسؤولا مباشرة عن هذا الطفل يصبح خائفا من تحوله لصورة المعتدي.
*شاهدك جمهور رمضان المنقضي في آخر مشهد من سلسلة "كان يا ماكانش" في دور يوحي بشخصية "عليسة" فهل يمكن اعتبار هذا الحضور خطوتك الأولى نحو الدراما التلفزيونية؟
- أستهلك الكثير من الانتاج التلفزيوني من مختلف دول العالم وأحب الأعمال المقتبسة من الأدب وفي السابق رفضت الكثير من الادوار التلفزيونية في تونس لاني اعتبرها نمطية وفي المحتوى السياسي لم احبذها ولا تؤيد مواقفي وهي سريعة التحضير لكن هذا القطاع تطور نسبيا في السنوات الأخيرة وأصبحت قادرة على التفاعل مع عدد من التجارب والمخرجين من بينهم عبد الحميد بوشناق كما أني منحازة للقصص والعرض خارج الموسم الرمضاني وأدعم هذا التوجه.
*المرأة المنتجة في السينما التونسية هل تعيش الصعوبات ذاتها للمنتج الرجل؟
- ككل امرأة في مختلف القطاعات الصعوبات أكبر والمنتجة سينمائية في معركة صعبة لإثبات وجودها ومكانتها. في السابق كنت أعتقد أن لا فرق بينهما لكن مع خوضي للتجربة عشت عراقيل تتعلق بهذا الجانب خاصة وأن الانتاج في تونس يحتاج لمجهودات كبيرة على أكثر من مستوى فالمنتج ينغمس في تحضير الفيلم من بداية تطوير الكتابة إلى عملية البحث عن الدعم وفتح آفاق للمشروع عبر صناديق المنح السينمائية.
*معظم الفنانين اليوم في تونس غاضبون من الوضع التشريعي والمعيشي للمهنة فماهو تقييمك لهذا الراهن التونسي ثقافيا وسياسيا؟
-الفنان في تونس أراه على غرار الصحفي يمثلان مناعة المجتمع وأعتقد أنها مناعة ضعيفة في الوقت الراهن مع وجود العنف المسلط على الصحافيين وغيرهم وأحيي في هذا السياق عمل نقابة الصحافيين والفنانين خاصة المسرحيين في التصدي لهذه السلوكيات أما معركة الفنان التونسي الكبيرة فيخوضها على مستوى التشريعات وأعتقد أن قانون الفنان غير منفصل عن بقية المشاكل، التي يعاني منها المجتمع وأولويات البلاد، التي لم تحل بعد ..فالطبقة السياسية دخلت في لعبة سياسيوية بحتة وهي موازية لثقافة "البوز" في الإعلام التونسي .. توجد بعض المحاولات لكن الفنان مازال في تونس مجرد "صورة" للتباهي من قبل الدولة رغم أن دوره الحقيقي يكون في محاربة التهميش والعنف والتطرف ويساهم في الحفاظ على الذاكرة الوطنية ودعم اللامركزية بحضوره في فعاليات وتظاهرات في مختلف مناطق البلاد .. الطبقة السياسية بيمينها ويسارها في نظري خانت مبادئها وخانت البلاد.