خصص منتدى الفكر التنويري التونسي سهرة الثلاثاء 2 أفريل للاحتفاء بالروائي الكبير حسنين بن عمو الذي يتواصل تكريمه من خلال هذه الندوة الفكرية التي تقام على مدى يومين.
وساهم في إثراء هذه المسامرة الرمضانية الأولى كوكبة من فرسان القلم من كتاب وشعراء وأدباء وباحثين جامعيين ونقاد مختصين في السرديات، وقد أدارت الحوار الجامعية الدكتورة جليلة الطريطر.
في كلمة تقديمية لهذا اللقاء الذي أقيم بقاعة صوفي القلي بمدينة الثقافة، ذكّر رئيس المنتدى الكاتب والباحث محمد المي، بأن هذا المنتدى مخصص لتكريم من راكموا إنتاجهم المعرفي، وتسليط الضوء على إنتاجهم الأدبي والفكري. وأعلن عن إصدار الكتاب الثالث والثلاثين في سلسلة "أعلام الثقافة التونسية" التي خصصت لتكريم المفكرين والروائيين ولكتاب القصة والشعر وغيرهم من المبدعين.
كاتب متفرد لكن..
وقدم محمد المي لمحة موجزة عن المحتفى به حسنين بن عمو معتبرا أنه لم يجد المتابعة النقدية المواكبة لغزارة إنتاجه، كما انتقد غياب التوثيق لمسيرة هذا المبدع الكبير الذي يعتبر "ظاهرة بمفرده في المشهد الروائي التونسي إذ اختط لنفسه طريقا مخصوصا سار فيه بمفرده". ولئن عرف بكتابة الرواية التاريخية فإنه أيضا كتب السيناريو وهو فنان تشكيلي أقام معارض شخصية وشارك في معارض جماعية.
وخصصت المداخلات لتسليط الضوء على التجربة السردية لحسنين بن عمو من خلال نماذج لأعماله. فقدم الأستاذ الجامعي المختص في اللسانيات بكلية الاداب والفنون والانسانيات بمنوبة، الدكتور توفيق العلوي قراءة في "الكروسة" وهي مجموعة قصصية لحسنين بن عمو، وتناول بالبحث "فخاخ السرد" وأنواعها وكيفية مخادعتها للقارئ، مبينا أن هذا الأسلوب يكشف عن طريقة إبداعية في الكتابة القصصية تخاتل القارئ بأساليب فنية متنوعة وتجسد القدرات الإبداعية لحسنين بن عمو. واعتبر توفيق العلوي أن
هذا المبدع علم من أعلام تونس لكنه لم ينل الحظوة التي يجب أن يكون عليها، محملا مسؤولية هذا التقصير للجامعة التونسية.
بين التاريخ والرواية
أما الشاعر منصف الوهايبي فقد قدم قراءة لرواية "باب الفلة" واعتبرها "رواية الأبواب والعتبات والسواكف" وبين أن نصوص حسنين بن عمو تلوح توثيقية مستدلا على ذلك ببعض أبطال باب الفلة التي وصفها بالرواية "الشهرزادية" اذ أن كل شخصية هي ساردة تقص وتحكي، كما أن السارد بمثابة شهريار.
وبين أن باب الفلة هو نص أدبي قصصي تاريخي يعيدنا الى قضية الأدب الوثائقي أو الكتابة التوثيقية التي تلوح أحيانا أقرب الى الريبورتاج وفق توصيفه، مؤكدا على أن حسنين بن عمو قرأ تاريخ
تونس قراءة جيدة متمعنة وعميقة، وجعل هذا التاريخ منطلقا لكتاباته السردية التخييلية.
كتابات هذا المبدع التونسي الذي يلقبه البعض بجرجي زيدان تونس، هي نصوص محيرة تزدحم بالشخصيات والأفعال، هكذا رآها الكاتب مصطفى الكيلاني، الذي قدم مداخلة تساءل فيها هل نكتب التاريخ بالرواية أم نكتب الرواية بالتاريخ ؟ وانطلق من العلاقة بين الرواية والتاريخ بحسب منظري التاريخ والمفكرين به على غرار "بول فاين" و"رينهارت كوزيلاك"، قبل أن يعرج على "فهرس الرواية التونسية" لأحمد ممو، وغيره مبرزا ان نشأة الرواية التونسية ارتبطت بكتابة التاريخ أو هي كانت مدفوعة بذلك. وأشار الى العلاقة بين لعبة النظم الحكائي والتاريخ والحبكة في الرواية التاريخية.
وتحدث الكيلاني عن رواية عام الفزوع معتبرا أن ثورة علي بن غذاهم مثلت حدثا تاريخيا مرجعيا حتى للشخصية التونسية الفردية والجمعية. وخلص إلى أن النهج المتبع في كتابة الرواية لدى بن عمو
لا يخرج عن التنادي والتصادي بين السردين الروائي والتاريخي ضمن
سرد واحد مشترك يصعب الفصل من خلاله بين التخييل الروائي والواقع التاريخي وفق تعبيره
الأزمات التاريخية...والشخصيات الهامشية
أما الجامعي والكاتب سمير المسعودي فقد قدم قراءة زمنية في مجمل أعمل المحتفى به، مشيرا الى أن جميع الروايات يجمع بينها قاسم مشترك هو الأزمات التي مرت بها تونس في مختلف الفترات، فضلا عن خلق قصص حب متشابكة تخترق كل قصص وروايات حسنين بن عمو. ولفت الى أن كل أعمال هذا المبدع، الذي تصدر كتابة الرواية التاريخية في تونس، فيها انتصار للوظيفة التخييلية على حساب الزمن. فالزمن ليس سوى أرضية ينطلق منها لبناء الأحداث، كما لاحظ انتصار حسنين بن عمو للشخصيات الهامشية وجعلها أبطال رواياته وقصصه.
ولئن جمع بين كل رواياته هذه القواسم المشتركة، فإن "الغروب الخالد" تعد رواية متفردة وفق سمير المسعودي حيث اعتبر أن هذه الرواية التي اختار حسنين بن عمو أن يجعل من العلامة ابن خلدون بطلها، باعتبارها رواية سيرة، تختلف عن بقية الأعمال رغم أنها تشترك معها في تسليط الضوء على إحدى الأزمات وهي بداية الانهيار الكامل شرقا وغربا.
ابن خلدون شخصية متعالية
وتفاعل المبدع حسنين بن عمو مع مختلف القراءات التي قدمها المتدخلون، متحدثا عن ظروف كتابته لسيرة ابن خلدون، هذا العلامة الذي قال ان "الكتابة عنه وعن خير الدين باشا لا تستهويني لأنهما شخصيتان متعاليتين، يلعبان بالسياسة والتاريخ" قبل أن يكشف عن ملابسات عدوله عن قراره، وتغيير رأيه بكتابته لسيرة العلامة، بما تضمنته هذه السيرة من مغامرات تكشف عن الوجه الآخر
الشخصي لهذا المؤرخ.
فرصة محاورة الكاتب الروائي الكبير حسنين بن عمو والاستماع إلى هذا المبدع المتفرد، المختص في كتابة الرواية التاريخية والحديث عن منجزه الإبداعي، تتواصل في سهرة الأربعاء بقاعة صوفي القلي بمدينة الثقافة انطلاقا من التاسعة مساء ضمن اليوم الثاني والأخير للندوة الفكرية التكريمية التي ينظمها منتدى الفكر التنويري التونسي.
خصص منتدى الفكر التنويري التونسي سهرة الثلاثاء 2 أفريل للاحتفاء بالروائي الكبير حسنين بن عمو الذي يتواصل تكريمه من خلال هذه الندوة الفكرية التي تقام على مدى يومين.
وساهم في إثراء هذه المسامرة الرمضانية الأولى كوكبة من فرسان القلم من كتاب وشعراء وأدباء وباحثين جامعيين ونقاد مختصين في السرديات، وقد أدارت الحوار الجامعية الدكتورة جليلة الطريطر.
في كلمة تقديمية لهذا اللقاء الذي أقيم بقاعة صوفي القلي بمدينة الثقافة، ذكّر رئيس المنتدى الكاتب والباحث محمد المي، بأن هذا المنتدى مخصص لتكريم من راكموا إنتاجهم المعرفي، وتسليط الضوء على إنتاجهم الأدبي والفكري. وأعلن عن إصدار الكتاب الثالث والثلاثين في سلسلة "أعلام الثقافة التونسية" التي خصصت لتكريم المفكرين والروائيين ولكتاب القصة والشعر وغيرهم من المبدعين.
كاتب متفرد لكن..
وقدم محمد المي لمحة موجزة عن المحتفى به حسنين بن عمو معتبرا أنه لم يجد المتابعة النقدية المواكبة لغزارة إنتاجه، كما انتقد غياب التوثيق لمسيرة هذا المبدع الكبير الذي يعتبر "ظاهرة بمفرده في المشهد الروائي التونسي إذ اختط لنفسه طريقا مخصوصا سار فيه بمفرده". ولئن عرف بكتابة الرواية التاريخية فإنه أيضا كتب السيناريو وهو فنان تشكيلي أقام معارض شخصية وشارك في معارض جماعية.
وخصصت المداخلات لتسليط الضوء على التجربة السردية لحسنين بن عمو من خلال نماذج لأعماله. فقدم الأستاذ الجامعي المختص في اللسانيات بكلية الاداب والفنون والانسانيات بمنوبة، الدكتور توفيق العلوي قراءة في "الكروسة" وهي مجموعة قصصية لحسنين بن عمو، وتناول بالبحث "فخاخ السرد" وأنواعها وكيفية مخادعتها للقارئ، مبينا أن هذا الأسلوب يكشف عن طريقة إبداعية في الكتابة القصصية تخاتل القارئ بأساليب فنية متنوعة وتجسد القدرات الإبداعية لحسنين بن عمو. واعتبر توفيق العلوي أن
هذا المبدع علم من أعلام تونس لكنه لم ينل الحظوة التي يجب أن يكون عليها، محملا مسؤولية هذا التقصير للجامعة التونسية.
بين التاريخ والرواية
أما الشاعر منصف الوهايبي فقد قدم قراءة لرواية "باب الفلة" واعتبرها "رواية الأبواب والعتبات والسواكف" وبين أن نصوص حسنين بن عمو تلوح توثيقية مستدلا على ذلك ببعض أبطال باب الفلة التي وصفها بالرواية "الشهرزادية" اذ أن كل شخصية هي ساردة تقص وتحكي، كما أن السارد بمثابة شهريار.
وبين أن باب الفلة هو نص أدبي قصصي تاريخي يعيدنا الى قضية الأدب الوثائقي أو الكتابة التوثيقية التي تلوح أحيانا أقرب الى الريبورتاج وفق توصيفه، مؤكدا على أن حسنين بن عمو قرأ تاريخ
تونس قراءة جيدة متمعنة وعميقة، وجعل هذا التاريخ منطلقا لكتاباته السردية التخييلية.
كتابات هذا المبدع التونسي الذي يلقبه البعض بجرجي زيدان تونس، هي نصوص محيرة تزدحم بالشخصيات والأفعال، هكذا رآها الكاتب مصطفى الكيلاني، الذي قدم مداخلة تساءل فيها هل نكتب التاريخ بالرواية أم نكتب الرواية بالتاريخ ؟ وانطلق من العلاقة بين الرواية والتاريخ بحسب منظري التاريخ والمفكرين به على غرار "بول فاين" و"رينهارت كوزيلاك"، قبل أن يعرج على "فهرس الرواية التونسية" لأحمد ممو، وغيره مبرزا ان نشأة الرواية التونسية ارتبطت بكتابة التاريخ أو هي كانت مدفوعة بذلك. وأشار الى العلاقة بين لعبة النظم الحكائي والتاريخ والحبكة في الرواية التاريخية.
وتحدث الكيلاني عن رواية عام الفزوع معتبرا أن ثورة علي بن غذاهم مثلت حدثا تاريخيا مرجعيا حتى للشخصية التونسية الفردية والجمعية. وخلص إلى أن النهج المتبع في كتابة الرواية لدى بن عمو
لا يخرج عن التنادي والتصادي بين السردين الروائي والتاريخي ضمن
سرد واحد مشترك يصعب الفصل من خلاله بين التخييل الروائي والواقع التاريخي وفق تعبيره
الأزمات التاريخية...والشخصيات الهامشية
أما الجامعي والكاتب سمير المسعودي فقد قدم قراءة زمنية في مجمل أعمل المحتفى به، مشيرا الى أن جميع الروايات يجمع بينها قاسم مشترك هو الأزمات التي مرت بها تونس في مختلف الفترات، فضلا عن خلق قصص حب متشابكة تخترق كل قصص وروايات حسنين بن عمو. ولفت الى أن كل أعمال هذا المبدع، الذي تصدر كتابة الرواية التاريخية في تونس، فيها انتصار للوظيفة التخييلية على حساب الزمن. فالزمن ليس سوى أرضية ينطلق منها لبناء الأحداث، كما لاحظ انتصار حسنين بن عمو للشخصيات الهامشية وجعلها أبطال رواياته وقصصه.
ولئن جمع بين كل رواياته هذه القواسم المشتركة، فإن "الغروب الخالد" تعد رواية متفردة وفق سمير المسعودي حيث اعتبر أن هذه الرواية التي اختار حسنين بن عمو أن يجعل من العلامة ابن خلدون بطلها، باعتبارها رواية سيرة، تختلف عن بقية الأعمال رغم أنها تشترك معها في تسليط الضوء على إحدى الأزمات وهي بداية الانهيار الكامل شرقا وغربا.
ابن خلدون شخصية متعالية
وتفاعل المبدع حسنين بن عمو مع مختلف القراءات التي قدمها المتدخلون، متحدثا عن ظروف كتابته لسيرة ابن خلدون، هذا العلامة الذي قال ان "الكتابة عنه وعن خير الدين باشا لا تستهويني لأنهما شخصيتان متعاليتين، يلعبان بالسياسة والتاريخ" قبل أن يكشف عن ملابسات عدوله عن قراره، وتغيير رأيه بكتابته لسيرة العلامة، بما تضمنته هذه السيرة من مغامرات تكشف عن الوجه الآخر
الشخصي لهذا المؤرخ.
فرصة محاورة الكاتب الروائي الكبير حسنين بن عمو والاستماع إلى هذا المبدع المتفرد، المختص في كتابة الرواية التاريخية والحديث عن منجزه الإبداعي، تتواصل في سهرة الأربعاء بقاعة صوفي القلي بمدينة الثقافة انطلاقا من التاسعة مساء ضمن اليوم الثاني والأخير للندوة الفكرية التكريمية التي ينظمها منتدى الفكر التنويري التونسي.
