إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

غدا إحياء الذكرى 54 لوفاة الزعيم الوطني أحمد التليلي.. نجله رضا التليلي لـ"الصباح": الذاكرة السياسية مفقودة وهناك من يحاول فسخها !

 

تونس – الصباح

يحيي الإتحاد العام التونسي للشغل ومؤسسة أحمد التليلي للثقافة الديمقراطية، غدا الجمعة، الذكرى 54 لوفاة الزعيم الوطني أحمد التليلي من خلال تنظيم ندوة فكرية بعنوان "الزعيم أحمد التليلي بين الثورة الوطنية والثورة الديمقراطية"..

أحمد التليلي، الزعيم الوطني والنقابي، الفريد في أفكاره وتوجهاته وإيمانه الكبير بضرورة وجود مشروع ديمقراطية لتونس بعد الحصول على الاستقلال، كان لـ"الصباح" حوارا مع نجله رضا التليلي، المدير التنفيذي لمؤسسة أحمد التليلي لنشر الثقافة الديمقراطية، والذي حدثنا بإسهاب عن أفكاره والده الزعيم الراحل والذي لو تم أخذها بعين الاعتبار لكانت تونس عاصمة إفريقيا وقائدة قاطرتها في الديمقراطية، كما كان يحلم بذلك الزعيم الراحل.

رضا التليلي قال عن الزعيم، أحمد التليلي، أنه من الشخصيات السابقة لأوانها، مؤكدا أن احمد التليلي لو كان من تونس العاصمة أو أحد مدن الساحل لكان نال أكثر اعترافا من الدولة، قائلا: "هو من الجنوب التونسي، من قفصة تحديدا.. وقفصة لها قضايا خصوصية في علاقة بالمناجم أو في علاقة بمراحل التمرد على السلطة المركزية، كما وانه فكريا خارج صف الطبقة السياسية ومن ناحية الدراسة فقد درس في الجزائر ولم يدرس في فرنسا ككل النخبة السياسية.. هو عاش في الجزائر وكان صديقا للقيادات التاريخية للثورة الجزائرية.. كل ذلك جعل منه شخصية لها خصوصيات تنفرد بها بالمقارنة مع جيل زعماء الحركة الوطنية".

واليوم تحاول، مؤسسة احمد التليلي لنشر الثقافة الديمقراطية التي يشرف عليها الأستاذ مصطفى التليلي، العمل بقوة على نشر الثقافة الديمقراطية وهو الهدف الوحيد الذي تعمل من أجله وتسعى اليه، ويقول رضا التليلي عن ذلك: "أعيد حرفيا ما قاله أحمد التليلي لا يمكن ان تكون هناك ديمقراطية دون ثقافة ديمقراطية وهذا ما حاولت المؤسسة فعله منذ بداية الثورة وقد تقدمنا بطلبات للحكومة ولوزارة الثقافة حتى نقوم بحملات لنشر الثقافة الديمقراطية، كما راسلت الرئيس السابق لمجلس نواب الشعب محمد الناصر حتى نؤمن حلقات نقاش للنواب لنشر الثقافة الديمقراطية.. ولكن للأسف لم يحصل ذلك.. وما نراه اليوم من فوضى في البرلمان هو نتيجة لغياب الثقافة الديمقراطية، لا نستطيع دون ثقافة ديمقراطية أن ننجح في إرساء مجتمع ديمقراطي" .

وفي هذا الحوار لـ"الصباح" تحدث نجل الزعيم الراحل أحمد التليلي، عن مناقبه وخصاله كشخصية وطنية قيادية، معرجا عن الاحتفال بذكراه غدا وبرنامج هذه الاحتفالية التي سيحضرها الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي وعدد من القيادات النقابية التاريخية وكل المؤمنين بمشروع أحمد التليلي في الديمقراطية .

*إحياء الذكرى 54 لوفاة الزعيم الوطني أحمد التليلي، يأتي هذه السنة في سياقات ذات خصوصية، لو تحدثنا قليلا عن برنامج الاحتفال بهذه الذكرى؟

الاحتفال بذكرى وفاة الزعيم أحمد التليلي الذي توفي في فرنسا سنة 1967، لها عدة دلالات، أولا هو احتفال بذكرى زعيم وطني، وقائد لحركة مسلحة وهو من بادر بطرح مشروع لنظام ديمقراطي في تونس، بداية من سنة 1963 وفي هذا السياق يتنزل عنوان الندوة الفكرية التي ستعقد بمناسبة الذكرى، غدا الجمعة، وهو "الزعيم أحمد التليلي بين الثورة الوطنية والثورة الديمقراطية" وهو يلخص تقريبا حياته، حيث كان يعتبر أن الاستقلال محطة ستؤدي إلى بناء مجتمع ديمقراطي واقتصاد تضامني، خلافا إلى عديد القادة السياسيين آنذاك سواء في الحزب أو في الاتحاد، حيث كان يعتقد أن الاستقلال مجرد محطة وليس نهاية المسار.. بالنسبة للذكرى نحن اعتدنا ان نحييها سنويا في قفصة وفي تونس، ولكن هذه السنة لأن الوضع خاص بسبب جائحة كورونا، اقتصرنا على الاحتفال بالذكرى في تونس فقط ولكن الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة سيقيم تظاهرة ..

*ماذا يمكن أن نعرف أكثر عن تجربة أحمد التليلي؟

ستكون هناك ندوة فكرية، من خلال مداخلات قيمة لخبراء ومختصين وباحثين لإبراز خصوصية هذه الشخصية، في الطبقة السياسية والنقابية، وهذه الخصوصيات سيتحدث عنها الأستاذ مصطفى التليلي، من خلال تجربة أحمد التليلي كقائد نقابي وكقائد سياسي، ثم قاد الحركة المسلحة في تونس وفي الجزائر، وكان لديه إيمان كبير بضرورة دعم الشعوب الإفريقية في سعيها إلى الاستقلال وهو كذلك مؤسس أول فيدرالية نقابية في إفريقيا.. وكان أيضا على المستوى الوطني ضد منع الأحزاب ودافع عن الحزب الشيوعي والحزب القديم، سواء كان ذلك في الديوان السياسي وحتى في البرلمان كما كان ضد ضم النقابات صلب الحزب الواحد في سنة 1964 وكان ضد مواصلة الانتخابات الرئاسية بنفس الطريقة، واقترح وقتها منهجية ثابتة من أجل نجاح الانتقال الديمقراطي. وهذا ما سيفسره الأستاذ مصطفى التليلي حول المنهجية التي اقترحها احمد التليلي لتخرج تونس من الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية والحياة الديمقراطية وخاصة بناء اقتصاد تضامني ..

*ماذا يقصد أحمد التليلي بالاقتصاد التضامني؟

الاقتصاد التضامني كان مبنيا على تأسيس التعاضديات المهنية والنقابية والتعاونيات النقابية بما في ذلك المجال البنكي واقترح أن يؤسس "بنك الشعب" لكن بعد ذلك كل أملاك الاتحاد افتكت من طرف الحكومة .

المهم دائما في إحياء الذكرى هو إبراز تصوره للانتقال الديمقراطي وأنا اعتقد، وليس لأن أحمد التليلي والدي، لو أن بعض السياسيين اطلعوا على هذه الوثائق واخذوا بعض نصائح أحمد التليلي لما كنا وصلنا أبدا إلى هذه الأزمة .

*لو كان أحمد التليلي موجودا زمن الثورة على ماذا كان سيراهن في مرحلة الانتقال الديمقراطي؟

يراهن على بناء أحزاب لها جذور تاريخية لا يؤمن بالأحزاب التي تصنع على عجل لاعتبارات انتخابية ..هو كان يعتقد أن الأحزاب التي لها جذور سياسية، تكون متجذرة في وطنيتها، كان يؤمن بوجود ثلاثة أحزاب تمثل كل التيارات الفكرية، حزب وسطي هو الحزب الدستوري التونسي، وحزب تقدمي يساري هو الحزب الشيوعي، وحزب محافظ هو الحزب القديم.. كان إذن يراهن على ثلاثة أحزاب لها جذور ولم يكن يعتبر أن الإسلام يستطيع أن يكون ظاهرة سياسية، هو كان يرى ان الحزب المحافظ يمكن أن يستوعب كل تلك الأفكار المحافظة أو القديمة.. وبالتالي أحمد التليلي راهن في المرحلة الأولى للانتقال الديمقراطي أن تكون متكونة من ثلاث أحزاب كبرى.. والمرحلة الثانية من هذا الانتقال يمكن فيها فتح الباب لكل الأحزاب ولكن على شرط ان تؤسس لانتقال ديمقراطي في منهج ثابت .

كما أنه كان يعتقد أن تنقيح الدستور وإبراز التعددية السياسية وكان يعتقد ان الفترة الأولى للانتقال الديمقراطي لا يتجاوز الثمانين نائبا وهذا العدد مفهوم في ذلك الوقت لأن تونس كانت أقل تعدادا سكانيا من اليوم، ويقول ان هؤلاء النواب يجب يكون جزء منهم يمثل الأحزاب وجزء آخر يمثل الجهات لأنه كان يرى أن الأحزاب تجنح نحو المركزية وتتناسى مشاغل الجهات، ولكن يبقى المهم في فكر أحمد التليلي هو أن أي نظام يفرض تصوره للحكم أو الديمقراطية فانه يفشل بالضرورة، يرى انه يجب تشريك الشعب في تصور نظام الحكم منذ البداية.. كما يرى أن السياسية ارتبطت بالمال فان الانتقال الديمقراطي يفشل .

*هل تعتقد أن الطبقة السياسية اليوم مطلعة على أفكار أحمد التليلي؟

للأسف لا.. التقيت منذ مدة بنائبة بمجلس نواب الشعب تجهل تماما من هو احمد التليلي، هنا الموضوع أعمق، وهو أن الذاكرة السياسية باتت مفقودة ناهيك وان هناك شخصيات وأحزاب سياسية تحاول اليوم فسخ هذه الذاكرة، وكأنه لم يوجد في تونس تاريخ سياسي، هناك قصد لإحداث فراغ تاريخي لإفساح المجال للمرجعيات الجديدة المرتبطة بخارج والتي لها تصور لا ديمقراطي.. اليوم ليس هناك أي حزب يطرح مسألة الاقتصادي التضامني رغم حاجتنا الملحة إليه ورغم انه يمكن اعتباره جزءا من استحقاقات الثورة ..كما وانه ليس هناك حزب اليوم يطرح مسألة فصل السياسية عن المال، كما وانه ليس هناك حزب يكترث ويهتم للجهات .

*كيف تحكم على الواقع السياسي اليوم؟

كنت أتصور أن الأحزاب الموجودة وخاصة التي لها ارث تاريخي هي أحزاب وطنية بامتياز وانه رغم الأخطاء ستبقى هذه الأحزاب لها حس وطني عال ومرتبطة بالمشروع الوطني في بعده الاجتماعي والاقتصادي مثل العدالة الاجتماعية والاقتصاد التضامني، لكن الواقع الحالي هو وجود أحزاب ليس لها جذور تاريخية ولديها كذلك امتدادات خارجية وليس لديها تصور بشأن الاقتصاد التضامني، لا تستطيع إرساء برلمان يكون ممثلا حقيقيا للشعب وليس لجهات النفوذ المالي التي مولت هذه الأحزاب.

 

حوار منية العرفاوي

غدا إحياء الذكرى 54 لوفاة الزعيم الوطني أحمد التليلي.. نجله رضا التليلي لـ"الصباح": الذاكرة السياسية مفقودة وهناك من يحاول فسخها !

 

تونس – الصباح

يحيي الإتحاد العام التونسي للشغل ومؤسسة أحمد التليلي للثقافة الديمقراطية، غدا الجمعة، الذكرى 54 لوفاة الزعيم الوطني أحمد التليلي من خلال تنظيم ندوة فكرية بعنوان "الزعيم أحمد التليلي بين الثورة الوطنية والثورة الديمقراطية"..

أحمد التليلي، الزعيم الوطني والنقابي، الفريد في أفكاره وتوجهاته وإيمانه الكبير بضرورة وجود مشروع ديمقراطية لتونس بعد الحصول على الاستقلال، كان لـ"الصباح" حوارا مع نجله رضا التليلي، المدير التنفيذي لمؤسسة أحمد التليلي لنشر الثقافة الديمقراطية، والذي حدثنا بإسهاب عن أفكاره والده الزعيم الراحل والذي لو تم أخذها بعين الاعتبار لكانت تونس عاصمة إفريقيا وقائدة قاطرتها في الديمقراطية، كما كان يحلم بذلك الزعيم الراحل.

رضا التليلي قال عن الزعيم، أحمد التليلي، أنه من الشخصيات السابقة لأوانها، مؤكدا أن احمد التليلي لو كان من تونس العاصمة أو أحد مدن الساحل لكان نال أكثر اعترافا من الدولة، قائلا: "هو من الجنوب التونسي، من قفصة تحديدا.. وقفصة لها قضايا خصوصية في علاقة بالمناجم أو في علاقة بمراحل التمرد على السلطة المركزية، كما وانه فكريا خارج صف الطبقة السياسية ومن ناحية الدراسة فقد درس في الجزائر ولم يدرس في فرنسا ككل النخبة السياسية.. هو عاش في الجزائر وكان صديقا للقيادات التاريخية للثورة الجزائرية.. كل ذلك جعل منه شخصية لها خصوصيات تنفرد بها بالمقارنة مع جيل زعماء الحركة الوطنية".

واليوم تحاول، مؤسسة احمد التليلي لنشر الثقافة الديمقراطية التي يشرف عليها الأستاذ مصطفى التليلي، العمل بقوة على نشر الثقافة الديمقراطية وهو الهدف الوحيد الذي تعمل من أجله وتسعى اليه، ويقول رضا التليلي عن ذلك: "أعيد حرفيا ما قاله أحمد التليلي لا يمكن ان تكون هناك ديمقراطية دون ثقافة ديمقراطية وهذا ما حاولت المؤسسة فعله منذ بداية الثورة وقد تقدمنا بطلبات للحكومة ولوزارة الثقافة حتى نقوم بحملات لنشر الثقافة الديمقراطية، كما راسلت الرئيس السابق لمجلس نواب الشعب محمد الناصر حتى نؤمن حلقات نقاش للنواب لنشر الثقافة الديمقراطية.. ولكن للأسف لم يحصل ذلك.. وما نراه اليوم من فوضى في البرلمان هو نتيجة لغياب الثقافة الديمقراطية، لا نستطيع دون ثقافة ديمقراطية أن ننجح في إرساء مجتمع ديمقراطي" .

وفي هذا الحوار لـ"الصباح" تحدث نجل الزعيم الراحل أحمد التليلي، عن مناقبه وخصاله كشخصية وطنية قيادية، معرجا عن الاحتفال بذكراه غدا وبرنامج هذه الاحتفالية التي سيحضرها الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي وعدد من القيادات النقابية التاريخية وكل المؤمنين بمشروع أحمد التليلي في الديمقراطية .

*إحياء الذكرى 54 لوفاة الزعيم الوطني أحمد التليلي، يأتي هذه السنة في سياقات ذات خصوصية، لو تحدثنا قليلا عن برنامج الاحتفال بهذه الذكرى؟

الاحتفال بذكرى وفاة الزعيم أحمد التليلي الذي توفي في فرنسا سنة 1967، لها عدة دلالات، أولا هو احتفال بذكرى زعيم وطني، وقائد لحركة مسلحة وهو من بادر بطرح مشروع لنظام ديمقراطي في تونس، بداية من سنة 1963 وفي هذا السياق يتنزل عنوان الندوة الفكرية التي ستعقد بمناسبة الذكرى، غدا الجمعة، وهو "الزعيم أحمد التليلي بين الثورة الوطنية والثورة الديمقراطية" وهو يلخص تقريبا حياته، حيث كان يعتبر أن الاستقلال محطة ستؤدي إلى بناء مجتمع ديمقراطي واقتصاد تضامني، خلافا إلى عديد القادة السياسيين آنذاك سواء في الحزب أو في الاتحاد، حيث كان يعتقد أن الاستقلال مجرد محطة وليس نهاية المسار.. بالنسبة للذكرى نحن اعتدنا ان نحييها سنويا في قفصة وفي تونس، ولكن هذه السنة لأن الوضع خاص بسبب جائحة كورونا، اقتصرنا على الاحتفال بالذكرى في تونس فقط ولكن الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة سيقيم تظاهرة ..

*ماذا يمكن أن نعرف أكثر عن تجربة أحمد التليلي؟

ستكون هناك ندوة فكرية، من خلال مداخلات قيمة لخبراء ومختصين وباحثين لإبراز خصوصية هذه الشخصية، في الطبقة السياسية والنقابية، وهذه الخصوصيات سيتحدث عنها الأستاذ مصطفى التليلي، من خلال تجربة أحمد التليلي كقائد نقابي وكقائد سياسي، ثم قاد الحركة المسلحة في تونس وفي الجزائر، وكان لديه إيمان كبير بضرورة دعم الشعوب الإفريقية في سعيها إلى الاستقلال وهو كذلك مؤسس أول فيدرالية نقابية في إفريقيا.. وكان أيضا على المستوى الوطني ضد منع الأحزاب ودافع عن الحزب الشيوعي والحزب القديم، سواء كان ذلك في الديوان السياسي وحتى في البرلمان كما كان ضد ضم النقابات صلب الحزب الواحد في سنة 1964 وكان ضد مواصلة الانتخابات الرئاسية بنفس الطريقة، واقترح وقتها منهجية ثابتة من أجل نجاح الانتقال الديمقراطي. وهذا ما سيفسره الأستاذ مصطفى التليلي حول المنهجية التي اقترحها احمد التليلي لتخرج تونس من الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية والحياة الديمقراطية وخاصة بناء اقتصاد تضامني ..

*ماذا يقصد أحمد التليلي بالاقتصاد التضامني؟

الاقتصاد التضامني كان مبنيا على تأسيس التعاضديات المهنية والنقابية والتعاونيات النقابية بما في ذلك المجال البنكي واقترح أن يؤسس "بنك الشعب" لكن بعد ذلك كل أملاك الاتحاد افتكت من طرف الحكومة .

المهم دائما في إحياء الذكرى هو إبراز تصوره للانتقال الديمقراطي وأنا اعتقد، وليس لأن أحمد التليلي والدي، لو أن بعض السياسيين اطلعوا على هذه الوثائق واخذوا بعض نصائح أحمد التليلي لما كنا وصلنا أبدا إلى هذه الأزمة .

*لو كان أحمد التليلي موجودا زمن الثورة على ماذا كان سيراهن في مرحلة الانتقال الديمقراطي؟

يراهن على بناء أحزاب لها جذور تاريخية لا يؤمن بالأحزاب التي تصنع على عجل لاعتبارات انتخابية ..هو كان يعتقد أن الأحزاب التي لها جذور سياسية، تكون متجذرة في وطنيتها، كان يؤمن بوجود ثلاثة أحزاب تمثل كل التيارات الفكرية، حزب وسطي هو الحزب الدستوري التونسي، وحزب تقدمي يساري هو الحزب الشيوعي، وحزب محافظ هو الحزب القديم.. كان إذن يراهن على ثلاثة أحزاب لها جذور ولم يكن يعتبر أن الإسلام يستطيع أن يكون ظاهرة سياسية، هو كان يرى ان الحزب المحافظ يمكن أن يستوعب كل تلك الأفكار المحافظة أو القديمة.. وبالتالي أحمد التليلي راهن في المرحلة الأولى للانتقال الديمقراطي أن تكون متكونة من ثلاث أحزاب كبرى.. والمرحلة الثانية من هذا الانتقال يمكن فيها فتح الباب لكل الأحزاب ولكن على شرط ان تؤسس لانتقال ديمقراطي في منهج ثابت .

كما أنه كان يعتقد أن تنقيح الدستور وإبراز التعددية السياسية وكان يعتقد ان الفترة الأولى للانتقال الديمقراطي لا يتجاوز الثمانين نائبا وهذا العدد مفهوم في ذلك الوقت لأن تونس كانت أقل تعدادا سكانيا من اليوم، ويقول ان هؤلاء النواب يجب يكون جزء منهم يمثل الأحزاب وجزء آخر يمثل الجهات لأنه كان يرى أن الأحزاب تجنح نحو المركزية وتتناسى مشاغل الجهات، ولكن يبقى المهم في فكر أحمد التليلي هو أن أي نظام يفرض تصوره للحكم أو الديمقراطية فانه يفشل بالضرورة، يرى انه يجب تشريك الشعب في تصور نظام الحكم منذ البداية.. كما يرى أن السياسية ارتبطت بالمال فان الانتقال الديمقراطي يفشل .

*هل تعتقد أن الطبقة السياسية اليوم مطلعة على أفكار أحمد التليلي؟

للأسف لا.. التقيت منذ مدة بنائبة بمجلس نواب الشعب تجهل تماما من هو احمد التليلي، هنا الموضوع أعمق، وهو أن الذاكرة السياسية باتت مفقودة ناهيك وان هناك شخصيات وأحزاب سياسية تحاول اليوم فسخ هذه الذاكرة، وكأنه لم يوجد في تونس تاريخ سياسي، هناك قصد لإحداث فراغ تاريخي لإفساح المجال للمرجعيات الجديدة المرتبطة بخارج والتي لها تصور لا ديمقراطي.. اليوم ليس هناك أي حزب يطرح مسألة الاقتصادي التضامني رغم حاجتنا الملحة إليه ورغم انه يمكن اعتباره جزءا من استحقاقات الثورة ..كما وانه ليس هناك حزب اليوم يطرح مسألة فصل السياسية عن المال، كما وانه ليس هناك حزب يكترث ويهتم للجهات .

*كيف تحكم على الواقع السياسي اليوم؟

كنت أتصور أن الأحزاب الموجودة وخاصة التي لها ارث تاريخي هي أحزاب وطنية بامتياز وانه رغم الأخطاء ستبقى هذه الأحزاب لها حس وطني عال ومرتبطة بالمشروع الوطني في بعده الاجتماعي والاقتصادي مثل العدالة الاجتماعية والاقتصاد التضامني، لكن الواقع الحالي هو وجود أحزاب ليس لها جذور تاريخية ولديها كذلك امتدادات خارجية وليس لديها تصور بشأن الاقتصاد التضامني، لا تستطيع إرساء برلمان يكون ممثلا حقيقيا للشعب وليس لجهات النفوذ المالي التي مولت هذه الأحزاب.

 

حوار منية العرفاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews