دعت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري رئيسة الحكومة إلى حوار صريح مع الفاعلين في قطاع الإعلام والإعلان عن رؤيتها لمستقبل الإعلام في تونس والمجاهرة بتصورها لوظيفته في منظومة الحكم.
وفي التالي نص البلاغ:
"تابعت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بكل انشغال التطورات الأخيرة التي شهدها ولا يزال قطاع الإعلام في تونس خاصة ما تعلّق منها بالتتبعات القضائية التي طالت صحفيين وإعلاميين ناهيك عن الوضع المالي والاجتماعي المتردّي لعدد من المؤسسات الإعلامية. وهو وضع كانت الهيئة قد نبهت من خطورته ومن مغبة أن يصبح أمرا واقعا خاصة أمام النهج المدمر الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة ومن ورائها الأحزاب السياسية النافذة على مدى العشر سنوات الماضية والتي لم تحرك ساكنا رغم ما كشفته الهيئة من شبهات فساد مالي وسياسي مدعمة بوثائق رسمية وبتقارير رصد ومعاينة.
إن الهيئة، وإذ تُشدد على تشبثها بمكسب حرية التعبير واستقلالية المؤسسات الإعلامية واستقرارها وديمومتها، فإنها تُندد بالإجراءات التعسفية التي طالت صحافيين ومؤسسات، وتدعو رئيسة الحكومة إلى حوار صريح مع الفاعلين في القطاع والإعلان عن رؤيتها لمستقبل الإعلام في تونس والمجاهرة بتصورها لوظيفته في منظومة الحكم.
ولئن تشدد الهيئة على رفضها لهذا النهج المتعارض مع المعايير الأساسية لحرية التعبير فإنها لا تستغرب هذه المآلات الناتجة عن السياسات المرتبكة للحكومة لا فقط في التعاطي مع ملف الإعلام ككل بل في التعاطي أيضا مع ملف الهيئة التعديلية من خلال تهميشها وعرقلتها عن القيام بدورها إلى حد فرض رقابة إدارية علي أعمالها حيث طالت يدها الجهاز الإداري للهيئة وحولت المسؤول على الإدارة إلى أداة لعزلها عن منظوريها من خلال وضع اليد على مكتب الضبط ومصادرة ختم الهيئة ومنع صدور المراسلات والقرارات، وهو ما يعتبر مسا سافرا من استقلاليتها واستحواذا صريحا على صلاحياتها التقريرية.
كما أنّه، وفي إطار اتفاق بين الهيئة ورئاسة الجمهورية بتاريخ 22 مارس 2021، تمّ تكوين فريق عمل مشهود له بالنزاهة والكفاءة لتدقيق ملفات القنوات غير القانونية، وكان من المنتظر أن يكون مشروع 25 جويلية بداية دفع جديدة لمسار الانتقال الديمقراطي وترسيخا لدعائم الدولة المدنية الديمقراطية ومن أهمها حرية الصحافة وتعدد وسائل الإعلام وتنوعها واستقلاليتها إلا أن النهج الذي اتبعته السلطة التنفيذية بعد ذلك تحول إلى انتكاسة حقيقية وتراجع واضح عن أهم مكتسبات الثورة وهي حرية التعبير والصحافة.
إنّ المخاوف التي عبّرت عنها الهيئة في أكثر من مناسبة حول تراجع حرية التعبير والصحافة قد أصبحت يقينا تؤكده الوقائع، من ذلك تتبع الصحافيين وفق المرسوم عدد 54 الذي وُظّف كأداة لتكميم الأفواه وإعادة إنتاج ثقافة الخوف والرقابة الذاتية، وكذلك محاكمتهم خارج الإطار القانوني المنظم للعمل الصحفي وصلت حدّ إصدار أحكام سالبة للحرية ضدّ بعضهم، هذا بالإضافة إلى أن بعض هذه القضايا قد رفعت مباشرة من قبل أعضاء في الحكومة ضدّ من أبدوا آراءً في إطار مهني يستجيب لقواعد العمل الصحفي وأخلاقياته.
هذا، وتُنبه الهيئة أعضاء مجلس نواب الشعب إلى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم وتدعوهم إلى تبني مبادرات تشريعية تكرس خيار التعديل وتحقق استقلالية المؤسسات الإعلامية وعلى رأسها الإعلام العمومي وتضع حدّا للعود به إلى مربع الإعلام الحكومي الذي كان سائدا خلال النظام البائد."
دعت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري رئيسة الحكومة إلى حوار صريح مع الفاعلين في قطاع الإعلام والإعلان عن رؤيتها لمستقبل الإعلام في تونس والمجاهرة بتصورها لوظيفته في منظومة الحكم.
وفي التالي نص البلاغ:
"تابعت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بكل انشغال التطورات الأخيرة التي شهدها ولا يزال قطاع الإعلام في تونس خاصة ما تعلّق منها بالتتبعات القضائية التي طالت صحفيين وإعلاميين ناهيك عن الوضع المالي والاجتماعي المتردّي لعدد من المؤسسات الإعلامية. وهو وضع كانت الهيئة قد نبهت من خطورته ومن مغبة أن يصبح أمرا واقعا خاصة أمام النهج المدمر الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة ومن ورائها الأحزاب السياسية النافذة على مدى العشر سنوات الماضية والتي لم تحرك ساكنا رغم ما كشفته الهيئة من شبهات فساد مالي وسياسي مدعمة بوثائق رسمية وبتقارير رصد ومعاينة.
إن الهيئة، وإذ تُشدد على تشبثها بمكسب حرية التعبير واستقلالية المؤسسات الإعلامية واستقرارها وديمومتها، فإنها تُندد بالإجراءات التعسفية التي طالت صحافيين ومؤسسات، وتدعو رئيسة الحكومة إلى حوار صريح مع الفاعلين في القطاع والإعلان عن رؤيتها لمستقبل الإعلام في تونس والمجاهرة بتصورها لوظيفته في منظومة الحكم.
ولئن تشدد الهيئة على رفضها لهذا النهج المتعارض مع المعايير الأساسية لحرية التعبير فإنها لا تستغرب هذه المآلات الناتجة عن السياسات المرتبكة للحكومة لا فقط في التعاطي مع ملف الإعلام ككل بل في التعاطي أيضا مع ملف الهيئة التعديلية من خلال تهميشها وعرقلتها عن القيام بدورها إلى حد فرض رقابة إدارية علي أعمالها حيث طالت يدها الجهاز الإداري للهيئة وحولت المسؤول على الإدارة إلى أداة لعزلها عن منظوريها من خلال وضع اليد على مكتب الضبط ومصادرة ختم الهيئة ومنع صدور المراسلات والقرارات، وهو ما يعتبر مسا سافرا من استقلاليتها واستحواذا صريحا على صلاحياتها التقريرية.
كما أنّه، وفي إطار اتفاق بين الهيئة ورئاسة الجمهورية بتاريخ 22 مارس 2021، تمّ تكوين فريق عمل مشهود له بالنزاهة والكفاءة لتدقيق ملفات القنوات غير القانونية، وكان من المنتظر أن يكون مشروع 25 جويلية بداية دفع جديدة لمسار الانتقال الديمقراطي وترسيخا لدعائم الدولة المدنية الديمقراطية ومن أهمها حرية الصحافة وتعدد وسائل الإعلام وتنوعها واستقلاليتها إلا أن النهج الذي اتبعته السلطة التنفيذية بعد ذلك تحول إلى انتكاسة حقيقية وتراجع واضح عن أهم مكتسبات الثورة وهي حرية التعبير والصحافة.
إنّ المخاوف التي عبّرت عنها الهيئة في أكثر من مناسبة حول تراجع حرية التعبير والصحافة قد أصبحت يقينا تؤكده الوقائع، من ذلك تتبع الصحافيين وفق المرسوم عدد 54 الذي وُظّف كأداة لتكميم الأفواه وإعادة إنتاج ثقافة الخوف والرقابة الذاتية، وكذلك محاكمتهم خارج الإطار القانوني المنظم للعمل الصحفي وصلت حدّ إصدار أحكام سالبة للحرية ضدّ بعضهم، هذا بالإضافة إلى أن بعض هذه القضايا قد رفعت مباشرة من قبل أعضاء في الحكومة ضدّ من أبدوا آراءً في إطار مهني يستجيب لقواعد العمل الصحفي وأخلاقياته.
هذا، وتُنبه الهيئة أعضاء مجلس نواب الشعب إلى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم وتدعوهم إلى تبني مبادرات تشريعية تكرس خيار التعديل وتحقق استقلالية المؤسسات الإعلامية وعلى رأسها الإعلام العمومي وتضع حدّا للعود به إلى مربع الإعلام الحكومي الذي كان سائدا خلال النظام البائد."