إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

جنات بن عبد الله لـ"الصباح نيوز": "السلطة التشريعية مهدت لتدهور الاقتصاد التونسي"

في خضم الزيادات التي كانت منتظرة، تتواتر ردود الفعل من المواطنين وأطراف سياسية ومنظمات وطنية بشأن هذه الزيادات المتعاقبة التي تنخرط في إطار الإصلاحات الهيكلية التي يقرها صندوق النقد الدولي مع البلدان التي تعاني ازمة مالية يترجمها العجز المتفاقم في الميزانية.

وقد ارتات الحكومات المتعاقبة اتباع سياسة تقشف تجسدت من خلال الضغط على نفقات الحكومة والتقليص من كتلة الأجور.

رزنامة إصلاحات تم تثبيتها مع مجلس نواب الشعب خلال السنوات الأخيرة في مناقشات ميزانية الدولة منذ 2013.

وفي اعتبار الخبيرة في مجال الاقتصاد، جنات بن عبد الله، فان ما حدث اليوم من زيادات ليس الا المرحلة ما قبل الأخيرة للقضاء على الدعم الحكومي للمواد الاستهلاكية للبرنامج الإصلاحي الذي توجهت به حكومة هشام المشيشي في بداية شهر ماي الماضي الى واشنطن.

وتقول جنات بن عبد الله معلقة على هذه الخطوات:" يدعي بعض السياسيين، خاصة من نواب البرلمان انهم يستغربون الزيادات في حين ان السلطة التشريعية نفسها هي التي اقرت مثل هذه الزيادات في ميزانيات الدولة التي مرت لمصادقة مجلس نواب الشعب خلال السنوات الأخيرة. والأحزاب التي كانت في الصدارة ومنها حركة النهضة، ذات الأغلبية البرلمانية في كل الحكومات المتعاقبة هي من تتحمل الجزء الأكبر من تبعات هذه الزيادات التي يراها المواطن مجحفة.."

وتفيد المعطيات المضمنة داخل البرنامج الإصلاحي انه في افق سنة 2024 سيقع رفع الدعم نهائيا وستتجه ميزانية الدولة الى استبدال استراتيجية الدعم بتحويلات اجتماعية لا تتجاوز 940 مليون دينار تونسي.

لذلك فان ما نراه اليوم من ردود أفعال المنظمات الوطنية والأحزاب سيما منها الأحزاب التي تمثل حزاما لحكومة هشام المشيشي، لا تمت للواقع بصلة فهذه الزيادات منتظرة منذ زمن بعيد والحكومة الحالية تعتبر ان هذا التوجه هو المنقذ الوحيد والخيار الأخير الذي قد يمكنها من الإصلاحات المرجوة من صندوق النقد الدولي.

غير ان جنات بن عبد الله تعتبر انه يوجد خيارات وبدائل أخرى امام الحكومة لعل أهمها القطع مع المقاربة المالية الصرف لميزانية الدولة ودعم الدور التنموي والاقتصادي للدولة وإعادة الاعتبار لدور الدولة في إنعاش الاقتصاد.

وتضيف جنات بن عبد الله في حديثها عن ملف الزيادات:"السلطة التشريعية هي من تقف وراء ما وصلت اليه تونس من تدهور اقتصادي من خلال مصادقة مجلس نواب الشعب في كل مرة على موازنات مالية فرضها صندوق النقد الدولي على تونس منذ 2013 الى غاية شهر افريل 2021 وحركة النهضة بوصفها أغلبية داخل البرلمان التونسي لعشرية كاملة هي من صادقت على هذه التوجهات ومنها أيضا قانون البنك المركزي...".

وفي ذات السياق، تعتبر الخبيرة في مجال الاقتصاد جنات بن عبد الله انه وقع استدراج الدولة التونسية منذ الثورة الى اليوم الى هذا الوضع المتردي على خلفية إصلاحات هيكيلية عمقت الازمة المالية وأدت الى ضعف الدولة لعجزها المتكرر على سداد ديونها والتوجه نحو سياسة الاقتراض ما خلق من تونس سوقا استهلاكية عاجزة عن خلق الثروة داخليا.

هل نحن على شفا حفرة من سيناريو بداية الثمانينات.. لكن؟

يخشى بعض المتأملين للوضع الاقتصادي والاجتماعي العام من ان تعيش تونس ازمة اجتماعية حادة بسبب اعتماد الدولة لسياسة التقشف، ويرى البعض ان تونس قد تعيش مرة ثانية ثورة الخبز التي شهدتها بداية الثمانينات.

فمن مدينة دوز بالجنوب التونسي انطلقت يوم 29 ديسمبر 1983 بمناسبة السوق الأسبوعية الشرارة الأولى لانتفاضة الخبز بعد ذلك انتشرت المظاهرات وأدت الى مواجهات بين المتظاهرين وقوات النظام العام مظاهرات جابت مدن البلاد لتبلغ ذروتها في جانفي 1984 مع دخول مشروع الزيادة في العجين ومشتقاته في غرة جوان 1984.

فهل تقف تونس إذا، وبالعودة الى هذه الحيثيات التاريخية، على فوهة انفجار اجتماعي؟ وهل سيكون لهذه السياسة في رفع الدعم التدريجي تبعات على مستوى الاستقرار الاجتماعي؟

سؤال تعتبر جنات بن عبد الله انه يصعب تكهنه في ظل التململ الحالي والدعوة الى تحركات اجتماعية ضد غلاء الأسعار.

غير ان بن عبد الله تعتبر ان الظروف اليوم تختلف عن ظروف الامس وان الحيثيات الحالية مختلفة عما عاشته تونس بداية الثمانينات، في المقابل تعتقد اعتقادا راسخا ان الوضع سيكون اكثر صعوبة وان الانفجار الاجتماعي الذي قد تخلفه هذه الزيادات سيفوق التوقعات.

فقد كان الاتحاد الأوروبي منذ بداية الثورة "سخيا" في مد تونس بالقروض والهبات وهو ما عمق تبعية الاقتصاد التونسي وساهم في تعميق نسب المديونية، سياسة ترى جنات بن عبد الله انها ساهمت بشكل كبير في تحويل السوق التونسية الى متنفس للسوق الأوروبية وهي على حد اعتبارها سياسة متواصلة ولازالت ستتعمق بسبب ما سنصل له من رفع للدعم بما سيصعب على المواطن العيش الكريم وتوفير اساسيات الحياة.

وتفيد جنات بن عبد الله، في هذا السياق، ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي مؤهل للتصعيد لأننا كما تصف بن عبد الله وصلنا الى مرحلة "تفكيك الدولة الوطنية وتدمير ميزانية الدولة بسياسات تقشف استمرت منذ ثمانينات القرن الماضي..."

وتعتبر جنات بن عبد انه لا يمكن المقارنة بين ما يحصل اليوم وازمة الخبز التي حصلت في بداية الثمانينات لان صندوق النقد الدولي لم يكن حاضرا في ذلك العهد حين اندلعت انتفاضة الخبز سنة 1984 .

كما انه لم يكن هناك مناخ او قوانين للاستثمار تفتح الباب امام تحكم المديونية في السياسات الداخلية للبلاد التونسية.

تقول الخبيرة في مجال الاقتصاد جنات بن عبد الله: "المناخ الاستثماري اليوم مهيأ لاستحواذ الشركات العالمية على مقدرات الدولة من خلال نصوص قانونية للاستثمار بما يعني ان الاستحواذ على مقدرات البلاد بتزكية من هياكل الدولة ذاتها...لقد ساهمت الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي على غرار اتفاقية 1995 في تدمير النسيج الصناعي التونسي.."

وبالتوازي مع ذلك يرى بعض خبراء الاقتصاد أيضا ان قانون الاستثمار لسنة 2016 وقانون تحسين الاستثمار لسنة 2019 يساعد على مزيد التعمق في هذه المديونية التي من شانها ان تدفع الى مزيد تدهور الاقتصاد التونسي.

مبروكة خذير

 

 جنات بن عبد الله لـ"الصباح نيوز": "السلطة التشريعية مهدت لتدهور الاقتصاد التونسي"

في خضم الزيادات التي كانت منتظرة، تتواتر ردود الفعل من المواطنين وأطراف سياسية ومنظمات وطنية بشأن هذه الزيادات المتعاقبة التي تنخرط في إطار الإصلاحات الهيكلية التي يقرها صندوق النقد الدولي مع البلدان التي تعاني ازمة مالية يترجمها العجز المتفاقم في الميزانية.

وقد ارتات الحكومات المتعاقبة اتباع سياسة تقشف تجسدت من خلال الضغط على نفقات الحكومة والتقليص من كتلة الأجور.

رزنامة إصلاحات تم تثبيتها مع مجلس نواب الشعب خلال السنوات الأخيرة في مناقشات ميزانية الدولة منذ 2013.

وفي اعتبار الخبيرة في مجال الاقتصاد، جنات بن عبد الله، فان ما حدث اليوم من زيادات ليس الا المرحلة ما قبل الأخيرة للقضاء على الدعم الحكومي للمواد الاستهلاكية للبرنامج الإصلاحي الذي توجهت به حكومة هشام المشيشي في بداية شهر ماي الماضي الى واشنطن.

وتقول جنات بن عبد الله معلقة على هذه الخطوات:" يدعي بعض السياسيين، خاصة من نواب البرلمان انهم يستغربون الزيادات في حين ان السلطة التشريعية نفسها هي التي اقرت مثل هذه الزيادات في ميزانيات الدولة التي مرت لمصادقة مجلس نواب الشعب خلال السنوات الأخيرة. والأحزاب التي كانت في الصدارة ومنها حركة النهضة، ذات الأغلبية البرلمانية في كل الحكومات المتعاقبة هي من تتحمل الجزء الأكبر من تبعات هذه الزيادات التي يراها المواطن مجحفة.."

وتفيد المعطيات المضمنة داخل البرنامج الإصلاحي انه في افق سنة 2024 سيقع رفع الدعم نهائيا وستتجه ميزانية الدولة الى استبدال استراتيجية الدعم بتحويلات اجتماعية لا تتجاوز 940 مليون دينار تونسي.

لذلك فان ما نراه اليوم من ردود أفعال المنظمات الوطنية والأحزاب سيما منها الأحزاب التي تمثل حزاما لحكومة هشام المشيشي، لا تمت للواقع بصلة فهذه الزيادات منتظرة منذ زمن بعيد والحكومة الحالية تعتبر ان هذا التوجه هو المنقذ الوحيد والخيار الأخير الذي قد يمكنها من الإصلاحات المرجوة من صندوق النقد الدولي.

غير ان جنات بن عبد الله تعتبر انه يوجد خيارات وبدائل أخرى امام الحكومة لعل أهمها القطع مع المقاربة المالية الصرف لميزانية الدولة ودعم الدور التنموي والاقتصادي للدولة وإعادة الاعتبار لدور الدولة في إنعاش الاقتصاد.

وتضيف جنات بن عبد الله في حديثها عن ملف الزيادات:"السلطة التشريعية هي من تقف وراء ما وصلت اليه تونس من تدهور اقتصادي من خلال مصادقة مجلس نواب الشعب في كل مرة على موازنات مالية فرضها صندوق النقد الدولي على تونس منذ 2013 الى غاية شهر افريل 2021 وحركة النهضة بوصفها أغلبية داخل البرلمان التونسي لعشرية كاملة هي من صادقت على هذه التوجهات ومنها أيضا قانون البنك المركزي...".

وفي ذات السياق، تعتبر الخبيرة في مجال الاقتصاد جنات بن عبد الله انه وقع استدراج الدولة التونسية منذ الثورة الى اليوم الى هذا الوضع المتردي على خلفية إصلاحات هيكيلية عمقت الازمة المالية وأدت الى ضعف الدولة لعجزها المتكرر على سداد ديونها والتوجه نحو سياسة الاقتراض ما خلق من تونس سوقا استهلاكية عاجزة عن خلق الثروة داخليا.

هل نحن على شفا حفرة من سيناريو بداية الثمانينات.. لكن؟

يخشى بعض المتأملين للوضع الاقتصادي والاجتماعي العام من ان تعيش تونس ازمة اجتماعية حادة بسبب اعتماد الدولة لسياسة التقشف، ويرى البعض ان تونس قد تعيش مرة ثانية ثورة الخبز التي شهدتها بداية الثمانينات.

فمن مدينة دوز بالجنوب التونسي انطلقت يوم 29 ديسمبر 1983 بمناسبة السوق الأسبوعية الشرارة الأولى لانتفاضة الخبز بعد ذلك انتشرت المظاهرات وأدت الى مواجهات بين المتظاهرين وقوات النظام العام مظاهرات جابت مدن البلاد لتبلغ ذروتها في جانفي 1984 مع دخول مشروع الزيادة في العجين ومشتقاته في غرة جوان 1984.

فهل تقف تونس إذا، وبالعودة الى هذه الحيثيات التاريخية، على فوهة انفجار اجتماعي؟ وهل سيكون لهذه السياسة في رفع الدعم التدريجي تبعات على مستوى الاستقرار الاجتماعي؟

سؤال تعتبر جنات بن عبد الله انه يصعب تكهنه في ظل التململ الحالي والدعوة الى تحركات اجتماعية ضد غلاء الأسعار.

غير ان بن عبد الله تعتبر ان الظروف اليوم تختلف عن ظروف الامس وان الحيثيات الحالية مختلفة عما عاشته تونس بداية الثمانينات، في المقابل تعتقد اعتقادا راسخا ان الوضع سيكون اكثر صعوبة وان الانفجار الاجتماعي الذي قد تخلفه هذه الزيادات سيفوق التوقعات.

فقد كان الاتحاد الأوروبي منذ بداية الثورة "سخيا" في مد تونس بالقروض والهبات وهو ما عمق تبعية الاقتصاد التونسي وساهم في تعميق نسب المديونية، سياسة ترى جنات بن عبد الله انها ساهمت بشكل كبير في تحويل السوق التونسية الى متنفس للسوق الأوروبية وهي على حد اعتبارها سياسة متواصلة ولازالت ستتعمق بسبب ما سنصل له من رفع للدعم بما سيصعب على المواطن العيش الكريم وتوفير اساسيات الحياة.

وتفيد جنات بن عبد الله، في هذا السياق، ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي مؤهل للتصعيد لأننا كما تصف بن عبد الله وصلنا الى مرحلة "تفكيك الدولة الوطنية وتدمير ميزانية الدولة بسياسات تقشف استمرت منذ ثمانينات القرن الماضي..."

وتعتبر جنات بن عبد انه لا يمكن المقارنة بين ما يحصل اليوم وازمة الخبز التي حصلت في بداية الثمانينات لان صندوق النقد الدولي لم يكن حاضرا في ذلك العهد حين اندلعت انتفاضة الخبز سنة 1984 .

كما انه لم يكن هناك مناخ او قوانين للاستثمار تفتح الباب امام تحكم المديونية في السياسات الداخلية للبلاد التونسية.

تقول الخبيرة في مجال الاقتصاد جنات بن عبد الله: "المناخ الاستثماري اليوم مهيأ لاستحواذ الشركات العالمية على مقدرات الدولة من خلال نصوص قانونية للاستثمار بما يعني ان الاستحواذ على مقدرات البلاد بتزكية من هياكل الدولة ذاتها...لقد ساهمت الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي على غرار اتفاقية 1995 في تدمير النسيج الصناعي التونسي.."

وبالتوازي مع ذلك يرى بعض خبراء الاقتصاد أيضا ان قانون الاستثمار لسنة 2016 وقانون تحسين الاستثمار لسنة 2019 يساعد على مزيد التعمق في هذه المديونية التي من شانها ان تدفع الى مزيد تدهور الاقتصاد التونسي.

مبروكة خذير

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews