ليست زيارة حكومة لحكومة جديدة، بل هي زيارة رئاسية بامتياز..
مرفوقا بوزير خارجيته وصل رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد اليوم الى ليبيا في اول زيارة من نوعها لرئيس تونسي الى القطر الليبي منذ 2012، السنة التي توجه فيها الرئيس السابق المنصف المرزوقي الى الجارة الجنوبية.
اليوم عايشنا مسارا ديمقراطيا ناشئا في ليبيا يستقبل مسارا ديمقراطيا متعثرا في تونس، مسار انقطعت به الطريق.. فليبيا التي تشهد اليوم انفراجا كبيرا بعد سنوات من التناحر الداخلي، أصبحت قبلة آمنة بعد ان أدت حكومة الوحدة الوطنية الجديدة اليمين وتم تسليم السلطة في كنف السلمية من فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، الى رئيس المجلس الرئاسي الجديد في ليبيا محمد المنفي.
والثابت ان ليبيا شريك تجاري مميز لتونس اذ ما فتئت المبادلات التجارية تتطور بين البلدين منذ 2011 حيث تصدر تونس الى ليبيا مواد أساسية وتستورد منها مواد استهلاكية بأسعار بخسة. كما تنتعش تجارة المناطق الحدودية مع ليبيا كلما هدأت الظروف الأمنية في ليبيا.
وفي وقت يتعثر فيه المسار الديمقراطي في تونس، وتغرق فيه سدة السياسة في أزمات متلاحقة، نتابع ليبيا اليوم وهي تضع لبنة أولى لمسار ديمقراطي بخطوات ثابتة اولها الاتفاق حول حكومة وحدة وطنية وفي الطرف المقابل تخشى فيه تونس الخروج عن وحدتها التي طالما نظر اليها الليبيون نظرة الاعجاب.
وساهمت تونس بشكل كبير في مسار المفاوضات بين الفرقاء الليبيين باستضافتها نهاية 2020 مندوبين ليبيين اجتمعوا برعاية الأمم المتحدة في إطار ملتقى الحوار السياسي الذي أفضى إلى تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة في ليبيا. وها نحن اليوم ننظر باعجاب الى ما توصل اليه الليبيون من اتفاق كنا نحسبه غير ممكن... ننظر الى التطورات القادمة من هناك، وفي قلوب التونسيين حسرة على ما وصل اليه الفرقاء السياسيون من قطيعة بلغت حد توجه رئيس الجمهورية لوحده الى ليبيا، دون ان يصطحب معه أي ممثل عن الحكومة التونسية باستثناء وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي في إشارة الى عمق الشرخ بين الرئاستين: رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.
ولكن بعيدا عن منطق الحسرة فان زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد تعدّ خطوة دبلوماسية في الاتجاه الصحيح فالثابت ان انتعاش الاقتصاد التونسي يكمن في انتعاش السوق الليبي.. حيث تعد ليبيا تاريخيا الشريك الأول لتونس عربيا وافريقيا وهي خامس شريك اقتصادي بعد فرنسا وإيطاليا واسبانيا اذ تستوعب السوق الليبية سبعين بالمائة من الصادرات التونسية سنويا علاوة على السوق الموازية التي تشكل أكثر من نصف المبادلات التجارية بين البلدين.
وعلاوة على المبادلات التجارية فان إعادة اعمار ليبيا اليوم يحتاج ليد عاملة تونسية تراجع عددها مقارنة بسنوات ما قبل الثورة.
كل هذه المعطيات تبين حقيقة ان عودة الاستقرار لليبيا مسالة إيجابية ستدعم اقتصادنا التونسي ولكن السؤال المطروح اليوم: هل ينجح مشروع الشراكة الليبية مع رئيس الجمهورية لوحده بمنأى عن الحكومة ..الا تحتاج مثل هذه الزيارات إرادة سياسية موحدة بين حكومة ورئاسة يفترض ان يتفقا مسبقا على استراتيجية تعاون مع الجارة ليبيا؟؟
وما يمكن ان نستخلصه اليوم ان تونس تشهد سياسة عرجاء وعلاقات متعثرة بين هياكل الدولة وهذا الصراع السياسي الداخلي لن يكون عاملا لشراكة جديدة مع ليبيا التي تتجه نحو الاندماج فيما نتجه نحن نحو تطاحن وصراع خطير ومشاحنات وتعدي على هيبة الدولة.
مبروكة خذير
ليست زيارة حكومة لحكومة جديدة، بل هي زيارة رئاسية بامتياز..
مرفوقا بوزير خارجيته وصل رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد اليوم الى ليبيا في اول زيارة من نوعها لرئيس تونسي الى القطر الليبي منذ 2012، السنة التي توجه فيها الرئيس السابق المنصف المرزوقي الى الجارة الجنوبية.
اليوم عايشنا مسارا ديمقراطيا ناشئا في ليبيا يستقبل مسارا ديمقراطيا متعثرا في تونس، مسار انقطعت به الطريق.. فليبيا التي تشهد اليوم انفراجا كبيرا بعد سنوات من التناحر الداخلي، أصبحت قبلة آمنة بعد ان أدت حكومة الوحدة الوطنية الجديدة اليمين وتم تسليم السلطة في كنف السلمية من فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، الى رئيس المجلس الرئاسي الجديد في ليبيا محمد المنفي.
والثابت ان ليبيا شريك تجاري مميز لتونس اذ ما فتئت المبادلات التجارية تتطور بين البلدين منذ 2011 حيث تصدر تونس الى ليبيا مواد أساسية وتستورد منها مواد استهلاكية بأسعار بخسة. كما تنتعش تجارة المناطق الحدودية مع ليبيا كلما هدأت الظروف الأمنية في ليبيا.
وفي وقت يتعثر فيه المسار الديمقراطي في تونس، وتغرق فيه سدة السياسة في أزمات متلاحقة، نتابع ليبيا اليوم وهي تضع لبنة أولى لمسار ديمقراطي بخطوات ثابتة اولها الاتفاق حول حكومة وحدة وطنية وفي الطرف المقابل تخشى فيه تونس الخروج عن وحدتها التي طالما نظر اليها الليبيون نظرة الاعجاب.
وساهمت تونس بشكل كبير في مسار المفاوضات بين الفرقاء الليبيين باستضافتها نهاية 2020 مندوبين ليبيين اجتمعوا برعاية الأمم المتحدة في إطار ملتقى الحوار السياسي الذي أفضى إلى تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة في ليبيا. وها نحن اليوم ننظر باعجاب الى ما توصل اليه الليبيون من اتفاق كنا نحسبه غير ممكن... ننظر الى التطورات القادمة من هناك، وفي قلوب التونسيين حسرة على ما وصل اليه الفرقاء السياسيون من قطيعة بلغت حد توجه رئيس الجمهورية لوحده الى ليبيا، دون ان يصطحب معه أي ممثل عن الحكومة التونسية باستثناء وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي في إشارة الى عمق الشرخ بين الرئاستين: رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.
ولكن بعيدا عن منطق الحسرة فان زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد تعدّ خطوة دبلوماسية في الاتجاه الصحيح فالثابت ان انتعاش الاقتصاد التونسي يكمن في انتعاش السوق الليبي.. حيث تعد ليبيا تاريخيا الشريك الأول لتونس عربيا وافريقيا وهي خامس شريك اقتصادي بعد فرنسا وإيطاليا واسبانيا اذ تستوعب السوق الليبية سبعين بالمائة من الصادرات التونسية سنويا علاوة على السوق الموازية التي تشكل أكثر من نصف المبادلات التجارية بين البلدين.
وعلاوة على المبادلات التجارية فان إعادة اعمار ليبيا اليوم يحتاج ليد عاملة تونسية تراجع عددها مقارنة بسنوات ما قبل الثورة.
كل هذه المعطيات تبين حقيقة ان عودة الاستقرار لليبيا مسالة إيجابية ستدعم اقتصادنا التونسي ولكن السؤال المطروح اليوم: هل ينجح مشروع الشراكة الليبية مع رئيس الجمهورية لوحده بمنأى عن الحكومة ..الا تحتاج مثل هذه الزيارات إرادة سياسية موحدة بين حكومة ورئاسة يفترض ان يتفقا مسبقا على استراتيجية تعاون مع الجارة ليبيا؟؟
وما يمكن ان نستخلصه اليوم ان تونس تشهد سياسة عرجاء وعلاقات متعثرة بين هياكل الدولة وهذا الصراع السياسي الداخلي لن يكون عاملا لشراكة جديدة مع ليبيا التي تتجه نحو الاندماج فيما نتجه نحن نحو تطاحن وصراع خطير ومشاحنات وتعدي على هيبة الدولة.