أعلن الناشط الحقوقي والوزير المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني (في حكومة الرئيس الثانية حكومة الياس الفخفاخ السابقة) المحامي العياشي الهمامي عن تأسيس الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية.
وكشف الأستاذ العياشي الهمامي عن الهيئة التأسيسية لهذا المكون الحقوقي والذي يتكون من جملة من الناشطين الحقوقيين وأعضاء سابقين من الهيئة المديرة لرابطة حقوق الإنسان على غرار صلاح الدين الجورشي ورشيد خشانة بالإضافة الى الباحث الدكتور شاكر الحوكي والأستاذة عُلا بن نجمة والإعلامي زياد الهاني.
وقال الهمامي أمس في ندوة صحفية للهيئة بأحد النزل بالعاصمة "ان فكرة تأسيس الهيئة انطلقت منذ استيلاء رئيس الجمهورية على السلطة وسيطرته عن الحكم وخرقه الفاضح للحقوق والحريات منذ 25 جويلية والهجوم غير المتوقع على النشطاء السياسيين والمدونين والصحفيين على حد السواء".
مسؤولية مشتركة
واعتبر الهمامي "أن معاينة الوضع السياسي والحقوقي للتونسيين أكدت أن ما حصل في تونس يوم 25 جويلية انقلاب على الدستور وعلى مكتسبات الثورة بعد ان وجد سعيد في فشل الحكومات المتعاقبة مطية للقيام بمغامرته السياسية الانقلابية والذهاب بالبلاد الى استفتاء غير قانوني ولا دستوري."
وأضاف الهمامي انه لا يستثني احدا وان كل الأطراف ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة".
وبين المتحدث أن فكرة بعث الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية جاءت للدفاع عن حقوق ضحايا الانتهاكات وخاصة مساندة القضاة في معركة استقلال القضاء وإرجاع المسار الديمقراطي رغم هناته واخلالاته وتجاوزها والاتجاه الى حوار وطني حقيقيا".
واستنتج الهمامي "أن الحقوق والحريات شهدت تراجعا خطيرا على أكثر من صعيد، فتمّ وضع العديد من الشخصيات العامة قيد الإقامة الجبرية، ووقع المس بحق السفر قبل الحصول على إذن قضائي، وصدرت بطاقات جلب في حقّ عدد من التونسيين، كان من أبرزهم الرئيس السابق المنصف المرزوقي، على خلفيّة موقفه المناهض للانقلاب."
على يسار الرابطة
ومن الملاحظ أن مهام الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية ووفق الكشف الأولي لمهامها أنها تتقاطع حقوقيا مع مهام الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
ويدفع بعث الهيئة الوطنية في هذه الفترة بالذات للتساؤل هل ستنجح الهيئة الجديدة في تعويض الرابطة التي يصفها منخرطوها قبل خصومها بتراجع مهامها منذ 25/7 .؟
وفي واقع الأمر تتعرض الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الى حملة انتقادات واسعة وذلك بسبب ما اعتبره البعض صمتها المطبق إزاء ما يحصل في تونس وقبولها الواضح بالمس من جملة الحقوق والحريات منذ تاريخ 25 جويلية الماضي.
غير أن هذا التوصيف لم يكن دقيقا حسب بعض الرابطيين الذين أكدوا أن مواقف الرابطة مسجلة وحاضرة عبر بياناتها المتواترة بشان الوضع العام في البلاد ومواصلة مهامها في الدفاع عن الحق والحرية كما دأبت منذ تأسيسها في سبعينيات القرن الماضي.
هكذا موقف خلق نوعا من السجال السياسي والحقوقي حيث تُتهم الرابطة بانتهاجها سياسة المكيالين في التعامل مع الملف الحقوقي ليبلغ حد اتهامها بان تدخلاتها تقوم على منطق إيديولوجي في المقام الأول وأنها تعمل داخل التأثيرات "الهووية" بما افقدها مصداقيتها أمام الرأي العام الداخلي والدولي.
متهمة بالفرز
وقد تشكل داخل النخب التونسية موقف يعتبر ان الرابطة لم تعد حاملة لشعارها المعلن منذ التأسيس "كل الحقوق لكل الناس" وفق العديد من المنتقدين حيث باتت عملية الفرز ظاهرة في علاقتها بأزمة القيادي بحركة النهضة نورالدين البحيري أو إضراب الجوع لعدد من نواب البرلمان والشخصيات الوطنية ضمن مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" أو موقفها المتأخر بأسبوع كامل من الإدانة القضائية للرئيس الأسبق منصف المرزوقي أو موقفها من إنهاء مهام المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بآخر معين.
وفي هذا السياق لم ينف مدير المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية مهدي مبروك ما تعيشه الرابطة من تراجع واعتبر "أن إحدى مفاخر المجتمع المدني التي ظلت استثناء في محيطها العربي والإفريقي للدفاع عن حقوق الإنسان وهي التي رفعت دوما شعار "كل الحقوق لكل الناس" تتحول حاليا الى حانوت سياسي يكتم الأنفاس ويقيم فرزا "غير إنساني" للضحايا، انه فرز قائم على "الهوية".
انتقادات من الداخل والخارج
ولم تكن الانتقادات من خارج أسوار الرابطة فقط بل من داخلها أيضا وذلك بعد التدوينة الصادرة عن نائب رئيس الرابطة بسام الطريفي حيث قال "موقف شخصي يلزمني خاطر مواقف الرابطة مجمدة.. لا لتوظيف القضاء لتصفية الخصوم السياسيين مهما كان من يقف وراء هذا التوظيف النهضة، النقابات الأمنية والحاكم بأمره الحالي والحاكم بأمره بعد الحالي والحاكم بأمره الى يوم يبعثون…"
ورغم دورها في تحديد طبيعة الصراع السياسي إبان حكم الترويكا ودفعها للحوار الوطني بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل، فقد لعبت الرابطة دورا محوريا في تسقيف الأزمة الحقوقية وفي تسليط الضوء على حقوق الإنسان زمن حكم بن علي ليدخل الرابطيون في دوامة المحاصرة والمطاردة على غرار ما عاشه الأستاذ مختار الطريفي والهادي بن رمضان والمرحوم عادل العرفاوي.
كما برز العميد عبدالستار بن موسي بعد دوره المتقدم في الحوار الوطني ليكون واحدا من الشخصيات الأساسية وقتها الى حين تتويج بلادنا بجائزة نوبل للسلام.
وشكلت هذه الجائزة اعترافا دوليا بالدور الذي لعبته منظمات المجتمع المدني لتحديد خطوط الاستقرار الأمني والاجتماعي في وقت كانت فيه الأزمة تسيطر على الجميع ليخرج بعدها التونسيون بأقل الخسائر الممكنة ولتتوج البلاد بانتخابات 2014.
الرابطة فقدت مخالبها
وكانت آثار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واضحة في سيرورة التتويج عبر مواقف واضحة وناضجة ووطنية خالية من التزلف والانكسار لتتقدم إثرها المنظمة كواحدة من أهم المنظمات الحقوقية في العالم.
بيد أن ذلك لم يكن ليتواصل بعد أن خيرت الرابطة غض الطرف عن التجاوزات الحاصلة لما بعد 25 جويلية لتكتفي ببعض البلاغات الباهتة والمثيرة للقلق أحيانا وللسخرية أحيانا بما يوحي بتراجع محتمل وهو ما أثار عدة أسئلة أبرزها هل باتت الرابطة تحت تأثير 25 جويلية وهي التي احترفت الصراع ضد الديكتاتوريات من الراحل الحبيب بورقيبة الى الراحل زين العابدين بن علي؟ وهل تزامن بعث الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية مع تراجع مخجل للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان؟
خليل الحناشي
تونس-الصباح
أعلن الناشط الحقوقي والوزير المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني (في حكومة الرئيس الثانية حكومة الياس الفخفاخ السابقة) المحامي العياشي الهمامي عن تأسيس الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية.
وكشف الأستاذ العياشي الهمامي عن الهيئة التأسيسية لهذا المكون الحقوقي والذي يتكون من جملة من الناشطين الحقوقيين وأعضاء سابقين من الهيئة المديرة لرابطة حقوق الإنسان على غرار صلاح الدين الجورشي ورشيد خشانة بالإضافة الى الباحث الدكتور شاكر الحوكي والأستاذة عُلا بن نجمة والإعلامي زياد الهاني.
وقال الهمامي أمس في ندوة صحفية للهيئة بأحد النزل بالعاصمة "ان فكرة تأسيس الهيئة انطلقت منذ استيلاء رئيس الجمهورية على السلطة وسيطرته عن الحكم وخرقه الفاضح للحقوق والحريات منذ 25 جويلية والهجوم غير المتوقع على النشطاء السياسيين والمدونين والصحفيين على حد السواء".
مسؤولية مشتركة
واعتبر الهمامي "أن معاينة الوضع السياسي والحقوقي للتونسيين أكدت أن ما حصل في تونس يوم 25 جويلية انقلاب على الدستور وعلى مكتسبات الثورة بعد ان وجد سعيد في فشل الحكومات المتعاقبة مطية للقيام بمغامرته السياسية الانقلابية والذهاب بالبلاد الى استفتاء غير قانوني ولا دستوري."
وأضاف الهمامي انه لا يستثني احدا وان كل الأطراف ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة".
وبين المتحدث أن فكرة بعث الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية جاءت للدفاع عن حقوق ضحايا الانتهاكات وخاصة مساندة القضاة في معركة استقلال القضاء وإرجاع المسار الديمقراطي رغم هناته واخلالاته وتجاوزها والاتجاه الى حوار وطني حقيقيا".
واستنتج الهمامي "أن الحقوق والحريات شهدت تراجعا خطيرا على أكثر من صعيد، فتمّ وضع العديد من الشخصيات العامة قيد الإقامة الجبرية، ووقع المس بحق السفر قبل الحصول على إذن قضائي، وصدرت بطاقات جلب في حقّ عدد من التونسيين، كان من أبرزهم الرئيس السابق المنصف المرزوقي، على خلفيّة موقفه المناهض للانقلاب."
على يسار الرابطة
ومن الملاحظ أن مهام الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية ووفق الكشف الأولي لمهامها أنها تتقاطع حقوقيا مع مهام الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
ويدفع بعث الهيئة الوطنية في هذه الفترة بالذات للتساؤل هل ستنجح الهيئة الجديدة في تعويض الرابطة التي يصفها منخرطوها قبل خصومها بتراجع مهامها منذ 25/7 .؟
وفي واقع الأمر تتعرض الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الى حملة انتقادات واسعة وذلك بسبب ما اعتبره البعض صمتها المطبق إزاء ما يحصل في تونس وقبولها الواضح بالمس من جملة الحقوق والحريات منذ تاريخ 25 جويلية الماضي.
غير أن هذا التوصيف لم يكن دقيقا حسب بعض الرابطيين الذين أكدوا أن مواقف الرابطة مسجلة وحاضرة عبر بياناتها المتواترة بشان الوضع العام في البلاد ومواصلة مهامها في الدفاع عن الحق والحرية كما دأبت منذ تأسيسها في سبعينيات القرن الماضي.
هكذا موقف خلق نوعا من السجال السياسي والحقوقي حيث تُتهم الرابطة بانتهاجها سياسة المكيالين في التعامل مع الملف الحقوقي ليبلغ حد اتهامها بان تدخلاتها تقوم على منطق إيديولوجي في المقام الأول وأنها تعمل داخل التأثيرات "الهووية" بما افقدها مصداقيتها أمام الرأي العام الداخلي والدولي.
متهمة بالفرز
وقد تشكل داخل النخب التونسية موقف يعتبر ان الرابطة لم تعد حاملة لشعارها المعلن منذ التأسيس "كل الحقوق لكل الناس" وفق العديد من المنتقدين حيث باتت عملية الفرز ظاهرة في علاقتها بأزمة القيادي بحركة النهضة نورالدين البحيري أو إضراب الجوع لعدد من نواب البرلمان والشخصيات الوطنية ضمن مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" أو موقفها المتأخر بأسبوع كامل من الإدانة القضائية للرئيس الأسبق منصف المرزوقي أو موقفها من إنهاء مهام المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بآخر معين.
وفي هذا السياق لم ينف مدير المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية مهدي مبروك ما تعيشه الرابطة من تراجع واعتبر "أن إحدى مفاخر المجتمع المدني التي ظلت استثناء في محيطها العربي والإفريقي للدفاع عن حقوق الإنسان وهي التي رفعت دوما شعار "كل الحقوق لكل الناس" تتحول حاليا الى حانوت سياسي يكتم الأنفاس ويقيم فرزا "غير إنساني" للضحايا، انه فرز قائم على "الهوية".
انتقادات من الداخل والخارج
ولم تكن الانتقادات من خارج أسوار الرابطة فقط بل من داخلها أيضا وذلك بعد التدوينة الصادرة عن نائب رئيس الرابطة بسام الطريفي حيث قال "موقف شخصي يلزمني خاطر مواقف الرابطة مجمدة.. لا لتوظيف القضاء لتصفية الخصوم السياسيين مهما كان من يقف وراء هذا التوظيف النهضة، النقابات الأمنية والحاكم بأمره الحالي والحاكم بأمره بعد الحالي والحاكم بأمره الى يوم يبعثون…"
ورغم دورها في تحديد طبيعة الصراع السياسي إبان حكم الترويكا ودفعها للحوار الوطني بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل، فقد لعبت الرابطة دورا محوريا في تسقيف الأزمة الحقوقية وفي تسليط الضوء على حقوق الإنسان زمن حكم بن علي ليدخل الرابطيون في دوامة المحاصرة والمطاردة على غرار ما عاشه الأستاذ مختار الطريفي والهادي بن رمضان والمرحوم عادل العرفاوي.
كما برز العميد عبدالستار بن موسي بعد دوره المتقدم في الحوار الوطني ليكون واحدا من الشخصيات الأساسية وقتها الى حين تتويج بلادنا بجائزة نوبل للسلام.
وشكلت هذه الجائزة اعترافا دوليا بالدور الذي لعبته منظمات المجتمع المدني لتحديد خطوط الاستقرار الأمني والاجتماعي في وقت كانت فيه الأزمة تسيطر على الجميع ليخرج بعدها التونسيون بأقل الخسائر الممكنة ولتتوج البلاد بانتخابات 2014.
الرابطة فقدت مخالبها
وكانت آثار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واضحة في سيرورة التتويج عبر مواقف واضحة وناضجة ووطنية خالية من التزلف والانكسار لتتقدم إثرها المنظمة كواحدة من أهم المنظمات الحقوقية في العالم.
بيد أن ذلك لم يكن ليتواصل بعد أن خيرت الرابطة غض الطرف عن التجاوزات الحاصلة لما بعد 25 جويلية لتكتفي ببعض البلاغات الباهتة والمثيرة للقلق أحيانا وللسخرية أحيانا بما يوحي بتراجع محتمل وهو ما أثار عدة أسئلة أبرزها هل باتت الرابطة تحت تأثير 25 جويلية وهي التي احترفت الصراع ضد الديكتاتوريات من الراحل الحبيب بورقيبة الى الراحل زين العابدين بن علي؟ وهل تزامن بعث الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية مع تراجع مخجل للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان؟