اقسام تكاد تكون خالية من التلاميذ..، وأقسام أخرى تسجل غيابات في صفوف المربين..، هكذا هو حال عدد لا باس به من الاقسام في المعاهد والاعداديات الثانوية التي اختفى منها التلاميذ والمربين..
فمن المٌفارقات العجيبة أو من المضحكات المبكيات تغيب التلاميذ والإطار التربوي خلال هذه الفترة عن قاعات الدرس في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون الحماس والحضور طاغيين بشكل يفضي الى إنهاء السنة الدراسية بنجاح..
هذه الغيابات في صفوف التلاميذ كما المٌربين لا تعود الى إصابات بفيروس كورونا وإنما هي غيابات يؤكد البعض أنها "متعمدة" بما أن السّباق المحموم على الدروس الخصوصية قد انطلق منذ أسابيع.
لكن هذه الفترة التي تسبق ببضع أسابيع امتحان الباكالوريا وباقي الامتحانات الوطنية الأخرى إلى جانب امتحانات نهاية السنة في باقي الأقسام تشهد تكالبا "مفزعا" على الدروس الخصوصية، فالهدف الأساسي هو تحصيل اكبر عدد ممكن الساعات من اجل التمكن من اقتلاع بطاقة العبور الى مدارج الجامعة بالنسبة لتلاميذ الباكالوريا أو الحصول على تأشيرة التميز التي تفضي الى ولوج الاعداديات والمعاهد النموذجية هذا دون التغافل عن باقي الأقسام الأخرى وحتى الابتدائية منها التي تعاني بدورها من معضلة الدروس الخصوصية..
ولعل السؤال الذي يطرح بإلحاح:أي ذنب للتلميذ الذي لا تسمح له إمكانياته المادية بمجابهة التكاليف المشطة للدروس الخصوصية في عدم حصوله على مكاسب ومهارات تعليمية مثلما هو الحال داخل الدرس الخصوصي (بما أن بعض الشهادات أكدت لـ "الصباح" أن بعض المربين لا يتفانون في تقديم المعلومة وشرحها وتبسيطها مثلما هو الحال في الدرس الخصوصي؟ ألا يساهم تهافت من حوله على الدروس الخصوصية في زعزعة ثقته في مختلف المناهج والمهارات التعليمية التي تقدم داخل القسم؟
تفاعلا مع هذا الطرح ولئن يتفق عدد من المربين على أن ظاهرة الدروس الخصوصية قد استفحلت بشكل مفزع لا سيما بعد سنتين من بروز جائحة كورونا حتى أضحت بمثابة الورم الذي يصعب استئصاله فإنهم يٌوجهون أصابع الاتهام بدرجة أولى إلى الأولياء واعتبارهم مساهمين بذلك في انهيار المنظومة التربوية أكثر فأكثر ومكرّسين أيضا مبدأ انعدام الثقة بين الولي والمؤسسة التربوية..
وفي هذا السياق يشير المربي حسين العلوي في تصريح لـ "الصباح" أمس الى أن الولي لم يعد يثق مطلقا في المدرسة العمومية وفي مختلف المهارات التي تلقن داخل القسم لاعتقاد راسخ لديه بأن النجاح رهين التركيز على تأمين أكبر عدد ممكن من الدروس الخصوصية وعلى يد "أساتذة أكفاء" ممن ذاع صيتهم في بعض المواد العلمية حتى وان كلفه ذلك دفع مبالغ مالية خيالية تتجاوز بكثير مقدرته الشرائية..
من جانب آخر يشير رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح أمس لـ"الصباح" أن الجمعية لطالما استنكرت معضلة الدروس الخصوصية موضحا أنها تمثل عنوانا من عناوين فشل المنظومة التربوية.
وفسر محدثنا أن المدرسة التونسية قد فقدت بهذه الدروس قيمتها المجانية كما فقدت مبدأ المؤسسة التربوية ضامنة للعدالة الاجتماعية قائلا:" أضحى اليوم من لا يمتلك الامكانيات المادية ليس بمقدوره النجاح ومن يمتلكها فان نجاحه ايضا غير مضمون بأنه لا يمكن في آخر فترة من السنة الدراسية الاقبال على الدروس الخصوصية بكثافة والتعويل عليها لضمان النجاح المنشود". كما أضاف رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ أن هذه الظاهرة باتت تعمق من الفوارق الاجتماعية بين مختلف مكونات المجتمع المدني.
وفي نفس الاتجاه استنكر الزهروني تهافت الأولياء على هذه الدروس كاشفا أن بعض الأولياء باتوا يستثمرون في الدرس الخصوصي أكثر من الدرس العادي، مشيرا إلى أن هذه الوضعية أفرزت معاناة مادية ومعنوية للتلميذ والولي مقابل تجاهل تام لأصحاب القرار..
منال حرزي
تونس-الصباح
اقسام تكاد تكون خالية من التلاميذ..، وأقسام أخرى تسجل غيابات في صفوف المربين..، هكذا هو حال عدد لا باس به من الاقسام في المعاهد والاعداديات الثانوية التي اختفى منها التلاميذ والمربين..
فمن المٌفارقات العجيبة أو من المضحكات المبكيات تغيب التلاميذ والإطار التربوي خلال هذه الفترة عن قاعات الدرس في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون الحماس والحضور طاغيين بشكل يفضي الى إنهاء السنة الدراسية بنجاح..
هذه الغيابات في صفوف التلاميذ كما المٌربين لا تعود الى إصابات بفيروس كورونا وإنما هي غيابات يؤكد البعض أنها "متعمدة" بما أن السّباق المحموم على الدروس الخصوصية قد انطلق منذ أسابيع.
لكن هذه الفترة التي تسبق ببضع أسابيع امتحان الباكالوريا وباقي الامتحانات الوطنية الأخرى إلى جانب امتحانات نهاية السنة في باقي الأقسام تشهد تكالبا "مفزعا" على الدروس الخصوصية، فالهدف الأساسي هو تحصيل اكبر عدد ممكن الساعات من اجل التمكن من اقتلاع بطاقة العبور الى مدارج الجامعة بالنسبة لتلاميذ الباكالوريا أو الحصول على تأشيرة التميز التي تفضي الى ولوج الاعداديات والمعاهد النموذجية هذا دون التغافل عن باقي الأقسام الأخرى وحتى الابتدائية منها التي تعاني بدورها من معضلة الدروس الخصوصية..
ولعل السؤال الذي يطرح بإلحاح:أي ذنب للتلميذ الذي لا تسمح له إمكانياته المادية بمجابهة التكاليف المشطة للدروس الخصوصية في عدم حصوله على مكاسب ومهارات تعليمية مثلما هو الحال داخل الدرس الخصوصي (بما أن بعض الشهادات أكدت لـ "الصباح" أن بعض المربين لا يتفانون في تقديم المعلومة وشرحها وتبسيطها مثلما هو الحال في الدرس الخصوصي؟ ألا يساهم تهافت من حوله على الدروس الخصوصية في زعزعة ثقته في مختلف المناهج والمهارات التعليمية التي تقدم داخل القسم؟
تفاعلا مع هذا الطرح ولئن يتفق عدد من المربين على أن ظاهرة الدروس الخصوصية قد استفحلت بشكل مفزع لا سيما بعد سنتين من بروز جائحة كورونا حتى أضحت بمثابة الورم الذي يصعب استئصاله فإنهم يٌوجهون أصابع الاتهام بدرجة أولى إلى الأولياء واعتبارهم مساهمين بذلك في انهيار المنظومة التربوية أكثر فأكثر ومكرّسين أيضا مبدأ انعدام الثقة بين الولي والمؤسسة التربوية..
وفي هذا السياق يشير المربي حسين العلوي في تصريح لـ "الصباح" أمس الى أن الولي لم يعد يثق مطلقا في المدرسة العمومية وفي مختلف المهارات التي تلقن داخل القسم لاعتقاد راسخ لديه بأن النجاح رهين التركيز على تأمين أكبر عدد ممكن من الدروس الخصوصية وعلى يد "أساتذة أكفاء" ممن ذاع صيتهم في بعض المواد العلمية حتى وان كلفه ذلك دفع مبالغ مالية خيالية تتجاوز بكثير مقدرته الشرائية..
من جانب آخر يشير رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح أمس لـ"الصباح" أن الجمعية لطالما استنكرت معضلة الدروس الخصوصية موضحا أنها تمثل عنوانا من عناوين فشل المنظومة التربوية.
وفسر محدثنا أن المدرسة التونسية قد فقدت بهذه الدروس قيمتها المجانية كما فقدت مبدأ المؤسسة التربوية ضامنة للعدالة الاجتماعية قائلا:" أضحى اليوم من لا يمتلك الامكانيات المادية ليس بمقدوره النجاح ومن يمتلكها فان نجاحه ايضا غير مضمون بأنه لا يمكن في آخر فترة من السنة الدراسية الاقبال على الدروس الخصوصية بكثافة والتعويل عليها لضمان النجاح المنشود". كما أضاف رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ أن هذه الظاهرة باتت تعمق من الفوارق الاجتماعية بين مختلف مكونات المجتمع المدني.
وفي نفس الاتجاه استنكر الزهروني تهافت الأولياء على هذه الدروس كاشفا أن بعض الأولياء باتوا يستثمرون في الدرس الخصوصي أكثر من الدرس العادي، مشيرا إلى أن هذه الوضعية أفرزت معاناة مادية ومعنوية للتلميذ والولي مقابل تجاهل تام لأصحاب القرار..